وحدة المغرب الكبير

ان هذا الكتاب «تاريخ المغرب الكبير » بأسلوب أدبي يحببه إلى القراء، وبتحليل فلسفي يرضي العلماء، وببحث علمي نزيه يفرح به كل محب للحقيقة، ويسر به من له غيرة على المغرب. وسميته «تاريخ المغرب الكبير » لان هذا الاسم هو الذي ينطبق كل الانطباق عليه، ويدل عليه الدلالة الوافية.

ان المغرب قبل الإسلام وفي عهود دولنا الإسلامية القديمة كان وطنا واحدا، يسكنه جنس واحد، لم يعرف هذه التجزئة التي صار عليها المغرب الآن. كان وطنا واحدا! فتجد زناتة وهي من قبائل المغرب الكبرى في طرابلس، وتجدها في الجزائر، وتجدها في المغرب الأقصى، وكذلك بقية القبائل المغربية الأخرى. وكانت الدول التي نشأت في المغرب الأقصى تشمل المغرب كله أو اغلب أجزائه، وكذلك ما انشأ في المغرب الأوسط يمتد إلى المغرب الأدنى، وما نشأ في المغرب الأدنى قد امتد إلى المغرب الأوسط والأقصى.

ان تاريخ المغرب القديم واحد، وهو وطن واحد، فمن غرب الإسكندرية إلى المحيط الأطلسي، ومن بحر العرب إلى السودان، كله وطن واحد، يسكنه جنس واحد قد وفر الله له كل أسباب الامتزاج والاتحاد من الدماء الواحدة، والدين الواحد، والبيئة الطبيعية والاجتماعية الواحدة! ! وكان أجدادنا أينما حلوا في المغرب يعتقدون إنهم في وطنهم وفي الهم! وما عرف هذه التجزئة إلا في العهد التركي وفي عهود الاستعمار الأخيرة.

فأرجو ان يعتبر كل أبناء المغرب ان انقسام مغربنا الواحد إلى أربعة أجزاء إنما هو انقسام العائلة الواحدة إذا كبرت، واتسعت، فاستقل كل من الإخوة الأشقاء في داره، وهم لأب  واحد، وأم واحدة، وأسرة واحدة، ولم يقسمهم ذلك التقسيم إلا ما يريدونه من توزيع المسؤولية لتعمل كل الأعضاء!

ان المغرب الكبير أسرة واحدة! وهو بحكوماته الأربعة كالطائرة العتيدة، لها أربعة أجهزة، وأربع محركات، تنطلق بها إلى الأجواء البعيدة لتحتل مكانتها بين النجوم! !

المغرب الكبير أملنا:

أننا لنرجو –وقد تحررت الجزائر- ان نرى المغرب الكبير يرجع إلى عهود أسلافه، فيكون على نظام فدرالي، وتحت حكومة عليا يختارها المغرب، فتجد العربية، ويجد الإسلام، ويجد إخواننا في المشرق العربي المغرب المتماسك الذي تضافرت جهوده، وكما بعضه بعضا، فأصبح قاعدة الإسلام والعروبة التي لا تتزعزع، وسيف الله الذي يسلطه على أعداء الدين والعروبة فيبيدهم!

-------------

 

محمد علي دبوز  تاريخ المغرب الكبير ج2  ص23-24