ما قدمته الأمة المزابية للإنسانية
وادي مزاب حظي باهتمام كبير من قبل الباحثين والدارسين في مختلف التخصصات خاصة علم الاجتماع وعلم العمران.
إن الأمة المزابية قدمت نموذجا ونمط حياة تتلاقى فيه الأبعاد الجغرافية والتاريخية والثقافية والدينية، فهو تنظيم محكم للمجتمع وذلك من خلال مختلف الهيآت العرفية مثل حلقة العزابة. إذن لقد قدم المزابيون للإنسانية نظاما متكاملا لتسيير مجتمع بشري في مختلف مناحي الحياة الدينية والقضائية والسياسية والتربوية والثقافية، والتجارية والحرفية والصناعية والزراعية والعمرانية.
أهمّ ميزة للمزابيين، هي التأقلم والمرونة حسب الظروف السياسية أو الاقتصادية بوعي وفطنة، وهذا ما عزّز الاستمرار والبقاء لهذا النظام طيلة قرون متطاولة.
الأمة المزابية صنعت حضارة بديعة في محيط بيئي وجيوسياسي صعب.
إن الحياة الاجتماعية الراقية لبني مزاب لازالت تُدْرس إلى حدّ الآن، فالنمط العمراني الذي أسسه المزابيون الأوائل في البيئة الصحراوية القاحلة كان مصدر إلهام للمعماريين المعاصرين. المبهر في الهندسة المعمارية لقصور مزاب هو في بساطتها وتشكيلتها الملائمة للبيئة والبنية العائلية، على غرار نظام السقي العجيب الذي يقسّم الماء بالعدل والمساواة بين الجميع.
عمران وادي مزاب القديم يدرس بالجامعات وهندسته تحسب في المراكز التنموية والتنمية المستدامة.
ما قدّمته الأمة المزابية للإنسانية عبارة عن إنجازات نوعية باهرة، ومما قدّمته كذلك: أروع نموذج للإسلام الحضاري وللأخلاق الراقية، فهي حافظت على نصاعة الإسلام ونقائه من خلال تعاليم المذهب الإباضي النابع من أقرب المصادر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الإباضيون كانوا مضربا للمثل عبر التاريخ في السّلم وفي الأزمات أيضا، يكفيها شرفا أنْ سَلِم الناس من لسانها ويدها. فلو أن كلّ أمة عملت على أن تلزم نفسها وحدودها وتخدم أفرادها وترعى أبناءها لكان ذلك في حدّ ذاته أكبر إنجاز.
إظهار إنجازات أجداد بني مزاب ليس للتغني بالأمجاد. إبراز معالم حضارة الأمة المزابية-التي حظيت بأحسن التجارب الناجحة في التنظيم الاجتماعي الإسلامي- ليس الغرض منه الفخر.
بل ليكون بذلك نموذجا للعالم يحتذى به, و ليكون مرجعا للنشء فلا ينبهر بالحضارة الغربية الخالية من القيم, ولا يتأثر الشباب سلبا.
Tags: الهوية