بنو مزاب المعتزلة الواصلية

أوّل مذاهب بني مزاب في الإسلام (المعتزلي)

كان وادي مزاب قبل استيطان الاباضية له آهلا بالسكان المعتزلة الواصليين ومن سبقهم يسكنون القرى المندرسة منها مدينة الصوف (أغرم نتلزضيت) في العطف. وكان يسكن بالعطف فريق من المعتزلة ومن أشهر علمائهم بها سليمان بن عبد الجبار وقبره مشهور بها ومقبرة الواصليين مشهورة بها كذلك وهي على حالها إلى يومنا هذا.


وقد ذكر علماء السير إن الإمام محمد بن أبي بكر الريفي المتوفى سنة 440 هـ لما جاء من وارجلان موفدا من الرجال الاباضية بها إلى وادي ميزاب نزل بتلامذته مدينة العطف ووجد فيها السكان الواصليين فبنى مسجده سنة 422 هجرية ولا يزال معروفا قائما في العطف إلى يومنا هذا فباشر فيه مهمته التي جاء من اجلها وهي الدعوة إلى المذهب الاباضي والى سير العزابة ونظمها التي يرجع الفضل إليها في بقاء طهارة البيئة وبقاء الدين الإسلامي بجوهره الخالص في هذه الربوع.

اشتهر ابتداء عمرانه وتمدنه وازدهاره بالنشاط العلمي والفكري منذ القرن الثاني الهجري حيث اصبح مهجرا وملاذا للاباضية في نمو وازدياد كلما نالهم حيف أو اضطهاد في قطر آخر وكانت تجاور وادي ميزاب أقطار حالفة بالآهلين كوادي اريغ ووارجلان وهما أقوى عمرانا وأوفر خيرات واكبر عددا غير انهما لم يقويا على صد الغارات التي كانت الحكومات المتوالية على الأقطار المجاورة لهما والقبائل المحيطة بهما تشنها عليهما في تلك العصور المملوءة ظلما وطغيانا وجهلا فكان مآلهما المهاجر إلى وادي ميزاب حيث يجدون فيه شيئا من الآمن والمنعة فاتخذوه مقرا مع النازحين إليه من تيهرت وما يتبعها من البلدان وقد نص على ما ذكره الشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش رحمه الله في مجلته القاهرية المنهاج صفحة 157.


كما هاجر إليه كثير من سجلماسة بعد انقراض دولة بني مدرار من الأقطار الأخرى من المغرب الأقصى ومن جربة وجبل نفوسة وغيرها وجلهم قبائل بربرية وفيهم الكثير من العرب.
حتى صار لمجموع الامة بوادي ميزاب وحدة قومية ووحدة سياسية على رغم قحولته واشتداد المحل فيه إذا كان الأمن والراحة فيه اكثر من سواه وهما أنشودة الإنسان بل مطمح كل حيوان وكانت لهم به مؤاخاة دينية وميزة خاصة نظامية تكاد تكون منفردة عن كل ما كان مرتبطا به من الشعوب منذ أواخر القرن الثالث الهجري عند انقراض إمامة الرستميين بشمال إفريقيا كما كانت لهم وحدة لغوية تواضع عليها بربرهم وعربهم بحكم المصاهرة والمساكنة والعلاقة المذهبية.


فبنوا على غرار القرى والمدن المندرسة المدن السبع الحالية أقدمها العطف سنة 402 هـ ثم مليكة ثم غرداية ثم بني يزقن ثم بنورره وهذه متقاربة النشأة وأما القرارة عمرت سنة 1040 هـ وبريان سنة 1070 هـ.

قد كونوا في هذه المراكز من الوادي حضارة وعمرانا بعدما كانت من قبل قاعا صفصفا لم يقو على إنعاش الحياة فيه ساكنوه واختاروها سكنا ووطنا لهم في قلب الصحراء ليكونوا في حصانة من دينهم آمنين من كل هجوم أو اعتداء يجاهدون جهاد صابرا ثقيلا في سبيل العيش بها قانعين بفقر المادة وبقوة الإيمان والحصانة الدينية والأخلاقية.


وجد في بعض مخطوطات قطب الأئمة الشيخ اطفيش الحاج محمد بن يوسف أن أول من وصل من المشائخ الاباضية بوادي ميزاب هو الشيخ بابعيسى العلواني نازحا إليه من الساقية الحمراء بالمغرب.


-----------------------------------------

"*" راجع كتاب الإباضية في موكب التاريخ الحلقة الرابعة للشيخ على يحيى معمر

"*" راجع كتاب دور الميزابيين في التاريخ الجزائر قديما وحديثا لللأستاذ حمو محمد عيسى النوري
عن وادي ميزاب / قوة العزَّابة

Tags: تأريخ, الإباضية, الجزائر, الدين