تعرّض مزاب للغزاة

تعرّض مزاب للغزاة ورفض بنيه التخلي عن استقلالهم الذاتي

العهد الثّالث

يقول الشيخ علي يحي معمّر:«ولا شكّ أنّ جيران الإباضية في الفترات الوسطى إنّما كانوا في بعض الجهات دولا وإمارات، وفي أخرى مغامرين وطلاب حكم، أو بداة يعيشون على النسق الذي اعتاد بنو هلال وبنو سليم من الغارة والنهب و السلب والقتل. وأمّا جيرانهم في الفترات الأخيرة حين انحصروا في ورجلان ووادي مزاب فقد كانوا من أولئك الضاربين في الصحراء يعيشون مع الأنعام ينتقلون بها من واد إلى واد». ويمضي الشيخ معمر قائلا:«ويسرّني أن أضع بين يدي القارئ الكريم الصورة التي وضعها العلامة الفاضل شيخنا أبو اليقظان. قال رحمه الله:«إنّ حالة الإباضية مع جيرانهم من المسلمين تختلف باختلاف الميادين التي يعيش هؤلاء وهؤلاء فيها...ففي ميدان الاقتصاد تمرّ بين فريقين أزمات فيها كثير من المرارة و التشاكس ربّما تؤدّي إلى اغتيال ونهب وسلب وسرقة، بينما جيرانهم الإباضية يقفون في سائر الأحوال موقف دفاع. وعند دفع العدوان ينكفون عن الشرّ حسب مبادئ سلفهن الصالحين الإباضية الأوّلين».

ويضيف الشيخ معمر:«أمّا شيخنا بكليّ عبد الرحمن...فقد ردّ ذلك إلى تمسّك الإباضية الشديد بتعاليم الدين وحرصهم عليه وسكانهم في مدن متحضرين أو شبه متحضرين، بينما كان جيرانهم على غير ذلك. فقد كان الجيران في بعض العصور الأولى من بعض الفرق التي تستحلّ دماء وأموال مخاليفهم، فكانوا بذلك لا يعفّون عن اختلاس أموال الإباضية، ولا عن إراقة دمائهم، وبعد أن انقرضت تلك الطوائف...ابتلي الإباضية بجيران يحترفون الغارة ويعيشون على النهب والسلب، فهم لا ينفكّون يهجمون على قرى الإباضية الآمنة أو يتعرّضون لقوافلهم، فتذهب بسبب ذلك أموال وتزهق أرواح...»[1].

 


[1]_ الإباضية في الجزائر، الجزء الثاني، 324،325.

Tags: تأريخ, الجزائر