حفر الآبار وخدمة النخيل
مهن قديمة بمزابْ وواقعها حفر الآبار وخدمة النخيل
ⵜⴰⵣⴷⴰⵢⵜ ⴷ ⵡⴻⵊⴱⴰⴷ ⵏ ⵡⴰⵎⴰⵏ
إنّ المهن تعزّز وجودها الضّرورةُ والحاجةُ، ويكثر طالبها لمعرفة علومها واكتشاف مكنونها ،وقد يزهد النّاس عنها إذا وجدوا بديلا أنسب لهم وأرفق لراحتهم وأخرى أيسر لقضاء أمور حياتهم ، فمن المهن السّائدة بمزاب قديما التي نشأ عليها الأجداد ، إشتغال النّاس بخدمة النّخيل وكذلك مهنة حفر الآبار وصيانتها لنزح الماء منها ، فالأخيرة باتت شبه منقرضة ومردّ ذلك لتيسّر عمليّة السّقاية بإمداد المدن والغابات وضواحيها بأنابيب المياه التي سُخّرت لنفع النّاس والشّجر والدّواب والتي جُلبت من السّدود أو الآبار الإرتوازيّة فحلّت محلّ الآبار التقليديّة ، وكان الفلّاح المزابيّ قديما يتجرّع الصّعاب ويبذل جهد وسعه من أجل استخراج المياه الجوفيّة وذلك بعد تعيينه لموقع البئر فيعمد إلى حفر البئر بوسائل حفر بسيطة ويزيح عنها الأتربة والحجارة ثمّ يرصّ الحجارة على جدار البئر الدّائري ثم يجعل بينها واسطة لاصقة من طين وجبس وجير لتشدّ بعضها فلا ينهار البئر ويتقوّى ، وتكون عمليّة نزح الماء بواسطة الدّواب إذ تربط بحبلين يُحكمان بطرفي دلو جلديّ فيتمّ بها سحب الدّلو من البئر ويرفع به الماء إلى الأعلى خارجه فيصبّ عل الحوض والسّواقي ...
وأمّا خدمة النّخيل وتسلّقها لرعايتها وجني ثمارها فلا تزال قائمة لوجود النّخيل وقيام الحاجة لنتاجها ، سيما التّمور باختلاف أنواعها ، ولا شكّ أنّ هذه الخدمة في هذا العهد قد نقص الإشتغال بها من قبل الكثير من الشباب وقلّ محترفيها وذلك لأسباب منها ، اختيارهم لمهن أقلّ بذل للجهد منها وأكثر للربح منها وأحسن أمن من خطر السّقوط من أعلى النّخلة وكذلك اشتغال العديد من النّاس خارج مزابْ سيما مدن الشّمال حيث النّخلة المُنتجة مفقودة فيها فلا مجال للتّعلم وممارسة خدمتها ، وكانت النّخلة قديما بمنطقة مزابْ عنصرا هامّا يغطّي العديد من احتياجات ساكنيها ، فمن تمورها غذاؤهم ومعاشهم ومن جريدها قففهم وأوانيهم وحصائر يفترشون عليها ومن جذوعها سقف بيوتهم ومنها علف دوابهم ولها مزايا عديدة اخرى ..
فلذلك ينشؤ صبيّهم على تعلّم تسلّق النّخيل ويكبر على رعايتها وخدمتها من تأبير " أدْجالْ " وترتيب عراجينها " أفْراقْ " ثم جني عراجين ثمارها " أنكاضْ " وكذلك تعلّم نزع الفسيلة " تْموتيتْ " وفصلها عن أمّها ثم الشروع في غرسها ممّا يتطلّب خبرة بها ، وقد نبغ في مزابنا مهرةً في مجال خدمة النّخيل وتسلّق جذوعها حتّى صار عندهم الجهل بخدمتها منقصة وعيباً ، فعلينا إيجاد وسائل بديلة تستسهل تسلّق النّخلة أو إستحداث أجهزة تساعد عمل خدمتها والقيام بدورات ميدانية من قبل المختصّين بها لتعليم النّاشئة أمور النّخلة وشؤون رعايتها فتكون لهم دراية بها حتّى تصير ملكةً فيهم كما كان لأجدادهم ، والله الهادي إلى سواء السّبيل ..
Tags: تأريخ, حضارة, عادات تقاليد, إقتصاد, زراعة