قدوم عائلات يهودية إلى وادي مزاب
العهد الثّالث
الجماعات اليهودية
بالإضافة إلى الجماعات اليهودية، فنجد أن النواة الأولى لهذه الجماعات قدمت من جزيرة جربة "جنوب تونس" كان لها وجود متميز في المنطقة حيث استقرت من زمن بعيد، والجماعة بأكملها غادرت التراب الولائي سنة 1962م .
يقول بْرِيقْسْ:«إنّ البربر اليهود هاجر بعضهم إلى مزاب عند خراب تَمَنْطِيطْ، قرب أَدْرَارْ في تْوَاتْ، عام 897هـ/1492م، على يد الشيخ ابن عبد الكريم المغيلي من الساقية الحمراء. هذه المدينة اتّخذوها عاصمة لهم في القرن الرابع الميلادي»[1].
محمّد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني، المتوفى عام909هـ/1504م قام بطرد اليهود من تْوَاتْ تَمَنْطِيطْ، لوضع حدّ لتسلّطهم وتحكّمهم الخطير في أهمّ النشاطات الاقتصادية، وفي السياسة والأمن، وحتّى في القضاء، في هذه الواحة التجارية الاستراتيجية[2].
انضمّ إلى هؤلاء اليهود آخرون قدموا من مختلف أقطار شمال إفريقيا. يقول أو كَابِيتَنْ:«في القرن السادس عشر، لمّا قرّر سلطان بين جلاب دخول يهود تقرت في الإسلام، هاجر من لم يرض منهم واستقر بعضهم بمزاب»[3].
كان اليهود بغرداية يسكنون حيًّا خاصّا بهم جنوب غرب السور اشتهر بقذراته الاستثنائية. كما كانت لهم مقبرة خاصّة بهم. وكانوا يقيمون أيضا ببونورة، ولهم مقبرة بها تشهد على ذلك مساحتها 0.4 هكتار جنوب شرقي البلد.
أمّاحرفتهم فهي صياغة الحلي وصناعة الأواني المعدنية، وكانت لهم علائق تجارية ومصاهرة مع يهود تقرت وأفلو والجلفة بالخصوص. وكان لا يسمح لهم بممارسة التجارة في مزاب، ولا بامتلاك الأراضي الفلاحية، وامتطاء الجواد واستعمال الآبار العمومية. كان اليهود عند ركوب دابة يجبرون على جمع ساقيهم إلى جهة واحدة، ويفرض عليهم لبس الأسود، وتثنية جزء من شاشيتهم،وترك قصّة من شعر الرأس عن اليمين وعن الشمال، قصد تمييزهم عن بني مزاب.
وممّا ورد في اتّفاق مجلس وادي مزاب المنعقد في رجب 1249هـ/1834م، أنّالمجتمعين«قد اتّفقوا على اليهود... أن لا يشتروا الملك في كافّة قصور مزاب، لا يشترون في الغابة ولا في القصر، ومن باع لهم من أهل البلاد فتلزمه العقوبة. لكن في غرداية لا يشترون سوى في حومتهم...وأمّا في الغابة فلا يزيدون على ثلاثة جناين...».
[1]_ B. MERGHOUB : Développement Politique en Algérie, 35
[2]_ فوزي سعد الله: يهود الجزائر هؤلاء المجهولون، 56.
[3]_ AUCAPITAINE : Op.Cit, 56.