أول دخول الإباضية في إفريقيا
ان الذي بث الدعوة وقام بنشر المذهب الأباضي بالمغرب الكبير هو سلمة بن سعد قال الشيخ يحيى علي يحيى امعمر النفوسي في كتابه الاباضية في موكب التاريخ في الحلقة الثانية:
"وانطلق سلمة بن سعد من جزيرة العرب إلى افريقيا وحيدا يقتحم المجاهل والقفار ويغشى المجتمعات التي لا تعرف له جنسا ولا لغة وليس له من سلاح في كل ذلك الا ذاك الايمان الذي عمر به قلبه وتلك المعرفة الشاملة لكتاب الله وسنة رسوله وسيرة السلف الصالحين من الصحابة والتابعين ولم يمض عليه عشر سنوات حتى انتشرت دعوته ما بين تلمسان وسرتا "قسطنطينة" وحتى كان مذهب الاباضي مذهب لأغلب السكان في ليبيا وتونس والجزائر.
كان يقول في مبدا دعوته: وددت ان يظهر هذا الأمر يوم واحدا فما أبالي ان يضرب عنقي ولقد حقق الله أمله في مدة لم يكن يتصورها ونال من التوفيق ما يضفيه الله على الأخيار من خلقه الذين تعدهم الأقدار لتبليغ رسالة الله بعد الأنبياء عليهم السلام".
وسلمة بن سعد هو الذي دل حملة العلم إلى المغرب او بعضهم على موضع أبي عبيدة مسلم ابن كريمة بالبصرة مؤهل العلم والشريعة ومركز الإشعاع ولما اخذ العشرة المشهورون بغيتهم من العلم الصحيح رجعوا إلى أوطانهم ينشرون المذهب الاباضي في جميع الافاق بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة وانتشر في اغلب البلدان الافريقية كاجريد وبلاد اريغ وبلاد الزب ونفزاوة وفزان ووادي ملوية وسجلماسة وطرابلس وغدامس والقيراون وجبل أوراس وبلاد نفوسة وجربة وغيرها مما هو مسطر في كتب التاريخ ولهم دولة قائمة بالعدل تحكم بالكتب والسنة في اليمن وعمان وزنجبار وطرابلس وتيهرت.
ولكن الشيخ سليمان داود بن يوسف المعروف بالشيخ يوسف العطفاوي يقول: "إن المذهب الإباضي إنما دخل الجزائر مع الفاتحين، لأن الإباضية ليس فيها شيء غير ما في الإسلام الذي جاء به الفاتحون الأولون الصادقون.
وعندما تقول إن المذهب الإباضي دخل بتاريخ كذا فإن قولك هذا يشعر بأن المذهب شيء آخر غير الإسلام، أو إنه يحمل شيئا لم يكن في الاندفاعة الأولى التي حملت الإسلام إلى هذا المغرب بصفائه ونقائه.
والحقيقة أن الإباضية هي الإسلام حافظ عليه من تسموا بهذا الاسم. فلما انحرف منحرفون عن الإسلام، إما بالقول، وإما بالعمل، وإما بالعقيدة، وإما بهما جميعا، وقف أولئك الناس يردون ما يراد إدخاله إلى دين الله من الأباطيل، فصورتهم السياسة الماكرة بصورة حزب أو مذهب أو كتلة أو ما شئت من أسماء، وحاولت أن تجعلهم حركة منفصلة قائمة بنفسها، بينما هي في الواقع ما زالت تلك الاندفاعة المشرقة الأولى التي جاءت تحمل دين الله كما بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
-------------------------
"*" راجع كتاب الإباضية في موكب التاريخ الحلقة الرابعة للشيخ على يحيى معمر
"*" راجع كتاب دور الميزابيين في التاريخ الجزائر قديما وحديثا لللأستاذ حمو محمد عيسى النوري
عن وادي ميزاب / قوة العزَّابة