تأقلم المسكن المزابي مع البيئة والمناخ
تلتف المساكن في مدن مزاب حول المسجد، وهي ذات أشكال مختلفة لكنها منسجمة في مجملها مشكلة وحدة متجانسة بمجموعها، مساحة غالبيتها لا تتجاوز 2100 مائة متر مربع، تجمّعت على شكر كتل متراصّة أفقيا ورأسيا ومتلاصقة بعضها ببعض بشكل يمنع تعرّض أكبر ما يمكن من الجدران الخارجية إلى أشعّة شّمس الصيف وبرودة طقس الشّتاء ، وهذا من أجل إنشاء طقس معتدل أو ما يعرف بـ :Micro-climat داخل القصر عامة في المساكن على الخصوص، علو بناياتها الداخلية المختلفة حددت وفق عادات وتقاليد المجتمع وطبيعة المنطقة الصحراوية لكي تلقي هذه الكتل البنائية بضلالها في فراغ الأزقّة الضّيقة، بحيث يمكن أن تغطي كامل عرضه، وفي بعض الأحيان تتعدى ظلالها إلى المبنى المقابل وذلك للتخفيف من هذه الأشعّة المباشرة ومن كمية الحرارة التي ستنقل لاحقا ولو بكميات أقل إلى داخل المسكن، إضافة إلى عرقلة حركة مرور الرياح الرّملية داخل الأزقّة بفضل التواءاتها، ومعاكستها لوجهة الرياح السّائدة، توجه معظم المساكن نحو الجنوب الغربي، مما يسمه بتوفير حد أدنى من الكسب الشّمسي صيفا، ومن الضياع الحراري شتاء. هذه الوجهة ملائمة علميا وعمليا لمناخ حار صيفا، وبارد شتاء، والاحتماء من الرياح الباردة التي تهب شتاء على وادي مزاب، في تركيبة الطابق العلوي نجد إيكومار له هذه الوجهة مما يجعله يوفر أشعة الشمس الدّافئة شتاء ، وفي نفس الوقت يكون بمثابة حماية للغرف من أشعة الشمس الحارة صيفا، تبعا لتغيّرات موقع طلوع الشمس وغروبها، وكذا ارتفاعها بين الشتاء والصيف فمن خلال موقع فتحة الشّباك في السطح يسمح لأشعة شمس الشّتاء من الدخول إلى فضاءات الطابق الأرضي طوال اليوم تقريبا وخاصة الفضاء المسمّى –تيزفري- خلال الصباح مما يشكل تدفئة طبيعية، أما خلال الصيف فنظرا لارتفاع الشمس تكون أشعتها عادة فوق أرضية وسط الدار وتكون بذلك الفراغات الأخرى في حمى عنها، وفي هذه الحالة يمكن بكل يسر تغطية فتحة الشباك بقماشها شفاف يقلل من هذه الأشعة ويسمح للهاء بالمرور.
أما في مساكن الواحات فإن الفارق الحراري الشاسع بين السطوح المعرضة لأشعة الشمس وبين الأفنية المضللة بالنخيل والأشجار المرتوية بالمياه ينتج عنه تيارا هوائيا محليا بين المدخل وفتحة الشباك، يعمل على تبريد الفضاء الداخلي، كما تعلق قربة الماء في السقيفة للاستفادة من هذا التبريد الطبيعي.
مواد وتقنيات البناء
وما تجدر الإشارة إليه أنه قد تم الاعتماد كلية على مواد البناء المحلية في مختلف مشاريع البناء والمتمثلة بالحصوص في الحجارة المقتلعة من طبقات الصخور الكلسية البيضاء، استعمال انواع من الجبس يدعى تيمشمت، مادة الجير التي تساعد على تماسك البناء، الرمل غير الصلصالي، مشتقات شجر النخيل مثل الجذوع، الجريد، السعف، وكل هذه المواد محلية سهلة المنال غير مكلفة، ضعيفة التوصيل الحراري .
المصدر opvm :
Tags: Architecture , الفن المعماري, الهندسة المعمارية