مشاركة المزابيون في الثورة
الرد على من قال أن المزابيون لم يشاركوا في الثورة
سؤال:
طالب صرح وسط اجتماع أن المزابين لم يشاركوا في حرب تحرير الجزائر، بل أبعد في النزع فقال: كانوا منهمكين في التجارة وملء جيوبهم وأنهم هم الذين ساعدوا الاستعمار في التوغل في الجنوب. أرجو منكم بيانا وإن موجزا يدحض مزاعم الذين يتهمون المزابين بعدم المشاركة في حرب التحرير.
الجواب:
مشاركة المزابيين في حرب التحرير التي انتهت باستقلال الجزائر -54.62- لا يجهلها إلا من عاش على هامش الأحداث، أو كان من السماعين لأقوال الحسدة المتعصبة من خصوم المزابيين أو من مستأجري الاستعمار لبث البلبلة والتفرقة بين صفوف المسلمين المتساكنين، وإلا فقد شاركوا في الشمال كما شاركوا في الصحراء، وذلك باعتراف قادة الثورة، والرؤساء المسؤولين، تشهد بذلك ملفاتهم وشهاداتهم التي أعطوها كتابة للعاملين معهم، حتى قال بعض المنصفين منهم: "لولا المزابيون ما نجحت ثورة الجزائر" ذلك أن دكاكينهم بالتل، كانت مكاتب ومراكز لرجال الثورة، وديارهم بالصحراء على الخصوص ملاجئ أمينة للمجاهدين قياما بواجبهم المقدس، محتسبين أجرهم عند الله، لا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا، سواء ذكروا أو أغمط حقهم فما عند الله خير وأبقى شاركوا في مختلف الميادين: منهم من حمل السلاح والتحق بجيش التحرير، وظل مجاهدا إلى أن استشهد في ميدان الكفاح، ومنهم من يمد الجيش بالميرة والذخيرة واللباس، ومنهم من يجمع الأموال ويستنهض الهمم وينشر الدعاية، ومنهم من سجن ثم سجن، ومنهم من مات تحت شدة العذاب، ومنهم من خرج من السجن مختل العقل مما لقي أثناء سجنه من أصناف العذاب فلم ينتفع بحياته بعد ذلك إلى أن لقي ربه، ومنهم من تصدى لجمع الأموال ونشر الدعاية داخلا وخارجا حتى في موسم الحج حيث يلتقي أبناء الإسلام من مختلف الأقطار، ومنهم ومنهم ..إلخ. لذلك نجد في مدن الشمال والجنوب أزقة تحمل أسماء بعض المجاهدين المزابيين الذين سقطوا في ميدان الشرف، وحتى مسألة بقاء الصحراء مرتبطة بالجزائر، كان الفضل فيها يرجع إلى مساعي المخلصين من المزابين، فقد كادت أسطورة ديغول- الصحراء الفرنسية- تلعب لعبتها، فأحبطوا بدهائهم مساعي الاستعمار التي كانت قاب قوسين من نجاحها، وحسبك دليلا أن المزابيين كان لهم وقتئذ ثلاثة أطباء: ترشين إبراهيم، قضي بكير، بابا اعمر عبد الرحمن وهم كل ما عندهم، التحقوا بجيش التحرير لمداواة الجرحى، استشهد الأولان في ميدان القتال، والثالث لا يزال حيا ينقذ الأحياء من براثن الموت.
إن المزابيين على وجه العموم أذكياء، لهم وعي سياسي يعملون في كل ميدان بهدوء ولباقة دون أن يستثيروا حنق الاستعمار أو يمكنوه من الإيقاع بهم وصب جم غضبه عليهم، ولولا ارتباطهم أحيانا بغيرهم من إخوانهم الجزائريين في بعض القضايا والمحاولات وإفشاء هؤلاء الأسرار ما نالهم ما نالهم: ضعف غيرهم، فأقر فكان عرضة لنقمة الاستعمار، الأمر الذي يكاد الاستعمار يتميز منه غيظا من ناحية المزابيين يلمس آثاره ويتخيل مصدره لكنه لم يتمكن من وضع اليد على أصحابه إلا قليلا، وفعلا ثار بركان رئيس القاعدة العسكرية بغرداية العقيد "فانسان" فصاح قائلا: "ويلاه إني أتيقن أن هؤلاء المزابين يعملون مع الثوار حقا، ولكن لا سبيل إلى القبض على هؤلاء اللقطاء المناجيس" لعنه الله.
هذه كلمة موجزة عن مشاركة المزابيين في حرب التحرير، وأن تفاصيلها لتستدعي مؤلفات ضخمة، ولعلها لا تلبث أن يصدر شيء منها إن سمحت الظروف.
هذا وقل لصاحبك أرجع إلى كتب التاريخ تستبن موقف المزابيين من مسألة الدفاع الوطني عبر التاريخ:
1. أنظر موقفهم يوم أن استولى "شارلكان" ملك إسبانيا على الجزائر سنة 1542م بمدافعه على مرتفعات القصبة، فأصبحت تحت رحمة نيرانها، من هم الفدائيون الذين أنقذوا دولة الجزائر من نقمته واستعماره، راجع قصة "برج بوليلة".
2. وأنظر موقفهم البطولي في معركة الدفاع عن جنوده قرب البليدة، واسأل عن الأبطال الكثيرين الذين استشهدوا فيها. ولا تزال في البليدة مقبرة شهدائها.
3. وانظر دفاعهم المستميت يوم استيلاء الفرنسيين على مدينة قسنطينة، فلما انجلت المعركة سأل قائد جيش الاحتلال قائلا: من كان يدافع من النقطة الفلانية؟ قيل له إنهم بنو مزاب، فرفع لهم قبعته تحية لبطولتهم والحق ما شهدت به الأعداء.
4. ثم اقرأ إن شئت رسالة والي عموم الجزائر، المارشال "تيرمان" إلى أهالي مزاب يذكر فيها الأسباب التي حملت على استيلائه على مزاب عسكريا رغم المعاهدة المبرمة بينهما، ذلك أنهم كانوا يؤيدون الصحراء ضد فرنسا.
5. وشاركوا في مقاومة الأمير عبد القادر ضد احتلال فرنسا للجزائر، وقد فاوض باسمه أحد المزابيين في معاهدة "تافنة" وكذلك كان أمين خزانته مزابيا.
6. وشاركوا في ثورة الشيخ ابن الحداد.
7. وشاركوا في ثورة "المقراني" الذي استشهد أمام داره بمجانة السيد بولنعاش أحمد بن صالح، وصودرت أملاكه من قبل الفرنسيين كغيره من المشاهير الذين أيدوا الثورة ضدها، إلى كثير غيرها من الحركات الوطنية ضد الاستعمار؛ ألا فليعلم الذين يقومون المواقف المصيرية بالتقويم المادي مبلغ خطئهم في الحساب.
إن دفاع المزابيين عن حمى الإسلام ونصرة المدافعين عنه بالنفس والمال، نابع عن عقيدة دينية يرونه واجبا حتميا سواء كان قبل حرب التحرير أو أثناءها؛ وسواء في الجزائر أو في غيرها من الأقطار الإسلامية، وذلك كتأييدهم للشيخ الباروني في حرب طرابلس ضد إيطاليا، وكحركة الدستور تحت قيادة زعيمها الشيخ عبد العزيز الثعالبي في تونس، وأيدوا كذلك زعيم الريف في ثورته بالمغرب الأمير عبد الكريم الخطابي، وعند كاتبه الشيخ أبي الحسن البغدادي الخبر اليقين، كل ذلك مدون في كتب التاريخ الإسلامية و الأجنبية.
قل لصاحبك: راجع كل ذلك لتعلم حق العلم من هم المزابيون، وما هو موقفهم من الجهاد الوطني، حتى لا يقع أمثالك ممن يرجى منه أن يقول حتى يعلم، عملا بقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أجل، حتى لا يقع في خطأ العوام الساذجين أو المتعصبين الحاسدين، هذا و يمكن أن نقول بكل فخر واعتزاز أن المزابيين هم الذين قاوموا قانون التجنيد الإجباري في عهد فرنسا دون سائر الجزائريين، وامتنعوا أن يطبق عليهم ويسلكوا في الجند الفرنسي، وذلك من سنة 1912 إلى سنة 1943، وانتهى بإلغائه والحمد لله.
هذا وما عسى أن يكون عدد المزابيين حتى يمكن الاستعمار أن يفتح بهم الجنوب؟ فيا ليت شعري من ساعده على تدويخ الشمال حتى وصل إلى المزابيين وهم في الجنوب بعد نيف وخمسين سنة؟ ولو كنا ممن يجازف في القول -ومعاذ الله أن يكون ذلك منا معاذه- لقلنا أولئك هم المنخرطون طوعا في سلك جنديته جماعيا ودوخ بهم المغرب، وغزا بهم البوسفور وأخضع بهم تونس لسلطانه وحمايته، وتألفت منهم جماعات الحركية إبان حرب التحرير.
قل لصاحبك: إن الذي يخاطبك اليوم كان من مساجين الثورة إبان رعونة الاستعمار وكلبه. ولا يعلم إلا الله تلك اللحظات السود التي قضاها في زنزانته وهو ينتظر نهاية أجله من حين لآخر، لما يسمع ويشاهد من مناظر التعذيب والظلم والانتقام، حسبك أن رفيقه الوحيد الذي حمل معه في غربة واحدة، وهو الشهيد باسليمان إبراهيم لمنور، مات تحت العذاب يومئذ؛ هذه حقيقة واقعية لا أذكرها تبجحا كما يفعله مناضلو 19 مارس ولكن لأنفي التهمة عن شعب بريء، علم الله أنه عمل وسعى وعانى ويلات هذه الحرب.
وبالتالي: قل لصاحبك افحص كتب التاريخ واسأل العارفين المصنفين تعلم الحقيقة، ثم قل بعد ذلك ما بدا لك. والسلام.
المصدر: كتاب فتاوى البكري. للشيخ عبد الرحمان بن عمر بكلي. ص135-140.
سؤال:
طالب صرح وسط اجتماع أن المزابين لم يشاركوا في حرب تحرير الجزائر، بل أبعد في النزع فقال: كانوا منهمكين في التجارة وملء جيوبهم وأنهم هم الذين ساعدوا الاستعمار في التوغل في الجنوب. أرجو منكم بيانا وإن موجزا يدحض مزاعم الذين يتهمون المزابين بعدم المشاركة في حرب التحرير.
الجواب:
مشاركة المزابيين في حرب التحرير التي انتهت باستقلال الجزائر -54.62- لا يجهلها إلا من عاش على هامش الأحداث، أو كان من السماعين لأقوال الحسدة المتعصبة من خصوم المزابيين أو من مستأجري الاستعمار لبث البلبلة والتفرقة بين صفوف المسلمين المتساكنين، وإلا فقد شاركوا في الشمال كما شاركوا في الصحراء، وذلك باعتراف قادة الثورة، والرؤساء المسؤولين، تشهد بذلك ملفاتهم وشهاداتهم التي أعطوها كتابة للعاملين معهم، حتى قال بعض المنصفين منهم: "لولا المزابيون ما نجحت ثورة الجزائر" ذلك أن دكاكينهم بالتل، كانت مكاتب ومراكز لرجال الثورة، وديارهم بالصحراء على الخصوص ملاجئ أمينة للمجاهدين قياما بواجبهم المقدس، محتسبين أجرهم عند الله، لا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا، سواء ذكروا أو أغمط حقهم فما عند الله خير وأبقى شاركوا في مختلف الميادين: منهم من حمل السلاح والتحق بجيش التحرير، وظل مجاهدا إلى أن استشهد في ميدان الكفاح، ومنهم من يمد الجيش بالميرة والذخيرة واللباس، ومنهم من يجمع الأموال ويستنهض الهمم وينشر الدعاية، ومنهم من سجن ثم سجن، ومنهم من مات تحت شدة العذاب، ومنهم من خرج من السجن مختل العقل مما لقي أثناء سجنه من أصناف العذاب فلم ينتفع بحياته بعد ذلك إلى أن لقي ربه، ومنهم من تصدى لجمع الأموال ونشر الدعاية داخلا وخارجا حتى في موسم الحج حيث يلتقي أبناء الإسلام من مختلف الأقطار، ومنهم ومنهم ..إلخ. لذلك نجد في مدن الشمال والجنوب أزقة تحمل أسماء بعض المجاهدين المزابيين الذين سقطوا في ميدان الشرف، وحتى مسألة بقاء الصحراء مرتبطة بالجزائر، كان الفضل فيها يرجع إلى مساعي المخلصين من المزابين، فقد كادت أسطورة ديغول- الصحراء الفرنسية- تلعب لعبتها، فأحبطوا بدهائهم مساعي الاستعمار التي كانت قاب قوسين من نجاحها، وحسبك دليلا أن المزابيين كان لهم وقتئذ ثلاثة أطباء: ترشين إبراهيم، قضي بكير، بابا اعمر عبد الرحمن وهم كل ما عندهم، التحقوا بجيش التحرير لمداواة الجرحى، استشهد الأولان في ميدان القتال، والثالث لا يزال حيا ينقذ الأحياء من براثن الموت.
إن المزابيين على وجه العموم أذكياء، لهم وعي سياسي يعملون في كل ميدان بهدوء ولباقة دون أن يستثيروا حنق الاستعمار أو يمكنوه من الإيقاع بهم وصب جم غضبه عليهم، ولولا ارتباطهم أحيانا بغيرهم من إخوانهم الجزائريين في بعض القضايا والمحاولات وإفشاء هؤلاء الأسرار ما نالهم ما نالهم: ضعف غيرهم، فأقر فكان عرضة لنقمة الاستعمار، الأمر الذي يكاد الاستعمار يتميز منه غيظا من ناحية المزابيين يلمس آثاره ويتخيل مصدره لكنه لم يتمكن من وضع اليد على أصحابه إلا قليلا، وفعلا ثار بركان رئيس القاعدة العسكرية بغرداية العقيد "فانسان" فصاح قائلا: "ويلاه إني أتيقن أن هؤلاء المزابين يعملون مع الثوار حقا، ولكن لا سبيل إلى القبض على هؤلاء اللقطاء المناجيس" لعنه الله.
هذه كلمة موجزة عن مشاركة المزابيين في حرب التحرير، وأن تفاصيلها لتستدعي مؤلفات ضخمة، ولعلها لا تلبث أن يصدر شيء منها إن سمحت الظروف.
هذا وقل لصاحبك أرجع إلى كتب التاريخ تستبن موقف المزابيين من مسألة الدفاع الوطني عبر التاريخ:
1. أنظر موقفهم يوم أن استولى "شارلكان" ملك إسبانيا على الجزائر سنة 1542م بمدافعه على مرتفعات القصبة، فأصبحت تحت رحمة نيرانها، من هم الفدائيون الذين أنقذوا دولة الجزائر من نقمته واستعماره، راجع قصة "برج بوليلة".
2. وأنظر موقفهم البطولي في معركة الدفاع عن جنوده قرب البليدة، واسأل عن الأبطال الكثيرين الذين استشهدوا فيها. ولا تزال في البليدة مقبرة شهدائها.
3. وانظر دفاعهم المستميت يوم استيلاء الفرنسيين على مدينة قسنطينة، فلما انجلت المعركة سأل قائد جيش الاحتلال قائلا: من كان يدافع من النقطة الفلانية؟ قيل له إنهم بنو مزاب، فرفع لهم قبعته تحية لبطولتهم والحق ما شهدت به الأعداء.
4. ثم اقرأ إن شئت رسالة والي عموم الجزائر، المارشال "تيرمان" إلى أهالي مزاب يذكر فيها الأسباب التي حملت على استيلائه على مزاب عسكريا رغم المعاهدة المبرمة بينهما، ذلك أنهم كانوا يؤيدون الصحراء ضد فرنسا.
5. وشاركوا في مقاومة الأمير عبد القادر ضد احتلال فرنسا للجزائر، وقد فاوض باسمه أحد المزابيين في معاهدة "تافنة" وكذلك كان أمين خزانته مزابيا.
6. وشاركوا في ثورة الشيخ ابن الحداد.
7. وشاركوا في ثورة "المقراني" الذي استشهد أمام داره بمجانة السيد بولنعاش أحمد بن صالح، وصودرت أملاكه من قبل الفرنسيين كغيره من المشاهير الذين أيدوا الثورة ضدها، إلى كثير غيرها من الحركات الوطنية ضد الاستعمار؛ ألا فليعلم الذين يقومون المواقف المصيرية بالتقويم المادي مبلغ خطئهم في الحساب.
إن دفاع المزابيين عن حمى الإسلام ونصرة المدافعين عنه بالنفس والمال، نابع عن عقيدة دينية يرونه واجبا حتميا سواء كان قبل حرب التحرير أو أثناءها؛ وسواء في الجزائر أو في غيرها من الأقطار الإسلامية، وذلك كتأييدهم للشيخ الباروني في حرب طرابلس ضد إيطاليا، وكحركة الدستور تحت قيادة زعيمها الشيخ عبد العزيز الثعالبي في تونس، وأيدوا كذلك زعيم الريف في ثورته بالمغرب الأمير عبد الكريم الخطابي، وعند كاتبه الشيخ أبي الحسن البغدادي الخبر اليقين، كل ذلك مدون في كتب التاريخ الإسلامية و الأجنبية.
قل لصاحبك: راجع كل ذلك لتعلم حق العلم من هم المزابيون، وما هو موقفهم من الجهاد الوطني، حتى لا يقع أمثالك ممن يرجى منه أن يقول حتى يعلم، عملا بقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أجل، حتى لا يقع في خطأ العوام الساذجين أو المتعصبين الحاسدين، هذا و يمكن أن نقول بكل فخر واعتزاز أن المزابيين هم الذين قاوموا قانون التجنيد الإجباري في عهد فرنسا دون سائر الجزائريين، وامتنعوا أن يطبق عليهم ويسلكوا في الجند الفرنسي، وذلك من سنة 1912 إلى سنة 1943، وانتهى بإلغائه والحمد لله.
هذا وما عسى أن يكون عدد المزابيين حتى يمكن الاستعمار أن يفتح بهم الجنوب؟ فيا ليت شعري من ساعده على تدويخ الشمال حتى وصل إلى المزابيين وهم في الجنوب بعد نيف وخمسين سنة؟ ولو كنا ممن يجازف في القول -ومعاذ الله أن يكون ذلك منا معاذه- لقلنا أولئك هم المنخرطون طوعا في سلك جنديته جماعيا ودوخ بهم المغرب، وغزا بهم البوسفور وأخضع بهم تونس لسلطانه وحمايته، وتألفت منهم جماعات الحركية إبان حرب التحرير.
قل لصاحبك: إن الذي يخاطبك اليوم كان من مساجين الثورة إبان رعونة الاستعمار وكلبه. ولا يعلم إلا الله تلك اللحظات السود التي قضاها في زنزانته وهو ينتظر نهاية أجله من حين لآخر، لما يسمع ويشاهد من مناظر التعذيب والظلم والانتقام، حسبك أن رفيقه الوحيد الذي حمل معه في غربة واحدة، وهو الشهيد باسليمان إبراهيم لمنور، مات تحت العذاب يومئذ؛ هذه حقيقة واقعية لا أذكرها تبجحا كما يفعله مناضلو 19 مارس ولكن لأنفي التهمة عن شعب بريء، علم الله أنه عمل وسعى وعانى ويلات هذه الحرب.
وبالتالي: قل لصاحبك افحص كتب التاريخ واسأل العارفين المصنفين تعلم الحقيقة، ثم قل بعد ذلك ما بدا لك. والسلام.
-------------------------------
المرجع: كتاب فتاوى البكري. للشيخ عبد الرحمان بن عمر بكلي. ص135-140
المصدر: nir-osra.org/