مشاركة المزابيون في الثورة

charles V 2 الرد على من قال أن المزابيون لم يشاركوا في الثورة

سؤال:

طالب صرح وسط اجتماع أن المزابين لم يشاركوا في حرب تحرير الجزائر، بل أبعد في النزع فقال: كانوا منهمكين في التجارة وملء جيوبهم وأنهم هم الذين ساعدوا الاستعمار في التوغل في الجنوب. أرجو منكم بيانا وإن موجزا يدحض مزاعم الذين يتهمون المزابين بعدم المشاركة في حرب التحرير.

الجواب:

مشاركة المزابيين في حرب التحرير التي انتهت باستقلال الجزائر -54.62- لا يجهلها إلا من عاش على هامش الأحداث، أو كان من السماعين لأقوال الحسدة المتعصبة من خصوم المزابيين أو من مستأجري الاستعمار لبث البلبلة والتفرقة بين صفوف المسلمين المتساكنين، وإلا فقد شاركوا في الشمال كما شاركوا في الصحراء، وذلك باعتراف قادة الثورة، والرؤساء المسؤولين، تشهد بذلك ملفاتهم وشهاداتهم التي أعطوها كتابة للعاملين معهم، حتى قال بعض المنصفين منهم: "لولا المزابيون ما نجحت ثورة الجزائر" ذلك أن دكاكينهم بالتل، كانت مكاتب ومراكز لرجال الثورة، وديارهم بالصحراء على الخصوص ملاجئ أمينة للمجاهدين قياما بواجبهم المقدس، محتسبين أجرهم عند الله، لا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا، سواء ذكروا أو أغمط حقهم فما عند الله خير وأبقى شاركوا في مختلف الميادين: منهم من حمل السلاح والتحق بجيش التحرير، وظل مجاهدا إلى أن استشهد في ميدان الكفاح، ومنهم من يمد الجيش بالميرة والذخيرة واللباس، ومنهم من يجمع الأموال ويستنهض الهمم وينشر الدعاية، ومنهم من سجن ثم سجن، ومنهم من مات تحت شدة العذاب، ومنهم من خرج من السجن مختل العقل مما لقي أثناء سجنه من أصناف العذاب فلم ينتفع بحياته بعد ذلك إلى أن لقي ربه، ومنهم من تصدى لجمع الأموال ونشر الدعاية داخلا وخارجا حتى في موسم الحج حيث يلتقي أبناء الإسلام من مختلف الأقطار، ومنهم ومنهم ..إلخ. لذلك نجد في مدن الشمال والجنوب أزقة تحمل أسماء بعض المجاهدين المزابيين الذين سقطوا في ميدان الشرف، وحتى مسألة بقاء الصحراء مرتبطة بالجزائر، كان الفضل فيها يرجع إلى مساعي المخلصين من المزابين، فقد كادت أسطورة ديغول- الصحراء الفرنسية- تلعب لعبتها، فأحبطوا بدهائهم مساعي الاستعمار التي كانت قاب قوسين من نجاحها، وحسبك دليلا أن المزابيين كان لهم وقتئذ ثلاثة أطباء: ترشين إبراهيم، قضي بكير، بابا اعمر عبد الرحمن وهم كل ما عندهم، التحقوا بجيش التحرير لمداواة الجرحى، استشهد الأولان في ميدان القتال، والثالث لا يزال حيا ينقذ الأحياء من براثن الموت.

إن المزابيين على وجه العموم أذكياء، لهم وعي سياسي يعملون في كل ميدان بهدوء ولباقة دون أن يستثيروا حنق الاستعمار أو يمكنوه من الإيقاع بهم وصب جم غضبه عليهم، ولولا ارتباطهم أحيانا بغيرهم من إخوانهم الجزائريين في بعض القضايا والمحاولات وإفشاء هؤلاء الأسرار ما نالهم ما نالهم: ضعف غيرهم، فأقر فكان عرضة لنقمة الاستعمار، الأمر الذي يكاد الاستعمار يتميز منه غيظا من ناحية المزابيين يلمس آثاره ويتخيل مصدره لكنه لم يتمكن من وضع اليد على أصحابه إلا قليلا، وفعلا ثار بركان رئيس القاعدة العسكرية بغرداية العقيد "فانسان" فصاح قائلا: "ويلاه إني أتيقن أن هؤلاء المزابين يعملون مع الثوار حقا، ولكن لا سبيل إلى القبض على هؤلاء اللقطاء المناجيس" لعنه الله.

هذه كلمة موجزة عن مشاركة المزابيين في حرب التحرير، وأن تفاصيلها لتستدعي مؤلفات ضخمة، ولعلها لا تلبث أن يصدر شيء منها إن سمحت الظروف.

هذا وقل لصاحبك أرجع إلى كتب التاريخ تستبن موقف المزابيين من مسألة الدفاع الوطني عبر التاريخ:

1. أنظر موقفهم يوم أن استولى "شارلكان" ملك إسبانيا على الجزائر سنة 1542م بمدافعه على مرتفعات القصبة، فأصبحت تحت رحمة نيرانها، من هم الفدائيون الذين أنقذوا دولة الجزائر من نقمته واستعماره، راجع قصة "برج بوليلة".

2. وأنظر موقفهم البطولي في معركة الدفاع عن جنوده قرب البليدة، واسأل عن الأبطال الكثيرين الذين استشهدوا فيها. ولا تزال في البليدة مقبرة شهدائها.

3. وانظر دفاعهم المستميت يوم استيلاء الفرنسيين على مدينة قسنطينة، فلما انجلت المعركة سأل قائد جيش الاحتلال قائلا: من كان يدافع من النقطة الفلانية؟ قيل له إنهم بنو مزاب، فرفع لهم قبعته تحية لبطولتهم والحق ما شهدت به الأعداء.

4. ثم اقرأ إن شئت رسالة والي عموم الجزائر، المارشال "تيرمان" إلى أهالي مزاب يذكر فيها الأسباب التي حملت على استيلائه على مزاب عسكريا رغم المعاهدة المبرمة بينهما، ذلك أنهم كانوا يؤيدون الصحراء ضد فرنسا.

5. وشاركوا في مقاومة الأمير عبد القادر ضد احتلال فرنسا للجزائر، وقد فاوض باسمه أحد المزابيين في معاهدة "تافنة" وكذلك كان أمين خزانته مزابيا.

6. وشاركوا في ثورة الشيخ ابن الحداد.

7. وشاركوا في ثورة "المقراني" الذي استشهد أمام داره بمجانة السيد بولنعاش أحمد بن صالح، وصودرت أملاكه من قبل الفرنسيين كغيره من المشاهير الذين أيدوا الثورة ضدها، إلى كثير غيرها من الحركات الوطنية ضد الاستعمار؛ ألا فليعلم الذين يقومون المواقف المصيرية بالتقويم المادي مبلغ خطئهم في الحساب.

إن دفاع المزابيين عن حمى الإسلام ونصرة المدافعين عنه بالنفس والمال، نابع عن عقيدة دينية يرونه واجبا حتميا سواء كان قبل حرب التحرير أو أثناءها؛ وسواء في الجزائر أو في غيرها من الأقطار الإسلامية، وذلك كتأييدهم للشيخ الباروني في حرب طرابلس ضد إيطاليا، وكحركة الدستور تحت قيادة زعيمها الشيخ عبد العزيز الثعالبي في تونس، وأيدوا كذلك زعيم الريف في ثورته بالمغرب الأمير عبد الكريم الخطابي، وعند كاتبه الشيخ أبي الحسن البغدادي الخبر اليقين، كل ذلك مدون في كتب التاريخ الإسلامية و الأجنبية.

قل لصاحبك: راجع كل ذلك لتعلم حق العلم من هم المزابيون، وما هو موقفهم من الجهاد الوطني، حتى لا يقع أمثالك ممن يرجى منه أن يقول حتى يعلم، عملا بقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أجل، حتى لا يقع في خطأ العوام الساذجين أو المتعصبين الحاسدين، هذا و يمكن أن نقول بكل فخر واعتزاز أن المزابيين هم الذين قاوموا قانون التجنيد الإجباري في عهد فرنسا دون سائر الجزائريين، وامتنعوا أن يطبق عليهم ويسلكوا في الجند الفرنسي، وذلك من سنة 1912 إلى سنة 1943، وانتهى بإلغائه والحمد لله.

هذا وما عسى أن يكون عدد المزابيين حتى يمكن الاستعمار أن يفتح بهم الجنوب؟ فيا ليت شعري من ساعده على تدويخ الشمال حتى وصل إلى المزابيين وهم في الجنوب بعد نيف وخمسين سنة؟ ولو كنا ممن يجازف في القول -ومعاذ الله أن يكون ذلك منا معاذه- لقلنا أولئك هم المنخرطون طوعا في سلك جنديته جماعيا ودوخ بهم المغرب، وغزا بهم البوسفور وأخضع بهم تونس لسلطانه وحمايته، وتألفت منهم جماعات الحركية إبان حرب التحرير.

قل لصاحبك: إن الذي يخاطبك اليوم كان من مساجين الثورة إبان رعونة الاستعمار وكلبه. ولا يعلم إلا الله تلك اللحظات السود التي قضاها في زنزانته وهو ينتظر نهاية أجله من حين لآخر، لما يسمع ويشاهد من مناظر التعذيب والظلم والانتقام، حسبك أن رفيقه الوحيد الذي حمل معه في غربة واحدة، وهو الشهيد باسليمان إبراهيم لمنور، مات تحت العذاب يومئذ؛ هذه حقيقة واقعية لا أذكرها تبجحا كما يفعله مناضلو 19 مارس ولكن لأنفي التهمة عن شعب بريء، علم الله أنه عمل وسعى وعانى ويلات هذه الحرب.

وبالتالي: قل لصاحبك افحص كتب التاريخ واسأل العارفين المصنفين تعلم الحقيقة، ثم قل بعد ذلك ما بدا لك. والسلام.

المصدر: كتاب فتاوى البكري. للشيخ عبد الرحمان بن عمر بكلي. ص135-140.

سؤال:

طالب صرح وسط اجتماع أن المزابين لم يشاركوا في حرب تحرير الجزائر، بل أبعد في النزع فقال: كانوا منهمكين في التجارة وملء جيوبهم وأنهم هم الذين ساعدوا الاستعمار في التوغل في الجنوب. أرجو منكم بيانا وإن موجزا يدحض مزاعم الذين يتهمون المزابين بعدم المشاركة في حرب التحرير.

الجواب:

مشاركة المزابيين في حرب التحرير التي انتهت باستقلال الجزائر -54.62- لا يجهلها إلا من عاش على هامش الأحداث، أو كان من السماعين لأقوال الحسدة المتعصبة من خصوم المزابيين أو من مستأجري الاستعمار لبث البلبلة والتفرقة بين صفوف المسلمين المتساكنين، وإلا فقد شاركوا في الشمال كما شاركوا في الصحراء، وذلك باعتراف قادة الثورة، والرؤساء المسؤولين، تشهد بذلك ملفاتهم وشهاداتهم التي أعطوها كتابة للعاملين معهم، حتى قال بعض المنصفين منهم: "لولا المزابيون ما نجحت ثورة الجزائر" ذلك أن دكاكينهم بالتل، كانت مكاتب ومراكز لرجال الثورة، وديارهم بالصحراء على الخصوص ملاجئ أمينة للمجاهدين قياما بواجبهم المقدس، محتسبين أجرهم عند الله، لا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا، سواء ذكروا أو أغمط حقهم فما عند الله خير وأبقى شاركوا في مختلف الميادين: منهم من حمل السلاح والتحق بجيش التحرير، وظل مجاهدا إلى أن استشهد في ميدان الكفاح، ومنهم من يمد الجيش بالميرة والذخيرة واللباس، ومنهم من يجمع الأموال ويستنهض الهمم وينشر الدعاية، ومنهم من سجن ثم سجن، ومنهم من مات تحت شدة العذاب، ومنهم من خرج من السجن مختل العقل مما لقي أثناء سجنه من أصناف العذاب فلم ينتفع بحياته بعد ذلك إلى أن لقي ربه، ومنهم من تصدى لجمع الأموال ونشر الدعاية داخلا وخارجا حتى في موسم الحج حيث يلتقي أبناء الإسلام من مختلف الأقطار، ومنهم ومنهم ..إلخ. لذلك نجد في مدن الشمال والجنوب أزقة تحمل أسماء بعض المجاهدين المزابيين الذين سقطوا في ميدان الشرف، وحتى مسألة بقاء الصحراء مرتبطة بالجزائر، كان الفضل فيها يرجع إلى مساعي المخلصين من المزابين، فقد كادت أسطورة ديغول- الصحراء الفرنسية- تلعب لعبتها، فأحبطوا بدهائهم مساعي الاستعمار التي كانت قاب قوسين من نجاحها، وحسبك دليلا أن المزابيين كان لهم وقتئذ ثلاثة أطباء: ترشين إبراهيم، قضي بكير، بابا اعمر عبد الرحمن وهم كل ما عندهم، التحقوا بجيش التحرير لمداواة الجرحى، استشهد الأولان في ميدان القتال، والثالث لا يزال حيا ينقذ الأحياء من براثن الموت.

إن المزابيين على وجه العموم أذكياء، لهم وعي سياسي يعملون في كل ميدان بهدوء ولباقة دون أن يستثيروا حنق الاستعمار أو يمكنوه من الإيقاع بهم وصب جم غضبه عليهم، ولولا ارتباطهم أحيانا بغيرهم من إخوانهم الجزائريين في بعض القضايا والمحاولات وإفشاء هؤلاء الأسرار ما نالهم ما نالهم: ضعف غيرهم، فأقر فكان عرضة لنقمة الاستعمار، الأمر الذي يكاد الاستعمار يتميز منه غيظا من ناحية المزابيين يلمس آثاره ويتخيل مصدره لكنه لم يتمكن من وضع اليد على أصحابه إلا قليلا، وفعلا ثار بركان رئيس القاعدة العسكرية بغرداية العقيد "فانسان" فصاح قائلا: "ويلاه إني أتيقن أن هؤلاء المزابين يعملون مع الثوار حقا، ولكن لا سبيل إلى القبض على هؤلاء اللقطاء المناجيس" لعنه الله.

هذه كلمة موجزة عن مشاركة المزابيين في حرب التحرير، وأن تفاصيلها لتستدعي مؤلفات ضخمة، ولعلها لا تلبث أن يصدر شيء منها إن سمحت الظروف.

هذا وقل لصاحبك أرجع إلى كتب التاريخ تستبن موقف المزابيين من مسألة الدفاع الوطني عبر التاريخ:

1. أنظر موقفهم يوم أن استولى "شارلكان" ملك إسبانيا على الجزائر سنة 1542م بمدافعه على مرتفعات القصبة، فأصبحت تحت رحمة نيرانها، من هم الفدائيون الذين أنقذوا دولة الجزائر من نقمته واستعماره، راجع قصة "برج بوليلة".

2. وأنظر موقفهم البطولي في معركة الدفاع عن جنوده قرب البليدة، واسأل عن الأبطال الكثيرين الذين استشهدوا فيها. ولا تزال في البليدة مقبرة شهدائها.

3. وانظر دفاعهم المستميت يوم استيلاء الفرنسيين على مدينة قسنطينة، فلما انجلت المعركة سأل قائد جيش الاحتلال قائلا: من كان يدافع من النقطة الفلانية؟ قيل له إنهم بنو مزاب، فرفع لهم قبعته تحية لبطولتهم والحق ما شهدت به الأعداء.

4. ثم اقرأ إن شئت رسالة والي عموم الجزائر، المارشال "تيرمان" إلى أهالي مزاب يذكر فيها الأسباب التي حملت على استيلائه على مزاب عسكريا رغم المعاهدة المبرمة بينهما، ذلك أنهم كانوا يؤيدون الصحراء ضد فرنسا.

5. وشاركوا في مقاومة الأمير عبد القادر ضد احتلال فرنسا للجزائر، وقد فاوض باسمه أحد المزابيين في معاهدة "تافنة" وكذلك كان أمين خزانته مزابيا.

6. وشاركوا في ثورة الشيخ ابن الحداد.

7. وشاركوا في ثورة "المقراني" الذي استشهد أمام داره بمجانة السيد بولنعاش أحمد بن صالح، وصودرت أملاكه من قبل الفرنسيين كغيره من المشاهير الذين أيدوا الثورة ضدها، إلى كثير غيرها من الحركات الوطنية ضد الاستعمار؛ ألا فليعلم الذين يقومون المواقف المصيرية بالتقويم المادي مبلغ خطئهم في الحساب.

إن دفاع المزابيين عن حمى الإسلام ونصرة المدافعين عنه بالنفس والمال، نابع عن عقيدة دينية يرونه واجبا حتميا سواء كان قبل حرب التحرير أو أثناءها؛ وسواء في الجزائر أو في غيرها من الأقطار الإسلامية، وذلك كتأييدهم للشيخ الباروني في حرب طرابلس ضد إيطاليا، وكحركة الدستور تحت قيادة زعيمها الشيخ عبد العزيز الثعالبي في تونس، وأيدوا كذلك زعيم الريف في ثورته بالمغرب الأمير عبد الكريم الخطابي، وعند كاتبه الشيخ أبي الحسن البغدادي الخبر اليقين، كل ذلك مدون في كتب التاريخ الإسلامية و الأجنبية.

قل لصاحبك: راجع كل ذلك لتعلم حق العلم من هم المزابيون، وما هو موقفهم من الجهاد الوطني، حتى لا يقع أمثالك ممن يرجى منه أن يقول حتى يعلم، عملا بقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أجل، حتى لا يقع في خطأ العوام الساذجين أو المتعصبين الحاسدين، هذا و يمكن أن نقول بكل فخر واعتزاز أن المزابيين هم الذين قاوموا قانون التجنيد الإجباري في عهد فرنسا دون سائر الجزائريين، وامتنعوا أن يطبق عليهم ويسلكوا في الجند الفرنسي، وذلك من سنة 1912 إلى سنة 1943، وانتهى بإلغائه والحمد لله.

هذا وما عسى أن يكون عدد المزابيين حتى يمكن الاستعمار أن يفتح بهم الجنوب؟ فيا ليت شعري من ساعده على تدويخ الشمال حتى وصل إلى المزابيين وهم في الجنوب بعد نيف وخمسين سنة؟ ولو كنا ممن يجازف في القول -ومعاذ الله أن يكون ذلك منا معاذه- لقلنا أولئك هم المنخرطون طوعا في سلك جنديته جماعيا ودوخ بهم المغرب، وغزا بهم البوسفور وأخضع بهم تونس لسلطانه وحمايته، وتألفت منهم جماعات الحركية إبان حرب التحرير.

قل لصاحبك: إن الذي يخاطبك اليوم كان من مساجين الثورة إبان رعونة الاستعمار وكلبه. ولا يعلم إلا الله تلك اللحظات السود التي قضاها في زنزانته وهو ينتظر نهاية أجله من حين لآخر، لما يسمع ويشاهد من مناظر التعذيب والظلم والانتقام، حسبك أن رفيقه الوحيد الذي حمل معه في غربة واحدة، وهو الشهيد باسليمان إبراهيم لمنور، مات تحت العذاب يومئذ؛ هذه حقيقة واقعية لا أذكرها تبجحا كما يفعله مناضلو 19 مارس ولكن لأنفي التهمة عن شعب بريء، علم الله أنه عمل وسعى وعانى ويلات هذه الحرب.

وبالتالي: قل لصاحبك افحص كتب التاريخ واسأل العارفين المصنفين تعلم الحقيقة، ثم قل بعد ذلك ما بدا لك. والسلام.

-------------------------------

 المرجع:  كتاب فتاوى البكري. للشيخ عبد الرحمان بن عمر بكلي. ص135-140

المصدر: nir-osra.org/

مزاب معقل الثوار والثورة

charles V 2 مزاب معقل الثوار والثورة

مزاب مركز الثورات:

" ....وكانت مدينة بني يزقن في واد مزاب المستودع الحصين الذي وجد فيه الثوار السلاح والتموين والعتاد والسلاح والبارود، يقول الأستاذ أوقستن برنار: "في سنة 1882م، باستيلائنا على مزاب قضينا على عش الثورة الدائم، والمستودع الذي كان يجد فيه الثوار ضدنا الأسلحة والعتاد والتموين(1)."

فبفضل مركز نفطة الهام ومركز واد مزاب الممتاز تمكن الثوار من مصاولة الاستعمار والمحافظة على روح النضال والمقاومة في نفوس شعبنا، كما أن ذلك برهان على روح الإخاء بين أقطار المغرب العربي الكبير..

في 26 أكتوبر 1882 م، تلقى الجنرال دولاتور برقية من الوالي العام لويس تيرمان يأمره بتجهيز قواته والذهاب بها إلى مزاب، لإعلان إلحاقه. واشتملت قواته على 1175 ضابط وجندي، معهم 500 فرس و1851 بعير تحمل مؤونة شهر كامل.

وقد لاقى هذا القرار معارضة شديدة من الطلبة والعامة، إلا أنه أعلن عنه رسميا يوم 30 نوفمبر 1882 م، ورُفع العلم الفرنسي محيًّا بواحدة وعشرين طلقة مدفعية، وقد سجن القائد المباشر للكتيبة هارت مايرْ قطب الأيمة الشيخ أطفيش يوما كاملا في معسكره بأمر من الوالي العام، ليقنع العزابة بفعله هذا بعدم جدوى مقاومتهم لقرار الإلحاق.

وقد ظل بنو مزاب يعتبرون أن إلحاق بلادهم بفرنسا غير مشروع، ويتعارض مع القانون الفرنسي نفسه، وظلوا يرفضون اعتبارهم رعايا فرنسيين ويستدلون لذلك بالقانون الذي ينص على أنه لا يمكن إحالة أرض أو مبادلتها أو إلحاقها إلا بمقتضى قانون وافق عليه مجلسا الأمة الفرنسية، الشروط التي لم تتوفر في قرار الإلحاق هذا، فلم يقع قط عرضه على مجلسي الأمة الفرنسية، بل بقي مجرد مشروع لم يصادق عليه إلا رئيس الجمهورية.

 

مزاب وفصل الصحراء عن الجزائر:

.. وقد استمر الكيد ببني مزاب من طرف الاستعمار الفرنسي متواصلا، فقد اتخذ المخططون الفرنسيون لفصل الصحراء عن الجزائر منذ نشأة شركة ريبـال للتنقيب عن الـبترول سنة 1946 م، اتخذوا محور ارتكـازهم على بني مزاب خاصة، باعتبارهم سياسيا وجغرافيا وتاريخيا العنصر الأساسي الفعال في الصحراء، يعتمدون عليهم بالدرجة الأولى لإنشاء الجمهورية الصحراوية.

اضطرت الحكومة الفرنسية، وقد أحرجها الموقف المتصلب للشيخ بيوض في المجلس الجزائري، إلى إرسال لجنة برلمانية إلى مزاب سنة 1951 م، قام الشعب على إثرها بمظاهرات سلمية في كل مدينة أمام أعضاء اللجنة، يعبرون فيها عن تمسكهم بربط مزاب بالشمال في السياسة والإدارة، وقد ألقى الشيخ بيوض أمام هذه اللجنة خطابا يؤكد فيه رفض فصل واد مزاب عن الجزائر.

وفي 16 مارس 1952 م، قدِمت لجنة برلمانية أخرى لنفس الغرض، فكانت النتيجة كذلك أن مزاب لا يريد بأي ثمن فصله عن الشمال.

ولما رأت فرنسا ذلك التصميم المحكم، فاجأت المزابيين بمؤامرة مقاطعة تجارهم في مدن التل في ماي 1955 م، وقد ذهب ضحيتها عديـد من الشهداء الذين أحرقت دكاكـينهم وانتهبت أموالهم في العاصمة وبوفاريك والبليدة وقسنطينة والأوراس وغيرها.

لم يتخذ هذا القرار إلا من وراء خلفيات أهمها أن الصحراء بالنسبة لديغول كانت ذات أهمية سياسية إضافة إلى أنها المستودع البترولي الذي يضمن لفرنسا استقلالها الاقتصادي عن الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها أيضا ميدان للتجارب النووية لفرنـسا، ومركزا للاتصالات المستقبلية لها.

وقد أوفد الجنرال ديغول في أكتوبر 1959 م رئيس الوزراء ميشال دوبْري من الأغواط إلى وادي مزاب، فعقدا اجتماعا في قصر بلدية غرداية حضره رؤساء بلديات مزاب، فبذل محاولات يائسة في إقناعهم بقبول فصل الصحراء عن الجزائر فلم يفلح.

وفي أواخر سبتمبر 1960 م، أوعزت قوات الاستعمار إلى قوات ابن الونيس المتمركزة في ضاية بن ضحوة بالهجوم المفاجئ على الشعب الأعزل، فهجموا على جماعة من المزابيين خرجوا من المسجد بعد صلاة المغرب في بوشمجان في غرداية فقتلوا أربعة منهم رميا بالرصاص على مرأى من قوات العدو ومسمع.

وفي 7 ديسمبر 1960 م، أصدر ديغول أمره بفصل الصحراء عن الجزائر وربطها رأسا بفرنسا، و الجدير بالذكر أن الجنرال ديغول لم يتلق أي برقية قبول وتأييد على ذلك من مزاب.

وقد قال أوليفي قيشار مستشار برئاسة الجمهورية الفرنسية في هذا الصدد: " اتصلت بالشيخ بيوض بغرداية لهذا الغرض، فرفض هذه الفكرة وهذا العرض رفضا قاطعا، وقال لي الشيخ بيوض حرفيا: إن منطقة مزاب جزء لا يتجزأ من التراب الجزائري ".

 

مزاب حضن الثورة:

كما أن كفاح بني مزاب للاستعمار الفرنسي لم يتوقف عند هذا الحد، فقد كانت متاجرهم في جميع أنحاء التراب الوطني تلعب ورا حساس في حرب التحرير، حيث كانت مراكز هامة لنشاطات الثورة والثوار.

يقول السيد بن يوسف بن خدة عضو لجنة التنسيق والتنفيذ في جبهة التحرير الوطني ورئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية عامي 1961 – 1962 م : "كان التجار المزابيون من أخلص المساعدين الذين عملت معهم، كانوا يتمتعون بجدية وطنية فائقة، فوجودهم داخل الحي الأوروبي سهل كثير مهمة لجنة التنسيق والتنفيذ، وقد كانت محلاتهم مراكز للبريد ومسـتودعات للوثائق والمناشير والأسلحة والذخائر وملتقيات المناضلين المطاردين من طرف الشرطة الاستعمارية، كما نقلوا في سياراتهم الخاصة الأسلحة والذخائر ومختلف الوثائق، ورغم الخطر الذي قد يتعرضون له، فهم صورة ناصعة المناضل الجزائري الوفي".

وقد أدلى السيد لخضر بن طوبال وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة لجمعية قدماء تلاميذ معهد الحـياة بالقرارة يوم 25 فيفري 1990 م ما يلي: "وكانوا ( المزابيون ) دائما إلى جانب جبهة التحرير الوطني، ولم تحاكم جبهة التحرير قط مزابـيا واحدا على الخيانة والإجرام، إنني أعرفهم منذ كنت على رأس الولاية الثانية بقسنطينة ... وكانت ثقتنا فيهم كاملة، فعندما نحتاج إلى مبلغ مالي ضخم يكفي أن نتصل بمسؤوليهم ...".

---------

المرجع (1) مجلة الأصالة الصادرة عن وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية س1، العدد6

 

المصدر: nir-osra.org

إضراب 8 أيام 1957م

charles V 2 Lundi 28 janvier 1957 : Grève des 8 jours

إضراب 8 أيام

كانت هذه المسألة من أهم المحطات البارزة في تاريخ الثورة، لنجاحها على المستوى الوطني، وهو انتصار للجبهة عندما أدرجت القضية الجزائرية في جدول أعمال الامم المتحدة، وكانت الاستجابة كبيرة سواء عن قناعة أو تحت التهديد، أعلن عن تاريخ هذا الاضراب في جميع أنحاء الوطن بالتوازي مع مناقشة قضية الجزائر لدى الامم المتحدة، ليكون لها صدى واسع على المستوى العالمي، على مستوى مزاب، كان لهذا الاضراب تداعيات كبيرة، حيث تم تفكيك 3 خلايا تابعة للجبهة؛ باكتشاف واحدة في القرارة واثنتين في غرداية، و تم أيضا معاقبة التجار المضربين بسحب سجلهم التجاري مدة شهر إلى شهرين.

*********

Photo : Daoud (de Beni-Isguen), rue Randon (aujourd'hui, Ammar Ali), Alger, fin janvier 1957.

كل من يستجيب للاضراب كانت محلاتهم تفتح عنوة وتبقى عرضة للنهب

Commentaire de son auteur : « Il valait mieux ouvrir son magasin soi-même ».

المجاهد بايوب سماوي

charles V 2 من مجاهدينا الاستاذ بايوب سماوي

عمنا بايوب بن الحاج محمد اسماوي ولد بتجنينت "العطف"ولاية غرداية له ستة اولاد التحق بالمدرسة الاهلية الفرنسية بالحراش ثم انتقل الى العاصمة لمواصلة دراسته الابتدائية.وفي سنة 1942 على الى تاجنينت " العطف" بعد ان اغلقت جميع المدارس الحكومية في شهر نوفمبر جراء الحرب العالمية الثانية، فواصل تعليمه باللغة العربية في المدارس القرآنية .في سنة 1944 توجه الى مدينة لقرارة ليواصل دراسته الابتداية في مدرسة الحياة ...1945 انخرط في التنظيم الكشفي لمعهد الحياة .في شهر يناير من 1946 استظهر القرآن الكريم ودخل حلقة اروان فالتحق بمعهد الحياة ..1947 في شهر ماي ، شارك في المخيم الكشفي التكويني الأول " اغزو" و غيرها من الخرجات الكشفية . في سنة 1950 ،بعد نجاحه في امتحان اخر السنة تخرج من المعهد.في شهر افريل من سنة 1951 تزوج ثم سافر الى تونس في اكتوبر من نفس السنة ليكمل دراسته ،لكنه انقطع لاسباب صحية.1953 عاد مرة ثانية الى تونس لمزاولة دراسته بجامع الزيتونة.وخلال تواجد بتونس اغتنم الفرصة رفقة زميله المرحوم قاسم بابكر و انخرط في نادي رياضي متخصص في المصارعة اليبانية وحصل على الحزام البني ثم توقف لاسباب نضالية. خلال سنوات 1954-1959 تابع الدراسة كمستمع حر ، و اهتم بدروس الشيخ الفاضل بن عاشور، رغم انشغاله بالنشاطات الكشفية و الرياضية و الطلابية وتدرج في رتبها ..1957.قام بعدة جولات ممثلا للكشافة التونسية الى ان انتخب عضوا في المجلس الاعلى للكشافة التونسية و عين عضوا في الرهط القومي للجوالة (اللجنة العليا) وفي قيادة التدريب . 1957 عضو في اللجنة العليا لشبيبة جبهة التحرير الوطني الجزائري و عضو في المكتب التنفيدي لاتحاد الطلبة المسلمين الجزائرين .1958 ساهم مساهمة فعالة و ميدانيا في تكوين وتنصيب قيادة افواج كشفية جزائرية في كامل التراب التونسي .شغل منضب القائد العام و مرشد للكشافة الاسلامية الجزائرية بتونس و شارك كعضو في الوفد الكشفي الجزائري في المؤتمر التأسيسي للاتحاد الكشفي للمغرب الكبير الذي انعقد بالرباط في شهر ديسمبر من سنة 1958 .كان مسؤولا للدعاية في خلية الأم لمنظمه جبهة التحرير الوطني(للطلبة بتونس) بالاضافة الى انه كان نائب رئيس فريق جيش التحرير الوطني لكرة القدم الذي قام بجولات رياضية و دعائية في العالم للتعريف بالثورة الجزائرية 1959 زار سوريا و لبنان قصد دراسة الاساليب الكشفية للقطرين .في نوفمبر من سنة 1959 مثل الكشافة الاسلامية الجزائرية في اللجنة الفنية لكشافة العرب التي اجتمعت بالقاهرة . في سنة 1959 قدمت له الحكومة المؤقتة الجزائرية بالقاهرة للدراسة في العراق.حصل على وسام المقاوم و شهادة النضال من سنة 1957 الى 1962.

1963 تخرج من كلية الحقوق حائزا على شهادة ليسانس بدرجة "جيد جدا" ثم عاد الى أرض الوطن المستقل بعد فراق دام ثماني سنوات.1964 حصل على محنة لدراسة اللغة الفرنسية في تولوز بفرنسا ثم انتسب الى كلية الحقوق للدراسات العليا في القانون.1966 حصل على اشهاد بملاحظة "حسن" في القانون العام.

في شهر يناير من سنة 1967 التحق بوزارة الشؤون الخارجية وعين في قسم المنظمات الدولية.مابين سنوات 1969 /1973 عين في البعثة الجزائرية الدائمة لدى الامم المتحدة بنيويورك مكلفا بقضايا الشرق الاوسط المدروسة من طرف هيئات الامم المتحدة و بالشؤون العربية و الاسلامية .

خلال 1973/1976 نقل الى السفارة الجزائرية في بكين بالصين مكلف بالعلاقات الثنائية بين الجزائر و الصين .(1976-1980) عاد الى الادارة المركزية وعيّن رئيس مكتب الاعتمادات و القائمة الديبلوماسية في مديرية التشريفات. ( 1980-1984) مستشار بالسفارة الجزائرية في فينا بالنمسا مكلف بالعلاقات الثقافية ومكلف ايضا بمتابعة أشغال الهيئات الثقافية و الاجتماعة و الانسانية في مركز الامم المتحدة في فينا و كذا القضايا العربية و الاسلامية .(1984-1990) عاد الى الادارة المركزية وعين بالمديرية القنصلية ثم مديرية التشريفات للاشراف على مكتب الاعتمادات وبلغ في سلم الترقيات الى درجة وزير مفوض.شارك اثناء تواجده في الادارة المركزية في عدة مؤتمرات و ملتقيات اقليمية و عالمية.في شهر جوان من سنة 1990 احيل على التقاعد بمقتضى القوانين المرعية بعد سنوات من الاخلاص و النزاهة و التفاني للوطن.مع ممارسة عدة انشطة اخرى ثقافية و اجتماعية مثل جمعية الاطارات ، جمعية الاستقامة بالعاصمة كنائب رئيس و عضو غي جمعية الحقوقيين الجزائريين و في ادارة جمعية النهضة .وفي 14 ديسمبر 1999 التحق بحلقة العزابة بالعطف.

حفظه الله و جزاه خير الجزاء.

بافو نــ كاسي

الشيخ بيوض في الثورة

charles V 2الشيخ ابراهيم بيوض في قلب الثورة

د. صالح ابن ادريسو

 

كان الشيخ بيوض ينسق وعلى مستوى عال مع قيادات الجبهة للتحضير لجزائر بعد الاستقلال، وكانت له اتصالات مع أعلى القيادات في تونس. وأنشأ لذلك، حسب التقارير المخابراتية، "هيئة سرية" منذ أوائل سنة 1960، لهدف تكثيف التعاون مع الحكومة المؤقتة ووضع خارطة طريق للجزائر ولمكانة مزاب في ظل الاستقلال. ولقد تفاجأ أحمد طالبي عندما أطلعه الشيخ بيوض ببعض من تلك المراسلات.i

« L’orientation politique du parti Réformiste s’est affirmé dans un sens favorable à la rébellion et le Cheikh Bayoud a été amené à s’entourer d’hommes absolument sûrs ; c’est dans ces conditions qu’il aurait crée le « Comité Secret ». […] Les membres les plus influent sont : Naceri Ali, Maire de Ghardaïa, Bouaroua Baba, adjoint au Maire de Ghardaïa, Addoun Saïd (Chérifi), Yousfi Slimane dit Benyoucef, Babekeur Salah, Mosbah Messaoud, Bakelli Abderrahmane, les deux frères Boudi. [...] iLe Cheikh Bayoud jouit de l’appui de plusieurs personnalités arabes de Caire […] en raison du soutien qu’il a apporté au FLN depuis le début de la rébellion, dans sa lutte pour l’indépendance». i(Rapport, n° 5.000 /EMI/2/E.G./S., 16 juillet 1960, Annexe I)

.يذكر التقرير أن الشيخ بيوض تلقى الدعم المعنوي لسياسته من زعماء سياسيين، خاصة من القاهرة، بحكم تأييده للجبهة في النضال منذ انطلاق الثورة لأجل الاستقلال. وكان من أعضاء هذه الهيئة، السادة: ناصري علي، بوعروة بابا، اشريفي سعيد (الشيخ عدون)، ابن يوسف سليمان، بابكر صالح، باكلي عبد الرحمان، مصباح مسعود، الاخوان بودي.وكان من بين مهام هذه المنظمة : تكثيف التعاون مع الجبهة في النضال بجميع أشكاله. ولقد أنشأت لذلك مجالس مكلفة بهذه المهمة، بعض منها تم اكتشافها وتفكيكها من طرف الادارة. ولقد أصدرت نفس المنظمة تعليمات لتلقين تلاميذ المدارس القرآنية دروسا في الوطنية وتحذيرهم ضد تحركات الامن الفرنسي. وفي ذلك يضيف التقرير:i

« Les membres présents du Comité auraient arrêté un plan d’action [...] et auraient décidé d’intensifier l’aide au FLN et de poursuivre la lutte sous toutes ses formes. [...] des sections, chargées d’aider les rebelles, seraient créées dans les différentes localités du M’zab (il s’agit de la mise en place de Medjeles) et les collectes des fonds seraient poursuivies. […] Il aurait été décidé que les élèves des Médersa recevraient une éducation davantage orientée vers les idées nationalistes et une formation particulière : notamment, ils seraient mis en garde contre les méthodes policières et les activités des services participant au maintien de l’ordre.» i(73/SE/DST/SA, Alger, le 16 juillet 1960).« Localement, la mise en place de Medjeles a été détectée dans la Pentapole. Un Conseil Municipal FLN y a été naturalisé. La constitution de cellules FLN y a été détectée. En même temps en Algérie, certains milieux Mozabites reprennent de l’activité. […]». (Rapport, 14 septembre 1960, signé Heritier).i

ويتحدث تقرير آخر عن معلومات مؤكدة تشير إلى تصعيد وشيك لعمليات ثورية لصالح الجبهة، بفعل تحركات الشيخ بيوض، في وادي مزاب وفي بعض مناطق الصحراء :i

« De nouvelles informations émanant d’une source très sérieuse, précisent les décisions et la tactique adoptée par les membres du Comité Secret lors de réunions tenues à Guerrara et à Berraine.i-D’une part, les rebelles doivent intensifier leur action au Sahara, notamment au M’zab, dès septembre prochain. Le groupe de rebelles de Metlili, placé sous les ordres de Boudjemaa Karma, sera renforcé, et un autre groupe sera mis en place dans la région de Guerrara afin de pouvoir exercer une pression constante sur le M’zab.i-D’autre part, profitant de ce que l’attention des forces de l’ordre se porte sur Ghardaïa, des « Madjeles » ont été créés à Berriane et à Guerrara et sont prêts à fonctionner. Bayoud envisagerait également de faire appel à Bekelli Abderrahmane, responsable pour Berriane de l’organisation réformiste, pour seconder Naceri Ali, maire de Ghardaïa. La position de celui-ci est devenue difficile à la suite des opérations militaires entreprises à Ghardaïa.En bref, les réformistes vont intensifier leur activité politique et apporter une aide totale aux rebelles. D’une façon générale, d’ailleurs, des renseignements en provenance de différentes sources, indiquent qu’il faut s’attendre à une recrudescence des activités rebelles au M’zab à partir du mois de septembre et à une implantation importante dans une grande partie du Sahara (El-Goléa, In-Salah, Le Hoggar) ». i(Note de renseignements, n°828, 23/8/1960).

ولقد كان السيد يحي بن حمو الواهج أمين سره في نقل و تبادل المراسلات مع الحكومة المؤقتة، كما صرح بذلك التقرير التالي :i

« La Liaison entre ce Comité et les organes de la rébellion fixés à Tunis serait assurée par un nommée El-Ouadje (Elouahedj) Yahïa ben Hammou, originaire de Ghardaïa, qui posséderait un domicile à Berriane et un commerce à Tunis. Il aurait effectué récemment un voyage au M’zab. Par ailleurs, Elouadje serait en relation à Tunis avec un groupe d’étudiants mozabites [...] dont certains serait employés par le FLN. [...] l’intéressé étant signalé comme assurant le transfert des fonds du M’zab à Tunis. … » i(46/SE/DST/SA, Alger, le 27 juillet 1960)

.ومن هذا المنطلق جاءت شهادات ابن خدة وابن طوبال وغيرهما في حق الشيخ بيوض، فهما أدرى بالحقيقة وبما كان يهيأ له في الكواليس. وإلا فما الداعي للتملق؟ فكيف يضرب بتلك الشهادات عرض الحائط بحجة أن "أهل مكة أدرى بشعابها"؟نعم، حقا، هم أدرى بذلك، لهذا عندما نجد العقيد محمد شعباني يقف بجنب الشيخ بيوض بُعيد الاستقلال، في إحدى صوره الملتقطة، عند إلقائه لخطبة، فلأنه يدرك عظمة الرجل ويقدره حق قدره، ولم يكن ذلك اعتباطا وهو أدرى بخبايا الأمور. ولم نعهد عن هذا العقيد إلا الصراحة والصدع بالحق. ولا اعتبار لمثل تلك العبارات إذا علمنا أن علاقات الشيخ بيوض مع الادارة كانت في العلن، ولم تكن لتخفى على أحد، كما أشرنا سابقا، إلا إذا كانت سرية، حينها فأهل مكة هم جهاز الادارة وأذنابها. فإذا كانت شهادات بن خدة وبن طوبال أوغيرهما ترد بحجة "أهل مكة أدرى بشعابها"، فماذا إذاً عن التقارير الفرنسية التي تشهد له بـ"الوطنية المفرطة (ardent nationaliste)؟[1] ومادام قد تقرر أن تعمل كل خلية على حدى، فلن يكون "أهل مكة" إلا ذووه من تلاميذ الشيخ بيوض وأتباعه ومن كان به على اتصال. ولا يحق لأحد غيرهم في الحديث عنه وعن نضاله السياسي، خاصة في مثل تلك الظروف والقرائن. فبأي حق ترفض شهاداتهم ؟ثم لنتساءل هل كل ما كان يقوم به قادة الثورة كان بإجماع الجبهة؟ ألا يحق للشيخ أن تكون له وجهة نظر؟ ولو أن نفس المكيال الذي يطبق على بيوض وأنصاره تعسفا، لاجتياز "الصراط"، عُمم على الجميع، فإلى كم سيؤول عدد المناضلين ؟ فلماذا يمنع للشيخ ما يسمح لغيره ؟ أم أن حسنات الابرار سيئات المقربين ؟والغريب، أن هنالك من يقر له بالنضال، لكن فقط في السنوات الاولى من الثورة. فكيف يعقل أن يعانق الثورة شخص في سنوات الشك عندما كان الكثير يعتبرها وهما من الخيال، ويرتد عنها في سنوات الحسم واليقين، عندما كان الانتهازيون يدخلون فيها أفواجا؟ كيف لشخص ساهم منذ شبابه في إذكاء روح الوطنية، أيام كان الحديث عن تحرير الوطن من قبيل الهذيان، ويحيد عن النضال عندما أصبحت فكرة الاستقلال مسألة وقت؟والحق، أن الشيخ لا يحتاج لمثل تلك الشهادات لأنه في مقام القيادة وكان المشرف المنسق. بل ولم يتردد كما أشرنا أن يضع تحت تصرف الثورة معهده وجميع عشائر القرارة رغم كل المخاطر التي قد تسبب في القضاء نهائيا على هذا الصرح العلمي وعلى زوال جميع الهيئات العرفية، التي كانت حصنا منيعا ضد المؤامرات. والتقارير في ذلك متواترة. وعلى سبيل المثال نقرأ في التقرير الذي يكشف عن تفكيك خلية القرارة، في 21 جانفي 1958، والمتكونة خاصة من الإخوة خبزي (قاسم، اعمارة، بكير)، ما يلي :i

« […] D’autre part, en ce qui concerne les collectes de fonds, celles-ci toujours sur dénonciation de l’Agent rebelle [H. M.], étaient réalisées par les nommés El-Bor Affari et Khiat Daoud, lesquels avaient à charge de récupérer les fonds dans les fractions [Achira] Mozabites [...]. Ces derniers étaient considérés comme étant les fournisseurs les plus intéressants […]».

i(Ghardaïa, le 27 janvier 1958, n° 33/4. Lieutenant Durand)

.وعندما أرسى القائد أحمد طالبي قواعده في بلدتي بريان والقرارة، كانت مهمة التسيير وأوامر التخطيط تنطلق أساسا من معهد الحياة :i

« […] La tâche se révèle facile. Talbi et ses gardes du corps peuvent circuler en camion ou en taxi sur cet axe et trouvent partout un accueil favorable (Selmana – Taniet – Ifridaia – Oum el Kracheb – Daiet el Guelb – Guerrara – Berriane). […] A Guerrara, tous s’installent dans la Médersa du Cheikh Bayoud et le Maire en exercice accepte de prendre la direction du « Medjlès […]». (Rapport, n° 972/CIS/2, Reggan, le 4 nov. 1961).i

هذه هي إحدى الخاصيات التي تميز بها مزاب أثناء سنوات الثورة، بتعبئة العشائر والمساجد والمعاهد. لذلك فالدهشة تزول عندما نطلع اليوم على تقارير تدعو للقضاء على هذه الصروح الشامخة التي حافظت على الشخصية الجزائرية والتي كانت بالأمس القريب غصة في حلق الاستعمار. والحركة النضالية عند المزابيين امتدت في الولاية السادسة إلى عدة مناطق، وكانوا شديد الصلة بالعقيد محمد شعباني (1934-1964) بحكم علاقات هذا الاخير بالاخوة الوطنيين من آل خبزي المقيمين في بسكرة. ويشير المناضل أحمد بن فتاشة – على قيد الحياة- في حديث له مسجل عن معركة بوكحيل بقيادة شعباني إلى المساندة المادية المميزة من قبل جماعة "بني مزاب"، خاصة بواسطة "بلال" بكلي بابه الحاج أحمد.[2]ولقد ساعدت المساهمات المزابية المادية كثيرا على توغل الجبهة إلى مناطق الجنوب، كما تقول إحدى التقارير :i

« Le succès de cette implantation FLN au Sahara à plusieurs causes. Le M’zab est incontestablement la partie la plus riche de ce département ». (Note de renseignements, n°828, 23/8/1960).i

ويلخص ذلك الدكتور صحبي حسن في صفحته الخاصة، و يقول :" أهل ميزاب ساهموا بكثير بأموالهم، وكلّ وثائق الولاية السّادسة تشهدُ بذلك ومع الأسف هذه الوثائق لا توجد بوزارة المُجاهدين لأنّها بحوزة رجال وطنيين لا يُريدون إعطاءها للوزارة علمًا منهم بأنّ هناك ثُوارا حقيقيين لم تعترف بهم وزارة المُجاهدين في حين أنّها إعترفت بآخرين ليس لهم علاقة بالثورة لا من قريب ولا من بعيد. و الميزابيون هم جزء كبير من هؤلاء الضحايا المهضوم حقُّهم. والتأكيد المُؤكّد هُو أنّهُ لم يشهد التّاريخ لأحد من الميزابيين بأنّهُ حمل يوما السّلاح ضدّ إخوانه الجزائريين كما هُو الحال بالنّسبة إلى الحركة و جيش بلّونيس. وكان المُجاهدون يستعملون سيّارات الميزابيين في عمليّاتهم و تنقلاتهم و بعد ذلك يُعلنون عن سرقتها... (ثم يواصل قائلا:*) رحم الله الشيخ بيُّوض الّذي رفض جُملةً وتفصيلًاً عرض الجنرال ديقول والقاضي بتقسيم الجنوب إلى دُويلات عندما زارهُ بغرداية وهذا بشهادة بعض الأعيان من الإغواط، بسكرة، البيّض و سائر الجنوب الجزائري حيث قال لهُ بالحرف الواحد: "أُفضّلُ أن تكُون الجزائر واحدة مُوحّدة ولا نقبلُ تقسيمها و حتّى إذا كانت مُستعمرة تبقى مُوحّدة وأنا فيها وإذا تحرّرت بحول الله تبقى مُوحّدة وأنا فيها حرٌّ ". رحمة الله على الشيخ بيّوض الّذي كان رجلا نبيلا، وطنيٌّا و يُحبُّ كل الشعب الجزائري و إن أردتُم دليلاً فاقرؤوا مُؤلّفاته. لطالما حدّثني عنهُ والدي الصّحبي الحُسين شفاهُ الله و عن مواقفه الّتي تشهدُ لهُ بذلك عندما كان يُدرّس بالقرارة رُفقة الشيخ رحمهُ الله [3].

 

charles V 2 الشيخ بيوض واجتماعه بقادة الثورة 

إجتمع الشيخ بيوض والشيخ سليمان بن يوسف وبالسخواض بكير في دار مفدي زكرياء بالقبة سنة 56 مع كبار قيادة الثورة بن طوبال والشرقي ابراهيم و رباح لخضر...

وتمّ الإتفاق على أن يتّخذ المجاهدون 28 دكانا من دكاكين المزابيين في العاصمة كمراكز سرية للتنسيق وتبادل الرسائل والتعليمات وحتى السلاح وتكثيف الدعم المالي للثورة حتى قال بن طوبال : عندما نحتاج إلى مبلغ كبير فما علينا إلا الإتصال برئيس الجماعة المزابية و يتم توفيره لنا في الأجل المرجوّ و بكل أريحية .

صورة للشيخ مع العقيد محمد شعباني

---------------------------------

الهوامش

[1] Rapport n° 4202 EMI/2/FS, 1 août 1960, signé : le Chef d’Escadrons, Mazarguil.

[2] بكلي بابه الحاج أحمد بن حمو – على قيد الحياة- من أعيان العطف، الملقب بالطالب بلال لانه مثل دور الصحابي بلال بن رباح عند ما كان طالبا في معهد الحياة بالقرارة، من مواليد 1931 في العطف، ومن خريجي جامع الزيتونة. له كتاب عن العطف وثورة التحرير من تقديم عبد الوهاب بكلي، جمعية النهضة، 2006

.[3] صحبي حسن (Sohbi Hassan)، تعليقا على رسالة حول أزمة غرداية، 15 جويلية 2014. ينظر صفحته الخاصة من صفحات التواصل.