قيم - موقع آت مژاب ... للحضارة عنوان

الأدب المزابي في ظل إشكالية الجمع والتناول

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا 

c 7د. يحيى بن بهون حاج امحمد

يطرح الأدب المزابي عمومًا إشكاليتي الجمع والتناول، أمّا الجمع فيأتي من تشتته في المصادر الشفوية هنا وهناك، بحيث أنَّ كل قصر من قصور وادي مزاب السبعة يحتفي برصيد شفهي متنوع وغني بالقيم الفنية والجمالية، في حين أنَّ إشكاليات التناول تأتي من قلة الإقبال عليه من طرف الطبلة والباحثين، وبخاصة من أبناء المنطقة ممن هم وثيقي الصلة بلغتهم الأم وأعرف أكثر من غيرهم بتفاصيل الحياة اليومية وبالعادات والتقاليد الخاصة بمجتمعهم الصغير...، ولعل ذلك راجعٌ بالأساس إلى عدم وجود مؤسسات تعنى بهذا الجانب من الذاكرة، وعدم إحاطة الهواة بمناهج البحث في هذا المضمار.

وقد وجدت فئة قليلة جداً، تنظر إلى هذا الموضوع عادة بنظرة الانتقاص أو التخوّف، لأنها في تصور بعضهم  قد تكون مدعاة إلى التعصب للبربرية على حساب اللغة العربية أو إلى سبباً لبعث فوارق جهوية على حساب الوحدة الوطنية، غير أنّ الهوية الجزائرية معروفة بتنوّع لهجاتها باتساع رقعتها الجغرافية.

إذ لم يكن ليرد هذا أو ذاك فيما عرفناه  وشاهدناه ، فسكان الصحراء هُم من حمى اللغة العربية ومنعها من الذوبان في بوتقة الاستعمار الفرنسي مدة 132 سنة، تماماً كما ضرب أهلها أروع الأمثلة في الفداء والوطنية، ولنا في شاعر ثورتنا المجيدة مفدي زكرياء أروع الأمثلة وأوضحها، وكانوا فيطليعة من قدموا الغالي والنفيس في سبيل وحدة التراب الوطني واستقلاله، لما عُرض عليهم فصل الصحراء عن الشمال، وجهود الشيخ الإمام إبراهيم بيُّوض لا تخفى على ذي اطلاّع بتاريخ الجزائر الحديث.

لهذه الأسباب وغيرها همّش الأدب الشعبي؛ بالرغم من أنّ القصة الشعبية على أنواعها كانت تُقدّم باللغة المحكية أو بما هو أقرب إلى اللغة المحكية، ولم يكن لها هدف الإثراء اللغوي المكتوب بل التعبير الكلامي عن العواطف من مخاوف وأُمنيات، وبالتالي بأيّ لسان سيعبّر الأديب عن هذا الأدب ؟!

من هذا المنطلق، عندما نتناول القصة الشعبية الحديثة، على اللغة الفصحى أن تلفت الانتباه إلى ذاتها، وهي هنا في صراع آخر بين اللغة الفصيحة الأدبية وبين مقدور القراّء استيعاب هذه اللغة؛ فهل نحن  إذن إزاء اكتشاف وخلق لغة جديدة ما بين المحكية والفصحى؟! أم أننا أمام لغة عربية فصيحة مبنية من طبقات متعددة يستمد منها الطفل الطبقة الأولى المسطحة مع إهمال شحناتها التاريخية ؟! وما عليها أن تورده من أفكار وتجارب بعيدة المدى ؟!

كذلك فيما يتعلق بتدريس هذا النوع من الأدب في المدارس الرسمية أو المعاهد الحرة في مزاب، بالنسبة للتعليم الرسمي فهو في طور الإنشاء لندرة الإطار التربوي المتخصص من جهة، وبالنسبة للتعليم الحر فهو غير مطروق بصورة متكاملة، بل الأمر موكول فيه لبعض المجتهدين، إذ العجز مسجل وواضح ، والمبادرة إليه من طرف إدارة المدارس غير مذكورة بتاتاً، لتبقى بذلك العهدة على البيت وحده، وعلى المجتمع من بعده إن شاء تعاون في هذا الأمر أو تركه.

هذه بعض الإشكاليات التي تطرح نفسها للباحثين المتخصصين، ونفس الكلام من دون مبالغة يقال عن الألسنة البربرية الأخرى كالشَّاوية والشَّلحية والتَّارڤية... وغيرها، كما يطرح بعض الدارسين قضية الخطوالكتابة، هل تكون بالحرف العربي أم اللاتيني  الفرنسي  أم الأمازيغي التِّفِينَاغْ  ؟!!.

مع ذلك لابد من ذكر جهود بعض المجتهدين في الأدب المژابي ومنهم:

عبد الرحمن حواش  في التاريخ والتراث المزابي؛

أو لأخوين عبد السلام المتخصصين في اللغة والنحو المزابي؛

أو حمد نوح مَفْنُون في الحكاية الشعبية المزابية؛

والدكتور عبد الله نوح في الأدب المزابي المقارَن؛

وترشين صالح

وداوي عمر

وعبد الوهاب فخار

وآخرين... في كتابة وأداء الشعر المزابي؛

ولكل هؤلاء وغيرهم أعمال أدبية مطبوعة وتسجيلات سمعية في السوق الجزائرية.

جني التّمور أَنْكَاضْ أَسْحَلِّ نْ أُومْجَارْ

جني التّمور أَنْكَاضْ أَسْحَلِّ نْ أُومْجَارْ(01)

عندما ينضج التمر في فصل الخريف في عراجينه، يأذن مجلس العزابة في المسجد بداية جني التمور، ويعبر عليه باللسان المزابي (إِحَلْ أَمْجَارْ)، وذلك ابتداءً من اليوم الثامن من شهر أكتوبر، ولا يجوز القطع قبل ذلك؛ لأنه يعتبر فسادا لغلة التمر باعتبار أن التمر هو المورد الأساسي للسكان تجب المحافظة عليه، وهذا ما يتماشى مع مقاصد الشرع، الذي يحرم التبذير، وفق قاعدة فقهية "لا يجوز قسمة الغلة على الأشجار إذا لم تدرك".

ولقائد القرارة دور هام في مراقبة القرار ومعاقبة المخالفين لعرف البلد، وذلك بأمر جميع الحراس على مداخل القصر للمراقبة، وإذا وجد عند الفلاحين عراجين قبل الوقت المحدد، عوقب صاحبها بغرامة قدرها 10 فرنك، ويأخذ ذلك العرجون، ويجعله صدقة، ونورد مثالا لذلك في عهد القائد عفاري سجلت مخالفة من شهر أكتوبر 1942م، حيث قام الحراس، بنزع عرجون بلح من الفلاح، الذي دخل معهم في خصام، وشتم كبير الحرس، ورفع أمره لرئيس مكتب ملحقة غرداية، وطلب القائد أن يعاقب بغرامة قدرها خمسين فرنكًا بسبب تعديه للأمر الصادر للعامة، وأيضا غرامة قدرها خمسون فرنكًا بسبب شتمه لقائد الحراس.

بعد الإذن الرسمي لجنْيِ التمر، يتفرغ الجميع رجالا ونساء وأطفالا لحملة جني التمور المحصول السنوي الأساسي، فبالتعاون والعمل الجماعي تصبح الواحة ورشة عمل تتعالى فيها الأصوات بالمدائح والأهازيج التي يطلقها متسلِّقو النخيل في جو حماسي.

إن تمتع سكان القرارة بالروح الجماعية والشعور الجماعي يجعل العمل الصعب سهلا، والكثير قليلاً، وقد يصادف ذلك امتلاء الواحة كلها بمياه وادي زقرير، فيصنع الفلاحون سُفُناً خشبية للوصول إلى بساتينهم لجني التمور، مثل ما عرفته السنوات التالية: 1922-1928-1929-1941م، حيث صادف وقت جني التمور دخول وادي زقرير إلى الواحة.

أَنْكَاضْ ( جني التّمور )

مقطع مقتبس من حصة مرحبا للقناة الرابعة "الأمازيغية" للتلفزيون الجزائري حول "كتاب معالم الحضارة في واحة القرارة" للباحث: إبراهيم بن محمد ويرو الحاج يحي. بتاريخ 31-08-2017.

رابط الفيديو الأصلي

 

-------------------------------

(01): كتاب معالم الحضارة في واحة القرارة. المؤلف: إبراهيم بن محمد ويرو الحاج يحي. ص51-53.

 المصدر https://nir-osra.org

حياة بني مزاب الاقتصادية

حياة بني مزاب الاقتصادية في بلاد الشبكة

كان يعيش أغلبهم على تربية المواشي، والتنقّل بها عبر أرجاء الشّبكة، بحثا عن الماء والكلأ. فكانت حياتهم في منتهى البساطة، شأنهم في ذلك شأن قبائل البدو في كلّ مكان.

يقول الشّيخ ع لي يحيى معمّر[1]:" وحافظوا (أي سكّان بلاد الشّبكة) على نظام حياتهم، كشعب يعتمد على تربية المواشي بالدّرجة الأولى وعلى الزّراعة الموسميّة بالدّرجة الثّانية"[2].

أمّا صناعتهم فكانت تقتصر على نسج الخيام والألبسة من الوبر، فلم يكونوا يتعاطون نسج الصّوف إلا ما كان يشتغل به سكّان قرية الصّوفية (أَغَرْمْ نَتْلَزْضِيتْ)، وهو ما ميّزهم عن باقي بني مصعب وأدّى إلى تسميت قريتهم تلك[3]:.

 


[1]_ علي يحيى معمّر (1338-1400هـ/ 1919-1980م)، ولد بنالوت في ليبيا وتعلّم بها، ثمّ سافر إلى تونس سنة 1346هـ/ 1927م، والتقى بشيخه رمضان الليبي بمدرسة الإباضية، وهناك تردّد على دروس جامع الزّيتونة. ثمّ لمّا بلغه صدى معهد الحياة بالقرارة رحل إليه سنة 1357هـ/ 1938م، حيث بقي سبع سنوات يحضر دروس الشيخ بيوض ويساعده على التّدريس. رجع إلى نالوت سنة 1366هـ/ 1945م، اهتمّ مدّة بالسّياسة، ثمّ تفرّغ للتّدريس، فارتقى في سلّم التّعليم، حتّى استقرّ بوزارة التّعليم في منصب إداري سام. وفي الأثناء قام بعدّة رحلات في العالم العربي وأنتج عددا من المؤلّفات نذكر منها:

-الإباضية في موكب التّاريخ (أربع حلقات).

-الإباضية بين الفرق الإسلامية.

-سمر أسرة مسلمة.

-الفتاة الليبية ومشاكل الحياة.

-الأقانيم الثّلاثة.

- أحكام السّفر في الإسلام.

- الميثاق الغليظ.

-الإسلام والقيم الإنسانية.

- فلسطين بين المهاجرين والأنصار.

الإباضية مذهب من المذاهب الإسلامية المعتدلة.

توفّي يوم الثلاثاء 27 صفر 1400هـ/ 15 جانفي 1980م.

[2]_ الإباضية في الجزائر، الجزء الثّاني، 448.

[3]_ تاريخ بني مزاب. دراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية. يوسف بن بكير الحاج سعيد. ص12-13

خصائص اللسان المزابي

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا 

c 7د. يحيى بن بهون حاج امحمد

قبل الولوج إلى صلب الموضوع أرى أنه من الواجب ضبط بعض المصطلحات وتحديد بعض المفاهيم التي سيدور الحديث عنها ومنها خاصة: "الأدب المزابي"، فالأدب هو معظم ما عرف من الأجناس الشعرية والنثرية، ومازب: هي بلاد الشَّبْكَة الهضبة الصخرية الكلسيّة التي تقع شمال صحراء الجزائر، وتمتاز عن بقية المناطق المجاورة لها بطبيعتها القاسية)1)

وسكانها الأصليون بربر وهم بني مصاب أو مزاب، ولغتهم المزابية، وهم بطن من زناتة كما يرى ابن خلدون وآخرون: "... وقصور مصاب سكانها إلى هذا العهد شعوب بني بادين من بني عبد الواد وبني توجين ومصاب وبني زردال فيمن إنضاف إليهم من شعوب زناتة، وان كانت شهرتها مختصة بمصاب..." (2)

وقد بنو العديد من القرى على ضفاف واديهم، منها ما اندثر ومنها ما لا يزال عامارًا إلى اليوم، أمّا الحاضر منها فقُرى: تَجْنِينْتْ العطف، آتْ بُنُورْ بنورة، آتْ يَسْجَنْ بني يزڤن، تَغَرْدَايْتْ غرداية، آتْ مْلِيشَتْ مليكة، آت إِبَرڤانْ بريان، وتِڤْرارْ الڤرارة، وان كانت بريان والقرارة بعيدتان نسبياً عن وادي مزاب ولكن سكانها يتكلمون المزابيةوتربطهم بسكان الوادي أواصر القرابة والمذهب.

واللغة المزابية أصلها زناتية، وهي قريبة جداً من الڤورارية والشَّاوية والشَّلحية والنفوسية، ومن خصائصها الابتداء بالساكن كقولهم:  تْمارْتْللِّحية، وتْفُويْتْ  للشمس، ومن خصائصها أيضا اجتماع ساكنين أو أكثر كما في المثالين السابقين، وتاء التأنيث تكون في أول الاسم مثل تَفُونَسْتْ للبقرة، وقد ترد في آخره تْوَارْتْ  للبؤة..؛ والمزابية غنية بالتراكيب المتناسقةوالمفردات الجزلة والعميقة، وغنية بالأمثال والكنايات التي من شأنها الإيجاز، وما يُغني عن كثرة الكلام، كما أن في المزابية شعر مناسبتي كثير، وهو للرجال والنساء والأطفال.

وقد تأثرت كثيرًا باللغة العربية لغة القرآن الكريم، وقد استطاع المزابيون صياغة الكثير من المفردات العربية على قواعد لغتهم فانسجمت معها بشكل كبير حتى صارت جزءا منها، وقد لا ينتبه إليها إلا من دقق النظر فيها، فكلمات: أَژُمِي، ضْزاَلِّيتْ، أَمْبَارَش... أصولها عربية، وهي تعني على الترتيب: الصوم، الصلاة، المبارك (3)

--------------------------

(1) حاج سعيد يوسف، تاريخ بني مژاب، المطبعة العربية غرداية الجزائر 1991  ط 1 ص 9

(2)امحمد بن يوسف أطفيَّش، الرسالة الشافية، طبعة حجرية، ص 35

(3)  حاج سعيد يوسف، تاريخ بني مزاب، ص 16-17 بتصرف

Lalla Belghouya

Icon 08

Lalla Belghouya, un moineau du Mzab que les mozabites aiment beaucoup

Quand on la voit atterrir, elle est un porte bonheur.

Sa couleur noire et son bout blanc nous dit qu'au bout de chaque difficulté il y a de l'espoir!

 

Lalla Belghouya, a Mzab sparrow that the Mozabites love very much

When one sees it land, it is a lucky charm.

Its black color and its white tip tells us that at the end of each difficulty there is hope!

 

Lalla Belɣuya d iggen wajḍiḍ n weɣlan illan at mẓab axent ameč

Mi xezrant, xezran dis ammal di tzeɛṃi

Tabbercentes d tamelli n ixfawnes, qarentaneɣ beli ixef n wac wecrus illa waṛẓam !

 

ⵍⴰⵍⵍⴰⴱⴻⵍⵖⵓⵢⴰⵉⴳⴳⴻⵏⵡⴰⵊⴹⵉⴹⵡⴻⵖⵍⴰⵏⵢⴻⵍⵍⴰⵏⴰⵜⵎⵥ̣ⴰⴱⵅⵙⴻⵏ-ⴰⵎⴻ

ⵎⵉⵅⴻⵣⵔⴰⵏ-,ⵅⴻⵣⵔⴰⵏⴷⵉⵙⴰⵙⵉⵔⴻⵎⴷⵉⵜⵣⴻⵄⵎⵉ

ⵜⴰⴱⴱⴻⵔⵛⴻⵏⵜⴻⵙⵜⴰⵎⴻⵍⵍⵉⵉⵅⴼⴰⵡⵏⴻⵙⵇⴰⵔⴻⵏⵜⴰⵏⴻⵖⴱⴻⵍⵍⵉⵉⵅⴻⴼⴰⵛⵡⴻⵛⵔⵓⵙⵉⵍⵍⴰⵡⴻⵔ̣̣ⴰⵎ

لالة بلغوية، طائر صغير يحبه المزابيون كثيرا

حينما يرونها، يرون فيها بشائر الخير

سوادها وبياض أطرافها تقول بأن في نهاية كل مشكل، هناك أمل

لالا بلغويا د يڤن وجضيض ئي لان ات مژاب خسن-ت آمتش

مي خزرنت، خزرن ديس آسيرم1 دي تزعمي

تابرشن-تس د تملي ن ئيخفاون-س قارنتانغ بلي ئيخف ن آش وشروس ئيلا ورزام

......

1 أسيرمⴰⵙⵉⵔⴻⵎ asirem =الأمل

بقلم  khaled ugɣersan

آت مزاب فرع من بني واسين

Icon 09اصل "ات مزاب" هي فرع من "بني واسين"

عن ابن خلدون الدي اخد عن ابن حزم الاندلسي الدي هو ايضا اخد عن ابن برزال البويكني الاباضي، فحسب ابن خلدون فإن كتامة وصنهاجة لما اختلفتا مع زناتة في المغرب الأقصى قامت جميع القبائل المنحدرة من جدها {واسين} واجتمعت في منطقة وادي زا ووادي ملوية، وهناك نمى العنصر الزناتي بشدة وتوسعت فروعهم، ووقعت حروب شديدة مع القبائل الأمازيغية الأخرى حتى استقر بهم المقام على الحدود المغربية الجزائرية "تلمسان ووجدة"، وبرز في الساحة الفرع المزابي ، ثم الفرع المريني التي تقوت عناصره حتى استولوا على حكم المغرب والجزائر معا، ففي المغرب تولى المرينيون حكمه وفي الجزائر تولى بني عبد الواد حكمه، بعد القضاء على الدولة الموحدية المصمودية يقول ابن خلدون: "وكان بنو واسين هؤلاء و من تشعب منهم مثل بني مرين وبني توجين وبني مصاب قد ملكوا القفر ، وانزاحوا أمام صنهاجة إلى صحراء المغرب و المغرب الأوسط ما بين ملوية إلى أرض الزاب وما إليها من صحاري إفريقيا ، إذ لم يكن للعرب في تلك الجهات كلها مذهب ولا مسلك إلى المائة الخامسة " ونجد الان اماكن تواجد اسم قبيلة بني واسين في مغنية بتلمسان .تحدثت مع صديق من مغنية قال لي ان اغلب سكان لالة مغنية وضواحيها من بني واسين . ايضا يوجد قبيلة بني واسين في مدينة وجدة المغربية . ايضا يوجد اسم قبيلة بني واسين في المغرب جنوب مدينة طنجة.....الخ بنو واسين قبيلة كبيرة جدا تفرعت الى فروع كبيرة واماكن تواجدهم في اماكن كثيرة من شمال افريقيا من ليبيا حتى المغرب .

آثار الدولة الرستمية

آثار الدولة الرستمية

image1

هذه صورة مسجد الإمام أفلح يبعد بحوالي 1 إلى 1,5 كلم عن مقام الإمام يعقوب.

 

 

 

 

 

 

image1

على بعد 9 كلم من مدينة تيارت وبالضبط بمنطقة "تاكدامت" توجد آثار عاصمة الدولة الرستمية "تيهرت".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

image1image1

بقايا الحمامات بتاكدمت

Les vestiges de bains a tagdempt 

 

 

 

image1

Monnaies de la dynastie des Rustamides

 

 

 

 

image1

Une pièce de 2 DA en or, de 6,45gr, tiré à 100 exemplaires seulement.

 

 

 

image1

من اصدارات الجزائر من العملات الفضية و الذهبية سنة 1991دينار ذهبي --6.45غ --تحمل شعار الدولة الرستمية.

 

 

 

 

image1Ruines de Tahert

Colin G. S., Monnaies, 1936, p. 118 et 123-124 Eustache D., Monnaies de Tahert, 1962, p. 75.

 

قصور تعود إلى الأباضية الدولة الرستمية(1)

تاندلا  تامرنة  سيفاو تاوغلانت تيڨديدين  هي قصورة مهجورة بضواحي جامعة ، حسب احد اهل المنطقة هي قصور تعود إلى الأباضية وتاريخ الدولة الرستمية.

---------------------------

(1) منقول Youcef Lassakeur 

 

ألبوم الصور

 

آفاق تناول الأدب المزابي بالدراسة والبحث

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا 

c 7د. يحيى بن بهون حاج امحمد

يقوم فريق بحثنا الطموح على حل مشكلة المعرفة بالتراث الوطني وتاريخه الأدبي، من خلال الإسهام فيتجميعه وتصنيفه، حيث أنّ التأريخ للحركة الأدبية في وادي مزاب نموذجٌ عملي، ومثالٌ ضمن منظومة أدبية وثقافية وطنية شاملة ومتعددة الأشكال والأجناس واللغات والثقافات، في سبيل الوصول مستقبلا ومع جهود الباحثين الآخرين هنا وهناك إلى تدوين شامل لتراث الأمة الأدبي والثقافي.

وأما عن اختيار بيئة وادي مزاب، فيعود إلى جملة من الأسباب الموضوعية مثل: القرب المكاني لموضوع البحث من الباحثين في جامعة غرداية، وكذا الثراء الكبير للمنطقة في هذا الجانب مع قلة الدراسات المماثلة.

أ - الفرضية العامة للبحث:

تكون الفرضية العامة للبحث على النحو الآتي:

- 1أهمية الثقافة الشعبية ودورها في تركيز الشخصية الوطنية .

- 2الأدب المزابي في ظل إشكالية الجمع والتناول.

- 3خصائص اللِّسان المزابي .

- 4أعلام الأدب المزابي .

- 5استقصاء أجناس الأدب المزابي .

-الحكاية والأسطورة والقصة الشعبية  تنفوستْ

-قصص الأطفال  تِنفاس ن ؤتشيدن

-الشعر الشعبي  إزلوان

-  الفنون المسرحية  تَسُنايتْ  

- الأمثال والحكم الشعبية إنزانْ

-  الألغاز والأحاجي  ألاَّون

- 6 خصائص وفنيات الأدب المزابي .

- 7 آفاق تناول الأدب المزابي بالدارسة والبحث .

- 8 طبع ونشر مجموع الأعمال التي تم جمعها.

ب - حيثيات المشروع :

تكون الدارسة على النحو الآتي:

المرحلة الأولى: استقصاء أجناس الأدب المزابي .

- الحكاية والأسطورة والقصة الشعبية  تنفوستْ

- قصص الأطفال تِنفاس ن ؤتشيدن

- الشعر الشعبي إزلوان

- الفنون المسرح تَسُنايتْ

- الأمثال والحكم الشعبية إن ا زنْ

- الألغاز والأحاجي ألاَّون

المرحلة الثانية: إبراز خصائص وفنيات الأدب المزابي.

دراسة مجموعة من النماذج المختلفة حسب الأجناس الأدبية المطروقة في البحث

المرحلة الثالثة: مراجعة وتنقيح ثم طبع ونشر مجموع الأعمال المنجزةوالمحققة.

مشاركة الأستاذة في هذو المرحلة بتصحي وتنقي الأبحاث المنجزة.

إصدار الأعمال المنجزة ضمن مطبوعات توزع على الطلاب وتودع في المكتبات الجامعية.

ج - من أهداف المشروع :

يهدف مشروعنا إلى تحقيق الآتي:

- 1 الإسهام في جمع وتدوين الت ا رث الأدبي الوطني الشفوي والمكتوب.

- 2 تثمين وجود الجامعة في المنطقة من خلال تفعيل العلاقة بينها

وبين المحيط.

- 3  تسخير القد ا رت العلمية في خدمة ت ا رث المنطقة وترقيتها بالبحث

العلمي المتخصص.

- 4 الحفاظ على ذاكرة الأمة من خلال الاهتمام بنموذج تراث وادي مزاب تجميعاً وتصنيفاً ودراسة.

- 5 فت المجال للطلبة الباحثين لتناول موضوعاتهم البحثية في هذا المجال.

د- المنهجية والوسائل المعتمدة:

- 1 الجانب النظري: استقصاء أجناس الأدب المزابي والتعريف بها .

- 2 الجانب التطبيقي:  الوسائل – أدوات البحث :

- دراسة نماذج ونصوص المختلفة حسب الأجناس الأدبية المطروقة في البحث.

- مشاركة الأستاذة في هذه المرحلة بتصحيح وتنقي الأبحاث المنجزة.

- إصدار الأعمال المنجزة ضمن مطبوعات توزع على الطلاب وتودع في المكتبات الجامعية.

هـ - الخطة الأولية

المرحلة الأولى: استقصاء أجناس الأدب المژابي الماهية والأشكال

المرحلة الثانية: إبراز خصائص وفنيات الأدب المزابي.

المرحلة الثالثة: المراجعة والتنقيح .

المرحلة الرابعة: طبع ونشر مجموع الأعمال المنجزة والمحققة.

و- المؤسسات والقطاعات المعنية:

* مؤسسات أكاديمية

- جامعة غرداية، وجامعات وطنية ومغاربية.

- مخابر بحث متنوعة في الجامعات الوطنية.

* وزارات وهيئات إدارية

- وزارة الثقافة الجزائرية.

- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

- المحافظة السامية للغة الأمازيغية الجزائر (HCA .)

- معهد المخطوطات العربية.

* هيئات غير حكومية

- جمعيات التراث في غرداية وضواحيها.

- جمعيات ثقافية وتراثية في صحراء الجزائر  ورقلة، البيض، أدرار، بشار.

- جمعيات ثقافية وتراثية في تونس وليبيا والمغرب.

* وسائل الإعلام

- مجلات دوريات وطنية

- مجلات ودوريات عربية.

عقد اتفاقيات تعاون: نطمح إلى عقد اتفاقيات شراكة وتعاون مع مخابر بحث متخصصة في التراث الأدبي المغاربي، قصد التواصل وتبادل الخبرات مع الأساتذة من ذوي الاختصاص.

ز - آفاق المشروع:

- استقصاء أجناس الأدب الم ا زبي )الماهية والأشكال( .

- إبراز خصائص وفنيات الأدب المزابي.

- طبع ونشر مجموع الأعمال المنجزة والمحققة.

- استقصاء مجموعة من الفنيات التي يحوزها الأدب الم ا زبي.

- ترسيخ جدوى عقد دراسات أكاديمية متخصصة حول الأدب المزابي.

- التعريف بمجموعة معتبرة من أعلام وأدباء الأدب المزابي المغمورين.

- المساهمة في حل إشكاليات الأدب المزابي الشفهي.

-  خلاصة وتوصيات:

في حقيقة الأمر إن موضوع عرضنا هذا واسع ومتشعب، ولكن المبدأ القائل: "ما لا يُدرك كله لا يُترك جلّه"، هو الذي يدفعنا إلى خوض غماره، لذا يظل هذا الموضوع  دون شك  بِكراً وبحاجة إلى المزيد من البحث والتنقيب.

وقد جرت عادة الملتقيات أن يخلص المشاركون إلى وضع بعض التوصيات أو المقترحات العملية التي يرجون تحقيقها مستقبلا فيما يخدم أهداف الملتقى وطموحاته، ومن هذه التوصيات ما يأتي:

أولا : إنَّ مجالات الأدب التي ذكرناها من حكاية وشعر ومسرحية، ومن أحجية ولغز... جميعه متعلّقٌ بواقع حياة المزابيين، وهي حاضرة في يوميات النساء والرجال والأطفال، وتظل جميعها بحاجة إلى التسجيل أو لجمع، والى التوثيق والدراسة والنشر...؛ من هنا ندعو مخابر البحث والفرق البحثية المتخصصة والتي تشتغل برصد التراث الأدبي واللغوي إلى التصدي إلى هذا التراث الدسم بتدوينه وتقديمه للقراّء، لتحصل منه الفائدة ويقع من خلاله التواصل بين الأجيال.

ثانياً: إنَّ دور بعث تراثنا الأدبي الصحراوي مهمة الجميع بداية من الأسرة تليها الروضة والمدرسة، ثم الجمعيات الثقافية التي يمكنها تنظيم ورشات تُعنى ببعث هذا التراث، ومنها أيضاً تشجيع التأليف والنشر في هذا المجال، وتسطير المسابقات التحفيزية للأطفال، لغرض تخصيب فكرهم ودفعهم إلى التعرف على ذاكرتهم الشعبية، وما أحوجنا إلى رصد القيم التربوية والخُلقية التي أنشأ بها الأسلاف أبنائهم، وقد كانوا يسعون إلى تكوين الفرد الصالح والأسرة السعيدة والوطن الفاضل.

ثالثاً: إنَّ التنوع الجغرافي والثراء الثقافي لبلدنا الكبير يستوجب منا بالفعل بدل المزيد من الجهد في سبيل تثمين هذا التراث والتعريف به، وذلك من خلال عقد مثل هذه الملتقيات التي نطمح أن تنتقل من الوطنية إلى المغاربية، لما يربط أوطان مغربنا الكبير من أواصر الأخوة واللِّسان والعادات الاجتماعية المتقاربة.

قائمة المصادر والمراجع:

معجم أعلام الإباضية، لجنة من الباحثين، نشر جمعية التراث غرداية،

حاج سعيد يوسف، تاريخ بني مزاب، المطبعة العربية غرداية، الجزائر، ط 2

امحمد بن يوسف أطفيَّش ، الرسالة الشافية، طبعة حجرية، مكتبة القطب ببني يزجن.

القرادي، رسالة في بعض عادات وأعراف وادي مزاب، تحقيق، يحي حاج امحمد، جمعية النهضة، غرداية، ط 2

عبد الوهاب حمو فخار، "إِمَطَّاوَنْ نَلْفَرْحْ "  دموع الفرح ، ديوان شعر، المطبعة العربية ، غرداية، ط 2

عبد الوهاب حمو فخار، "إِمَطَّاوَنْ إزوقاغن"  الدموع الحمراء  ديوان شعر، المطبعة العربية غرداية، ط 2

عبد الوهاب حمو فخار، " تَايدَ رتْ نْ وغْ لا نْ "  سُنبلة ميزاب مسرحية، مطبعة الواحات،

غرداية، ط 2، مارس .

صالح عمر ترشين، "ؤُول إنّوُ "  يا قلبي، ديوان شعر، المطبعة العربية، غرداية، ط 2

عمر سليمان بوسعدة، "أحوَّفْ نْ وَغْلاَنْ "  أناشيد ميزاب، ديوان شعر، المطبعة، الجابرية، غرداية، ط 2

عبد الرحمن حواش ، "إلسنغ" لساننا  5 أقراص مدمجة تحوي حلقات إذاعية حول التراث المزابي، إذاعة غرداية، 

أخطاء في تاريخ مزاب

cromosom مزاب والجين الأمازيغي E1B1B1BM81 

أصل المزابيين(01)

  المزابيون أمازيغ من قبيلة زناتة , موطنهم الأصلي هو شمال إفريقيا كسائر الأمازيغ ، و الفحوص الجينية les tests genetiques  تبين أن المزابيين يحتوون على الجين الأمازيغي e1b1b1bm81بنسبة عالية تفوق 86% و هذه النسبة الأعلى من بين كل أمازيغ الجزائر.

  والدراسات اللسانية البربرية تؤكد أن لغتنا المزابية زناتية متقاربة مع لهجات الزناتيين و قد وجدت خطوط و رسوم بربرية تعود إلى ما قبل الإسلام في ناحية سيدي مبارك ببريان و في مناطق عديدة من واد مزاب لم يأت المزابيون من تيهرت بل كانوا أيام الدولة الرستمية متواجدين في واديهم و كانوا على مذهب المعتزلة و لا تزال مقبرة أجدادنا المعتزلة موجودة إلى اليوم ، بل يذكر الشيخ أطفيش أن المزابيين كانوا يحاربون الرستميين نعم بعد هجوم العبيديين على تيهرت نزح الإمام يعقوب بن أفلح إلى سدراتة مع أفراد و عائلات بربرية معدودة ، و هي عروفة إلى اليوم في وارجلان مثل عائلة بافلح ، و البقية بقيت في تيهرت و انصهرت و المزابيون تحولوا إلى المذهب الإباضي بعد القرن الرابع الهجري على يد الشيخ محمد بن بكر الفرسطائي و الشيخ بابا والجمة و الشيخ ابراهيم بن مناد العطفاوي... رحمهم الله تعالى معنى ذلك أنهم لم يعرفوا الإباضية السياسية بل انخرطوا مباشرة في الإباضية الإجتماعية التي جاءهم بها الإمام الفرسطائي بيان ذلك أن آخر الأئمة الرستميين لما عرضت عليه الإمامة في سدراتة قال : إن الجمل لا يستتر بالغنم , بمعنى انتهى عصر السياسة , و كان المزابيون إلى ذلك الوقت معتزلة , ثم تبنوا الإباضية العقدية الفقهية الإجتماعية.

 

cromosom دراسة جينية(2)

تقع منطقة (اغزر) وادي مزاب جنوب الجزائر، هي عبارة عن هضبة صخرية كلسيه متميزة بقساوسة طبيعتها الصراوية الجافة، لقد عرف بنو مژاب بإرادتهم الفولاذية في تحدي تلك الظروف الطبيعية الصعبة، ومما لا شك فيه أن العوامل التاريخية والجغرافية جعلتهم في عزلة، لكن هذا الانعزال كان أمر هام جدا لعلماء الجينات، فقد وجدوا أن بني مژاب أحسن مثال لتحديد الأصول الجينية لعرقية الأمازيغ.

ففي دراسة جينية حديثة نشرت هذا العام : أخذ العلماء عينات من 67 شخص ينتمون إلى بني مزاب في الجزائر :

أولا لتحديد جيناتهم الأبوية  أ(صول أبائهم)

وثانيا لمعرفة ما إذا كانوا :

مجتمع عرقي ؟  (ينتمون إلى عرق واحد ؟)

أو مجتمع مذهبي ؟  (من أصول عرقية مختلفة جمع بينها العامل الديني  ؟)

أم هم مجتمع إثنو-ديني ؟  (مجتمع عرقي وديني في نفس الوقت)

كانت النتائج على النحو التالي :

جاءت جينات المشاركين في الدراسة على النحو التالي :

السلالة المتصدرة هي السلالة الشمال افريقية  E-m81

بنسبة الأغلبية الساحقة 86.5 بالمئة

والنسبة المتبقية 13.5 بالمئة تتقاسهما 7 سلالات مختلفة

أهمها السلالتين R1B1* + E-m2بنسبة 3 بالمئة لكلاهما

ثم بقية السلالات بنسبة 1.5 بالمئة لكل سلالة

نتائج الأصول الأبوية لبني مزاب غرداية الجزائر

 

وبمقارنة نتائج بني مزاب الجزائر مع نتائج دراسات جينية عن تجمعات أمازيغية من شمال افريقيا، 3 منها من المغرب والرابعة خاصة بجينات واحة سيوة (مصر) ، لوحظ أن بني مزاب الجزائر يحملون نفس بصمة الجد المشترك (الأصول الأبوية القديمة) مع أمازيغ المغرب، فالسلالة المتصدرة في جينات بني مزاب الجزائر هي نفسها المتصدرة في جينات أمازيغ المغرب E-m81بنسبة كبيرة كذلك تصل إلى 79 بالمئة في المغرب، ما يجعلها بامتياز البصمة الوراثية لجينات الأصول الأبوية للأمازيغ.

نتائج نسب السلالات الجينية الأبوية المنتشرة في جينات 5 تجمعات أمازيغية من شمال افريقيا

 أكدت الدراسة أن هذه السلالة (البصمة الوراثية) هي سلالة شبه منعدمة خارج شمال افريقيا وتنتشر أساسا (بكثرة) في التجمعات الأمازيغية، كما أشارت الدراسة بالرغم  من أن بني مزاب يحملون في غالبيتهم الساحقة نفس السلالة مع أمازيغ المغرب إلأ أن هناك بٌعد بيني بين الإثنين (اختلاف في التحورات السفلية)، فبني مزاب يتميزون عن البقية  في فروعهم السفلية وهو ما يفسر تاريخيا بانعزال حتى على بقية الأمازيغ.

------------------

 (01)المصدر: منشور في الفايسبوك لـ محمد الرياني

 (02)  بتصرف من موقع   tribusalgeriennes   02   01

أصل المزابيين 39: البربر يفضلون بناء القرى إغرمان

أصل المزابيين 39: البربر يفضلون بناء القرى إغرمان

Icon 09

منذ القديم عرف البربر بناء القرى المتجاورة لا المدن الكبيرة إلا القليل مثل قفصة و طنجة العريقتين منذ ما قبل الميلاد.

و زناتة في قورارة و تميمون و ورقلة و مزاب يسمون القرية أغرم أي قصرا .

و منه اصطلح الأكاديميون على تسمية الحضارة : تاغرما

كان بربر الصحراء قديما في عهد الرومان و ما سبق يسكنون الأكواخ , و يذكر سالوست المؤرخ الروماني المتوفى سنة (34ق-م) ان في بوادي افريقيا اكواخا متطاولة الشكل منحنية السقف تشبه هيكل سفينة مقلوبة.

ستيفان قزال " تاريخ افريقيا الشمالية " 5/193

ثم تطور الأمر إلى سكن خيام من وبر خاصة بعد أن استخذم الجيتول الجمال بشكل كبير بعد القرن الثالث الميلادي حسب مؤرخي الرومان و قبل ذلك حسب الدكتور محمد العربي عقون . أنظر كتابه : " الإقتصاد والمجتمع في الشمال الافريقي القديم " 23

و بناء القرى المتجاورة أثّر على الفقه الاباضي المغربي لا المشرقي فاصطلح علماء الاباضية المغاربة على مصطلح : اتخاذ الحوزة.

و الحوزة يعنون بها القرى المتجاورة و المتشابكة عرفيا و اجتماعيا و اقتصاديا , فيرى علماء نفوسة أن لا يقصر المسافر الصلاة إلا بتجاوز حدود الحوزة لا حدود القرية , و أقرعلماء مزاب هذه الفتوى , فالشيخ بيوض أفتى للقراريين بأن لا يقصروا الصلاة إلا بعد تجاوز بريان بفرسخين.

أما الفقهاء العمانيون فيحسبون مسافة القصر من القرية.

بقلم  Med EL Berriani

أصل المزابيين 38: متى سكن البربر في الصحراء

أصل المزابيين 38: متى سكن البربر في الصحراء

Icon 09

من خلال الآثار الأركيولوجية من أدوات حجرية مستعملة و نقوش و رسوم صخرية فإنه لم يعد هناك شك في أن الصحراء و منها مزاب كان فيها سكان منذ العصر الحجري القديم أي ما قبل 400 قرن.

أما إذا رجعنا إلى التاريخ السردي فإننا نجد المؤرخين الرومان القدامى قد كتبوا قليلا عن الصحراء و سكانها أمثال Strabonو Pomponius...وهؤلاء حسب ما ينقل عنهم ستيفان قزال في كتاب " تاريخ افريقيا الشمالية " في غير ما موضع أن الرومان هم من تسبب في نزوح الكثير من البربر إلى الصحراء بعد تجريدهم من أراضيهم الخصبة في الشمال.

و لذلك انخرط بربر الصحراء الجيتول في المقاومات الأمازيغية للرومان خاصة مع يوغرطة و تاكفاريناس.

أما ابن خلدون فيذكر في مرات عديدة في كتاب " العبر و ديوان المبتدأ و الخبر " أن زناتة اندحرت إلى الصحراء بعد حروب قامت بينها و بين صنهاجة و كتامة, و يعتبر ابن خلدون هجرة بني مصاب بن بادين من الشمال الغربي إلى الصحراء من هذا القبيل.

وصف ابن خلدون قصور مزاب بدقة و قال :

"وسكانها لهذا العهد شعوب زناتة، وإن كانت شهرتها مصاب "

و يذكر كذلك أن بني هلال قد غلبوا زناتة على الزاب و تسببوا في هجرتهم نحو الصحراء و مناطق أخرى.

هذا عن البربر عموما , أما البربر الإباضية فبالإضافة إلى ما سبق أزاحهم عن بلاد الجريد و عن بعض نواحي جربة و جبال دمّر.... إلى الصحراء المعز بن باديس الصنهاجي الموالي للعباسيين وعن الزاب حماد بن بلكين عامل الدولة الحمادية على الزاب.

الخلاصة أن من سكان مزاب من يرجع أصله إلى إنسان العصر الحجري و أمازيغ الجيتول و منهم من التحق بهم بعد هجرات اضطرارية في زمن الرومان وبعد الإسلام.

بقلم  Med EL Berriani

أصل المزابيين 40 : من الحضارة القفصية إلى البربرية الاباضية

أصل المزابيين 40 : من الحضارة القفصية إلى البربرية الاباضية

Icon 09

كثيرا ما يتساءل المهتمون عن الحلقة المفقودة في تاريخنا .

أعتقد أنه لا توجد أية حلقة مفقودة على الأقل منذ العصر الحجري الوسيط المسمى بالحضارة القفصية إلى عصرنا الحالي.

المؤرخون و اعتبارا لمعطيات أركيولوجية و جينية يعتبرون إنسان العصر الحجري الوسيط الذي عاش في الصحراء وكل ربوع شمال افريقيا قبل أكثر من 90 قرنا هو سلف الإنسان النيوليثي الذي هو سلف الإنسان البربري.

قال مثلا جبرييل كامبس عن أناس العصر الحجري الوسيط المصطلَح على تسميتهم بالقفصيين أنهم أول المغاربة دون تهور على رأس الخط البربري قبل 9000 سنة.

les premiers Maghrébins que l’on peut, sans imprudence, placer en tête de la lignée berbère. Cela se situe il ya quelque 9000 ans.

G. Camps : Encyclopédie berbère .10

و يؤكد الباحث PIERRE ROFFOمن خلال بحثه الميداني

NOTE SUR LES CIVILISATIONS PALEOTITHIQUE AU MZAB

وجود معالم و آثار تلك الحضارة بمزاب فيقول :

D'après l'étude de ces stations il ressort, de façon indubitable, que le Paléotithique moyen et supérieur, est largement représenté dans le M’zab.13

تأتي بعدها المرحلة النيوليثية و تبلور الكيان البربري المحاذي للفراعنة المصريين

Les premières mentions des berbères, remontent à l’antiquité pharaonique . Camps... 01

هذه المرحلة البربرية الأولى في كل شمال افريقيا تسمى المرحلة الليبية Libyco berbere

و قد وجد الباحث ABONNEAU  وغيره آثار تلك الفترة الليبية كثيرة في مزاب , فيقول في كتابه :

PREHISTOIRE DU MZAB :

La caractéristique première des gravures de la période libyco-berbère est leur grand nombre .67

ثم تأتي مرحلة الأمازيغ الجيتول أي الصحراويين و علاقاتهم مع الأمازيغ النوميد و أوضاعهم مع الرومان و مناصرتهم يوغرطة و تاكفاريناس و حنيبعل... في حروبهم ضد الرومان ..

ثم مرحلة الإسلام و تبني مذهب المعتزلة , و أخيرا تبني الإباضية الفرسطائية الإجتماعية التربوية علي يد الإمام أبي عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي و تلامذته العلماء .

فهذه خمسة مراحل متواصلة لا توجد بينها حلقة مفقودة و إنما يوجد قلة بحث أو إهمال لبعض المراحل وتركيز على بعضها.

بقلم  Med EL Berriani

أصل المزابيين 41 : معالم الحضارة الأمازيغية

أصل المزابيين 41 : معالم الحضارة الأمازيغية

Icon 09

كانت القبائل الصحراوية الأمازيغية المسماة عند المؤرخين القدامى بالجيتول تشتغل بالرعي و كانت تقتحم أراضي الهضاب الخصبة الممتدة ما بين جبال الأطلس التلي و جبال الأطلس الصحراوي بمواشيها و خيولها , مما أزعج الرومان فأقاموا سلسلة من القلاع و الأبراج لمدافعة الجيتول وصلت إلى جبال مسعد التي أنشأوا بها قلعة DIMMIDI,و كانوا كذلك ينتزعون أراضي النوميد و يجبرونهم على النزوح نحو الصحراء و التحول إلى نمط الحياة الجيتولية الصحراوية و من بقي من النوميد أنهكتهم بالضرائب . أنظر جمال مسرحي (المقاومة النوميدية للاحتلال الروماني في الجنوب الشرقي الجزائري) 16

و يذكر الدكتور محمد العربي عقون أن الرومان أقاموا خط الليمس للمراقبة العسكرية ممتدا من جنوب الأوراس إلى مسعد لمراقبة بربر الصحراء و منعهم من دخول أراضي الشمال . ( الاقتصاد و المجتمع في الشمال افريقي القديم ) 103

و هذه السياسية العزلية ساهمت بشكل كبير في استمرار حياة البداوة و عدم الاستقرار لأمازيغ الصحراء .

هل أسس بربر الشمال و بربر الصحراء حضارة بمختلف ملامحها و معالمها السياسية و العسكرية و الاقتصادية و العمرانية و الدينية و القانونية و الأدبية و الفنية.

بقلم  Med EL Berriani

رابط المنشور

أصل لفظة تنوبا

Icon 09ⵜⵉⵏⵓⴱⴰⵡⵉⵏ تينوباوين

إن للمقابر كما للمتوفّين حرمة في مزاب، و لهم ذكر سائر في الخالدين، و ذلك بزيارتهم من طرف الأهل والأقارب في مناسبات عديدة مثل يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، و في مواسم الأعراس كعادة (تحيزّا)، و عادة ارجال (الإلتحاق بالحلقة) للتلاميذ الحافظين قسطا من القرآن (الى سورة الرحمن) والأعياد والمناسبات الدينية، اين يتلى فيها اقساط من القرآن، و يدعى لهم بالخير، أحيانا تحت اشراف هيئة المسجد (ئعزّابن) وفيها يتم توزيع الصدقات مما يُجمع من المتصدقين، وغالبا ما يكون خبزا، تمرا، و كسكسا مطهيا بكيفية خاصة مع قطع من اللحم، تعدّه الأمهات في بيوتهن يدعى (وشـّو نـ تنوبا)، توزًع كوقف بإسم المتوفى من كل عائلة، كصدقة جارية، ولفظة تنوبا كلمة أمازيغية تجمع إلى تينوباوين، اسم لهذه العادة القديمة، كان يقوم بها سكّان وادي مزاب ولا يزالون إلى يوم النًاس هذا، رغم أن هناك من يراها من البدع، ربمّا لأنه لم يفهم مقاصدها وأثرها في المجتمع من حيث التكافل والإهتمام بالمعوزين، ممن قهرتهم ظروفهم، فهي فرصة لإسعادهم، وللسعادة ألف طريق.

ولفظة تنوبا او تينوبا تعني عند أمازيغ (ئيموهاغ) التوراڤ خاصية الميت او ما له علاقة بالميت، وهي من فعل ئبا iba ,ⵉⴱⴰ ,بمعنى مات، غاب للأبد، افضىت روحه إلى بارئها، او فصلت الروح عن الجسد.

 

بقلم الاستاذ يوسف لعساكر

أصناف التمر بواد مزاب

أصناف التمر بواد مزاب(1)

Icon 09

يمكن تصنيف التمر في مزاب في ثلاث مجموعات بكورة حيث يكون النضج متباعدا لما يقرب من العشرين يوما. ولدينا حوالي 37 صنف من التمور. قسمت حسب النضج إلى:

الأصناف الباكرة:

شِيخْ اَمْحَمَّدْ – عمَّاري – تَدْمَامْتْ – بَايْدِير – نَاصَرْ اُو صَالَحْ – اصْبَاعْ لَوْصِيفْ – عبّاد – إِغَسْ أُوتْشِيضَنْ (الغرس).

الأصناف الموسمية:

أُوعْرُوسْ – أُوعُوشْتْ – بٍيضْ لَحْمَامْ – سَبْعَة بَدْرَاعْ – لِيتِيمْ – تَاتِيوْتْ اَنُّوحْ – تِيمُّوبْشَرْتْ – تَمْجُوهَرْتْ – اَدَّالَتْ – أُوتَقْبَالَا – تَاكَرْنَنَّايْتْ – تَنَصْلِيتْ – إِغَسْ اَليِتِيمْ – تَفِزِوِينْ – تَازَرْزَايْتْ – تَامَزْوَارْتْ نَتْلَاتْ – تَازُوقَّاغْتْ – تَاوْرَغْتْ – أَغَمَّا نَلْجَنَّتْ – إِغَسْ نُودْجُّوجَنْ – عْلِي اَوْرَاشَدْ – تَاكَرْمُصْتْ – دَقْلَتْ نُورْ – كَاسِي اُومُوسَى.

الأصناف المتأخرة:

تَاودَّانْتْ – بَابَاتِي – أُوكْسَبَّا – أَكَرْبُوشْ – طَمَّاعْ لَخْمَامْسَه.

يمكن القول إن النضج يتدرج خلال شهرين بين أكتوبر وديسمبر حسب السنوات.

---------------------------------

(1) كتاب نخلة التمر يوميات يرويها عاذق. نورالدين بن سعدون، نورالدين بولحواط. ص71.

المصدر  nir-osra.org

أصول بني مزاب

أصول بني مزاب

Icon 09

أصول بني مزاب الأمازيغية 

أصول المزابيين 1 : رافد بني مصاب

أصول المزابيين 2: رافد بني مصاب بن بادين

أصول المزابيين 3:  الرافد الرستمي   

أصول المزابيين 4: الرافد الرستمي الأريغي الوارجلاني  

أصول المزابيين 5: رافد أريغ و وارجلان مؤتمر أريغ

أصول المزابيين 6: رافد سدراتة بعد خرابها 

أصول المزابيين 7: رافد سدراتة بعد حملة الميورقي 

أصول المزابيين 8: هل غزا الميورقي مزاب 

أصول المزابيين 9: رافد الزاب  

أصول المزابيين 10: رافد الزاب وغيره من المناطق بعد حملة بني هلال 

أصول المزابيين 11: نجدة مزاب لأهل وارجلان

أصول المزابيين 12:  البربر المعتزلة أصل ساكنة الوادي  

أصول المزابيين 13: لماذا انتشر الإعتزال في البربر ومزاب

أصول المزابيين 14: المعتزلة في مزاب لماذا  

أصول المزابيين 15:  بعض أفكار المعتزلة مذهب الزناتيين 

أصول المزابيين 16:  سبب إقبال زناتة على المعتزلة في مزاب 

أصول المزابيين 17: زناتة مزاب بدو بسطاء 

أصول المزابيين 18: زناتة البربرية  

أصول المزابيين 19: زناتة بنسبة مهيمنة  

أصول المزابيين 20: اللسان الزناتي و المزابي  

أصول المزابيين 21: الصحراء بمنأى عن التأثيرات الأجنبية    

أصول المزابيين 22: الميثولوجية البربرية آمون والكبش

أصول المزابيين 23:  بربر الصحراء الجيتول والنظام السياسي     

أصول المزابيين 24: بربر الصحراء يقاتلون الرومان مع يوغرطة 

أصول المزابيين 25:  بربر الصحراء مع تاكفاريناس لمحاربة الرومان

أصول المزابيين 26:  ثورة بربر الصحراء على يوبا الثاني والرومان  

أصول المزابيين 27: النوميد والجيتول يغزون أروبا مع حنبعل  

أصول المزابيين 28:  بربر الصحراء لا مع ماسنيسا و لا مع سيفاقص     

أصول المزابيين 29: حرب ماسنيسا وسيفاقص و معركة زاما 

أصول المزابيين 30:  التجار الفنيقيون في الصحراء وتحولهم إلى استعمار 

أصول المزابيين 31:  العصر الحجري بمزاب    

أصول المزابيين 32: معالم العصر الحجري   

أصل المزابيين 33: الإمتداد الجيني والأركيولوجي إلى إنسان العصر الحجري القديم

أصل المزابيين 34: العصر الحجري في مزاب الأدوات الحجرية

أصل المزابيين 35: أصل المزابيين : العصر الحجري النقوش و الرسوم الصخرية

أصل المزابيين 36: بربر الصحراء لم يعرفوا الاستعمار الوندالي والبيزنطي   

أصل المزابيين 37: نزوح البربر الاباضية من الزاب 

أصل المزابيين 38: متى سكن البربر في الصحراء 

أصل المزابيين 39: البربر يفضلون بناء القرى إغرمان 

أصل المزابيين 40 : من الحضارة القفصية إلى البربرية الاباضية 

أصل المزابيين 41 : معالم الحضارة الأمازيغية

أصول بني مزاب الأمازيغية

ⴰⵜ ⵎⵥⴰⴱ ⴰⵎⴰⵣⵉⵖ

Icon 09

إنّ بني مزاب أمازيغ, و يطلق على الأمازيغ كذلك اسم البربر، و البربر ينقسمون إلى قسمين : البرانس و هم أبناء برنس، و البُتر و هم أبناء مادغيس الملقب بالأبتر، و هما أخوان ، و من نسل مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام .

كلّ قسم من البرانس و البتر يتفرّع إلى شعوب كثيرة لا تحصى . و أحد شعوب البتر زْنَاتَهْ, و من بين شعوب البرانس كتامة و صناهجة.

يتفرع زناتة إلى خمسة فروع, من بينها وَاسِينْ , و من بطون واسين بنو مرين و بنو راشد وبنو بادين. و من أفخاذ بادين بنو مزاب المنتسبون إلى مزاب بن بادين بن محمّد بن زَحِّيكْ بن واسين بن يَصْلَتِينْ بن مَسْرَا بن زَاكِيَا بن وَرسِيكْ بن أَدِّيرَتْ بن جَانَا (أو شَانَا) جدّ زناتة .

إذن, فإن بني مزاب من أفخاذ بادين , أحد بطون واسين, الذي هو فرع من فروع زناتة , و زناتة أحد شعوب البُتر, و البُتر أحد قسمي الأمازيغ.(1)

-----------------

(1)الهُويَّةُ المِزَابِيَّةُ - أهمُّ عناصِرها و تشكُّلُها عبر التاريخ - تأليف : يوسف بن بكير الحاج سعيد  - المطبعة العربية  1432 هـ / 2011 م

أعرق 10 أنظمة إجتماعية

أعرق 10 أنظمة إجتماعية وضعها الامازيغ مند القدم(1)

يتميز المجتمع الامازيغ بشمال افريقيا مند القدم بإعتماد أنظمة إجتماعية غاية في العدل و المساواة لتنظيم شؤون المجتمع و مختلف العلاقات الإجتماعية والإقتصادية بين افراد المجتمع الامازيغي ، وكانت هذه الانظمة الاجتماعية ذات طبيعة ديموقراطية وقائمة على المساواة قبل شيوع مبادئ وقيم الديموقراطية الحديثة في جل انحاء العالم ، وكانت هذه الانظمة تتوارثها الاجيال الامازيغية مند القدم وكانت فعالة في تحقيق العدل والسلام في المجتمع ومنع الفوضى والحيف والظلم بين افراد المجتمع . وهذه الانظمة الاجتماعية الامازيغية دليل حي على ديموقراطية المجتمع الامازيغ مند القدم ومثال حي على قدرة الامازيغ على السمو بالحياة نحو أخلاق الخير والتضامن والتعايش السلمي مند القدم ، ولاتزال بعض هذه الانظمة الاجتماعية سائدة حتى اليوم في كثير من المناطق الامازيغية المحافظة على الاعراف والتقاليد الامازيغية ، لكنها إختفت في بعض المناطق الاخرى بسبب الهجرة المكثفة نحو المدن وشيوع الانظمة الرسمية للدولة من بين هته الانظمة :

1ـ نظام تويزاⵜⴰⵡⵉⵣⴰ :

تويزا وتنطق أيضا تيويزا جمعها تيوازوين وهي أحد الانظمة الاجتماعية الامازيغية القديمة السائدة مند القدم في المجتمع الامازيغي والتي تجسد قيم التضامن والتآزالجماعي من أجل المصلحة العامة ، ويتمثل هذا النظام الاجتماعي الامازيغي العريق في الاتحاد وتوزيع الادوار لإنجاز الاعمال والاشغال ذات المصلحة العامة . ويتم الامر باجتماع الجميع للنقاش في مكان معين للإتفاق على نوع المشروع أوالعمل ومدى منفعته وأهميته الكبرى للجميع، ثم يتم توزيع الادوار كل حسب جهده وخبرته، أما من يشق عليه العمل أو لا خبرة له فيتولى المساهمة بالادوات اللازمة او بالطعام ، ثم يتم الاجتماع في اليوم المحدد لمباشرة انجاز العمل بشكل جماعي كل حسب دوره و طاقته و جهده وخبرته حتى يتم الانتهاء من هذا العمل، وكان الامازيغ يعتمدون هذا النظام قديما لشق الطرق وبناء القناطر وحفر الآبار وإصلاح قنواة الري المشتركة.. وكل الاعمال ذات المصلحة العامة، وكان الفلاحون الامازيغ يلجأون أيضا لهذا الظام للقيام بالاشغال الفلاحية كالحرث والحصاد خصوصا لمن تعذر عليه ذلك منهم بسبب المرض وغيره

2ـ نظام تيمّوغراⵜⵉⵎⵎⵓⵖⵔⴰ :

نظام تيموغرا هو نظام اجتماعي امازيغي ديموقراطي عريق كان سائدا لدى جميع القبائل الامازيغية مند قرون للفصل في المنازاعات بين افراد المجتمع بشكل ديموقراطي عادل دون حيف او ظلم لاي طرف، ويسمى الشخص الذي يتولى المنصب :" أمغار". وكانت طريقة تنصيب أمغار بأن يجتمع رجال القبيلة جميعا في مكان محدد لإختيار أحد أفراد القبيلة بالاغلبية حسب معايير محدد ، غالبا ما يكون الشخص المختار أكبر سنا و معروفا بنزاهته و برزانته وبحكمته وخبرته وفطنته ، ومشهودا له بالصدق و الأمانة ، ليتولى منصب أمغار ، كي يبث في المنازعات والخصومات بين الافراد و العائلات وإصدار الاحكام واتخاد القرارات مستعينا ببعض الامناء من اختياره يسمون "إنفلاسن" يتخدهم كمستشارين ، ويتولى أمغار أيضا تمثيل القبيلة عند المفاوضات مع القبائل المجاورة ، و هذا المنصب يكون تطوعا دون أجر أو تعويضات . و يمثل أمغار السلطة العليا للقبيلة و يكون مهيب الجانب ، يحتكم اليه جميع السكان للفصل بينهم في نزاعاتهم وخصوماتهم العامة و الخاصة، وتكون أحكامه نافدة بقوة العرف ، و يتولى كذلك إدارة الجلسات المحلية التي تناقش الطوارئ و المشاكل المستجدة و قضايا القبيلة لإتخاد القرارات المناسبة ، و فوق هذا كله كان ينبغي له ان يكون ديبلوماسيا قادرا على التفاوض بنجاح مع إمغارن القبائل المجاورة عند المنازعات المحتملة بين القبائل

3ـ نظام تاضاⵜⴰⴷⴰ

نظام إجتماعي أمازيغي ضارب في القدم، دأبت على ممارسته قبائل الامازيغ مع بعضها عبر التاريخ في المغرب خصوصا ، ويثمل هذا النظام في إقامة حلف مقدس وفق طقوس معينة بين القبائل يسمى بالامازيغية "تاضا" للإتحاد والدفاع المشترك وبموجبه تصبح العلاقات والمعاملات بين أفراد تلك القبائل الامازيغية تطبعها الاخوة والاحترام والتضامن بالضرورة كالاسرة الواحدة. ويحدد هذا النظام أيضا الالتزامات الاجتماعية لتلك القبائل مع بعضها ، وكذا العقوبات التي تترتب عن كل من أخل بتلك الالتزامات. ويتم تجديد ميثاق هذا النظام سنويا ، حيث تسقبل القبائل بعضهما بالتناوب مرة كل سنة لتجديد العهد في اجواء تسودها الاخوة والمحبة والاحترام المتبادل، اظافة الى واجب الظيافة ، وتبادل الاراء حول المصالح المشتركة وتسوية جميع الخلافات حبيا وفق اعراف خاصة . وهذا النظام هو السر وراء الهزائم الكبيرة التي تكبدها الاستعمار الاوربي في المغرب من طرف القبائل الامازيغية حيث كانت جميع القبائل الامازيغية المنضوية تحث هذا الحلف تهب بقوة وبكل ثقلها لنجدة غيرها بالضرورة بمقتضى هذا النظام الامازيغي العريق.

4ـ نظام تافكورتⵜⴰⴼⴳⵓⵔⵜ

تافكورت هو نظام اجتماعي أمازيغي قديم أيضا كان معمولا به لدى القبائل الامازيغية لتنظيم عملية الاستفادة الجماعية من محاصيل الملك الجماعي كالبساتين الجماعية والمحاصيل المشتركة المختلفة كجني ثمار الزيتون أو جمع الكلأ أو الحطب وحتى الصيد وغيرها ، و كان يقتضي هذا النظام الاجتماعي الاعلان في وقت معين في السنة عن عدم القيام بأي عمل بمنطقة معية أو المساس بمنتوجها إلا بشكل جماعي في تاريخ محدد يتم الاعلان عنه لاحقا باتفاق الجميع، وكل من خالف هذا الشرط او ظبط يستفيد من المنتوج المشترك قبل التاريخ المحدد من طرف حراس نزهاء يتم تخصيصهم لهذه المهمة يدفع غرامة رادعة تسمى "تافكورت" و تكون من نصيب اؤلائك الحراس ،وهي ضعف ما أخده المخالف في الغالب، وكل هذا لردع المخالفين ولضمان نصيب عادل لكل أسرة ومردودية جيدة للجميع

 

5 ـ نظام تاوالاⵜⴰⵡⴰⵍⴰ

يتمثل هذا النظام الاجتماعي الامازيغي الديموقراطي الراقي الذي وضعه الامازيغ مند قرون في تنظيم عملية الاستفادة الجماعية من المرافق المملوكة للخواص مثل معاصير الزيتون وطواحين الحبوب وأفران الخبز "أفارنو" وآبار المياه ..الخ ، بحيث أن هذه المرافق رغم أنها مملوكة للخواص إلا ان هذا النظام الاجتماعي الامازيغي الديموقراطي القديم كان يقتضي أن يستفيد من تلك المرافق جميع أفراد المجتمع بالتساوي، بحيث لا يحق لصاحبها تعطيلها دون عذر مقبول ، كما لا يحق له بمقتظى هذا النظام الاجتماعي الامتناع عن تقديم الخدمة لاحدهم حتى لو كان عدوا له ، كما لا يحق له تقديم من يشاء أو تأخير من يشاء، بل يجب عليه تقديم الخدمة بالمساواة للجميع ، كما يجب على الجميع بمقتظى هذا النظام الالتزام كل بدوره دون أن يستحود احدهم مهما كانت مكانته الاجتماعية على دور فرد أخر مهما كان ضعيفا

 

6ـ نظام أسْنْفْلⴰⵙⵏⴻⴼⵍ

كان هذا النظام الاجتماعي الامازيغي العريق سائدا بجل المناطق الامازيغية حتى الامس القريب، ويتمثل هذا النظام في وجوب تبادل القطع الأرضية بين الاسر الامازيغية حسب المصالح المشتركة بين الاطراف المتبادلة إذا إقتضت الضرورة ذلك مثل القرب من المسكن أو للبناء أم منافع اخرى

 

7ـ نظام تيبضيتⵜⵉⴱⴹⵉⵜ

هذا النظام يتم اعتماده في عدة جوانب في المجتمع الامازيغي التقليدي مثل توزيع حصص المياه المشتركة المخصصة لسقي الحقول بدقة وبشكل عادل بحيث تتناسب حصة كل فرد مع مساحة حقله ونوع الغلة المزروعة ودرجة حاجاتها للماء ، ولا يمكن لاي احد ان يستحود على حصة اخر بقوة العرف، وكان هذا النظام فعالا في ضمان استفادة الجميع من مياه الري المشتركة بشكل عادل . ومن الطريف أن هذا النظام يتم تطبيقه ايضا عند الاكل الجماعي في الاعراس وغيرها بحيث هناك من يكون نهم جدا اوسريع الاكل كالشباب وفئة اخرى بطئة الاكل كالشيوخ .. بالتالي يتم اعتماد نظام "تيبضيت"كي ينال الجمع نصيبه من الطعام بالتساوي خصوصا اللحم

 

8ـ نظام تاكشوضتⵜⴰⴽⵛⵛⵓⵜ

كان يتم اعتماد هذا النظام الاجتماعي لدى الامازيغ مند القدم ويتمثل في الاحتكام للصدفة لتحديد الادوار دون تحيز أولتوزيع الأنصبة من الاشياء غير المتجانسة ، وذلك بطريقة يرتضيها الجميع دون إنحياز لطرف أو آخر، وهو نظام شبيه الى حد كبير بنظام القرعة المتعتمد اليوم في إقصائيات المونديال لتصنيف الفرق المؤهلة داخل مجموعات بالاحتكام الى الصدفة دون انحياز او غش اومحابات لأي طرف او ضد طرف اخر .

 

9ـ نظام تادلالتⵜⴰⴷⵍⵍⴰⵍⴻⵜ

يتم اعتماد هذا النظام لتصريف وتوزيع الاشياء والمنتوجات الفائضة المتحصل عليها من المساهمات الجماعية والهبات والهدايا وغيرها التي تقدم في الحفلات التقليدة العامة ، وذلك بشكل عادل بحيث يتم الاجتماع في مكان معين لعرض الاشياء والمنتوجات الفائضة أمام العموم وتبدأ عملية البيع لمن يرغب في الشراء أمام انظار الجميع ، ثم يخصص جزء تلك العائدات لاطعام الضيوف والحاضرين وجزء اخر كمصاريف حفل السنة القادمة .

 

10ـ نظام أفوسⴰⴼⵓⵙ

يتمثل هذا النظام الاجتماعي الامازيغي في وجوب الإعارة الجماعية للأمتعة اللازمة والاواني والمفروشات كالاطباق والزاربي وغيرها لكل من يقيم حفلا جماعيا يحضره جمع غفير من الناس كالعرس عند الزواج او العقيقية أو تأبين فقيد .. الخ حيث يتوجب على كل اسرة بمقتظى هذا النظام مساعدة صاحب الحفل بالفائض لديها من الاواني أوالمفروشات ويتم إستعادة تلك الامتعة بعد إنتهاء الحفل .

-----------------------------------

(1) موقع Portail Amazigh

أعلام الأدب المژابي

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا 

c 7د. يحيى بن بهون حاج امحمد

ينقسم المهتمون بالأدب المزابي ويتنوعون بين أدباء ومبدعين ودارسين باحثين، ومن أبرزهم:

 

الأدباء والمبدعين:

ويتنوعون بين مختلف الفنون الأدبية النثرية والشعرية، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، في مجال الشعر: ترشين صال ، أحمدحاج يحيى، عمر داودي، عمر بوسعدة، سعيد إبراهيم، عبد الوهاب فخار، مصطفى علواني، يوسف لعساكر...

 

وفي المسرح:

يوجد الهواة والمحترفون فرادى ومجموعات، على أنّ حركة المسرح بحدّ ذاتها بحاجة إلى بحث مستقلّ يبرز تاريخه وأعلامه وفرقه... في مختلف قصور وادي مزاب، وهي تنشط في المناسبة الاجتماعية كالعطل والأعراس..، ومن المتأخرين نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

 سليمان بن عيسى

وكريم بلحاج

وابراهيم حواش دادّيك الحاج

وبن عافو عبد االقادر عبدو...

غير أنّ النصوص المسرحية لم يسبق جمعها ونشرها، ما عدى ، مسرحية "تيدرت ن وغلان" تأليف الأستاذ عبد الوهاب حمو فخار 1993. والبقية تظل مخطوطة بحوزة مؤلفيها أو الفرق المسرحية التي قدّمتها على خشبة المسرح، ولنا عودة إن شاء ان إلى هذا الموضوع مستقبلا..

 

الدارسين والباحثين:

ومن أبرز هؤلاء نذكر:

الدكتور عبد الله نوح وهو أستاذ بجامعة تيزي وزو متخصص في اللسان المزابي

والأستاذ عبد الرحمن حواش  باحث في التاريخ والتارث المزابي؛ وكان قد أعد وقدّم حصصاً إذاعية حول اللسان المزابي بعنوان "إلسنغ"، بُثّت على أثير إذاعة غرداية المحلية

وكذا الأخوين عبد السلام المتخصصين في اللغة والنحو المزابي، ولهما مؤلف في ذلك

كما اشترك كلّ من الأستاذين إبراهيم عبد السلام وأحمد نوح مَفْنُون في وضع أول معجم بالمزابية والفرنسية؛ نُشر مؤخرًا  خلال 2011 ويحوي بين دفّتيه 7900كلمة، صدر عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعيةENAG  بالتعاون مع المحافظة السامية للغة الأمازيغية HCA،

ولدينا من الأساتذة المتمرّسن في تكوين الطلبة والطالبات بالمدارس المحلية، كلّ من:

الأستاذ ترشين صال بالمدرسة الجابرية ببني يزجن

والأستاذ عبد الوهاب فخار بمدارس الإصلاح بغرداية

وآخرين بالڤرارة وبريان ومليكة...

والأستاذين الأخيرين فخار وترشين  ممن تمرّسا كتابة وأداء الشعر المزابي...، ولكلهؤلاء وغيرهم أعمال أدبية مطبوعة وتسجيلات سمعية ومرئية في السوق الجزائرية، وعلى شبكة الإنترنت وبخاصة على اليوتيوبYouTube

أعلام الإباضية السوافة

أسماء بعض أعلام الإباضية السوافة

Icon 09

هذه قائمة بعض  الفقهاء السوافة الإباضية:

ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)، وهو من فقهاء الإباضية وحملة علمهم وله فتاوى كثيرة ومؤلفات عديدة، وكان مسكنه في ورجلان.

ـ سارة اللواتية السوفية (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري 11م)، ومسكنها سوف، صالحة عابدة، كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.

ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي( القرن الخامس هجري)، من بني منصور بوادي سوف، تذكره المصادر الإباضية مقاتلا لحماد بن بلكين الزيري في حصاره لقصر وغلاتة.

ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني(أواخر القرن الخمس وبداية القرن السادس الهجريين)، وهو من زواغة بجربة..

وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...

عن صفحة : أمازيغ أزناتة وادي سوف

أَغْلَانْ يُولِيدْ سْ تْوِيزَا دُوَنْعَارْ

أَغْلَانْ يُولِيدْ سْ تْوِيزَا دُوَنْعَارْ

Icon 09

"...والشيء الذي له أعمق الأثر في حياة هؤلاء، وبه استطاعوا أن يتغلبوا على هذه الصعوبات، وأن يقيموا هذه الصعوبات، وأن يقيموا هذه المنجزات، هو التضامن العجيب الذي وجد بين هؤلاء، فكان الواحد منهم لا يبخل بماله أو رأيه أو خبرته. ثم الإرادة الدؤوب والنشاط في ممارسة الأشغال الذي طبع عليه العنصر البربري منذ القدم وامتاز به، وأخيرا تلك الحملات الجماعية التي يقومون بها "تْوِيزَا" فيعيِّنون يوما أو عشية يخرج فيها كل من كان في القرية من ذوي الاستطاعة ويقومون معا بالعمل كل بما يحسنه. وهكذا في كل عشية أو يوم خاص من أيام الأسبوع، فلا تمر أسابيع أو أشهر إلا وقد أنجز بناء الساقية أو تنظيفها من الرمال أو ترميم السد الخ..

وربما يتهاون شخص فيركن إلى الراحة ويتخلف عن مواطنيه ولكنه لا يسلم من تعيير النساء له والأطفال إذا رأى في الشارع. وربما لا يسلم حتى من ضميره فيؤنبه وكأنه اقترف ذنبا. إذ المتعارف في مزاب أن مثل هذا التصرف نوع من خيانة المسلمين والقعود بهم يعاقب الله عليه فيقولون في شأن هذا: «فلان خان العرش».

وهذه الحملات الجماعية تقام أيضا في مستوى الناحية الواحدة أو بين الجيران أو الأصحاب، فيعيِّنون يوما لهذا ويوما لذاك حتى تنتهي حملة الحصاد أو بناء الدار أو حفر البئر وعلى صاحب العمل أن يهيئ المواد الأولية فقط وربما الطعام أيضا لمساعديه..

ويحكي لنا الشيوخ أنهم أدركوا زمانا كان من المتعارف فيه، أن الشخص الذي يبني دارا أو ينشئ بئرا يستطيع عندما يريد وضع الأخشاب ليجعل عليها السقف أو إقامة الصحائف العارضة لفم البئر أو صهريج الماء "أَسَفِّي" يستطيع أن يخرج إلى الشارع فيستوقف من يمرون أو ينادي: "يا مجاهدين.." فما تُسمع صيحته حتى يترك كل شخص عمله ويهرع إليه لمساعدته لمدة من الوقت على القيام بمثل هذا العمل الشاق الذي لا يستطيع أن ينجزه بمفرده.

وبما تقدم استطاعوا أن يحفروا في واحات الوادي ما يربو عن أربعة آلاف بئر ومائة يتراوح عمقها بين 25 مترا إلى 60 مترا حسب سمك طبقة الأرض. وغرسوا نحو 170 ألف شجرة من أشجار النخيل حسب الإحصائيات التي أوردها المهندس الفرنسي فيلن FELINفي مؤلفه الذي أصدره سنة 1908..."

 ----------------------------------------

(01) كتاب مزاب بلد كفاح للمؤلف: إبراهيم محمد طلاي ص: 66-67-68

المصدر nir-osra.org

أقدم النصوص الأمازيغية

أقدم النصوص الأمازيغية النفوسية

هذهأقدم النصوص باللغة الامازيغية النفوسية من القرن الخامس للهجرة. 

ould tamazight 01

 

ould tamazight 01

ould tamazight 01

 

 

منقول Belgacem Abderrazak

أقسام البربر

Icon 07وكان البربر شعبا عظيما وأمة كبرى، كثيرة القبائل والأفخاذ. وتنقسم الأمة البربرية الكبرى إلى قسمين عظيمين، كل قسم يحتوي على قبائل كثيرة. تنقسم إلى برانس وبتر تشتمل على قبائل كثيرة أكبرها هي هوارة، وكتامة، وزواوة، وصنهاجة، وأوربة، ومصمودة. والبتر أكثر عددا من البرانس فقبائلهم كثيرة، وكل قبيلة تتفرع منها قبائل مختلفة الأسماء. واكبر قبائل البتر هي لواتة، ونفوسة، ونفزاوة، ومزاته، وزناتة، ولماية، ومكناسة، ومطغرة.

وكانت مواطن اغلب القبائل البترية في وسط المغرب وجنوبه، فلم يكن منها في السواحل إلا القليل. وكانت لهم الجبال والهضاب يعتصمون بها. واغلب الثورات التيانفجرت على الرومان والوندال والروم المستعمرين كانوا هم الذين يقومون بها. وقد انتشر الدين المسيحي في سكان المدن منهم ولكن على المذهب الدونتوسي البربري الذي يحمل روح المسيحية الحقيقية، وهو الدعوة إلى العدل والإنصاف والإخاء، كما تأثروا بالحضارة البونيقية تأثرا كبيرا، واقتبسوا من الحضارة الرومانية ما يوافق مزاجهم.

وسكان الجبال والهضاب وجنوب المغرب في الصحراء لم يختلطوا كثيرا بالرومان ولم ينغمسوا في مفاسد الحضارة فتفسد أخلاقهم، فضلوا اقرب إلى البداوة يمتازون بقوة الأجسام، ومتانة الأخلاق، وجرأة الفؤاد. إنهم أنياب المغرب يبرزها إذا ادلهمت الأيام. والبتر هم الذين اتعبوا الفاتحين، وظلوا عقبة كأداة في سبيل المسلمين. والبتر أيضا اقرب إلى المغرب بطبيعتهم البدوية وأخلاقهم. فان الذين اعتنقوا الإسلام في برقة، وتفتحت له قلوبهم في جنوب افريقية، وانخرطوا في الجيش الإسلامي ينصرونه ويؤيدونه، كان اغلب هؤلاء من البتر.

أما البرانس فاغلبهم يسكنون السواحل، وهي موطن الرومان والروم، ومحل الحضارة والمدينة، فتحضروا وشاركوا في بناء المدينة التي أقامها الرومان والروم في المغرب، بل اقتبس الرومان أنواعا من المدينة منهم لما احتل بلادهم، لأنهم كانوا اسبق إلى الحضارة من الرومان؛ فلولا ما كانت ترفل بلادهم من حضارة ونعيم، وما كانت تغض به من خيرات وملذات ما طمع فيها الرومان.

ان البونيقيين هم أساتذة البربر في الحضارة، وهم الذين فتحوا عيون البربر، واخذوا بأيديهم إلى طريق الحياة، فنهضوا في القرن الثالث قبل الميلاد فأسسوا ممالكهم الكبرى التي ورثت الحضارة البونيقية، فصار المغرب بها متجه الأنظار لعمرانه وسعادته ورقيه.

وكان البرانس سكان السواحل قد اختلطوا بالرومان فاثروا بهم فضلو متحضرين. وقد انتشرت في سكان المدن منهم المسيحية على المذهب الدونتوسي. وكانت منزل هوارة من البرانس على الساحل طرابلس من سرت إلى مدينة طرابلس، وكانت عاصمتها هي مدينة لبدة في شرق في طرابلس، وأثارها الموجودة إلى الآن دليل على الدرجة العظمى التي كانت عليها والبربر في الحضارة والتقدم. أما منازل كتامة فعلى ساحل قسنطينة، منة سكيكدة إلى بجاية، ومنازل زواوة في بال القبائل من غرب بجاية إلى شرق مدينة الجزائر، ومنازل صنهاجة من شرق مدينة الجزائر إلى مليانة.

أما أوربة فمن شمال تاهرت إلى وهران،ولها منازل أيضا في غرب فاس مناه «سقومة » قلعة أوربة ومدينة وليلي،أما مصمودة فلها جبالها في غرب مدينة مراكش. ومع كل قبيلة من هذه القبائل في هذه الأمكنة فصائل من القبائل الأخرى تحل معها وتعيش في ديارها،وإنما الجمهور والكثرة لتلك القبيلة.

وكان المغرب في نظر البربر وطنا واحدا لا يتجرأ. فمن غرب الإسكندرية إلى الاطلانطي وطن واحد، فأينما حل البربري فهو وطنه وبين قومه، ولا تكمش ولا انفصال. وكان البربر امة واحدة متماسكة وان تعددت قبائلها.

وكان البرانس أكثر حضارة، والمسيحية قد انتشرت فيهم أكثر، واختلاطهم بالروم كان اشد. فوجد الروم في مزاج الحضارة وفي المسيحية ما يجذب البرانس إليهم، فصاروا يتملقون رؤساءهم، ويتقربون إلى أمرائهم ليجعلوا من البربر الحلفاء الأقوياء ليستطيعوا الوقوف في وجه المسلمين الفاتحين. وكان الروم يبثون دعايتهم المسمومة في الإسلام والمسلمين، ويصورون العرب للبربر على إنهم كالمستعمرين، لا تدفعهم إلا بطونهم وجشعهم لغزو البلدان، وأنهم عتاة مستبدون لا يحملون أي خير للبربر.

وكان البربر سيما البرانس في المغرب الأوسط قد استرجعوا حريتهم، وتكونت لهم إمارات يديرها رؤساء منهم، وآلوا ان يقارعوا ويهزموا كل قوة تحدث نفسها باستعبادهم واحتلال بلادهم.

وقد استطاع الروم ان يصوروا للمغرب الأوسط والأقصى الإسلام والمسلمين كما أرادوا فآمن البربر بسمومهم لجهلهم بالإسلام والمسمين، لأنهم بعداء عن مركزهم في القيروان. واعتقد البربر ان المسلمين أعداؤهم، وان الإسلام عقيدة تناوئ دينهم المسيحي، وان أبا المهاجر قد جاءهم مجئ الروم والرومان يحمل إليهم الفقر والجهل والعبودية فثارت ثائرتهم واستعدوا للجلاد.

وكانت الزعامة في المغربين الأوسط والأقصى لقبيلة أوربة كثرة عددها وغناها وحضارتها ومناعة مواقعها، وكان رئيسها كسيلة بن لمزم الأوربي. وكان كسيلة قوي الشخصية، ذكي الفؤاد، غيورا على وطنه، وكان البربر يجلونه ويحبونه، وكان نصرانيا متمسكا بدينه، وكان لا يعرف حقيقة الإسلام والمسلمين، فاستطاع الروم ان يوحوا إليه ما أرادوا في الإسلام والمسلمين، فرآهم عدوا لدينه ووطنه، ورأى أبا المهاجر في ميلة فعلم انه لابد ان يسير لافتتاح المغرب الأوسط والأقصى، فذهب في المغربي الأقصى والأوسط يدعو البربر لمكافحة العرب، والاستعداد لحربهم وإجلائهم عن البلاد. فتحمي البربر بثورة أميرهم كسيلة فلبسوا لأمة الحرب واستعدوا للقراع، فتجمع لكسيلة جيش كثيف من البربر والروم فرنا إلى المشرق مستعرا يرقب مسير أبي المهاجر أو يسير هو إليه. فسمع أبو المهاجر باستعداد كسيلة فسار إليه. وكان كسيلة قد عسكر بتلمسان، وارى انها عاصمة إمارته فوصل أبو المهاجر بجيشه فحط رحاله حول تلمسان، فالتقى الجيشان جيش المسلمين وجيش كسيلة فوقعت معركة عنيفة سقط فيها قتلى كثيرون من الطرفين، ثم انزل الله نصره على المسلمين، فهزموا جيش كسيلة فولى الأدبار، واسر كسيلة فحمل إلى أبي المهاجر فأحسن إليه أبو المهاجر وقربه وعامله معاملة الملوك. وكان أبو المهاجر معجبا بشخصية كسيلة، وبذكائه، ودهائه، ومكانته في البربر. فعرف انه إذا اسلم كسيلة فسيكون المفتاح الذهبي الذي يفتح قلوب البربر في المغرب الأوسط والأقصى لدين المصطفى. فحدث كسيلة عن الإسلام والمسلمين بما عرفه حقيقتهما. وكان كسيلة ذكيا طموحا مخلصا لقومه لا يريد لهم إلا الصلاح، فعلم ان الإسلام هو دين السعادة والقوة والحياة وخير الدارين، وان العرب المسلمين هم الإخوة الأصفياء الذين يسعدون البربر ويأخذون أيديهم إلى النجاح، فآمن كسيلة بما دعاه إليه أبو المهاجر فأصبح من المسلمين، واغرم بالعربية فصار يتعلمها، وأعجب بجمال الإسلام فيس سيرة المسلمين فأحبهم، وأصبح أبو المهاجر وصحبه هم خاصته وأولياؤه، وأحب أبو المهاجر كسيلة ورجا منه خيرا كبيرا للإسلام. فشمر كسيلة لمناصرة الإسلام والمسلمين، فدعا قومه البربر للدين الحنيف، وافهمهم ما جاء به المصطفى عليه السلام، وانه النور والحياة وخير الدارين، والفت نظرهم إلى جمال الإسلام في سيرة المسلمين، واراهم الفرق بيتهم فغي رحمتهم وإيثارهم وعملهم للناس وبين الروم الجشعين. وكان البربر قد تفتحت قلوبهم لأبي المهاجر والمسلمين فأحبوه لما أطلق رئيسهم كسيلة من الأسر، وأحسن إليه وعظمه وبجله، والبربر جنس كريم معتد بنفسه، يملكه من يحترمه ويعرف له مقامه، فاقبل البربر على الإسلام، فانتشر فيهم انتشار العطر القوى في الساحة، والنور الساطع في المكان، وأصبح البربر أحباء العرب يزدادون تقاربا على الأيام ليصبحوا شعبا واحدا يصل بينهم الإسلام، وتلحم بينهم العربية. فقرت عين أبي المهاجر بما رأى، وازداد بقينا بان السيف وحده ليس وسيلة لامتلاك الشعوب، فرجع إلى مقره قريبا من القيروان، وأقام «بدكرور » يراقب الأمور، ويحبط دسائس الروم، ويعمل لإزالتهم من المغرب،وهو على استعداد لكل من يريد مناوأة المسلمين فينهض إليه، أما إذا سكن فيتركه لان نور الإسلام لا يسكن، فهو يسير سيره، فلابد ان يصل إليه فيغزو قلبه، فيصبح للمسلمين يغير دماء، ويمسى جزءا منهم يورثهم النماء. وكان أبو المهاجر في المغرب بلينه وسياسته، وبإلحاحه عليهم بالدعاية كالشمس التي تخيم على الثمار فتلح عليها بالأنوار حتى تداخلها حلاوة النضوج وان تكونت فيها حشرة تفسدها قتلتها !

ودام الأمر على ذلك والإسلام كنور الصباح رويدا رويدا فيسير إلى الضحى فيعم المغرب، ويملأ قلوب البربر كلهم، حتى طلع الغمام، وهبت العواصف، فانهدم كثير مما بناه أبو المهاجر. لقد عزل أبو المهاجر وولي عقبة فجاء وهو مغرم بالقتال، فلم يتبع سياسة أبي المهاجر الحكيمة، وظن ان البربر امة هرمة كعلوج الروم يرضخون له سيف، ويستكينون له بالقوة، فآثر العنف العاصفة على اللين الحكيم فثارت البلاد، وانفجر المغرب، واصح الأصدقاء أعداء. اشترى قلوب البربر فكانت لمحمد، وثنى بأعنة المغرب فابتدأ يتجه إلى القبلة، واسكت النواقيس في كثير من النواحي فجلجل فيها الآذان، فلو دام لفتح البلاد كما يفتح الحب أفئدة العباد، بدون دماء تهرق، ومعامع تشغل المسلمين.

رحم الله أبا المهاجر فانه على قوته وبطولته كان على الرفق الذي حث عليه الرسول لما قال: ما دخل الرفق أمرا إلا زانه، وما داخل العنف شيئا إلا شانه. وكانت ولاية أبي المهاجر على افريقية في سنة 55 هـ. وعزله في سنة 62 هـ فمدته في المغرب سبع سنين ولم يذكر المؤرخون عدد جيشه فلا بد وان يكون أبو المهاجر قد قدم بقوة جديدة عند ولايته فيكون جيشه أكثر من عشرة آلاف.

-----------------------

 المصدر : محمد علي دبوز  تاريخ المغرب الكبير ج2  ص59-63

أكرموا عمّتكم النخلة

ورد في الأثر "أكرموا عمتكم النخلة"، وورد أيضا "أن الله صنع المخلة من فُضلة طينة آدم عليه السلام"، لذلك فهي عمّتنا من أبينا آدم.. تعالوا بنا في رحلة عبر واحاتنا لننظر واقع "عمّتنا".. لقد تراجع الناس عن خدمتها "وإكرامها" بما يجب..

"خدمة النخيل" التأبير (أسِيجَلْ) وتعديل العراجين ووضعها على الجريد حتى تستوي وتصير تمرا (أفراق دُ أسَرْسِي)وجني التمور وقطع الغلة في الخريف (أنقّا د أنكاظ).

وقد كان آبائنا وأجدادنا من قبلهم يفعلون ذلك ويربون أبنائهم على حب النخيل والأرض.. ويدفعون التكاليف الباهضة حتى ينعموا ببعض الراحة في بساتينهم خلال فصل الربيع والصيف خاصة.

وقد كان رائد معظمهم الأثر القائل "إذا قامت الساعة وكان في يد أحدكم فسيلة فليغرسها".. وقوله صلى الله عليه وسلم "ما أكل منها إنسان أو طير أو بهيمة إلا ولك بها صدقة..".. وحاصله أن التمر الذي كان عمدة الأجداد في السلم والحرب..

 

أماكن الشعوب البربرية الكبرى

Icon 07كان المغرب الأدنى تسكنه خمسة شعوب من أقسام البربر الكبرى. فلواتة كانت في برقة إلى خليج سرتن  الأكبر، ومن خليج سرت في طرابلس إلى مدينة طرابلس كان لهوارة. ونفوسة كانت في غرب مدينة طرابلس وجنوبها. وكانت زناتة في جنوب طرابلس تجاور نفوسة، ولو كانت وزناتة ومعظم زناتة في المغرب الأوسط.

أما في افريقية وهي القطر التونسي اليوم فنجد نفزاوة في وسطه لغربي وجنوبه، فمن جنوب مدينة الكاف إلى جنوب قسطيلية مواطن لنفزاوة. ومن نفزاوة قبيلة ورفجومة التي تسكن في غرب مدينة قابس وتجاور جبال آوراس.

أما في القطر الجزائري، فمن مدينة سكيكدة شرقا إلى مدينة بجاية غرب إلى شمال آوراس جنوبا، وهي نوميديا الوسطى والغربية، فلكتامة. ومن غرب بجاية إلى شرق مدينة لجزائر على طول الساحل فلزواوة، ما جبال آوراس معدن البطولة والباس ففيها مجراوة من زناتة، ولواتة، وهوارة. ومن لواتة القبيلة البربرية الكبرى في جبال آوراس بنو باديس، وكنت لهم اليد العليا قديما في جبال آوراس. 13

أما في وسط الجزائر وغربه فمن شرق مدينة الجزائر إلى غرب مدينة مليانة غربا إلى مكان المسيلة جنوبا فلصنهاجة. ومن مليانة شرقا إلى وادي ملوية غربا كان لزناتة. ونجد في هذه البقاع أيضا مطماطة في جبال الونشريس، ولماية في جنوب تيهرت ومها هوارة ولواتة في نواحي تيهرت أيضا.

أما المغرب الأقصى فكان شماله لغمارة من البرانس ومعها مضغرة قبيلة من بني فاتن احد أقسام البتر الكبرى. ونجد في شمال المغرب مكان فاس أوربة من البرانس أيضا.

أما وسط المغرب وجنوبه بجبال درن فالمصامدة. ومن المصامدة برغواطة التي استقلت في القرن الثاني الهجري إلى القرن الخامس في ساحل المحيط الأطلسي من مكان مدينة لرباط إلى أسفي.

أما صحراء الغرب لأقصى والأوسط فنجد في صحراء المغرب الأقصى قبائل صنهاجة.

وكذلك في غرب الصحراء للمغرب الأوسط. وفي صحراء المغرب الأوسط نجد هوارة. ومن مدنها [هفار] وارى ان تسميتها الأولى [هوارة] باسم ج هوارة هوار بن اوريغ. والبربر معتقدون بأصولهم، أوفياء لأجدادهم. وليس تسمية المن بأسماء من يراد الإشادة بهم، والاعتراف بجميلهم بالشيء الحديث. أرى ان تسميتها الأولى هوار، ثم وقع التحريف في الواو فقلبن [فافا] ويقع هذا القلب كثير في اللغة العامية. ووقوع الأخطاء ثم تشيع مما نعهده في اللغة الدارجة. ومع هوارة في الصحراء زناتة.

ومن زناتة ورجلة، ومن منها ورجلان، وهي عاصمة الصحراء في الشرق الأوسط قبل الإسلام وبعده إلى القرن العاشر الهجري. وكانت أماكن وادي ميزاب مواطنا لزناتة، وكذلك مدينة الاغواط فإنها للقبيلة البربرية الاغواط من زناتة. وعلى العموم فإننا نجد في الأغلب البرانس في البرانس في السواحل والبتر في الوسط المغرب الكبير وجنوبه.

هذه الشعوب الكبرى، في منازله ودياره قبائل بربرية أخرى تعيش معه عيش الغزال مع الاروى في الروض الواحد. فجميعهم أبناء مازيغ. والمغرب الكبير من أدناه إلى أقصاه كل وطنهم، فأينما تجد القبيلة هناءها وساعدتها فهو وطنها، تحط فيه الرحال، وتبني الديار، وتمتزج بسكانه الأمازيغ، وتصاهرهم، وتتعانق قلوبهم بالوداد والمحبة، ويعيشون أسرة واحدة لا فق بينهم في شيء.

هذه مواطن الشعوب لبربرية الكبرى في المغرب. وق علمنا ان أصل أجدادنا البربر هو حام بن نوح عليه السلام، وأنهم انتقلوا إلى المغرب من الشام فكيف كانت معيشتهم في عهود البداوة قبل ان يتمدنوا، وكيف كان لباسهم، وما مسا كنهم، وما هي تفاصيل أحوالهم الأخرى في العصر الحجري وفي عهود بداوتهم قبل ان يتحضروا. 14

--------------------

13- أنظر أخبار بني باديس في جبال آوراس في تاريخ ابن خلدون ج 6 ص 117 ط بولاق بالقاهرة

14  تاريخ المغرب الكبير محمد علي دبوز ج1 ص 43

أماكن ينصح بزيارتها

أماكن ينصح بزيارتها

image2

بعض القصور التاريخية المندثرة 
 
المنشآت الدينية
المسجـــد
المسجد القديم لقصر بنورة
المسجد الكبير لقصر غرداية
مسجد أولوال العطف تجنينت
 
المقابر والمصليات الجنائزية
مصلى أمي إبراهيم
مصلى الشيخ بابا ولجمه
مصلى الشيخ باعيسى اوعلوان
 
القصـــر آغرم
العطف - تاجنينت
بني يزجن - آت إزجن
غرداية - تغردايت
مليكة - آت امليشت
بنورة - آت بنور
 
ساحة سوق قصر غرداية 
ساحة سوق العطف
ساحة سوق قصر بني يزجن
 
المنشآت الدفاعية
برج بوليله و سور قصر بني يزجن 
واجهة قصر بنورة
 
الواحـــــــــــات
منشآت الري
 
المسكـــن 
 
الشوارع 

أنواع الاوقاف في مزاب

Icon 09

أنواع الأوقاف والوصايا بواد مزاب(01)

.. الأوقاف أو الوصايا في وادي مزاب موجودة ومتنوعة، ولكنها اتخذت شكلا مغايرا لما يُعرف عادة في الأوقاف الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، وهي تتلخص في أن أحد المؤمنين يوصي بعرجون في نخلته الكائنة في غابته الفلانية أو يوصي بنخلة غرس مثلا كانت في غابته الفلانية بجانب البئر ويترك حُكمها في ملك ورثته دائما، وبعد ذلك يجيء مُنفذ الوصية فيذهب إلى المسجد ويخبر الوكيل لينقل نص الوصية حرفيا في دفاتر المسجد، وتبعا للنص يتفقان على طريقة تنفيذ هذه الوصية، وهناك -وهذا هو الأعم الأغلب- من يُؤبِّر النخلة وينقص لها في وقت تنقيص العراجين، ويسوي العراجين في وقت التسوية وهو ما يعبر عنه بالحط أو "أسرسي"، وعند الجُذاذ تأتي الجماعة التي تقطع نخيل المسجد وتأخذ التمر الذي على النخلة كله وتترك له عرجون التأبير كما يسمى -هذا من صميم العدالة الإسلامية ذلك لأن صاحب البستان هو من دفع أجرة الفلاح الذي صعد النخلة وأبَّرها أو لقح عراجينها-. وهناك من الوكلاء من يثق بمن يملك الغابة أن يقوم بكل شيء ويوصل التمر للمسجد، أما إذا كانت النخلة لصاحبها وللمسجد فيها عرجون واحد فإنه هو الذي يوصله إلى المسجد، ومن النادر أن نجد غابة بأكملها ملكا للمسجد إلا في القرارة أو لمساجد مزاب في وارجلان مثلا.

وهذه الغابات كلها ألحقت بصندوق الثورة الزراعية عام 1975م، أما النخيل المتفرق أو العراجين فلا تزال على حالها وإن كان إيمان المؤمنين وأريحيتهم قد سدت حاجيات الفقراء من عُمَّار المساجد بما لا مزيد عليه، وإذا قلنا إن الوصايا متنوعة فهناك مثلا "جُبة الإمام" أو "حائك الإمام"، ففي العطف -تجنينت- توجد دار معروفة هي ملك لصاحبها ولكن عُلقت فيها وصية بجبة الإمام، وهي أن يصنع مالك الدار جبة صوف لإمام المسجد كل ثلاث سنوات، وإذا صنعوا له جديدة أخذوا القديمة فقد يلبسها صاحب الدار وقد يبيعها، وهناك وصية باستضافة الحجيج كل سنة في بلدة "مليكة" مثلا، وهناك ما جُعل للمقابر إذا نُوديَ لها في الصيف أو الشتاء وذلك من أنواع الميراث، وهناك من أَوصى ببیت لضيف المسجد ينام فيه مادام مقيما في البلدة، وهناك من أَوصى بكل ما تحتاج البلدة من مِلحٍ، وإن كان قد علق ذلك في دار ذات ریع مُهمٍ، وهو على طول السنة يتصدق بالملح لكل من يقصده في تلك الدار، والملح كما يقال لنا هو مأدبة جدنا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

وهناك من أَوصى بِحُليِّ يُعطَى على سبيل العارية لكل متزوجة فقيرة تتزين به في عُرسها.

وهناك من العائلات وإذا قلنا العائلة فنحن نقصد عددا من العائلات التي تحمل اسما واحدًا، وهؤلاء بوصية من جدهم يهيئون عشاءً لكل طلبة المساجد من عزَّابةٍ وإروان في موسم من المواسم، وعلى سبيل المثال أذكر أربع عائلات في العطف، فـ "آل الحاج احمد" يصنعون فطورا وسحورا في ليلة السابع عشر من شهر رمضان المعظم، يدعون إليهما طلبة المسجدين سواء كانوا من "العزَّابة" أو "إروان" ومعلمي المدارس الثلاث، ويفوق عدد المدعوين المائة يفطرون عند المغرب أو يتسحرون في السهرة.

أما "آل الحاج إبراهيم" فيصنعون عشاء أو غداء في منتصف شعبان لكل الطلبة كسابقيهم، وأما "آل الحاج إسماعيل" فيصنعون عشاء ليلة عاشوراء، أما "آل ابن أيوب" فيصنعون طعاما للطلبة يوم عيد الفطر ويوم عيد النحر، ويأكل معهم كل من حضر من الناس وليست هناك دعوة رسمية إليه وذلك بعد أن يخرجوا من المسجد مباشرة، فإذا دخلوا إلى الدار التي يوجد فيها مصلى جدهم الشيخ "أحمد بن موسی، ابن أيوب" يقرؤون سورة الملك على روحه ثم يأكلون الطعام ثم ينصرفون بعد الدعاء، وكل ما ذكرنا من هذه العشاءات هي وصايا يتوارثها الخلف عن السلف، ولا علاقة للمسجد في تسييرها إلا دور المشرف، حيث أن أعضاء الحلقة هم على رأس قائمة المدعوين، وهناك وقف آخر في العطف هو "آل حاجو" فإنهم يصنعون طعاما في يوم معروف من أيام السنة وهي الجمعة الرابعة من مقابر الشتاء، فيدعون العزابة للغداء ويحضرون لهم الطعام مهيأً والمقادير المقررة من السمن واللحم، فيخلطه العزابة بأيديهم ويبعثون قصعًا كبيرة تحمل على ظهور الدواب إلى مصلى المقبرة لتوزع هناك، ويأكلون الغداء مع من حضر من الناس، وإذا خرجوا حضر سائر الناس وأكلوا الغداء ويحضره كثير من الفقراء.

ولو ذهبنا نعدد هذه الأنواع من الوصايا المعلَّقة بالدُّور لطال بنا السرد، وهناك كذلك أدوات للمطبخ كالمراجِل والقِصَع الكبار والقدور الراسيات وأدوات المناسج وخيام الأعراس وما إلى ذلك مما ينتفع به الناس، ويردونها لأهل الموصي حتى يجدوها في يوم آخر إذا احتاجوا إليها، وهذا كله لا يعد شيئا بالنسبة للأوقاف أو الوصايا المسجلة في "كراس العزَّابة" كما تقدم ذكره، ونحن إذا تصفحنا هذا الكراس وجدنا مثلا: "أوصى فلان بن فلان بعشرين قِربة ماء عذب تُسقى في الصيف للمسجد العتيق بالعطف "تَجنِينت" وعلقها في داره الكائنة في الشارع الفلاني التي دخلت ملکه بالشراء من فلان أو بالإرث من والديه..."

وهذه الوصايا فيها أقسام منها:

أ. الماء الذي يهيأ للمساجد، وأغلبها للصيف أو لرمضان.

ب. ما كان من الزيت للاستصباح، وأغلبه في المولد ورمضان.

ج. قمح أو شعير وهو يعلق في أرض حِراثية، يؤدَّى الوقف إذا حرثت فقط.

د. قمح أو شعير وهو يعلق في أرض حِراثية، يؤدَّى الوقف ولو لم تحرث.

ه. ما يصنع طعاما بالسمن واللحم في بعض ليالي رمضان وفي المقابر، وهذا من أكثرها کمية.

و. ما كان من الخبز أو التمر لهذه المقابر.

وكل هذه الأوقاف لا تزال مستمرة –والحمد لله- وليس هناك قوة تقهر الناس لأدائها، بل يكفي أن يعلن عن المناسبة في المسجد حتى يستجيب الناس.

Icon 09

أَمَرْشِيدُو دْ لْحَابُوسْ وَادْ مْزَابْ(02)

الأوقاف في مزاب نوعان من حيث حقيقتها. النوع الأول وقف مؤبد لوجه الله، لأصل من الأصول، مثل أرض أو منزل أو بستان أو نخلة أو مرحاض أو جابية أو بئر، بحيث لا يجوز بيعه أو هبته أو إرثه، أو منتقل من المنتقلات، مثل القدور والمكاييل والكتب.

النوع الثاني يسمى تنوبا (جمعها تِنُوبَاوِينْ)، لا يمنع التصرف في الأصل ببيع أو هبة أو إرث، ولكنه يشترط على المالك أن يدفع إلى جهة معينة، بصفة مؤبدة، كمية معينة من المواد الغذائية، أو مواد الإنارة، أو أن يقوم بخدمات معينة للصالح العام.

الهدف من كل هذه الأوقاف هو خدمة الصالح العام، ومساعدة الفقراء وتشجيع المتعلمين، وخاصة منهم حفظة القرآن.

من جهة ثانية فإن لتنفيذ هذه الأوقاف طريقتين. هناك عدد من الأوقاف ينفذها العامة مباشرة، كتوزيع ماء الشرب في بعض الديار، وإنارة الطرقات، وتوزيع بعض المواد الغذائية، وصيانة آبار البلدة وتجهيزها، وصيانة سواقي الغدير في الواحة.

الطريق الثاني هو تقييد الوقف بالمسجد، فيتولى الوكيل أو الوكيلان في حلقة العزابة تنفيذه في المسجد، أو في محاضر تعليم الصبيان التابعة للمسجد، أو في المقابر، أو في أماكن خاصة أخرى. ما ينفذ في المسجد يكون في صيانته وتأثيثه وإنارته وإحضار ماء الشرب وماء الميضأة، وبتوزيع الصدقات على الطلبة والعامة من عمار المسجد، في أوقات معينة من اليوم والليلة، وفي أيام معلومة من السنة.

 ----------------------------------------------------

(01)/المصدر: كتاب رسالة في بعض أعراف وعادات وادي مزاب، الحاج أيوب إبراهيم بن يحيى، ص 149-152.

(02)تاريخ بني مزاب يوسف بن بكير الحاج سعيد، ص 173-174

المصدر: nir-osra.org

أنواع الصدقات العرفية وأخطاء في التنفيذ

Icon 09

أنواع الصدقات العرفية وأخطاء في التنفيذ

ويطعمون الطعام على حبه

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله المحرض بالقرآن المبين على لسانه بالتصدق والصدقات وبإطعام الطعام وإفشاء السلام وعلى آله وصحابته أولي الهدى والتقى والكرم المتمسكين بتعاليم الفرقان المطبقين لسنة النبي العدنان جمعنا الله بهم في يوم المجازاة بالإحسان إحسانا وبعد :

إن المجتمع المزابي الإباضي مجتمع متماسك ومتعاون من قديم الزمان وأساس ذلك هو انتشار الأعمال الجماعية فيه على جميع الأصعدة في السراء والضراء وقد كتبت رسالة وضحت فيها طبيعة الأعمال الاجتماعية الجماعية وتأثيرها في المجتمع ومن تلك الأعمال الإكثار من الصدقات المتنوعة وقد يرتبط بها الاجتماع على تلاوة القرآن والدعاء أي هذه الأعمال الجماعية الثلاثة تدور حيث دار الناس في السراء والضراء وفي الحضر والسفر وفي الرخاء والشدة فقد تكون الصدقة فتنفذ بتلاوة القرآن والدعاء وقد يكون مجلس التلاوة ثم تحضر الصدقة وقد تحضر الصدقة وبعد التنفيذ ترفع أكف الضراعة والدعاء ولا يمكن أن يستقل عمل من هذه الأعمال بمفرده إلا الدعاء أحيانا أي قد يكون الدعاء مستقلا أما القرآن والصدقة فلا يستقلان عن الدعاء بتاتا وهكذا.....!!! .

بدون إطالة أحاول أن أحصر ما رمت تحريره في شأن الصدقات عموما والصدقات العرفية خصوصا في هذه العناوين :

-رسالة مجلس عمي سعيد في شأن الأوقاف إلى توفيق المدني :

-الصدقات في القرآن الكريم والسنة النبوية :

-أنواع الصدقات في المجتمع المزابي الإباضي :

-أخطاء شائعة في تنفيذ الصدقات العرفية :

-خاتمة نسأل الله حسنها :

رسالة مجلس عمي سعيد في شأن الأوقاف إلى توفيق المدني :

إن مجلس عمي سعيد بعد الاستقلال مباشرة قد أرسل رسالة مهمة في شأن صدقات الأوقاف إلى الوزير الأول في وزارة الشؤون الدينية السيد الأستاذ أحمد توفيق المدني صاحب كتاب الجزائر قديما وحديثا وكان الوزير محبا حبا جما للعوائد والتقاليد في منطقة أمزاب وكانت له مراسلات مع مجلس عمي سعيد وحلقات العزابة للفريقين المحافظين والمصلحين وهو حريص كل الحرص بالمحافظة التامة على الأوقاف عامة وهو من سن نظارة الأوقاف وقد خطت أنامل شيخنا الجليل العلامة الحاج عمر بن الحاج يوسف اليسجني طيب الله ثراه رسائل ذهبية واردة وصادرة من الأمة إلى الوزير والعكس من خلالها يتحسس القارئ بعظمة الأمة المزابية وتاريخها وبقيمة العظماء كالوزير العادل المذكور ولتشويق القارئ أورد عناوين الرسالة التاريخية في شأن صدقات الأوقاف عندنا وهي بمثابة تأصيل في الموضوع ذكرت الأوقاف في الماضي من أجل استدامة الأمر إلى المستقبل البعيد وأول الأوقاف هو التمر لقيمته :

-عنوان الرسالة الأصلي :

-تقرير في أوقاف بلاد ميزاب وورجلان وأنواعها ونظمها وطرق توزيعها : قدم للأستاذ توفيق المدني وزير الأوقاف في الحكومة الجزائرية .

-العناوين الفرعية :

-تقسيم أوقاف ميزاب بحسب طبيعتها إلى أنواع :

-طريقة صرم نخيل الوقف وعراجينه وجمع التمر ونقله إلى المسجد .

-ماذا يصنع بالتمر بعد جمعه .

-طريقة توزيع هذا التمر .

-النوع الثاني من أنواع الحبس : الطعام والخبز واللحم .

-ما هي الأوقات التي تفرق فيها هذه الصدقات [ النوبات ] .

-النوع الثالث : الماء والزيت .

-النوع الرابع : نخيل عراجين كذلك .

-النوع الخامس : وهو نادر .

-نظارة الأوقاف .

-ملاحظة وخاتمة .

هذه هي مكونات الرسالة التاريخية القيمة التي توضح بأن الصدقات الوقفية كانت من مكونات المجتمع المزابي الإباضي وهذه الصدقات المذكورة في الرسالة تحت مسؤولية العزابة في الإشراف والتنفيذ والمتابعة لديمومة الاستمرار ابتغاء الأجر والثواب والنفع للأمة بناء على فضائل واردة في الكتاب والسنة والدافع الأول والأخير لسن هذه الصدقات الوقفية الإلزامية والتطوعية هو الاحتياج وكثرة الفاقة في المجتمع وهذه الصدقات بمثابة جوائز للتحفيز في عمارة المسجد وتلاوة القرآن وجمع أفراد الأمة على اختلافهم في مناسبات عرفية كثيرة فقد أسس السلف صروحا وبنوا مجدا وتركوا تراثا في خدمة الدين والأمة والمجتمع والبشرية جمعاء فماذا صنعنا نحن الخلف فهل استثمرنا في سبيل السلف أم ضيعنا وتجاهلنا مجهودات من سبق بحكم تغير الأحوال وكثرة التقلبات وتطور الزمان ؟؟؟ََ!!!.

الصدقات في القرآن الكريم والسنة النبوية :

إن القرآن الكريم حرض كثيرا على إنفاق المال في السور الطوال والقصار ابتغاء مرضاة الله وندد على الكنز والجمع والمن والأذى في الصدقة وبالرجوع إلى القرآن الكريم نجد الحث على الإنفاق والصدقة والمواساة بكيفيات كثيرة تشويقا للمسلمين وترغيبا لهم لأن زكاة المال بإخراج الصدقة منه على حبه تطهر النفوس وتجزل الأجور وتوفر النفع في المجتمع ومن ذلك التنويع في استخدام الألفاظ مع التكرار الرائع في السور القصار والطوال وكذلك استعمال القصص الحق مثل ما ورد في سورة الكهف والقلم في شأن أصحاب الجنات والتكثير من الأمثلة والتشبيهات مثل ما ورد في سورة البقرة إلى غير ذلك فقد يذكر لفظ المال بالإفراد ومرة بالجمع ويذكر كذلك لفظة الخيرات والخير في شأن الإنفاق ويذكر لفظة الصدقة والصدقات والتصدق ويذكر لفظة النفقة والإنفاق ويذكر لفظة الإطعام والطعام وتذكر لفظة التعاون والبر وغير ذلك ويذيل كل ما ذكر بتوجيهات تحصينية كابتغاء مرضات الله ورضوان الله ووجه الله وتوجيهات تحفيزية كالسر والعلانية إلى غير ذلك وكفى بالقرآن مرجعا ومفزعا لكل من أراد الفوز .

وبالنظر إلى مراجع السنة النبوية المطهرة الصحيحة وكتب السيرة النيرة نجد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبة حرض على الصدقة بالقول والفعل ووضح كثيرا من مجمل آي القرآن في الشأن وكانت معظم أفعاله ومبادراته في التصدق سببا في نزول آيات بينات تتلى إلى يوم الدين ومما نبهنا عليه الرسول الأعظم عليه أزكى الصلاة والتسليم هو : الصدقات الجارية وصدقات السر والتركيز على الكيف لا على الكم مع الإخلاص ومن هو أفضل من رسول الله عليه الصلاة والسلام في مواساة الضعفاء والفقراء والمساكين من المسلمين وغيرهم ويكفي دليلا على هذا مواساته لأصحاب الصفة كما ورد في السيرة وتأليفه لقلوب وجهاء العرب من أجل كسب قلوبهم وهدايتهم وقومهم إلى الصراط المستقيم وفي السنة المطهرة صدقات معروفة كصدقة عيد الفطر والعقيقة وأكتفي بهذا القدر للتذكير .

أنواع الصدقات في المجتمع المزابي الإباضي :

المجتمع المزابي يزخر بأنواع من الصدقات قد لا توجد في غيره من المجتمعات وهذا ما ذكر في رسالة العزابة إلى وزير الشؤون الدينية كما سبق حتى يرعاها تتميما لما كانت عليه بناء على المعاهدة المعروفة مع العدو الفرنسي ولا يخفى على عاقل ما تدر هذه الصدقات من منافع للناس في الجانب الاجتماعي والديني .

وأنا هنا لا أستطيع التفصيل في بيان هذه الصدقات وخصوصيتها وإنما أذكرها بكل إيجاز تنبيها للقارئ وعلى رأس ذلك الصدقات الدائمة أو الإلزامية كما يسميها الخصم وقد ذكرت بكل تفصيل في رسالة العزابة إلى توفيق المدني ومعظمها يؤول إلى المسجد وهي مثبة في الوصايا من عهد الشيخ عمي سعيد الجربي وقد تنوعت وتكاثرت على مر الزمن وهي الآن في اضمحلال مستمر لأسباب كثيرة تحتاج إلى دراسة وأفضل مرجع عصري سلط الضوء عليها هو الأستاذ المؤرخ الحاج سعيد يوسف بن بكير في كتابه : الوجه الحي للمقابر وباستطاعة المرء أن يشارك في هذه الصدقات متطوعا بدون إلزام وهو ما يسمى بـ : أنفاش فمثلا تجد أوقافا دائمة في موسم مقبرة ما مسجلة في دفتر الأوقاف عند وكيل المسجد وتجد بالمقابل صدقات تطوعية لمن يشاء مشاركة للمسلمين في الصدقة والدعاء هذا في داخل المقبرة أو المسجد .

وفي خارج المسجد نجد أوقافا متنوعة منها ما هو على حاله وفي تطور كوقف سقاية الماء الصالح للشرب لبني البشر ومنها ما هو في طريق الزوال كوقف إطعام الطيور في أسطح المنازل بالحبوب وسقايتهم بالماء وكذلك سقاية الدواب في طريق الغابة كالحمير والضأن والمعز والجمال قديما ويكون هذا بوضع الماء في أحواض في مسافات معينة ومنها ما هو مستحدث كوقف أواني الأعراس وغير ذلك من المستجدات .

ومن أنواع الصدقات العرفية خارج المسجد ما يوصى به في الوصية من التمر والخبز والعشاءات وصدقة اللحم على طريقتين والكفارات والنذر والوقف والتنصل والاحتياط والصدقة في المواسم العرفية كيوم تعليم القبر وغير ذلك وكذلك الصدقة في موسم المقابر إجمالا وفي موسم الزيارة وفي التحفيز على حفظ القرآن طلوعا من سورة الملك إلى سورة يسن والصافات ثم سورة الكهف ثم الخاتمة وكذلك الصدقة في رحلة الصيف إلى الجنان والصدقة في العودة في الخريف والصدقة في الأعراس والختان وبعد إنجاز أي عمل مهم كالحصاد وجذاذ التمر أو اقتناء أي شيء نافع كمنزل أو دابة إلى غير ذلك من الصدقات التي تحتاج إلى رسالة مستقلة لعدها وحصرها وتوضيح أسرارها وهذه الصدقات غالبا ما يقوم بإعدادها شخص ما ويستدعي إليها من أراد في دائرة الأقارب والجيران وغير ذلك لا فرق بين غني أو فقير.

وهناك صدقة جماعية تسمى بأنفاش لا وقت لها معين ولا مكان لها معلوم وغالبا ما تقام صدقة أنفاش في وقت الرخاء فرحا بإنجاز ما أو لجمع الناس للتراحم والتناصح أو لطلب مأمول كالغيث والعافية والهناء وتحصل صدقة أنفاش بالمشاركة الجماعية إذ يعلن عن نوعية الطعام مسبقا وعن اللوازم فيأتي كل الناس المشاركين بما يتيسر لهم بدون تحديد للكمية وغالبا ما يكون الطعام : [ إوزان الشيخ حمو والحاج ] أو [ الكسكس] أحيانا يهيأ الطعام ثم يوزع وبعد ذلك يتلى ما تيسر من القرآن وترفع أكف الضراعة إلى الرحيم الرحمن وقد يتلى القرآن ثم توزع الصدقة وهذا الجمع من الزاد المتنوع مأخوذ من جمع الزاد في غزوة من الغزوات للخلط والتفريق قصد بركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأنواع الصدقات على هذا النحو :

-زكاة الفريضة وهي على أنواع كما نعلم وأحكامها مفصلة في كتب الفقه وهي خاصة بأصنافها الثمانية ويشترط في قابضها عندنا الاحتياج والولاية أي لا يأكل صدقتك إلا تقي .

-صدقات التطوع النابعة من الكتاب والسنة كصدقات الحج المتنوعة مثل الهدي وغير ذلك وصدقات رمضان وغير ذلك مثل الهدية والهبة والرهن... ومعظمها من الغني إلى المحتاج وهناك ما يصلح للفقير والغني كالهبة والهدية والرهن .

-صدقات التطوع الدائمة والوقتية النابعة من العرف وهي على أنواع يصعب حصرها معظمها مذكور في رسالة العزابة السالفة منها ما هو قائم كما هو مشاهد ومنها ما انقرض ككفارة التربية ومنها ما هو في مد وزجر ومنها ما حُكم عليه بالبدعية من الضابطين للسنة والحلال والحرام كما يقال .

أخطاء شائعة في تنفيذ الصدقات العرفية :

من الأخطاء الشائعة في هذه الصدقات كما نرى في الواقع :

-محاربة هذه الصدقات من بعض على أساس أنها مبتدعة بعيدا عن التركيز في المقاصد والمصالح وهذه الحرب استعرت في السبعينيات فقط من أهل السنة ثم زادت حدة بواسطة حركة التدبر بتزكية من مفتي عمان الشيخ أحمد الخليلي ولا ننكر محاربتها من أشخاص في القديم لكن بنظرة مغايرة عن نظرة المحاربين في هذا العصر وقد عادت قيمة هذه الصدقات في هذه الأيام العصيبة كما نرى ونشاهد .

-المباهاة والتفاخر والإسراف في تنفيذ كثير من الصدقات المعروفة وهذا ما فشا وظهر في المجتمع قبل نشوب نار الفتنة الحالية وأثناءها فقد رأينا في صفحات الفيسبوك وفي كثير من الأحياء كقصر غرداية ما حدث من أنفاشات مجموع أنفاش على غير القياس أي صدقات تطوعية بطريقة غريبة عن مجتمعنا المزابي الإباضي فقد كان السلف رحمهم الله يحرصون على الصدقة أنفاش لكن يهيئون الجو اللائق وذلك باختيار الزمان والمكان ومراعاة المصلحة العامة مع التستر التام بعيدا عن التباهي والتفاخر ابتغاء مرضاة الله لأن في قاموسهم قول الله العظيم :

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }المائدة27

فقط لا من الضالين والفاسقين وغالب ما يختارون مكان السيل كطريق الزجر من البئر والسواقي المعروفة أو في وسط الوديان ولوجود النية والإخلاص يتفضل الله عليهم برحمة الماء عقب الانتهاء من توزيع الصدقة وتنظيف الرماد على عاتق مياه السماء فأين نحن من السعي إلى اللب والمعالي كما كان من سبق همنا مرضاة الله مهما كلفنا من ثمن لا نبالي بسخط العباد :

وابغ رضا الله فأشقى الورى * من أسخط المولى وأرضى العبيد

وللمناسبة أعلق على أنفاش ساحة الرحبة في أيام الفتنة بالقصر أين أقطن فأقول : صدقة أنفاش في الجملة أمر مشروع ولو كانت بطريقة مخالفة للأصل وهي جمع النقود لكن الزمان غير لائق وكذلك الطريقة العلنية في التنفيذ لأخطار اجتماعية وسياسية زد إلى هذا تكرار تلك الصدقة في بولنوار على أساس إكرام أصحاب المواجهة وهذا من التمييز الفاضح فمن جاهد فلوجه ولا معنى لهذا التكريم والله وحده يعلم من هو في الواجهة لتنوعها وتعددها فمنا من جاهد بالبكاء والدعاء ومنا من جاهد بنفسه ومنا من جاهد بماله ومنا من جاهد بمنصبه إلى غير ذلك من طرق الجهاد وسبله فمن أين لنا هذا الانتقاء والتخيير وإذا رأينا بأن هؤلاء الشباب الهمج الفسقة في الواجهة فلنكبر على أنفسنا أربعا لأنني رأيت ما رأيت من التعدي منهم على بني جنسهم وقد داسوا بتخريبهم كل القيم والأعراف والعياذ بالله إن تسيير الأزمة شارك فيها كل الشعب ولم يختص بها أحد من أعضاء جمعية أو أعيان أو عزابة أو هيئة ما وإنما هؤلاء حملوا مشعل التمثيل للأمة فقط كفانا من المظاهر واستغلال الأزمات وسرقة المجهودات .

فلولا الشيوخ الركع والشباب الخشع والأطفال الرضع والبهائم الرتع والصالحات من النساء والغسالات لصب الله علينا العذاب صبا وقد رأينا تجدد الاشتباكات العنيفة بعد كل هذه الصدقات والتجمعات لأنها على غير المنهج القويم .

خاتمة نسأل الله حسنها :

هذه الخواطر قصدت بها النصح والتوجيه لنفسي ولإخواني خوفا من الولوج في سبل نحن في غنى عنها بسبب تصرفاتنا الرعناء من بعض الجهلاء وأصحاب الجاه لأننا رأينا البلدة أثناء الفتنة غالبا تسير من أهل المال والجاه والقوة والجهل وتحت تصرفهم طلبة العلم ومن يسمون بالمشايخ والوعاظ والمرشدين وما يقرره من ذكرنا من الأصناف الأربعة ينفذ ولا يجوز فيه النقاش أو المعارضة أو الشورى إلا من باب المساعدة في التنفيذ والمساندة ولا داعي للتمثيل والتوضيح وهذه الحالة المزرية حصاد السنوات الماضية ولا نجاة لنا في السراء والضراء إلا في تقليد أهل الذكر الراسخين في العلم في كل صغيرة وكبيرة .

وختاما أورد بعض النصوص في أحكام الصدقات لعلمائنا من كتبهم الفقهية تبرز حرصهم على تجويد أعمالهم وتقديمها خالصة لوجه الله تعالى فمن ذلك ما يلي بدون ترتيب :

01/:ويحتمل أن يكون المراد بالصدقة ما يعطى تطوعا على ضعيف ممتهن للرقة عليه , وكذا أصل الزكاة وأفضل الصدقة صدقة على ذي الرحم الكاشح .

02/:وقال أبو هريرة : الصدقة على الصاحب أفضل من الصدقة في سبيل الله , ويجب أن يكون الإنسان مع كافة الخلق طلق الوجه مستبشرا رفيقا , قال صلى الله عليه وسلم :

{حرمت النار على الهين اللين السهل القريب }.

03/:وفي الديوان : من حقوق الجمعة الصدقة على من احتاج , وأفضل ذلك أن يتصدق على قرابته إن احتاجوا إلى ذلك .

04/:إن نافلة الصوم والصلاة والصدقة تجزي الإنسان لما عليه من تباعات الناس وبالجملة فالرجل يعطيها لكل من لا تلزمه نفقته

وخير الصدقة ما أبقت غنى .

05/:ومن حقوق المسلمين الإصلاح بينهم وهو أفضل الصدقات وأن لا يقبل فيهم ما يسمع من النمام والحساد , ولا يسيء الظن بهم ولا يحل النظر لمسلم بعين الاستصغار .

06/:ويصرف ما في يده من الوصايا والصدقات المتطوع بها وغير ذلك في إحياء الإسلام والمداراة عنه وهن أهله , وفي ذوي الفاقة من المسلمين وغيرهم من عوام الناس على قدر ما يرى .

07/:ندب توقيت شهر معلوم بتقرب وقصد ونية ليعلم بذلك وقت ينتهي إليه أداء ما وجب عليه أي من الصدقات أو التطوع .

08/:الرهن من الصدقة والهبة هي تمليك بلا عوض ولثواب الآخرة صدقة قال بعض: الصدقة تمليك بلا عوض للمحتاج لثواب الآخرة , والهبة تمليك بلا عوض خال عما ذكر في الصدقة والصدقة بإيجاب وقبول لفظا مثل أن يقول : وهبت لك هذا , فتقول : قبلت , ولا يشترطان في الهدية على الصحيح بل يكفي البعث من هذا والقبض من ذاك , وكل من الصدقة والهدية هبة ولا عكس , فلو حلف لا يهب له فتصدق عليه أو أهدى له حنث , والاسم عند الإطلاق ينصرف إلى الأخير .

09/:وقد قيل : ثواب الهدية كثواب الصدقة لأن الصدقة ولو كان أصلها وهو الغالب أن تكون من غني إلى من ساءت حاله وضاقت بالفقر فيكثر الثواب , لكن أصل الهدية وهو الغالب أن تكون من كثير المال إلى رحم أو ذي شأن ذي مال أو فقير , فيحصل له بها سرور إذا ثبت المهدي بينهما الاتصال , ويحصل بها تجديد المودة والصلة واستئناف أفعال الخير بينهما , فيكون الاتفاق بعد ذلك والتعاون على البر والتقوى , والثواب على ذلك كثير , بل أكثر من ثواب الصدقة بذلك القصد ; وقال صلى الله عليه وسلم : "

{الهدية تجلب السمع والبصر } " , وكان يقبلها ولو من مشرك ويهدي إلى المشرك أيضا .

10/:وقيل : من حق كلٍّ أن لا يكتسي ويعرى أخوه , وأن لا يتخالفا جوعا وشبعا وتزوجا وعدمه بقلة , ولا يمنع كلٌّ أخاه إن استقرضه أو استباعه إن قدر , وروي : " المؤمن مرآة أخيه , ولا تؤمنون , حتى تحابوا والأخبار في ذلك كثيرة جدا .

11/:وما فعل الإنسان بنفسه من جرح أو نحوه , ودية حل العقدة وشهر من ذلك زكاة الأموال والفطر ودينار الفراش وشاة الأعضاء فقط كلها للمتولي الفقير , إلا شاة الأعضاء فللمتولى ولو غنيا وقيل: كل ما يعطى للفقراء المتولين يعطى الفقراء غير المتولين وذلك التخيير ثابت .

12/: (ومنع غني من شرب ما ينادى به في سوق أو طريق لشرب لله ) , لأن المعتاد النداء بذلك للفقراء , لأنهم المحتاجون وهم الأولى بالصدقة , فليحتط الغني عنه حتى يقال : للفقير والغني أو لكل أحد , وقيل : يجوز للغني والفقير حتى يقال : للفقراء لأن الصدقة تجوز على الغني والفقير , وإن نودي بذلك في سفر جاز لكل , لأن الغني والفقير جميعا محتاجون فيه إلى الماء , وكذا غير الماء ولو في سوق أو طريق يجوز لكل .

13/:ومما رزقناهم ينفقون للكف عن الإسراف في الصدقة وقال الله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا } أي لا تسرفوا بإعطائه كله إلى غير ذلك من النصوص الرائعة التي يصعب حصرها وهي توحي بمدى اهتمام السلف الصالح بالصدقة ابتغاء مرضاة الله في الأداء والتنفيذ وقصد استجداء الرحمات والمنافع الدنيوية والأخروية وفقنا الله إلى الاقتداء بهم جميعا والحمد لله رب العالمين .

الخميس، 20 مارس آذار، 2014 م يوافقه 19 جمادى الأولى، 1435 هجري

---------------------------

المصدر منشور في الفيسبوك لـ : أبو إسماعيل عمروس.

أهم المراحل التاريخية لبني مزاب

Icon 07

يمكن تقسيم تاريخ مزاب إلى أربعة عهود متمايزة:

 العهد الأوّل من تاريخ بني مزاب :

من الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الرّابع الهجري.

العهد الثّاني:

من اواخر القرن الرابع إلى نهاية القرن الثّامن الهجري.

العهد الثالث:

من بداية القرن التّاسع الهجري إلى سنة 1269هـ/ 1853م.

العهد الرّابع:

الفترة الأولى من العهد الرّابع، وتمتدّ من 1269هـ/ 1853م إلى 1299هـ/ 1882م.

الفترة الثّانية من العهد الرّابع وتمتدّ من 1299هـ/ 1882م إلى 1330هـ/ 1912م.

القترة الثاّلثة من العهد الرّابع وتمتدّ من 1330هـ/ 1912م إلى 1366هـ/ 1947م.

الفترة الأخيرة من العهد الرّابع وتمتدّ من 1366هـ/ 1947م إلى 1382هـ / 1962م.

 

العهد الأوّل :

يمتدّ من الفتح الإسلامي إلى نهاية القرن الرّابع الهجري، وكانت تعرف المنطقة فيه ببادية بني معصب، وكان سكّانها يغلب عليهم طابع البداوة والبساطة. ويمتاز هذا العهد بأنّ سكّان أرض الشّبكة اعتنقوا الإسلام ببساطة ثمّ سبقت إليهم آراء المعتزلة فأخذوا بها، وحافظوا على نظام حياتهم كشعب يعتمد على تربية المواشي بالدّرجة الأولى، وعلى الزّراعة الموسمية بالدّرجة الثّانية[1].

العهد الثّاني:

يمتدّ من نهاية القرن الرّابع الهجري إلى نهاية القرن الثّامن. وفيه تمّ تأسيس القرى الخمس الموجودة حاليا على وادي مزاب، واعتمد بنو مزاب على الفلاحة الثّابتة وتحوّلوا تدريجيا إلى المذهب الإباضي، وأنيطت إدارة شؤون كلّ قرية بحلقة العزّابة التي أصبح مقرّها المسجد.

العهد الثّالث:

يدوم أربعة قرون ونصفا، من بداية القرن التّاسع إلى إمضاء عقد الحماية مع فرنسا عام 1269هـ/ 1853م. في هذا العهد توسّع العمران بالوادي بفضل ممارسة التّجارة بالتّل، وتوجّت إدارة البلاد بهيئة عليا، واستقبلت المنطقة طوائف جديدة، وأسّست القرارة وبرّيان، ولعب الميزابيون دورا متزايدا في تاريخ شمال إفريقيا. وقد أحدثت هذه التّطوّرات الحضارية مشاكل أفرزت فتنا مزمنة.

العهد الرّابع:

الذي دام قرنا، يمتاز بفقدان مزاب لاستقلاله السّياسي تدريجيا، وبمقاومة الاستعمار، والدّفاع عن الشّخصية المزابية، والمطالبة باحترام بنود معاهدة الحماية. وفيه تأثّر بنو مزاب بالثّقافة الأوروبية والأحداث العالمية الكبرى، ولعبوا دورا تاريخيا في استرجاع السّيادة الوطنية الجزائرية[2].

 

[1] -علي يحيى معمّر: الإباضية في الجزائر، الجزء الثّاني، ص488.

[2] -تاريخ بني مزابدراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية.يوسف بن بكير الحاج سعيد ص7-8

أيهما أسبق بن خلدون أم الدرجيني؟!

Icon 09

ومن دون تردد؛ فـ "مزاب" أسبق؛ فهي الأقرب لما ذكره ابن خلدون في نسب البربر لولا التحوير، والدرجيني قبله حافظ لنا على الأصل، وإذا سلمنا أن البربر -السكان الأصليين لهذه البلاد- يصعب عليهم النطق بالعين، فنقول: إن تسمية "بني مصعب" تعريب لـ "مزاب"، وقد نفترض وقوع ذلك من أحد مشايخ العلم، فهو قد كيّف التسمية البربرية وفق ثقافته العربية الجديدة؛ لملاحظة الشبه في النطق، وربما حتى لاستحضار صعوبة المنطقة وأهلها أيضا..

وولوع بعض مشايخ العلم بتعريب الأسماء أمر ملاحظ، ولعل ذلك يتجلى أكثر عند القطب اطفيش -رحمه الله-، حتى إنه يعمد إلى أسماء تلاميذه؛ فيكيفها وفق النطق العربي، فمثلا يقول: "أبو أحمد" لـ "باحمد"، وأبو نوح لـ "بانوح"، ثم إن اجتهاد الطلبة والمشايخ في تلك العصور المتقدمة في تعلم العربية والنطق بها، قد يدفعهم حتى إلى تعريب الأسماء!

وهذا الاجتهاد قد لا يكون موفقا مع بعضهم، ولعل هذا ما دفع أهل المشرق إلى طلب إعادة صياغة كتاب أبي زكرياء يحي بن أبي بكر (عاش في النصف الأول من القرن الخامس الهجري) في السير، فقام بهذه المهمة الدرجيني في كتابه "طبقات المشايخ بالمغرب" كما هو معروف، ومع ذلك فثمة بقية من الصيغ البربرية وتراكيبهم فيما كتبه الدرجيني نفسه؛ كما لاحظ ذلك أستاذنا الشيخ صدقي محمد بن أيوب أستاذ اللغة العربية، فيما علق بذهني، والله أعلم بحقيقة الأمر.

ملاحظة: نحتاج إلى مراجعة النص أعلى في مخطوطة من عهد المؤلف أو قريبة منه.

-------------------------

المرجع  :قبس من السير والتاريخ (3) للفاضل  Abouishak Sa

إعجاب ابن الصغير بالدولة الرستمية

إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها

وكان ابن الصغير معجبا بالدولة الرستمية، محبا لها. يجل أئمتها ويعظمهم. وما قاله فيهم، ووصفهم به دليل على عاطفته وعقيدته. ولكنه كتب كتابه في جو ملوكي بعد الدولة الرستمية أو خارجها، فاحتاط لنفسه، وصرف غضب الملوك عنه بكلمات نابية قالها في أول كتابه، وهي التي أرضت الملوك فابقوا على كتابه. فلولا تلك الكلمات التي أوهمهم بها انه منهم، ومن زمرة المؤرخين الذين يرقصون خلفهم، ما وصلنا كتابة النفيس. انه في الحكم على شخص يجب أن تعرف ظروفه، وتنظر إلى كل كلامه وأعماله، ليكون صائبا، والاستنباط صحيحا؛ ولكن بعض الناس يتمسكون بقشرة الرمان الواقية، وقد خلقها الله مرة لتقي حلاوته، ويحصرون نظرهم فيها فيحكمون على الرمان كلها، ويرقص بها غصنها، كأنه منتش بحلاوتها، وهي في أتم النضوج والحلاوة؛ يحكمون عليها بالمرارة، ويقولون إنها حنظلة، وان الله لو ركب مثلها في الحسان ما كان إلا دملا في مقاتلها يجرها إلى القبر، لا نهودا فتانة في صدرها تفتح لها كل حجر، وتجعلها أمنية لكل القلوب!

كتابة تاريخها، وتمجيد أئمتها، في جو وقت كان التلفظ بالدولة الرستمية يعتبره الملوك جريمة سوداء، والثناء على أئمتهم فظيعة نكراء تطير بها الأعناق. انه لمت اكبر المحسنين إلى المغرب الكبير بما كتب، ومن اكبر أصدقاء الدولة الرستمية بما ألف وحبرت يمناه!

قال ابن الصغير في كتابه سيرة الأئمة الرستمية: "اخبرني غير واحد من الإباضية عمن تقدم إبائهم قالوا: لما نزلت الإباضية مدينة تيهرت وأرادوا عمارتها. اجتمع رؤساءهم فقالوا: قد علمتم انه لا يقيم أمرنا إلا إمام نرجع إليه في أحكامنا، وينصف مظلومنا من ظالمنا، ويقيم لنا صلاتنا، ونؤدي إليه زكاتنا، ويقسم فيئنا1. فقلبوا أمرهم فيما بينهم، فوجدوا كل قبيل منهم فيه رأس أو رأسان أو أكثر يدبر أمر القبيل، ويستحق أمر الإمامة. فقال بعضهم لبعض: انتم رؤساء ولا نأمن إذا تقدم واحد على صاحبه ) فصار هو الإمام ( أن يرفع أهل بيته بن رستم لا قبيلة له يشرف بها 2 ولا عشيرة له تحميه. وقد كان الإمام أبو الخطاب رضي لكم عبد الرحمن قاضيا وناظرا فقلدوه أموركم، فان عدل فذلك الذي أردتم، وإن سار فيكم بغير العدل عزلتموه، ولا قبيلة له تمنعه، ولا عشيرة تدفع عنه. فجمعوا رأيهم على ذلك. ثم نهضوا إليه بأجمعهم فقالوا: يا عبد الرحمن رضيك الإمام في ابتدائنا، ونحن الآن نرضى بك ونقدمك على أنفسنا. فقد علمت انه لا يصلح أمرنا إلا إمام نلجأ إليه في أمورنا، ونحكمه فيما ينوب من اسبانيا. فقال: إن أعطيتموني عهد الله وميثاقه لتسمعن لي وتطيعوني فيما وافق الحق وطابقه قبلت ذلك منكم. فأعطوه عهد الله وميثاقه على ذلك. وشرطوا عليه مثل ما شرط عليهم، [وهو أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسول الله، ويلتزم سيرة الخلفاء الراشدين]3  فقدموه على أنفسهم والقوا إليه بأمورهم، فسار فيهم سيرة جميلة حميدة"4.

----------------------

1- الفئ هو ما يغنمه المسلمون في حروبهم مع المشركين.

2 - يريد بالشرف هنا التقوى بالعشيرة.

3 - ما بين قوسين من سير الشماخي ص 140 لا من ابن الصغير وهكذا كل كلام يرد بين قوسين في نص فانه ليس منه.

4 - سيرة الأئمة الرستميين ص 9 ط. باريس 1907 م

 

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 267

إقبال الإمام على الدرس والتدريس لقلة مشاكل الدولة لاستقرارها

واعتماد الأمة على نفسهاوكان الإمام كعادة لا يقتصر في الأعمال على شئون السياسة. إن دولته مستقرة،وتمسك الناي بالدين يكبح النفوس فتقل الجرائم والمشاكل وتعاون أهل لدولة واعتمادهمعلى أنفسهم، وفض الخاصة للمشاكل والخصومات، وجعل حمل الإمام خفيفا،مشاكل الدولة التي تشغل فكره ووقته قليلة إن الأمة تعتمد على نفسها، وليستعبئا ثقيلا على الحكومة، والدولة الرستمية متمسكة بالدين الذي يأمر الأمة أن تعتمدعلى نفسها، وتعمل، وتجد، وتجتهد، وتسابق الأمم لتكون هي الأغنى والأقوى، لا تتكل علىالحكومة أن تطعمها وتقدم إليها كل الضرورات.  إن اعتماد الأمة على نفسها، وكثرة العلماء والصلحاء فيها، وأعضاء مجلسالشورى، هؤلاء الذين يفضون الخصومات، ويحلون المشاكل، فلا تصل إلى الإمام، وجعلأعمال الإمام السياسية قليلة. فانصرف في بقية الوقت الواسع إلى دراسة الكتب،والى التدريس العالي. فكانت له حلقة في مسجده في ميري يؤمها الطلبة الكبارالمتخصصين للعلم فيلقي عليهم الدروس في مختلف الفنون. وكان الإمام يرى التعليم اكبر عبادة. وكان لشخصيته العلمية يلذه نشر العلم والحياة العلمية، فخصصللتدريس جانبا كبيرا من وقته.

وكان الإمام يوال النصح والإرشاد لرعيته في جبل نفوسة. وكانت الوفود تترىعليه من أنحاء الجبل، فيلقي عليهم المحاضرات والدروس، ويزودهم بالزاد العقلي النافع،ويوجههم أحسن توجيه في كل الميادين. وكان له درس بين الصلوات في مسجدهللعلامة يثقفهم ويهديهم، ويعلمهم فلسفة دينهم، وأسرار الشريعة الإسلامية التيمن الله بها عليهم.

قال الشيخ الباروني: "ويقال إن اغلب دروسه [للعامة] في مسجده في السنينالسبع التي أقامها في جبل نفوسة في مسائل الصلاة ولم يتمها"1 وذلك لان دروسه في فلسفة الصلاة أيضا، وآثارها العظمة في النفس، وتطهيرها للمرء من كل الدنايا والمهلكات!

وكان جبل نفوسة وكل أنحاء الدولة الرستمية مستقرة. وقد دام هذا الهدوء في الجبل إلى آخر أيام الإمام فيه. فثارت هوارة في سنة ست وتسعين ومالئة على الملكية المستبدة، وعلى الأغالبة الذين أرغموها بالقوة على الدخول في دولتهم، واحتلوا بلادهم بالسيف والسنان، ووطأوها بأرجلهم القوية لتخضع وتستكين.

-------------

1-الأزهار الرياضية ج 2 ص 142 ط البارونية بالقاهرة 1324 هـ

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص436-437

إيكولوجيا وبــيـئــة

  • تافيلالت هندسة معمارية الأصيلة محافظة على البيئة

    Icon 08

    قصر تافيلالت ببني يزقن ولاية غرداية يفوز بالجائزة الأولى العربية للإدارة البيئية بعد حصده لجائزة أحسن هندسة معمارية بالجزائر مرتين فالقصر نموذج رائع للهندسة المعمارية الأصيلة بوادي مزاب ويضم أزيد من ألف منزل كلها متناسقة في شكلها ولونها ويعتمد على مفهوم الإدارة الإيكولوجية والمحافظة على البيئة فعلا هو...

    اقرأ المزيد

  • النسيج العمراني للقصر والحفاظ على الأراضي الزراعية

    Icon 08

    إن المدينة المزابية قد خضعت في تخطيطها إلى قواعد المدينة الإسلامية والشمال-إفريقية عموما، باعتبار المزابيين من أعرق شعوب الشمال الإفريقي.أول ما يهتم به المِـزابيون، كان الموقع، إذ كانوا يختارون لها موقعا مراعين في ذلك قدرة المدينة على الدفاع ضد المغيرين، و وقايتها من فيضانات الأودية، والحفاظ على الأراضي الزراعية ذات...

    اقرأ المزيد

  • تأقلم المسكن المزابي مع البيئة والمناخ

    Icon 07
    تلتف المساكن في مدن مزاب حول المسجد، وهي ذات أشكال مختلفة لكنها منسجمة في مجملها مشكلة وحدة متجانسة بمجموعها، مساحة غالبيتها لا تتجاوز 2100 مائة متر مربع، تجمّعت على شكر كتل متراصّة أفقيا ورأسيا و...

    اقرأ المزيد

  • البيوت الطينية في واحات مزاب

    Icon 08

    تعتبر الواحات في وادي مزاب أكثر من مجرد بستان للمتعة، فهي ثمرة عمل شاق. في القديم، لقد قام بنو مزاب بإنجاز بيوت بسيطة من الطوب مسقفة بأغصان الأشجار وجريد النخيل، وبعدها تطورت المساكن إلى البناء بالطينن بعدها بدأ السكان بإنجاز مساكن تقليدية مماثلة لمساكن القصر، مع بعض الاختلافات في...

    اقرأ المزيد

  • استعمال المواد المحلية في  البناء

    image2
    لقد كان الاعتماد على استعمال الموارد المحلية المتوفرة والاكتفاء بها.وممّا نستطيع أن نضيفه إلى هذا المعنى صنع الأثاث ضمن البناء كالرفوف و الكوى والدكاكين التي تصلح كَأَسِرَّةٍ للنوم و الصّلاة. هذا وإنّ بناء الجدران بالتِيمْشَمْتْ مع الحجارة الصغيرة يجعل الدار مناسبة للمناخ القاري شديد الحرارة صيفا وشديد البرد شتاء هناك...

    اقرأ المزيد

 

  • كهوف ومغارات أغزو ن فيغر

    image2
    الكهوف العجيبة التي لا تقل روعة عن التي في الشمال الجزائري، بما تحتويه من أشكال كلسية رائعة، تقع في...

    اقرأ المزيد

  • لعميــــــــــــــــــد القرارة

    image2
    المنظر الهوائي الجميل ،وهي ربوة في أعلى جبل أبي العباس (بوعميّد)...  

    اقرأ المزيد

الأشجار والنخيل في وادي مزاب

  • أكرموا عمّتكم النخلة

    Icon 08

    تعالوا بنا في رحلة عبر واحاتنا لننظر واقع "عمّتنا". لقد تراجع الناس عن خدمتها "وإكرامها" بما يجب.. "خدمة النخيل" التأبير (أسِيجَلْ) وتعديل العراجين ووضعها على الجريد حتى تستوي وتصير تمرا (أفراق دُ أسَرْسِي)و...

    اقرأ المزيد

  • شجرة السدر والنبق أزارن

    Icon 08

    شجرة السدر لها فوائد كثيرة ومتعددة حيث يغلى ورقها في ماء ويشرب لقتل الديدان في الأمعاء وتنقية الدم كما يستخدم ورق السدر المطحون والمخلوط مع الماء في جبر كسور العظام وتنقية بشرة الجلد وطرد البلغم. تستعمل أوراق السدر في تنظيف فروة الرأس وتعقيمها، وتجعل الشعر أكثر نعومة وتكسبه لونا بهيجا، وقد أثبتت التجارب أن خلاصة ورق السدر تعالج فطريات الرأس ور...

    اقرأ المزيد

  • شجرة البطم والقضيم

    Icon 08

    نوعان من شجر البطم بطم ⵍⵃⴻⴼⵚ لعفص الذي يستعمل ثمارها للدباغة بطم ⴰⵊⵊⴻⵏ آججن الذي تصنع به أكلة آجن مع...

    اقرأ المزيد

 

 النباتات والأعشاب البرية في وادي مزاب

  • تجلت الحنظل
    ⵜⴰⵊⴻⵍⵍⴻⵜ TAJELLET

    Icon 08

    تجلت بالمزابية أما بالعربية الحنظل أو العلقم هي نوع نباتي حولي زاحف. يفترش الأرض وأوراقه خشنة يخرج من تحتها خيوط تلتف على النباتات والأوراق القريبة منه لتثبته بالأرض. يشتد نموه في بداية الخريف وتخرج الأزهار وهي صفراء بها خمس بتلات وثمرته كروية الشكل خضراء أصغر بقليل من التفاحة، والحنظل عموماً ثمرته وأوراقة شديدة المرارة. وبعد أن...

    اقرأ المزيد

  • تامبريكا أو البندراڨ
    ⵜⴰⵎⴱⵔⵉⴽⴰ

    Icon 08

    تامبريكا أو تبي وعلي معروفة في منطقة واد ريغ (تقرت) بإسم البندراڨ وفي مناطق أخرى الرجيلة، البقلة،فهي نوع من الأعشاب البرية الشائعة في محيط بحر الأبيض المتوسط التي تنبت في فصل الصيف وحدها في الطبيعة بشكل عشوائي , تحمل موادًا كيميائية وموادًا مخاطية تستخدم في العلاجات الطبية. كما أنها معروفة أيضًا في الطب الصيني التقليدي ويتم من خلالها مداواة الكثير من الأمراض...

    اقرأ المزيد

  • قرع وادي مزاب تاخسايت
    ⵜⴰⵅⵙⴰⵢⵜ

    Icon 08

    من الخضروات الأساسية التي تزين أطباق الصيف بمنطقة غرداية يحتل قرع مزاب المعروف محليا بـ "تَخْسَيْتْ" أو "تَمِيسَ" ذات اللون الأبيض المائل إلى الاخضرار مكانة خاصة في فن الطبخ وادي مژاب، الذي يأخذ أشكالا طويلة وأوزانا مختلفة وهو أملس وتطلق عليه أسماء عديدة مثل "القرعة " و"الكوسة" و" القرعة اليابسة" تتوفر منطقة غرداية على العديد من...

    اقرأ المزيد

  • نباتات وأعشاب مزاب قيد الإنشاء

    Icon 08

    ايزري الشيح، الحلفاء درين تِحرملت تيبـِّـي تيلولت تاكرنانويت تَمڤـُّويت عنب الذيب لازير زعتر مڤل سِّيف عرعار...

    اقرأ المزيد

  • تسمية نباتات وأعشاب بالأمازيغية

    Icon 08

    الزنجبيل إسمه بالأمازيغية ئسك ن جبير  البخور البري أوسرغين السدرة تازكارت...

    اقرأ المزيد

 

 الطيور في وادي مزاب

  • الطائر الأبلق الأسود

    Icon 08ⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵢⴰ ⵍⴰⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵙⴰ

    بلغويا هي طائر صغير أبلق شديد السواد كالغراب غرة بيضاء في الذقن والرأس والذيل، لديه غناء رقيق، وتختلف تسميتها في قصور مژاب بين لالا بلغويا أو لالا بلغوسا وهي في تراثنا الشعبي بمثابة "أزمول ن وشاشي" بمعنى رمز للتفاؤل وبشائر الخير والفرح. ورمز الحظ أو السعد حيث اشتق منه اسم لالا مسعودا، فمن بين الأهازيج الشعبية...

    اقرأ المزيد

  • طائر بوعود

    Icon 08BUƐUD ⴱⵓⵄⵓⴷ

    بوعود من الطيور التي عاشت مع المژابي في بلاد الشبكة وفي شمال إفريقيا عموما، معروفة بصوتها في السكون فهو رقيق وجميل ، فبمجرد النظر إليه يشعر صاحبه بالغبطة والراحة النفسية، فآت مژاب يرون فيه البركة وهم يعتبرونه فال الخير أينما حل، فله مكانه خاصة عندهم وهو طائر المحبة و...

    اقرأ المزيد

  • طائر الزاوش تزوكي

    Icon 08ⵜⵣⵓⴽⴽⵉ TZUKKI

    تزوكي هو طائر أكبر نسبيا من بوعود غالبا ما يقف على الأشجار في مجموعات فتحدث ضجة في زقزقتها فهي تفسد الثمار في الغالب حيث يضرب به المثل في الافساد كما يقال بالمزابية...

    اقرأ المزيد

  • طائر الصرد  ڤاوژرّين

    Icon 08ⴳⴰⵡⵥⴻⵔⵔⵉⵏ

    ڤاوژرّين هو طائر الصرد أو الدقناش اسمه العلمي
    (Lanius ludovicianus)
    من سلالة "الجزّار" ومنه الصرد الرمادي الذي يعيش في بلاد الشبكة ويسمي الدقناش الأكحل هو أحد اصغر وأعجب أنواع الطيور الجارحة ويتميز بمنقاره المعقوف القصير، الذي يشبه منقار الصقر، وهو طائر قوي رغم صغر حجمهالصرد أحد انواع الجوارح الصغيرة هو...

    اقرأ المزيد

  • طائر ثرثارة الشجر طِيوْطِيوْ

    Icon 08ⵟⵉⵡⵟⵉⵡ

    أطلقعليه اسم الثرثارة بالعربية و طيوطيو بالمزابية بسبب الأصوات العالية المتكررة التي يصدرها ويسمى أيضا مسيسي في بعض التنوعات الأمازيغية و ربيب الحجلة بالدارجة. يتميز شكله بذيل كويل وأجنحة قصيرة نسبيا أما حجمه فهو يكبر قليلا عن بوعود، يعيش طائر طيوطيو بعيدا عن التجمعات السكنية ويتجمع على هيئة...

    اقرأ المزيد

  • طائر الحجل (تاسكورت)

    Icon 08ⵜⴰⵙⴻⴽⴽⵓⵔⵜ

    الحجل تعرف بهذا الاسم في اللغة العربية وتسمى باللغة الامازيغية تاسكورت ومذكرها أسكور يعيش الحجل في وادي مژاب فحجل الشمال الإفريقي عموما يتميز بأجنحة قصيرة ودائرية, القوائم قصيرة وقوية تكيفت مع المشي والركد وجرف التربة بواسطة مخالب معقوفة في مؤخرة الأصابع المنقار أحمر قصير قوي ، جزءه الأعلى أطول وأكثر إنجناء من...

    اقرأ المزيد

 

  • طائر البومة بورورو موكا

    Icon 08ⴱⵓⵔⵓⵔⵓ ⵎⵓⴽⴰ

    البومةمن الطيور الليلية الجارحة المميزة في عالم الطيور، فهي تتميز بحاسة البصر القوية ليلاً ويبدو ذلك جلياً واضحاً من كبر حجم أعينها الحادة الثاقبة، وهي تتغذى بشكل عام على الفئران والقوارض والحشرات، فهي بذلك استحقت لقب منظف البيئة و...

    اقرأ المزيد

  • طائر القطا (لڤطا)

    Icon 08ⵍⴻⴳⵟⴰ

    طائر القطا معروف لدى فلاحي مژاب  بإسم لڤطا سمي بهذا الإسم لصوته فهو يصيح قطا قطا أما اسمه باللاتينيSand Grouse ولهذا الطائر رونق مدهش عند الطيران ويوصف أيضا بحسن المشي لتقارب خطاها فمشيه يشبه مشي النساء...

    اقرأ المزيد

  • الحمام البري أتبير ⴰⵜⴱⵉⵔ

    Icon 08 الحمام البري يسمى بالمژابية اتبير جمعه ئتبيرن ويسمى أيضا تاحجامن ن ئبرير لأنها تزور وادي مزاب في شهر أفريل وتسمى أيضا تاحجامت ن ورجلان، وفي بعض التنوعات الأمازيغية الأخرى أدبير، فهو من الطيور المهاجرة  وقد قام الإنسان بتدجينها، وتوجد......

    اقرأ المزيد

 

الحشرات في وادي مزاب

  • صرصار الليل تبوژبوژت

    Icon 08

    الصرصار (حشرة) كما هو في القواميس، تسمى في وادي مژاب تبوژبوژت وفي بعض التنوعات الأمازيغية افرضوض وبورجيج. يطلق على جنس من الحشرات المجنحة، يوجد ما يقرب من 1500 نوع في العالم منها عدة أنواع تعيش في بلاد الشبكة. من بين الأنواع الشائعة الصرصار البيتي والصرصار الحلقي . الجسم بني مسود لامع. الرأس دائري ضخم يحمل...

    اقرأ المزيد

  • ئغس ن دالت / بوطرطاڤ ⴱⵓⵜⴻⵔⵟⴰⴳ

    Icon 08

    الخنفساء السوداء هي من الحشرات التي تعيش في بلاد الشبكة تسمى بـالمزابية ئغس ن دالت او بوطرطاڤ  واشتقت هذه التسمية من لعبة يلعبها الأطفال مع هذه الحشرة حيث يضعونها على ظهرها فتقوم بشقلبة رائعة وتسقط على أرجلها محدثة صوت  طرطاڤ والاطفال يعشقون سماعه؛ ثم يعيدون...

    اقرأ المزيد

  • أطّمرو ⴻⵟⵟⴻⵎⵔⵓ

    Icon 08

    السرعوف أو فرس النبي أو الراهبة أو  الاسم العلمي  Mantodea من مزايا السرعوف أنه يتغذى على الحشرات مما يجعله أفضل حارس للمزارع من هجوم الحشرات وخاصة الجراد، والسرعوف يهجم على أي حشرة تتحرك أمامه ينقض على الحشرات بالكلابتين القويتين ويسرع في التهامها فهو لا يتوقف عن الأكل، ويكون أكثر...

    اقرأ المزيد

  • الحشرات في وادي مزاب قيد الإنشاء

    Icon 08

    زوجميهي تسمية لعدة حشرات في مژاب إليكم بعضها حسب كل قصر، زوجمي في قصر تجنينت يطلق على العنكبوت السام الذي يسمى في بعض قصور مژاب عڨب أرِّيح. زوجمي في قصر تغردايت  يطلق على الخنفساء الطائرة التي تسمى في بعض قصور مژاب بوجليص. ازوجمي في قصر آت يزجن يطلق على الحلزون. هناك مثل في اللسان المژابي يطلق على الثرتار فيقال: ئلس-س أتينيم د زوجمي فيا ترى أي هذه الحشرات يقصد المثل...

    اقرأ المزيد

 

الحيوانات الأليفة في وادي مزاب

  • بعض القيم الحضارية من المسكن المزابي مع الحيوانات الأليفة

    Icon 08

    عاش إلى جانب المزابي قديما في مسكنه العديد من الحيوانات الأليفة وقد خصص لكل واحد منها مكان خاص به ويسمى باسمه، منها تازقا نوموش أما القط  فالمزابي خصص له غرفة خاصة في المسكن التقليدي، من حق القط ان يخرج او يدخل متى شاء فقد خصصوا له جحرا خاصة في منازل الواحة تاجمي قديما يسمى ؤلووون نوموش و   منه أمشان ن تيغاطين...

    اقرأ المزيد

  • العنزة المزابية إلى أين ؟!
    تغاطت تومزابت

    Icon 08ⵜⵖⴰⵟ ⵜⵓⵎⵥⴰⴱⵜ

    تغاطت تومژابت العنزة المزابية هي سلالة ماعز قديمة بقدم الإنسان المزابي في بلاد الشبكة. ومن ضمن ثرواتهم المادية هذه العنزة الغنية بمنتوجها اللبني ومشتقاته التي تعرف بها المنطقة. فقد حافظ المزابيون على نوعين من الغذاء إنتاج التمور  وتربية العنزة المزابية...

    اقرأ المزيد

  • يوميات معزة في منزل مزابي

    Icon 08ⵜⵖⴰⵟ ⵜⵓⵎⵥⴰⴱⵜ

    يوميات معزة في منزل مزابيجوانب تربية العنزة وعائداتها وفوائدها في المنزل، طرق عيشها ويوميتها في العائلة مع الراعي مساء ليلا  شتاء صيفا،  ما أسباب إندثار هاته الظاهرة؟ هل تعلم أن المزابي كان لديه 3 أدلية (دلو)  أحدها لنواة التمر والأخر للنعمة بقايا طعام...

    اقرأ المزيد

  • تغاطت تومزابت.... جزء من هويتنا
    LA CHÈVRE MOZABITE

    Icon 08ⵜⵖⴰⵟ ⵜⵓⵎⵥⴰⴱⵜ

    العنزة من الحيونات الناذرة التي من بينها نوع ينسب لآت مزاب يسمى تغاط تومزابت موجودة في بلاد الشبكة  منذ ان كان المزابيون شبه رحل و...

    اقرأ المزيد

 

الحيوانات البرية في وادي مزاب

 

  • القوندي المزابي ⴳⵓⵏⴷⵉ

    Icon 08

    القوندي المزابي حيوان يعيش في الجبل هو من القوارض من بين الحيونات المهددة بالانقراض وهو محمي وقندي ماسوتير هو جنس من الحيوانات يتبع فصيلة القندية من رتبة القوارض هذا الجنس يضم نوع واحد غير منقرض هو قندي مزابي واسمه العلمي Massoutiera mzabi ..

    اقرأ المزيد

  • لـــــــــــــــورن ⵍⵉⵕⴻⵏ

    Icon 08

    لورن المعروف بإسم  الورل الصحراويّإسمه العلميVaranus griseus هومن الزواحف يشبه الضب بالمزابية آحردان إلى أن ذيله طويل من ذيل الضب وليست به  حراشف خشنة هو أملس يستعمله كوسيلة دفاعية، هو من آكلات اللحم يصطاد الأفاعي والضب مزود بأنياب حادة تمكنه من تمزيق فريسته. عادةً ما تكون ألوان جسد الورل الصحراويّ متنوِّعة وكثيرة، فتتراوح من البني الفاتح والأصفر إلى الرماديّ. وتقطع جسده في الكثير من الأحيان خطوطٌ أفقية غامقة على ظهر وذيله، كما تتناثر على ظهره بعض البقع الصَّفراء. وأما...

    اقرأ المزيد

  • الضب أحردان

    Icon 08ⴰⵃⴻⵔⴷⴰⵏ

    الضب من الزواحف يعيش في بلاد الشبكة كباقي المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية الجافة، يتحمل حرارة مرتفعة تتعدى أحيانا 50C°. يتميز الضب بجسم غليظ متجعد ومسطح، الرأس دائري ومسطح، الذنب عريض وقصير نسبيا ويحمل...

    اقرأ المزيد

 

البيئة في سهل واد مزاب محاضرة للأستاذ عبد المجيد رمضان

استقبال مزاب للمهاجرين

استقبال بني مصعب للمهاجرين من مختلف الجهات العهد الثاني

يقول الشّيخ عليّ يحيى معمّر:" وفي أوائل القرن الخامس توالى الجفاف على منطقة وارجلان وما جاورها عددا من السّنين، وزفقر كثبان الرّمال على سدراته. وكانت بعض الأدوية التي تنساب تحت طبقات من الأرض، حتّى إذا وصلت إلى منطقة سدراته ووارجلان نبعت على شكل عيون غزيرة، قد تغيّرت مجاريها فغارت تلك العيون، فضاقت الحياة بالنّاس لاسيما أصحاب الماشية... فلم يجدوا منتجعا لإنقاذماشيتهمغير بادية بني مصعب... هكذا قرّروا أن يتّجهوا إليها"[1]هذه الهجرة تمّت لأسباب اقتصادية ناتجة عن ظروف طبيعية. وهناك هجرات أخرى لأسباب سياسية، أهمّها انقراض دولة بني مدرار في سجلماسة عام 366هـ/ 976م[2]، ووصول بني هلال إلى المغرب عام 443هـ/ 1050م، والتّخريب الأوّل لسدراته عام 467هـ/ 1075م على يد أحد أمراء قلعة بني حمّاد المنصور بن النّاصر، والتّخريب الثّاني لها عام 626هـ/ 1229م على يد يحيى بن إسحاق الْمَيُورْقِيالمرابطي، المعروف بابن غانية، في ثورته ضد الموحّدين. وخربت سدراته أخيرا عام 672هـ/ 1274م.يضاف إلى هذه الهجرات الجماعية استقبال وادي مزاب لعائلات أو لأفراد على مرّ القرون من المناطق المذكورة ومن غيرها. فقد احتضن جماعات متلاحقة وأفرادا شاركوا بني مزاب في إنشاء قراهم وتعميرها. فقد أتى هؤلاء المهاجرون من سدراته ووارجلان ووادي أَرِيغْ، وقصر بني خفيان قرب المنيعة، وجبل عمور وقصر البخاري والمدية، ووادي غنيم قرب الأبيض سيدي الشّيخ، ومن جبل نفوسة وجربة ومن سجلماسةوفقيق والسّاقية الحمراء وغيرها. هؤلاء القادمون جميعهم إباضية أو اعتنقوا المذهب الإباضي عند استقرارهم بالمنطقة، ويطلق عليهم جميعا اسم بني مزاب مثل من سبقهم بها.يتبيّن ممّا سبق أنّ تصوير بني مزاب بأنّهم نزحوا إلى سدراته من تاهرت عند انقراض الدّولة الرّستمية، وأنّ سكّان سدراته هاجروا منها إلى وادي مزاب عندما خرّبها الميورقي، وعمّروه وأسّسوا قراه، تصوير خاطئ الهدف منه جعل إباضية المغرب جماعة من النّاس تطوف من مكان إلى مكان، والأمر غير ذلك كما رأينا.

-----------------------------------

[1]_ الإباضية في الجزائر، الجزء الثّاني، 436.

[2]_ استمرّت من 140هـ/757مإلى 366هـ/976م على مذهب الصفرية.

استقرار الدولة الرستمية

استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين

 

لقد كانت افريقية تغلي بثوراتها على الولاة الضعفاء. وكان السخط والشقاء والحاجة تسودهما. فكيف كان المغرب الأوسط وما يتبعه من المغرب الأدنى: جنوب افريقية، وجزيرة جربة، وجبلا نفوسة. وكان هانئا، سعيدا، مطمئنا، تحت جناح الدولة الرستمية الجمهورية العادلة التي تسوسه بسياسة الدين، وتلزم فيه هدى الخلفاء الراشدين. إنها دولة إباضية أنشأها الإباضية الذين يتمسكون بالإمامة الإسلامية والجمهورية العادلة كل التمسك.

فكيف نشأت الدول الإباضية الجمهورية في المغرب فأسعدته، ودخل بها أعراسه البهيجة، وأعياده الباسمة، وعهود قوته وسعادته! وكان الملجأ الأمين الهانئ للمضطهدين الأحرار في الدول الملوكية في المشرق. يلجئون إليه فيجدون الإخوة والصفاء، والحرية والعدل، والحضارة الإسلامية الراقية التي تنبع من الدين المكين، والعلم الزاهر، ونعمة تمسك أئمته وولاته وموظفيه بالدين في كل شيء؟!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 130

استقصاء الأجناس السردية للأدب المزابي

  • استقصاء الأجناس السردية للأدب المزابي
    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    - الحكاية والأسطورة والقصة الشعبية تَانفُوسْتْ
    - قصص الأطفال تِينفَاسْ نْ ؤُتشِيدَنْ
    - الفنون المسرحية تَسُنَايْتْ
    - الأمثال والحكم الشعبية إنْزاَنْ
    - الألغاز والأحاجي ألاَّوَنْ

  • القصة الشعبية تَنْفُوسْتْ

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    القصة الشعبية تَنْفُوسْتْ موضوعاتها وخصائصها تسمى القصة بالمِزابية تَنْفُوسْتْ، ولم أصل بعد إلى معرفة أصل التسمية بالضبط، ولعلها جاءت من "أنْفَاسْ "، وهو التنفيس، وهذا ما استنتجته من خلال ملاحظتي لهذه الخاصية في عديد القصص المزابية، كما سيأتي بيانهأما موضوعاتها فمتنوعة ومن أبرزها التعرف على الظواهر الطبيعية من ذلك قصة ظهور "كُحل العينين"، والذي.....

    اقرأ المزيد

  • الشعر إِزَلْوَانْ موضوعاته وخصائصه

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    إن هذا العنصر بالذات يحتاج إلى كثير من البحث والعناية، فالشعر المزابي شفويٌ جميعه، وبعضه محفوظ عند الكبار أو المسنين، لكن جمعه وتدوينه لم يعرف تطورًا كبيرًا، وما جمع لم يعرف طريقه إلى المطابع إلا في مبادرتين طيبتين؛ الأولى للأستاذ عبد الوهاب حمو فخار، أستاذ الأدب المزابي بمعهد الإصلاح بغرداية، والثانية للأستاذ صالح عمر ترشين أستاذ الأدب المزابي بالمدرسة الجابرية ببني يزجن، ويسمى ديوان الأول:"إمطَاون نَلفَرْحْ" دموع الفرح، في....

    اقرأ المزيد

  • الأمثال والحكم  إِنْزاَزنْ موضوعاتها وخصائصها

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    الأمثال والحكم الشعبية المزابية كثيرة ومتنوعة المواضيع، وهي أصيلة أصالة المجتمع وعريقة عراقة تنظيماته وأعرافه، وهي مستمدة من واقع المزابيين ومما يستعملونه ويُعايشونه في حياتهم اليومية، كالمِنسج، والحقل، والعناية بالنخيل. أو من حيوانات البيت الأليفة كالمعزة والقط، أو الحيوانات الصحراوية كالذئب والأفعى. كما أنّ من مميزاته تركيزها على الرجل والمرأة أكثر من الطفل، وأحياناً على.....

    اقرأ المزيد

  • المسرحية  تَسُنَايْتْ موضوعاتها وخصائصها

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    هناك العديد من المسرحيات التي مُثلت على الخشبات في قرى مژاب المختلفة، ولعل أهم مناسبة لتقديم العروض إلى اليوم هي الأعراس الجماعية؛ إذ تتخذ الليلة الثانية من العُرس في دار "الحَجْبَة" طابعاً أدبياً وفنياً متنوعاً، تقدم فيه الأناشيد الجماعية والوصلات الفنية الفردية، والنكت. وغيرها، ويحظى المسرح بحصة مهمة من تلك الليلة، ويتجلى في أشكاله المتنوعة من اسْكاتشات كوميدية، ومنولوج، ومسرحيات اجتماعية جادة. للأسف لم.....

    اقرأ المزيد

  • الأحاجي والألغاز موضوعاتها وخصائصها

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    الألغاز: وهي من الفنون الأدبية التي يتميز بها الصبية المزابيون عن الراشدين، وقد كان هذا اللون الأدبي رائجًا بين الأطفال بشكل كبير، وان تراجع بعد ظهور التلفاز والألعاب الإلكترونية وذيوعها بشكل ملفت للنظر، ومقلق في نفس الوقت، وما زلنا نتذكر مجموعات الأطفال أمام باب المدرسة  القرآنية، أو المدرسة الرسمية، وهي تنتظر أن يفتح لها الباب، وهي تتنافس في....

    اقرأ المزيد

اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها

وكانت الدولة الرستمية تعتني كل الاعتناء بتثقيف المرأة، وبتعليمها كل ما يجعلها زوجة صالحة، وأما كريمة، وأساسا للدولة العظيمة التي يريدها الجمهوريون في المغرب لأنفسهم. وكانت تعرف دينها كل المعرفة، وتتخلق بأخلاقه العظيمة. وتفهم العربية وتقرؤها، وتكتب بها، وتتقن كل الصناعات المنزلية، وتتجلى بالثقافة النسوية الراقية التي تجعل الدنيا في عين زوجها على نضارة خديها، وابتسام شفتيها، وتجعل داره كأحضانها تغمره بالعطر، وتسعده بالحب، وتنعش كل حواسه بالجمال.

وقد برع في العلم نساء عالمات في الدولة الرستمية ضاهين فيه فحول العلماء من الرجال. ذكر الشماخي، والدرجيني، وأبو زكرياء عددا كثيرا منهن في كتبهم. ومن العالمات النابغات في المغرب الأوسط في الدولة الرستمية أخت الإمام افلح. وقد برعت في علم الفلك حتى بزت فيه أخاها افلح! انه لا يهتم به إلا الخاصة من العلماء، والفحول من ذوي المعرفة. وقد برعت فيه العالمة النابغة بنت عبد الوهاب، ومما يدل على أن درجتها في العلوم الشائعة في النساء كالعلوم الشرعية واللغوية كانت فيها في أعلى الدرجات.

ولم تكن العالمة بنت الإمام وحدها على هذه الدرجة الرفيعة في العلم، بل كان بيت الرستميين كله كذلك.

عناية المرأة في الدولة الرستمية بالعلم وغرامها بتثقيف نفسها

وكانت النساء يحضرون هذه الدروس في المساجد. وكن يتقاطرن في وقت الصلاة إلى اقرب مسجد منهن فيصلين مع الجماعة، ويحضرن هذه الدروس بين الصلوات، وينقلنه في وجدانهن وعقولهن إلى منازلهن، فيعرفه يشعر بروحه كل من لم يستطع الذهاب إلى المسجد من ربات البيوت، ويغشي وجدانهن المتأجج بالدرس أطفالهن فيصطبغون به.

وكانت المرأة في الدولة الرستمية بالتربية الأولى في البيوت الصالحة الراقية، وفي مدارسهن الرشيدة، وبصلاح الآباء والأزواج، وبهذه الدروس التي تتدفق بها المساجد فتملؤها بأسباب الصلاح؛ كانت بهذا صالحة، ومثقفة العقل، عليها دينها وعقلها لا غرائزها وأهواؤها كنبات المدارس الاستعمارية.

صلاح المرأة في الدولة الرستمية بالدين والعلم وإسعادها للزوج والدولة

وكانت المرأة في الدولة الرستمية مثال الصلاح والثقافة والإسعاد لزوجها. يحظى في ظلهن الزوج بكل سعادة وهناء، وتفيض الديار بهن بكل انس وحب، ونعيم وحضارة، ويفتحن بيمنهن واستقامتهن وإخلاصهن وحبهن للزوج والأسرة أبواب البركات، والخيرات، والنجاح في كطل الميادين؛ ويجعلهن الحياة تبسم للزوج كثغورهن الباسمة بالصفاء والمحبة، والأيام تشرق له إشراق وجوههن بالدين.

وكانت المرأة في الدولة الرستمية للأبناء خير أم! أنجبت للدولة بدينها وتربيتها الصحيحة الأجيال القوية التي استطاع بها المغرب أن يرفع رأسه، ويحقق كل آماله في العزة والحرية والسعادة، وستنزل رحمة الله ونعمائه بصلاح المجتمع وطهره وزكائه، بفضل تلك الأم الطاهرة الصالحة المثقفة!

وكان في كل مسجد من مساجد الدولة الرستمية قسم خاص للنساء يفصله عن قسم الرجال جدار مخرم يستر النساء، ولا يحجب عنهن صوت المدرس، وتلاوة الإمام، ولا زالت هذه السيرة الإسلامية الحميدة في مساجد والدي ميزاب بجنوب الجزائر إلى اليوم.

فترى في كل مسجد قسما خاصا للنساء يمتلئ بهن فيس وقت الصلاة، وفي وقت الدروس الحية، في التفسير، والحديث، وفي سيرة الرسول ذ، والخلفاء الراشدين وصلحاء المغرب، وفي الأخلاق، وفي الأمراض الاجتماعية كلها. وترى النساء يتشربن تلك الدروس في حرارة وحماس وانتباه كما تتشرب الزلابية الساخنة العسل من الإناء الذي تغمس فيه، فتراهن والحمد لله حلاوة لأزواجهن، يسعدنهم، وصلاحا وطهرا للمجتمع، وترى الأزواج بصلاحهن، وثقافة عقولهن في نعيم وهناء، وفي طمأنينة وسعادة. لا يحسون بالمرارة والسواد تملأ به قلوب أزواجهن المتفرنجات التعيسات اللائي جردتهن المدارس الاستعمارية ن دينهن وأخلاق الدين، وجعلتهن في تلك المدارس اسفنجة عطشى تغمس في المحبرة!

ليت مغربنا الكبير وهو يتمنى الحياة الهنيئة السعيدة، ويريد أن يكون اكبر دولة إسلامية ترجح بها كفة المسلمين في كل الميادين، يوقن بان ذلك يكون بالمرأة الصالحة المثقفة التي يعمر الدين الإسلامي العظيم جوانب نفسها، ويورثها كل ثقافة وصلاح، ويرث المجتمع منها والدولة كل طهر وقوة، فيرضى عنا الله.

النساء بتلك الدروس الدائمة على نصاعة ونقاء زهور الفل والياسمين التي يباكرها الطل في كل غداة فيزيدها نقاء، وتغاديها النجوم في كل سحر فتغسلها بالندى، وتجعلها خليفتها في رؤوس الشجر في البياض والصفاء، وفي النضارة والنقاء!

قال الشماخي يذكر قسم النساء في مسجد من مساجد جبل نفوسة الذي كان ضمن الدولة الرستمية، ويذكر ولع العلامة الشيخ أبي زكرياء يحيى بن الخير الجناوني بالبحث والاستقصاء والاطلاع. قال الشماخي: " ومما ذكر عن الشيخ أبي زكرياء انه أقام عند أبي الربيع مدة طويلة ) يدرس العلم في المسجد الذي يلقى فيه دروسه العالية، وكان مدرسة للتخصص في العلوم ( ومن عادة نفوسة أن يجعلوا سترا على الصف الأخير في جميع مساجدهم يدخله النساء لسماع العلم والصلاة. فلما أراد الانصراف من عند شيخه وودعه ليرتحل قال: أمهلوني حتى ادخل خلف الستر لأراه لعلي اسأل عنه"1.

--------------------------

1- -السير للشماخي ص 536 .

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 337-361

الآبار التقليدية بواد مژاب

الآبار التقليدية بواد مژاب(01)

Icon 08

الحرية والطبيعة دستوران مقدسان لحياة الإنسان على وجه المعمورة لحكمة وضعها يد الباري جل جلاله، يكفلان له السعادة والسلام ما لم يأخذهما بالتزوير والتشويه والتنسيق والتمويه هنالك يفقدان سحر جمالهما وسر معانيهما فيصبحان مصدر بلاء الإنسان ومشاكله المعقدة ومبعث المسخ في خلافته لله في الأرض.

تكاد تكون الحياة في وادي مزاب إلى العهد القريب مستحيلة، فالمزابي يتجشم مشاق فوق طاقة البشر لاستثمار تلك الأرض الجرداء وتكوين الحياة فيها؛ وناهيك أنه كان قبل حفر الآبار الارتوازية بها لا يحرز الإنسان على قطرة ماء إلا إذا حفر بئرا...

تعد الآبار في منطقة وادي مزاب مكسبا حضاريا مهمًّا خلفه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى نتيجة تظافر الجهود جيلا بعد جيل، فهي مصدر إلهام وتحفيز على مواصلة تحدي الصعاب لتذليل الصحراء بتحويلها إلى واحات غناء من البساتين والحقول.

إن المحافظة على الآبار جزء من المحافظة على النظام التقليدي لتقسيم المياه الذي يجدد التربة ويسقي الواحات التي تعتبر أهم المساحات الخضراء في الصحراء، فهي الرئة التي تتنفس منها المدن بقصورها العتيقة وتوسعاها الجديدة.

تتواجد الآبار بكثرة داخل واحات النخيل وعلى طول مجرى وادي مزاب، وكذلك على مستوى الروافد التي تصب فيه، كما تجدر الإشارة إلى أن كل قصور وادي مزاب تضم خلف أسوارها العديد من الآبار.

والرابط المشترك بين الآبار في الواحات ونظيراتها المتواجدة على مستوى القصور هو أنه يتم بواسطتها استخراج المياه من الطبقات الجوفية...

في سنة 1905م بلغ العدد الإجمالي للآبار في وادي مزاب حوالي 3169 بئر، أما بالنسبة لقصر غرداية وواحاتها فقد بلغ عدد الآبار حوالي 1741 بئر، ولكن حاليا لا تتوفر إحصائيات دقيقة للآبار، نظرا لما تعانيه من الإهمال واختفاء الكثير منها بسبب التوسع العمراني على حساب المعالم الأثرية ..

--------------------------

(01) كتاب مزاب بلد المعجزات، صالح بن داود بافولولو، ص 46، 47.

المصدؤ nir-osra.org

 

الآبار بنوك المزابيين

الآبار بنوك المزابيين(01)

Icon 08

يقول تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ..﴾ والماء سبب الحياة وخاصة في الصحراء حيث الجفاف الشديد، وندرة الأمطار والسيول ولذلك اتخذ المزابيون إجراءات متنوعة لاستغلال مياه الأمطار، وحفر الآبار، لفلاحة الأرض وإنشاء البساتين، فراعوا هذا الجانب في توزيع بناء قراهم على مساحة عشرين كيلومترا من أن يبنوها مدينة واحدة كبيرة يتجمعون فيها، وهذا بسبب الحروب وعدم الاستقرار لأنهم لا يأمنون على أنفسهم فهم في حالة دفاع، فاختاروا بناء قراهم على رؤوس المرتفعات ليتحصنوا فيها من أعدائهم، فتسهل عليهم مراقبتهم، وليوفروا الأراضي للزراعة، وتجمعهم في مكان واحد بجعل المسافات بين مدينتهم ومزارعها بعيدة، الأمر الذي يسبب إضاعة الوقت للفلاح يوميا. ولذلك بنوا مدنا متقاربة في أعالي المرتفعات لتسهيل الدفاع عنها، ولتوفير الأراضي الزراعية ولتشتيت القوى المهاجمة عليه حتى لا يعطوا فرصة القضاء عليهم.

ولتموين القرية بالماء حفروا آبارا في أعالي المرتفعات، وأطرافها وبداخل كل قرية، لضمان وجود الماء في حالة الحصار، ولأنهم يحتاجونها للشرب والغسيل، فنظموا توزيعها فحفروا بجانب المسجد بئرا رئيسية في أعلى قمة الجبل، وقسموها نصفين في أعلاه، قسم خاص بالرجال والآخر خاص بالنساء، أصبح الآن يُنتفع بها ولا يستغني عنها رغم امتداد شبكة المياه في داخل كل مدينة لكن انقطاع الماء الفجائي أو المنتظم أحيانا يجعل سكان القرية في مأمن أمام فقدان مورد الماء.

وفي وقتنا الحاضر أصبحت لآبار المسجد مضخات كهربائية وخزانات لا ينقطع منها الماء ليل نهار، وهذه الآبار الملاصقة للمسجد يشرف عليها العزابة، وينظمون أوقات استغلالها لأنها هي التي تضمن توفر المياه لميضأة المسجد، وفي كل سوق من أسواق المدينة بئر، كما تحفر الآبار بجوار كل قرية، وتغرس خلفها نخلة لتمتص المياه الضائعة من جراء السقي. وما تدر به تلك النخلة من ربح يكفل مصاريف حبل البئر وأدواته وما زال هذا المنظر من وجود نخلة خلف البئر موجودا. فهذه الآبار العامة يشرف على حفرها ورعايتها، وما تتطلبه من صيانة وتنظيم استغلالها هيئة العزابة في كل قرية، وقد يضطر العزابة إلى إلغاء بئر وتعويضها بأخرى إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، وقد يشركون جماعة العوام في اتخاذ القرار في هذا الشأن.

قال أحد علماء الاجتماع: "إن بنوك المزابيين هي الآبار" وتساءل الباحث "بوردیو" في دراسة اجتماعية حول مزاب عن ظاهرة الآبار الغريبة حسب ما اطلع عليه، تساهل قائلا: "كيف أن أناسا دخلوا عالم الاقتصاد الحديث من أوسع أبوابه وهم يحذقون الأساليب الفنية في هذا الميدان".

--------------------------

(01) كتاب نظام العزابة ودوره في الحياة الاجتماعية والثقافية بوادي ميزاب، صالح بن عمر سماوي، ص 163.

المصدؤ nir-osra.org

 

الأحاجي والألغاز موضوعاتها وخصائصها

الأمثال والحكم  إِنْزاَزنْ موضوعاتها وخصائصها

c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

1 الألغاز:

وهي من الفنون الأدبية التي يتميز بها الصبية المزابيون عن الراشدين، وقد كان هذا اللون الأدبي رائجًا بين الأطفال بشكل كبير، وان تراجع بعد ظهور التلفاز والألعاب الإلكترونية وذيوعها بشكل ملفت للنظر، ومقلق في نفس الوقت، وما زلنا نتذكر مجموعات الأطفال أمام باب المدرسة  القرآنية، أو المدرسة الرسمية، وهي تنتظر أن يفتح لها الباب، وهي تتنافس في وضع الألغاز تلو الأخرى ليعجز الأطفال بعضهم البعض عن حلها.. في جو مفعم بالمرح والحبور..

ويبدأ لغز الأطفال بالمزابية دائمًا بعبارة: "أَزَڤع  إِ بَتَّ " أو "أَكَسْ إِ بَتَّ " ومعناها بالعربية: "ما معنى" أو "ما هو".

ومثال ذلك قول الطفل لصاحبه: "أَكَسْ إِ بَتَّ إڤَّنْ وَحْبَا يَصْلَح ، يَشُّورْ سْ اِزازاَغَنْ، ؤُ تِيرَزَّمْ غِيرْ

بَابَسْ؟!"، "أَيَنْ دِ إِيمِيِ".

تعريبها: "ما معنى علبة مملؤءة بحجار بيضاء لا يفتحها إلا صاحبها"، هو: الفم".

أو قولهم: "أَكَسْ إِبَتَّ إِڤَّنْ شْرا تْرَڤْبَتْ إِيرَڤبَاتْ "؟! " أَيَنْ دِ "تِيسِيتْ ".

تعريبها: "ما هو الشيء الذي تراه  ويراك؟"،هي: "المرآة"،

أو قولهم: "أَكَسْ إِبَتَّ إِڤَّنْ ؤُجِي تْرَڤْبَتْ إِيرَڤبَاتْش"؟ ! أَيَنْدْ : "أَجَلِّيدْ أَمَقْاَرنْ ".

تعريبها: "ما هو الشيء الذي لا تراه وهو يراك"؟ ! ، هو: الملك العظيم" أو ملك الملوك سبحانه وتعالى،...

وأمثلة هذا عند الأطفال كثيرةوعديدة) (1)

2 الأحاجي:  أَلاَّوَنْ

الأحجيات في الثقافة الشعبية أصيلة بالمجتمع الجزائري، ومنها "البوقالات" عند العاصميين، والتي كانت تُلعب في المناسبات الخاصة كسهرات رمضان، والأعياد، وعاشوراء، وفي المناسبات السعيدة، حيث يجتمع أفراد العائلة، وكانت السيدات والعجائز والبنات الشابات يجلبن إناء من الفخار الذي يسمى "البوقال" وهي قُلَّة متوسطة تملأُ بالماء، وكل امرأة أو فتاة من الحاضرات تضع في البوقال خاتمها الخاص أو الذي تضعه بكثرة، فتُلقى في تلك "البوقالة"، وفي كل مرة تنشد العجوز التي تتولى تسيير تلك الجلسة الحميمية بذكر أنواع من الفال الحسن، وجميع الحاضرات مصغيات بانتباه شديد إلى ما تقوله تلك المرأة من كلام حسن وأدعية بالخير..، ويزداد الشوق لمعرفة صاحبة البوقالة الجميلة تلك، وذلك كلما أدخلت العجوز يدها في البوقال لإخراج خاتم ما، لأنها ستختار عشوائيا خاتما من الخواتم الموجودة فيه، وبالتالي صاحبة الخاتم هي صاحبة البوقالة، فيُردُّ إلى صاحبتها وتكون صاحبته هي من قيل فيها ذلك الفال الحسن.

هذه الصورة الموجودة في الجزائر العاصمة، توجد إلى اليوم في مزاب ولكن بشكل مختلف نوعًا ما، فعوض إناء البوقال، توضع مجموعات صغيرة من النُّقَل والحلويات والفول السوداني.. في مجموعات متساوية.

وبعد أن يوزع ما تَجمَّع بنسب متساوية تتقدم كُبرَى النساء الحاضرات أو أحفظهن لروائع الحكم وهي بالبربرية، وقبل أن تبدأ التوزيع والكلام تتنحى تِنتَانِ منهن جانبًا ويأخذن علامات على قدر النساء الحاضرات أو يكتبن أسماءهن في أوارق صغيرة ثم يَطوِين تلك الأوارق ويعطينها لهذه المقدمة، فتقول ما شاء لها القول عند إلقاء كل علامة أو ورقة من تلك الأوراق على الحصة(2) ، وكثيرا ما يصدق حدسها عند الكلام على صاحبة تلك الورقة التي لا تعلمها، فتتحدث حين تتحدث عنها ببعض ما تشعر به صاحبة الفال، وهذا يكثر عند الأمهات المُسِنَّات..

ولم يسجل أحد فيما نعلم  تلك الحكم والمقالات، ولو فعل لسجل لنا قسمًا مهمًا من الثقافة الشعبية التي كنا ولا ن ا زل بِجهلنا لا نعطي لها قيمتها الحقيقية في مقوماتنا الأصيلة، ولعل الله يمن علينا بتسجيلها وشرحها ومحاولة التعرف إلى ما فيها من أدب شعبي وتاريخ وثقافة، فهل يسمع الشباب؟!!.

وتسمى هذه العملية "أَلاَّوَنْ " وهي جمع لكلمة "أَلاَّوْ "(3) وهو الحصة أو النّصيب، واشتهرت من الأمهات الصالحات في بلدة العطف السيدة "لاَلَاكْ أَنْ عُومَرْ "، وكانت امرأة فاضلة أتقنت هذا الفن وصارت ماهرة به، وان كان للأسف لم يُبادر أحد إلى جمع أقوالها الحكيمة تلك إلى تاريخ اليوم.....(4).

أما بالنسبة للأطفال فنفس التظاهرة تُقام لهم، فتوضع لهم حلقة خاصة بهم ويعقدون "الفال" بينهم، وهم في ذلك يحاكون الكبار، وقد يُشركون في حصص الفال مع بقية أف ا رد العائلة، ولكن يتعمد تصغير حصصهم من الحلوى فتتميز عن غيرها، وهذا حتى تعقد لهم الجدة "الفال" الخاص بهم كأطفال صغار.

-----------------------

(1) معظم هذه الألغاز نقلته مباشرة من أفواه الأطفال الصغار، لذلك قلت هو عندهم كثير، وباستطاعتهم توليد غيره بمعان وعبارات مختلفة

(2) هو: ما يشبه "البوقالات" عند العاصميات.

(3) أَلاَّوْ وهو فيما نحسب من "الفَال الحسن" الذي هو مستحب، وقد سبق الإشارة إليه.

(4) الشيخ القرادي، رسالة في بعض عادات وأعراف وادي مزاب، ص 125-126

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا

  • الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    تعدّ منطقة واد مزاب  غرداية ملتقى مجموعة معارف وتجارب إنسانية، شكلت مع مرور الزمن ثراء فكرياً وثقافياً مميزًا للمنطقة، يضاف إلى الرصيد اللهجي والثقافي المتنوع ببلادنا الجزائر ومعظم أقطار المغرب الكبير، وأمام إشكاليات العولمة ومنها إلغاء ومحو الخصوصيات، وأمام التراكم والتنوع الثقافي والحضاري الذي تزخر به بلادنا، لاشك أنّ الكثير من الباحثين والمتخصصين يسعون إلى سبر أغوار هذا التراث الثقافي في سبيل تثمينه والتعريف والمحافظة عليه؛ وقد تولدت من هذا المنطلق فرق بحث جامعية ترمي إلى الغرض؛ ومنها.....

    اقرأ المزيد

  • الأدب المزابي في ظل إشكالية الجمع والتناول

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    يطرح الأدب المزابي عمومًا إشكاليتي الجمع والتناول، أمّا الجمع فيأتي من تشتته في المصادر الشفوية هنا وهناك، بحيث أنَّ كل قصر من قصور وادي مزاب السبعة يحتفي برصيد شفهي متنوع وغني بالقيم الفنية والجمالية، في حين أنَّ إشكاليات التناول تأتي من قلة الإقبال عليه من طرف الطبلة والباحثين، وبخاصة من أبناء المنطقة ممن هم وثيقي الصلة بلغتهم الأم وأعرف أكثر من غيرهم بتفاصيل الحياة اليومية وبالعادات والتقاليد الخاصة بمجتمعهم الصغير...، ولعل ذلك راجعٌ بالأساس إلى عدم وجود مؤسسات تعنى بهذا الجانب من الذاكرة، وعدم إحاطة الهواة بمناهج البحث في هذا المضماروقد وجدت فئة قليلة جداً، تنظر إلى هذا الموضوع عادة بنظرة الانتقاص أو التخوّف، لأنها في تصور بعضهم  قد تكون.....

    اقرأ المزيد

  • خصائص اللِّسان المزابي

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    اللغة المزابية أصلها زناتية، وهي قريبة جداً من الڤورارية والشَّاوية والشَّلحية والنفوسية، ومن خصائصها الابتداء بالساكن كقولهم:  تْمارْتْللِّحية، وتْفُويْتْ  للشمس، ومن خصائصها أيضا اجتماع ساكنين أو أكثر كما في المثالين السابقين، وتاء التأنيث تكون في أول الاسم مثل تَفُونَسْتْ للبقرة، وقد ترد في آخره تْوَارْتْ  للبؤة..؛ والمزابية غنية بالتراكيب المتناسقةوالمفردات الجزلة والعميقة، وغنية بالأمثال والكنايات التي من شأنها الإيجاز، وما يُغني عن كثرة الكلام، كما أن في المزابية شعر مناسبتي كثير، وهو للرجال والنساء والأطفال.
    وقد تأثرت كثيرًا باللغة.......

    اقرأ المزيد

  • أعلام الأدب المژابي

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    ينقسم المهتمون بالأدب المزابي ويتنوعون بين أدباء ومبدعين ودارسين باحثين، ومن أبرزهم:
    الأدباء والمبدعين: ويتنوعون بين مختلف الفنون الأدبية النثرية والشعرية، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، في مجال الشعر: ترشين صال ، أحمدحاج يحيى، عمر داودي، عمر بوسعدة، سعيد إبراهيم، عبد الوهاب فخار، مصطفى علواني، يوسف لعساكر...
    وفي المسرح: يوجد الهواة والمحترفون فرادى ومجموعات، على أنّ حركة المسرح بحدّ ذاتها بحاجة إلى بحث مستقلّ يبرز تاريخه وأعلامه وفرقه... في مختلف قصور وادي مزاب، وهي تنشط في المناسبة الاجتماعية كالعطل والأعراس..، ومن المتأخرين نذكر على سبيل المثال.....

    اقرأ المزيد

  • استقصاء الأجناس السردية للأدب المزابي

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    - الحكاية والأسطورة والقصة الشعبية تَانفُوسْتْ
    - قصص الأطفال تِينفَاسْ نْ ؤُتشِيدَنْ
    - الفنون المسرحية تَسُنَايْتْ
    - الأمثال والحكم الشعبية إنْ اَ زنْ
    - الألغاز والأحاجي ألاَّوَنْ
    .


    اقرأ المزيد

  • آفاق تناول الأدب المزابي بالدراسة والبحث

    c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

    تكون الفرضية العامة للبحث على النحو الآتي:
    - 1أهمية الثقافة الشعبية ودورها في تركيز الشخصية الوطنية .
    - 2الأدب المزابي في ظل إشكالية الجمع والتناول.
    - 3خصائص اللِّسان المزابي .
    - 4أعلام الأدب المزابي .
    - 5استقصاء أجناس الأدب المزابيالحكاية والأسطورة والقصة الشعبية  تنفوستْ .قصص الأطفال  تِنفاس ن ؤتشيدن . الشعر الشعبي  إزلوان . الفنون المسرحية  تَسُنايتْ. الأمثال والحكم الشعبية إنزانْ. الألغاز والأحاجي  ألاَّون.
    6 خصائص وفنيات الأدب المزابي .
    7 آفاق تناول الأدب المزابي بالدارسة والبحث .
    8 طبع ونشر مجموع الأعمال التي تم جمعها.

    اقرأ المزيد

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا الملخص

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا 

c 7 د. يحيى بن بهون حاج امحمد

تعدّ منطقة واد مزاب  غرداية ملتقى مجموعة معارف وتجاربإنسانية، شكلت مع مرور الزمن ثراء فكرياً وثقافياً مميزًا للمنطقة، يضاف إلى الرصيد اللهجي والثقافي المتنوع ببلادنا الجزائر ومعظم أقطار المغرب الكبير، وأمام إشكاليات العولمة ومنها إلغاء ومحو الخصوصيات، وأمام التراكم والتنوع الثقافي والحضاري الذي تزخر به بلادنا، لاشك أنّ الكثير من الباحثين والمتخصصين يسعون إلى سبر أغوار هذا التراث الثقافي في سبيل تثمينه والتعريف والمحافظة عليه؛

وقد تولدت من هذا المنطلق فرق بحث جامعية ترمي إلى الغرض؛ ومنها فرقتنا للبحث بجامعة غرداية والتي تبحث في رصيد الحركة الأدبية بوادي مزاب منذ الاستقلال إلى اليوم، جمع وتدوين الأدب المزابي نموذجاً ويقوم بحثنا هذا على دراسة جزئية من التراث الوطني وتاريخه الأدبي، من خلال الإسهام في تجميعه وتصنيفه والتعريف به، وما التأريخ للحركة الأدبية في وادي مزاب إلاّ نموذجاً عملياً، ومثالاً ضمن منظومة أدبية وثقافية وطنية شاملة ومتعددة الأشكال والأجناس واللغات والثقافات، في سبيل الوصول في المستقبل ومع جهود الباحثين الآخرين هنا وهناك إلى تدوين شامل لتراثالأمة الأدبي والثقافي.

 

الأعراس في مزاب

الأعراس في مزاب

Icon 09متابعة حلقة العزابة لنظام الأعراس      

مراحل العرس  

الأعراس الجماعية:  الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع

"أحبي" أو "تازوضا "    

النظام الديموقراطي في أعراس مزاب    

ألبوم صور الأعراس في مزاب

وثائقي اعراس مزاب

الزواج عند المجتمع المزابي يحمل دلالات كبيرة بداية من الروحانيات ثم المحافظة على الزي التقليدي وصولا الى التكاتف و التعاون الذي يلقاه العريس من طرف مجتمعه . اليكم هذا الوثائقي الذي يبرز يوميات العريس المزابي و مراحل العرس من البداية الى النهاية . من انتاج مؤسسة : بالكوم للخدمات الإعلامية .

 

مراسيم العرس بمزاب

 

أَيْرِيضْ نُوسْلِي

 

 

نموذج الأعراس الجماعية في وادي مزاب

(بريان ولاية غرداية)

 

 

 

الأعمال الأدبية المزابية

  • الأستاذ عبد الرحمن حواش

    c 7ترجمة عبد الرحمن حواش
    آت ئغيرسانⴰⵜⵉⵖⵉⵔⵙⴰⵏ
    آت ئعوبانⴰⵜⵉⵄⵓⴱⴰⵏ
    ئضْريسَنْ دِيسرِييَّنْ
    ازمني د ؤوجليد
    مي توفيد سيجور
    شمي تبهيد تيفت...
    .


    اقرأ المزيد

  • NOUH Abdallah

    c 7
    Le vocabulaire berbère commun Au Kabyle et au Mozabite
    Amawal n Teqbaylit d Tuméabt

    اقرأ المزيد

 

 

  • الفنان المرحوم الحاج معروف

    Icon 08

    ⵎⴰⵄⵕⵓⴼ

    من مواليد ( 14ماي1959) ، الا وهو الفنان المرحوم الحاج معروف ، صاحب الحنجرة الذهبية في طابع المالوف و الحوزي، قد برز في فن الانشاد بالعربية و بالامازيغية . ساهم بفنه النبيل في العديد من المناسبات و ادى قصائد الروائع لشعراء من المنطقة امثال الشاعر صالح ترشين و الشاعر فخار عبد الوهاب وغيرهم. قد شارك في.....

    اقرأ المزيد

  • الاستاذ محمد حفار

    Icon 08

    تاونزا ن تسلت
    ⵜⴰⵡⴻⵏⵣⴰ ⵏ ⵜⴻⵙⵍⴻⵜ

    تسلت من الحجم المتوسط في 80 صفحة يترنح بين النصوص الشعرية و القصصية بلسان الحيوان ، و بعض الألعاب التقلدية ، حيث ركز فيها المؤلف على طريقة لعبها وأدواتها المستعملة و الهدف منها ، كما جمع بعض من الالعاب الطفولية للذكور والإناث ، والتي تؤدي في مناسبة الاعراس، منها المندثر، ومنها ما يزال حتى الان. وقد ضم الكتاب معجم للالفاظ مكتوب بالحرف العربي والتيفيناغ مترجم الى الفرنسية والعربية. وقد قدم للكتاب الشاعر صالح تيرشين،حيث نوّه بالعمل و اشاد به ببعض الابيات .و للتذكير الاستاذ محمد حفار من مواليد ات يزجن من 6 ديسمبر 1998. طالب جامعي......

    اقرأ المزيد

  • الفنان ادريس بن محمد باجو

    Icon 08

    ⵉⴷⵔⵉⵙ ⴱⴰⵊⵓ

    شاعرا يداعب الكلمات على الأوراق و ينشدها بصوته الشجي ،أداؤه يترنح بين العربي و الأمازيغي، إنّه ابن واحات مزاب ، قصر تغردايت غرداية .الفنان ادريس بن محمد باجو، من مواليد 09 جانفي 1983م. نشأ مولعا بالنغم الأصيل و الكلمات الجميلة ، ومقلّدا لكبار المرتلين والمنشدين منذ صغرهرئيس فرقة "أنغام الوادي"لازم الأستاذ عمر بن يحي داودي في نشاطه الفني من سنة 2003 إلى غاية اليوم .. مرورا بتأسيس جمعية النغم للفن والأدب سنة 2007م.
    أعماله الفنية :مشاركات عدة في ألبومات وأوبيراتات رفقة الأستاذ عمر داوديشكل ثلاثي المنشدين رفقة احمد جمال و.....

    اقرأ المزيد

الأعمال الجماعیة في مزاب

الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع


الولیمة بعد التقاء العریسین سنة من سنن الرسول صلى لله علیھ وسلم لا داعي للتفصیل في مشروعیتھا وكلامنا ھنا ینصب
حول إقامة ھذه الولیمة في زماننا ھذا وھذا لا یكون إلا بالرجوع إلى الوراء قلیلا لننظر في طبیعة مجتمعنا من الناحیةالدینیة والاجتماعیة ونبني على ذلك حكمنا .

المجتمع المیزابي مجتمع جماعي یبني كل شيء على أساس قولھ تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى . فتجده یؤسس نظماجماعیة ویتقبلھا ولو كانت من خارج المجتمع، فبعد اقتناعھ - أي المجتمع في أول الأمر - بنظام العزابة الذي یضممجموعة من الطلبة مع شیخھم تقوم بترشید المجتمع واعتناقھ المذھب الإباضي أقام بواسطة نظام الحلقة نظما أخرىبمباركة العلماء كنظام العشائر المتولد من نظام الحلقة ونظام إیروان ونظام إمصوردان الذي ق نُن بواسطتھ نظام الحراسة ثمأسسوا على مستوى القصور مجلسین با عبد الرحمن الكرثي وعمي سعید ومقصدھم في كل ھذا التعاون على البر والتقوىلأن الجماعة رحمة والفرقة عذاب والذئب یأخذ من الغنم القاصیة ونظمھم تسمى بالإمامة الصغرى في عرف المؤرخینوھذا ما جعلھم متماسكین على مر التاریخ.


وقد تعدى ھذا الفكر إلى عباداتھم مثل إجازة تلاوة القرآن جماعة وصلاة النافلة جماعة استنادا إلى أدلة فقھیة في تراثھم
وإلى عاداتھم الاجتماعیة مثل التعاون على درس القمح وقت الحصاد بطریقة مدروسة أو إقامة حملات تطوعیة في أشغالالبناء أو النظافة أو البحث على مفقود ضاع فقد یجد المرء نفسھ في المجتمع مع إخوانھ في كل المجالات في المسجد حینیعبد ربھ وفي العمل حین یحتاج مساعدة وفي فرحھ كالعرس وفي ترحھ كالجنازة فلم یقتصر فكرھم الجماعي في الوطنفقط بل رحل معھم إلى الشمال وحتى إلى ما وراء البحار في الحرمین الشریفین وفي مدینة الملائكة باریز وفي مواطن العلمكتونس ومصر وقیل في فلسطین كذلك فتجدھم یبنون دارا للعرش تضم بنیھم في بلاد الغربة حتى یتعاونوا على البروالتقوى في أمور دینھم ودنیاھم وفي داخل دار العرش تجد مصلى خاصا للصلاة لكي یحافظ مواطنوھم على دینھم ولا
تتفرق بھم السبل في خارج بلادھم .


ومن حسنات ھذه النظم الجماعیة نظام الأعراس داخل العشیرة التي تضم خلیطا من الناس متباینین في كل المجالات فمادام
الرسول صلى لله علیھ وسلم أمر عبد الرحمن بن عوف أن یعمل ولیمة ولو بشاة وھو من ھو ارتأى منظرو النظمالاجتماعیة تحدید حیثیات ھذه الولیمة التي لو تركت على حسب فھم الناس لوقع التنافس فیھا كل على حسب مفھومھومكانتھ الاجتماعیة ولیس في ھذا التحدید مخالفة للرسول صلى لله علیھ وسلم وإنما ترشید لتطبیق ھدي الرسول صلى لله
علیھ وسلم الذي یقول من سن سنة حسنة فلھ أجرھا وأجر من عمل بھا إلى یوم القیامة ولیس لھذا كذلك دُخل في البدعة
الحسنة أو السیئة وإنما ھو من المصالح المرسلة التي یستفید منھا الخاصة والعامة .ففي كتب التاریخ نجد أجدادنا رحمھم لله یھتمون بما یوحد المجتمع ویجمع شملھ وخاصة في مسألة تنظیم الأعراس وقدقرأنا قرارات مُلزمة في مجلس عمي سعید الفقھي تبین تفاصیل إقامة الولیمة وتسن عقوبات لكل من یخالف أمر أولي الأمرالذین أمر لله بطاعتھم ومجمل ھذه القرارات تدور حول مقاصد الشریعة التي تدعو إلى الحفاظ على المال والنفس وغیر
ذلك .


فنحن إذا رأینا في واقع المجتمعات الأخرى في داخل وطننا وخارجھ لرأینا العجب العجاب في ھذا الجانب لكون الفرد فیھا
غیر مربوط إلى جماعة تؤطره لذلك كثرت العنوسة فیھم وعزف كلا الجنسین عن الزواج ووقعت المخالفات الشرعیة فیھموھناك محاولات مشكورة من أھل الغیرة فیھم تقوم بترشید ھذا الزواج وترصد لھ إعانات حتى یستطیع الشاب أو الشابةالزواج بأقل تكلفة وقد تسأل كبار القوم فیھم عن ھذا التدھور في مجال الزواج فیجیبون نزلنا إلى ھذا الحضیض بسببالتقلید الأعمى للغیر وبسبب عزوفنا عن ولاة أمورنا واقتناعنا بآرائنا فنحن نتمنى العودة للعیش في أریج تلك الأیام الغابرةلكن دون جدوى فاسألوا لله لنا العافیة والعودة إلى الجادة، نسأل لله لنا ولھم السلامة لأننا في كل عام في الرذالة سعینا بلىكل یوم في الوراء ولا نثني
وفي ھذه السنة وقع عرس جماعي في دولة الیمن لأول مرة وقد نوھت بھ كل القنوات الفضائیة لفوائده المھمة على حسب
تصریح الأزواج وذویھم وطلبوا بكل إلحاح تصدیر ھذا الخیر إلى الدول العربیة لأنھم بقوا سنوات یحضرون لھذا الحدثالتجریبي .


نحن بحمد لله نتفیؤ في ضلال مجھودات أجدادنا ولكن لا نعرف القیمة ومن كان في نعمة ولم یشكر خرج منھا ولم یشعر .
* قد یقول قائل ھذا تقیید للحریات وللمرء أن یفعل ما یرید في أموره الخاصة .الجواب: ھذا من باب الرحمة للفقیر والمسكین لأن المؤمن ضعیف بنفسھ قوي بإخوانھ والفائدة من الانقیاد إلى نظام العزابةفي الأعراس ھي الرحمة بالضعیف لأن الرسول یوصینا بالسیر على مقدرة الضعیف في أعظم الفرائض قائلا: صلوا صلاة
أضعافكم فكیف بغیرھا من الأمور والضعیف أمیر الركب كما یقولون والمتدبر للقرآن الكریم یجد بأن لله تعالى یجعل
للضعیف مكانة في كل الحالات ویوصي الرسول صلى لله علیھ وسلم بمواساتھ والرحمة بھ والصبر معھ أفلا یكون الرسولصلى لله علیھ وسلم قدوتنا .
* قد یقول قائل ھذه النظم الاجتماعیة لم یفعلھا رسول لله ولا صحابتھ الكرام ولا التابعون لھم بإحسان ؟


نعم لم یفعلھا ھؤلاء ولكن عملوا بمغزاھا وھو الاقتصاد في نفقات الأعراس رحمة بالفقیر وحفاظا على وحدة الأمة فإیمانھم
القوي كان الحاجز لھم عن كل المخالفات الشرعیة التي یحاربھا أولوا الأمر الآن في شأن إقامة الأعراس ومثل ھذه النظمكما قدمت لھا مقاصد شرعیة منھا الحفاظ على المال والدین وھي داخلة تحت أصل شرعي مجمل في كتاب لله وسنة رسول
لله كقانون المرور مثلا الموضوع أساسا حفاظا على النفس البشریة التي نوه لله بمن أحیاھا فكأنما أحیا الناس جمیعا فأي
مخالفة فیھ ستؤدي حتما إلى ضرر محتمل للسائق أو غیره ولھذه المخالفة المضرة تبعات في الدنیا والآخرة ونظام الأعراسشبیھ بھذا النظام الملزم حفاظا على حیاة الناس فنحن نقرأ في التاریخ الأحداث الواقعة في قضیة الأعراس بعد نقصانالوازع الدیني ودخول حب الترف والبذخ في نفوس الخاصة فضلا عن العامة وھذا من عھد عمر بن الخطاب الذي خافكثیرا من تعدد الفتوحات وتدفق الأموال في بیت مال المسلمین من شتى الأنواع فوضع نظام محكم للأعراس من أولي الأمروفق كتاب لله وسنة رسول لله یكون مرجعا للأمة یلزمنا اتباعھ وطاعة أولي الأمر في شأنھ ما أطاعوا لله ورسولھ ومنولرسولھ فلھ ذلك أما أن یخالفھم اتباعا للھوى خالفھم وفي نیتھ التخفیف على نفسھ أو غیره وكبح جماح النفس ارضاءواستجابة لنزغات النفس والشیطان یصدق فیھ قولھ تعالى ومن یتبع غیر سبیل المؤمنین نولھ ما تولى ونصلیھ جھنم وساءتمصیرا .


* قد یقول قائل أي شيء یحدث إذا أنا قمت بعرس مستقل ؟

الجواب : الشيء الذي یحدث ھو زعزعة نظام العشیرة وغیره من النظم المرتبطة بھ كحلقة العزابة التي تشرف على ھذاالنظام من غابر الأزمان ونتیجة ھذا الاستقلال ھو تفكیك النظم الجماعیة المؤدیة إلى تفكیك المجتمع وعیشھ في الفوضىكما نرى ونشاھد .


* قد یقول قائل ما الحل إذا ألم یقل لله تعالى: لا إكراه في الدین ؟

الحل ھو السعي إلى الإصلاح وتنبیھ أولي الأمر إذا رأینا فیھم ما یعكر صفونا ولا یحق لنا أن نبرر ما نقوم بھ من أعمالارتجالیة في المجتمع بغفلتھم وركودھم أو ركونھم وإذا أردنا أن نقوم بعرس مستقل فعلینا بما یلي لكي لا نتسبب في زیادةتفكیك الأمة التي تذھب إلى الزوال بما كسبت أیدینا

1/: نقوم بالعرس في نطاق عائلتنا من الوالدین والأولاد والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالاتوالجیران دون غیرھم ونظھر أثر القناعة فیھا رحمة بالضعیف الذي یوصینا لله ورسولھ بالعطف علیھ لأن أقل ما یجزيفي العرس شاة واحدة لمن ھو في منزلة عبد الرحمن بن عوف أما غیره فیجزیھ فیھ حلیب وماء وتمر لأن العرس شرعامن المندوبات فھل یستحق منا كل ھذا الھرج والمرج ؟؟؟ كل واحد ورأیهفي الموضوع والتجربة تقول إن الاستقلالیة في
اتخاذ القرار تؤدي إلى التنوع الممیع والاختلاف المضاد .


2/: من أراد الاستقلال في عرسھ فلا یستغل رموز الوحدة كالعشیرة وأفراد الھیئات الدینیة لإقامة عرسھ لأن ھذا العمل یزید في تصدع الشمل وانتشار البلبلة في المجتمع المتماسك ویؤدي إلى الإطاحة بھذه الھیئات على مر الزمان .


3/: نستقل في جمیع شؤوننا في الوطن والشمال فنتحمل جمیع مسؤولیتنا خیر من أن نتسبب في شقاق وخلاف في الأمة نحن في غنى عنھ تلبیة لغرائزنا وأفكارنا الأحادیة لأن نظم المجتمع كلھا مترابطة كالعقد الواحد فأي إھانة لواحد منھا یعتبر إھانة لغیره فلنأخذ الجمیع أو نترك الجمیع وإذا لاحظنا خللا حاولنا إصلاحھ بكل الوسائل والطرق المتاحة حتى لا نكون كالتي نقضت غزلھا من بعد قوة .


نحن في المجتمع كأصحاب السفینة الذین استھموھا فسكن بعضھم الطابق الأعلى والباقون الأسفل فترك من ھم في الأعلى أصحابھم في الأسفل ینقبون عن الماء فإذا أخذوا بأیدیھم نجوا جمیعا وإذا تركوھم ھلكوا جمیعا فأصحاب الأعراس المستقلة وغیرھم من أھل الأفكار الدعویة المستقلة في الطبق الأسفل من السفینة ینقبون لھلاك المجتمع فإما أن یتفاھموا مع أصحاب الطابق العلوي حتى ینجوا جمیعا أو یخرجوا من السفینة وینظروا أي سبیل یأخذونھ في البحر إذا لم یعجبھم العیش معا في سفینة المجتمع في ظل التسامح .


أصحاب الأفكار المستقلة والأعراس المستقلة - یأكلون الغلة ویسبون الملة - فإما الوفاق مع المجتمع الذي ھیأه الأجداد في كل المجالات أو الفراق لھذا المجتمع فراقا كلیا والعیش في مجتمع آخر حتى تظھر لھم بركات مجتمعھم جلیة من بعید .


وخلاصة القول :

لا یفھم من قولي بأنني أمتدح المجتمع بكل ما فیھ فالعیوب موجودة والمحاسن موجودة ولكن لا یعني وجود العیب النفور من المجتمع وزعزعتھ بأفكارنا الأحادیة في الدعوة وأعراسنا المستقلة على حسب ھوانا ولا یعني من ھذا أنني أدعوا إلى تقدیس العزابة ودعوتھم جمیعا إلى أعراسنا وإنما أدعوا إلى احترام الرأي العام والحفاظ على وحدة الأمة وذلك باتباع النظم
النافعة قدر المستطاع فلنا بحمد لله تنوع اجتماعي في ھذه النظم یكفینا إن نحن حكمنا عقولنا كنظام المحافظین والمصلحین والسنیین وإن كان الواجب أن یكون نظام واحد لأن الإسلام یدعو إلى الوحدة فما الداعي إلى استحداث ما یفكك بالأمة وأنا أرى أصحاب ھذه الأعراس المستقلة من أھل المال أو أھل الأفكار الخاصة یصعب علیھم الانقیاد والانصیاع إلى الرأي
العام فیسببون بأعمالھم الارتجالیة تصدعات في الأمة رغم أن العرس سنة مندوب إلیھا لا تحتاج إلى كل ھذا الھرج والمرج وأرى أنھ مما ساعدھم على ھذا التنوع المقیت استجابة كثیر من أفراد الھیئات لدعواتھم وھذا خطأ فادح .


التصحیح أمر مشروع والإبداع عمل ممدوح لكن بطرقھ المطلوبة فما یضر أھل المال إذا طالبوا العزابة بنزع شيء أو بإضافة شيء في ھذه النظم الاجتماعیة یتوافق ومتطلبات العصر فما داموا أي أھل الحل والعقد ینصاعون لأھل المال فيقراراتھم الشخصیة فمن باب أولى وأحرى أن ینصاعوا لھم في كل ما فیھ صلاح للأمة ولیس فساد القمة مبررا لإفساد القاعدة والرجل الرشید یخفف من الفساد ولا یزید فیھ بمبررات واھیة .


كلنا نحس بالنقص ونأمل في الصلاح ونرید النھوض بالأمة في كل المجالات لوجود الخلل جلیا ولكن نرید السبیل الذي یضمن لنا النتیجة فیما یستقبل من الزمان ولا یشق عصا الوحدة نرید العودة إلى العمل الجماعي في الدعوة إلى لله لأن حالة المجتمع لا تبشر بخیر لكثرة الدعوات الانفرادیة فیھ وتنوعھا وقلة النتیجة المطلوبة ونرید العمل الجماعي كذلك في القیام
بإصلاح الأمور الاجتماعیة كالأعراس وغیرھا لأن خرجات أھل المال والأفكار الخاصة وشطحاتھم في ھذا المجال لھا تأثیرھا على وحدة الأمة ونحن نرى ونسمع في ھذه الأعراس أمورا یندى لھا الجبین بحكم ادعاء الخصوصیة في إقامة العرس فأي إنسان یرید عملا ما في المجتمع فلیتذكر أنھ في السفینة وأن معھ أناسا في الأعلى والأسفل ولیتدبر عاقبة عملھ
على المدى البعید وإذا أراد الحریة والحفاظ على خصوصیاتھ فلیخرج من السفینة إلى البحر بوسائلھ الخاصة أو إلى جزیرة من الجزر ولیفعل ما یشاء في محیطھ الخاص أما أن یظاھر قومھ ویسعى إلى خراب بلدتھ التي ھي في طریق الدمار فھذا عار وأي عار .


علینا بمحاربة الارتجالیة في الأمور والعجلة فیھا نقوم على قلب رجل واحد ضد الأحادیة في الرأي ونشجع العمل الجماعي ولو كان مبنیا على رخصة لأن في الاتحاد قوة ونحارب العمل الانفرادي ولو كان مبنیا على عزیمة إذا كان فیھ تشتیت للجماعة وكان فیما یسع فیھ الخلاف .
وقد یقول قائل نحن رجال وھم رجال :


الجواب : نعم صحیح ھذا ولكن ھل نحن متصفون بالإخلاص الذي نالوا بھ الحسنیین نحن عبدة الجاه والمال ونخشى أھل المال ولله أحق أن نخشاه والذي قال بأنھ یجب الإبداع وعدم التمسك بما تركھ الأجداد نقول لھ أبدع خارج نطاقھم كما أسلفنا فكل الحضارة التي ننتمي إلیھا ونفخر بھا كانت من صنع ھؤلاء الذین أسسوا لھذا المجتمع نظما جماعیة أضحت لا تعجبنا
ونرید لھا بدیلا فإذا أردنا البدیل تبرأنا منھم ومن حضارتھم وقلنا ما یحلو لنا بدون عتاب أما أن نفخر بھم في كل زمان ومكان وعلى رؤوس الأشھاد ونتنصل من نظمھم متبعین للھوى فھذا في القیاس لعمري بدیع ولا یحق لنا ھذا بحال من الأحوال نحن لا ننكر بأن بنیانھم قد تصدع وأصابتھ رضوض لأنھم بشر یصیبون ویخطئون وزمانھم غیر زماننا فما كان
ثابتا من نظمھم تمسكنا بھ وما كان متغیرا أبدعنا فیھ بالشورى ومراعاة الأصلح للدین والجماعة .


والبنیان الذي وُھب لنا إذا كان أساسھ متینا وتصدع رممناه واستمتعنا بھ وقلنا الخیر للمبتدي ولو أحسن المقتدي أما أن نھدمھ مع متانة الأساس لأجل بعض التصدعات ونعید البناء الفوضوي علیھ فلا یجوز لأن ھذا العمل یعتبر نكرانا للجمیل وھضما لحق صاحب البناء الذي خطط وبنى وسلم لنا المفاتیح فكل النظم التي تكلمنا علینا كانت نتیجة عمل أجیال یجب
علینا المحافظة علیھا والإبداع فیھا بالشورى مع كل أصحاب الحق فیھا لأنھا لیست ملكا لنا ولسوف نسأل عنھا ھل حافظنا أم ضیعنا كلنا ننْشد الإبداع والتصحیح في سیر من سبق لكن تتخلف نظرتنا في ذلك وطریقتنا. فمنا من یترحم على الأجداد ویكبر فیھم جھدھم ویحافظ على نظمھم وسیرھم ویحاول طرح إشكالات للبحث والحوار فیما استشكلھ أو لم یقتنع بھ في الجانب الدیني والمجال الاجتماعي دون أن یمس بشخصھم الكریم بالأقوال المشینة والأوصاف
المھینة فیمكن أن یقول ھذا الأمر بدعة ولا یقول لمن فعلھ مبتدع لأنھ لا یدري على أي أساس وضعھ بالضبط وما حجتھ فیھ وقس على ذلك. أما الصنف الآخر منا فیصف من سبقھ من الأجداد الذین عدلوا في البلاد وأكثروا فیھا مما ینفع العباد في أمور المعاش والمعاد بالمبتدعة وبالمخالفین للسنة وبغیرھا من الأوصاف التي تمس شخصھم رغم طول المدة التي تفصلھ بینھم .


فلنا الحق في الانتقاد وتبیان الخطأ في نظرنا ولكن دون أن نھین شخصا سبقنا إلا إن كانت لدینا حجة قاطعة واضحة وضوح الشمس مع احتمال كل العذر .


خاتمة :


وفي الختام أذكر الأعمال الجماعیة التي حافظت على وحدة الأمة في غابر الأزمان - ولا تزال إلا قلیلا منھا - وكان لھا مغزى اجتماعیا مع ما فیھا من أمور یقال بأنھا مخالفة للسنة رزقنا لله اتباعھا.


1/: صلاة الجماعة في المسجد وخاصة صلاة الظھر والعصر التي یكون فیھا الرباط بینھما .


2/: تلاوة القرآن في المسجد جماعة بین المغرب والعشاء وبین الأذان الأول والتثویب لصلاة الصبح كل یوم .

3/: تلاوة القرآن في المسجد في مناسبات خاصة كشھر رمضان كاملا من أول یوم منھ إلى صبیحة العید دون انقطاع وفي بعض اللیالي المعروفة في السنة وفي المآثم والأعراس وفي المقابر والختمات.


4/: صلاة بعض النوافل جماعة في المسجد في بعض المناسبات خلاف قیام رمضان وإعادة الصلوات الخمس فیھ


5/: موسم الزیارة السنوي الذي یجمع الناس من أجل السیاحة في البلدة على اختلاف أعمارھم ومراتبھم وفي داخل الزیارة مجموعة من الناس تعنى بقواعد القرآن الإملائیة


6/: مناسبة تغییر المنكر التي تقع في العام مرتین جماعة إقامة للحجة على من لم یصلھ الأمر أو النھي أو على من تعنت وأصر .


7/: إحیاء لیلة المولد النبوي بالمدیح والمواعظ جماعة

8/: الاجتماع للسیاحة مرة في الأسبوع صیفا والاجتماع في المحاضر لحفظ القرآن وتلاوتھ في القصر والجنان .


9/: الاجتماع للحراسة في البلدة بطریقة مقننة والاجتماع كذلك لإقامة الأعراس وبعض المناسبات الاجتماعیة المتنوعة وإحیاء بعض العادات التي لھا أصل في الدین .


10 /: زد إلى ما مضى بعض الأعمال الجماعیة كموسم جني التمور جماعة على مستوى المسجد والعشائر وكانوا في القدیم یحتطبون للمسجد جماعة وللأعراس كذلك بكیفیات عجیبة وكذلك موسم الحصاد الذي یجتمعون لھ ویعدون لھ العدة إلى غیر ذلك من الأعمال الجماعیة الاجتماعیة منھا والدینیة وقد رأینا زوال كثیر من ھذه الأعمال أو نقصانھا بحجة البدعة ومخالفة
السنة وبحجة تطور الزمان واختلاف عقلیة الناس إلى غیر ذلك من الحجج الواھیة التي نتشبث بھا وكثیرا ما نسعى نحن لخراب ذلك الإرث العظیم بتسرعنا في أخذ القرار الحاسم وعدم فھمنا ووعینا للأمور فنخترع الأعراس المستقلة والحركات الدعویة المستقلة كذلك عن النظم العرفیة في الدعوة مستندین في عملنا ھذا إلى أدلة ضعیفة نبرر بھا ما تسول بھ أنفسنا ولله
المستعان .

 

كتبه : أبو موسى الشماخي

الأعياد والمناسبات الموسمية بوادي مزاب

  • التراث غير المادي

    Icon 07

    تعرّف اتفاقية اليونسكو لسنة 2003 التراث الثقافي غير المادي بكونه الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، التي تعتبرها المجموعات وأحيانا الأفراد جزء من تراثها الثقافي. هذا التراث الذي يسمى أيضا "التراث الثقافي الحي" يشمل الميادين الآتية:
    العادات وأشكال التعبير بما فيها اللغة التي تمثل محرك التراث الثقافي الغير مادي، فنون الاستعراض، الممارسات الاجتماعية، الطقوس، الأحداث الاحتفالية، المعارف و.....

    إقرأ المزيد

  • العادات والتقاليد

    Icon 09إن التقاليد و العادات ببلاد مزاب تختلف عن غيرها من البلاد ، فلكلٍّ صبغة ووجهة و هدف ، إنها في وادي مزاب مطبوعة بطابعالدين الخالص ، بحيث لا يتسرب إليها تدجيل أو حذلقة أو تصوف مقيت أو جمود أو تزمّت عائق عن العادة النفسية ، و...

    إقرأ المزيد

  • عوائد مزاب سنن لا تقاليد

    Icon 09
    من سنن الله في عباده، جعلنا شعوب و قبائل لنتعارف، وهذا من فضله و منه علينا وهذا أيضا من بديع صنعه سبحانه و تعالى ،فالمتأمل في عادات و تقاليد بني مزاب يجد لها ارتباط و..

    إقرأ المزيد

  • عادة  تنوبا ⵜⵏⵓⴱⴰ

    Icon 09عــــــادة  تنـوبــتا
    تينوباوين المتعلقة بقصر تغردايتتينوباوين المتعلقة بقصر تغردايت
    موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي...

    إقرأ المزيد
  • أبيانو مناسبة عاشوراء

    Icon 08
    يتم استقبال العام الهجري الجديد في احتفالات دينية، ففي شهر محرم وبمناسبة عاشوراء، يحتفل كل سنة بإعداد طبق خاص من الفول "إباوان"، ويردد الأطفال أغاني محلية "أبيانو"ن وتقام زيارات عائلية متعددة.


    إقرأ المزيد

  • مناسبة أعمار ⴰⵄⵎⴰⵔ

    Icon 09بوشمجان ذكريات اصطياف وبواكير وعي: كان موسم النزوح إلى الواحة للاصطياف دأب أغلب المزابيين حيث يجدون في بساتين واديهم ملاذا من قيظ الصيف..، وقد كانت العطلة الصيفية آنذاك بالنسبة لطفولتنا موزعة بين سويعات للتعليم القرآني.....

    إقرأ المزيد

  • مناسبة الاّي سڨ وعمار ⴰⵍⵍⴰⵢ

    Icon 09قصة يوزان داديك حمو ولحاج  
    بين أَلاَّيْ وأَعْمَار الدلالة .. ورمزية التحضُّر   
    أزداغ د وعْمَار  ⴰⵣⴷⴰⵖ  ⴷ   ⵓⵃⵎⴰⵔ ...


    إقرأ المزيد

  • تحيزَّا ⵜⵃⵉⵣⵣⴰ thizza

    Icon 09تحيزا هي مِن عاداتنا الجَميلة  ومن بين مراسيم  حفل الزواج في قصور وادي مزاب، في الصباح الباكر من اليوم الأول من عقد القران يذهب العريس رفقة وزرائه وأفراد العائلة وكل من أصدقائه ومرافقيه وبعض أعضاء العزابة لزيارة المقبرة التي دفن فيها بعض أفراد عائلة العريس، مثل مقبرة باعيسى وعلوان أو مقبرة بابا والجمة أو مقبرة الشيخ عمي سعيد، كما تستغل هذه الفرصة للتعريف بأول..

    ...

    إقرأ المزيد

  • الأعراس الجماعية

    Icon 07
    مراحل العرس
    الأعراس الجماعية: الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع عادة "أحبي" أو "تازوضا .".....
    ...

  • مناسبة  ينار ⵢⴻⵏⵏⴰⵕ

    Icon 07
    مناسبة ينّار إرث حضاري وتراثي لبني مزاب 
    يـــنّــــاڔ ⵢⴻⵏⵏⴰⵕ عبد الرحمن حواش
    ...

  • عيد الزربية

    Icon 07
    تقام كل سنة في شهر مارس، وتحتفل به كافة ولاية غرداية باستعراض لعربات مزينة بالزرابي من مختلف أنحاء الولاية، ومعرض للمنتجات الحرفية التقليدية وألعاب وأغاني فلكلورية.
    ويشكل “عيد الزربية” فرصة لتثمين ما تزخر به ولاية غرداية من ثروات تقليدية والترويج لها، حدثا يستقطب العديد من السياح الوطنيين والأجانب والمهتمين بالزربية التقليدية......

    إقرأ المزيد

    إقرأ المزيد
  • موسم الحج

    Icon 09يحتفل المزابيون برحيل وقدوم الحجاج من البقاع المقدسة، بترديد أناشيد دينية في مختلف المساجد وفي مصلى خاص يسمى "المستجاب".
    يقوم بمرافقة الحجاج الميامين إلى البقاع المقدسة مرشد كمرجعية فقهية وتاريخية وقد 
    تولى الشيخ الناصر المرموري رحمه الله هذه المهمةلعشرات السنين باعتباره عضوا دائما في البعثة المزابية إلى البقاع المقدسه...

    إقرأ المزيد

  • فورار فبراير

    Icon 09

    في بداية فصل الربيع، يقوم السكان بزيارات للمصليات الجنائزية المنتشرة بالبلدة لتلاوة القرآن الكريم وتوزيع الصدقات.

  • شهر التراث

    Icon 09يحتفل به في كافة منطقة المغرب العربي، وذلك بتنظيم نشاطات علمية وثقافية خاصة بالتراث، وتقام ما بين 18 أفريل (اليوم العالمي للتراث) و18 ماي (اليوم العالمي للمتاحف). وهذا بعد ملتقى الدار البيضاء بالمغرب سنة 1995.

  • مناسبة جني التمور

    Icon 07 يحتفل بهذه المناسبة بكافة واحات وبساتين المنطقة، أين توجد أكثر من 150 نوع من التمور، ومن بينها: أوتقبالا (بنتقبالا)، تامجوهرت، دقلة نور، الدالة،... الخ. وبهذه المناسبة يقام معرض لمنتجات التمور.

 

  • المواسم، المناسبات، أعياد وحكمها الشّرعي

    Icon 07
    جميع المجتمعات تتخذ لنفسها مواسم ومناسبات وأعيادا تفرح فيها وترسخ اللحمة العائلية والاجتماعية، وقد كان في صدر الإسلام مناسبات هي امتداد للمناسبات الاجتماعية في العصر الجاهلي. والمجتمع المتدين يميل إلى أن يستلهم من ميراثه الثقافي الديني مناسبات، ثم انضم إلى ذلك في العصر المدني الأعياد الوطنية، وكلها وسائل ليحيى المجتمع ويتماسك وخاصة في الوقت المعاصر الذي طغت فيه المادية التي.....

    إقرأ المزيد
  • الاحتفال بمولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

    Icon 07
    يطبع إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بمنطقة مزاب بمظاهر وعادات خاصة تستمد جذورها من التراث الثقافي المحلي العريق ويميزها استعراض بواسطة مصابيح الزيت ”انارن” بقصر بن يزجن. وعلاوة على الجموع الغفيرة من المؤمنين التي تتوجه إلى مختلف المساجد لأداء صلاتي المغرب والعشاء فإن العشرة أيام الأولى من الشهر الذي يصادف ميلاد خير البرية الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم- تتميز أيضا بمنطقة سهل وادي ميزاب بإحياء سهرات دينية تخصص لتلاوة القرآن الكريم والمدائح النبوية. وتكتسي الاحتفالات الخاصة بإحياء ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم على مستوى بلدة بني يزقن العتيقة طابعا متميزا ينبني على....

    إقرأ المزيد


    إقرأ المزيد
  • عادة مجالس القرآن

    Icon 07
    أولا: أرجال
    ثانيا: البدلة الرسمية
    ثالثا: آداب المجلس القرآني
    رابعا: قراءة القرآن


    إقرأ المزيد
  • عيد الزيارة
    Icon 07موسم الزيارة هي تظاهرة شعبية تحدث مرة في العام في فصل الربيع في جميع قصور وادي مزاب يتجمع الناس في مكان معين، فيجوبون بعض الأماكن المعروفة في البلدة ويقومون بزيارة بعض المقابر القديمة من أجل العبرة وتقديم تاريخ المشائخ للأجيال الصاعدة مرددين في تجوالهم هذا الذكر جماعة :[سمِ اللهِ ياَ اللهُ يا رحمانُ يا رحيمُ يا الله ارحمنا] ويغتنمون الدعاء للغيث لأن الموسم موسم بذر خضروات الصيف وموسم تأبير النخيل والمتصدر في هذا المهرجان الشعبي هم العزابة...

    إقرأ المزيد

  • عيد آحباس بالقرارة

    Icon 07
    تنظم بالقرارة  جمعية إحياء التراث وحماية الآثار عيد آحباس حيث يقام في هذه التظاهرة الثقافية مسيرة استعراضية فلكلورية بساحة إينورار  وأخرى حول المنتوج التقليدي للمنطقة بمشاركة جمعيات الأحياء والأفواج الكشفية بالإضافة إلى الفروسية ، وإلى جانب هذا يتم تنظيم مسابقة أحسن لباس تقليدي للأطفال الصغار الذين يفسح لهم المجال للمشاركة، وعلاوة على ذلك يتم تنسيق معرض متنوع يضم في أجنحته صور قديمة لقصر القرارة ونظم الري التقليدية وكيفية المحافظة عليها بالصور والأرقام، وكما يتم أيضا عرض أفلام وثائقية في ذات الشأن لاستعادة العادات والتقاليد الضائعة و التي افتقدها شباب الحضارة والعولمة.
  • عيد أملاڤا نْفاش

    Icon 07
    يحيى سكان منطقة وادي مزاب المناسبة التقليدية السنوية المعروفة بـ” أملاڤا” بالأمازيغية (اللقاء) تسمح هذه التظاهرة للمحسنين بإقامة “أنفاش” (الصدقة). وتنسب تسمية هذا الحدث الإجتماعي السنوي المعروف بـ”أملاڤا” إلى نقطة إلتقاء تقع بأقصى شمال سهل وادي مزاب لواديي الأبيض ولعديرة اللذين يمونان مجرى وادي مزاب بمياه الأمطار حيث تحول هذا الموقع الطبيعي الفسيح إلى....

    إقرأ المزيد

  • تشموست ن ولالي ن وارا

    Icon 07
    من تقاليد آت مزاب هي عبارة عن خلطة تقليدية من العطور تحضر في اليوم السابع من ميلاد البنت أو الطفل ولكل منهما ألوان خاصة به فاللون الأحمر و الأخضر خاص  باللبنت أما  الأبيض و الأسود فهو للطفل.

  • عادات مزاب لَمْزَن

    Icon 09

    إننا نستدعي التاريخ ونستحضره أحيانا لينفخ فينا روح العمل والاستمرار، ويفكَّ عنَّا قيود المستحيل إلى سعة الممكن والقابل للتحقق، لكن لا ينبغي أن نستهوي النفخ ونمتهن التفاخر والتعظيم ونحن نغط في سبات عميق، ثم نستيقظ على واقع مرير وصادمإن من العادات الحسنة التي لم يبق لها أثر للأسف على.....

    إقرأ المزيد

  • أَنْفَاشْ نَ تْجَمِّي

    Icon 09

    بهمزة مفتوحة ونُون ساكنة محققة وفاء مفتوحة. لفظ أمازيغي مزابي. وهو وليمة جماعية يُتقرَّب بها إلى الله تعالى، تقام على مستوى حي أو جماعة أو بلدة، يُسْهِم فيها كلُّ فرد بما يستطيع، تهدف إلى لَمّ الشمل ومساعدة....

    إقرأ المزيد

  • عادة توديع المسافرين والحجيج

    Icon 09

    مفتوحة ونُون ساكنة محققة وفاء مفتوحة. لفظ أمازيغي مزابي. وهو وليمة جماعية يُتقرَّب بها إلى الله تعالى، تقام على مستوى حي أو جماعة أو بلدة، يُسْهِم فيها كلُّ فرد بما يستطيع، تهدف إلى لَمّ الشمل.........

    إقرأ المزيد

  • عادة إِوْزَانْ نْ اُمْسَافَرْ

    Icon 09

    نظرا لما كان يتلقاه المسافر خلال سفره من مخاطر كاعتداءات قطاع الطرق، يقوم الأهل ببعض الطقوس بنية حفظ المسافر في حله وترحاله وهي: إثر تخطيه عتبة البيت للخروج تقوم إحدى النساء المودعات له برمي ماء فيه حناء تيمنا بهذه العشبة وراءه، وغالبا ما تكون الأم أو...

    إقرأ المزيد

  • فرقة إمكراس الفولكلورية

    Icon 09

    الرقص الشعبي الفولكلوري: لكلّ شعب من الشّعوب رقصات خاصة به تنتقل من جيل لآخر. الرقص الشعبي شكل من أشكال الاحتفال أو الشعائر الدّينيّة. يُتَعلّم من قبل الأفراد كلّما يكبرون في الجماعة بالتّوارث.. فالرّقصة يمكن أن تكون فنًّا طقسيًّا أو استجماميًّا يذهب إلى ما بعد الأغراض الوظيفيّة للحركات التي استعملت، كما أنّها تظهر العواطف، الحالة المزاجيّة، أو...

    إقرأ المزيد

الأمثال والحكم إِنْزاَزنْ موضوعاتها وخصائصها

الأمثال والحكم  إِنْزاَزنْ موضوعاتها وخصائصها

c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

الأمثال والحكم الشعبية المزابية كثيرة ومتنوعة المواضيع، وهي أصيلة أصالة المجتمع وعريقة عراقة تنظيماته وأعرافه، وهي مستمدة من واقع المزابيين ومما يستعملونه ويُعايشونه في حياتهم اليومية، كالمِنسج، والحقل، والعناية بالنخيل...، أو من حيوانات البيت الأليفة كالمعزة والقط، أو الحيوانات الصحراوية كالذئب والأفعى...

كما أنّ من مميزاته تركيزها على الرجل والمرأة أكثر من الطفل، وأحياناً على الرجل أكثر من المرأة، هذا لأنّ المجتمع المزابي مجتمع رجالي أي السلطة فيه للرجل  وعُمَّالي أي أنه يحثّ على الجد في العمل  وتأمل هذه النماذج:

 

1 "مَانِي إِتْنَڤَّزْ تْغَاطْتْ أَتْنّڤَزْ تِيغِيظَتْ " بالعربية: "حيث تقفز المعزة تقفز الجَديَة"، وفيه إشارة إلى مُحاكاة الأبناء للوالدين، وفيه دعوة إلى الانتباه إلى  دور الوالدين الذي يجب أن يكون مثالاً صالحاً يُقتدى به.

 

2 "أَجْضِيضْ إِيتْوَطَّافْ سْوَفْرِيوَسْ، أَرْجَازْ إِتْوَطَّافْ سِيلْسَسْ "، أي: " الطائر يمسك بجناحيه، والرجل يمسك بلسانه"، إشارة إلى احترام الوعد والكلمة التي يتفوه بها الرجل إن قطع وعداً أو عهداً على نفسه.

 

3 "وِ تْتَّدِّ تَلَفْسَا، يَتُّڤَّدْ يُو زَلُّومْ " أي: "من لدغته الأفعى يخاف من الحبل"،إشارة إلى أخذ الحيطة والحذر.

 

4 "حَدَّنِّي إِلْسَسْ أَنْتِيمْ تَادْ اَ ر نَ ادَّالَتْ " أي: "ذلك الشخص كأن لسانه مسلة نخلة تَدَّالَهْ "، إشارة إلى حال سليط اللسان؛ أما مسألّة نخلة تَدَّالَهْ تتميز عن غيرها من مسلات النخيل بوقع وخزها الشديد وبطول الألم بعدها.

 

5 "وَاسِي ؤُلِيدْجِي تَنَصْرِيفْتْ أَدْ تَغْيُولْتْ ؤُ لِيزَطْ أَزَطَّا أَمَّغْ ؤُ لِيلَمَّدْ "، أي: "التي لا تُخطأ في المِنسج لن تَنسُج ولن تتعلم"، إشارة إلى المحاولة والخطأ والى التدرج في التعلم، وفيه تشجيع البنات على تعلم حرفة النسيج وغيرها.

 

6 "رَبِّ ؤُ مِحَوَّجْ لَ تْوِيرا لاَ ل تْمِيرا " أي: "أسأل الله أن لا يتركك للأبواب، ولا  للِّحَى"، أي أن لا يحوّجك للأبواب تطرقينها وتسألين الناس المعروف، وللرجال وهم من يضعون اللِّحى  تطلبين معروفهم ومساعدتهم"، وهو إشارة إلى ضرورة الاتكال على النفس وعدم انتظار الصدقات أو مساعدة الآخرين.

 

7 "وِخْسَنْ سُوفْ أَسِخْدَمْ تْفُويْتْ تَحْمَا" أي: "من أراد الغدير فليعمل له في الشمس الحارة"، وقد كان ذلك قديماً في مژاب، إذ يخرج الفلاحون إلى الشِّعاب في فصل الصيف لإصلاح السواقي التي تجلب إلى بساتينهم مياه الأمطار الموسمية في الخريف عند بداية موسم هطول المطر، وفي هذا حثّ على الجد في العمل واغتنام الفرص..

 

8 "أَرْكَاسْ يَبْهَايَسَنْتْ إِيتْغِيضَاضْ " أي: "الرقص يليق بالجَدْياتْ "، والمراد بأنّ هناك أنشطة خاصة بكل فئة عُمريَّة، فلا يليق بالفتاة الناضجة أن تُلاعب الصغيرات أو أن تقوم بتصرفات طائشة، وفي هذا المثل تحضير الأم لابنتها فيما يستقبلها...

 

9 "أَمَهَلاَّ أَلَمْ أَمَلاَّلْ ڤاعْ أَتَّادُونْتْ " أي: "لاَ تَحْسَبْ بِأَنَّ الجَمَلَ الأَبيَضَ كُلُّهُ شَحم"، ونظيره في الفصحى "ليس كلُّ ما يلمع ذهباً"، فلا يغر المرء بالمظاهر الخارجية البراقة.

 

10 "أَوَتَّدْجَا أَجْدَلْ إِ تْزُڤَّارْتْ " أي: "لا تصنع حوضا لشجرة السِّدر"، ومعناه لا تضع المعروف في غير أهله، ونحن نعرف بأنّ شجرة السِّدر شوكها قاس من جهة، ثم لا فاكهة و لا ظل يرتجى منها.

الإباضية وادي سوف

إباضيون سوافة... وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

Icon 09

لم أكن أعرف لماذا كلما صادفني أحد مشايخ الإباضية يكبر في ناظري وسرعان ما أشعر وكأنّ شيئا ما يجذبني إليه، فأكاد أقبل عليه مصافحا مسلّما ومستبشرا به، وكأنني أعرفه من زمن بعيد .. مازالت هذه الظاهرة تكبر معي وتلازمني بكل ما فيها من براءة وتلقائية، حتى أدركت أن هؤلاء السادة الكرام هم أجدادي وأهلي، لذلك كان ينتابني هذا الشعور تجاههم...

فهم الذين نزلوا في منطقة (سوف) ذات يوم وظلوا بها ستة قرون كاملة نشروا خلالها العلوم والمعارف، وكان عشرات من كبار الفقهاء السوافة  لكنهم إباضيّو المذهب كما سنرى..إباضيون سوافة وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

سنة 1980 كنت في الخدمة الوطنية بمدينة ورقلة، لم أكن أعرف لماذا أتوجّه مباشرة إلى مسجد "لالة عزة" لأصلي العصر وأنا أرتدي البدلة العسكرية، فأقبل نحوي وقتها احد الشيوخ وأظنه المؤذن ومنحني "قدوارة" زرقاء، كانت معلقة في مسمار بإحدى السواري الضخمة لهذا المسجد العريق، فأرتديها لأصلي العصر مع القوم.. ومضت الأيام تتدحرج والسنون تتوالى، وخلال 2005 ـ 2008  كثر ترددي على ورقلة، وأضطرّ في غالب الأوقات إلى المبيت فيها، فكنت أتوجّه أيضا مباشرة ودون سبق إصرار أو أية نيّة أخرى إلى مسجد لالة عزّة، حيث صليت الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وذات مرة صادفت زيارتي يوما من أيام الصيف الحار، فصلينا في السطح الذي يقع فوق المسجد، وهو سطح، الهواء فيه طلق، مكان يجد فيه المتعبّد حلاوة الركون إلى الله ويستشعر فيه قداسة المكان ووقار أهل الدار..

هناك ملاحظة فقط وقفت عندها مطوّلا ولم استطع فهمها سوى هذه الأيام من خلال مراسلة الأستاذ الفاضل سليمان بومعقل عن مسجد لالة عزة.. فخلال 2005 عندما زرت المسجد بعد غياب طويل، وجدت جزء مهمّا منه قد تم هدمه وتجديده بطراز عصري، فأعبت على القوم وقتها هدم مسجد عريق كهذا، وقلت لو أنهم رمّموه لكان أفضل..ورسخ في بالي أن الجزء المتبقي منه سيكون له نفس المصير، فلم يكن بوسعي نقل الملاحظة إلى أصحاب المسجد وانا مجرّد عابر سبيل.. حتى أشار إلى ذلك الأخ سليمان بومعقل في مقاله عندما اعتبر الهدم خطأ قائلا بصريح العبارة : " علما أنه هُدّم هذا المحراب و القبة مع الصفين الأولين للتوسعة والتجديد سنة 1991، و هو خطأ في حقّ التراث المعماري. محاولة لبعث المحراب والقبة الأصليين، اتّخذ في البناء الجديد ما يشبههما."

سوف ظلت لستة قرون محسوبة على التاريخ الإباضي:

هذا الموضوع بدأ يستقطب اهتمام مجموعة من الدارسين المحليين هنا بالوادي، والبحث الذي سنعتمد عليه اليوم في تقديم نبذة عن حياة الإباضية في سوف، عنوانه: "سوف في المصادر الإباضية" للأستاذ نصر الدين وهابي، معهد الآداب واللغات، المركز الجامعي بالوادي، عثرنا عليه في كتاب من إصدارات الجمعية الثقافية للمركز الثقافي محمد ياجور بقمارـ طبعة 2008. وهو البحث الذي اتسم بالموضوعية في عرض الشواهد التاريخية.. وقبل ذلك نشير أنه في الوقت الحالي يوجد عائلة واحدة بالوادي من أصول إباضية لا يزال بعض شيوخها أحياء، حتى انه حسب ما قيل لي أن بني عمومتهم قد جاءوهم خصيصا من غرداية ليمكنوهم من إرثهم المترتب لهم بعد وفاة المورّث في منطقة ميزاب..

يقول صاحب البحث المذكور في شرح كلمة (سوف) حسبما ورد في كتب السادة الإباضية ما يلي: "تتوفر كتب التاريخ الإباضية على قدر هائل من المادة التي تعني( سوف) لسبب بسيط جدا هو أن هذا الإقليم كان لقرون عديدة موطنا إباضيا بدرجة مهمة، ملأ هذا المذهب أرجاءه كما ملأ كل الأقاليم المحيطة به... وذلك من أوائل القرن الثاني الهجري إلى القرن التاسع الذي انحسرت فيه الإباضية وتراجعت لتستقر في وادي ميزاب..ومن ثم فإن (سوف) لستة قرون تقريبا محسوبة على التاريخ الإباضي وهو المسئول عنها والمطالب بأخبارها.."

ويضيف الباحث: "سوف محوّلة من(أسوف)، فالمصادر الإباضية تصرّ على أنها(أسوف) وليست سوف، كما تذكر أريغ وليست ريغ..".

ويضيف الباحث متحدثا عن التواجد الإباضي في سوف، فيقول : "سوف تعرفت على الإباضية منذ القرن الأول الهجري عند تأسيس الدولة الرستمية، بل أن ثمة من القرائن المثبوتة في المصادر الإباضية ما قد يفهم معه أن سوف عرفت الإباضية قبل تأسيس هذه الدولة وأن المذهب الإباضي سبق الدولة الرستمية.."

أسماء بعض أعلام الإباضية السوافة

يجب أن يعلم الجيل الجديد بأن الإباضيين هم أجدادنا وآباؤنا، والدليل على ذلك هي هذه القائمة من الفقهاء السوافة الأقحاح ولم يكونوا لا مالكيين لا تجانيين ولا قادريين أو رحمانيين أو حنابلة بل كانوا إباضية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ومن هؤلاء نذكر:

ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)، وهو من فقهاء الإباضية وحملة علمهم وله فتاوى كثيرة ومؤلفات عديدة، وكان مسكنه في ورجلان.

ـ سارة اللواتية السوفية (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري 11م)، ومسكنها سوف، صالحة عابدة، كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.

ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي( القرن الخامس هجري)، من بني منصور بوادي سوف، تذكره المصادر الإباضية مقاتلا لحماد بن بلكين الزيري في حصاره لقصر وغلاتة.

ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني(أواخر القرن الخمس وبداية القرن السادس الهجريين)، وهو من زواغة بجربة..

وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...

ويذكر الباحث نصر الدين وهابي، أن المصادر الإباضية هي من تكلم على سوف بغزارة في الوقت الذي زهدت عن ذكرها المصادر الأخرى، والسبب في ذلك أنهم كانوا يعدونها محسوبة على مذهب خصم لهم، في حين أن المؤرخين من غير الإباضيين اشتغلوا في التأريخ لمذهب الشيعة تحت قيادة الفاطميين.

أسباب انحسار الاباضية عن سوف

يقول الباحث نصر الدين وهابي في محاضرته المذكورة ما يلي : " والذي خلصت إليه في بحثي عن أسباب إنحسار الإباضية في (سوف) هو إمكان الرجوع بها لسببين هما:

1ـ تحول إباضية سوف في غالبيتهم إلى مذهب النكارية( فرقة منشقة)، والنكارية لا تعني البقاء في المذهب الإباضي في صورة ثانية، إنما تعني الخروج منه والتوجه إلى مذهب السنة (حسب تعبير صاحب البحث)، لذا لم يبق اليوم غير إباضية وهبية(فرقة أخرى منشة أيضا عن المذهب الأم) أما النكار فذابوا مع الأيام في المذاهب الأخرى، وكان مذهب المالكية المرشح الأول للتغلغل في (سوف).

2ـ يعود هذا السبب إلى الصراع المرير بين زناتة الإباضية وقبائل بني هلال العربية التي ستمثلها على مسرح الأحداث في سوف، (طرود) و(عدوان)..

وانحسار المذهب الإباضي عن سوف، صحبته دعايات غالبا ما تحصل بين الأخوة الفرقاء، كتلك التهم التي ألصقت بالمذهب الإباضي فيما بعد من خلال وصفه بالخارجي او الرافضي.. والحقيقة أن المذهب الإباضي هو براء من كل ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ولكن الفرقاء كما قلنا لا يفتئون ينتحلون التهم ضد بعضهم بغرض الإساءة والانتقام. ومن المغالطات التي يرتكبها بعض الباحثين سامحهم الله إما عمدا أو سهوا أنهم لا يعدون المذهب الإباضي بالمذهب السني، وهذه هي مغالطة أخرى يبدو انه آن الأوان لتصحيحها.

 

----------------------------

المصدر:  جريدة الحوراء الأسبوعية

الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية

وكانت الدولة الرستمية دولة الإخوة الإسلامية الكاملة. ق فتحت ذراعها لكل الناس، ورحبت بكل الطوائف، وقصدتها الأجناس من كل أنحاء العالم. وكان فيها اليهود والنصارى، كما كان فيها العجم والعرب والسودانيون والأوروبيون من صقلية وايطاليا والأندلس والجزر الأخرى القريبة من المغرب. وكانوا يتوافدون عليها للتجارة أو للعمل أو للإقامة. كما قصدت الدولة الرستمية كل الطوائف الإسلامية من المشرق فاستوطنتها. وكان فيها الكوفيون والبصريون والمصريون، والخراسانيون وغيرهم. وكانوا جميعا يجدون من الدولة الرستمية الجمهورية العادلة كل اعزار واحترام، وكل عدل ومساواة. لا تفضل البربر أبناء الوطن الأصليين عليهم، ولا تعاملهم كغرباء. أنهم أما يكونوا مسلمين فهم في وطنهم، لان الإسلام قد جعل المسلمين إخوة، وإما أن يكونوا من الأديان الآخرة فهم أهل الذمة؛ على الدولة رعايتهم، وحمايتهم وتعليمهم، والأخذ بأيديهم إلى ما فيه صلاحهم ونجاحهم وسعادتهم.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 298-299

الإسلام وتوحيده للشعوب

الدين الإسلامي العظيم ومزجه وتوحيده بين الشعوب

إنه ولو لم تتغلب الدماء البربرية على الدماء الفارسية في العائلة الرستمية، فان الدين الواحد، وهو الدين الإسلامي العظيم الذي تتمسك به العائلة الرستمية كل التمس، ويتمسك به البربر تمسكها ليجعلهم شيئا واحدا في الأخلاق والاتجاه، فيمتزجون امتزاج النور بالنور، ويصيرون عنصرا واحدا لا فرق بينهم في شيءإن الاختلاف إنما يكون بين العائلة الرستمية والبربر لو انتقلت إلى المغرب في القرن الأول قبل أن يؤثر الدين الإسلامي تأثيره البالغ في شخصية البربر، وفي شخصية الفرس. أما في القرن الثاني سيما في آخره فقد جعل الدين الإسلامي كل المتمسكين له متماثلين في الأخلاق، وصيرهم امة واحدة هي امة محمد عليه السلام، وشعبا واحدا لا فرق بينهم في الاتجاه والعقيدة التي تفرق بين الناس انه لأثر الدين الإسلامي العظيم في المزج بين مسلمين وجعلهم نفسا واحدة ذات طباع واتجاه واحد، قال الله سبحانه للمسلمين " إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" فحكم بأننا امة واحدة –معشر المسلمين- وإن اختلفت دماؤنا وأقطارنا.

كان البربر وهو جمهور الدولة الرستمية واغلب سكان المغرب في ذلك الزمان يرون العائلة الرستمية جزءا أصيلا منهم لما قررنا في الوراثة والدماء، والدين الإسلامي الذي تتمسك به الدولة الرستمية كل التمسك. فهو قانونها المقدس. إنه دين يحرم التعصب للعرق، والتحيز للنسب، ويأمر بالاعتداد في الناس بالتقوى والتمسك بالدين الذي يجعل المؤمنين إخوة بصبغهم بصبغة واحدة هي الراسخة والبارزة في المرء أكثر من صيغة الوراثة الخاصة.

كانت الدولة الرستمية تتمسك بالدين كل التمسك. وكانت حربا على العصبية المذهبية وللعرف. وما ثار أهلها على الأمويين والعباسيين وخلعوهم ورموهم كالجورب المتهري إلا لظلمهم، وأنانيتهم، وتعصبهم لأنفسهم وعروقهم.

إن الدولة الرستمية قد فتحت أبوابها لكل المسلمين من كل أنحاء العالم الإسلامي، ومزجتهم بها، ورأتهم جزءا منها، لا فرق عندهم بين عربي وبربري وأعجمي. فالكل مسلمون. وهم امة محمد عليه السلام، والله قد جعلهم للبربر إخوة فقال: "إنما المؤمنون إخوة".

هذه هي نظرة الدولة الرستمية لمن يحل فيها من الأجناس المسلمة التي تهاجر إليهم كالسودان والعجم الآخرين الذين قد لا يصاهرونهم. أما العائلة الرستمية فإنهم يرنها في جسمهم رأسا، وفي وجههم الجميل العين الكحيلة. فكيف -لعمري- يقول الشيخ مبارك ألميلي في كتابة تاريخ الجزائر: إن العائلة الرستمية أجنبية في الدولة الرستمية، وإن الفتن الواقعة في عهودها المختلفة سببها عدم ثقة الحكومة بالأمة لأنها أجنبية.

قال الشيخ مبارك ألميلي: "أما الحالة الداخلية في الدولة الرستمية فالحرب فيها اغلب من السلم ! ذلك أن الحكومة لم تتمكن من بسطك نفوذها في المملكة على ضيف رقعتها ! فالقبائل مستقلة تحت أمراء منهم. وليس ثم من وحدة سياسية ولا دينية ! والحكومة أجنبية لا ثقة لها بالأمة ! وتتساهل لذلك في اتهامهم بالانتزاء عليها ! فنشأت الفتن من ضعف الحكومة وسوء ظنها بالأمة"(1).

إن هذه الأحكام كلها خاطئة. وارى أن الشيخ مبارك رحمه الله قد نقلها من بعض الأوروبيين المتعصبين الذين ينظرون بحقد متأجج إلى تاريخنا الإسلامي المغربي، فيصورونه لأبنائنا اسود وهو ابيض ! إننا نكبر في الشيخ مبارك دينه ورسوخه في العلم. ومع هذا يحشر لنا في كتابه هذه الأحكام التي لا يقولها إنسان يعرف عظمة الدين الإسلامي وكزجه بين الأجناس المختلفة فتكون امة واحدة، وأسرة واحدة ممتزجة كل الامتزاج. 

إن الحكومة إنما تكون أجنبية في الدول الملكية المطلقة التي يستولي فيها الملوك على الرئاسة بحد السيف، ويخضعون الأمة لهم بقوة الجيوش الجرارة، ويرغمونها على الخضوع لهم بالرغبة الرهبة. فتشعر الأمة والرعية بأولئك الملوك المستبدين المغتصبين لرئاستها صخورا ثقيلة على كواهلهم، وشيئا أجنبيا ينبت في أجسامهم فيورثهم الآلام. فتسوء ظنون الملوك بالرعية فلا يثقون بها لما يشعرون به من كرهها لهم. أما الدولة الرستمية فان الرعية كلها هي التي تختار في حرية تامة أئمة الدولة ورؤساءها، وتقدمهم إلى الرئاسة لحبها لهم، وثقتها التامة فيهم، وتلح عليهم أن يقبلوا الرئاسة وهم يهربون من الرئاسة. فإذا قبلوا رئاستها أسرعت كل الطوائف إليهم وكل الطبقات فبايعتهم بقلوبها وأيديها، ورأتهم الرءوس الصحيحة على أعناقها، ونظرت إليهم بنظرة الطفل إلى ثدي أمه، يراه سبب حياته وقوته لا نتوءا زائدا في صدرها؛ وأحبتهم، وأطاعتهم، والتقت حولهم التفاف الشغاف على القلب، والأم الحنون على الدماغ. تقيهم وتقي الدولة معهم من كل سوء، وتقضي على فتن المتمردين، ودسائس الدساسين.

إن الأئمة الرستميين لم يعدوا أنفسهم أجانب في الدولة، وكذلك الدولة لا تراهم أجانب فيها. ولا نجد زوبعة واحدة مما وقع ي الدولة الرستمية سببها سوء الظن من الأئمة أو من الرعية كما قرر الشيخ مبارك في أحكامه الخاطئة على الدولة الرستمية.

إن الفتن القليلة التي وقعت في الدولة سببها ما ذكرنا. إن السبب الأكبر فيها سيما ما وقع في عهد الإمام أبي بكر عهد الإمام أبي حاتم هو دسائس الملكيين المتعصبين الذين يكرهون الإمامة الإسلامية، ويتخذون كل وسيلة وينفخون في كل رماد لإضعافها بالفتن، والقضاء عليها.

إن الذين ثاروا في هذه العهود إنما هم سكان العاصمة، وهم خليط من شعوب ونحل شتى. كان الكثير منهم إما عامي يسيطر عليه دعاة الفتنة، أو من جواسيس الملكيين الذين بثوا في العاصمة ليكيدوا للدولة. أما القبائل البربرية، وهم جمهور الرعية، والأغلبية الكبرى في الدولة، وهم لحمتها وسداها وعمادها، فقد التفوا حول الأئمة في تلك الفتن الملكية فاستطاعوا إطفاءها.

وكانت الدولة الرستمية دولة جمهورية عادلة ديمقراطية تقوم على الإمام الإسلامية. 

وكان صدرها يفيض بالإخاء لكل المسلمين. وكانت كالمسجد تفتح أبوابها وترحب بكل الأطهار، وتجتمع فيها كل الطوائف الإسلامية، وهم بالوداد والاحترام الذي تفيض صدورهم كالألوان المختلفة في الزرابي الجميلة، والزهور المتنوعة في الخمائل البديعة، يزين بعضها بعضها ، ويظهر كل لون ما في صاحبه من الروعة والحسن والجلال، ويكون كل منه للآخر –وإن خالفه في المذهب أو الجنس- كالوجوه البيضاء التي تشب وتبرز جمال وسحر وبهاء ما فيها من عيون سوداء !

كانت الدولة الرستمية على هذا الصفاء الذي يملؤها به الدين تتمسك به، وعلى هذه الإخوة الإسلامية الكاملة. وكان الإمام افلح مثال العدل وحسن السياسة. فبلغت الدولة في عهده نضوجها الكامل، ودخلت في كهولتها. واستقرت استقرار الكهل السعيد الذي يورثه الرزانة والهدوء نضوجه وتحقق آماله في الحياة.

....................................

(1)  السير للشماخي ص 203 ط البارونية

تاريخ الجزائر للشيخ مبارك ألميلي ج 2 ص 33 ط أولى بالجزائر.

تاريخ المغرب الكبير الجزء الثالث ص 465-469

الاقتصاد في الماء

الاقتصاد في الماء

Icon 09هذه صورة مأخوذة من تربص تعليم الصلاة يظهر فيها المتربصين يتدربون على إسباغ الوضوء بالأباريق.

وجه من أوجوه حضارة مزاب هو الاقتصاد في الماء والعيش وفق آليات حفظ الماء تلك هي أهم مقومات حضارة مزاب التي عمّرت لقرون عديدة وأسهمت في ميلاد وتطور علوم وفنون عريقة في تقسيم المياه وازدهار بلاد الشبكة بالحياة والواحات الغنّاء.

 

 

 

 

 

المصدر : Slimane Hadj

 

التجارة 03

الحياة الاقتصادية العهد الثّالث 

كانت تتمّ في سوق البلدة، حيث يتبادل أهلها مع قوافل البدو منتوجاتهم. فكان الأوّلون يقدّمون المنسوجات التي صنعتها أيدي المزابيات و الفائض من محصول التّمور، مقابل الصّوف والسمن وغير ذلك من خيرات البادية. يظهر من هذا أنّ اقتصاد المنطقة كان يتعاون على حمله كلا الجنسين. فبينما يظلّ الرّجل في بستانه مكابدا لقساوة الطّبيعة وصادًّا لغارات البدو، كانت المرأة في منزلها تغزل وتنسج، علاوة على قيامها بشؤون البيت المعروفة.

كان الإنتاج السّنوي في مزاب من ملابس الصّوفية في القرن التّاسع عشر يقدّر بسبعين ألف قطعة، وكان آنذاك حوالي سبعة آلاف امرأة تشتغل في النّساجة بالبيت، وكان يدخل إلى مزاب سنويا ثلاثون ألف جزة صوف[1].

إنّ الوافدين من الإباضية على بلاد الشّبكة عبر القرون، اختاروا المنطقة لبعدها عن طرق القوافل التّجارية المعروفة آنذاك، حرصا منهم على اعتزال الحركات التّجارية وما تؤدّي إليه من الرّفاهية وجلب الطّامعين.

إلاّ أنّ القوافل التّجارية لم تلبث أن حوّلت مسالكها، فأصبح مزاب محطا لها، وهمزة وصل بين الشّمال و الجنوب وبين الشّرق والغرب. وممّا ساعد على ذلك أفل نجم سدارته، بخرابها عام 1274،ثمّ خراب تَمَنْطِيطْ عام 1492م.

في القرن الثّامن عشر الميلادي كانت القوافل المارّة على غرداية تحمل إلى الشّمال التّمور والملح والعاج و الذّهب والجنود والأقمشة وريش النّعم، وإلى الجنوب الحبوب والزّيت و السكّر و النّحاس ومنتوجات مصنوعة بالتّل وأوروبا.

ظلّت غرداية قرونا مرحلة في التّبادل بين التّل والسّودان، كما كانت مرحلة في التّبادل التّجاري بين قوراره وتوات غربا ومنطقة وارجلان شرقا.

بهذا نصل إلى القول بأنّ التّجارة ليست سبب إنشاء مدن وادي مزاب، لكنّها ساهمت في تنميتها اقتصاديا واجتماعيا.

يبدو أنّ تزايد السكّان وضعف مردود الفلاحة أجبرا بني مزاب على التّفكير في مواد أخرى للعيش، يضمنون بها بقاءهم في المنطقة، فأخذوا في الاغتراب إلى مدن التلّ قصد التّجارة. لم نعثر على تاريخ بداية هذا الاغتراب، إلاّ أنّ المؤرّخين يذكرون أنّه كان يوجد في مدينة الجزائر مزابيون في بداية القرن الرّابع عشر الميلادي .

إنّ الفلاحة لا تضمن للمزابي الذي يقتصر نشاطه عليها مستوى معيشيا مقبولا. مشكل الرّي وإنهاك التّربة يفرضان حدا للمساحة المزروعة ومدودها هذه الظّروف جعلت من الواحات بؤرا للاغتراب.

كان أهل غرداية يكثر ذهابهم إلى قسنطينة وسطيف وغليزان، وأهل بني يزقن إلى قسنطينة وقالمة وسوق اهراس والبليدة، وأهل العطف إلى الجزائر وقسنطينة، وأهل بونورة إلى الجزائر وتيارت، وأهل مليكة إلى الجزائر وباتنة وخنشلة و السور وبوغار، وأهل بريّان إلى الجزائر وقسنطينة، وأهل القرارة إلى العلمة وباتنة وخنشلة و البليدة، وكان بعض المزابيين يقصد تونس و ليبيا وحتّى الإسكندرية.

أكثر المغتربين إلى تونس من غرداية و القرارة وبني يزقن، يكثر عددهم بالعاصمة وفي جربة. أمّا في غيرهما فنجد مثلا في 1867م تسع عائلات مزابية في سوسة.

في الجزائر العاصمة أحصي عام 1838م،629مزابيا، ارتفع عددهم حتىّ بلغ عام 1846م،2233، في حين أن العدد الإجمالي للمزابيين المغتربين في تلك السنة بلغ3.036، بعد ذلك سقط عددهم في العاصمة حتىّ بلغ عام 1850، 861، ثم عاد إلى الارتفاع ليصل عام 1856، 1449مزابيا.

نجد في إحصاء نوفمبر 1852م أنّ عدد المزابيين في سكيكدة بجاية سبعة وخمسون، عددهم في سوق أهراس عشرة، وفي المدية 364.

وفي سنة 1858م، أحصي في الشرق الجزائري 351مزابيا، 153منهم بمدينة قسنطينة.

أهل العطف كانت تجارتهم في اللّحوم و البقول، وأهل غرداية وبني يزقن في الأقمشة والألبسة، وأهل بونورة في الفحم والخشب والزّيت، وأهل مليكة في الحبوب والتّمور والحمّامات. أمّا أهل برّيان والقرارة فتجارتهم كانت متنوّعة.

إنّ انتقال بني مزاب بين الجنوب والشّمال قصد التّجارة لم يكن شيئا مضمونا ميسورا. فقد كانت فقوافلهم تتعرّض في الطريق لغارات النّهب والسّلب من طرف قطاع الطّرق. لذلك فإنّك تجدهم لا يغامرون بالسّفر إلاّ في قافلات ذات حجم كبير، وكانوا يدفعون للبدو غرامات.

كانت قرى مزاب تدفع غرامات للأرباع ومخاليف الجرب وسعيد عتبه وغيرها لحماية قوافلهم الذّاهبة إلى التّل.

يقول الشّيخ حمو عيسى:«هذا الوضع من الفوضى والاضطراب و قلّة الأمن في الطّريق حمل المزابيين على عقد تحالف دفاعي وتعاوني مع بعض الأعراش من المخاليف والأرباع وأولاد نايل، لحماية القوافل والأموال من قطّاع الطّرق ومن النّهب والسّلب فيما بين الصّحراء والتّل»[2]

في 1050هـ/1640م، عقدت جماعة كبيرة من تجّار قصر البخاري والمدية والبليدة والجزائر سفر رفقة مع نحو ثلاثين من غير المزابيين، أكثرهم من الشعانبة، وفيهم بعض المخادمةوالمذابيح. وبعد نحو مرحلتين من ناحية الجلفة التقوا بجيش، فوجّه أمرا إلى المزابيين فقط بدفع ثلاثمائة ريال وأنواعا من السّلعة عيّنوها، فرفضوا ذلك، فأراد الجيش أن يهاجمهم،فانحازالشعانبة ومن معهم من المخادمة و المذابيح إلى المزابيين،فوقعت معركة انجلت بأحد عشر قتيلا، ففرّ الجيش وترك قتلاه، فدفنهم الغالبون.

إثر ذلك، عقد التجّار المزابيون في 1052هـ/1642م مؤتمرا بالجزائر بباب الواد وقرّروا فيه:

أوّلا-ضم المالكية بمزاب إلى مجموعة الإباضية التجّار بالجزائر في اجتماعاتهم.

ثانيا-الإذن لهم بدفن أمواتهم في مقبرة سيدي بَنُّورْ.

ثالثا-عقد رفقاتالسّفر معهم من مزاب إلى الجزائر،ومن الجزائر إلى مزاب.

رابعا- التّعاون من الطّرفين في جميع المهمّات، كإعانة كلّ ضعيف بما يمونه ويبلّغه إلى وطنه.

خامسا- التّحالف ضدّ كلّ عدو يحارب الجزائر ويهاجمها.

سادسا- التّعاون على كلّ ما يحتاج إليه مزاب ممّا يرتبط بالجزائر سياسيا أو اقتصاديا.

إنّ في مقبرة سيدي بنّوركثيرا من مالكية مزاب دفنوا فيها منذ ستين وألف هجري[3].

يوجد مخطوط بخط الشّيخ الحاج إبراهيم بن بيحمان، باسم ممثّلي جموع بني مزاب في مجلس عمّي سعيد، يشكون فيه من قبيلة أولاد صالح في جبال الشفة التي تتعرّض للقوافل الذاهب إلى الجزائر أو العائدة منها إلى مزاب[4].

ومن ذلك، الهجوم الذي تعرّضت له قافلة بني مزاب المتوجّهة إلى التّل في جوليت 1850م

قرب تَاجْمُوتْ. وقد توسّط الآغا جلول، آغا السوقر، فأرجع المغيرون لبني مزاب1150 كسوة وتسعة عشر بعيرا وبغلا واحدا وعشر بندقيات ومسدّسا وقارابيلة وسبع مظلات. وقد احتفظوا على 760كسوة وثلاث بندقيات وأربعين غرارة تمرا وثلاث عشرة مظلة ومائتي بوجو.

من جهة أخرى، فإنّ التجّار المزابيين وغيرهم كانوا يدفعون ضربة جمركية لبايلكالتيطري عند خروج قوافلهم من المدية، حدّدت بمحبوب واحد على حمولة كلّ بعير، ونصف سلطاني على حمولة كلّ بغل، وبوجو واحد على حمولة على كلّ حمار[5].

وقدّر عام 1867م المحبوب بـ4.05فرنك فرنسي ونصف سلطاني بـ2.75 فرنك والبوجوبـ 1.80فرنك.

صورة ناذرة جدا لقافلة تتجه نحو قصر تغردايت سنة 1891 من أرشيف ماوراء البحار بإيكس أون بروفانس بفرنسا

كانت منطقة مزاب ملتقى القوافل التجارية و همزة وصل بين التل و الصحراء الكبرى و بلاد السودان ( إفريقيا الغربية خاصة )، حيث لعب التجار المزابيون دورا مهما في تبادل السلع بين الشمال و الجنوب الكبير، إذ كانوا يقومون بجلب الحبوب والمنتجات الأوربية المتمثلة في الأقمشة القطنية و البقول و السكر و القهوة و الشموع و الصابون و الحديد و الفولاذ من التل و يحملون إلى الشمال السلع التي يأتون بها من الصحراء و بلاد السودان و المتمثلة في الملح و العاج و الذهب و الجلود و الأقمشة و ريش النعم و العبيد ، إضافة إلى منتجاتهم المحلية المتمثلة في المنسوجات الصوفية و مسحوق البارود و التمور التي يجلبون كميات كبيرة منها من منطقة توات و قورارة ووارجلان التي يملكون فيها أكثر من عشر مجموع نخيلها زيادة إلى ما كانت تجود واحاتهم من فائض في الانتاج ؛ وبفضل كثافة نشاطهم بين الشمال و الجنوب و امتداده إلى أقاليم تونس و المغرب وتمركزهم في جل مدن التل، استحوذوا على جل العمليات التجارية في منطقة الصحراء الكبرى لفترة طويلة و حوّلوا مزاب إلى أهم و أكبر سوق تجارية فيها، رغم الظروف الأمنية الصعبة وغارات قطاع الطرق على قوافلهم؛
والعديد من المصادر الفرنسية القديمة أكدت ذلك، فمثلا ورد في تقرير صادرعام 1884 عن رئيس المكتب العربي الفرعي بالجزائر ما يلي :(6)


« Au moment de notre conquête de l’Algérie, le M’zab avait à peu près le monopole du commerce du Soudan et du Sahara ; c’est là qu’arrivaient toutes les caravanes d’In Salah et la plupart de celles du Gourara et de Ghadamès »
« Le M’zab est le grand marché de tout l’extrême Sud, c’est là que vont s’échanger les produits du Tell et ceux de l’industrie européenne, contre les produit du Sahara »

 

 

 


[1]_A . COYNE : le M’Zab , 24 .

[2]_دور المزابيين، الجزء الأوّل، 58.

[3]_إبراهيم مطياز: تاريخ مزاب، 153.

[4]_إبراهيم طلاي: مزاب بلد كفاح، 45.

[5]_Revue Africaine n° 11 , 213 .

6 bakir bennacer

التعاون والتطوع الجماعي المتبادل

التعاون والتطوع الجماعي المتبادل(01)

Icon 09

" ..كان من أهم ما يتصدر طلب العيش في تلك الأراضي الجرداء الاشتغال بالزراعة "يقصد بلاد الشبكة ذات الطبيعة الصخرية القاحلة"، فشمروا عن ساق الجد والعمل الدؤوب، وكان الوطن قاحلا يعتمد على ما يفتح الله من أمطار تسيل بها الأودية والشعاب وهي قليلة، فكان لزاما أن يعمدوا لحفر الآبار لسقي ما يزرعون أو يغرسون....

..وكان عملهم في عمارة تلك الأراضي مبنيا على التعاون، وهو التطوع الجماعي المتبادل حسبما رواه بعض كبار الشيوخ من أنه يقع النداء في المسجد: " إن فلان عازم على حفر البئر في المكان الفلاني، فمن كان راغبا فليتفضل، فما على صاحب البئر إلا أن يهيئ ما تيسر من طعام، فيتم في ظرف من الزمن غير طويل في تعاون وحماس، فهذا يحفر وذاك ينقل الحجارة وهذا يبني إلى أن يتم.

كما أنهم عند الحرث والسقي الأول متعاونون، وذلك أن الفلاحين المتجاورين أو الأصدقاء بعد أن يحرث أحدهم أرضه بمحراث تجره دابة من جمل أو حمار أو بغل، يتبادلون التعاون في تسوية الفدادين والسقي الأول (إِسْبِ اَنْيَجْدِي) يوما عند هذا ويوما عند الآخر..."

 

 ----------------------------------------

(01) بحوث ومحاضرات في الدين والحياة- الاقتصاد في وادي ميزاب- للشهيد بالحاج بن عدون قشار. ص 239

المصدر nir-osra.org

التّعليم في وادي مزاب عبر التاريخ

التّعليم في وادي مزاب عبر التاريخ

c 7احصائيات العهد الرابع للتّعليم الحر الإسلامي المحاضر ودور العلم والمدارس القرآنية والتعليم الرسمي الفرنسي ومدارس الآباء البيض

التعليم في الفترة الثانية من 1882م إلى 1912م

التّعليم في الفترة الثالثة من 1912م إلى 1947م

التّعليم في الفترة الأخيرة من 1947م إلى 1962م

التقويم الأـمازيغي عبر التاريخ


احتفلت الشعوب الأمازيغية منذ مئات السنين أو ربما منذ آلاف السنين بالسنة الجديدة في بداية شهر يناير وغالبا في 13 من يناير
.

ولأن الأمازيغ في الشمال الخصب الأخضر المطير كان شعبا فلاحيا مستقرا عكس الأمازيغ الرحل في الصحراء الأمازيغية الكبرى، فقد ارتبطت السنة الأمازيغية الجديدة في الشمال بالفلاحة. وأصبح بعض الباحثين والملاحظين ينعتونها (عن حسن نية) بـ"السنة الفلاحية"، وكأن التقويمات الأخرى في بقية بلدان العالم ليست بتقويمات فلاحية أو دينية.

الحقيقة هي أن كل تقويم واحتفال بالسنة الجديدة لدى أي شعب من شعوب العالم يكون دائما مرتبطا بنشاط اقتصادي معيشي أو بأسطورة دينية أو شعبية أو بطقوس دينية معينة. لا وجود لتقويم فقط من أجل التقويم أو سنة فقط من أجل تدوين السنة. هناك دائما سبب اقتصادي أو ديني أو سياسي أو اجتماعي لإقرار تقويم معين أو سنة معينة من طرف دولة أو مملكة أو إمارة أو جمهورية أو قبيلة أو كنيسة أو غير ذلك. إذن كل تقاويم ويوميات وروزنامات العالم إما هي دينية أو اقتصادية فلاحية أو تجارية أو سياسية أو اجتماعية.

العدد 2967 في السنة الأمازيغية (الموافق لعام 2017) هو عدد رمزي لا يجب أن نحمله أكثر مما يحتمل. والشيء المهم هو أن السنة الأمازيغية حقيقة تاريخية احتفل بها الشعب الأمازيغي ضمن نظامه الإقتصادي الفلاحي في أرضه التاريخية، شمال أفريقيا، منذ أزمان قديمة وبشكل مستمر. أما عدد سنوات التقويم الأمازيغي فهو يرمز إلى تاريخ معين يحدده البعض وينتشر بالتعود وقد لا يعجب الكثيرين، ولكنه لا ينقص من عراقة السنة الأمازيغية شيئا. ومن المؤكد أن تاريخ الوجود الأمازيغي في تامازغا أقدم أضعافا مضاعفة من 2967 عاما، مثلما أن تاريخ وجود الأوروبيين في أوروبا أقدم بكثير من 2017 عاما.

وربما سيظهر في المستقبل من يقترح جعل معلمة تاريخية أو أركيولوجية أمازيغية أقدم - كنقطة بداية لحساب تعداد السنوات الأمازيغية بدلا عن تاريخ وصول Cicenq Amezwaru (شيشنق الأول) إلى حكم بلاد القبط في حوالي عام 950 قبل الميلاد. وفي جميع الأحوال يبقى 13 يناير عيدا ثابتا من الناحية التاريخية لثبوت احتفال الشعب الأمازيغي به منذ القديم واستمرار ذلك إلى اليوم.

وقد حدثت العديد من حالات التغيير والتعديل البعدي اللاحق للتقاويم وتاريخ بدء تعداد السنوات. فرجال الدين اليهود مثلا قرروا أن تقويمهم اليهودي (والعام اليهودي الأول) سيبدأ بعام واحد قبل تاريخ خلق العالم (حسب عقيدتهم)، رغم أنه قبل 5000 عام مثلا لم يكن هناك دين يهودي أصلا. فالسنة اليهودية الحالية 5774 أقدم من الديانة اليهودية نفسها والشعب اليهودي نفسه. ورغم ذلك فقد أصبح هذا التعداد اليهودي للسنوات شيئا طبيعيا جاريا به العمل لدى اليهود في العالم دون أي مشكل، لأن عدد السنين رمزي أولا وأخيرا. ويؤمن الكثير من اليهود المتدينين أن عمر الكون يبلغ 5775 عاما فقط.

المثال الآخر هو من إيران. حيث قرر الإيرانيون عام 1925 ميلادي الإنتقال رسميا إلى تطبيق التقويم الشمسي الهجري عوض التقويم القمري الهجري لتفادي المشاكل التي يطرحها التقويم القمري. وقاموا بإحياء أسماء الشهور الفارسية القديمة. وهذا التقويم الشمسي الهجري هو التقويم الرسمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية لحد الآن، وبأسماء الشهور الفارسية القديمة السابقة للإسلام. وتتبنى أفغانستان نفس التقويم الشمسي الهجري بشكل رسمي. وهكذا فالسنة في إيران وأفغانستان هي الآن 1392 هجري شمسي، مقابل 1435 هجري قمري في بقية البلدان المسلمة.

ولعل أشهر تعديل لتقويم رسمي هو التعديل الغريغوري على التقويم الجولياني القديم للسنة الميلادية. وحدث هذا التعديل عام 1582 ميلادي جولياني لتصحيح اختلالات السنة البسيطة والسنة الكبيسة وبقية الأخطاء الناجمة عنها ولتصحيح تاريخ الأعياد المسيحية. ومن المعلوم أن أصل التقويم الميلادي الجولياني (نسبة إلى Julius Caesar)بدأ مع الإمبراطورية الرومانية عام 46 ق.م (أي قبل ظهور المسيحية) وكان تقويما رومانيا صرفا بخلفيات وثنية.

1)التقويم الأمازيغي هل هو أصيل أم دخيل؟

يعمد البعض ممن يضايقهم التقويم الأمازيغي أو السنة الأمازيغية إلى اعتبار التأثير الروماني الأوروبي في التقويم الشمسي الأمازيغي الشمالي (أسماء الشهور الرومانية الممزغة وترتيبها...) نقطة نقص في التقويم الأمازيغي. ويعتبرونه "دليلا" على تبعية التقويم الأمازيغي للتقاويم الأجنبية. وهم ينسون أن جزءا كبيرا من شعوب العالم أخذت أسماء الشهور الشمسية من اللغات الأوروبية حديثا. والعربية نفسها تستخدم أسماء الشهور الشمسية الأوروبية (يناير، فبراير...) أو أسماء الشهور الشمسية السريانية (كانون، شباط، تموز...). وأصبحت الشهور الأوروبية هي الأكثر شيوعا على المستوى العالمي اليوم. ويرى معظم المتخصصين في هذا المجال أن أيام الأسبوع السبعة عادة اخترعها البابليون – السومريون وأخذتها عنهم الحضارات الأخرى. واليوم أيضا أصبح العالم أجمع يتبع هذا النظام الأسبوعي.

ومن المعلوم أن الأمازيغ عبر شمال أفريقيا كانت لديهم أسماء شهورهم الخاصة بهم قبل العصر الروماني والمسيحي والإسلامي، وكانت منتشرة على نطاق واسع عبر العالم الأمازيغي إلى حد أن المؤرخين الأمازيغ في القرون الوسطى (أو العصر الوسيط الإسلامي) تمكنوا من تدوينها وإيصالها إلينا.

كما أن كل أنظمة التقويم في العالم متأثرة ببعضها البعض. فالتقويم الروماني نفسه كان في الأول تقويما قمريا متأثرا بالتقاويم الإغريقية القمرية الأقدم، وكان في البدء يتكون من 10 شهور فقط بدون يناير ولا فبراير. والتقويم اليهودي متأثر بشكل مباشر بالتقويم البابلي الأقدم منه. وأسماء الشهور اليهودية والسريانية (شباط، آذار، نيسان، ايار، تموز، آب، أيلول، تشرين...) هي تقريبا نسخة حرفية من الشهور البابلية / السومرية (من العراق القديم) وليست يهودية ولا عبرية ولا عربية.

ومن المعلوم أن العديد من الشهور البابلية (تموز، آب، أيار،...) المستخدمة في الشرق الأوسط حاليا والأوروبية (يناير، مارس...) هي في الحقيقة أسماء لآلهة بابلية سومرية ورومانية قديمة أو مشتقة منها أو مرتبطة بها بشكل طقوسي أو ديني أو ثقافي. فشهر يناير جاء من اسم الإله الروماني Janus، ومارس جاء من اسم الإله الروماني Mars، وأبريل جاء من اسم الإلهة الإغريقية Aphrodite، وماي جاء من اسم الإلهة الإيطالية Maia.ويونيو جاء من اسم الإلهة الرومانية Juno.أما يوليوز فقد جاء من اسم الإمبراطور الروماني Julius Caesar.والشهر البابلي تموز جاء من اسم الإله البابلي Tammuzأو Dumuzi.وشهر ايار مرتبط باسم الإله Eaالبابلي...إلخ.

2)التقاويم عبر العالم:

-التقاويم البابلية / السومرية: من أقدم التقاويم في العالم وتطورت لأسباب دينية وفلاحية. بعضها قمري فقط وبعضها قمري شمسي مختلط. وكلها منقرضة الإستخدام ولكن توجد دلائل أركيولوجية على استخدامها من طرف البابليين والسومريين والسريان والآشوريين القدامى.

-السنة البابلية السومرية السريانية الآشورية القديمة: دينية، قمرية، ثم شمسية. تبدأ من 4750 ق.م الذي هو التاريخ التقريبي لبدء الحضارة الإنسانية الحديثة في بلاد الرافدين. ونحن الآن في السنة البابلية السومرية السريانية الآشورية رقم 6767. وتبتدئ سنويا في 1 أبريل. ويحتفل بها جزء من السريان والآشوريين حاليا.

-السنة الميلادية الغريغورية الأوروبية السائدة في العالم: رومانية وثنية في الأصل ثم أصبحت مسيحية، شمسية. حاليا هي: 2017.

-السنة الإثيوبية المسيحية: دينية، شمسية. السنة الحالية هي: 2009.

-السنة القبطية المسيحية: شمسية. السنة الحالية: 1733. ويحتفل بها المصريون المسيحيون حاليا.

-السنة الهجرية القمرية الإسلامية: حاليا هي 1438.

-السنة الهجرية الشمسية الإسلامية: التقويم الرسمي لإيران وأفغانستان. حاليا هي: 1395.

-السنة اليهودية: دينية. قمرية شمسية. حاليا هي 5777.

-السنة الصينية: قمرية أو قمرية شمسية. لا ترقم السنوات الصينية بل تعطى لها أسماء.

-السنة الأمازيغية الشمسية الشمالية: فلاحية تاريخيا، وربما كانت ذات طابع ديني ما مرتبط بالأديان الأمازيغية القديمة. أصبحت ذات طابع سياسي وهوياتي قوي مؤخرا. حاليا نحن في السنة الأمازيغية 2967. وحسابها مبني على أن أقدم شخصية أمازيغية معروفة في كتب التاريخ هي شخصية Cicenq Amezwaru (شيشنق الأول)، أو بالإنجليزية: Shoshenq I، الذي هو من أصل أمازيغي ليبي، والذي وصل إلى عرش المملكة القبطية حوالي عام 950 قبل الميلاد، وأسس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين.

-السنة الكردية: تاريخية، سياسية، شمسية (قديما كانت شمسية – قمرية). حاليا نحن في السنة الكردية 2629. وهي مبنية على تاريخ قيام مملكة الميديين المستقلة في بلاد كردستان وجزء من إيران وتركيا وسوريا. والميديون هم شعب قديم يعتبر جزءا من أجداد الأكراد والإيرانيين الحاليين.

3)الشهور الشمسية الأمازيغية ذات الأصل الروماني أو الأوروبي:

Yennayer أو Yanyur (يناير)

Yebrayer أو Sinyur (فبراير / يبراير)

Mares أو Meɣres أو Krayur (مارس)

Yebrir أو Kuzyur (أبريل)

May أو Semyur (ماي)

Yunyu أو Sedyur (يونيو)

Yulyuz أو Sayur أو izeɣ (يوليوز)

Ɣuct (غوشت) أو Tamyur (غشت)

Cutembir أو Tzayur (شتنبر / شتمبر)

Ktuber أو Mrayur (أكتوبر)

Nwanbir أو Yemrayur (نونبر)

Dujembir أو Duǧember أو Meggyur (دجنبر / دجمبر)

4)الشهور القمرية الأمازيغية الإسلامية الطوارقية:

يستخدم الطوارق في جنوب الجزائر ومالي والنيجر أسماءا أمازيغية للشهور الإسلامية العربية. وبعض الشهور القمرية الطوارقية الإسلامية المستخدمة ظهر في اللغة الأمازيغية الطوارقية مع انتشار الإسلام بينما يرجع أصل بعض الشهور الأخرى إلى التقويم الأمازيغي الطوارقي السابق للإسلام. ويجب الإنتباه إلى أن أسماء الشهور القمرية الأمازيغية الطوارقية الإسلامية ليست ترجمات لمعاني أسماء الشهور العربية الإسلامية، وإنما هي أسماء ذات معاني أخرى ولكن تستخدم كمقابلات أو معادلات للشهور الإسلامية.

Tamessdeq (تامسّدق) أو Tin Dufan : يقابل "محرم" العربي الإسلامي

Tallit Seṭṭeft (تالّيت سطّفت) : يقابل "صَفَر" العربي الإسلامي

Tallit Erɣet (تالّيت ارغت) : ربيع الأول

Awhim Wa Yezzaren : ربيع الثاني

Awhim Wa Yelkamen : جمادى الأولى

Sarat (سارات): جمادى الثانية

Tinamɣarin (تينامغارين) : رجب

Amezzihel (أمزّيهل): شعبان

Tin Oẓom (تين وژوم): رمضان

Tissi (تيسّي): شوال

Tan Ger Madden (تان گر مادّن): ذو القعدة

Tafaski : ذو الحجة

5)الشهور الأمازيغية القديمة ما قبل الإسلام وما قبل الرومان:

تنبيه: طريقة كتابة أسماء هذه الشهور الأمازيغية القديمة هي وفق طريقة النطق الأمازيغي القديم الذي كان سائدا في شمال أفريقيا والذي كان أقرب إلى النطق الطوارقي الحالي، حسب ما تشير إليه الدراسات.

الشهر 1 : Tayyuret Tezwaret (المعنى: القمر الأول)

الشهر 2 : Tayyuret Teggʷerat (المعنى: القمر الأخير)

الشهر 3 : Yardut

الشهر 4 : Sinwa

الشهر 5 : Tasra Tezwaret (المعنى: القطيع الأول)

الشهر 6 : Tasra Teggʷerat (المعنى: القطيع الأخير)

الشهر 7 : Awdayeɣet Yezwaren (المعنى: الظبي الأول)

الشهر 8 : Awdayeɣet Yeggʷeran (المعنى: الظبي الأخير)

الشهر 9 : Awzimet Yezwaren (المعنى: الغزالة الأولى)

الشهر 10 : Awzimet Yeggʷeran (المعنى: الغزالة الأخيرة)

الشهر 11 : Aysi

الشهر 12 : Nim

6) الفصول الأمازيغية:

Tafsut : الربيع

Anebdu أو Awilan : الصيف

Amwan : الخريف

Tagrest أو Tajrest : الشتاء

7) مصطلحات أمازيغية لضبط التقويم:

القمر: Ayur أو Ayyur أو Agur

الشمس: Tafuyt أو Tafukt أو Tafuct (ثافوشث)

السنة الكبيسة: Aseggʷas amanaẓ

السنة الصغيرة: Aseggʷas ameẓẓyan

السنة الشمسية: Aseggʷas n tfuyt

السنة القمرية: Aseggʷas n wayur

ظهور الهلال: Talalit n wayur (ولادة القمر)

البدر: Taziri

الليالي الثلاث الأواخر من الشهر القمري: inektiben

اليوم الـ31 من يناير: Amerḍil (أمرضيل)

خسوف القمر: Anobeẓ n wayur

كسوف الشمس: Anobeẓ n tfuyt

المراجع:

8) المراجع الأكاديمية:

- أسماء الشهور في أمازيغية القرون الوسطى Names of the months in medieval Berber ، من كتابة الباحث: Nico van den Boogert ضمن كتاب: Articles de linguistique berbère ، من إعداد الباحث: Kamal Naït-Zerrad. منشورات: L'Harmattan. فرنسا. 2002.

- القاموس الطوارقي الألماني اللغوي والثقافي Wörterbuch zur Sprache und Kultur der Twareg. تأليف: Hans Ritter. منشورات: Harrassowitz Verlag. ميونيخ، ألمانيا. 2009.

- القاموس الطوارقي الفرنسي Dictionnaire touareg français. تأليف: Karl G. Prasse. منشورات جامعة كوبنهاغن، الدانمارك. 2003.

- المعجم العربي الأمازيغي، 3 مجلدات، تأليف: محمد شفيق، أكاديمية المملكة المغربية. الرباط. 1990، 1993، 2000.

- The Mul.Apin tablets ألواح "مول ابين" الطينية المسمارية البابلية. web.archive.org

- Calendars in Antiquity التقاويم في العالم القديم. Sacha Stern. منشورات Oxford. بريطانيا. 2012.

- Essai sur les origines des Touaregs محاولة للبحث حول أصول الطوارق. تأليف: Jacques Hureiki. منشورات: Karthala. فرنسا. 2003.

- Études berbères et chamito-sémitiques: mélanges offerts à Karl-G. Prasse

دراسات أمازيغية وأفروآسيوية. إعداد: Salem Chaker. منشورات: Peeters Publishers. بلجيكا. 2000.

 

المصدر

التوصيات التقنية لديوان حماية وادي ميزاب و ترقيته

 

التخطيط المحكم وتوزيع الهياكل الضرورية في القصور مثل: المساجد والمنازل والشوارع والأزقة، كان لها الأثر في خلق نوع من التوازن في الحياة اليومية على مستوى الأحياء. فالقصر يستجيب بذلك لكل الاحتياجات المادية والروحية للسكان.

ويستند هذا التخطيط المثالي على القوانين والقواعد العرفية التي تحكم التعمير في وادي ميزاب. هذه القوانين لا تزال راسخة، رغم التغيرات التي لا مفر منها في التعمير المحلي. بعض هذه القواعد والقوانين ضاربة في الزمن القديم. وأخرى جاءت بمبادرة واجتهاد المشايخ على مستوى المجالس التشريعية المحلية (مجلس عمي سعيد ومجلس باعبد الرحمان الكرثي).

ونفس الشيء بالنسبة لتلك التي لا تزال تطبق بشكل دائم من قبل مختلف مجالس الأمناء والتي ترجع إلى عدة قرون، ومن بينها قواعد تنظيم الشوارع والبناء ونظام تقسيم مياه السيل.

هذه القواعد جاءت في شكل توصيات غير مقيدة لا بالزمان ولا بالمكان، وتم إدماجها في المنشآت الحضرية الحديثة لوادي ميزاب.

القواعد المنظمة للسكن:

البساطة في الشكل  

يجب أن يكون ارتفاع البناية منسجم مع المساكن المحيطة بها، ويمنع على أي شخص حجب أشعة الشمس على الجيران.

وفي حالة من زاد عن ارتفاع مسكن جاره من هذه الجهة فعليه ترك فضاء من مسكنه بقدر الارتفاع الذي يريده، على أن لا يتعدى العلو الكامل 7.50م من مستوى الأرض. كما يمنع إنشاء الشرفات، وخصوصا التي تطل مباشرة على الشارع لأنها لا تتماشى مع تقاليد المنطقة من جهة ومع العمارة الصحراوية المحلية من جهة أخرى.

جميع البنايات تكون مغطاة بأسطح أفقية، وتمنع جميع أنواع وأشكال الأسطح الأخرى، ما عدا كوات التهوئة (المدخنة) وأسقف الدرج.

*_علو البنايات لا يتعدى طابقين وسطح (طابق أرضي+ طابق أول+ سطح)، أما البنايات الواقعة خارج القطاع المحمي فلا يعدى ارتفاعها 9م.

الملكية المشتركة مسموح بها (أي البيوت المتراصة والمتلاصقة ببعضها البعض). وإن وجدت، فإن المسافة التي يجب أن تفصل بين المبنى والآخر يجب أن تكون على الأقل مترين. يحظر إنشاء أي فتحة تطل على الجار.

كما يجب اجتناب أكثر من باب واحد للمرآب (المستودع)، ويجب ألا تتجاوز مقاييسه x2.50 x 2.50 م. ومن المستحسن أن يدرج المرآب ويندمج مع شكل وحجم البناية. كما يمنع استعمال أي زخرفة على الواجهة.

يجب أن تخضع جميع البنايات إلى شرط التوازن والانسجام العام من أجل حماية دائمة للمنظر العام للمدينة.

يجب أن تكون جدران الأسوار مطابقة للمعايير المحلية، بمعنى، بنيت بمواد محلية في أبسط صورة لها، وتجنب الزخرفة الأجنبية عن المنطقة، فضلا عن غيرها من أشكال بناء الأسوار الحديثة.

وحدة الشكل:

يجب أن تبدي جميع البنايات بساطة في الحجم ووحدة في المظهر من أجل تناسق عام.

يجب أن تكون جميع الواجهات متكاملة ضمن الإطار العام وهيكل المباني في المدينة بهدف تحسين الانسجام في الشكل.

تكون الفتحات، وخصوصا التي تطل على الشارع، ضيقة ومحدودة، لتسمح من تخفيض تسرب الهواء الساخن صيفا والبارد شتاء وتجنب العواصف والرياح الرملية، والحفاظ على درجة حرارة مستقرة في الداخل. مع احترام عادات وتقاليد المنطقة.

أما بالنسبة للون، فإن جميع المباني الجديدة أو القديمة يجب أن تعتمد اللون الرملي أو ما يقاربه. ويتميز هذا اللون بتكامله الكلي في المحيط المبني، بالإضافة إلى أن تغييره بمرور الزمن محدود، على عكس الألوان الأخرى التي تخضع لتغيرات نتيجة تأثير العوامل الطبيعية عليها تقربها في نهاية المطاف من اللون الرملي.

الجدران الخارجية يجب أن لا تكون ملساء، لحمايتها من العوامل المناخية وتخفيض تعرضها لأشعة الشمس من خلال توفير قدر من الظل الدائم عليها.

يجب أن تكون الملصقات مدمجة في الهيكل المعماري العام، باستثناء تلك التي هي في حد ذاتها، تشكل عنصرا من عناصر التصميم الحضري.

يمنع إنشاء الأقواس باستثناء الساحات العمومية والشوارع التجارية والتي تكون محل دراسة لإبداء الرأي حولها.

النموذج المعماري الذي يتلاءم مع المناخ الجاف والحار هو الذي يسمح بتوفير حد أدنى من الكسب الشمسي صيفا ومن الضياع الحراري شتاء، ولهذا السبب يتم توجيه المساكن نحو الجنوب الشرقي للاستفادة من أشعة الشمس شتاء والحماية منها صيفا. بالنسبة للأسطح المكشوفة، فمن الأفضل أن تكون خاضعة لدراسة متأنية تسمح بتكييف أفضل لحجمها وشكلها بحيث تسمح بتوفير أقصى تظليل مما يزيدها جمالا متميزا.

كل بناية تخل بالانسجام مع المواقع المصنفة، ومهما كانت طبيعتها، تعتبر ممنوعة. كما يحظر اقتلاع النخيل وأي مساس بالمساحات الخضراء بصفة عامة. (يجب أخذها بعين الاعتبار عند كل دراسة.

 

الجانب الفكري عند الإباضية

صالح بن أحمد البو سعيدي

Icon 09

المقدمة :

إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟.

والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في الوقت ذاته، لا يطغى جانب من تلك الجوانب على آخر بل كلها وبمجموعها تشكل منظومة واحدة نطلق عليها اسم (المذهب الإباضي).

فعلى عكس الكثير من المذاهب والفرق الإسلامية الأخرى التي يطغى على بعضها الجانب الفقهي وعلى بعضها الجانب العقدي وعلى بعضها الجانب السياسي نجد أن المذهب الإباضي قد استطاع وبعبقرية فذة أن يوفق بين تلك الجوانب وأن يستوعبها كلها وأن يكون له موفقه المتميز فيها جميعا وبصمته الواضحة عليها كلها.

فإذا أتينا الى الجانب السياسي سنجد أن المذهب الإباضي حركة سياسية قائمة بذاتها لها أطروحاتها التي لا يستطيع المطلع إلا أن ينحني أمامها إعجاباً وإكباراً.

وإذا أتينا إلى الجانب العقدي سنجد أيضاً أن المذهب الإباضي له أحكامه العقدية القائمة على ركائز راسخة وأدلة قوية.

وإذا انتقلنا إلى الجانب الفقهي سنجد ثروة هائلة من الإسهام الفقهي في كل أبواب الفقه من العبادات والمعاملات وفقه الجنايات والأحوال الشخصية.

والشيء نفسه نجده في علم أصول الفقه، فللمذهب الإباضي آراؤه وتحقيقاته في هذا العلم، ومؤلفاته التي أوسعت هذا العلم تحقيقا ودراسة.

إن كل ذلك هو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (الفكر الإباضي).

الوسطية والاعتدال في الفكر الإباضي:

لعل أهم ميزة يمتاز بها الفكر الإباضي هي الوسطية والاعتدال في الطرح بين الإفراط والتفريط، وهذه الميزة يمكن أن تلمحها بسهولة في كل زاوية من زوايا المذهب الإباضي سواء في العقيدة أم الفقه أم الفكر السياسي ام غير ذلك، وهذا ليس شيئاً متكلفاً في الفكر الإباضي لأنه مأخوذ من نهج الإسلام نفسه "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"

والأمثلة على هذه الوسطية في الفكر الإباضي كثيرة يمكننا أن نذكر منها:

1-الوسطية بين الاستدلال بالنقل والاستدلال بالعقل: ففي حين يميل بعض الفرق في الاستدلال إلى الجانب النقلي واستبعاد العقل إلى حد كبير كما نجد ذلك عند المحدثين، تفرط فرق أخرى بالتعويل على الاستدلال العقلي إلى الحد الذي ذهبت إلى تحكيم العقل على الشرع كما نجد ذلك عند المعتزلة، غير أننا نجد الإباضية يمزجون بقدرة عجيبة في الاستدلال بين الأدلة النقلية والأدلة العقلية دون تغليب جانب على آخر.

2-الوسطية بين مدرسة الحديث ومدرسة الرأي: وهذا وإن كان قريباً من المثال الأول إلا أنه أقرب إلى الفقه بينما الأول أقرب إلى العقيدة، فالإباضية يقفون وسطاً بين مدرستي الحديث والرأي، ففي استدلالهم بالأحاديث لا يركنون إلى التمسك بالفهم الحرفي لمضمون الحديث كما هو شأن الظاهرية، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحاولون رد الحديث لمجرد أنهم لم يستطيعوا فهمه أو لأنه يتعارض مع قاعدة عامة، وإنما يحاولون قبول الحديث والعمل به ما وجدوا لذلك سبيلاً.

3-في الفكر السياسي فإنهم لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر مهما كانت الأحوال كما هو رأي الخوارج، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحرمون الخروج عليه حتى مع القدرة وإمكان تغييره كم هو رأي بعض الفرق، وإنما يرى الإباضية أن الخروج على الإمام الجائر جائز بصورة عامة، وهذا الجواز يميل إلى التحريم عند خوف الفتنة وتغليب احتمال الفشل في تغيير الوضع القائم، ويميل إلى الوجوب متى ما كان احتمال النجاح أقوى، لأن القيام بالعدل من أسس الشريعة الإسلامية.

4-في مصطلح الحديث فإن الإباضية لا يقولون بأن الحديث الآحادي لا يجوز الاحتجاج به مطلقاً كما هو رأي بعض الفرق الإسلامية، ولكنهم في الوقت ذاته لا يقولون إنه حجة في الأمور الاعتقادية، وإنما يذهبون إلى أن حديث الآحاد يوجب العمل ولا يفيد العلم‘ فهو حجة في الأمور العملية وليس حجة بذاته في المسائل الاعتقادية، وهذا هو مذهب المحققين من الأصوليين والمحدثين.

موقف الإباضية مع مخالفيهم :

القسم الأول:

ينقسم الناس في الفكر الإباضي إلى قسمين أساسيين: مسلمين وغير مسلمين، أما غير المسلمين فهم كل من لم يرض بالله رباً أو بمحمد رسولاً أو بالإسلام ديناً وهي الجمل الثلاث التي يشترطها الإباضية للخروج من الشرك إلى الإيمان (شهادة أن لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله وأن ما جاء به محمد هو الحق من عند الله) فلا ينتقل غير المسلم إلى أن يكون قي جملة المسلمين إلا بإيمانه وإذعانه لتلك الجمل الثلاث.

ويدخل في جملة غير المسلمين المشركون عبدة الأصنام والأوثان والملحدون وأهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمجوس.

ويطلق الإباضية على غير المسلمين أسماء: المشركون والكافرون والكفار، وبطريق الأولى هم مستحقون لأوصاف: الفساق والمنافقون والظالمون، وعند اقتران اسم المشركون وأهل الكتاب فالمراد بأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وبالمشركين غيرهم من عبدة الأصنام والأوثان، وهو إطلاق اصطلاحي لاختلاف اليهود والنصارى عن غيرهم في بعض الأحكام الدنيوية الواردة في القرآن الكريم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.

القسم الثاني:

أما المسلمون في الفكر الإباضي فهم كل من رضي بالله تعالى رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً وأذعن للجمل الثلاث التي أشرنا إليها سابقاً والتي لا يكون الإنسان مسلماً إلا بالإيمان بها.

وإذا كان الإنسان قد نشأ في بيئة مسلمة أو ولد لأبوين مسلمين فإنه لا يطالب بالنطق بتلك الجمل بل يحكم عليه بأنه مسلم ويعامل معاملة المسلمين ما لم يبدر منه خلاف ذلك، أما إذا لم ينشأ في بيئة مسلمة أو لم يكن أبواه مسلمين فأنه لا يكون مسلماً في نظر المسلمين إلا إذا نطق بتلك الجمل، وكذلك إذا ارتد عن الإسلام وثبت عليه ذلك فإنه لا يرجع إلى بيت الإسلام إلا بمعاودة نطقه بتلك الجمل.

ويطلق الإباضية على المسلمين أسماء: المسلمين والمؤمنين وأهل التوحيد وأهل القبلة، وهي أسماء يدخل فيها كل المسلمين باختلاف مذاهبهم وآرائهم ومدارسهم العقدية والفقهية.

فإذا كان الإنسان مسلماً فإن له جميع حقوق المسلمين من حرمة دمه وماله وعرضه ودفع الزكاة له ووجوب القصاص له أو دفع الدية كاملة في حالة الاعتداء على حياته وجواز تزويجه وتزوجه والصلاة خلفه وعليه ودفنه في مقابر المسلمين إلى غير ذلك من الحقوق، ولا يفرق الإباضية اطلاقاً بين إباضي وغيره في هذه الحقوق.

وإذا حدث واعتقد غير المسلم شيئاً من العقائد المخالفة لما يعتقد الإباضية صوابه فإن الإباضية يرون أن واجبهم ومن حقوقه كمسلم إيضاح العقيدة الصحيحة له ودفع الشبه التي جعلته يعتقد غير الحق، ولكن ذلك لا يخرجه من جملة المسلمين ولا ينقصه شيئاً من حقوقه كمسلم فإن القاعدة التي يتمسك بها الإباضية أن من دخل الإسلام بيقين فلا يخرج من الإسلام إلا بيقين مثله، فما دام هذا المخالف له دليله الذي يستند عليه ولو كان أوهى من خيط العنكبوت فإن ذلك كاف في أن يبقيه في جملة المسلمين.

وفي ذلك يقول الإمام السالمي:

ونحن لا نطالب العبادا *** فوق شهادتيهم اعتقادا

فمن أتى بالجملتين قلنا *** إخواننا وبالحقوق قمنا

إلا إذا ما نقضوا المقالا *** واعتقدوا في دينهم ضلالا

قمنا نبين الصواب لهم *** ونحسبن ذاك من حقهم

فما رأيته من التحرير *** في كتب التوحيد والتقرير

رد مسائل وحل شبه *** جاء بها من ضل للمنتبه

قمنا نردها ونبدي الحقا *** بجهدنا كي لا يضل الخلقا

لو سكتوا عنا سكتنا عنهم *** ونكتفي منهم بأن يسلموا .

القسم الثالث:

ويطلق الإباضية على المخالفين لهم من المسلمين اسم: المخالفين ويقابلها الموافقون، أو القوم ويقابلها الأصحاب فيكثر في كتب الفقه: ذهب قومنا الى........ وذهب أصحابنا إلى.......، وقد يطلقون عليهم اسم مبتدع أو كافر كفر نعمة، وهذا الاسم الأخير يطلقه الإباضية أيضاً على الإباضي المرتكب للكبيرة، وهو لا يعني الشرك وإنما هو مجرد اصطلاح ويقابله عند غير الإباضية اصطلاح (كفر دون كفر).

ولا يخرج الإباضية مخالفيهم من الإسلام ولا يسقطون شيئاً من حقوقهم كحرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم فلا يستحلون قتالهم أو غنيمة أموالهم أو سبي ذراريهم ولا يحرمون تزويجهم والتزوج منهم ويبيحون إعطاء الزكاة لهم ولهم حقوقهم كاملة في الميراث والقصاص والديات، ولهم حق الصلاة لهم ودفنهم في مقابر المسلمين.

ولم يحدث قط أن حكم عالم من علماء الإباضية على أحد من المخالفين بالشرك والخروج من الإسلام إلا ما حدث من الإمام هارون بن اليمان من علماء إباضية حضرموت في القرن الثالث الهجري فإنه ألف رسالة حكم فيها على المشبهة والمجسمة بالشرك، وحجته في ذلك أن الله تعالى لا يوصف بصفات البشر من لزوم الأعضاء له، فإذا جاء من يصف الله تعالى بأن له أعضاء حسية كاليد أو الرجل أو العين أو الوجه فهذا يعني أنه يعبد إلهاً غير الذي نعبده إذ إن الله عز وجل الذي نعبده لا يتصف بتلك الصفات، وما دام الأمر كذلك فهو إذن ليس بمسلم.

غير أن الإمام محبوب بن الرحيل وكان إمام الإباضية في ذلك الوقت رد على الإمام هارون بن اليمان برسالة أرسلها إلى حضرموت وأخرى إلى عمان فند فيهما ما ذهب إليه الإمام هارون، وقال ما ملخصه أن المجسمة والمشبهة يعبدون الله تعالى الذي نعبده ولكنهم يصفونه بصفات لا تليق به من الصورة والأعضاء معتمدين على فهمهم الظاهر لآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يخرجهم من جملة المسلمين بل هم باقون على وصف الإسلام.

ومنذ ذلك الحين لم يتغير موقف الإباضية من مخالفيهم وأن ما يعتقدونه لا يخرجهم من الإسلام، بل هم مسلمون باقون على إسلامهم ولهم جميع حقوق المسلمين ما دام لهم دليل يستندون إليه.

الفكر السياسي عند الاباضية:

القسم الأول:

يمتاز الفكر السياسي عند الإباضية عن غيره من أنواع الفكر لدى المذاهب الإسلامية بميزتين مهمتين هما: وضوح الهدف ووضوح الطريقة للوصول إليه.

فغاية الإباضية من أي تحرك سياسي قاموا به كان على الدوام واضحاً لديهم تمام الوضوح، ويتلخص هذا الهدف في أقصى طموحاته في إقامة دولة إسلامية تحكم العالم بأسره وفق شرع الله تعالى، بحيث يكون كل من في الأرض منقادين لشرع الله عز وجل، ويبدأ هذا الهدف بإقامة الدولة الإسلامية في اي بقعة من الأرض يمكن أن يتحقق ذلك فيها.

والدولة الإسلامية التي يسعى الإباضية إلى إقامتها هي الدولة التي يكون كل من فيها بدءاً من إمامها وعماله إلى كل رجل وأمرأة منقادين لحكم الشرع الشريف وملتزمين بأحكامه.

وقد استطاع الإباضية وبذكاء ملفت أن يتجاوزوا إشكالية السعي إلى السلطة، وإشكالية الحكم على الإمام الجائر، فبالنسبة للإشكالية الأولى فإن الإباضي لا يسعى إلى السلطة من حيث ذاتها وإنما يسعى لإقامة حكم الله تعالى فإذا وجد من يكفيه ذلك حمد الله تعالى وكان عليه أن يساعد ذلك الحاكم بكل ما يستطيع من جهد، أما إذا لم يجد من يكفيه ذلك كان لزاماً عليه أن يقوم بالواجب الذي كلفه الله به فهو في الحالتين إنما يقوم بشيء ألزمه الله به لا سعياً لمنصب ولا حباً في جاه.

وأما بالنسبة للإشكالية الأخرى وهي الحكم على الإمام الجائر فإن الإباضية يرون أن الحاكم المسلم مطالب كغيره من المسلمين بان يتبع أمر الله في موقعه الذي هو فيه، فإن قام بما يجب عليه فبها ونعمت، وأما أن لم يقم بواجبه وخالف أمر الله فإن على المسلمين نصحه أولاً فإن أصر كان عليه أن يترك مكانه لمن يستطيع أن يقوم بحقه، فإن رفض هذا وذاك كان على المسلمين الأخذ بيده وإلزامه بالتنحي عن منصبه ليولوا عليهم من يقيم شرع الله تعالى فيهم.

القسم الثاني:

والإمام في الفكر السياسي الإباضي شأنه شأن أي مسلم يجب عليه أن يلتزم بأحكام الإسلام في كل أقواله وأفعاله، بل هو بحكم منصبه ينبغي أن يكون أحرص المسلمين على اتباع أمر الله تعالى لا يحيد عنه قيد أنملة، لأن انحرافه يؤدي إلى خلل كبير في بنية الدولة الإسلامية ويجرئ الناس على مخالفة شرع الله عز وجل.

وإذا استقام الإمام على أمر الله تعالى وقام بكل ما ألزمه الشرع به فإن له حق السمع والطاعة والموالاة، ولا يجوز لأحد ممن تشملهم دولته أن يخالف أمره أو أن يجاهر بالعصيان، فإن فعل كان على المسلمين مساعدة الإمام في خمد ثورته وإرجاعه إلى الجماعة ولا يحق لأحد إيواؤه ونصرته ومساعدته على بغيه لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من أحدث في أمرنا أو آوى محدثاً".

أما إذا خالف الإمام أمر الشرع وتجاوز ما يحق له أو تخلى عن شيء من واجباته، وثبت ذلك عليه فإن على الأمة رده إلى جادة الصواب وتقديم واجب النصيحة له لقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين نصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله، قال: "لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".

فإن لم تجد النصيحة معه نفعاً وأصر على مخالفته لأمر الله تعالى وأبى واستكبر فإن ولايته تسقط عن المسلمين وتصبح طاعته غير واجبة عليهم لأن الحق فرع الواجب، وقد سقط حقه لعدم قيامه بواجبه، وحينئذ يكون المسلمون في حل من أمرهم في أن يولوا عليهم إماماً آخر يقوم فيهم بحكم الله ويقيم فيهم شرعه وأحكامه وحدوده.

وهنا لا يخلو الأمر من أحد أمرين: إما أن يكون ذلك الإمام الظالم ضعيف الشوكة قليل الأتباع ومن السهل خلعه وإقامة إمام آخر مكانه، وهنا ما على المسلين سوى المسارعة الى القيام بدون تردد، وإما أن يكون ذلك الإمام الظالم قوي الشوكة كثير الأتباع والأنصار وكان القيام عليه غير مضمون العواقب وحينئذ فإن المصلحة تقضي التريث واتخاذ تخطيط جديد، ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال الاستسلام للأمر الواقع والاستكانة لظلم الظالمين.

وهنا يأتي دور العلماء في القيام بواجبهم وهو دعوة الناس إلى التمسك بتعاليم دينهم الحنيف، والسعي غلى إقامة الدولة الإسلامية المنشودة التي ستوفر لهم الأمن والأمان وتقيم فيهم حدود الله وأحكامه وشرعه وهذه الحالة هي ما تسمى لدى الإباضية بمرحلة الكتمان.

ولسنا هنا في تحديد صفات الإمام ومسؤولياته فهي معروفة لدى الجميع، غير أن ما يميز الإباضية في هذا الجانب شيئان:

1-    عدم اشتراط القرشية:

فالإباضية يرون أن كل مؤهل لإمامة المسلمين يمكن أن يكون إماماً بغض النظر عن قبيلته وعرقه، وهذا بلا شك يتفق مع المساواة التي جاء الإسلام لترسيخها والتي تتنافى مع هذا الشرط الذي لم يكن معروفاً حين اختلف المهاجرون والأنصار على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يدر في مداولاتهم ولم يشر إليه أحد.

والضابط لدى الإباضية في نسب الإمام إنما هو المصلحة، فإذا رأى المسلمون أن من المصلحة تولية إمام من قبيلة أو عشيرة معينة مع توافر الشروط الأخرى فيه فلا مانع من مراعاة ذلك، ويحدث أحياناً عكس ذلك تماماً وهو أن تكون المصلحة في تعيين من لا عشيرة له وهنا لا يتوانى الإباضية عن تعيينه كما حدث في المغرب حين فضّل العلماء تعيين عبد الرحمن بن رستم الفارسي رحمه الله وهو فارسي لا عشيرة له وكان هذا أحد الأسباب لإختياره إماماً حيث رأى العلماء أن ذلك أفضل لسهولة تغييره إذا ما حاد عن الطريق السوي.

وقد عد كثير من الباحثين هذا النهج مثالاً واضحاً على النهج الديمقراطي الذي يتميز به الإباضية.

2-    جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل:

فالإباضية يشترطون في الإمام شروطاً معروفة من حيث التقوى والورع والصفات الخَلْقية والخُلُقية، وإذا وجد أكثر من واحد تنطبق عليه تلك الشروط فيمكن تولية أي واحد منهم ولو كان هناك من هو أفضل منه.

القتال عند الاباضية:

بما أن كتاب التاريخ والمقالات قد حشروا الإباضية ضمن الخوارج فقد ترسخت في أذهان الناس فكرة أن الإباضية يستبيحون قتال المسلمين، وهذا مما لم ولن يقوم عليه دليل، بل الأدلة ظاهرة في أن الإباضية هم أطهر الناس يداً من دماء المسلمين، وقد ذكرنا سابقاً أن الإباضية لا يبيحون قتال مخالفيهم، وهو ما طبقوه عملياً على مدى تاريخهم، فلم يحدث إطلاقاً أن قاتل الإباضية أحدا من المسلمين على أساس مذهبي، وعلى كثرة الدول التي أقامها الإباضية وطبقوا فيها مبادءهم فلم يقوموا في يوم من الأيام بشن حرب على أحد من المسلمين على أساس مذهبي، وإنما كانت الحروب التي قام بها الإباضية ضد جماعة من المسلمين إما لإقامة دولة أو دفاعاً عن دولة.

أما بالنسبة للنوع الأول وهو الحرب من إجل إقامة الدولة فإن من مبادئ الإباضية السعي الدائم إلى إقامة العدل ومحاربة الظلم، والصراع بين الإباضية والظلم لم يهدأ في يوم من الأيام، ولذلك فإن الإباضية إذا ما رأوا في أنفسهم قدرة على القيام بواجبهم كمسلمين وإقامة الدولة الإسلامية على وفق كتاب الله وسنة نبيه فإنهم لا يتوانون عن ذلك لحظة واحدة، وفي هذه الحالة فإنه من المعتاد أن يوجد من لا تتناسب أهداف الدولة الإسلامية مع أهدافه فيقف عقبة في طريق إقامتها، ويحاول جاهداً أن يحول دون قيامها، ولذلك يجد القائمون بالقسط أنفسهم مجبرين على محاربته وإزاحته من الطريق.

ولا فرق لدى الإباضية بين أن يكون هذا الرافض لإقامة الدولة الإسلامية إباضياً وأن يكون غير إباضي، وعلى ذلك فإن المذهبية لا دخل لها هنا، وإنما هو قتال ضد أناس كان من المفترض أن يساعدوا على إقامة دولة يدعو إليها دينهم الذي يدينون به، ولكن مصالحهم الشخصية وأطماعهم الدنيوية كانت أهم عندهم من واجبهم الديني، وليتهم إذ لم يساعدوا في إفامة الدولة الإسلامية وقفوا على الحياد ولكنهم اتخذوا موقفاً معادياً لها، ولذلك حل قتالهم.

والإباضية عندما يقومون بقتال هذه الفئة فإنهم يحفظون لهم إسلامهم فلا يقاتلوهم إلا بعد إنذارهم وإقامة الحجة عليهم، ونصحهم وبيان حقيقة دعوتهم، فإن استجابوا فلا حق لأحد في قتالهم، وإن أبوا حل قتالهم في أدنى مراتبه فلا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم.

وأغلب حروب الإباضية من هذا النوع حدثت ضد إباضية من نفس مذهبهم مما يعني أن القتال لم يكن على أساس مذهبي، كما إن التاريخ يثبت أن الإباضية من أنزه الناس في قتالهم فلم يكونوا يتجاوزون الحق في حروبهم، وإنما كانوا وقافين عند حد الله تعالى.

وأما بالنسبة للنوع الثاني فهو لا يختلف كثيراً عن النوع الأول، فبعد أن تقوم الدولة الإسلامية فلا بد من أن يوجد من يحاول الإطاحة بها، إذ إن كثيراً من الناس لا يروق لهم العدل الذي عادة ما يقف في وجه أطماعهم وبلوغ غاياتهم الدنيئة فيسعون إلى تدبير المكائد وتجييش الجيوش للإطاحة بالدولة الإسلامية، وهنا يجد الإمام والمسلمون من خلفه أنه لا بد من تأديب أولئك البغاة الذين يحاولون تفريق شمل المسلمين وتحطيم وحدتهم وهدم دولتهم فيقوم الإمام أولاً بتحذير اولئك البغاة من مغبة عصيانهم وخروجهم على إمام صحت إمامته، فإن تابوا وأنابوا رجعوا إلى جماعة المسلمين ولم يمسسهم سوء، وإن أصروا واستكبروا كان حقاً على الإمام قتالهم حقناً للفتنة وإخماداًً للثائرة تطبيقاً لقوله تعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين".

ومرة ثانية فإن هذا الباغي قد يكون إباضياً وقد يكون غير إباضي، فالقتال إذن ليس على أساس مذهبي، وإنما هو قتال لباغ على دولة المسلمين أياً كان مذهبه.

وهذه الحروب أنما تقع بين الإباضية القائمين بالحق أو الساعين إلى إقامته وبين جماعات تقف ضد هذا التوجه، أما إذا كانت هناك دولة مسلمة غير إباضية قائمة بجانب الدولة الإباضية فإن المتتبع لتاريخ المذهب الإباضي يجد أن الإباضية ليس من فكرهم السياسي محاربة الدول المسلمة التي هي محل رضا من العلماء فيها وإن كان الإباضية أنفسهم غير راضين عنها، فلا يذكر في تاريخ عمان أن الإباضية قاموا بمهاجمة أي من الدول المسلمة المحيطة بهم.

سعي الاباضية إلى الوحدة الإسلامية:

لقد سعى الإباضية قديماً وحديثاً إلى الوحدة الإسلامية ، وكانت هدفاً أسمى من أهدافهم، وأنقل هنا شيئاً مما قاله سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في كتابه (الحق الدامغ) حيث قال:

"ولعله مما يفاجئ كثيراً من القراء أن يطلعوا لأول مرة على عناية قادة الفكر من الإباضية بلمِّ شعث هذه الأمة وجمع شتاتها بعدما أثخنتها الخلافات المذهبية ، ومزقتها النزعات العصبية ، وكم تمنوا أن يحس سائر أعلام الأمة بمثل أحاسيسهم، ويشاركوهم في هذه الهموم التي تنوء بها صدورهم ، وتؤرق ليلهم ، وتقض مضجعهم ، وقد كانت منهم محاولات، للخطو في هذا الطريق والاستعداد لهذه المهمة بنفقات مالية يرصدونها من جيوبهم وجيوب المخلصين من سائر أبناء الأمة، وأصدق مثال على ذلك ما يجده القارئ في هذا السؤال الذي صدر من عالم مفكر وقائد محنك ذلكم هو الشيخ سليمان بن عبدالله بن يحيى الباروني، عضو مجلس المبعوثان بالدولة العثمانية ، المشهور بسليمان باشا الباروني، وهو من إباضية جبل نفوسة بالقطر الليبي، وقد توجه بسؤاله هذا إلى عالم الإباضية بالمشرق، ومرجعهم في أمور الدين، الإمام عبدالله بن حميد السالمي، ونص السؤال:

"هل توافقون على أن من أقوى أسباب اختلاف المسلمين تعدد المذاهب وتباينها ؟ على فرض عدم الموافقة على ذلك فما هو الأمر الآخر الموجب للتفرق ؟ على فرض الموافقة فهل يمكن توحيدها بالجمع بين أقوالها المتباينة وإلغاء التعدد في هذا الزمن الذي نحن فيه أحوج إلى الاتحاد من كل شيء ؟ وعلى فرض عدم إمكان التوحيد فما الأمر القوي المانع منه في نظركم، وهل لإزالته من وجه؟ على فرض إمكان التوحيد فأي طريق يسهل الحصول على النتيجة المطلوبة ؟ وأي بلد يليق فيه إبراز هذا الأمر ؟ وفي كم سنة ينتج؟ وكم يلزم من المال تقريباً؟ وكيف يكون ترتيب العمل فيه؟ وعلى كل حال فما الحكم في الساعي في هذا الأمر شرعاً وسياس ؟ مصلح أم مفسد؟.. " .وكان هذا السؤال في عام 1326هـ

فكان من جواب الإمام له:"... نعم نوافق أن منشأ التشتيت اختلاف المذاهب وتشعب الآراء، وهو السبب الأعظم في افتراق الأمة على حسب ما اقتضاه نظركم الواسع.

وللتفرق أسباب أخرى منها التحاسد والتباغض والتكالب على الحظوظ العاجلة، ومنها طلب الرئاسة.

وجمع الأمة على الفطرة الإسلامية بعد تشعب الخلاف ممكن عقلاً مستحيل عادة، وإذا أراد الله أمراً كان: "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم" والساعي في الجمع مصلح لا محالة ، وأقرب الطرق له أن يدعو الناس إلى ترك الألقاب المذهبية ويحضهم على التسمي بالإسلام ( إن الدين عند الله الإسلام)، فإذا أجاب الناس إلى هذه الخصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية المذهبية ولو بعد حين ، فيبقى المرء يلتمس الحق لنفسه ويكون الحق أولاً عند آحاد من الرجال ثم يفشو شيئاً فشيئاً حتى يرجع إلى الفطرة .

وهي دعاية الإسلام التي بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام ، وتضمحل البدع شيئاً فشيئاً، فيصير الناس إخواناً،       ( ومن ضل فإنما يضل عليها)، ولو أجاب الملوك والأمراء إلى ذلك لأسرع الناس في قبوله، وكفيتم مؤونة المغرم، وإن تعذر هذا من الملوك فالأمر عسير والمغرم كثير وأوفق البلاد لهذه الدعوة مهبط الوحي ومتردد الملائكة، ومقصد الخاص والعام، حرم الله الآمن، لأنه مرجع الكل . وليس لنا مذهب إلا الإسلام، فمن ثم تجدنا نقبل الحق ممن جاء به وإن كان بغيضاً، ونرد الباطل على من جاء به وإن كان حبيباً، ونعرف الرجال بالحق، فالكبير عندنا من وافقه والصغير من خالفه، ولم يشرع لنا ابن إباض مذهباً، وإنما نسبنا إليه لضرورة التمييز حين ذهب كل فريق إلى طريق. إهـ

وإذا كان الأدب مرآة تعكس ما في نفس الأديب من كوامن الأحاسيس فإن الأدب الإباضي قديمه وحديثه طافح بعصارات مشاعر الألم الذي يحسون به بسبب تشتت الأمة وانحلال عقد نظامها ، وإذا كنت أخي القارئ شاهدت صورة من ذلك فيما نقلته لك من قول أديب معاصر فإليك صورة أخرى تعكس مشاعر أديب بارع وعالم جامع من أدباء هذه الطائفة وعلماءها الغابرين ، وهو العلامة الكبير شاعر الإسلام والمسلمين أبو مسلم ناصر بن سالم البهلاني الرواحي الذي طالما انساب يراعه الموهوب ليصور لنا بعبارته الإيمانية همومه وأحاسيسه تجاه أمته ودينه ودونك هذا المقطع من قصيدة له بعنوان: "أفيقوا بني القرآن":

فيا لبني القرآن أين عقولكم…..وقد عصفت هذه الرياح الزعازع

أمسلوبة هذي النهى من صدورنا…..وهل فقدت أبصارنا والمسامع

* * *

فليت بني الإسلام قرت صفاتهم…..فما زعزعتها للغرور الزعازع

وليتهم ساسوا بنور محمد…..ممالكهم إذ باغتتها القواقع

وليتهم لم ينحروا بسلاحهم…..نحورهم إذ جاش فيها التقاطع

لقد مكن الأعداء منا انخداعنا…..وقد لاح آل في المهامه لامع

وسورة بعض فوق بعض وحملة…..لزيد على عمرو وما ثَمَّ رادع

وتمزيق هذا الدين كل لمذهب…..له شيع فيما ادعاه تشايع

وما الدين إلا واحد والذي نرى…..ضلالات أتباع الهوى تتقارع

وما ترك المختار ألف ديانة…..ولا جاء في القرآن هذا التنازع"

انتهى النقل من كتاب الحق الدامغ.

فالدلائل الكثيرة تدل على سعي الإباضية دوماً إلى تحقيق الوحدة المنشودة بين المسلمين لأن منهجهم فكرهم يدعوان إليه، فهم لا يحكمون على أحد من المسلمين بالشرك ويحرصون دائماً على معرفة ما عند غيرهم من فكر وفقه، ويتفاعلون مع هموم إخوانهم المسلمين في كل مكان من العالم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صالح بن أحمد البو سعيدي - أدنبرة ببريطانيا 4-1-1424هـ 7-3-2003م

ayane mzab ghardaia

الحركة العلمية بواد مزاب

الحركة العلمية بواد مزاب

c 7

إن للحياة العلمية في وادي ميزاب جوانب مرموقة عبر التاريخ لا يمكن استيعابها ولا التحدث عنها بإسهاب، لأن ذلك يخرجني عن نطاق موضوع التاريخ السياسي، بما أن للثقافة بوادي ميزاب حساسية في الماضي السحيق وفي الحاضر فمن الواجب أن ألم من بعيد بشيء إلماما ولو كان مخلا.

إن الاباضية لما انتقلوا إلى وادي ميزاب لاستيطانه من سجلماسة ونفوسة وجربه وتيهرت وسدراته وغيرها من العواصم الإسلامية نقلوا معهم معالم حضارتها إلى تلك الربوع، من علوم وفنون وآداب فطبعوها بالطابع الحضاري الإسلامي الأصيل.

لما قدم إليها أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الريغي موفدا من رجال الإباضية بوارجلان لتنظيم الحلقة وسير العزابة ونشر المذهب الإباضي بها، وجد سكان وادي ميزاب على جانب كبير من الجهل والأمية والانحراف، وهم من الواصليين المعتزلة. وعادة التدخين والوشم متمكنة فيهم، فاستطاع بنشر الدروس الدينية والإصلاحية أن ينتزع من بين جنوبهم تلك العوائد السيئة، وكانت له رحلتان في الصيف والشتاء بتلامذته من واد ريغ، فاستقر في مدينة العطف وبنى بها مسجده الموجود إلى يومنا هذا. ويروى عنه أنه لما وصل إلى الوادي نادى في الناس: "من يعلمني في سبيل الله" فلم يجبه أحد ثم نادی: "من يتعلم في سبيل الله" فوجد إقبالا حسنا من البعض كوَّن منهم أول نواة لمهمته. فعلم وصابر وثابر فكلَّل الله مساعيه بنجاح باهر، وكوَّن نظام الحلقة (العزابة) في جميع مدن ميزاب، ونظم سيرها في إدارة تكفل للأُمة نجاحها وسعادتها في الدارين، فانكب الطلبة على العلم والتعليم وإليه يرجع الفضل في تركيز سير العزابة الغرَّاء في الوادي التي كانت السبب المتين في بقاء الدين الإسلامي بأصالته ونصاعته وجوهره إلى الآن في هذه الربوع.

ومما زاد في ازدهار العلم وانتشاره بالوادي، وفود كثير من فطاحل العلماء إليه من مختلف العواصم الإسلامية أغلبهم من نفوسة وتيهرت وجربة وسدراته فاستقروا في مدنه للتذكير والإرشاد والفتوى ونشر علوم الشريعة واللغة العربية وبلغوا رسالتهم بصدق وإخلاص، فجنى بهم الوطن يمنا وبركة وخيرا كثيرا أورثوه لمن بعدهم خلفا عن سلف منذ أواخر القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الحادي عشر الميلادي.

من العلماء الوافدين إلى غرداية الشيخ بابه السعد سنة 438ه 1046م هو مؤسس مدينة "بابه السعد". والشيخ بابه والجمه اسمه إبراهيم بن يونس سنة 542ه 1148م. والشيخ بابه عيسى علواني أتى من درنه من طرابلس سنة 548ه 1153م. والشيخ بامحمد بوسحابة أتى من قصر البخاري، والشيخ أبو الحجاج داود أتى من جبل نفوسة سنة 697ه. 1298م والشيخ سعيد بن علي أتى من جربه سنة 854ه 1450م، ومجلس عمي سعيد الذي يحمل اسمه أُسس يوم 13شوال 855ه 17فيفري 1452م، والشيخ بامحمد بن الناصر من سدراته 778ه 1377م ثم تتابعت المشايخ عليها.

ومن الوافدين إلى مليكة الشيخ باي احمد بن سليمان سنة 395ه 1004م والشيخ عيسى وأخوه الشيخ أو عيسى سنة 437ه 1112م والشيخ عبد الله بن أحمد بن محمود بن سيدي أمعمر بالعالية سنة 506ه 1112م والشيخ أبو مهدي عيسى بن إسماعیل بن موسى سنة 551ه 1164م ثم تتابعت المشايخ عليها.

كما توافدت على مدينة بن يزقن والقرى البائدة حولها مثل بوكيا وواقنوناي وتيريشين. وعلى مدينة العطف وبذوره مشايخ علماء أجلاء من مختلف العواصم الإسلامية منذ أواخر القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الحادي عشر الميلادي.

إذا كانت مدينة من مدن میزاب في حاجة أكيدة إلى علماء أو إلى سد نقص لجانب علمي فيها فإن المدن التي تتوفر لديهم الإمكانيات العلمية يمدونها بما يقيم أودها ويرفع مستواها العلمي. كما وقع ذلك بين مدينتي العطف وغرداية من انتقال الشيخ النشاشبي النفوسي بولده بابا وبربيبه يونس إلى غرداية بطلب من أهلها فتفرع من الأخوين لأم أولاد النشاشبة وأولاد يونس ذلك لنشر العلم وكانت طريقة التعليم والتدريس لهؤلاء العلماء في المساجد تكوين حلقات بها تدرَّس مختلف العلوم النقلية والعقلية والعلوم العربية على غرار حلقات الأزهر والزيتونة والقرويين في أوقات خاصة قبل الصلاة وبعدها.

وبهذه الطريقة أنجبت المساجد علماء أجلاء وأقطابا في الشريعة الإسلامية، ألَّفوا مئات المجلدات في كل علم وبالأخص في التفسير والشرعيات، كالنيل للشيخ عبد العزيز الثميني وشرحه في مجلدات ضخمة لقطب الأئمة الشيخ أطفيش الحاج محمد الذي أصبح من المراجع الهامة في العالم الإسلامي، وشامل الأصل والفرع والورد البسام في الأحكام والتفاسير العديدة النفيسة والشروح المستفيضة لكثير من كتب المذهب الإباضي.

فلما تقلصت هذه الحلقات شيئا فشيئا من التدريس في المساجد في هذا العهد الأخير في أواخر القرن الرابع عشر الهجري سبَّب ذلك نقصانا كبيرا في تخريج علماء الشريعة بعدما كان وادي ميزاب يزخر بالعشرات من الأفذاذ منهم، وينعم بوجودهم فلم يبق من ذلك الطراز العالي من خريجي المساجد إلا النزر القليل من علماء فطاحل مراجع الفتوى والاجتهاد لا تسد بهم كل الثغور الحالية في بلاد میزاب مثل الشيخ بيوض إبراهيم والشيخ يوسف خلفاوي والشيخ عبد الرحمن بكلي والشيخ ابن يوسف سليمان والشيخ بابانو الحاج محمد والشيخ عدون بن بالحاج الشریفي وغيرهم فأصبح لبعضهم حلقات للتدريس في دور خاصة يحضرها بعض الطلبة من الشباب والمشيب.

--------------------------------------------------------- 

المصدر: كتاب نبذة من حياة الميزابيين الدينية والسياسية والعلمية. حمو محمد عيسى النوري.ج1 ص60-62.

المصدر nir-osra.org

الحيـاة العلمية بأريـغ من القرن الرابع إلى السادس للهجرة

الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ

من القرن الرابع إلى السادس للهجرة النبوية المشرفة

Icon 09الدكتور: عمر بن لقمان حمو سليمان بوعصبانة

أستاذ ـ جامعة وهران ـ

لم يكد يأفل نجم الدولة الرستمية في تاهرت سنة 296هـ حتى عجَّت منطقة أسوف وأريغ ووارجلان بالعلماء، خاصة بعد اهتمامهم بإنشاء حلقات العلم والتأليف التي تطورت إلى نظام العزابة ليصبح بعد زمن نظامًا علميا واجتماعيا متكاملا. ولقد كانت وارجلان في هذه الفترة الممتدة من القرن الثالث إلى السابع للهجرة مركزًا تجاريا وعلميا يربط المغرب الأوسط الإسلامي بجنوب الصحراء وحتى أقاصي غرب إفريقيا.

على أنَّ تخصيص هذا البحث بمنطقة أريغ بالتحديد لاعتبارات أهمهما أنها كانت مهد نظام العزابة العظيم، وأنها كانت القلب العلمي النابض لمنطقة وارجلان وما يليها غرباً و منطقة أسوف وما يليها شرقًا.

التعريف بالمنطقة:

*-أريـغ: تُنسب المنطقة إِلىَ قبيلة بني ريغة، وبنو ريغة يَتَّصِلُ نسبهم ببني مغراوة، ويَتَّصِلُ نسبهم بزاكيا، مثل قبيلة بني يفرن وبني واسين، وجدُّهم الأَوَّل الديرت بن جانا، أي: جاناتن، أي زناتة(1).

وقد امتاز أهلها بأخلاقهم الحسنة، ونرى ذَلِكَ جليا في شهادة أبي عبد الله محَمَّد بن بكر (ت: 440هـ)، وكانت سببا في حلوله بينهم إذ قال بعد أن استخار الله واستشار أصحابه قائلا لهم: «إِنَّ هاهنا ناسا رقاق القلوب، أرجو أن ينتجع فيهم الإِسلاَم ويتلقَّوا ما نَحْنُ عَلَيْهِ بالقبول، ويكونوا لهذا الخير أهلا، وهم مغراوة ريغ، فما رأيكم في الانتقال إِلىَ جهتهم؟»(2).

قالوا: في رأيك اليُمن والبركة، فسرُّوا بِذَلِكَ سرورا عظيما، واغتبطوا أيَّ غبطة(3).

ويختلف ياقوت الحموي مع ابن خلدون، إذ ذهب إِلىَ أَنَّ ريغ يقصد به بالبربريَّة السبخة، فَكُلُّ من كان منها فهو ريغي(4).

بينما يذهب ابن خلدون إِلىَ أَنـَّهُم بطن من مغراوة، مثل: بني سنجاسن، والأغواط، وبني ورا. ونزل الكثير منهم بين قصور الزاب وواركلا، فاختطُّوا قرى كثيرة في وادٍ ينحدر من الغرب إِلىَ الشرق(5).

*-تُـقـرت:

تعتبر تقرت من المدن العريقة فلقد ذكرها ابن خلدون على أنها كانت قاعدة بلاد ريغة.

وذكرها الدرجيني فى كتاب الطبقات و أَنَّ الشيخ عبد الرحمن بن المعلى أسَّس حلقة العلم بها. يقول عنه الدرجيني: «هو أَوَّل من أسس الحلقة بمسجد توقورت، وأنهج طرقها، وأحكم عقودها وأوثقها، وقيَّدها ووقتها. وحجر عَلَى تلامذتها أزقتها، وقسط موازينها، وحقق قوانينها، فتخلَّق كُلُّهُم بحميد هَذِهِ الأخلاق»(6).

يَـتَـبَـيَّنُ لنا من خلال هَذَا ما فعله الشيخ عبد الرحمن بن المعلى في تأسيسه الحلقة من جهة، واستخدامه لضوابط محكمة يسير عليها الطلبة. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نجاح نظامه اشتهاره في الآفاق، ومجيء طالبي العلم من أماكن بعيدة، وإضافة الدرجيني قائلا:

«وتيمَّمها طلاَّب الخير من جميع الآفاق، يشاهدون البراهين والعبر، ويشهدون المنافع الكبيرة، ويأخذون السنن عن التُّقاة والسير، ويصدِّقون الخبر والمخبر»(7).

ومن مشايخ منطقة تقرت الذين ذكروا في كِتَاب السير نذكر أبا عبد الله محَمَّد بن الخير بن أحمد. صنَّفه الدرجيني ضمن الطبقة العاشرة (450ـ500هـ/1058ـ1106م). أخذ العلم في كدية مغراوة، وكان من تلامذة أبي عبد الله محَمَّد بن بكر. وقد اهتم إِلىَ جانب العلم بالفلاحة، واستصلح أرضا بـ«تَلاَ عيسى»(8).

*-بـلـدة اعـمـر:

تين باماطوس، آجلو الغربي، آجلو الشرقي.

تكاد هَذِهِ الأسماء تشكِّل مدينة واحدة، حيث تداخلت حسب ذكر الحقائق عنها.

لقد اهتمت المصادر التَّارِيخِيَّة بِهَذِهِ العاصمة الثَّقَافِيَّة اهتماما كبيرا، لقد كان فضلها عَلَى المنطقة والمناطق المجاورة مثل وارجلان وبادية بني مصعب كبيرا جِدًّا.

التعريف ببعض مشايخها:

الشيخ أبو عبد الله محَمَّد بن بكر الفرسطائي

هو أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي, ولد سنة 345هـ وتوفي سنة 440 هـ بتين اسلي (بلدة عمر) ودفن بها(9).

نشأ بفرسطا بجبل نفوسة شرق كباو, أخذ العلم عن الشيخين : أبي نوح سعيد بن زنغيل(10) وأبي زكرياء بن أبي مسور(11), ولـمَّا مات أبو نوح انتقل إلى القيروان للاستزادة من علوم اللسان, وفي طريقه إلى تاجديت ـ للاستزادة من علم الفروع على الشيخ أبي عمران موسى بن زكرياء ـ وفد إليه أبناء شيخه أبي زكرياء فصيل: زكرياء ويونس, وابن أخته أبو بكر بن يحيى(12) و من معهم طالبين منه أن يعقد لهم الحلقة.

فامتنع وراودوه أيّاما, ولمّا كان في المسجد سمع رجلا يودع صاحبه ويقول له : «يافلان اجعلها لله لا تخب». فتفاءلوا بذلك جميعا, واشترط عليهم أربعة أشهر ليردّ الجواب.

وبعد مدّة من التفكير تقرُب من أربعة أشهر وضع أبو عبد الله نظام الحلقة ملبّيا رغبة شيخه أبي زكرياء بن أبي مسور في تينسلي في الغار(13) الذي أعدّه له أبو القاسم يونس بن ويزكن الوليلي لدى مغراوة ريغ.

وكان لكثرة تنقُّله مع تلامذته أن قال فيهم عبد الله بن الأمير :«عجبا لهذا الشيخ وأصحابه, إنّما مثلهم كمثل الحواريّين لعيسى بن مريم»(14) أمّا سبب مجيء أبي عبد الله إلى وارجلان فهو الظلم الذي حدث من بني وَرْزمَارْ إذ قطعوا الطريق, وأكثروا الأذى, فجمع أبو عبد الله جماعة أهل أريغ وحثّهم على دفع الظلم, ولكنّهم أجابوا بقولهم "لا طاقة لنا وما عسانا أن نقدر عليه؟" فأجابهم "نحن نقدر على أنفسنا(15) حينئذ قرّر الذهاب إلى وارجلان فنزل بإيفران, فأقام بها عاما, وكان هذا القرار من أريغ لعاملين:

1ـ لدفع جماعة أريغ لتغيير المنكر بأنفسهم عن منطقتهم.

2ـ لتأمين الطريق للعزابة الذين يفدون إليه, ويقتلون بأريغ.

و كانت له رحلات أيضا إلى بادية بني مصعب إبّان الربيع لمآرب كثيرة منها طلب راحته وراحة طلبته حيث الجوّ ألطف والهواء أنقى(16) و له في الميدان العلمي الآثار الكثيرة, وقد ألّف في الحجج والبراهين, وفي الأخلاق(17) ولكن لم يصل إلينا شيء منها بل تذكر كتب السير جميعها عناوين كتبه. ومات رحمه الله في غاره في تين يسلي وقبره قبالة الغار وقال عبد الرحمن بن عمر جعلت علامته شجرة يقال لها العنظوان وهي بالبربرية تاعقايت(18) وترك من الأبناء : أبا العباس أحمد بن محمد : صاحب التآليف. وأبا يعقوب يوسف بن محمد، وإبراهيم بن محمد.

ومن الذين درسوا على ابن زنغيل وكان لهم الفضل في ترتيب الحلقة أيضا في بدايتها أبو الخطاب عبد السلام بن منصور بن أبي وزجون المزاتي(19).

و كانت رحلته الأخيرة من قلعة درجين سنة 440هـ إلى سوف ثمّ إلى آجلو مع قبيلة ورتيزلن أمام هجمات الصنهاجيّين فوجد أبا عبد الله محمد بن بكر في آخر أيّامه, ويحتمل جدّا أنّه واصل المسيرة التي بدأها ولو أنّ المصادر سكتت عن ذلك.(20)

التنظيم الإداري للتعليم:

لم تكن الحلقة منظمة بنفس الطريقة التي استحدثها أبو عبد الله محمد بن بكر, إذ إنّ الحلقات الموجودة في المساجد حول المشايخ أو في أماكن خاصة للتدريس أقلّ إحكاما من حيث نظام أبي عبد الله الجديد.

فأبو عبد الله رأى أنّ على الطالب أن يلزم أماكن الدراسة كامل أوقاته أو بالأحرى كامل فترته الدراسية، فجمع بين الدراسة والسكن والعبادة وطلب العلم.

و أسند للطلبة وظائف, فكوّن منهم عرفاء فصاروا يشعرون بالمسؤولية وبالتالي يلتزمون بآداب خاصّة حتّى ينالوا احترام غيرهم ويخففوا عن الشيخ أعباء كثيرة لا يستطيع القيام بها وحده.

وهذا النظام نظام الحلقة, أي نظام العزابة سيأخذ شكلا آخر على مرور الزمن، فهو يتمثل الآن في الهيئة الساهرة على الأمور الدينية مثلما يسهر على حياة المجتمع في شتّى مناحيه, في جوّ من الترابط والتلاحم.

أ- الشيخ:

بعد أن نلقي نظرة خاطفة على الهيكل العام لأعضاء الحلقة نلاحظ أنهم ينقسمون إلى صنفين: آمرين ومأمورين, وفي أعلى الهرم بالنسبة للآمرين نجد الشيخ، والشيخ وحده هو الذي تنتهي إليه المسائل العويصة للفتوى وهو المرجع الوحيد والأخير لدى كلّ الأمور التنظيمية وهو وحده الذي يستطيع أن يصدر العفو بعد الخطة والهجران(21) ولا يصل إلى هذه المرتبة إلاّ بعد أن يبلغ مبلغا عظيما في العلم والورع والتقوى ولا يجلس إلى الحلقة إلاّ بعد أن يأنس من نفسه ذلك ولا يردّ المسألة إلى غيره من المشايخ إلاّ على سبيل الاحترام والتقدير.

و تتلخّص مهامه التربوية في الحلقة على الآتي:

*الجلوس لطلبة فنون العلم في وقت معلوم ليأخذوا عنه الدرس.

*الاستفتاح وهو قيامه في الثلث الأخير من الليل أو الربع الأخير، فيفتتح التلاوة حيثما وصلوا ليلة البارحة, بعضهم يقرأ وبعضهم يدرس وحده إلى الفجر.

*الجلوس بأثر الختمات للجواب على الأسئلة في أي فنّ كان, ويذاكر تلاميذه فيما حصلوه.(22)

*الحكم بين المختلفين والمختصمين من التلاميذ.

مهام الشيخ خارج أوقات الدراسة في الحلقة:

يجمع التلاميذ يوم الاثنين والخميس فيعظ ويذكّر ويحذّر ويسألهم عن أحوالهم فمن عيب عليه شيء, فالخطة والهجران للكبير والزاوية والجلد للصغير.

يأذن لعابر السبيل في الإقامة أيام حلوله كضيف ويأكل من غير المدّخر, أو الدخول في الحلقة بعد الاستفسار عن سيرته لدى أهله وذويه.

يأذن فيما يشترى أو يباع من الأقوات وما يدّخر وما لا يدّخر منها.

يأذن في قسمة ما يفتح الله من رزق أو أوقاف على التلاميذ.

و مع ذلك فالشيخ لا يستنكف أن يقوم بأعمال يرى فيها الأجر والثواب.(23)

ب ـ العرفاء(24):

يختار الشيخ عرفاء من خيرة الطلبة اجتهادا وذكاء وإخلاصا فيصنّفهم صنفين: صنف لأعانته في التدريس وهم من حملة القرآن.

وصنف لمراقبة (الداخلية) وهذا يكفي فيه واحد للختمات والنوم وآخر للطعام.

فالمجموعة الأولى: ترتبط بجماعة الألواح من طلبة القرآن فيملون عليهم ويصحّحون ألواحهم, وكلّ واحد يختصّ بمجموعة لا تقلّ عن اثنين ولا تزيد عن عشرة إلاّ في حالة الضرورة عند كثرة الطلبة وقلّة العرفاء(25).

أمّا العريف المكلّف بالختمات والنوم فمهامُّه تنحصر فيما يلي:

*عليه ارتصاد الحزب للمذاكرة فينبّه الشيخ في الغد إلى مكان الحزب بالأمس.

*عليه أن ينادي بنوم الهاجرة, ويلزم من لا عذر له على النوم.

*عند غروب الشمس ينادي للختمة.

*بعد صلاة العشاء وقراءة القرآن ينادي بالدعاء.

*بعد قراءة بعض المواعظ على الشيخ ينادي بالنوم.

و من خالف هذه الأوامر يتعرّض للعقوبة المتمثّلة في الخطة والهجران للكبير والزاوية والجلد للصغير, أو الطرد إن اقتضى الأمر(26).

أمَّا العريف المكلّف بالطعام: فهو الذي ينبّه الطلبة والعزابة على ملازمة حسن الآداب إذا كان الطعام خارج إقامتهم عند شخص عامّي, وذلك بشعار حسّان, أو حسّان بن ثابت, أو أحسنوا آدابكم. وإذا كان الطعام عند عزابي فيميلون إلى الانبساط من اقتراح ما يحسن طعامهم.

والعريف يرتّب جلوسهم، ويأمر بالماء ليغسلوا, وبعد الطعام ينادي بالدعاء.

و إذا كان الطعام يحتاج إلى إعانة ومعالجة فلا يشغل الطلبة المنشغلين بدراستهم بل يعفيهم ويميل إلى غيرهم(27).

و لعلّ أجمل ملحظ نراه في أكلهم: أنّهم يُقسَّمون إلى طوائف ويكون في كلّ طائفة عريف عليها أكبر المجموعة سنّا وأكثرهم تضلّعا في الشريعة والعلوم, فيلقي ثلاث مسائل في فنون مختلفة ويكون الجواب عليها ميامنة فإن عثر أحدهم أمسك يده عن الطعام تلقائيا إلى أن يتذكّر الجواب.

وبهذا نرى أن هذا النظام محكم ويستغلّ جميع وسائل الزجر والترغيب ويصل الحدّ به إلى أن يحرم الطالب من الأكل وهو يشتهيه, وخاصّة وقت الخصاصة, وقد لا تروق علماء النفس هذه الطريقة الآن ولا يجرؤون على تطبيقها أيضا ولو علموا جدواها.

ولعلّ من أهمّ تأثيراتها حين يدعى طالب الحلقة لهذا النظام أنّه يحضّر نفسه قبل كلِّ طعام يوميّا تحضيرا ينصرف ذهنه كلّيا إلى حفظ المسائل وإلى الاختبارين الصعبين: الجواب على المسائل أو الإمساك عن الطعام إلى أن يمنَّ الله عليه بالجواب.

ج ـ الطلبة أو (العزابة):

يُعرِّف الدرجيني كلّ من طلب العلم ولازم الطريق وسير أهل الخير, وحافظ عليها وعمل بها بالعزابي، وإن حصَّل العلم دون السير لم يسمّ به(28).

أي أنّ طالب العلم تُشترط فيه شروط معلومة لكي يصل إلى العزّابي, تجمع بين طلب العلم والالتزام بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف والاقتداء بعمل الصالحين من قبله.

ومجموع العزابة مع شيخهم يكوّنون الحلقة, وبهذا تغير اسم الحلقة من نظام في الجلوس حول الشيخ إلى مجموع العزابة مع الشيخ كيفما كان وضعهم أو مكانهم, فالعزابة اسم لجماعة تشتمل على الشيخ يعلّمهم العلم ويلقّنهم السير ويبصّرهم في الدين بحسب ما يفتح الله على كلّ واحد منهم....فكأنّهم محلّقون ولو أنّهم مفترقون(29).

يتألّف الطلبة حسب السنّ من كبار وصغار، والكلّ يجتهد في طلب العلم والالتزام بالضوابط التي رسمها المشايخ حتّى لا يتعرّض لعقوبات صارمة, وإن كانت الرغبة التي دفعته لطلب العلم وطاعته لمشايخه تحدوان به إلى الابتعاد عن العقاب المعنوي أو المادي.

فالسنّ إذًا لا يشترط في طالب العلم ما دام الهدف هو معرفة الشريعة الإسلامية والفرد المسلم يحتاج إليها في كامل أطوار حياته بل يعدّ ذلك عبادة لا تعدلها عبادة.

والطلبة صنفان: كبار وصغار.

والكبار منهم المجدّ ذو المواهب الحسنة ومنهم المجدّ ذو المواهب المتوسّطة وأمّا الطلبة الذين لا يبذلون جهدا فعادة ما يتعرّضون للخطة والهجران أو الطرد إذا كانوا كبارا، والزاوية والجلد أو الطرد إذا كانوا صغارا.

والمجدّون من ذوي المواهب الحسنة عادة ما يكون منهم العرفاء, وأمّا ذوو المواهب المحدودة فينبغي أن تكون خدمة الطعام من هؤلاء الذين لم يفتح الله عليهم بشيء, ولم يشرح صدورهم للعلم, لكن ينفعهم الله بخدمة أهل الخير ويوفيهم فيها أجورهم(30).

ومن أمثلة هؤلاء تلميذ من تلامذة أبي عبد الله محمد بن بكر اسمه «بلغن»، كان يخدم العزابة في تين يسلي ويخبز لهم الرغائف وكان يتعنَّى في خدمتهم ويحتسب ما عند الله(31).

و قد يعجب البعض من تقصير هؤلاء أوّل الأمر إن جهل أنّ الكبير عادة ما يتخبّط في مشاكل اجتماعية تكون سببا في انشغال باله, وتشتت ذهنه رغم انقطاعه عن التعليم(32).

و أمّا الصنف الأخير: فهم الزمنى والعميان فقد نطق بعذرهم القرآن.

ونرى هذا النظام من التعليم يعذر كلّ إنسان قاصر في فهمه ملتزم بالنظام والحضور علّه يستفيد شيئا ينفعه لدنياه وآخرته.

*-ومثلما يلتزم بالحضور والانضباط يشترط عليه هندام خاصّ وهيئة خاصّة. منها:

*-لبس البياض, وعدم السماح بالثوب المصبوغ.

*-حلق شعر الرأس.

*-إذا لبس العمامة فعليه بالتلحي(33).

د) أماكن التدريس:

ليست المساجد أماكن لتأدية الشعائر الدينية فقط مثل الأديرة والكنائس والبيع, بل هي المكان الذي يتقاضى فيه الناس, وتعقد فيه ألوية الجهاد, وتعقد فيه حلقات الذكر والعلم, فهي مراكز إشعاع لجميع مناحي الحياة البشرية ما دامت هذه الحياة مطية المسلم إلى دار سعادته الأبدية.

ومن أمثلة ذلك مسجد الشيخ جنون بن يمريان حيث كان الشيخ أبو نوح سعيد بن زنغيل يعقد فيه حلقته. ويقول الدرجيني: «وكانت جماعة أهل وارجلان تجتمع عند مسجد الشيخ جنون فمنهم المستفيد علما, ومنهم المتبرّك بمشاهدته والمشارك فيما يعرض من أمور دنياه ودينه والمقتني خُلُقا يتحلّى به والمستزيد من معرفة سبب السير, فكلّهم منقلب بخير وفضل»(34).

وقد تعقد حلقات الدراسة في دار يبنيها الشيخ خصيصا لذلك, وقد تكون مجاورة لدار سكناه، وذلك رمز للقرابة الروحية. ويروي الدرجيني(35) حديثا عن جدّه يصف فيه دار الشيخ أبي سليمان(36) أيوب المخصّصة للعلم فيقول: «حدّث جدّي يخلف بن يخلف التميجاري رحمه الله قال: كان شيخنا أبو سليمان أيوب بن إسماعيل كثير الإبرار بتلاميذه, وكانت له داران بوارجلان متقابلتان يفصل بينهما طريق, وفوق الطريق ساباط وصل بين الدارين من علو, فإحدى الدارين دار سكناه والأخرى مطلقة للتلامذة والأضياف».

وقد تكون الغيران أماكن لعقد الحلقات مثلما تكون مقرّا لسكنى المشايخ والطلبة. فقد عقد أبو صالح الياجراني(37) حلقة للعزابة في غيران بني أجاج خارج وارجلان.

وهذا شبيه أيضا بما فعله أبو عبد الله في آجلو حيث أُعِدَّ له غار(38) خصّيصا لذلك كما مرّ.

وقد تكون المدرسة متنقّلة, فيسافر العلماء بتلاميذهم بالقوافل التي تحمل المؤونة والحُصُر, وحينما يجدون المكان اللائق ينصبونها, وتتألّف المدرسة من أقسام: قسم للصلاة, قسم للشيخ, قسم للنساء, وبيوت للتلاميذ(39).

وهكذا يجد الشيخ عبد الرحمن بكلّي في مقدّمة كتاب الطبقات للدرجيني تعليلا رائعا لهذا التنقّل الدؤوب, وهو التعوّد على عقد رحلات للدعوة إلى الله وتفقّد أحوال المسلمين مع التدرّب على خشونة العيش وترك حظوظ النفس إرضاء لله.

وبالفعل فقد نتج عن ذلك تزاور في الله, فصار أهل المشرق يزور أهل المغرب, وأهل المغرب يزور أهل المشرق (40).

ومن أهداف هذه الرحلات تتبّع المشايخ حيث يقيمون ولو كانوا في أمور دنياهم.

فأبو عبد الله رحمه الله ينتقل بحلقته إبّان الشتاء إلى أبي سليمان فيقيمون حتّى يسمعوا صيَّ البعوض فينزل إلى ضيعته(41).

وكذا كان ينتقل إلى بادية بنى مصعب في الربيع حيث الهواء المنعش فرارا من تعكّر الجوّ.

وبهذا تتعدّد أسباب التنقّل بالطلبة ودائما في صالح الجوّ الدراسي من تعقّب المشايخ في مزارعهم وأماكن رعيهم لاستغلال علمهم حيث إنّ الحياة القاسية لم ترحمهم فيجلسوا كلّهم للتدريس.

ومن جهة أخرى فقد أرادت هذه الطريقة أن تبرهن أنّ الدراسة لا يجب أن ترتبط في ذهن الطالب بالجدران والمكان المعروف, بل حياته كلّها من الغيران المظلمة إلى الفضاء الفسيح كلّه مدرسة, ومن تقلّبه في فراشه إلى جلوسه أمام الشيخ كلّه, أوقات لا يجب أن يغفل فيها عن الالتزام بالآداب والمبادئ الإسلامية.

وقد يتبادر إلى ذهننا أنّ الطالب يملّ من تلقّي العلم وإن وجد متنفّسا للراحة أخلد إليها.

بل على العكس فإنّنا نجدهم هم الذين يتعقّبون مشايخهم حيثما حلّوا وارتحلوا.

ومن الطريف ما يقع للشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني(42) أنّه حينما يدخل مسجد وارجلان ويضع مفتاحه وَسِفْرَهُ وعمامته ثمَّ يدخل المطهرة وحينما يخرج منها يجد أنّ التلاميذ قد حاز كلّ منهم شيئا تركه فيقول: «ردّوا عليَّ علائقي» فيشترط كلّ منهم أن يجيبه عن مسألة تهمّه, سواء أكانت في النحو أم في الفرائض أم في الفقه وبعد أن يجيبهم يردّون إليه ما أخذوه منه(43).

وهكذا فلا نجد الشيخ هو المستدعي لطلبته في وقت معيّن مضبوط فقط, بل إنّ الطالب الذكيّ هو الذي يستغلّ أيضا الظرف المناسب لأخذ العلم.

هـ - أماكن الاستراحة وأوقاتها:

لم يغفل هذا النظام أماكن الاستراحة فقد حدد شروطا تعود بالنفع على أخلاق الطلبة إذ إنّ الطالب يتأثّر بالمحيط الذي يعيش فيه كامل الأوقات.

فيأذن النظام بالانصراف آخر النهار إلى مواضع المياه والأشجار لما فيها من هدوء وراحة بعد يوم مليء بالعمل والجدّ.

ويمنع النظام:الذهاب إلى الأسواق والمرور أو الجلوس في الطرقات خاصّة المسدودة إلاّ إذا ألجأت الضرورة لذلك أو كان الطريق نافذا(44).

ولعلّ أغلب النظم التربوية اليوم تغفل هذا الجانب المهمّ وتحدّد مسؤوليتها بزمن الدراسة وبجدران المؤسّسة, فهناك سلبيات تنعكس أساسا على دراسة الطالب وسلوكه الفردي وقت الراحة.

أمّا أوقاتها فيبدو أنّ لها أوقاتا قصيرة, فنجدها:

*-في الضحى عند استكمال كتابة الألواح(45).

*-وبعد العصر حينما تتوقف الدراسة لتوزيع التمر، ومدّة ذلك محدّدة بمقدار ما يقرأ فيه اللوح مرّة أو مرّتين. هذا أثناء الدراسة, أمّا بعد توقّف الدراسة فتكون عادة لنوم الهاجرة ويشدّد في ذلك لغرض قيام الليل.

*-وآخر النهار قبل غروب الشمس بعد عناء اليوم كما أسلفنا, وبعد صلاة العشاء.

النظام الدراسي:

من خلال النصوص في كتب السير يتبيّن لنا أنّ نظام الحلقات يخضع بالنسبة لأطوار الدراسة إلى ثلاثة أطوار:

*-الطور الأول: طور التلقين والحفظ وتخزين المعلومات في الذاكرة مع شيء من دروس الأخلاق, وفي مقدّمة التلقين تحفيظ كتاب الله الكريم.

*-الطور الثاني: دراسة اللغة العربية والتمكّن فيها كأداة ووسيلة لفهم النصوص واستنباط الأحكام.

*-الطور الثالث: طور التفقّه في الدين والبحث والغوص في العلوم الشرعية, وبعدها يمكن العطاء إمّا على شكل الجلوس إلى الحلقات أو الإفتاء لعامّة الناس أو الشروع في مرحلة التأليف.

ويصف الدرجيني هذه المستويات بقوله: «وكان يتولّى التدريس وإعداد الطلبة في هذه المرحلة ثلاثة شيوخ فكان أبو يعقوب وهو شيخ بنفوسة أمسنان مقصدا للمبتدئين, فإذا انتظموا في حلقته علّمهم السير وآداب الصالحين، ثمّ ينقلهم إلى محمد بن سودرين فيجرون قراءة القرآن ويتعلّمون اللغة والإعراب, ثمّ ينتقلون إلى أبي عبد الله محمد بن بكر فيعلّمهم أصول الدين والفقه»(46).

النظام الدراسي اليومي: (أو البرنامج)

لا نكاد نجزم أنّ هذا البرنامج الذي سنذكره الآن هو المتّبع حرفيّا، فهو جمع شتات من هنا وهناك واستطعنا أن نصبّه في قالب أكاديمي حديث وإن كان المشايخ حسب اعتقادنا لهم كامل التصرّف آنذاك حسب الأزمنة والأمكنة التي ينتقلون إليها, وحسب حالة إقامتهم وظعنهم.

واستطعنا أن نرسم صورة ولو باهتة تتعانق فيه الحياة الفكرية مع الحياة الروحية فصار البرنامج ممتزجا بها:

يبدأ اليوم باستيقاظ المشايخ والطلبة في الهزيع الأخير من الليل وبه يبدأ التوقيت.

الجزء الأخير من الليل: يستفتح الشيخ، والطلبة مخيَّرون في مدارسة القرآن معه أو يطالعون ما شاءوا.

بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس: قرآن وختمة.

من شروق الشمس إلى وقت الضحى: سكتت المصادر عن الحديث عنها ولعلّها وقت ذهاب المشايخ والعزابة إلى حقولهم أو لمآربهم الخاصّة.

الضحى: كتابة تحت إشراف النقيب، وبعد الحفظ يكون الإملاء, وتفقّد الألواح ثمّ الدعوة إلى الطعام.

بين الظهر والعصر نوم الهاجرة ثم قراءة الألواح وجوبا, وبعد العصر استحبابا, ثمّ تفقّد الألواح ثمّ الدعوة إلى الطعام.

وبين صلاة الجمعة والعصر: قراءة المواعظ.

المساء عند الغروب: قراءة القرآن والختمة, ثم الدعاء.

العشاء: قراءة المواعظ من طرف التلاميذ ثمّ يقوم الشيخ بعد دعاء الختمة(47).

علاقة أفراد أسرة التعليم:

بعد تتبّعنا خطوات هذا النظام الفريد الذي وضعه المشايخ رحمهم الله نشعر لأوّل مرّة أنّ كلمة أسرة التعليم تنطبق اسما على مسمّى لما بين أفرادها من ترابط فنلمس فيها أُبُوَّة الأب الحاني في الشيخ، وبُنُوَّة الابن البار في طالب العلم والأخوَّة الصادقة فيما بين الأنداد من الصنفين.

وكتب السير مليئة بالمبرّات ولا يسع المجال لذكرها كلّها, فنجد هذه العلاقات في الله تتّسع وتشمل الأسر التعليمية بالامتزاج والترابط.

يبدو أنّ أعلى مثل رأيناه للكرم وحبّ العلم والعلماء هو أبو صالح جنون بن يمريان لما قدّمه من أيادٍ بيضاء.

فحينما قدم الشيخ أبو نوح سعيد بن زنغيل أعطاه أبو صالح بيتا مملوءة إلى السقف تمرا, وأجرى عليه مائدة بُكرةً وأخرى عشيَّة, وحينما قعد في وارجلان لم يبخل عليه بشيء من ماله بل طلب منه المكوث فيها وأن لا يرحل, على أن يقاسمه كلَّ ما يملك(48).

أمّا علاقة المشايخ بطلبتهم فتتعدّى أوقات الدراسة ومكانها, فقد ينفق الشيخ على طلبته من ماله الخاصّ, مثل ما فعله أبو إسماعيل أيوب(49) وهذا شبيه بما كان يفعله علماء نفوسة من الجود على طلبتهم في ذلك الحين, بل يتجاوزون إلى إكسائهم صيفا وشتاء بكساء جديد(50).

وقد يضمّ الشيخ أحد طلبته إلى زمرته العائلية ويقترح عليه الانتقال مع أغنامه إلى البادية إبّان الربيع حتّى لا يفوته لبن ذلك الفصل, ويكلّف من يأتيه بمعيشته يوميّا(51).

ويتعدّى الإبرار من الغذاء المادّيّ إلى الروحيّ فنجد المشايخ حريصين كلّ الحرص على الإرشاد والنصح.

ومن خلالها تتبيّن لنا أهدافهم ورغباتهم التي من أجلها سهروا الليالي الطوال جنبا إلى جنب مع تلاميذهم منقطعين عن أهليهم في كثير من الأوقات.

فمن وصايا المشايخ نختار ما أوصى به أبو الربيع سليمان بن يخلف المزاتي طلبته قائلا: «إذا وصلتم منازلكم فإيّاكم أن تستقبلوا الدنيا بوجوهكم لئلاّ تغرنّكم. وعليكم بالألفة والنصيحة والتزاور وحفظ مجالس الذكر. وإيّاكم وأمور الناس وإيّاكم والتقصير فيمن يرد من أهل دعوتكم»(52).

ذهب أبو عبد الله إلى جربة زائرا فأوصى طالبا بخصال منها: «قراءة القرآن والمواظبة عليه، والرغبة إلى الله، والرأفة بالضعفاء».

وقال له: «احمل نفسك على مالك يحملك»(53).

وأوصى أحدهم قائلا: «اذهب إلى منزلك فإن وجدت من تقدّمه في الأمور فاتبعه فإن لم تجد ووجدت من تتعاون معه فتعاونوا على البرّ والتقوى, فإن لم تجده ووجدت من يسعى في الخير فكن إمامه, فإن لم تجد أحدا من هؤلاء فاستقم على الطريقة وحدك»(54).

وهذه النصائح القليلة ما هي إلاّ قطرة من بحر وغيض من فيض، ولعلّ التأسّي بأعمالهم بعد ذلك من أحسن النصائح العلمية لا القولية فقط.

*أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر

(ت 504هـ/1111م)

هو أبو العباس أحمد بن محمّد بن بكر, أبوه هو أبو عبد الله محمّد بن بكر الفرسطائيّ النفوسيّ صاحب نظام العزّابة.

وقد ربّاه أبوه على الصلاح والتقوى, وأدخله مع تلاميذه في حلقته مع أخيه أبي يعقوب يوسف بن محمّد.

وكانا في طلب الخير فرسي رهان مشتركين في كلّ فضيلة شركة عنان, فلعلّ أحدهما أعلم والآخر أزهد(55).

وقد أخذ العلم أيضا عن شيخه وأحد البارزين في حلقة أبيه وهو أبو الربيع سليمان بن يخلف المزاتي.

قضى شبابه في تمولست في الجنوب الشرقيّ للقطر التونسيّ حيث كتب جلّ كتبه ثمّ زار قابس(56).

وفي سنة 471هـ/ 1078م وقعت فتنة ببلاد أريغ بين خيران وتاغمارت، وهي أوّل فتنة وقعت بين وهبية أريغ, ففرّ أخوه أبو يعقوب إلى وارجلان فكانت وفاة أبي يعقوب بتماواط بوارجلان سببا لمجيء أخيه أبي العباس لقضاء فترة زمنية لتنفيذ وصية أخيه ولرعاية أيتامه.

ويسكت الدرجينيّ وغيره من المؤرّخين للسير وكذا المستشرق البولونيّ ليفتسكي, ـ إذ يعدّ هذا الأخير من أقدر المستشرقين في التحرّي والتدقيق ـ عن الفترة ما بين 471هـ/1078م و504هـ/1110م فيذكرون مباشرة وفاته, ولعلّ هذه الفترة قضاها متنقّلا بين آجلو وتماواط بوارجلان إلى أن يموت ويدفن وذلك في ضحوة يوم الخميس 9 ذي الحجة سنة 504هـ بآجلو الغربية.

منزلة أبي العباس العلمية:

يُعدّ أبو العبّاس من أشهر علماء منطقة المغربين الأدنى والأوسط فقد ترك لنا مؤلّفات عديدة يصعب على الباحث حصرها.

وقد قيل إنّه رأى في منامه ما يبشّره بأخذ العلم الغزير(57) و قد تفرّغ للمطالعة والدراسة أربعة أشهر في مكتبة قصر «ولَّم»، لم يذق فيها طعم النوم إلاّ ما بين أذان الصبح إلى طلوع الفجر واختار من الكتب ـ التي وصلت من المشرق البالغة ثلاثة وثلاثين ألف جزء ـ أكثرها فائدة(58) وسبب ذهابه إلى مكتبة قصر «ولَّم» ما قاله هو بنفسه: «كنت أقرأ على الشيخ سعد وأحضر مجالسه, فأوّل ما وقعت فيه المذاكرة عنده مسألة ذبيحة الأقلف هل تؤكل أم لا؟ وقال: في المسألة قولان ولم يزد على هذا شيئا».اهـ

ولا نستطيع الجزم في شأن تفرّغه للمطالعة بالضبط هل هو معرفة جواب هذه المسألة بالتحديد ؟ أم عدم اقتناعه بجواب شيخه الذي ينقصه التوضيح الكافي إمّا بسبب منهجيّته في التدريس أو بسبب مستواه الثقافيّ فأراد أن يبزّه في العلم ولعلّ السبب الثاني هو المعقول وذلك ما يفهم من قوله: «ولم يزد على هذا شيئا».

آثار أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر:

لقد ترك لنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن بكر تراثا قيّما وضخما من الكتب في شتّى الاختصاصات سواء أكانت فقهية أم أخلاقية أم في العمارة الإسلامية وشروطها وضوابطها الشرعية.

و نذكر من مؤلّفاته:

كتاب أبي مسألة: و سبب تأليفه أنّ أبا عبد الله محمّد النفوسيّ كتب إليه من «أبديلان» يرغب إليه في مختصر مشتمل على مسائل الفروع ورأى في منامه قائلا يقول له: «اذكر أبا مسألة» فسمّاه العزّابة أبا مسألة ويسمّى أيضا بالجامع.

كتاب في مسائل التوحيد: ممّا لا يسع الناس جهله وغير ذلك من مسائل الكلام(59).

كتاب تبيين أفعال العباد: يتألّف من ثلاثة أجزاء(60) توجد نسخ من المخطوط في ميزاب وجربه(61).

كتاب القسمة وأصول الأرضين: يتألّف كتاب القسمة من جزئين, وأصول الأرضين يتألّف من ستّة أجزاء.

يتحدّث الأخير عن الحريم بين البناءات والطرق, وعن دفع الضرر عن الجار، وعن الحريم فما يغرس من النخيل والأشجار وغير ذلك، وقد حققه فضيلة الأستاذ بكير بن محمد الشيخ بالحاج والدكتور محمد بن صالح ناصر.

كتاب الألواح: هذا الكتاب تركه الشيخ أبو العبّاس قبل وفاته على الألواح فعرضه ابنه على المشايخ بإيفران بوارجلان وهم: إسماعيل, حمو بن المعز، أيّوب بن إسماعيل, داود بن واسلان, وأبو سليمان الزواغي(62).

كتاب مسائل الأموات(63).

كتاب الجنائز(64).

كتاب السيرة في الدماء. وقد حققه الأستاذ عبد الرحمن بن إبراهيم طبَّاخ ضمن رسالة ماجستير سنة 1422هـ/ 2002م.

وبهذا نجد أن الحركة العلمية بأريغ كانت قد بلغت أوجها من العلم والعطاء إلى جانب كبير من الورع والتقوى فكونت رجالا صالحين علماء، فقهاء، فألفوا الكتب الكثيرة منها ما وصل إلينا ومنها ما عرفنا عنوانه ولم يصل إلينا ومنها ما لم نسمع به ونحتمل أن يكون كثيرا وثمينا.

وهكذا فالمنطقة لا تزال بحاجة إلى عناية فائقة من أصحابها ومن ذوي الاختصاص كما أن الخزائن التي تكدست فيها الوثائق والمخطوطات ستغير بعد فتحها كثيرا من الحقائق التاريخية.

--------------------

قائمة المراجع

صالح باجية :

1ـ الإباضية بالجريد في العصور الإسلامية الأولى. دار بوسلامة للطّباعة والنشر والتوزيع. تونس سنة 1396هـ/ 1976م.

الجعبيري فرحات

2ـ دور المدرسة الإباضية في الفقه والحضارة الإسلامية. دار الجويني. تونس. سنة 1988م.

3ـ نظام العزّابة عند الإباضية الوهبية في جربة. المطبعة العصرية. تونس.سنة 1975م.

ابن خلدون عبد الرحمن (ت : 808هـ/ 1406م)

4ـ كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. دار الكتاب اللبنانيّ بيروت سنة 1981م.

خليفات عوض محمد

5ـ النظم الاجتماعية والتربوية عند الإباضية في شمال إفريقيا في مرحلة الكتمان. ط. شركة المطابع النموذجية. عمّان 1982م.

الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد (ت 670هـ)

6ـ طبقات المشايخ بالمغرب. تحق. إبراهيم طلاّي. مطبعة قسنطينة الجزائر. د. تا.

أبو زكرياء يحيى بن أبي بكر الورجلاني

7ـ كتاب السيرة وأخبار الأئمّة. تحق عبد الرحمان أيّوب. الدار التونسية للنشر. تونس. 1405هـ/ 1985م.

الشماخي أحمد بن سعيد (ت 928هـ/ 1521م)

8ـ كتاب السير. طبعة حجرية. القاهرة 1304هـ/1884م.

9ـ كتاب السير. تحق. أحمد بن سعود السيابيّ، مطابع النهضة.سلطنة عمان. سنة 1407هـ/ 1987م.

ابن عميرة محمد

10ـ دور زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب الإسلاميّ. المؤسسة الوطنية للكتاب. الجزائر. سنة 1985م.

محمد محفوظ

11ـ تراجم المؤلّفين. ط. 1. دار الغرب الإسلاميّ. بيروت. 1982م.

معمـر علـي يحيـى

12ـ أضواء على الإباضية. المطابع العالمية. روي سلطنة عمان. سنة 1984م.

13ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الثانية) الإباضية في ليبيا (القسم الثاني). مطبعة الاستقلال الكبرى. مصر، 1384هـ/ 1964م

14ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الثالثة) الإباضية في تونس. دار الثقافة. بيروت سنة 1385هـ/ 1966م.

15ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الرابعة) الإباضية في الجزائر. المطبعة العربية غرداية. الجزائر. سنة 1986/1985م

النامـي عمرو خليفة

16ـ ملامح عن الحركة العلمية بوارجلان. الأصالة: مطبعة البعث. قسنطينة الجزائر. عدد 42 ـ 43. صفر 1397هـ/ 1977م.

--------------------

الهوامش

(1)ينظر: محَمَّد بن عميرة: دور زناتة، ص19.

(2)الدرجيني, الطبقات, ص 169.

(3)ينظر: الدرجيني: طبقات، 1/170.

(4)ياقوت الحموي: معجم البلدان، مج3/ ص113.

(5)ابن خلدون: تاريخ، مج13/ ص96-98.

(6)الدرجيني: طبقات، 2/457-458.

(7)المصدر نفسه.

(8) «تَلاَ» تعني: عين ماء، وَلَعَلَّ المنطقة بها ينابيع اشتهرت بهذا الاسم.

(9)د. عمرو خليفة النامي, محاضرة (مرقونة): ملامح عن الحركة العلمية في وارجلان, ملتقى وارجلان 1977, ص 7.

(10)أبو نوح سعيد بن زنغيل من الطبقة الثامنة ( 350هـ/400هـ ), الدرجيني, ص 143،353.

(11)أبو زكرياء فصيل بن أبي مسور يسجا بن يوجين اليهراسني من الطبقة الثامنة, الدرجيني, طبقات, مج 2, ص 361.

(12)أبو زكرياء, كتاب السيرة, ص 252.

(13)يسمى الغار بالتسعي نسبة إلى سنة 409هـ التي أسّس فيها نظام الحلقة, وبالمناسبة وقع الاحتفال بذكراه الألفية في غرداية عاصمة ميزاب سنة 1409هـ, وقد كتبت في الموضوع رسائل جامعية ودراسات قيّمة, اطلبها تحت عنوان: الحلقة ـ العزابة.

(14)الدرجيني، طبقات, ج 1, ص 186.

(15)المصدر نفسه, ج 2, ص 386.

(16)المصدر نفسه, ج 1, ص 183.

(17)المصدر نفسه, ج 2, ص 377.

(18)نقلا عن مخطوط قديم من لفوف, مجهول المؤلف، تحت رقم 277. ينظر:

T. LEWICKI, Mélanges - Ibadites, R. E. I. Paris. PAUL GEUTHNER, 1936. T, X, P. 277.

(19)ينظر:

FEKHAR. (Brahim Ben Moussa, Docteur), Les Communautés Ibadites en Afrique du Nord depuis Les Fatimides, thèse, Sorbonne, Paris III, 1971, P, 64.

(20)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 407.

(21)البرادي، أبو القاسم بن إبراهيم, الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخلّ به كتاب الطبقات, طبعة حجرية، مصر 1302هـ/1884م، ص 209.

(22)ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 1, ص172.

(23)قد يقوم بها العزابة دونه، وهذا ما يرويه أحد تلاميذه قائلا: كنّا في حلقة أبي عبد الله نقرأ عليه فكان العزابة أرادوا كنس الغار فكنس معهم الشيخ أبو عبد الله, وجعل يرفع معنا الكناس على عاتقه, فقال له يوما بعضنا وهو ينقل معنا: أقعد يا شيخ فإنّ العزابة يكفونك. قال: أو يحملون عليّ ذنبي؟

ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 392.

(24)يبدو أنّ العريف قديما كان من كبار العزابة, لما له من سلطة الأمر والنهي.

(25)البرادي, الجواهر, ص 212.

(26)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 177.

(27)البرادي, الجواهر, ص 210.

(28)الدرجيني، طبقات, ج 1, ص 3.

(29)المصدر نفسه، ج 1، ص 4.

(30)البرادي, الجواهر, ص 216.

(31)أبو زكرياء, السيرة, ص 349.

(32)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 180.

انظر ما لاحظه الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني حينما دخل حلقة وارجلان، عند أوّل صومه في شبابه. (أورده البرادي أيضا في جواهره, ص 215).

(33)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 171.

الوسياني، سير, ذكر التلحي, ص 4 ـ7.

(34)الدرجيني، طبقات, ج1, ص 144.

(35)نفسه, ج 2, ص 459.

(36)أبو سليمان أيوب بن إسماعيل: هو شيخ أبي يعقوب يوسف الوارجلاني وقد رثاه بعد وفاته بقصيدته البائية المشهورة. (من الطبقة الحادية عشر 500 ـ 550).

(37)أبو صالح الياجراني من الطبقة الثامنة ( 350 ـ 400هـ).

(38)لقد زرت هذا الغار ولا يزال إلى حدّ الآن في آجلو «بلدة اعمر» وهو على شكل سراديب ينزل إليها الإنسان مقسمة إلى غرف من صنع الإنسان، يحيط بها كثبان من الرمال من جميع الجهات حيث قبر الشيخ ويزار الآن باسم سيدي السائح لكثرة تجواله كما مرّ في تعريفه.

(39)بكلي عبد الرحمن, مقدمة طبقات الدرجيني, ج1, ص : د.

(40)مقرين بن محمد البغطوري, سير نفوسة, مخطوط, ص 6.

(41)أبو سليمان داود بن أبي يوسف (ت 462هـ)

وإن كان الشماخي يرى أنّ أبا محمد ماكسن هو الذي ينتقل بحلقته إلى أبي سليمان انظر الشماخي ـ سير، ص 418 . الدرجيني, ج 2, ص 437.

(42)هو أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني «السدراتي»(500 ـ 570هـ).

(43)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 492.

(44)البرادي, الجواهر, ص 216.

(45)م. س, ص 212.

(46)د. عمرو خليفة النامي, ملامح عن الحركة العلمية بوارجلان, محاضرة ملتقى 1977, ص 8.

(47)البرادي, الجواهر, ص 209 ـ 213.

أبو زكرياء، السيرة, ص 255.

(48)ينظر: أبو زكرياء, السيرة, ص 223.

(49)د. عمرو خليفة النامي، محاضرة: ملامح عن الحركة العلمية, ص 11.

(50)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 417.

(51)هذا ما فعله الشيخ أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عيسى العباسي (من الطبقة الثانية عشرة 550 ـ 600هـ) مع أحد تلاميذه.

ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 508.

(52)الشماخي, سير, ص 412.

(53)أبو زكرياء, السير, ص 360.

(54)م . ن, ص 363

(55)الدرجيني, طبقات, ص 442/الشماخي, سير, ص 423.

(56)ويرى ليفتسكي أن تعلم أبي العباس على أبي الربيع من باب الاحتمال.

T. LEWICKI, LES HISTORIENS... P. 21

(57)ينظر تفصيل ذلك عند: الدرجيني، طبقات ج 2, ص 444.

(58)الدرجيني، م، س, ص 445.

نشر كتاب أبي مسألة في زنجبار سنة 1318هـ وقد حشّاه محمد اطفيش.

ينظر:

T.LEWICKI,Les Historiens.22.

(59)توجد منه نسختان في جربة, الأولى في المكتبة البارونية والثانية في مكتبة البعطور. والغ.

ينظر:

A.K.ENNAMI, A description of new Ibadi manuscripts from north Africa. Journal of semetic studies vol. 15 No 1, spring 1970. P.73.(extrct)

(60) Ibid,P.74

(61)حقق الجزأين الأولين منه طالبان بمعهد الحياة بالقرارة، في إطار بحث التخرج، الثالث لا يزال طور التحقيق من قبل طالب ثالث في الإطار نفسه.

(62)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 444.

(63)كان في عداد المفقودات وبعد البحث وجدت نسخة مخطوطة في المكتبة المغمورة لآل الفقيه بوارجلان ترجع إلى سنة أربع وسبعين وتسعمائة لهجرة النبي عليه السلام.(974هـ/1566م)

(64)يذكرهما ليفتسكي بالتتابع وهذا يعني أنّ كتاب الأموات مضمونه غير كتاب الجنائز كما يظن البعض.

نشر المقال في دورية الحياة، العدد: 11، 1428هـ/2007م، ص141-160

المصدر موقع التراث 

الحياة العلمية بمزاب

  • الحياة العلمية والثقافية بمزاب

    Icon 09الحياة العلمية في وادي مزاب عبر التاريخ النهضة الفكرية الحلقات العلمية وتأثيرها في المجتمعاعتاد بنو مزاب أن لا يخلو موطنهم من كبار العلماء....

    اقرأ المزيد
  • التّعليم في وادي مزاب عبر التاريخ

    Icon 09احصائيات العهد الرابع للتّعليم الحر الإسلامي المحاضر ودور العلم والمدارس القرآنية والتعليم الرسمي الفرنسي ومدارس الآباء البيض.
    التعليم في الفترة الثانية من 1882م إلى 1912م
    التّعليم في الفترة الثالثة من 1912م إلى 1947م
    التّعليم في الفترة الأخيرة  من 1947م إلى 1962م....
    ..


    اقرأ المزيد

  • شخصيات مزابـــــــــية

    Icon 09علماء ومشايخ الإباضية بمزاب
    أسماء تلاميذ القطب
    مشاهير الشخصيات في مزاب عبر التاريخ
    ألبوم صور أعلام وشخصيات بني مزاب..
    ..

    اقرأ المزيد

  • نساء خالدات من مـــــــــزاب

    Icon 09ابن عبد الله مامة بنت علي مامة بنت سليمان تنعزامت نوغلان ومواقفها البطولية
    بافضل شريفة بنت محمد
    السيِّدة بافضل فاطمة الزهراء
    عبد العزيز مريم بنت
    عبد العزيز عائشة بنت عمر نوح ..
    .....

    اقرأ المزيد

  • من سجل الخالديـــــــــــــن

    Icon 09نبذة عن حياة الشيخ بابا السعد وعصره
    أبو مهدي عيسى بن إسماعيل بن موسى
    الشيخ امحمد بن يوسف اطفـيَّش قطب الأَيمـَّة
    الشيخ عبد العزيز الثميني
    الشيخ محمد بن علي دبوز
    الشيخ محمد البرياني
    الشيخ بالحاج قشار
    الشيخ محمد بن عمر داودي.....

    اقرأ المزيد

  • شخصيات من العهد الرّابع

    c 7من 1882م إلى 1962م
    قطب الأئمّة الشّيخ طْفَيَّشْ، نامّه بنت سليمان بَابَّازْ، حَمُّودْ رمضان، عائشة بنت عمر نوح، عبد الله بن الحاج صالح البليدي بوكامل، الحاج سليمان باعامر، الشّيخ أبو إسحاق طْفَيَّشْ، الشّيخ أبو اليقظان، الشّاعر مفدي زكرياء  الشيخ، الشّيخ إبراهيم مَطْيَازْ، الفرقد سليمان بوجناح، الشّيخ إبراهيم  بَيُّوض، الشّيخ محمّد بن علي دبّوز، الشّيخ عبد الرّحمن باكلّي، الشاعر صالح بن الخرفي...

    اقرأ المزيد

  • بعض المؤسسات الاجتماعية و الثقافية مدارس ومعاهد

    c 7

    بعض المؤسسات الاجتماعية والثقافية 
    معهد عمي سعيد  
    معهدالإصلاح
    معهدالحياة 
    مدرسةالنهضة تَجْنِينْتْ 
    مدرسة النور 
    مدرسة الفتح...

    اقرأ المزيد

 

ندوة الحركة العلمية في وادي مزاب

دعمرلقمان أ مصطفى شرفي

 

 

 

محاضرة أسطنبول حول المخطوطات الفلكية في وادي مزاب

مداخلة عن المخطوطات العلمية والعلوم العقلية في وادي مزاب من خلال خزينة آل اشقبقب

الخلاف في إخراج زكاة الفطر طعاما أو نقدا

الأصل في تحديد زكاة الفطر أنها صاع من الطعام

ووزن ما يوضع في الصاع يكون حسب ثقل ذلك الطعام الذي يوضع فيه

والقيمة ستكون بناء على قيمة ذلك الطعام في السوق وحسب ذلك الوزن

فصاع مثلا من السميد المتوسط (نوعية وسعرا في السوق) سيزن حوالي 2 كيلو و 250 غراما

فانظر سعر ذلك النوع من السميد واضربه في ذلك الوزن لتعرف القيمة بالتقريب

والوزن سيختلف طبعا إن كنت أردت إخراج التمر مثلا

فوزن صاع من السميد لا يساوي نفس وزن صاع من النوعية الفلانية للتمر

وكذلك السعر يختلف

فلذلك تحمل أيها الفرد مسؤوليتك في تحديد القيمة

فأنت إنسان تشتري حاجياتك دائما وتعرف مجريات السوق وبإمكانك التقدير والتحري بنفسك

لا أقول هذا للتشكيك في من يخرج القيمة، فهو قول قال به من قال من أهل العلم جزاهم الله خيرا

فلا يعتب من يخرج القيمة على من يخرج الطعام (السميد والتمر مثلا)

ولا يعتب من يخرج الطعام على من يخرج القيمة

بل لنترفع ولنتقبل الاختلاف ولنتسامح

وعلى الفقهاء في المنابر بعد بيان الراجح لديهم في أي مسألة فقهية أن يبينوا للناس أن تلك المسألة اجتهادية ويسع فيها الاختلاف ولا يجوز فيها أي تعامل يدل وكأن ذلك المختلف قد وقع في إثم وضلالة...

وويل لمن أفتى على المنابر بصورة تجعل الناس يخرجون من عنده ناقمين على من يعمل بفتوى أخرى خلاف الفتوى التي سمعوها منه .. اتقوا الله في أنفسكم وفي من يعمل بخطبكم وفتاواكم...

هذه المسألة نموذج، وغيرها كثير...

لن نقضي على الاختلاف مهما حاولنا

ولن نوقف عجلة الاجتهاد في المسائل الظنية مهما حاولنا

وغبي من يتوهم أن وحدة الأمة إنما هي بوحدتهم في المسائل الاجتهادية التفصيلة .. بل ننصحه أن يقرأ شذرات من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم..

وتأبى حكمة الله تعالى إلا أن تبقى تلك التفاصيل متجددة مع الإنسان والزمان والمكان..

وعذرا..

هيا قم واهتم بزكاتك وزكاة من يلزمك شرعا، ولا تشوش عليك هذه التفاصيل عن الاشتغال بالسعي إلى أداء هذه الشعيرة الطيبة..

لنتسامح فيما بيننا ونتقبل الاختلاف....

فتلك مسائل إجتهادية يسع فيها الإختلاف

فالوحدة ليست في المسائل الفرعية الظنية 

 

‎عبدالله الحكيم‎

الخلافة الراشدة أيام الدولة الرستمية

المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية

المغرب في عهد الدولة الرستمية يحظى بعهد الخلفاء الراشدين، ويتمتع من أئمته بما كان يتمتع به المسلمون في عهد الفاروق وخلفاء الرسول عليه السلام، ومع هذا العدل والديمقراطية الكاملة، والتمسك بالدين كل التمسك وجعله دستورا للدولة الرستمية لا تحيد عن طريقه في شاردة ولا واردة، الحضارة العظمى، والمدنية الراقية، وامتياز المغرب في ظل الإمامة الإسلامية بكل ما امتاز به العباسيون من حضارة ومدنية وعمران. سيريك المغرب المتحضر القوي السعيد في ظل الدولة الرستمية أن عهد الخلفاء الراشدين وسياستهم وعدلهم وتمسكهم كل التمسك بالدين هو الذي يليق بالأمم المتحضرة، والشعوب الحية، ويساير الزمان، ويليق في كل عصر، وليس كما قال الجهلة الملحدون الذين يمشون في ركاب المستبدين، ويتأثرون بكتبهم، ويرددون ترهات المستشرقين المغرضين؛ يريك المغرب كذب ما قاله الجهلة الملحدون من أن سلوك الخلفاء الراشدين وعدلهم، وتمسكهم في السياسة بالدين، وبما أمر الله، شيء لا يمكن إلا في زمانهم، ولا يليق إلا لعصرهم، وانه لم يتجدد ولم يكن في امة وفي دولة بعد دولتهم وأيامهم!

إن المغرب قد جدد عهد الخلفاء الراشدين في ربوعه، لتمسكه بالإمامة الإسلامية، وإنشائه لدوله العادلة التي جعلت الدين دستورها، وهدي الخلفاء الراشدين هديها؛ وتحقيق ما سكب الدم الغزير من اجله، وما قضي عليه الأمويون والعباسيون في المشرق.

إن الدولة الرستمية التي تقوم على الإمامة الإسلامية هي أول دولة جزائرية إسلامية نشأت في المغرب الأوسط فبسطت جناحها الحنون وأشعتها الجميلة إلى المغرب الأدنى فوحدت اغلب المغرب، ودخل بها في أعراسه وأعياده وعهود قوته! إنها دولة خلعت ظلم العباسيين واستبدادهم، وتمسكت بالإمامة الإسلامية، وأذاقت المغرب حلاوة عدلها، ونعمة تمسك الدولة في السياسة بالدين، فاتجهت إليها الأنظار، فثارت ثائرة المستبدين فرفعوا المعاول عليها، وبسطوا السنة السوء والبهتان فيها، فشوهوا صفحاتها الغراء في التاريخ، وظلوا عشرة قرون كاملة، وكتب التاريخ، والسنة العباسيين، والعبيديين، وكل من يتمسك بالملكية المطلقة المستبدة، ويكره الإمامة الإسلامية العادلة، تكيل لها ما يسود صفحتها، ويثني بأعنة المغرب والمشرق عنها، لكي لا يروا في صفحاتها الغراء جمال الإمامة الإسلامية فيعاودهم الحنين إليها، فيقضون على عروسهم واستبدادهم، ويحيون الإمامة الإسلامية التي أسعدت أجدادهم.

لقد كان جو المغرب الكبير مغبرا بالملكية المطلقة، وبالاستعمار الذي يؤكد مزاعمها في دولنا المغربية الزاهرة، فها هو قد تخلص من الملكية المطلقة، وأوتي رؤساء مثقفين، دستوريين، مخلصين لبلادهم، غيورين على تاريخهم، فتكون في مغربنا الكبير الجو الضاحي الصافي لإبراز تاريخنا مصفى من أكداره، ليكون سبب بناء ومحبة، فيكون أبناء المغرب في حاضرهم كما كانوا في ماضيهم، مع بعضهم بعضا، ومع الأمة الإسلامية كلها، إخوة متعانقين متحابين، متساندين، يرضى عنهم الله، وتهابهم كل الدنيا وتحبهم!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 102-103

الدولة الرستمية

مختلف الإمامات الإباضية (الدولة الرستمية)

  • نشأة الدولة الإسلامية

    image1

    كان الإسلام قد غرس حب العدل في القلوب، والغرام بالمساواة في النفوس، والتعليق بالديمقراطية؛ فكان من مآثر الدين الحنيف عند المسلمين قضاؤه على ظلم الجاهلية واستبدادها، وعلى غطرسة الملوك، وتجبر الأمراء، وحيف الرؤساء؛ وأشاع العدل الذي يتولد به الاتحاد والإخاء، والديمقراطية والمساواة التي هي أساس المحبة والرخاءوكان الإسلام قد فرض في رئاسة الدولة أن لا يتقدم إليها إلا من يرتضيه المسلمون لدينه واستقامته، وورعه وإخلاصه، وكفاءته العقلية والخلقية، ويقدمونه هم لرئاستهم، بدون أن يتخطى الرقاب إليها و...


    اقرأ المزيد

  • أول دخول الإباضية في إفريقيا

    image2ن الذي بث الدعوة وقام بنشر المذهب الأباضي بالمغرب الكبير هو سلمة بن سعد قال الشيخ يحيى علي يحيى امعمر النفوسي في كتابه الاباضية في موكب التاريخ في الحلقة الثانية...


    اقرأ المزيد
  • الدولة الرستمية

    image3

    إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها
    المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية
    دولة الإباضية  لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء
    استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين
    حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية
    الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية
    تمتع اليهود والنصارى بحقوقهم كاملة في الدولة الرستمية وعدلها فيهم
    اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها...

    اقرأ المزيد

  • آثار الدولة الرستمية

    image1

    مسجد الإمام أفلح
    مقام الإمام يعقوب
    بقايا الحمامات بتاكدمت.
    ..


    اقرأ المزيد


 

 

 

 

 

الدولة الرستمية

الدولة الرستمية

image3

إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها
المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية
دولة الإباضية : لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء
استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين
زهد عبد الرحمن بن رستم في المادة وتقشفه في عيشه
حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية
الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية
تضحية كل الطبقات في الدولة الرستمية واعتمادهم على أنفسهم في بناء وتجهيز نواحيهم
تمتع اليهود والنصارى بحقوقهم كاملة في الدولة الرستمية وعدلها فيهم
اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها
سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها
إقبال الإمام على الدرس والتدريس لقلة مشاكل الدولة لاستقرارها

السيدة عائشة دادي عدون

السيدة عائشة دادي عدون من نساء بريان المتعلمات و المثقفات اللائي ساهمن في توعية الوسط النسوي في فترة ما قبل الاستقلال وبعده، وهذه نبذة مختصرة.
Icon 07

نبذة مختصرة عن حياة السيدة عائشة دادي عدون

هي من مواليد 18 سبتمبر 1930 في بولوغين (سانت أوجان سابقا ) ، الجزائر. ابوها محمد ، و امها حليمة .
عاشت طفولة فتاة موهوبة ، عنيدة ولكنها كانت طفولة سعيدة.
كان والدها ، محمد بن سعيد دادي عدون ، وهو مزابي من بريان ، رغم تواجده بالعاصمة لم ينس ابناءه في منطقة الاصول حيث كان بعرفهم بمزاب في سن مبكرة للغاية ، ونتيجة لذلك ، أصبحت عائشة ومزاب كيان واحد. على مر السنين ، تزوجت وعاشت في المغرب مع زوجها وثلاث بنات ، شيرهان وحسنة وصريا.
بعد طلاقها، ساندها، والداها ، على مواصلة دراستها، وتربية بناتها الثلاث. اختارت الدراسة في إنجلترا لتصبح قابلة .
بعد الحصول على شهادتها كقابلة ، عادت إلى الجزائر لخدمة بلدها ، أولاً في الجزائر العاصمة ، ثم إنتقلت إلى بريان، ولاية غرداية ، كلها قوة و إرادة و عزم ، فأسست أول مركز للأمومة لتوعية النساء على رعاية أطفالهن في مستشفى بريان الصغير، آنذاك ، أين كانت تشتغل على حثهن مراقبة الحمل ، لأن نسبة وفيات الأطفال في ذلك الوقت ، 1965 ، كانت عالية جدا. .
كتبت عدة مقالات في السبعينات منها "علم الاجتماع وتاريخ الإباضية الجزائريين.
التقت مع العديد من مشائخ مزاب و جالستهم في تصحيح بعد المفاهيم و التثبت منها في تأليف كتابها وهو عبارة عن دراسة سوسيولوجية عن الحياة الإجتماعية للمرآة المزابية . طبع سنة 1977م حول المجتمع المزابي وركزت فيه الباحثة على المرأة الميزابية خصوصا.
علاوة على ذلك كانت تنشط في المجال السياسي ، حيث انتخبت في المجلس البلدي و الولائي بالاغواط،
ترشحت في الانتخابات البلدية، في الخامس والعشرين ماي من سنة 1969 ، وفازت فيها، فأصبحت عضوا في المجلس الشعبي البلدي، ودافعت عن حقوق المواطنين، لاسيما سنوات سياسة الثورة الزراعية التي سلبت اراضي مالكيها .
و قد غادرت بلدتها بريان عام 1974 ، و كلها اسف لظروف ، و سافرت إلى سويسرا لتستقر بجنيف بشكل نهائي.
امتهنت الكتابة وعشقت السفر ، و شدها الحنين إلى مزاب و هي بعيدة عنه.ترمقه من بعيد بروحها و ذكرياتها.
مما قالت، "إن العالم الحالي معقد للغاية، مادي ومهدر، بينما يمكن للمرء أن يعيش حياة بسيطة وذات مغزى وأكثر إثارة للاهتمام..."
و لما بلغت الستين من عمرها ، التحقت بجامعة جان مولين الثالثة لإعداد أطروحة الدكتوراه ، تحت عنوان "سلطنة عمان الإباضية" إلى ان تحصلت عليها بدرجة "مشرف جدا"
كانت عائشة دادي عدون امرأة استثنائية، بنشاطها الفكري و التوعوي ،
توفيت بجونيف في 21 أغسطس 2016 عن عمر ناهز 86. هي الآن ترقد بسلام في ساحة للمسلمين في مقبرة في جنيف ,مزيج من تربة مزاب , عمان و سويسرا, كان ذلك ما أوصت به.
منقول بتصرف عن احدى حفيداتها
حسناء قلوش.

 

هذا نموذج من كتابتها :

Sociologie et histoire des algériens ibadites

A ma treizième année, maman me dit un jour que mon père ne voulait plus que j’aille à l’école, que toute ma famille était contre mon éducation secondaire, que je savais lire et écrire c’était suffisant. Donc je devais porter le voile, et n’avoir plus de contact extérieur, qu’on allait très certainement me marier. Mais voilà savoir lire, c’est allumer une lampe dans l’esprit, relâcher l’âme de sa prison, ouvrir une porte sur l’univers. Très ferme dans la foi religieuse, je saurai convaincre les septiques qu’on peut garder le coran comme règle de morale sans se dérober à la vie de son temps. Donc je m’étais décidée a préparer un diplôme d’infirmière ;

En entrant pour la première fois au Royal Collège des sage-femmes, j’avais eu le sentiment de commencer une aventure héroïque, sure d’être marquée par un signe, je me sentais digne de cette expérience médicale, qui au terme de mes études me permettrait d’être libre, et de libérer d’autres femmes.

Déjà huit heures, « il faudrait que je parte à l’hôpital », me dis-je, et pour cela traverser la ville. Juste après avoir dépassé notre maison, un homme entre deux ages, qui me connaissait étant enfant me dit :

« Tu es la fille de Hadj Mohamed, la sage-femme, tu te plairas ici chez toi », l’accueil était cordial.

J’avançais très droite, regardant devant moi, sans m’occuper de ce qui pouvait se passer à ma droite ou à ma gauche. Une porte est ouverte, mais il faudra les forcer l’une après l’autre ; pour l’instant des visages gênés, des bouches serres, des fronts anxieux, des attitudes retenus. Il va falloir tous leur apprendre, pourrais-je réussir du même coup, à ouvrir le cœur des gents.

Mon cœur va et vient d’un bout à l’autre de ma poitrine, comme une navette de tisserand, il tisse le temps que je dois passer au Mzab. Dieu merci je crois être capable de trouver en moi des sources de bonheur, car après tout ce sont les miens, je pourrais me faire adopter par eux, pourquoi pas ? Puisque moi qui ai suivi une destinée toute différente, qui ai choisi un mode de vie révolutionnaire pour eux je les comprends.

Qu’est ce que l’indépendance ? C’est d’avoir maintenant une conscience Algérienne de prendre de courageux efforts, de prendre en main sa propre destinée et a entrer de plains pieds dans la réalité aujourd’hui sans rien renier de ses vertus traditionnelles.

« On peut enlever un enfant du Mzab, mais pas ôter le Mzab d’un enfant ».

Aicha Daddi Addoun- Sociologie et Histoire des Algériens Ibadites .

 

منقول Youcef Lassakeur

الشعر إِزَلْوَانْ موضوعاته وخصائصه

الشعر إِزَلْوَانْ موضوعاته وخصائصه

c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

إن هذا العنصر بالذات يحتاج إلى كثير من البحث والعناية، فالشعر المزابي شفويٌ جميعه، وبعضه محفوظ عند الكبار أو المسنين، لكن جمعه وتدوينه لم يعرف تطورًا كبيرًا، وما جمع لم يعرف طريقه إلى المطابع إلا في مبادرتين طيبتين؛ الأولى للأستاذ عبد الوهاب حمو فخار، أستاذ الأدب المزابي بمعهد الإصلاح بغرداية، والثانية للأستاذ صالح عمر ترشين أستاذ الأدب المزابي بالمدرسة الجابرية ببني يزجن، ويسمى ديوان الأول:"إمطَاون نَلفَرْحْ" دموع الفرح، في حين يسمى ديوان الثاني:"أُلِي نُو" قلبيونذكر شيئا عن ديوان "إمطَاون نَلفَرْحْ"، إذ يُعدُ أول تجربة شعرية مطبوعة بالمزابية، يحوي الاجتماعيات والتاريخ والطبيعيات والمناسبات، والديوان جميعه في الوجدانيات تقريبا، وهو مفعم بشعر الطبيعة، والحنين إلى الماضي البهيج، يسبح في جو الواحة الأخّاذ، ويسجل الذكريات، إليكم بعض الأبيات بالمزابية، والتعليق القريب منها بالعربية.

وهذه الأبيات من قصيده(1) "نَشِ مْعَ وَكْبُورْ" أي: أنا مع العتيق(2) وهي في يوميات المزابي بالواحة:

نَشِ مْعَ وَكْبُورْ، نَشِ مْعَ إِنَايْ،  

أنا مع العتيق، أنا مع الجديد،

إِنَايْ ڤاعْ تَخْسَمْ يَسْبَايِ أَكْبُورْ نَتَا دْوَسَانَسْ

الجديد كلكم يحبه أخذ مني القديم وأيامه.

نَشِ مْعَ تْمَالَفْتْ تَطَفْ تِغَدْوِينْ

أنا مع الخشبة (جدع النخلة) تمسك الجريد

تِزِيتْ إِ بُوعُودْ يَبِيتْ يُوجَلْفَسْ

)وهي تحمل السقف(السعفة أخذها العصور لعشه

طَشَ تْدِي، تْبَطَانْتْ اتْسَتِي

مشط المنسج يُدق، والقربة تقطر

أَنَفْدُ سْ وَغْلاَدْ يَتْفُوحَا كَدْرَانَسْ

الصيف من الشارع يشم قطرانه

نَشِ مْعَ تْسِيرَا، دْوُ نِير إِتِيرَا

أنا مع الرحى الحجرية، ومصباح الزيت للكتابة

دْوَ كْمَاشْ تِسَفْرِي تَالْسَنْ أَلاَوَسْ(3)

والتدفي في حجرة الجلوس يحكي فأله الحسن

ڤَاهْوَا سْ إِضْلاَ، تِرْضُونِينْ نُ فَا

القهوة بحطب الوادي، خبز الطاجين الطيني

مْعَ وْغِ نْ تْغَاطْ إِتْوَزَجْ سْ إِفَانَسْ

مع حليب المعزاة محلوب من أثدائها.

نَشِ مْعَ تْزِيرِي دِتْرَانْ أَجَنَا

أنا مع القمر والنجوم في السماء

تَجَرَارَتْ تَسْلِوْلِيوْ تَالَسْ وَسَانَسْ

بكرة البئر تزغرد وهي تحكي أيامها.

نَشِ مْعَ وَمَانْ فَاضَنْ أَسْ تَرْجَا

أنا مع الماء يتدفق من جوانب الساقية

دُو احَاوَلْ يَغْمِيدْ ڤاعْ سِيدِيسَانَسْ

والعشب الأخضر نابت من حولها

تَحَجَامْتْ تْكُسَ، سْ وَمْدُونْ تْنَقَا

الحمامة تهدل، من الحوض تلتقط

تِزْنِينْ أَسُوضَانْ يُوكَرَازْ سُ ارَانَسْ

الحب الذي سقط للفلاح من راحتيه

نَشِ مْعَ وَرْنَانْ دَ الْعَايْدِي إِتْزَڤَانْ

أنا مع الدرس بعد الحصاد والأهازيج تدوي

أَغْيُولْ إِتَنَضْ الصَابَتْ فِ دَارْنَسْ...

الحمار يدور والحبوب تحت قدميه

يتعلق الشعر المزابي بالبيئة الصحراوية أيما تعلق، فهو جزء لا يتجزأ عنها، بل هو يستمد روحه وانطلاقته منها، فلا تكاد تجد قصيدة شعرية بالمزابية تخلو من أثر البيئة أو لا تشيد بها، في أبيات قلت أو كثرت..

كما نشير إلى أن هناك طائفة من الفنانين من أدى بعض قصائد هذا الديوان، ومن هؤلاء: يونس فرصوص، داودي عمر، عمر بوسعدة.. وآخرين، وكلهم مزابيون، وبعضها يؤدى في مناسبات الأفراح المختلفة. وللأطفال أيضا نصيب في الشعر، وهي أناشيد من إنشائهم الخاصنجد منها على سبيل المثال: "بُوغَنْجَةْ"(4) ، وهي دمية تصنعها الفتيات الصغيرات، ويلبسنها زينة متنوعة، ويطفن بها شوارع البلدة يزرن العجائز والأطفال المعاقين في منازلهم ليُروا تلك الدمية، ويطلبوا منهم الدعاء لنزول الغيث، وهنّ يطفن بشوارع البلدة، يلتحق بهن جموع الأطفال وهم يردودن أهازيج ودعوات لنزول المطر، ومنها خاصة مع بداية سقوط الرذاذ الخفيف قولهم:

"اقْوَى اقْوَى أَ تَجْنِيوْتْ، أَمَسَوَغْ  تَارْظُونْتْ"

وهي بالعربية:" اشتدي اشتدي يا مطرة، أصنع لك خبزة"(5) .

ويذكر الشيخ القرادي -رحمه الله- بأن هذه المناسبات التي يحييها الأطفال كانت تقع في المولد النبوي الشريف، وفي عاشوراء، "..وكان تلاميذ المحاضر يتجولون في البلدة يتتبعون الدور واحدة بعد أخرى ينشدون نشيدًا باللغة الدَارِجة، وكل ما يجمعونه يأتون به إلى المحضرة ليوزع على جميع الأولاد، فالزرع يُصنع خبزًا، والدَراهم تُشترى خبزا من الحانوت، أما الشعير فيُخلط بالبُرِ ويُصنع طعاما، أما البيضُ فيُقَسَمُ على المعلمين، وقد تعطي لهم بعض العائلات قصبًا يقطعون منه الأقلام، وهذه العادة كانت تتكرر في عيد الأضحى كذلك، ولكن نشيدها بَربَرِي(6) ، وهذه الجولات تُشيع المرح والفرح في تلاميذ المحاضر، ويستمر الخبز يوزع عليهم أكثر من شهرين" (7)..

 

------------------------

(1) عبد الوهاب حمو فخار، إِمَطَاوَنْ نَلْفَرْحْ  دموع الفرح ، المطبعة العربية غرداية، 1984، ص 236-239، ط 1.

(2) أي: أنا مع ذكريات الزمن الجميل، مع التقاليد المحلية البديعة، هذه التي صارالحنين إليها يزداد ويتضاعف مع مرور الوقت.

(3) هو الحصة أو النصيب، وهو أيضا تسلية عائلية أصلها من "الفَال الحسن" الذيهو مستحب، بعكس التطير الذي هو منهي عنه.

(4) بعض المناطق الأمازيغية الأصل واللسان في الجزائر ما تزال تحيي هذه التظاهرةالخاصة بالأطفال.

(5) هذا الخبز تصنعه الأمهات في المنزل ويوزعه الأطفال على بعضهم كالصدقةوالمعروف..

(6) للأسف لم أتوصَل بعد إلى نصِ النشيد.

(7) الشيخ القرادي، رسالة في بعض عادات 

 

المصدر : مجلة آفاق علمية؛ دورية نصف سنوية محكّمة / المركز الجامعي لتامنغست – الجزائر مقال الأدب المزابي وعلاقته بالبيئة الصّحراوية

الصّناعة 03

c 7

الصّناعة في العهد الثّالث من تاريخ وادي مزاب

 

الحياة الاقتصادية العهد الثّالث 

فخار فرش ألبسة ذهب و فضّة

 

الصّناعة:

من الصّناعات السّائدة بمزاب، صناعة مواد البناء من جير وجبس، كانت تصنع لها أفران مبنية من حجارة وطين أحمر مستدير الشّكل، وصناعة أخشاب النّخيل للتّسقيف، وخشب بعض الأشجار لصنع بكرات النّزح وحاملاتها و أدوات النّسيج وأواني المطبخ.

يتّخذ المزابيون من جذوع نخيلهم عوارض للتّسقيف، وأخشابا لصنع الأبواب، مكاييل للتّجارة، مهاريس لطحن الحبوب، وأواني مختلفة. ويتّخذون من جريدها ستائر وسقوفا. ويصنع من أوراقها و أليافها حصائر وحبال وأقفاف وأطباق وكسكسات ودلاء ومظلاّت ومراوح.

من أشهر الحرف، بناء المساكن وحفر الآبار ومد السّواقي وبناء الأحواض، أمّا الحدّاد فيصنع آلات الفلاحة وأدوات البناء والغزل والنّسيج.

ومن أهمّ الصّناعات دباغة الجلود لصناعة الدّلاء، وصناعة الفخّار لصناعة الأكواب و الأباريق والقلل و الخابيات. يصنع كلّ ذلك من طين خاص ثمّ يوضع في أفران خاصّة به.

هذه الأفران وجدت بكلّ من مليكة والقرارة وكانت تنتج فخارا عاديا وفخارا مطليا.

 

يصنع من الفخّار العادي:

 

أ- الجرار المبرنقة من الدّاخل أو بدون برنق، منها:

1- الخابية بغطائها وبدون مقبض، سعتها حوالي خمسين لترا لخزن التّمر أو الماء.

2- أَغَلُّوسْ له مقبضان، سعته بين ثلاثة وعشرين لترا، يخزن فيه التّمر أو الماء أوالشّحم المذوّب أو السّمن أو الحليب.

3- تَاقَصْرِيتْ بدون مقبض يستعمل لترطيب نوى التّمر للمعز.

4- تَاقَدُّوحْتْ بغطاء وبدون مقبض لخزن المؤن.

 

ب- أواني السوائل:

1- الإبريق سعته حوالي لترين.

2- القلّة لها مقبضان سعتها ثلاثة لترات.

3- أَقَدُّحْ يسع لترا إلى لترين من اللّبن.

4- تَاقَدُّوحْتْ بمقبضين تسع من نصف لتر إلى ثلاثة أرباع اللّتر من الحليب.

5- أَجَدُّو بمقبض واحد يستعمل للشّرب.

6- المحبس بمقبضين صغيرين لجمع المياه القذرة، حوالي أربعة لترات.

 

جـ- المكاييل:

النقاصة بمقبض أو مقبصين لكيل السّمن و الزّيت، سعتها لتر واحد تقريبا، مثلها نصف النقاصة وربع النقاصة. تحمل كلّ منها معلما يبيّن الكيل وعلامة ضبطه من طرف حلقة العزّابة بمسجد البلدة.

 

د- الأكواب:

1- تَاغَلُّوسْتْ هي الصّحن.

2- تَاغَدَّارْتْ أي الجفنة.

3- تَابْخُورتْ أي المبخرة.

4- نِيرْ أي القنديل.

 

هـ- مصنوعات أخرى:

1- تَادْوَاتْ أي المحبرة.

2- سُوفيرْأي الميزاب.

3- قادُوسْ أي الأنبوب.

 

ويصنع من الفخّار المطلي بالأخضر:

 

أ- أوانيالسّوائل:

1- تَابَغْبَغْتْ سعتها لتر ونصف، تعلّق في غرفة العروس للشّرب.

2- لَبِرِيكْ نُوفُوسْ: إبريق سعته لتر واحد ونصف، للعروس كذلك.

3- أَجَدُّو وتَاجَدِّيوْتْ للشّرب.

4- تَاقَصْرِيتْ أو تِيمَحْبَسْتْ بمقبضين سعتها من لتر إلى ثلاثة توضع تحت تْجَاوْتْ لاستقبال قطرات الماء الراشحة. و تْجَاوْتْ دلو من جلد المعز تحيط به أهداب من القرنفل، يعلّق لتبريد ماء الشّرب بالتبخّر

5- أقَدُّوحْ و تَاقَدُّوحْتْ لوضع الزّيت والسّمن واللّبن

 

ب- الأكواب:

1- تَاغَلُّوسْتْ أي الصّحن.

2- تَاغَدَّارْتْ أي الجفنة.

3- المَتْردْ وهو صحن ذو قاعدة عالية ارتفاعه حوالي خمسة عشر ستنيمترا.

 

 

المنتوجات النسيجية:

في صناعة الغزل و النّسيج كانت النّساء ينتجن الحياك والأكسية للنّساء، والعباءات والبرانس للرّجال، والفرش المتنوّعة، والمناديل للف أواني الطّعام ونقل الخضر.

 

الأفرشة:

بالنسبة للفرش، فإنّه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع:

أ- الفرش ذات النسيج العالي، التي تصنع من صوف غير مصبوغة، ويسّمى الواحد منها تْنَاشْرَا.

ب- الفرش المستوية الثقيلة التي تعرف الآن بزربية بني يزقن، تشتمل على عدد من الرموز التقليدية،وقد تزيّن بحاشية على كلا الجانبين.

جـ- لَحْنَابَلْ: جمع حَنْبَلْ، وهي سلسلة من أشرطة مختلفة الألوان.

 

الألبسة:

أمّا بالنسبة للألبسة فنجد من بينها:

أ- تَجَرْبِيتْ: وهي ملحفة صوفية بيضاء مزينة ببعض الأشرطة الملونة.

ب- الشال المطروز: يختلف طرزه من بلدة إلى أخرى.

يصنع الشال (أَخَمْرِي بالمزابية) من الصّوف ويصبغ بالأسود، ثمّ يطرز بالحرير الأحمر والأخضر و الأصفر والبرتقالي. حسب الأشكال المطروزة عليه نحصل على خمري مخبل أو خمري الناصية.

هذه الأشكال تسمّى:

- البزيمة أو الشمسية.

- تِسَغْنَسْتْ أو الريشة أو تَكَمْبُشْتْ.

- إِدْلاَلَنْ أي الأهداب.

- إِتْرَانْ أي النّجوم.

- إِبَوَنْ أي الفول.

- إِكُومَارْ أي الأقواس.

- تِمْشَرْفِينْ أي الأقراط.

- المجدول.

- تِينَصْرِيفيِنْ أي الدويرات.

- السوالف.

- تِسْلاَتِينْ أي العرائس.

- إِضُوضَانْ أي الأصابع.

 ج- تِشْبَرْتْ نَلَّتْشْ: عباءة من الصوف متعدّدة الألوان، تحمل رموزا معيّنة. كان يرتديها الرجال والأطفال. هذه الرموز تمثّل شرفة، عقربا، ساق دجاجة، مفتاحا، مائدة، شمعدان، شموعا، مشطا، زهورا، يدا، أسنان الفأر، حليا، بالإضافة إلى أشكال تسمى زَقْزَاقْ، إِفْرَانْ، تِكُوكْوِينْ، تِسَغْنَسْتتْنْ بَرْبُورَا، رَقْمَتْ نْتَشْبَرْتْ، زَازَاغْ، تَاسْلَتْ.

 

الحلي:

واختصّ اليهود بصناعة الذّهب و الفضّة.

 

الذّهب :

وفيما يلي عناصر الحلي الذي كانت تتزيّن به المزابية، فمن الذّهب:

- تِسَغْنَاسْ: جمع تِسَغْنَسْتْ لمسك أطراف الملحفة على الكتفين.

- الخاتم.

- أَصْرَا أي العقد.

- الصارمية: قلادة تمسك كلّ طرف من طرفيها تسغنست.

- تِمْشَرْفِينْ أي الأقراط.

- البزيم: لتزين الشّعر.

- تِصَغْدْرِينْ أو لَمْسَايَسْأي الأساور.

- الشَّارْكَا توضع على الجبين.

 

 الفضّة:

أمّا حلي الفضّة فيشتمل على:

- تَمْغِلْتْ وهي نوع من العقد تمسك كلّ طرف من طرفيها تِسَغْنَسْتْ.

- أُزْلاَنْ أي الخلخال.

- تِجُلاَلْ تعلّق في نهاية شعر العروس على ظهرها.

- تِسَغْنَاسْ لمسك الملحفة.

- تِصَغْدْرِينْ أي الأساور.

- الخاتم.

 

البارود:

اشتهر ببنو مزاب بصناعة البارود. وكان لكلّ قرية عدد معتبر من المهاريس الصخرية الكبيرة، لصنع البارود، ويبعه للقوافل. كانوا يستوردون لذلك الكبريت من تونس وليبيا، وملح البارود من الجنوب الغربي. أمّا الفحم فكانوا يحصلون عليه بواسطة شجرة الأثل الموجود بالمنطقة.

 

العشيرة في مزاب

العشيرة في وادي مزاب ماضيا وحاضرا

Icon 07

إنّ الله تبارك و تعالى يعلن بصريح العبارة : { يَا أّيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثَى, وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا, إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ, إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } إنّ أمر الله صريح في الحكمة من جعل أبناء الجنس البشري شعوبا و قبائل لتعافوا, لكنّه نهى و ندّد بدعوى الجاهلية و التعصذب الأعمى للقبيلة, و جعل مقياس التفاضل بين الناس التقوى. 

تعريف العشيرة المزابية

التأصيل الشرعي لنظام العشيرة

نبذة تاريخية عن نظام العشيرة في وادي مزاب

نظام العشيرة حاليا

مجلس العشيرة  

العشيرة في وادي مزاب وحدة تنظيمية اجتماعية ليست وحدة عرقية

عشائر وألقاب بني مزاب

العقيـــــــــــــدة

  • أثر العقيدة في الأنسان

    Icon 09
    إننا نعتقد بوجود أشياء أكثر من ذوات وصفات مدركة بالحواس وغير مدركة، ونجد قلوبنا مطمئنة مما نعتقد به ليس فيها أدنى شك كاعتقادنا بوجود ذواتنا وصفاتنا.ولو جاءنا الناس كلهم أو جلهم يحاولون تشكيكنا فيما نعتقد به لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً.وحتى يستقر فينا العلم هذا الاستقرار الراسخ لابد أن نرى أنه اصبح يوجه كثيراً من تصرفاتنا وأفعالنا، و....

    اقرأ المزيد

    بعض أصول الإباضية التي لها تأثير مباشر على سلوك الفرد في المجتمع وعلى علاقة الإباضية بمخالفيهم:
    - الإيمان يتكوّن من ثلاثة أركان وهي الاعتقاد والإقرار والعمل.
    - الخلود في الجنّة أو النّار أبديّ.
    - الإنسان حرّ في اختياره مكتسب لعمله ليس مجبرا عليه......

    اقرأ المزيد

  • دروس في العقيدة الإسلامية

    Icon 08

    أهمية العقيدة الإسلامية / خصائص العقيدة الإسلامية / معنى الإيمان والإسلام / كلمة التوحيد وفضلها / السؤالات الممتنعة عن الله جل وعلا / الأسماء والصفات / الأنبياء والرسل / الإيمان بسيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم / الإيمان بالكتب المنزلة / الإيمان بالملائكة / علامات الساعة /الموت / حياة البرزخ / الإيمان باليوم الآخر...

    اقرأ المزيد

    الحساب يوم القيامة / الميزان والصراط / الشفاعة / الجنة ونعيمها / النار وجحيمها / الخلود في الجنة أو في النار / القضاء والقدر / الملل الست / الولاية والبراءة الوقوف / مسالك الدين / مكائد الشيطان / التوبة / الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر....

    اقرأ المزيد

  • العقيــدة الحقــة

    Icon 07
    لا ريب أننا نؤمن جميعا أن رحمة الله تعالى واسعة وأنه عز وجل سبقت رحمته غضبه ولكن لمن هذه الرحمة فقد قال سبحانه "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون" أخبر الله سبحانه وتعالى أن هذه الرحمة إنما هي للمتقين ومن هؤلاء المتقون ؟ المتقون وصفهم القران وصفا دقيقا عجيبا عندما ذكر الله سبحانه وتعالى البر وأركانه الاعتقادية والعملية والخلقية ثم أتبع بعد ذلك قوله أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون فهذا يعني...

    اقرأ المزيد
  • العقيــدة الصحيحة و ما يضادها

    Icon 07
    جاء الإسلام بعقائد عن حقيقة المعاد والجزاء ، بحيث تجعل الإنسان معتقداً أن الجزاء العادل هو المصير الذي ينتظر كل مكلف يوم العرض الأكبر الذي تتميز فيه الخلائق بعضها عن بعض وتتقطع الأواصر ويبقى الإنسان مرهوناً بعمله إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر. وحول هذا الموضوع أنقل لك أخي القارئ الكريم هذه القراءات من تفسير الأستاذ سيد قطب...

    اقرأ المزيد
  • مقالات في العقيدة

    Icon 07مقالات في العقيدة
    مداخل الشيطان [ جانب العقيدة]


    مقالات قيد الإدراج:
    مختصر أصول العقيدة الإباضية / الأصول التسعة و بعض المسائل الخلافية / إفتراق الأمة و النجات في طلب الحق / الإخـــلاص روح الــعــبــادة / النيـة الخالصـة  / صفات الله سبحانه وتعالى ( الحياة ، السمع والبصر ، الكلام ) / قوائم و أركان الدين / العقيدة الإسلامية في ضوء العقل والنقل / الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر / مميزات الإباضية / المدخـل العــام إلى دراسة العقيدة الإسلامية / حقيقة الفرقــــة الناجية / بــراءة الإباضيــة / الإيمان زيادةً ونقصاناً  / حكم الصغائر / العلم : فرض كفاية و فرض عين /  الورع عن الحرام / الأسماء والصفات / مناهــج التشريع الإسلامـي عند علماء المسلميــن / تأملات في سورة إبراهيم / النونية- السيف والإيمان في العدل والرضوان / القوانين و السنن الكونية / صمود النص أمام الطوفان الجارف / حادثة الإسراء في النص القرآني / الثبات على المبادئ : الشيخ أبو اليقظان...

  • كتاب الحق الدامغ للشيخ أحمد بن حمد الخليلي

    Icon 07
    فهرس الكتاب: رؤية الله / في مدلول الرؤية لغةً / اختلاف الأمة في إمكان رؤية الله ووقوعها / في أدلة المثبتين / أدلة النافين ، وهي قسمان عقلية ونقلية خلق القرآن / التعريف بالخلق وبالقرآن والتفرقة بين القرآن وسائر الكتب المنزلة وبين الكلام النفسي / اختلاف الأمة في قِدم الكلام أو حدوثه / تضارب أقوال القائلين بقِدم القرآن / أدلة النافين لخلق القرآن / أدلة القائلين بخلق القرآن خلود أهل الكبائر في النار / تعريف الخلود والكبائر / اختلاف الناس في خلود الجنة والنار / أدلة القائلين بانقطاع العذاب / أدلة القائلين بخلود جميع مرتكبي الكبائر في النار...

العمل من مكامن القوة الناعمة في المجتمع المزابي

العمل...من مكامن القوة الناعمة في المجتمع المزابي(01)

Icon 09 المكمن العملي الاقتصادي:

العمل وعمارة الأرض بشتى أفعال الخير والمسارعة إليها والتسابق فيها هي خصلة جلية في الفرد المزابي، فهو متفرغ في صباه وريعان شبابه لتلقي نصيبه من التعليم الرسمي والقرآني، ثم ليلتحق بعد ذلك بعمله الذي سخر له تجارة أو فلاحة أو حرفا أو وظائف. تجد الفرد منقطعا إلى عمله منهمكا فيه متفانيا في أدائه يعطيه جل وقته وجهده. وفي المقابل تجده يمقت الفراغ وتضييع الأوقات جلوسا على طاولات المقاهي أو على أرصفة الشوارع.

لم يأت هذا الأمر كذلك من فراغ، بل هو تراكم جهود الآباء والأجداد الذين غرسوا بذرة حب العمل وقيمته في الأبناء جيلا عن جيل، واقتنعوا أن الدنيا لا تُنال بالتمني وإنما تؤخذ غلابا، وأن النجاح ضريبته التعب والجد والكد.

لعل البيئة الصحراوية الشحيحة الموارد القاسية المناخ، قد ساعدت على تشكل هذا الأمر في الشخصية الميزابية، فعلى الفرد أن يعمل كثيرا لأجل تحصيل القوت الحلال من عرق جبينه. كما أن الفرد الميزابي تعود على الاعتماد على النفس، ونبذ الاتكالية، وانتظار المساعدة من الغير ومن جهات أخرى لتمن عليه بنعمها وخيراتها، فهو يسعى لتحصيل قوته بكد يمينه.

كما أنه معروف بالتقشف في مظاهر حياته عموما، فهو يحسن التصرف في أمواله جمعا وإنفاقا واستثمارا، كما يحسن ترتيب أولوياته في الحياة، ويحسن فرز ضرورياته من كمالياته، لذا تجده أبعد الناس عن مظاهر الإسراف والتبذير، كما أنه يحمل فكر الادخار لمستقبل أيامه، ويفكر في نفسه كما يفكر في والديه وأسرته وأبنائه.

 -----------------------------------

(01) مقال بعنوان "مكامن القوة الناعمة في المجتمع الميزابي" بقلم: د. قاسم بن أحمد الشيخ بالحاج

المصدر nir-osra.org

الفلاحة والرّي

الفترة الثالثة من العهد الرّابع

من 1330هـ/1912م إلى 1366هـ/1947م

     اتّفقت جماعة بني يزقن عام 1921 على زيادة ذراع واحد في ارتفاع السد الصغير بوَقْدَاشْ، مع تمديد مناسب لطوله، من جهة المجزرة (المستوصف حاليا).

     في عام 1925، سمح لأهل القرارة بإصلاح سد ضاية تْلَمَّزْ أَمَانْ.

       أعيد بناء سد على بعد حوالي كيلو متر ونصف من مدينة غرداية، جرفته المياه منذ حوالي قرنين، ولم يتم إعادته آنذاك لمعارضة أهل مليكة. تمّ البناء بما يسمّى تْوِيزَا (حملة تطوّعية) نظمّت عدّة أيّام الثّلاثاء المتتالية مدة شهور[1]. تْوِيزَا جمعها تِيوِيزَاوِينْ وأصل الكلمة أَوْسَا أي المساعدة.

       في سنة 1928، طالب سكّان مزاب بإلحاح بالقيام بحفر آبار ارتوازية، مستعدّين أن يساهموا في تكاليف ذلك. بعد الدّراسات أعلن الأستاذ صَافُورْنَا[2] عام 1930 أنّ الماء يمكن أن يتدفّق في القرارة، إذا تمّ الحفر إلى عمق يتراوح بين 430 و 500 متر، إلى طبقة القاري المدرج (الألبية).

     ندرة الأمطار بين 1934 و 1937 أثّرت في مستوى المياه الجوفية، وجعلت سكّان مزاب يقومون بحملة من المطالبات، للحصول على آبار إلى الطّبقة الألبية. وفي سنة 37- 1938، تمّ حفر أولى بئر عمقها 440 مترا، واستغلال مياه الألبية في غرداية.

سمّيت هذه البئر باسم الوالي العام للجزائر وقتئذ جُورْجْ لُوبُو[3].

لم تسمح ظروف الحرب العالمية الثّانية بحفر آبار مماثلة. فالبئر الثانية أنجزت في مليكة عام 47- 1948.  

     يوم 30 ديسمبر1947،أُسّست لاَرِيصَا[4]، وكالة استغلال المياه الجوفية للجنوب الجزائري، بقرار من الوالي العام للجزائر، يخوّل لها حق احتكار استغلال المياه الجوفية في مزاب الواقعة على عمق يتراوح بين خمسمائة وثمانمائة متر[5].

بعض الإحصائيات لهذه الفترة في ملحقة غرداية[6]:    

منتوج التمور عدد النّخيل السنة
15.000 قنطار 207.441 1919
10.000 قنطار 200.200 1920
29.320 قنطار 193.875 1921

   

         وهذه زراعة الحبوب في ملحقة غرداية[7]:

21- 22 20- 21 19- 20 عام 18- 1919
70 70 200 100 هكتار قمح
250 140 400 300 هكتار شعير
210 340 300 هكتار قمح
1012 200 1200 هكتار شعير

من 1943 إلى 1949 سنون القحط، هلك فيها عشرات آلاف النّخيل في مزاب.

 



[1]-PARMENTIER L’Entraide chez les Berbères Ibadites du M’Zab, 47.   

[2]- SAVORNIN

[3]- GEORGES LE BEAU: Gouverneur Général du 21-09-35 au 19-07-40

[4]- .A.S.S.E.E.R.

[5]- MERGHOUB :Le Développement Politique en Algérie,72..B

[6]- Les Territoires du sud de’ Algérie, deuxiéme patie. 197 et 200.

[7]- . 212, 209, 208,IBID

الفلاحة والرّي

الفلاحة والرّي في الفترة الأخيرة من العهد الرابعذ

من 1366هـ/1947م إلى 1382هـ/1962م

من 1946 إلى 1948، تمّ حفر أوّل بئر أرتوازية في زلفانة، وفي مارس 1949، شرع في حفر مثلها في القرارة، بأمر من الوالي العام مؤرخ يوم 26 نوفمبر 1948، الذي زار مزاب في أكتوبر، وقدّم إليه طلب بهذا الشأن، وتمّ حفرها عام 1950. إلاّ أنّ تأسيس (وكالة استغلال المياه الجوفية للجنوب الجزائري) يوم 30 ديسمبر 1947، تبعته موجة من الاحتجاجات، يطالب فيها سكان مزاب بملكيتهم على المياه الألبية وحقهم في استغلالها. من هذه الاحتجاجات، العريضة التي قدّمها وكلاء (الأمة المزابية) محمّد بن صالح الثميني، وعمر عيسى الحاج امحمد، وإبراهيم بن بالحاج حجوط، إلى الوالي العام، ضدّ حفر آبار أرتوازية، من طرف شركة غير مزابية، وتأسّست الجمعية النقابية الحرة للقرارة، برئاسة عيسى بن عمارة خبزي، نائب رئيسها الشيخ بيوض، مهمتها المطالبة برخصة حفر بئر أرتوازية بالقرارة، ثمّ تسيير استغلال البئر التي حفرتها السلطات، وعدم وضعها بين يدي الوكالة المذكورة. وتدخّل الشيخ بيوض يوم 6 مارس 1951 في المجلس الجزائري، مطالبا بحل الوكالة. ورافق هذه الاحتجاجات إضراب المواطنين عن استغلال مياه الوكالة سنوات، إلى أن تمّ تخفيض سعر المتر المكعب من مائة فرنك إلى تسعين في الاستهلاك المنزلي، وستين في مصالح البناء، وأحد عشر في الحقول والأجنة[1].

هذا الموقف اصطدم بالمشاكل الميدانية في حفر آبار خاصة إلى طبقة الألبية، وانتهت في ديسمبر 1953 بقبول الشيخ بيوض استغلال الوكالة للمياه الألبية، وقَبِلَ أن يكون عضوا في مجلس إدارتها.

تواصل حفر الآبار حتى بلغت عام 1957 تسعا:

في القرارة: عين ارتوازية عمقها 1170م تنتج في الساعة 450م³

وبقية الآبار نصف أرتوازية:

في غرداية: عين لُبُو عمقها 440م تنتج 80م³ في الساعة،

في غرداية: عين لُوهُورُو[2] عمقها 435م تنتج 100م³ في الساعة،

في غرداية- ابن غنم: بئر عمقها 400م تنتج 120م³ في الساعة،

في غرداية- توزوز: بئر عمقها 520م في طريق التجهيز،

في بونورة: بئر عمقها 388م في طريق التجهيز،

في بني يزقن: بئر عمقها 435م تنتج100م³ في الساعة،

في العطف: بئر عمقها 450م تنتج 150م³ في الساعة،

في بريان: بئر عمقها 500م تنتج 120م³ في الساعة.

هذا بالإضافة إلى عينين أرتوازيتين في زلفانة.

وفي سنة 1962، بلغ عدد الآبار المحفورة في مزاب والمستغلة سبع عشرة بئرا.

من جهة أخرى، فإنّ استغلال الآبار التقليدية استمر، بواسطة الدواب وحدها، إلى الأربعينات، فقد كان الحمار الواحد ينزح حوالي ثلاثة أمتار مكعبة من الماء في الساعة.

ثمّ شرع بنو مزاب في استعمال المضخات المحركة بالكهرباء أو البنزين أو المازوت. عندئذ وقعت مشاكل بين الجيران، سببها أنّ هذه المضخات القوية كانت تغرف ماء آبارها والآبار المجاورة لها. لذلك أصدرت البلدية الأهلية لغرداية، يوم 17 جوان 1949، قرارا يحدّد قوّة المضخات بحصانين لكل هكتار تسقيه المضخة.

من سنة 1944 إلى 1961، تمّ تجهيز مختلف واحات مزاب بنحو مائتين وخمسين مضخة أفقية، وثلاثمائة وخمسين مضخة شاقولية، 50% منها تشغل بالمازوت، و30 %بالبنزين، و20% بالكهرباء.

في عهد القائدين سليمان بن عمر بودي وابنه عمر، بنيت ثلاثة سدود في واحة بريان، بتبرعات بني مزاب وجهودهم الخاصّة، منها أكبرها، وهو سد بالُّوحْ، الذي انطلقت أشغاله في جوان 1947، طوله من الشرق إلى الغرب نحو أربعمائة متر، وعلوه نحو خمسة أمتار، وسمك أعلاه نحو ثلاثة أمتار. وهو بالإسمنت والجير والحجر وأبواب الحديد الأوتوماتيكية. ومثله سد غابة السودان، طوله نحو ثلاثمائة متر، وعلوه نحو أربعة أمتار.

في سنة 1952، أحصي عدد النخيل بمزاب وكان 175 ألفا، منها واحد وثمانون ألف نخلة منتجة فقط، وأنتجت 2430 طنا من التمور، وهو شيء قليل جدا.

لذلك فإنّ مزاب كانت تستورد التمور من ورقلة والمنيعة، كما كانت تستورد الخضر والفواكه من المدية ومتيجة، ومن الهضاب العليا كل ما تحتاجه تقريبا من الحبوب. فقد بلغ حجم وارداتها عام 1961 عشرين ألف قنطار من القمح وستة آلاف قنطار من الشعير.

في سنة 1962، تم وضع مشاريع لاستصلاح ثلاثمائة هكتار في الضاية، و813 هكتار في القرارة بِلَعْمِيَّدْ على بعد كيلومترين من المدية، وناحية كاف الدخان في العطف على بعد خمسة عشركيلومترا من السد الكبير.

 


[1]- حمّو عيسى النوري: دور المزابيين، الجزء الأوّل، 148.

[2]- Capitaine Léon-Joseph Lehuraux Commandant des Territoires du Sud, Vice-Gouverneur Génèral.

الفلاحة والرّي 04

الفلاحة والرّي في الفترة الثانية من العهد الرابع

من 1299هـ/1882م إلى 1330هـ/1912م

في هذه الفترة تمّت إقامة أربعة سدود جديدة على وادي مزاب:

- سد في غرداية عام 1883.

- سد في مليكة بين 1887 و1889.

- سد في بونورة بين 1887 و 1889.

- السّد الجديد في غرداية عام 1897، على بعد كيلو مترين شمال البلدة، سمك قاعدته ثمانية أمتار.

أمّا أهل القرارة، فقد أقاموا عام 1909 سدًّا بين وادي زَقْرِيرْ وضاية تْلَمَّزْ أمَانْ، التي كانت تبتلع مياه الوادي.

لمّا زار الوالي العام تِيرْمَانْ مزاب في شهر فيفري 1884، طلب منه بنو مزاب حفر آبار أرتوازية (نسبة إلى منطقة فرنسية اسمها أَرْتْوَا).

أوّل من حاول نزح الماء من طبقة الماء الألبية، أي طبقة القاري المدرج، اليزقني زكري بن أيوب بليدي، الذي قام بحفر بئر في إِنْغِيدْ، بالطّريقة التّقليدية، بلغ عمقها مائة وثمانية أمتار. وقع ذلك عام 1875 أو 1878.

وفي 8 جانفي 1897، شرع المقاول بولان[1] في حفر بئر في ختالة، بالوسائل الحديثة، تواصل إلى غاية أفريل 1899، حيث بلغ عمقها 307 أمتار، دون جدوى.

أوّل إحصاء بعد الإلحاق[2]:

الآبار النّاضبة الآبار الحيّة النّخيل البلدة
275 1240 64074 غرداية
23 173 2865 مليكة
124 417 25875 بني يزقن
248 9954 بونورة
90 343 16483 العطف
274 27855 بريان
280 28000 القرارة
512 2975 175106 مزاب

فيما يلي معدّل ما كان يملكه كلّ فرد من النّخيل، مباشرة بعد الإلحاق:

عدد النخيل للفرد الواحد البلدة
4,5 غرداية
1,5 مليكة
5 بني يزقن
7,9 بونورة
9,4 العطف
5,5 بريان
8 القرارة
5,4 مزاب

يوجد بمزاب ما يقرب من مائة صنف من أصناف النّخيل، سبعة عشر منها تغطّي حوالي 90°/° من واحات مزاب. فيما يلي هذه الأصناف الأكثر انتشارا مع خصائصها[3]:

موعد نضجها جودتها شكلها صلابتها لون التّمرة النّاضجة الصّنف
أكتوبر – نوفمبر جيّدة جدّا متطاول نصف رطبة أصفر دَقلة نور
     أكتوبر متوسّطة متطاول يابسة أسمر تْدَالتْ
أكتوبر – نوفمبر جيّدة متطاول نصف رطبة أسمر تَازَرزَايْتْ
سبتمبر – أكتوبر جيّدة متطاول رطبة أسمر إِغَسْ أَوَ تْشِيضَن
أكتوبر – نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أسود تَمْجُوهَرتْ      
     أكتوبر جيّدة متطاول رطبة أسمر أُوْ تَقْبَالَه
أكتوبر – نوفمبر جيّدة متطاول نصف رطبة أصفر      تَفْتِيزِوِينْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة مستديرة نصف رطبة أصفر أَكْسَبَّه
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أسمر تَمَزْوَارْتْ نَتْلاَتْ
سبتمبر- أكتوبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أسود تَزُقَّغْتْ
سبتمبر- نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أصفر تَاوْرَغَتَ
أكتوبر- نوفمبر جيّدة متطاول يابسة أحمر    أُوعْرُوسْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة مستدير نصف رطبة أسمر تكَرْبُوشْتْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أسمر    تَزِيزَاوْتْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أحمر تْوَاجَّتْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أسمر لِيتِيمْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أسمر أُوعُوشَتْ

وهذا إحصاء النّخيل والآبار بشيء من التّفصيل، وقع عام 1902[4]:

عدد الآبار النّخيل

البلدة

لَوْرَاوَرْ النّاضبة التي تنضب وقت الجفاف التي لا تنضب
19 300 900 500 60591 غرداية
2 37 115 132 4082 مليكة
5 25 178 178 26084 بني يزقن
1 145 75 80 9600 بونورة
2 240 65 200 14479 العطف
10 35 235 25775 بريان
60 240 350 25700 القرارة
29 817 1608 1675 166261 المجاميع

وأخيرا هذا إحصاء الحيوان بمزاب عام 1896[5]:  

عدد البعير: 675، الضّأن: 1265، المعز: 2840، الخيل: 25.

 


ARRAULT POULIN-[1]

-[2] ROBIN : LE M’Zab et son Annexion à la France, 19.

[3]- Bulletin d’ Agronomie Saharienne vol I n° 3 Juin 1975, 45

[4]- .E. FELIN : Etude sur la Législation des Eaux dans la Chebka du M’Zab,136

[5]- .C. AMAT : Le M’Zab et les M’Zabites, 231.

القصة الشعبية تَنْفُوسْتْ

الأدب المزابي بين الحفظ والتدوين؛ الأشكال السردية التقليدية نموذجا 

c 7د. يحيى بن بهون حاج امحمد

أ. القصة الشعبية تَنْفُوسْتْ موضوعاتها وخصائصها:

تسمى القصة بالمِزابية تَنْفُوسْتْ، ولم أصل بعد إلى معرفة أصل التسمية بالضبط، ولعلها جاءت من "أنْفَاسْ "، وهو التنفيس، وهذا ما استنتجته من خلال ملاحظتي لهذه الخاصية في عديد القصص المزابية، كما سيأتي بيانه.

موضوعاتالقصة الشعبية:أما موضوعاتها فمتنوعة ومن أبرزها

1 التعرف على الظواهر الطبيعية:

من ذلك قصة ظهور "كُحل العينين"، والذي يسمى بالمزابية

"تَاژُولْتْ " تنطق الزاي مفخّمة  إذ يروى أن سيدنا نوح  عليه السلام بعد طول مكثه في السفينة تأثرت عيناه وعيون من معه بالضباب الكثيف فسأل الله الشفاء، فأنزل له ولمن معه هذه الحجرة العجيبة فاستعملها وبرأت عيناه، لذلك تنصح الأم بناتها باستعمال الكُحل.

ومنها أيضاً الملح الذي يعطى لسائله بدون مقابل لأنه مائدة سيدنا إبراهيم الخليل كما يقال، إذ يروى أنّ سيدنا إبراهيم  نذر بأن يطعم كلّذكر وأنثى إن رزقه الله بولد، ولما رُزق بسيدنا إسماعيلعليه السلامسأل الله أن يلهمه ما يُوفّي به نذره، فأوحى الله إليه أن يتصدق بالملح فكانت تلك الصدقة جارية إلى يوم القيامة، إذ لا يوجد طعام قلَّ أو كثُر إلا ووضع فيه الملح .

ومنها كذلك قصص حول الحيوانات المحلية والحشرات النافعة أو الضارة، من ذلك قولهم في تربية الطفل "لا تقتل النمل والاّ أُصبت بالرمد"،

وبذلك يدفع الأولياء الأذيَّة عن أطفالهم من جهة، ويعلمونهم احترام هذه الحشرة الصغيرة النافعة من جهة ثانية.

2 السير الذاتية والحياة اليومية:

وهي ما تحكي فيه المرأة لبناتها تجربتها في الحياة في شكل قِصص ، أو تحكي البنت لصديقاتها أيضا قصصاً من نسج خيالها تعبر فيها عن واقعها أو عن أحلامها...

3 الأساطير والخرافات: وهي عديدة وكثيرة في صراع الحق والباطل، والشر والفضيلة...

4 قصص الأنبياء عليهم السلام.

5 قصص أولياء الله الصالحين كرامات المتقين مثل الشيخ بحيو موسىالعطفي، الشيخ أطفيَّش ، فافة دَادِّي...

6 قصص من كتب الأدب مترجمة إلى المزابية: الفلاح وأبنائه والكنز المدفون، القرد والغيلم، الغراب والثعلب...

ومضامينها في العادة بسيطة وبريئة، وجميعها محكي بالمزابية، وبعضها يحوي حكماً شعبية بالدَّارجة.

خصائصالقصة الشعبية:ومن خصائصها

1 السرد المتواصل:

فالمرأة المزابية وهي مع بناتها، أو قريباتها في المنزل يشتغلن طول اليوم بواجبات منزلية مختلفة كالطهي وتنظيف المنزل.. والنسيج، خاصة هذا الأخير الذي يأخذ حصة الأسد من المهام اليومية، إذ تجلس المرأة إلى منسجها من الصباح إلى المساء، مع أخذ قسط من الراحة بطبيعة الحال في فترة القيلولة أو قيامها إلى الصلاة، وقد كانت صناعة المنسوجات وما تزال بالنسبة للمرأة المزابية عنصر حياة، إذ تأثث المرأة بيتها بالأفرشة التي تصنعها وكذلك تأثث بيت بناتها المقبلات على الزواج، وتساعد بها الزوج في تغطية مصاريف الحياة المختلفة، فما تنسجه المرأة يباع في السوق وثمنه يكون زادًا للحياة الصعبة والقاسية.. وخلال العمل المتواصل في النسيج تحكي المرأة عادة قصصًا خيالية أو واقعية مستوحاة من حياتها اليومية على مسمع من بناتها حتى يتعلمن ويستفدن من تجارب الحياة، وتدور القصص أساسًا حول المرأة الصابرة والمرأة العاملة المكافحة في بيت زوجها، والمرأة الطائعة لزوجها والتي تُداري حماتها.. إلى غير ذلك مما يمكن أن تتعرض له كل امرأة متزوجة أو فتاة مقبلة على الزواج من أنواع الظلم والتعسف الذي قد يحدث في بعض الأحيان لسبب أو لآخر، فتصبر على تلك العِشرة وعلى مرارة الحياة حتى يرزقها الله ذرية صالحة طيبة طائعة، فتنسيها كل ما عانته... وهكذا.

 

2 اقتصارها على مواضيع معينة:

إذ يلاحظ دوران معظم القصص حول الصبر والعمل، ولعل سر ذلك ومنشأه هو حياة المزابيين أنفسهم، فنشأة قرى مزاب وعمران هذا الوادي الصخري القاحل لم يكن إلا بصبر كصبر أيوب، وبعمل متواصل دؤوب، وباغتراب فلذات الأكباد سنوات عديدة طلباً للرزق الحلال...، وأفضل مثال على ذلك هو حفر الآبار في رؤوس الجبال بجوار المسجد، فهذه الآبار قد يزيد عمقها عن السبعين مترًا، وقد يستغرق حفرها جهد أربعة أجيال، وفي العادة من يبدأ الحفر لن يُكتب له العيش حتى يشرب من تلك البئر، ويقدّر عدد آبار وادي مزاب مما حفره الأسلاف بأزيد من 4000 بئر، ونفس التضحيات سخّروها في إنشاء الواحات التي كانوا يَحيونَ بها، فحياة المزابيين كلها كدّ واجتهاد، ومن هنا اصطبغ أدبهم بتلك الصبغة المتميزة.

ولعل ما يستنتج أيضا من إنشاء المرأة لهذه القصص والحكايات هو تسليتها لنفسها أولاً، ولمن معها ثانياً، فهي بقصصها تلك تتناسى همومها وتؤنس وحشتها بغياب زوجها، وتقوّي عزيمتها لمزيد من العطاء والصبر ومجاهدة النفس ابتغاء مرضاة الله تعالى، وتشحن نفسها كذلك بالإيمان وبالإرادة والتفاني في العمل... ولذات الغرض يفيد الحكيُ معظم من احولها من المستمعات خاصة بناتها المراهقات أو المقبلات على الزواج.

3 فنيات أخرى: هناك من القصص ما هو موجه من الأمهات للأطفال: وهذه القصص خيالي جميعها تقريبا، فالمرأة الصنّاع في بيتها تشتغل في المنسج من الصباح إلى المساء، ولا تقوم منه في العادة إلا للضرورة كالصلاة واعداد الطّعام، بالنسبة للعَشاء يُحضّر له قبيل المغرب بقليل، إذ بين المغرب وصلاة العِشاء ينتظر الأبناء عودة والدهم من المسجد حتى يجلسوا إلى مائدة العَشاء، وحتى لا يغلب بعضهم النعاس فينام من دون عَشاء، فإن الأم تحكي لأبنائها قصصًا متنوعة معظم ما يراد منها هو: تركيز الأخلاق الفاضلة في نفوسهم كتقوى الله تعالى والصدق والوفاء وطاعة الوالدين... إلى غير ذلك من الواجبات وفضائل الأخلاق..

قصص الأطفال بالمِزابية:

وهو على أنواع منه ما هو موجه من الأطفال للأطفال: ويكون عادة في ليالي الشتاء الطويل، أو في أمسيات الصيف الطويلة، وكما هو معلوم فإن سكان مزاب منذ قديم الزمان، يملكون نوعين من المساكن، سكن في القرية يقيمون فيه طول الشتاء، وسكن في الواحة يقيمون فيه طول فصل الصيف إلى بداية الخريف بحيث لا يغادرونه حتى ينتهوا من جني جميع تمور نخيلهم، وخلال الفصلين تتميز ظاهرتين هما طول ليالي الشتاء، وطول أيام الصيف، ففي فصل الشتاء الطويل يجتمع الأبناء في الحجرة التي تجلس فيها العائلة للأكل والسمر وتسمى بالمزابية "تِسَفْرِيْ "، بينما تكون الأم كما أسلفنا في منسجها المغزل أو أمام الموقد تباشر إعداد العَشاء، يجلس الأطفال في حلقة ينشئون القصص الخيالية ويتسامرون بها إلى حين حضور العَشاء، وقد يبقون كذلك وقتًا معتبراً  إذا كانت فيه مناسبة سعيدة كاجتماع العائلة الكبيرة حول مولود جديد أو ختان.. أو غيره، فتطول سهرتهم تلك إلى ساعة متأخرة من الليل.

وقد كانت هذه الأجواء الحميمة في مزاب تصنع البهجة والحبور في نفوس الأطفال قبل ظهور التلفاز، وما تزال بتحفظ شديد في بعض القرى، إذ عندما يحين فصل الصيف وتتجه العائلات إلى الواحة للاقامة الصيفية لا تجلب معها جهاز التلفاز، وفي ذلك يستفيد الجميع من جو الراحة والهدوء، وفيه تُباشر العائلة أعمالا أخرى فردية أو جماعية كصبغ الصوف وغسله، وجني التمور...(1). وفي أمسيات الصيف الطويلة أي مِن بعد صلاة العصر إلى آذان المغرب، وقت لا بأس به، يجلس فيه الأطفال في حديقة منزلهم بالواحة تحت ظلال النخيل وأشجار الفاكهة، على بساط من الرمل الناعم يلعبون ويحكون القصص، وينشؤون الأحاجي والألغاز..، وقد يرتبط معظم قصصهم بالوسط الذي هم فيه، إذ تدور قصصهم داخل جو الواحة، وحول مغامراتهم مع الأطياف التي تسكن في منازل الطوب المهجورة في الواحة القديمة، وحول الحيوانات الأليفة والمتوحشة التي تجوب الصحراء..

من أمثلة هذه القصص: "مُرْ وَاصْبَرْ "، "أَخَّامْ نِ إِزْغُغَنْ " منزل الأطياف، "لْجُورَتْ نَ اصْبَرْ دَ الْحِكْمَتْ "سيرة الصبر والحكمة، "بَابْ نَ لْخِيرْ دْ تَلَفْسَ "فاعل الخير والأفعى، "أجَلِّيدْ دْ وُامْ اَ ربَطْ " الملك والرجل الطيب...

 

-----------------------

(1)القرادي، رسالة في بعض عادات وأعراف وادي مزاب، تحقيق، يحي حاج امحمد، نشر جمعية النهضة، العطف/غرداية، ط 1 / 2009 ص 47-48

القندي المزابي

القوندي المزابي ⴳⵓⵏⴷⵉ

Icon 08

القندي المزابي(1)
قندي ماسوتيرهو جنس من الحيوانات يتبع فصيلة القندية من رتبة القوارض هذا الجنس يضم  نوع واحد غير منقرض هو القندي المزابي واسمه العلميMassoutiera mzabi ;  يعيش في الجبل وهو من بين الحيونات المهددة بالانقراض ويوجد ثلاثة أنواع من القندي في الجزائر قوندي الطاسيلي والقندي المزابي والثالث سوف . 


Icon 08

Le Goundi du Mzab(2)
(Massoutiera mzabi) une espèce de petits rongeurs de la famille des Ctenodactylidae, appelée aussi Goundi du Sahara comme Ctenodactylus vali. Il s'agit de la seule espèce du genre Massoutiera. Cet animal occupe les milieux rocheux semi-désertiques qui s’étendent de la zone sahélienne (Niger, Mali et Tchad) jusqu’aux collines du Mzab dans le Sahara algérien septentrional.
_______

Icon 08

(1) بقلم عزيز حاج عيسى

الصورة من صحاري غرداية بعدسة عزيز حاج عيسى Aziz Hadj Aissa


(02) wikipedia

المؤتمر النِسْوِي السَنَوي "لا إله إلا الله"

المؤتمر النِسْوِي السَنَوي "لا إله إلا الله"(01)

Icon 07

وللغاسلات الآن دور فعال في مراقبة المجتمع النسوي في وادي مزاب، ومن أحسن عاداتهن التي لم يزلن يحافظن عليها إلى الآن، الملتقي الذي ينعقد في كل قرية كل عام وذلك أنهن يبدأن بتجمع عام في مسجد الشيخ "أبي عبد الرحمن الكرثي "، يقبلن على هذا الاجتماع من كل قرية من القرى جماعة، وهذا الاجتماع يكون للتعرف على الجديدات وتعيين مواعيد الملتقيات وترتيبها، وبعد أسبوع تبدأ سلسلة الملتقيات في الاثنين وفي الخميس ابتداء من غرداية وختاما بالعطف، وتقع هذه الملتقيات غالبا في آخر الربيع وقبل بدء السكن في الغابات، ويفتتحن الملتقى بتلاوة سور من القرآن ثم يتلون سلسلة من الأذكار من الباقيات الصالحات فيقلن "لا إله إلا الله" ألف مرة، ويسبحن ويزدن كثيرا من الأذكار، ثم يلقين كلمات في الوعظ والإرشاد في مواضيع أو ضد بدعة مستحدثة، وبعد الغداء تنصرف النساء كل إلى دارها للصلاة، ويعدن في آخر العشية لسماع الأوامر المتفق عليها؛ أما الغاسلات فيتحدثن عن عوائد الأعراس والمآتم، ويراجعن بعض أنواع الألبسة التي قد لا تليق، ثم يتفقن على زيادة أو نقصان في بعض الأمور، ثم يعلن ذلك على النساء الحاضرات، ثم يفترقن بعد أن يعلن عن الموعد المقبل، وقد يبتن ويخرجن صباحا وهذا قبل وجود السيارات، ومما نلاحظه هنا هو أن لا يتدخلن في كل الشؤون التي تتعلق بالأعراس في كل قرية، ولكن أكثر القضايا التي يتحدثن فيها هي الأمور المستحدثة لاسيما بعد الاحتلال الفرنسي، فقال أصدرت تحت قيادة "ماما ن سليمان" رئيسة نساء غرداية أيام الاحتلال في 1882 قائمة من الأوامر الصارمة لمقاطعة كل ما هو فرنسي من لباس و عطور وأحذية إلى آخر القائمة، وقد ذكرت هذه المرأة باسمها وبقائمة الأوامر التي أصدرها ملتقى "لا إله إلا الله" في كتاب "ثورات النساء في الإسلام" ، أما بعد الاستقلال فإن هذه الملتقيات مستمرة وقد زيد فيها كثير من الأمور الحسنة، ولكن أصبح لها دورا توجيهيا فقط، ولم تعد هناك تقريرات فيما يتعلق بكل بلدة، بل كل بلدة وقوانينها.

 ---------------------------------------

(01) كتاب الشيخ القرادي "رسالة في بعض أعراف وتقاليد واد مزاب" ص70-71

المصدر nir-osra.org

المحيط البشري

المحيط البشري(1)

Icon 07

إن المحيط فيما نعتقد لا يقتصر على المحيط المادي فقط كما يسعى إليه المعماريون المعاصرون. لقد حرص الأوائل على تكوين محيط بشري فكانت المجموعات البشرية التي بدأت التخطيط والتعمير منسجمة فيما بينها وفي علاقتها، إما لأنهم من عشيرة واحدة أو من عشائر متآخية كأن تكون منتمية إلى جدٍّ واحد وإن تعددت الفروع.

ولقد أدرك علماء الاجتماع اليوم وكذلك المعماريون أن تجميع الناس في مناطق حضرية، وليس بينهم أية علاقة من قبل، هو من أكبر الأخطار التي تهدد الروابط الاجتماعية بين المتساكنين في حيٍّ ما. وقد شاهدنا ما تعاني المجموعات السكانية التي أحدثت في الجزائر بعد الاستقلال. فعدم وجود ترابط اجتماعي بين السكان في هذه التجمعات وعدم تعارف المتساكنين بها جعلها عرضة للإهمال والضياع.

--------------------------------

(1): كتاب الشيخ القرادي، آثاره الفكرية ص133 -138.

المرأة المزابية

  • المرأة المزابية والغربة

    Icon 07
    في 6 شوال 1346هـ/28 مارس 1928، أصدر مجلس وادي مزاب قرارا، هذا نصّه: «هذا وقد اجتمعت أعضاء القرى السّبع لوادي ميزاب: غرداية ومليكة ويسقن وبونورة والعطف وبريان والقرارة، اجتمعوا في عمي عبد الرّحمن الكرتي رحمه الله، واتّفقنا، بعد أن قرأنا الفاتحة، على أنّنا لا نرضى على مزابي أن يخرج زوجته أو بنته أو حرمه مزابية مطلقا، أي يخرجها ميزاب إلى بلدة من سائر البلدان مطلقا، غير...

    اقرأ المزيد

  • حكمة المرأة المزابية في يومياتها

    Icon 07

    صعوبة العيش في منطقة جبلية التضاريس، صحراوية المناخ، شحيحة المياه، بعيدة عن مواقع الخصب ومراكز الحضارة، ومناطق التجارة وعبور القوافل، جعلت الإنسان فيها يعتمد على توفِّره له بيئته تلك لتسيير يومياته وتلبية حاجاته الحيوية. فاستعمل ذكاءه العقلي وجهده العضلي، وما يتوارثه من خبرات وتجارب من سبقه في تلك الأرض، ليتحدَّى بها متاعب الحياة في تلك...

  • مشاركة المرأة المزابية في الثورة التحريرية الكبرى

    Icon 07
    نقدم عدد من المجاهدات :

    من آت يزجن:
    - بافضل فاطمة الزهراء بنت محمد
    - بافضل شريفة بنت محمد
    - باسة عائشة بنت سماعيل زوجة خبزي عيسى بن اعمارة من لڨرارة
    - إسفارن فضيلة بنت باحمد زوجة أبي داود الحاج بكير من أت إبرڨان

    من لڨرارة
    - موكا سليمة بنت يوسف...

    اقرأ المزيد

  • كلمة إلى المرأة المعلِّمة

    Icon 07
    كلُّ ما يقال للرجل المعلِّم، نقوله للمرأة المعلِّمة، فنذكِّرها أنَّها تحمل رسالة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهي رسالة التربية والتعليم، ونشر الخير والفضيلة، كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إنَّما بعثتُ معلِّما“. وهي أيضا أشرف مهنة ورسالة ومهمَّة أو حرفة في الوجود على الاطلاق، وليس بين الخلقِ كلِّهم بعد الأنبياء والرسل أشرف وأنبل من المعلِّم أو المعلِّمة المخلصة الأمينة: أعلمتَ أشرفَ أو...

    اقرأ المزيد

  • دور المرأة المژابية في بناء حضارة مزاب

    Icon 07
    ساهمت المرأة المزابية مع أخيها الرجل بقسط وافر في بناء حضارة واد مزاب وتشييده، بل كانت شريكة أساسية في ذلك، ولم يكن الفرد المزابي يستغني عنها أو يدعي أنه وحده من بنى الحضارة.  كانت المرأة في وقت سابق مشاركة بسواعدها في إنتاج نصف الاقتصاد تقريبا -النسيج والزرابي-؛ وكانت إضافة إلى ذلك...

    اقرأ المزيد

  • قيمة العمل عند المرأة المزابية

    Icon 07
    لقد أثرت قساوة الطبيعة الصحراوية الصخرية إيجابا على سلوك المزابيين، فصار العمل عندهم، قيمة تلازمهم طول الحياة، فعلى كل فرد في المجتمع أن يكد ويتعلم حرفة تدفع عنه الفقر، وتعلمه الاعتماد على النفس وعدم انتظار المساعدة من الغير. لذلك فإن من ضمن ما تتعلمه البنت منذ صغرها إلى جانب شؤون البيت المختلفة نسيج الزرابي والألبسة الصوفية، والخياطة و...

    اقرأ المزيد

  • نور القلــم: كتابات أدبية عن المرأة المزابية

    Icon 07
    هيئة حلقة العزَّابة تِمْسِرِدِينْ
    مزابية ضمن مائة شخصية مؤثرة
    مزابية مترجمة فرنسي عربي
    مزابية المثقفة
    المزابية المؤلفة
    المزابية في المجلس الشعبي البلدي
    المزابية طالبة في مدارج الجامعات
    المزابية في الجمعيات...

    اقرأ المزيد

  • نساء حالدات

    Icon 07
    ابن عبد الله مامة بنت علي
    ماما بنت سليمان تنعزامت نوغلان
    مامة بنت سليمان واحدة من 12 امرأة اشتهرن بمواقف بطولية في العالم
    بافضل شريفة بنت محمد
    السيِّدة بافضل فاطمة الزهراء
    عبد العزيز مريم بنت عبد العزيز
    عائشة بنت عمر نوح
    عائشة بنت بابا عيسى حمُّودين ...

    اقرأ المزيد

  • السيدة عائشة دادي عدون
    Icon 07

    هي من مواليد 18 سبتمبر 1930 في بولوغين (سانت أوجان سابقا ) ، الجزائر. ابوها محمد ، و امها حليمة .
    عاشت طفولة فتاة موهوبة ، عنيدة ولكنها كانت طفولة سعيدة.
    كان والدها ، محمد بن سعيد دادي عدون ، وهو مزابي من بريان ، رغم تواجده بالعاصمة لم ينس ابناءه في منطقة الاصول حيث كان بعرفهم بمزاب في سن مبكرة للغاية ، ونتيجة لذلك ، أصبحت عائشة ومزاب كيان واحد. على مر السنين ، تزوجت وعاشت في....

    اقرأ المزيد

  • لباس المرأة والفتاة 

    c 7

    لباس المرأة والفتاة كان في القديم مقتصر على الملحفة تستر بها بدنها وأَخَمْرِي تغطي به شعرها وجيبها. هذا داخل البيوت. وإذا أرادت المرأة الخروج إلى الشارع تدثّر بحائك من الصوف ساتر لجميع البدن مكتفية، للاهتداء في سيرها، بثقب واحد تبصر من....

    اقرأ المزيد

  • الجرد الصّوفي لدى النساء [آحولي]

    c 7

    لا توجد طرق كثيرة بالنسبة للسيدات في ارتداء آحولي فهن يمسكن اطرافه مع الطرف النازل من اعلى الرأس ولا تترك إلا فتحة صغيرة مثلثة امام العين ،وتجمع النساء طرفا الحولي بعد ثنيها تحت الإبط إلى الأمام، إنها تضعه فوق الرأس دوما وإذا ما أمسكت به بإحدى يديها أو بكليتهما مستورتين وجعلت الحولي يغطي وجهها فإن ذلك يسمح ببرور إحدى عينيها من الشق العمودي وغالبا ماتضعه على...

    اقرأ المزيد

  • ارتداء آحولي عند النساء

    c 7

    [آغـمـبز] أو [آسبمــبش] هو فعل يعني وضع المرأة لحافها على وجهها أي وضع طرف الرداء على الوجه للمواراة عن الأنظار، ويقال لها بالمزابية (تامطّوت تغـمبز) أو (تامطّوت تسمبـمبش) أو (تامطّوت تسّنش) وهذه الطريقة لا تزال تتبع حتى يومنا هذا في وادي مزاب،  فالمرأة المژابية تقوم بالتغمبيز قبل كل خروج من بيتها، أو عند تواجد الغرباء، والغريب هو كل من ليس بمحرم لها....

    اقرأ المزيد

 

"الدور الحضاري للمرأة"

حصة "مع علمائنا" يشرّفنا فيها أ. عمر بن يحيى أولاد اعمارة بكلمة جميلة عن "الدور الحضاري للمرأة".. كلمات يجدُر بالمرأة أن تضعها في حسبانها وهي تسلك دروب حياتها.
تصوير (ديسمبر 2013) وتركيب (أوت 2014) مؤسسة أبها ميديا.
وفقنا الله لخير الفهم وأحسن العمل.. آمين.

الفيديو متوفّر بصيغة عالية الجودة HD.

 

 

 

لالة توغرسانت للشاعر صالح تيريشين

 

 

أي دور للمرأة الميزابية في ظل تحولات مجتمعها للأستاذ عمر بن بالحاج داود

 

ألبوم الصور

 

المزابي عصامي

Icon 09المزابي عصامي..

مما عرف عن المزابي أنه عصامي حتى النخاع يخدم نفسه بنفسه، ولا يعيش عالة على أحد..

من قديم وهو يبني قصوره وحده ..

يحفر آباره وحده..

يشق ترعه ويهندس حقوله وبساتينه ومجال عمارته وحده..

ينظم أفراحه وأتراحه وحده..

يهيكل مجتمعه ويعتمد عاداته ويرسخ أعرافه وحده..

يضع قواعد الزجر الاجتماعي لمخالفي نهجه وإيديولوجيته وحده..

يضع قواعد التنشئة الاجتماعية والتربية والتكوين وحده..

يمارس مختلف تجاراته واستثماراته ويستشرف مستقبل أجياله وحده..

يختار ولاءاته كما يهادن أو يمضي اتفاقيات الصلح والسلم والتناصر وحده..

حتى طرقه وساحاته وأسواقه ومساجده ومقابره ومحاضره ودارسه وحصون دفاعاته ودور عرشه وعشائره وأبراج الحراسة وسدوده وقنوات مجاري السيول والأمطار وماإليه يقوم بأنجازها وترميمها وتعهدها وحده..

بل وحتى معلم القرآن وإمام المسجد والمؤذن ووزراء العريس ومرشده وكل القائمين على خدمة العرس وإنجاحه وعضو لجنة مراقبة مياه السيول والأشراف على تسيير الأسواق وكذا تأبير أشجار ونخيل الوقف وسقايتها وماإليه.

جميعهم يؤدي الخدمة كاملة مجانا لله في،سبيل الله تحت إمرة المجتمع وحده..

على هذا نشات أجيال وأجيال وتوارثت هذه الأساليب الفريدة المتميزة في العيش المشترك المتضامن....

 -------------------------------

مفتطف من منشور للاستاذ خالد بن ابراهيم اشقبقب Khaled Eljazairi

المسرحية تَسُنَايْتْ موضوعاتها وخصائصها

الأمثال والحكم  إِنْزاَزنْ موضوعاتها وخصائصها

c 22د. يحيى بن بهون حاج امحمد

هناك العديد من المسرحيات التي مُثلت على الخشبات في قرى مژاب المختلفة، ولعل أهم مناسبة لتقديم العروض إلى اليوم هي الأعراس الجماعية؛ إذ تتخذ الليلة الثانية من العُرس في دار "الحَجْبَة" طابعاً أدبياً وفنياً متنوعاً، تقدم فيه الأناشيد الجماعية والوصلات الفنية الفردية، والنكت..

وغيرها، ويحظى المسرح بحصة مهمة من تلك الليلة، ويتجلى في أشكاله المتنوعة من اسْكاتشات كوميدية، ومنولوج، ومسرحيات اجتماعية جادة...

للأسف لم توجد نصوص مطبوعة أو منشورة تعنى بالمسرح إلاَّ القليل النادر، ومنها مسرحية للأستاذ عبد الوهاب حمو فخار، أستاذ الأدب المژابي، عنوانها: "تَايْدَرْتْ نْ وَغْلاَنْ " أي: "سُنبُلةُ مِژاب"، وهي مسرحية، شعرية باللغة المژابية، قدمها لبنات متوسطة الإصلاح بغرداية، سنة 1993 وقد لاقت نجاحاً منقطع النظير حينذاك، ومُثّلت مرات عديدة؛ وقد ضمنهاالمؤلف الكثير من أشعاره التي نشرها في ديوانه "إمطَّاون نَلفَرْحْ " دموع الفرح، وتحدث مطولاً عن مژاب البيئة والنشأة، عن الماضي المجيد وعن الحاضر ومستقبل التحديات...

وقد كتب بخط يده في ظهر الكتاب: "إلى بنت الوطن، تلك التي تثقف وتظهر في مجتمعها كسُنبلة قمح عامرة، كلما ازدادت ثقلاً ازدادت انحناءً نحو الأرض التي أنبتتها...".

ويدور الحوار في هذه المسرحية بين مجموعة من النساء وبعض العجائز وهن منهمكات في شؤون المرأة المزابية الماكثة بالبيت، ففيهن من تغزل الصوف وفيهن من تجمعه وتلفه، ومن تنسجه في المنسج التقليدي...، وبين الفينة والأخرى تقوم مجموعة من الفتيات المتتلمذات بإنشاد مقاطع شعرية بديعة ومنها هذه الكلمات:

 

...تَنْفُسْت نَّغْ تَازَجْرارْتْ أَ يَلِّ،

تَنْفُسْت نَّغْ تَازَجْرارَتْ أَ يَسِّ ..

مَنَّشْتْ إِعَافْرَنْ إِرْجَازَنْ !!،

مَنَّشْتْ إِنْكَضَنْ أَسْحَارِي؟!

اسْحَارِي نَكْضَنْ نَتْنِينْ دِ إوَارَنْ

سْ تِينِي دْ وَمَانْ دَ لْبَارُودْ عَاشَنْ

تِشْلِ نْ إِلْمَانْ تْوَنَسِيتَنْ

تَزِرِي دِ إتْارانْ دْ رَبِّ مْعَاسَنْ... (1)

معناها :

قصتنا طويلة يا بنتي،

قصتنا طويلة كم كابد الرجال؟!

كم قطعوا الفيافي؟!

الفيافي قطعوها هُم والأسود

بالتمر والماء والبارود عاشُ

سير الجمال يؤنسهم

القمر والنجوم والله معهم

----------------------

(1)عبد الوهاب حمو فخار، "تايدرت ن وغلان" سنبلة مزاب، مطبعة الواحات، غرداية، ط1  مارس 1994 ص 10

النسيج العمراني للقصر والحفاظ على الأراضي الزراعية

Icon 08

إن المدينة المزابية قد خضعت في تخطيطها إلى قواعد المدينة الإسلامية والشمال-إفريقية عموما، باعتبار المزابيين من أعرق شعوب الشمال الإفريقي .

أول ما يهتم به المِـزابيون، كان الموقع، إذ كانوا يختارون لها موقعا مراعين في ذلك قدرة المدينة على الدفاع ضد المغيرين، و وقايتها من فيضانات الأودية، والحفاظ على الأراضي الزراعية ذات التربة الطيبة .

وإن أول ما يشد انتباه الملاحظ للمدن المزابية الحديثة (إبتداءا من تجنينت و انتهاءا بتيـﭭْـرار)، توضّعها على روابٍ (هضبات).

 

البناء على المرتفعات:(1)

إن اختيارهم البناء على المرتفعات يستجيب لعدّة مطالب منها الابتعاد عن خطر الأودية، وعن خطر الغارات التي يمكن أن يفاجؤوا بها، ولكنهم يقصدون إلى شيء آخر ولعله الأهم وهو المحافظة على الأرض التي يمكن الزراعة فيها لأنها نادرة.

فلو أنهم بنوا فيها لاضطرتهم ندرة الأرض الصالحة للغراسة إلى الابتعاد عن قريتهم، وظروفهم لا تسمح بذلك، وهذه نقطة تلتقي فيها مع التخطيط المعاصر.

وهكذا إذن إذا ما خططوا قرية فإنهم يبنوها على الجبال طبعا لغرض الدفاع عن النفس أولا، ولكن هناك كثير من الاعتبارات جعلتهم يختارون السكن في المرتفع للأسباب الصحية وللمحافظة على الرقعة الضيقة من الأرض الصالحة للزراعة بقدر ما يفي بحاجتهم.

والمعماريون اليوم يشتكون، سيما في أوروبا، من البناء في الأرض الصالحة للزراعة مما جعل المناطق الزراعية تتقلص يوما بعد يوم في العالم حتى قالوا إن العالم صار مهددا بعدم الكفاية الغذائية.

----------------------

(1) كتاب الشيخ القرادي، آثاره الفكرية ص133 -138.

النظام الاجتماعي لبني مزاب عبر التاريخ

النظام الاجتماعي لبني مزاب عبر التاريخ

Icon 09 جذور النظام الاجتماعي لمزاب

العهد الأول من الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الرّابع الهجري.

بني مزاب و نظامهم الإجتماعي في بلاد الشبكة  

العهد الثاني من اواخر القرن الرابع إلى نهاية القرن الثّامن الهجري.

حلقة العزّابة

العهد الثّالث من بداية القرن التّاسع الهجري إلى سنة 1269هـ/ 1853م.

الحياة الاجتماعية

الحياة الاجتماعية لكل قرية

الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع

النظام الديموقراطي في أعراس مزاب

النظام الديموقراطي في أعراس مزاب(01)

Icon 09  "... من أبرز ما لاحظته في هذا الصدد ونحن بميزاب، أن الديمقراطية بالمفهوم الجزائري كانت ممثلة في نظام الجلوس وفي وجبات الطعام وفي نمط اللباس، فأنت تحس بأن هناك مساواة نشيطة بالمفهوم الإسلامي الأول، الكل يجلس حيث انتهى به المجلس، والكل يأكل من طعام واحد ويتقشف أيضا، والكل يلبس لباسا متشابها في القيمة والزي، وتكاليف الضيوف، بما فيهم بنو ميزاب أنفسهم، على العشيرة، وهكذا كانت وجبة الغداء مثلا بدار "عشيرة آتْ لَمْخَارَج" وهي مبنى يتسع لعدد كبير من الزوار وله وسط واسع لم تنضد فيه الموائد بالطريقة المعروفة ولكن يجلس الناس فيه على شكل حلقات من سبعة إلى عشرة أفراد، ومن لم يجد مكانا في هذا الوسط عليه بالصعود إلى طابق أعلى يخضع لنفس النظام،..."

----------------------------

(01) أبو القاسم سعد الله "حفل في مزاب" الجزائر 31 ماي 1990

المصدر nir-osra.org

النظم الإجتماعية

  • المرأة المزابية

    Icon 07   المرأة المزابية والغربة
    عالم المرأة المزابية
    نساء حالدات
    حكمة المرأة المزابية في يومياتها
    مشاركة المرأة المزابية في الثورة التحريرية الكبرى
    كلمة إلى المرأة المعلِّمة
    نور القلــم: كتابات أدبية عن المرأة المزابية
    فيديو الشيخ أولاد أعماره عن الدور الحضاري للمرأة...

  • تنظيم الأوقاف

    Icon 07
    الهدف من كلّ هذه الاوقاف هو خدمة الصالح العام، ومساعدة الفقراء وتشجيع المتعلّمين، وخاصّة منهم...

    اقرأ المزيد

  • خزينة المدينة

    Icon 07
    تُعتبر هيكلا أساسيا وحيويا في كل قصر من قصور مزاب، وتكون تحت إشراف المقاديم وهم كبار العرش، كما جاء في اتفاق أهل غرداية سنة 1796م "اتفقوا على خمسة رجال منهم، ثلاثة مقاديم، وأمينان بأيديهما المفاتيح" ومن أهم مصادر الخزينة هي "الخطايا" أو الغرامات المالية التي تفرض على مرتكبي المخالفات والجرائم طبقا لقانون المدينة، وكذا المساهمة المفروضة على كل صاحب واحة منتجة، وكذا...

    اقرأ المزيد

 

 

الهواجر النخلة والتمر

كيف يؤثر حر الهواجر على نضج التمر؟

إن تلك التغيرات تعتمد في معظمها على الطقس. نهاية جوان (حزيران) وبداية جويلية (تموز): نحن نترقب بخوف وصول فترة أساسية في روزنامتنا الفلاحية، إنها فترة الهواجر، وهو الاسم الذي يطلق على أشد أيام الصيف حرا، وهي تدوم أربعين يوميا، وتمتد من العاشر جويلية (تموز) إلى العشرين من أوت (آب)، إنها الفترة التي تحدد مسار النضج ونوعية الغلة، وقد تبدأ الهواجر مبكرا بأسبوع أو أسبوعين حسب الأعوام، وفي هذه الحالة قد تضيع كميات كبيرة من البلح. في 2010 أتلف ما مقداره خمسون من المائة بلحا لدى بعض الأصناف.

إذا استمرت الوديقة طيلة فترة الهواجر تسارع الأرطاب، لكن النوعية تكون غير مرضية، لأن البلح الذي يحثه الحر لن يكون لديه الوقت ليكبر، والفترة التي يكون فيها بلحا، أي فترة النمو، تكون قصيرة جدا.

تكون النخلة خلال قيظ الصيف في أوج نشاطها، إنها تسوق غلتها نحو النضج وتنجب - في الوقت ذاته - الأعضاء التي تحدد ثمارها مستقبلا، فهي تشرع في إخراج سعف جديد وإرسال قناباتها، وتواصل نموها نحو الأعلى. إذا ظل الحر متواصلا دونما انقطاع فإن الاستطالة ستنشط لا محالة وستستحوذ على جزء مهم من النسغ الموجه للتمر في العذوق. في هذه الحالة ستصاب العذوق الأكثر انخفاضا بسوء التغذية وستعطي تمرا هزيلا ومتغضنا وجافا ومبتذلا.

سيكون هذا الحادث الفيزيولوجي مميزا إذا انضافت إلى الحرارة الشديدة عمليات سقي مفرطة، ويقال عن هذه النخلة إنها أصبحت "مسعورة". هناك أصناف أقل حساسية لهذه الظاهرة مثل " ادًالْتْ" و"تَامَزْوَارْتْ نتَلَاتْ"، كما أن هناك أصنافا أكثر حساسية "إِغَسْ أُوطْشِيضَنْ" (الغرس). وعلى العموم فإن النخيل من الصنف نفسه قد يكون، كل واحدة على حدى، ذا حساسية خاصة للحرارة، وتتخلى عن الغلة الصالح النمو، ولهذا فإني أحاول أن أسويها بالاحتفاظ بعذوق غير مؤبرة، وهذه العذوق التي تنمو دون إلقاح تبقى خضراء من ماي (ايار) إلى جانفي (كانون الثاني). إنها ستمتص النسغ وتبطئ النمو النباتي.

بعد فترة الهواجر تشرع درجات الحرارة ليلا في الانخفاض بلطف، وهذا المدى الحراري بين الليل والنهار حاسم بالنسبة لجودة التمر، وبدونه سنحصل على تحمر "لفَحَهُ " الحر، ويكون جافا وله تماسك كتماسك البلاستيك. وعموما كلما كان مسار الإرطاب مترويا كانت الغلة أجود.

 

كيف نسقي النخيل في الصيف(02)

..أثناء فترة الهواجر تتشكل قنابات غلة الموسم القادم، غير أنه لا يمكن رؤيتها بعد. أي نقص في الماء سيكون وبالاً على غِلة العام الحالي والتالي، وخلال أربعين يوما فإن وتيرة السقي تقتضي أن يكون مرة كل يومين.

إذا انقضت هذه الفترة يرجع إلى وتيرة سقيين في الأسبوع، أو سقي واحد حسب نوع الأرض والوضعية الجغرافية للبساتين، ففي ضواحيها وبجانب الهضبات الصخرية التي سخنتها الشمس تكون الحرارة أشد والأرض أقل عمقا، فأسقي بالتالي مرتين كل أسبوع، وفي وسط البساتين، حيث الأرض أكثر عمقا وأكثر احتفاظا بالماء، أخفض وتيرة السقي إلى مرة واحدة أسبوعيا.

إن النضج لا يتطلب الكثير من الماء، وعلى النقيض فإن الماء الزائد يسمح بسيلان شراب الثمار وتعفنها. علاوة على أن التمر الناضج إذا سقي بإفراط سهل انفصاله عن الشماريخ، ويضيع منه الكثير بمجرد هبة رياح.

على الفلاح أن يأخذ حذره من السقي العشوائي، فإذا عطشت النخلة مال التمر إلى التيبس، لكن العودة إلى سقي مفرط يسبب تورما للثمار. في هذه الفترة القائظة، يخشى الزارع نهارا الصدمة الحرارية الذي قد يسببها الماء المنعش على الجذور السطحية التي سخنتها الشمس، كما أن ضياع الماء بسبب التبخر يكون معتبرا، وعليه يجب أن يتم السقي بين السادسة مساء والثامنة صباحا، كما أن البعض يسقون في الليل والبعض في الصباح الباكر. ما أقصر ليالي الصيف على زارعي النخيل في الواحة!

 ----------------------------------------------

(01) كتاب نخلة التمر يوميات يرويها عاذق، نورالدين بن سعدون ونورالدين بولحواط. ص54

(02) كتاب نخلة التمر يوميات يرويها عاذق، نورالدين بن سعدون، نورالدين بولحواط. ص69.

المصدر https://nir-osra.org

ايزلوان ودوره في البناء الحضاري

فنّ ايزلوان ودوره في البناء الحضاري في المجتمع المزابي

ⵉⵣⴻⵍⵡⴰⵏ

c 7جزء من مداخلة الأستاذ يوسف لعساكر في الملتقى الاول حول " القيم الحضارية في التراث الوطني الامازيغي" .

فنّ ايزلوان ودوره في البناء الحضاري في المجتمع المزابي

 

المقدمة

إنّ فنّ ايزلوان من الفنون التراثية الشعبية الامازيغية ، وإرث انساني عريق ،و رافد معرفي أصيل و زاخر، ساهم بقسط وفير في الحفاظ على هوية أبنائه، عن طريق لغته الامازيغية وهي قناة أساسية لنقله و ترقية مضامينه الحضارية المتواترة ، مجايلة عبر العصور.

وفي هذه المداخلة استوجب علينا طرح اشكالية محورية متمثلة في :

ما المكانة التي حُظيت بها الاهازيج التراثية او"ايزلوان" لدى المزابيين الأوائل الذين أسسوا لاستقرارهم في قرى متجانسة النسق، تتناغم مع طبيعة البيئة الصحراوية ،سموها بـ "ئـغرمان" ؟ وما هي المواضيع التي ضمّنوها في بث الوعي الحضاري (تاغرما) ، لاستمرارية حياتهم الاجتماعية بمختلف مستوياتها؟؟ وما هو الدور التفاعلي الذي أدته في سيرورة المنظومة القيمية من خلال فن "ايزلوان" وكيف ساهم هذا الاخير في الحفاظ على الذاكرة الجماعية و الامتداد الحضاري و الثقافي بين افراد المجتمع ؟ وهل هناك دراسات أكاديمية عكفت على البحث في هذا اللون من الألوان الفنون الشعبية ؟

أولا: مدخل مفاهيمي

قبل ولوجي في الإجابة عن بعض ما طرحنا من الأسئلة ، يجدر بي أن أشير إلى أن عنوان مداخلتي هذه يتضمن مجموعة من المفاهيم مثل : الفن ، ايزلوان ، البناء الحضاري ، المجتمع المزابي . هذه المفاهيم أرى أن الأمر يتطلب تبسيطها بتعريفها لتتضح الصورة ويزول أي لبس قد يختلج بال المتلقي لها، وهو ما سنخصص له مدخلا تعريفيا في بداية الموضوع .

أ/ تعريف الفن

للفن عدّة تعريفات ، و نختصر على ما قاله هربرت ريد، هو" ابداع وابتكار الانسان" - المنفعل بحواسه و المتفاعل في تجانس مع ما يدور حوله " لأنماط و أشكال تعبيرية جديدة" ،بغرض التواصل مع الكون الذى يعيش فيه ، برؤية تأملية ذكية، وليس بالضرورة تلبية للمتطلبات اليومية ، في اوقات الفراغ أو غيرها، فيما يراه البعض ، على أنّه من الضروريات في الحياة ، كضرورة الماء و الهواء...وهو... مؤشر الحيوية الاجتماعية ، كما يصفه هربرت ريد و الخط البياني المتحرك الذي يسجل مصير الحضارة " ( 1)

ولا تقوم قائمة أية حضارة ما لم تشحد همَمُها و قيَمُها الفنية ، الفكرية ،الأخلاقية والاقتصادية. فكلما زاد تذوق المجتمع للفن زادت قيمة الحضارة وامتد تواصلها.

ولو أسقطنا هذا المفهوم على الوسط المزابي بكل أصنافه و فئاته العمرية لوجدناه وسطا متذوقا للفن أو متنفسا له. فالمرأة فنّانة والرجل فنان و الشاب فنان و الصبي فنان . الكل يمارسه حسب طبيعة عمله والظروف المحيطة به .

ب/ تعريف ايزلوان : مفرده ايـزلي ويجمع الى ايزلوان أو ايزلان ، في بعض التنوعات او المتغيرات الامازيغية ، وقد تفخم الى ايژلان عند الطوارق ( ايموهاغ ) ، ويعني مقطع انشادي ، غنائي (2) يتناول مختلف المواضيع الحياتية ، للتخفيف من أعباء العمل و الترويح عن النفس وكسر الرتابة ، يمتاز بالبساطة ويؤدى في مناسبات مختلفة ، أين يتجلّى فيها النشاط ، الحيوية، روح التكافل و التظافر و الأنس في لقاءات الافراح ،الأعراس مواقف الأسى ،المواساة ، الأتراح ،الأسفار، التوديع و الاستقبال ، واثناء الأعمال التطوعية التضامنية ، ما يسمى بـ " تويزة " أو "انّدهت" ،خصوصا في مواسم الحرث، الزرع ، الجني، الحصاد ( أمجار ، انكاض) ، البناء (اصتشي ) وبهجة نزول الغيث ( اتلاع اوّنزار) و أثناء تصفية الأودية ، وفي تجمعات نسوية ،(أزطا ، تيخباشين، انعارن ، ايبزارن ) ، حفلات الميلاد ( انوجي ) ، الختان ( تيرا / اكراض اوّمزور) ، الزفاف ( تاجرويت، الحنّي ، ارّا نيخف ، اسكوبّر ) ، والأشغال الفردية كالمنزلية ، ( تيغاوسيوين ن تدارت ، ازضا ، افراز ).

ج/ البناء الحضاري : يرتكز على ثلاثية الدين ، الانسان، والعمل ، وهذا الارتكاز يحتاج إلى الرقعة الجغرافية بمكوناتها الطبيعية وعامل الزمن بأمديته وتفاعل الانسان معها بفكره المدبّر. و الفهم الصحيح لدينه هو المقوم المؤثل لتأسيسه ، وتثبيت ركائزه والمؤهل القوي لاستمراريته ،

د/ المجتمع المزابي : هو اثنية امازيغية جزائرية ذات اغلبية زناتية وأقلية وافدة تبوتقت في فضاء عمراني متناسق و تركيبة اجتماعية متجانسة اتصفت بالانضباط الهيكلي من خلال تنظيم محكم متوارث منذ قرون و مستمد من تراكمات تجارب انسانية عريقة ، هذبها وأصلها الاسلام ، حيث تخضع له الافراد و العائلات عن طريق قوانين عرفية تهندس له في شكل هرمي، تشرف عليه وتستشرف له سلطة روحية تسمى حلقة " ئعزّابن " أو العزابة ، تلتقي في ما يسمى "تامنيت " هدفها ضمان سيرورة العلاقات المجتمعية بفض النزاعات و اقتراح حلول والدفع بعجلة التنمية و الوقوف ضد كل ما يعرقلها.

ثانيا: الزخم الفني والأدبي للمجتمع المزابي عبر التاريخ

لو بحثنا في الرصيد التراثي الفني و الأدبي للمجتمع المزابي خصوصا في الأشعار ،الامثال الشعبية ، القصص، الأهازيج ، الأساطير القديمة والأزياء المناسباتية بألوانها وأشكالها ، و تأملنا هذه المادة الأدبية بعين فاحصة،رغم قلتها،و بساطتها أحيانا وتعقيداتها أحيانا اخرى ، لوجدناها ذاتَ أبعاد مختلفة تعكس ثقافة وتفكير وعقلية أفراد ذلك المجتمع في فترات زمنية متعاقبة، صعب جدا تحديد بداياتها الأولى ، وجذورها التاريخية العريقة ، التي قد تمتد الى ازمنة غابرة ذات الأصل الافريقي الامازيغي، والاسلامي ، تحمل في ثناياها أخبار فن المعاملات والتسيير في الشؤون الحياتية بين الشرائح المجتمعية المتفاوتة ، التي كانت تتعايش فيما بينها تحت منظومة اجتماعية منضبطة، تترنح ما بين الصرامة والمرونة...

وبما أن هذا الرصيد الأدبي القديم اكتسى طابعا شفويا في ما مضى من الأزمان ، ضاع منه الكثير لاسيما في سنوات العشرينات ، حيث انصب جل اهتمام المزابيين نحو اللغة العربية و آدابها، خصوصا أثناء ظهور الحركات الاصلاحية ، النهضة الفكرية و البعثات العلمية المزابية نحو تونس والمشرق. و لم يصل الينا الا ما كان تردده الامهات في بعض المناسبات أو ما دونه الآباء البيض ابّان الحقبة الاستعمارية بنية اكتشاف المختلف عنهم وأبعاد استيطانية في تقارير ، و مؤلفات سوسيولوجية وأبحاث ألسنية عكفت على تدوين النصوص التي مكنتهم من الدراسة.ويؤكد الاديب الشاعر عبد الوهاب فخار أن ثقافة صناعة الصوف في مزاب، من الحرف التي أسدت لنا خدمة هائلة ، مساهمة من أمهاتنا العزيزات في الحفاظ على التراث اللغوي و المخزون الأدبي، من حقنا ان ننشره، ليس كإرث محلي او وطني فحسب، بل كإرث إنساني يحق علينا ان نفتخر به بين الأمم (3).

أ/ الاهازيج :

اهازيج المرأة

للمرأة المزابية كما لصنوها الرجل ، عدة فضاءات للإلتقاء كالأعراس ، و المسامرات ومواسم الافراح و مناسبات التعاون، فيها يتم التواصل و تبادل أطراف الأحاديث والحوار ، تسودها البهجة و الانس، اين تجتمع المرأة ببنات جنسها من صديقات وقريبات للإمتاع و المؤانسة أو مرافقة تطوعية للتعاون في أداء بعض الأشغال المنزلية كخدمة الصوف وتحضيره بداية بغسله ، الى عملية نسجه ، وفي مثل هذه التجمعات النسوية تؤدى باقة من " ايزلوان" تعبيرا عن ما يجيش في الصدر وترويحا عن النفس وكسرا للرتابة من المتاعب اليومية التي تمارسها المرأة. وتنتقل من خلالها بعض العادات و المعتقدات المتوارثة. كضرب الصوف بأداة "فيلتش" للتبرك ظنّا منهن انه مبارك وقد اوصى به الاوائل خيرا، و البيت الذي به " فيلتش " هو بيت تتغشاه البركة ، وإذا لم تنل تلك الكومة من الصوف ضربة "فيلتش" ، يقـِلُّ شأنها حسب اعتقادهن و تبقى لأيام في كيس محشو لتُستغل كوسادة للطفل .

وهذا نموذج من ايزلوان تتغنى به المرأة عند انطلاقها و الشروع في تحضير الصوف مخاطبة ايّاه في صيغة انثى فتقول :

ازكى و البركة

وامركبن اديكنع

واميرضن اديحما

وامخدمن ادياغ ارازن

اضوفت ن ربي

معناها :

"مباركة زكية

يرتضي من يرمقك ،

يتدفـأ من يرتديك ،

ويجازى من ينجزك

يا جزّة الله .

ومن الصور الاجتماعية التي تتجلى فيها قيمة العمل و أمهيته هو نزول العروس في يومها الرابع بعد زفافها من الطابق الاول ( اين توجد غرفتها) الى وسط الدار مكان وجود المنسج لتلتقي بحماتها وبعد السلام و التحية تقدم لها امشض و تقول لها : " اَمْشَضْ د اشْغَل امزوار " . خذيه لتَحيي في القلب مثله (اي امشض) . وتأخذه منها (تايّا ) وهي الامة و تقول لها :" ان شاء الله يكون لك الأول و الأخير". وهي تقصد زوج العروس . وتشتغل به لوقت امام مرأى الجميع ممن حضرن كفأل خير في الحيوية،واستمرار في العمل و الانجاز.

يوسف لعساكر

بعض خصال بني مزاب

إنطباع أحد زوار مزاب:

المزابي عموما رصين ونشط ومجتهد.  بذل جهودا ضخمة، ومثابرة لا مثيل لها، لتحقيق النتيجة التي تمّ بلوغها في هذه المنطقة (مزاب). لا يسعنا -في الواقع- أن نمنع أنفسنا من صدمة الإعجاب عند رؤية الإبداعات الرائعة التي هي نتيجة عمل استثنائي لعدّة أجيال، في منطقة من أكثر المناطق جفافا وفقرا، والذي يشهد وضع صيانتها الجيّد على روح المثابرة في هذا الشعب، وعلى نشاطه الذكيّ.

 

بعض خصال بني مزاب

 أ ـ المواظبة على العبادات :

عملا بمبدأ المذهب الإباضي القائل بأنّ الإيمان اعتقاد إقرار و عمل, و أنّ من مات على كبيرة يخلد في النار, فإن المزابي و المزابية يُنشآن منذ البلوغ على تطبيق التعاليم الإسلامية, خاصة ما يتعلّق بالطهارة و الصلاة و الصوم, و عدم اختلاط الجنسين. و يتطلّب ذلك من المجتمع توفير حد أدنى من الثقافة الدينية , تضطلع به المدارس الحرة للفتيان و الفتيات و دروس الوعظ و الإرشاد في المساجد و مناسبات الأفراح و الأتراح

 

ب ـ الأمانة :

 لعلّ الخصلة الحميدة الوحيدة التي يعترف بها الجميع لبني مزاب, أصدقاؤهم و خصومهم, هي خلق الأمانة. لقد باتت هذه الصفة من الصفات المتوارثة عبر الأجيال, و لا عجب ! إنّ المرأة المزابية حين تودّع ابنها للسفر إلى التجارة في الشمال كانت توصيه وصيّتين جليلتين : حافظ على صلاتك و حافظ على أموال الناس.

الوصية الأولى تضمن له صلة طيّبة مع خالقه, و الوصية الثانية تضمن له علاقة طيبة مع الخلق. لقد ضرب بنو مزاب أمثلة رائعة في الحفاظ على الودائع و أداء الأمانات إلى أهلها.

 

ج اعتماد على النفس :

إنّ وادي مزاب قديما و حديثا لم يعمر بالاتّكال على الغير. إنّما عمره أبناؤه بسواعدهم و مثابرتهم و تكاتفهم و صبرهم و حبهم لوطنهم. فقد كانوا يغتربون للعمل و الكسب قصد إحياء واديهم و إعالة ذويهم, مضحّين بكلّ الكماليات, يكدون سنوات دون أن يخطر ببالهم أخذ عطلة أسبوعية, أو التمتّع بنزهة على شاطئ البحر أو تحت ظلال غابة من الغابات في الجبال.

 

د ـ خدمة اللغة العربية:

إنّ بني مزاب يتعلّقون باللغة العربية باعتبارها لغة القرآن, اللغة التي اختارها الله تبارك و تعالى لمخاطبة عباده في آخر الرسالات, وباعتبارها لغة سيّد الخلق محمّد صلى الله عليه و سلم, و هم بتعلّمها و إتقانها, يتعاملون مباشرة مع النصوص الشرعية الإسلامية.

وقد سخّر علماء بني مزاب مواهبهم لخدمة هذه اللغة و قواعدها, و سطع في سماء الثقافة العربية أُدباء كبار أمثال مفدي زكريا وصالح الخرفي و غيرهما.      

بنو مزاب ملائكة التجارة في الجزائر

بنو مزاب ملائكة التجارة في الجزائر(01)

Icon 09 

لا يَسمح نظام التكافل الاجتماعي للمزابيين بتفشي البطالة بين شبابهم، إذ تعد التجارة شغفَهم الدائمَ، ولهم فيها براعات والتزامات وفنون، سواء داخل تجمعاتهم السكنية التي تستقطب معظم السواح الذين يقصدون الجزائر، أو في الولايات الأخرى التي لا يخلو شارع فيها من محل تجاري يسمى "محل المزابي".

يجمع الجزائريون على اعتبار هذه المحلات التي يشرف عليها مواطنون من مزاب، فضاءات نظيفة وخدومة وبشوشة وخالية من الغش وعبارة "لا يوجد" التي تعشش في المحلات التي يشرف عليها مواطنون من غير المزابيين.

"المزابي، لا يحدث أن يغلق محله خارج أوقات الصلاة، ويفتحه باكرًا ويغادره متأخرًا، ويستقبل زبونه بحفاوة تشعره بإنسانيته، ويعرض عليه سلعه كلها، ولا يتذمر من تقليبه لها، حتى إن كان ذلك من باب الفضول، ولا يميز بين الزبائن مهما تفاوتت مقاماتهم، فهو يبدأ دائمًا بأول الداخلين، ثم الذي يليه، والأهم من هذا كله، أنه لا يصدمك بعبارة "ما عنديش"، فهو يجلب كل عناصر التجارة التي يتخصص فيها، وإن حدث أن نفذت عنده في تلك اللحظة، فإنه يسارع إلى محل آخر ليجلبها بنفس السعر".

في المقابل، يلاحظ في بعض المحلات غير المزابية: "الصحو من النوم بعد أن تستوي الشمس في السماء، فتح المحل بكثير من التثاؤب والكسل، عدم مرافقة الزبون إلى داخل المحل، وإن كان الغرض المطلوب ذا سعر زهيد، فهو يلجأ إلى عبارة "ما عندناش"، حتى لا يكلف نفسه عناء إحضاره، وهي عبارة تتكرر حتى فيما يتعلق بسلع تعد من ضروريات المعيشة، مع قلة الحفاوة بالزبون، وكأنه جاء متسولًا".

هذه المقارنة تذكرنا بأخرى أجراها الكاتب الفرنسي غي دو موباسان في كتابه "رحلة إلى بلاد الشمس" الصادر عام 1881، بين التاجر اليهودي في الجنوب الجزائري والتاجر المزابي: "لا يتعامل اليهودي في كل الجنوب إلا بالربا وبكل الوسائل الخسيسة الممكنة، أما التجار الحقيقيون فهم أهالي مزاب، يلاحظ المرء عندما يصل إلى قرية ما في الصحراء، فجأة أن عرقًا مختلفًا استولى على مجريات الأمور".

ويبرر أحد التجار المزابيين تفاني المزابي في تجارته وإخلاصه لزبونه، بكونه "يرى أنه تعاقد معنويًا مع المجتمع، بمجرد أن يفتح دكانًا، وأي تهاون أو غش أو تأخر أو استسهال في توفير سلعة ما، يعد خيانة لهذا العقد الاجتماعي، وهو ما ترفضه الأخلاق والأعراف والدين".

والمزابيين قديما، يستقبلون الشاب المقبل على تكوين بيت، عامين كاملين في محلاتهم، من غير أجرة، ما عدا مصروف الجيب، ليتعلم أصول التجارة، خاصة كيفية التعامل مع الزبون، ثم يفتحون له محلاً خاصًا به ليستقل بتجارته لنفسه.

------------------------------------ 

(01) موقع إلترا صوت

المصدرnir-osra.org

بوشمجان ذكريات اصطياف وبواكير وعي

كان موسم النزوح إلى الواحة للاصطياف دأب أغلب المزابيين حيث يجدون في بساتين واديهم ملاذا من قيظ الصيف..، وقد كانت العطلة الصيفية آنذاك بالنسبة لطفولتنا موزعة بين سويعات للتعليم القرآني إلى منتصف الصيف وأخرى لحاجيات البيت، كما للمطالعة واللعب والاستجمام..

كانت وجهة اصطيافنا السنوي حي مامة حنة بـ "تاكضيت"، حيث مسكننا التقليدي العتيق وقد كانت الواحة حية أيام الصيف بما تشهده من فعاليات تربوية وتظاهرات ثقافية كثيفة كحفلات نهاية الموسم الدراسي الحر لعمي سعيد والإصلاح، والمهرجان الثقافي السنوي بطبعاته المختلفة الذي دأبت جمعية الإصلاح على تنظيمه كل عام..، فكان من روعة هذه الفترة أنها تركت فينا ولا تزال شيئا من روح حراك ثقافي شكَّل فصًّا من فصوص وعيِنا مذ ذلك الحين.

ومن أجمل ذكرياتي في ذلك الحين ارتيادي لمكتبة الإصلاح التابعة لدار العلم "البعثة" ببوشمجان، فكنت لا أتخلف عنها كل ما سنحت الفرصة.. أنفذ إليها طولاً من البيت مرورا بدكان "ليسير" وقصابة "دقدوق" بـ "بن ساشو" فمنزل "لالة كْ منة"، هنالك أصعد الدرج حيث الطابق الأول لدار العلم..، بهو واسع به خزائن تحوي مجموعات من الكتب يشرف عليها قيِّمٌ عادة ما يكون من الطلبة الباحثين أو المعلمين... والمطلوب المُلِح هنا هو الهدوء ثم الهدوء نظرا لكون أغلب مرتاديها من اليافعين.

هكذا تشكلت بواكير علاقتنا بالكتاب، فكنا نقضي هناك أوقاتا لا تنسى بين سلاسل علمية وقصصية ذات طباعة لبنانية راقية من شاكلة سلسلة المعرفة وكتيبات ليديبرد المتنوعة وكذا المكتبة الخضراء (السلطان المسحور، سندريلا، أليس في بلاد العجائب..) وغيرها كثير..

وإنه لمن الاعتراف بالفضل الوقوف على مثل هذه الصروح على بساطتها وهي كثيرة..، الوقوف تأملا في بساطة وعمق الفعل الحضاري في آن (مكتبات في نواح للاصطياف)، والوقوف إجلالا ودعاء لجنود الخفاء الذين فكروا وأنجزوا في صمت، ولعل أغلبهم قد رحلوا أو شارفوا.. فرحمة الله عليهم جميعا إذ تركوا نهجا وقيما لا مجرد صروح وبنايات.

نقل     Abghour Otchid بتصرف من مقال Salah Abdenour

بوعود buɛud ⴱⵓⵄⵓⴷ

Icon 08

للطَّير "بُوعُودْ" نصيبه في وِجدان المزابيين وثقافتهم، حيث خصَّص كثيرون وقفًا خاصًّا به "الحابوس ن الطير" نظرا للمناخ الحار في البلدة خاصة في فصل الصَّيف، وهذا بوضع وعاء فخَّاري مفتوح في سطح المنزل أو فوق قبر من القبور، بحيث يتعهَّده صاحبه بالماء بشكل منتظم، بالإضافة إلى امتلائه أوقات الأمطار على ندرتها.

أتصوَّر أن هذا الوَقف -وغيره من من الأوقاف في البلدة- كان بإمكانه أن يتطوَّر ويستفيد من التقدم الإداري والتقني المشهود ويصير مؤسسات رائدة للرفق بالحيوان لو أنَّ المزابي حافظ على إيمانه بنموذجه الاجتماعي ويقينه بمنظومته الفكرية(1).

Icon 08

بوعود من الطيور التي عاشت مع المژابي في بلاد الشبكة وفي  البلاد الجافة لشمال غرب أفريقيا عموما،

اسمها العلمي  درسة منزلية باللاتيني Emberiza sahari بالفرنسيةBruant du Sahara

تتكاثر حول المساكن البشرية، وتضع من بيضتان إلى اربع بيضات في حفر بالجدار أو المباني المحيطة.

 

معروفة بصوتها في السكونفهو رقيق وجميل،فبمجرد النظر إليه يشعر صاحبه  بالغبطة والراحة النفسية، فآت مژاب  يرون فيه البركة وهم يعتبرونه فال الخير أينما حل،فله مكانه خاصة عندهم وهو طائر المحبة ودليل بشر، ويذكر كثيرا  في الأهازيج المزابية فقد تغنّى به المنشد المزابي الكبير داودي عمر وكتب عنه الشاعر المزابي عبد الوهاب فخار في بعض قصائده.

ومن اللطائف ما يروى في الأسطورة على انه أرواح الآباء والأجداد  تجسدت في شكل طائر تعود لتأنس بأهلها، لهذا الطائر ألفة ومحبة خاصة في المجتمع المژابي فالكل يحترمه، كأنه رمز الجمال والسلام والحب ورسول الحيارى أيضا، حيث لما يزقزق فوق الشباك العلوي كأنه يبعث برسالة لأهل الدار مفادها أن مسافرا على مشارف البلدة أو خير كبير قادم إليهم سيحل بالبيت ويعم العائلة،  وتوصي الجدات الأطفال بعدم إيذاء بوعود فإنه طائر الجنة.

إن بوعود طائر يعيش معنا أكثر مما نعيش معه، فهو ببراءته يختار سكنه مع مسكننا، فله عشه الخاص به والذي عادة ما يكون في زاوية خاصة في الشباك العلوي من سقف البيت "نّج أدّاي"،  المسمى بالمزابية "أولون ن جار تيمولاف" حيث يعده له المژابي سلفا، عندما يقوم ببناء منزله، فالطائر بفطرته يزين تلك الزاوية بأعواد وأعشاب بشكل جميل وظريف ليبقى مدى الحياة عش لـ بوعود وآله، كأنه فرد من أفراد العائلة فهو حريص على احترام شريكه في المسكن .

هذا الطائر المحلي  يتغذى على الحبوب ومن فتاتالخبز وبقايا الكسكس من حول المائدةوهو وديع لا يأكل إلا مما وقع من الثمار على الأرض ولا يفسد الحرث كما تفعل تزوكي.

buɛud (u-) n.m. (pl. ibuɛuden)(2)

Sorte de passereau familier, considéré jadis comme un oiseau sacré. Il habitait à l'intérieur des maisons où on lui aménageait une niche et était apprécié parce qu'il picorait les restes d'aliments tombés par terre. Identifié comme le bruant striolé, emberiza striolata.

 -------------------------

(1)  Brahim Ramdane

(2)Hammou Dabouz

بين كلمة مصعب ومزاب

Icon 09

.......) كان تلامذة أبي الربيع سليمان بن يخلف (ت: 471هـ/1078م) من أهل سوف وأريغ ووارجلان ومزاب وقسطيلية حلقوا على أبي محمد في تين زراتين...)[01]

{ما يهمنا في هذا النقل أكثر هو ورود تسمية "مزاب" بهذا الرسم دون مدٍّ بعد الياء، وأيضا بالزاي لا بالصاد، وهذا يقضي على فرضية تحول الصاد إلى الزاي، كما تتناقل الكثير من المراجع، وتعلل ذلك بميل البربر إلى نطق الزاي بدلا من الصاد؛ كما في نطقهم "تزاليت، أوزومي" بوصفها صيغا بربرية للصلاة والصوم.

لا بد من ملاحظة أن الدرجيني (توفي حوالي 670هـ) فهو سابق عن ابن خلدون (ت 808هـ) الذي ذكر "مصاب" دون "مزاب"؛ فليس ثمة تحول إذن، وهذا -على الأقل- بين هذين المؤرخين، بل يمكن القول إن ابن خلدون هو الذي كتب بالصاد بدلا من الزاي، ونتصور وقوع ذلك عند تحول الثقافة الشفهية إلى ثقافة مكتوبة، ولاسيما إن كان الكاتب ليس من أهل المنطقة؛ فيتقرر ذلك لشهرة الكاتب وما كتب..

على أن الدرجيني قد أثبت في مواضع "بنو مصعب"، وهنا أثبت "مزاب"، وهذا يجعلنا ننفي افتراض التحول أيضا من التسمية الأولى إلى التسمية الثانية، بزعم صعوبة نطق البربر بالعين وتحول الصاد إلى الزاي! هكذا كأن التسمية ولدت عربية، ثم تلقفها البربر وكيفوها وفق لسانهم! والواقع التاريخي للمنطقة يرفض هذا التعليل وما يشبهه أصلا.

-------------------------

[01]طبقات المشايخ بالمغرب، أحمد بن سعيد الدرجيني أبو العباس، تح: إبراهيم طلاي، مطبعة البعث، قسنطينة –الجزائر، ج2/ ص 482

تاريخ الإباضية في الأندلس إمارة "بنو دمـر"

أقيمت هذه الإمارة في مدين مورور أو مورون بالقسم الجنوبي من الأندلس، وكانت تشغل رقعة صغيرة تمتد حول هذه المدينة جنوباً حتى وادي (لكه) وقام بها أيام الفتنة نوح بن أبي تزري الدمري زعيم دمر، وكان بنو دمر من بربر تونس ومن بطون زناتة، وهم من الإباضية وفد جدهم أبو تزيري إلى الأندلس أيام المنصور، وخدم في الجيش كسائر زملائه من زعماء البربر، وانحاز منذ أيام الفتنة إلى تلك المنطقة واستقر بها وبسط عليها سلطانه .

ولما توفى سنة 403 هـ خلف ولده نوح بن أبي تزيري واستمر في الحكم زهاء 30 عاماً ثم توفي سنة 433هــ فخلفه والده محمد بن نوح بن أبي تزيري.

وكان ينظر بعين السخط إلى قيام تلك الإمارة الصغيرة إلى جانب مملكته القوية الشاسعة، وأصبح يعمل الفكرة في إزالتها مع غيرها من الإمارات الصغيرة المجاورة.

وعقب غارات متتالية من المعتضد بن عباد حاكم إشبيلية على أراضي مورور  واستقبل محمد بن نوح هذا العدوان بالحلم والصبر ولم يقابله بالعنف، وجنح المعتضد بن عباد بعد ذلك إلى مصانعته واستمالته بالصلات والهدايا كما فعل مع زميليه أبي نور صاحب رندة ومع عبدون صاحب أركش، ثم دعاهم وصحبهم إلى زيارته في إشبيلية وهناك قبض عليهم وغدر بهم، وهلك في ذلك الكمين سنة 445هـ محمد بن نوح، وابن خزرون، وقيل أن محمد بن نوح مكث في السجن حتى توفي سنة 449 هجرية.

فخلفه في الامارة ابنه مناد بن محمد بن نوح، وتلقب بعماد الدولة وسار على سنة أبيه من حيث الصرامة والحزم، وقصده البرابرة من إشبيلية واستة، وزاد جموعه، واستمر محافظاً على سلطانه، والمعتضد بن عباد يكرر الإغارة على أراضية ويحرق بلاده وزروعه، ويرهقه بطريقة قاسية منظمة . فلما ضاق بهذا العدوان المستمر، وشعر بأنه عاجز عن الدفاع عن إمارته كتب إلى عدوه المعتضد يسأله الأمان والمسالمة على أن يسلمه أراضيه ويخرج إلى إشبيلية يعيش فيها تحت كنفه، فأجابه المعتضد إلى رغبته وسلم إليه الأمير الإباضي حصن مورور وما يتبعه من حصون وأعمال، وذلك سنة 458 هـ .

وهكذا انتهت هذه الدولة الإباضية، دولة دمر، وارتحل عماد الدولة بأهله وأمواله إلى إشبيلية حيث بالغ المعتضد في إكرامه والتوسعة عليه، وعاش هناك إلى أن أدركته المنية سنة 468هــ، وقد دامت هذه الإمارة أكثر من ستين عاماً.

مقال: الإباضية.. النشأة .. التاريخ.. والواقع

منقول من موقعhttp://www.islamist-movements.com

تاريخ الإباضية في الأندلس دولة بني برزال

كان للإباضية تواجد قوي في بلاد الأندلس (إسبانيا والبرتغال الآن) وشهدت الأندلس تأسيس دولة بني برزال الإباضية.

و بني برزال قبيلة أمازيغية من الفرع الزناتي في الجزائر، كان لهم دور كبير في التاريخ الأندلسي انتقل جزء منهم إلى الأندلس أيام الخليفة الحكم المستنصر بالله وبمساعدته وكان لهم دور في عهد الحاجب المنصور، فانتظموا في سلك الجيش واستمروا كذلك إلى أن تولى كبيرهم الحاجب أبو عبد الله ابن عبد الله بن برزال حكم مدينة قرمونة واستقر بها أهله وصحبه إلى أن وقعت الفتنة وانتثر عقد الأندلس، فاحتفظ كل حاكم بالمدينة التي يحكمها وضبط شئونها، وهنالك دعا أبو عبد الله هذا وأعلن نفسه ملكاً على قرمونة، وذلك في سنة 400هـ أو 404هــ واستبد بحكمها وإدارة أحوالها وترتيب حالها،

من أعلامهم جعفر بن حمدون الأندلسي، وغدت قرمونة بذلك إمارة خطيرة لها أهميتها في تلك المنطقة، وكانت قرطبة، ثاني الإمارات البربرية، توفى أبو عبد الله البرزالي سنة 434هـ وخليفة ولده الأكبر إسحاق بن محمد وهو في سن الكهولة ويصفه المؤرخون بأنه كان رئيساً حازماً وافر الكفاية والبأس والفروسية ولكن دون أبيه في القسوة والفظاظة وكان كلاهما موصوفين بالعفة والنزاهة والبعد عن آفات الملوك الشائنة.

وبعد مناورات وفتن بين أمراء الطوائف، انتهت دولة بني برزال الإباضية باستيلاء ابن عباد على قرمونة سنة 459هـجرية، بعد أن دامت 54عاماً .

تاريخ للإعتبار

  • الوباء في أغلان آلام الماضي و آمال المستقبل

    Icon 07

    على وقع الأجواء غير المألوفة و حالة الترقب التي نعيشها في وقتنا الراهن بسبب فيروس كورونا، ساقتني الذاكرة إلى الماضي متسائلا، ترى كيف كان أجدادنا يواجهون و يتعاملون مع تلك الأوبئة التي كانت تجتاحهم كل حين في ظروف قاسية تنعدم فيها كل وسائل الوقاية و العلاج المعروفة حاليا؟ .....

    اقرأ المزيد

تراجع المذهب الإباضي بوادي أريغ

من خلال "أجوبة علماء الجزيرة والجبل على أسئلة الشيخ أبي العباس أحمد التماسيني"

Icon 09الدكتور ناصر بالحاج

جامعة باتنة 1 ( الجزائر)

الملخص

هذا العمل أنجز من خلال مخطوط لم يسبق تحقيقه بعد، تم العثور عليه في إحدى مكتبات وادي مزاب، وهو عبارة عن أجوبة علماء جزيرة جربة بتونس، وكذلك علماء جبل نفوسة، على أسئلة أحد مشايخ تماسين، وهو الشيخ أحمد بن سعيد، وهو يكشف عن العديد من مظاهر الحياة الاجتماعية بالمنطقة، فضلا عن تبيين المرجعية العلمية المعتمدة من طرف أصحاب الأسئلة والأجوبة، وكذلك عن تبيين مدى التواصل بين المجموعات الإباضية في المغربين الأوسط والأدنى، وهو يقدم فوق ذلك صورة عن بداية نهاية التواجد الإباضي بالمنطقة.

 

Abstract

This article is based on a non-published manuscript. It was found in one of the Mizab's library,in the Algerian Sahara. The manuscript compiles a set of "responses (ajouiba)" sent by Ibadi scholarsof Jerba and the Jabal Nafousa to Abu al-Abbas Ahmad al-Timaçini, who had asked them for advices.This very rare document gives an insight into the socio-economic life of Timaçine as much as anoverview on the beginning of the Ibadi decline in this region.

Résumé

Ce travail est réalisé selon un manuscrit non-édité encore, et qui se trouve dans une desbibliothèques du Mzab. Le contenu du document: est un ensemble des réponses « Ajouiba » dessavants de Djerba et Djabel Nafousa sur les questions d’Abou Al-Abbas Ahmed Al-Timaçini. Lecontenu nous donne un aperçu sur la vie socio-économique de Timaçine, mais surtout un aperçu surles débuts de la fin de l’Ibadisme dans ces régions.

مقدمة

من المواضيع التي لازالت بحاجة إلى البحث والتمحيص، موضوع تراجع المذهب الإباضي، وزواله من مناطق واسعة من المغرب الأوسط، لاسيما منطقة وادي ريغ، التي أنجبت عددا معتبرا من أعلام المذهب، وشهدت ميلاد حلقة العزابة في بداية القرن الخامس الهجري  سنة 409 هـ. (1)

والمخطوط موضوع الدراسة اليوم، من شأنه أن يزيل بعض الغموض حول مرحلة انحسار المذهب الإباضي في وادي ريغ، فضلا عن أنه يبين جوانب من الحياة الاجتماعية لإحدى التجمعات السكانية بالمنطقة، وهي واحة تماسين    .

أما عن محتوى المخطوط، فهو عبارة عن "أجوبة" لمسائل، أو نوازل في فقه العبادات، والمعاملات، والآداب. ومن خلال الأسئلة المطروحة، نتبين بعض الحيثيات حول الحياة الاجتماعية والاقتصادية بمنطقة تماسين، على الأقل، لأنه يحتمل أن يكون الشيخ أبو العباس (صاحب الأسئلة)، قد استقبل الأسئلة التي وجهها إلى علماء الجزيرة والجبل، من إحدى المناطق الأخرى بوادي ريغ غير تماسين.

أصحاب الأجوبة:

كما جاء في المخطوط، فإن الأجوبة كتبها "أهل الجزيرة والجبل". أما الجزيرة، فهي جزيرة جربة بتونس، وأما الجبل، فهو جبل نفوسة بليبيا.

وبالطبع فإن المجيبين هنا، هم العلماء من أهل الجزيرة والجبل، والذين اجتمعوا على عادتهم –كما يبدو من النص- للإجابة على الأسئلة الفقهية التي أرسل بها أحمد بن سعيد التماسيني، حيث جاء فيها ما يل ي: "اجتمع لذلك البعض دون الكلّلّ، وفهموا ما فيه من المراد وما يئول [كذا] إليه مرغوبه المعتاد، والله نسأل [كذا] التوفيق، ونستهديه إلى أيسر الطريق، ونستعينه في أجوبة المسائل والمثل، ونستغفره من الخطايا والزلل".

تاريخ الأجوبة:

لم يرد في النص تاريخ لكتابة الأجوبة، ولا الأسئلة! لكن من خلال محتوى النص، والقرائن الموجودة فيه، يمكن تحديد تاريخ تقريبي لكتابتها، حيث  يحتمل أنه يعود إلى ما بعد القرن 09هـ، وقبل نهاية القرن 10هـ ، وذلك للاعتبارات التالية:

أولا: إحتوى المخطوط إحالة على "عقيدة العزابة"، واضعها غير معروف، أصلها باللغة البربرية، ونقلها إلى اللغة العربية أبو حفص عمرو بن جميع (الجربي) (القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي)، هذا المؤلَّف الذي كان متداولا بكثرة لدى الإباضية في شمال إفريقيا وبشكل واسع، "إذ تحوي ضمنها ما يلزم المكلف معرفته، والتفرقة بين أنواع الواجبات الاعتقادية والعملية، خالية من التعقيد والجدل الكلامي، إلا أن أصلها البربري ما زال في عداد .( المفقود من مؤلفات المغاربة (...)" (2)

ثانيا: ذكر المجيبون كتاب "شرح الدعائم"، وهو للشيخ أبي القاسم البرادي( 3)، الذي كان حيا في بداية القرن .( التاسع الهجري، وكتابه المذكور، شرح لكتاب "دعائم الإسلام"، للشيخ ابن النظر العماني(4)

ثالثا: واعتبار أن تاريخ الأسئلة لا يتجاوز القرن العاشر الهجري، يعتمد على الرأي القائل بأن المذهب الإباضي لم يبق له وجود في المنطقة بعد هذا التاريخ، فمن خلال رحلة العياشي، الذي مر بالمنطقة عام 1173 هـ / 1663 م، يستنتج منها أن المذهب الإباضي لم يعد موجودا في تماسين، ولا حتى في وادي ريغ، ما عدا وارجلان. أما عن هذه الأخيرة، أي وارجلان، فإنها أصبحت مع القرن العاشر الهجري تابعة ثقافيا إلى وادي مزاب.

الشيخأبوالعباسأحمدالتماسينيصاحبالأسئلة

صاحبالأسئلةعَلملايزالمجهولاليومناهذالدىالباحثينفيالتراثالإباضي! واسمهيتشابهمع عَلمينمنأعلامالإباضيةفيالمغربالإسلامي،وهماكلّمن:أحمدبنسعيدبنسليمانالدرجيني،وأحمدبنسعيدبنعبد الواحدالشماخي لكنلايمكنأنيكونصاحبالأسئلةهناواحدامنهم،وذلكلعدةاعتبارات،كماسيأتي،وأهمهذه الاعتبارات،هوالمستوىالعلميللأسئلة.ومايمكنقولهفيهذهالمسألة،مايلي:

إنكاتبالأسئلةأباالعباس،هوشخصآخرغيرمعروفبعد،ويبدوأنهمنتماسينكمايظهرمنانتسابه إليها،وهوليسالشماخيولاالدرجيني.وفيالواقعفإنظاهرةالتشابهفيالأسماءهذهكانتسائدةلدىعلماء الإباضيةبالمشرقوالمغرب،مثلمايؤكدهالباحثونالمختصون،ومنهممحّققاكتاب "غصنالبانفيتاريخوارجلالان"، الدكتورابراهيمبنبكيربحاز،والباحثسليمانبنمحمدبومعقل،فيعرضتقديمهمالكتاب "الشيخابراهيمبنصالح باباحموأعزام":"منالأعمالالتيأرهقتنا - فعلا-فيالتحقيق،التشابهالكبيرفيأسماءأعلامالقرونالهجريةالأولىبخاصة، والذيأحيانانجدهتشابهاوتطابقاكلِّيا،فيالكنيةوالاسمواسمالوالد،بلأكثرمنذلكنجدالتطابقليسفيالاسم الكاملفقط،بلكذلكيطالالقبيلةوالبلدةوالزمانالواحدأوالمتقارب،وهذاماأوقعنافيكثيرمنالارتباكوالحيرة، كماأوقعالكثيرمنالباحثينقبلنا،فبقدرماحاولناالحسمبعددراسةوتحقيقوتأن ورويةفيترجمةبعضالمشايخ، وجدناأنفسناعاجزينعنذلكفيمايتعلقبآخرين. (...).

ومنالملاحظأنهذاالتطابقالكبيروالمحير،لايقتصرعلىمشايخالمغربفقط،بليتعداهإلىمشايخالمشرق(...)،فكانبعضالآباءيتعمدونتسميةأبنائهمبأسماءالعلماءوالصالحين،منبابالتشبهبالسلفالصالح،ورغبةفيالتأسيبهم" (5).

وبالنسبةلِعَل مناهنا،وكماسبقتالإشارةإليه،فإناسمهيتطابقمععَلمينآخرين،دوناحتمالأنيكونواحدا منهما،وهذانالعَالمانهما:

أحمدبنسعيدبنسليمانبنعليبنيخلفالدرجيني أبوالعباس  ت670هـ /1271موهومنعلماء

الإباضيةالذينكانوافيوارجلانزمنا.(6).

والعَلمالثاني،فهومنأعلامإباضيةالمغرب،وهو:أحمدبنسعيدأبيعثمانبنعبدالواحد،بدرالدين

الشماخيأبوالعباس،والأربعينياتق 9هـ /الثلاثينياتق 15م ت 928هـ1522م.(7).

أماالتماسيني،فيبدوأنهعلممغمورأومجهول،وكلّماجاءعنهفينصالأجوبة،مايلي: "أمابعد،فقدورد كتابالحبرالتقي،النقي،السري،الأورع،الوجيه،الوليفيالله،والأخفيذاته،أبيالعباسأحمدبنسعيداتماسيني".

إذا،فالتماسيني،شخصيحتاجالتعرفعليه،إلىعملبحثيخاص،خاصةوأنهحسبماجاءفي المخطوط، "حبر" أيعالم،ولعّلهمنآخرعلماءالإباضيةبتماسينوواديريغ.

تماسينموطنالشيخأبيالعباس

هيإحدىواحاتواديأريغ،وأحدربوعالمذهبالإباضيفيالمغربالإسلامي،علىغرارجربةوبلاد الجريدالتونسي،الأوراس،تيهرتوضواحيها،وارجلان،وواديسوف،ثمواديمزاب.وتماسين،كانينتشربها المذهبالإباضيعلىغرارأغلبواحاتواديأريغ،وهوماتدلعليهالشواهدالتاريخية،رغمأنتماسينلميرد ذكرهافيجلّمصادرالمرحلةبهذاالإسم،مثلماهوالحالبالنسبةلواحاتالواديالأخرى،والتيجاءذكرهابكثرة فيكتبالسيرالإباضية،مثل:وغلانة،غمرة،تيجديت،أجلو،وتينسلي.حيثلمتردتماسينفيماعداسيرأبي زكرياء، وقد وردت في ذكر زيارة قام بها عام 449 ه العديد من مشايخ الإباضية وطلبتهم، لاسيما من جزيرة جربة وجبل نفوسة، وكانوا بزعامة الشيخ أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي، حيث "أرادوا زيارة أهل دعوتهم" في العديد من المناطق الإباضية الأخرى، فانطلقوا من "افريقية"، ومروا بأسوف (وادي سوف)، "فمكثوا في أسوف ما شاء الله ثم خرجوا منه فساروا حتى وصلوا إلى وغلانة، (...) حتى وصلوا إلى تماسين، فاستعجل المشايخ المسير، فتعلق إليهم .( أهل البلد في القعود عندهم". وقد عرفت تلك السنة في التراث الإباضي بسنة الزيارة .(8).

ونظرا لعدم ورود ذكرها كثيرا، فإن هنالك من يحتمل أن تماسين كانت تعرف باسم آخر! ولكن الأكيد أن

التواجد الإباضي كان قويا بها، ومن بين الشواهد التاريخية التي تدلّ على ذلك، المنسوخات العديدة للناسخ "يحي بن عنان التماسيني" "من بلاد ريغ" (حي في 864 هـ)، والذي نسخ بوادي ريغ العديد من مصادر الإباضية، خاصة مجموع موجود بخزانة دار التلاميذ بمؤسسة الشيخ عمي سعيد بمدينة غرداية، ومما يحتوي عليه هذا المجموع: كتاب "المعّلّقات" الذي يحتوي على أخبار سير بعض مشايخ بلاد المغرب.

كما أن الشيخ أبا القاسم البرادي (من أهل القرن التاسع الهجري)، في تقييد له لكتب الإباضية (المشارقة

والمغاربة)(9)، ذكر العديد من المصادر الهامة –المفقودة إلى اليوم- التي رآها في أيدي الطلبة بوادي أريغ، ووجود الطلبة دليل على وجود مشايخ أيضا، وحَلق  علم...، أي أن وادي ريغ خلال القرن التاسع الهجري كان لا يزال عامرا بالإباضية.

وصف نسخ المخطوط وأماكن تواجدها:

النسخة الأولى: توجد في خزانة الشيخ القاضي أبي بكر بن مسعود الغرداوي الشهير بالشيخ الحاج بابكر (ت 1325 هـ / 1907 م)، ورقمها في الفهرس: 78 . أما رقمها في الخزانة: بابكر 70 . أما الناسخ، وحسب مفهرسمخطوطات الخزانة، لعله عمرو بن سعيد بن علي الخيري الجربي (النصف الثاني من القرن 10 هـ) (من مقارنة الخطوط)، أو هو لأحد معاصريه، مع عدم وجود تاريخ للنسخ.

15.3 سم، نوعx المواصفات المادية للنسخة: عدد الأوراق 07 ، عدد الأسطر في الصفحة: 23 ، مقاس الورق: 21

الخط: مغربي مقروء، لون الحبر: بني، المخطوط كامل غبر مخروم.

النسخة الثانية: النسخة الثانية من إحدى مكتبات ورقلة (مكتبة بومعقل الحاج عيسى)، وقد أفادنا بها الأستاذ بومعقل سليمان (حاليا: إطار بمديرية المجاهدين بولاية ورقلة، وباحث في تاريخ ورقلة، من أعماله: تحقيق كتاب "غصن البان في تاريخ وارجلان"، رفقة الدكتور بحاز ابراهيم). وتقع هذه النسخة ضمن مجموع مخطوط مصور، وناسخها هو الشيخ باسه بن عمي موسى الوارجلاني.

قراءة في محتوى المخطوط:

 

أولا: تراجع المذهب الإباضي

يعتبر المخطوط موضوع الدراسة، وثيقة تاريخية هامة بالنسبة لتاريخ منطقة وادي ريغ، وتاريخ المذهب

الإباضي بها خصوصا، وتاريخ المغرب الأوسط عموما، حيث يعتبر وادي ريغ خلال العصر الوسيط، أحد معاقل المذهب الإباضي، وقد نشأ بأريغ عدد من علماء المذهب، على غرار الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد الفرسطائي (ت 504 هـ/ 1111 م)، صاحب أحد أهم المؤلفات الإباضية، كتاب "القسمة وأصول الأرضين"، وهو ابن مؤسس حلقة العزابة، مولود بتمولست بأريغ، ومتوّفى بتصوانت، قبره بتين يسلي بآجلو.

إن أول ما يلفت الانتباه في المخطوط من حيث محتوى الأسئلة، هو المستوى العلمي لبعضها، وكيف أن أصحابها لجؤوا إلى إخوانهم الإباضية في كلّ من جربة ونفوسة، للإجابة عليها، وهي ليست بالمسائل المعّقد ة! ربما يعتبر هذا من أدّلة ضعف وتراجع المذهب الإباضي بوادي ريغ عموما، وتماسين خصوصا.

والملاحظة الثانية التي تلفت الانتباه في هذا الشأن، هي استدلال المجيبين عن الأسئلة، بمؤلفات لإباضية المغرب الأوسط عموما، ووادي ريغ ووارجلان خصوصا، ولعلّ في هذا، إشارة منهم إلى التراث الهام الذي خّلفه علماء هذه المنطقة، وهو التراث الذي لا ينبغي أن يندثر ويهمل من طرف خلفهم.

وقد أحال المجيبون السائلَ إلى العديد من المصادر الإباضية التي يعود أغلبها إلى علماء المغرب الأوسط، بل إلى علماء الإباضية الذين من وادي ريغ، حيث أشاروا إلى "ديوان العزابة"، والذي أّلفه عدد من العلماء في وادي ريغ .

في القرن الخامس الهجري ( 11 م)، ويقع في خمسة وعشرين كتابا (10)

كما أشاروا إلى "عقيدة أصول الدين"، وهي المعروفة بـ "عقيدة التوحيد"، أو "عقيدة العزابة"، كما استشهد المجيبون بقول للشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر، في مسألة حول نذر الصوم: "إن الشيخ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر رضي الله عنه ذكر في كتابه المسمى بأفعال العباد (...)". وهذا أحد علماء الإباضية الأقطاب، الذي سبق تعريفه.

ثانيا: حرص أهل وادي أريغ على التحري في أمور الدين

يمكن القول بأن أسئلة الشيخ أبي العباس، تؤرخ لمرحلة هامة جدا تاريخيا تقلّ عنها المصادر التاريخية، وهي مرحلة انتهاء التواجد الإباضي بوادي أريغ. ويبدو أن المذهب الإباضي، كان في تراجع خلال القرن التاسع الهجري، وما يؤكد هذا، وجود رسالة من عزابة جربة، أرسل بها الشيخ يعيش بن موسى الزواغي الخيري الجربي أبو  البقاء (11)، إلى إباضية أريغ، يلومونهم فيها على تقصيرهم في شؤون المذهب.(12).

لكن على الرغم من تواضع مستوى بعض الأسئلة، إلا أّنها تدلّ من جهة أخرى على التحري في أمور الدين والحرص عليها، حيث سئِل المشايخ "عممن قال لغير المتولي أجرك الله ، أو غفر الله لك ولم يقصد بذلك ولايته. فالجواب، أّنّه ليس عليه شيء". ومعروف على الإباضية حرصهم على مبدئ الولاية والبراءة. أما الولاية، فهي "من أصول الدين عند الإباضية، تعني المحبة في الله تعالى بالقلب، مع تمثل المعاني اللغوية، على أن تكون كلها مبنية على أساس الموافقة على الشريعة، فيبذل المسلم لكل من يوافقه في الشريعة هذه الشريعة والالتزامات، إضافة إلى الدعاء له  بخير الدنيا والآخرة"(13).

والبراءة "هي البغض في الله بالقلب لمن ثبت ارتكابه للكبيرة، وعدم الاستغفار له وعدم الدعاء له بخير الآخرة، وهي من الأصول العقدية المنصوص عليها في الكتاب والسنة، وقد عني بها الإباضية في مؤلفاتهم العقدية (...) ولا تكون البراءة إلا بعد الإعذار والاستتابة من محرم (...) وتترّتب عنها أحكام متفاوتة على حسب درجة المعصية منها: الابتعاد عن العاصي، وتخطئة أفعاله، التشهير به، وهجرانه، وتخّلي المسلمين عن محبته، مع جواز لعنه عند البعض، حفاظا على الدين من انتهاك حرماته"(14). وللبراءة دور كبير في زجر الناس عن المعصية، نظرا لما فيها من الشِّدة،والعزل عن الناس، وهي تسّلط على من يتعدى على حق غيره، أو يطعن في الدين، أو يرتكب فاحشة.

وفي نفس السياق، أي التحري في أمور الدين، سأل السائل "عممن قتل ذرة أو نملة، ما يلزمه في ذلك، الجواب أن النملة والذرة وما يدب على الأرض مما جاء فيه النهي عن قتله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ديته درهم عند أصحابنا، وقيل في الضفدع أن ديته نعجة، وأما ما يطير نحو الخطافة والصرد والنحلة فديتهما درهمان".

ثالثا: جزيرة جربة وجبل نفوسة: مرجعية إباضية المغرب الأوسط

مما تكشف عنه الأجوبة كذلك، أن المرجعية العلمية الأولى لإباضية المغرب الأوسط في هذا العهد، كانت

جزيرة جربة، وكذا جبل نفوسة، ويبدو من خلال ديباجة الأجوبة، أن أهل تماسين ووادي ريغ عموما، دأبوا على مراسلة عزابة وعلماء كلّ من جربة ونفوسة. ومن جهة أخرى، تؤّكد الأسئلة موضوع الدراسة، حقيقة تاريخية مهمة جدا، وهي أن علماء الإباضية في بلاد المغرب الإسلامي، كانوا يعقدون اجتماعات، يتناولون فيها مختلف القضايا الطارئة التي تفرزها الحياة اليومية للناس، فقد كان العزابة يلتقون لبحث المسائل المشتركة والنوازل المستعصية، مثلما يظهر من خلال ما أورده الشيخ التعاريتي عن انعقاد مجلس مجلس علمي بين فقهاء جربة وجبل نفوسة للنظر في مسألة الإشهاد بشاهد عدل في عقود الأحباس والصدقات والبيوع والرهن، وقد وقع هذا المجلس بمدينة نالوت بجبل نفوسة سنة 1103 هـ/ 1691 م، بحضور الشيخ نصر بن خميس بن سعيد العماني الذي كان في زيارة إلى إخوانه المغاربة. كما يذكر الشيخ علي يحي معمر أن هذا المجلس انعقد في القرن 11 هـ/ 16 م، بحضور علماء وادي مزاب ووارجلان وجربة ونفوسة وعمان(15). وقد كان لهذه الاجتماعات الأثر الإيجابي الكبير على المجموعات الإباضية، حيث كان من عوامل استمراريتها، فكّلما ضعف قطر من أقطار الإباضية، تداعت له الأقطار الأخرى بالدعم والمؤازرة.

من مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع التماسيني خلال القرن التاسع الهجري:

أغلب الأسئلة التي أجاب عنها علماء الجزيرة والجبل، كانت نوازل فقهية بحتة، حيث اشتملت على مسائل في الصلاة، مثل التوجيه، والتحيات، وعن مسائل في الصوم، وقضائه، وفي الذبيحة، وفي الإهداء. وكذلك بعض المسائل في العقيدة، مثل الإصرار على المعصية، وولاية جملة المسلمين، والتوبة... وغيرها. ولم تحت  و الأجوبة على جواب لسؤال في السياسة أو الحرب، ولعلّ حرص السائل على التحري في المسائل المذكورة، يدلّ على الحرص على التزام الشريعة في مختلف القضايا.

مما يلاحظ على بعض هذه الأسئلة كما ذكر آنفا، بساطتها، حيث سأل السائل "عن أمر التوجيه في الصلاة" مثلا، وهو ليس بالأمر الذي يغيب عن تراث إباضية المغرب الأوسط ! ( 16 )، كما سأل عن "التحيات وطلبت شرحها ووضعها من أولها إلى أخرها"، ونفس الملاحظة في المسألة السابقة تقال على هذه المسألة.

تُقدم أسئلة الشيخ أبي العباس، قرائن على وجود ظواهر اجتماعية عديدة، كانت سائدة في المجتمع الريغي،

وبالخصوص مجتمع تماسين، وهي كالآتي:

استمرار وجود العبودية: المسألة التالية تدلّ على وجود ظاهرة العبودية، والتي جاءت في سياق قضية "الوعد"، فقد استفسر السائل عن حكم من يعدون نذر أوغيره، و طرحت المسألة كالآتي: "وسؤالك عن من قال أشتري خادما فأُعتقها من غير أن يقصد نذرا ولا غيره".

ومن المعلوم أن ظاهرة العبودية من الظواهر المنتشرة في مجتمعات وارجلان ووادي ريغ، حيث كان يتم فيها تبادل العبيد والذهب المحمولين من بلاد السودان، بسلع محلية، لاسيما التمر والأغنام والجمال، وكانت هذه التجارة جد نشطة، بحكم أن وادي ريغ جاء في الطريق التجاري الذي يربط وارجلان بالشمال (بسكرة وبلاد الزاب ،...)، فكان مقصدا للكثير من التجار( 17 )، "وأهم سلعة يوّفرها تجار وارجلان لمدن المغرب العبيد. ذلك أن تجارة الرقيق كانت رائجة خاصة في عهد الدولة الفاطمية حيث كانوا يستخدمون في الجيش وبعض الأعمال(18).

وقد ذكر الدرجيني في الطبقات ما يدلّ على وجود العبيد، وذلك في ذكر غارة قام بها "بعض العرب على وارجلان فساقوا عدة من الإماء (...)"

أما بالنسبة لحكم الشرع في المسألة حسب المجيبين، فقد كان حكمها نفس حكم مسألة سابقة، والتي جاءت الإجابة

عنها كالآتي: "وسألت عمن قال أتصدق بِبغلَّة نخلة ثم بدا له( 20 ) وذكرت عمن قال للسائل أعطيك درهما أو نحوه أيلزمه ذلك أم لا، الجواب في ذلك أن سبيل هذه المسائل الثلاث وما جرى مجراهن من الوعد سبيل المسألة الأولى".

وفي المسألة الأولى المذكورة هنا، جاء حكم الوعد كالآتي: " وسألت عن رجل قال أصوم ستة ولم يقل لله ولا  للنذر، ولم يقل على واجب، ولم يحلف به، أيلزمه ذلك أم لا. الجواب، إن الشيخ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر(21) رضي الله عنه، ذكر في كتابه المسمى بأفعال العباد، أن من وعد شيئا ولم يستثني ولم يوف بما وعد، فعليه تباعة ذلك إذا كان مالا. وأما عمل البدن فليفعل في مكانه مثل ذلك، وإن تعذر عليه وعد البدن أو وعد المال، فإن أحدهما ينوب على الآخر ويجزيه. (...) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد المؤمن دين عليه. ومن كتب اللقط لأهل المذهب أن من وعد شيئا لأحد ولم يوفي به، فلا يجب عليه شيء مثل أن يقول له تزوج فعلي الصداق، أو حج فعلي الزا د، وما أشبه هذا فمنهم من أبطل هذا ومنهم أثبته. ومن قول جميع العلماء أن الوفاء بالعهد من علامة الإيمان والخلف فيه من علامة النفاق لقوله صلى الله عليه وسلم علامة المؤمن ثلاثة إذا حدث صدق وإذا وعد وفا وإذا اؤتمن لم يخن وعلامة المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان وقيل أيضا في كتاب أفعال العباد في الوعد إن لم يلفظ له ولكن عقده في قلبه أن يفعله فانه يكون عليه تباعة إن لم يوف به وقيل بالرخصة فيما عقده في قلبه أن يجزيه الاستثناء فيه".

في التحية: يبدو أن أهل تماسين، وبحكم كونهم من بربر زناتة، كان يسود بينهم إلقاء السلام باللغة البربرية، وهو ما استهجنه الشيخ أبو العباس على ما يبدو، حيث جاء في الأجوبة ما يلي: "وذكرت رجلا حياه آخر بكلام أعجمي، كما قالت الأعراب أنعمت صباحا، أو أنعمت مساء، أيطيق عليه رده أم لا".

من خلال الجواب على هذه المسألة، يبدو أن القضية لم يكن فيها حرج كبير بالنسبة للمجيبين! ولعلّ تفسير ذلك هو أن كلا من جربة ونفوسة، منطقتان بربريتان أمازيغيتان، ربما كانت تسود فيهما مثل هذه المظاهر، وقد جاءت الإجابة عن المسألة كالآتي:

"الجواب أن التحية التي فضل الله بها هذه الأمة هي التي قال الله تعالى فيها وإذا حييتم بتحية فحييوا بأحسن منها أو ردوها، وهي السلام عليكم، هكذا بالعربية. وقوله بأحسن منها أو ردوها، عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأما قوله أو ردوها، يعني السلام عليكم، وهذا السلام ابتداؤه سّنّة ورده فريضة. وأما ما ذكرت من أنعمت صباحا وما يشبهه، فمعناه الدعاء من الأخلاق الحسنة التي تكون بين العامة والخاصة، فعلى المرء أن يرد ما يقصده به، وإن لم يرد فلا نرى عليه بأسا والله أعلم".

في الدين: الدين، "هو كلّ حق ثبت في الذمة"( 22 )، سواء تجاه الله أو تجاه العباد. وتعتبر الديون واحدة من مظاهر المعاملات الاقتصادية الشائعة بين الأفراد في المجتمع، وينتج الدين خاصة عن الحاجة اليومية للمال لقضاء المصالح، وكذلك عن المعاملات التجارية المختلفة في المجتمع، خا صة في مجال التجارة أو غيرها من مجالات الاقتصاد، حيث يتم اللجوء إلى اقتراض الأموال لتوظيفها. وفي المسألة التالية إحدى صور المداينة التي كانت تقع بين الناس في المجتمع التماسيني:

"وسألت عن رجل كان عليه دين لآخر، فعل [كذا] المديان يواصل صاحب الدين بخيره وطرفه ومعروفه، حتى واصله مثل دينه أو أكثر منه فقال صاحب الدين لمدايانه [كذا] إلزم ذلك الذي وصلتني به في مالي عليك من الدين. فقال له المديان وصلك من مالي أكثر من مالك علي، فتحاسبا، فوجدا قول المديان صحيحا، هل يلزمه الفضل الذي كان فوق ماله أم لا. الجواب أن كل ما وصله من مال غريمه يلزمه كله، سواء كان أكثر من ماله أو مثله أو دونه، لا فرق في ذلك عند العلماء".

حسبما يبدو من هذه المسألة، فإن المعاملات المختلفة التي كانت تقع بين الناس كانت تدون و توّثق -وهو مما يوصي به الشرع- وإلا فكيف استطاع المتعاملان في القضية المعروضة هنا أن يتحاسبا، ويثبت المدين لصاحب الدين

أنه قد سدد دينه وأكثر؟ لكن للأسف تعوزنا الأدلة على طرق التوثيق السائدة؟

في الصداق: الصداق كما يبينه القطب اطفيش في "باب الصداق" في كتاب "شرح النيل"، واعتمادا على ما جاء في السّنة: "(...) والذي عندي أن الصداق للجماع لقوله (ص): "استحّلوا فروج النساء بأطيب أموالكم" [رواه يحي بن  عمر مرسلا"(23)

والصداق شرط أساسي من شروط عقد الزواج، حيث جاء في كتاب النيل: "وعنه (ص): "لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتاق إلا بعد ملك، ولا نكاح إ لا بولي وصداق وبينة" [رواه أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس] فقيل في مثله: معناه .( أّنه لا يصح عقد النكاح إلا إن ذكر الصداق وفرض فيه"(24)

يبدو أن الصداق بتماسين، لم يكن يقدم دفعة واحدة، بل على أكثر من دفعة، على غرار العديد من مناطق المغرب الإسلامي الأخرى، وما يثبت هذا، ما جاء في إحدى المسائل: "وسألت عن رجل استمسكت به زوجته في صداقها، فقال لها وصلك من مالي أكثر من صداقك علي، وقالت له خدمتك أكثر من ما وصلني من مالك. الجواب، أنها ليست بمنزلة الغريم فلا يضرها ذلك، إلا إن سماه لها، وبين له قضاء في الصداق، أو يأتمنها عليه فخانته، مما أكثر من نفقتها فذلك تباعة عليها. وأما خدمتها له فلا تلحقها عليه إلا إن كرهها".

يتمّثل الغرض من وراء تأجيل دفع قسط من الصداق، تيسير الزواج، والتخفيف من تكاليفه، وتقوية العلاقات الزوجية، ولكنه من جهة أخرى، قد يكون سببا من أسباب من الخصومات التي كانت تقع بين الأزواج، والتي يكون سببها في الحالة التي أمامنا، عدم وفاء الزوج بتسديد كامل صداق زوجته.

في الاستطباب: فضلا عن المظاهر الاجتماعية المذكورة، فإن إحدى المسائل تكشف عن طرق للاستطباب، كانت شائعة في مجتمع تماسين، وهي "الحجامة والفصادة والكي"، ولكن يبدو أن الاستطباب بها لم يكن يحدث دون وقوع مشاكل، أو لِنُقل "أخطاء طبية"، لذا كان من بين الأسئلة التي طرحت على الشيخ أحمد التماسيني حول حكم الشرع في القضية، وجاء السؤال كالآتي: "وسألت عمن أراد أن يحتجم أو يفصد أو يكوي، هل يسعه ذلك أم لا؟ فإن فعل فأصابته مضرة هل يلزمه ضمان في ذلك أم لا؟ فإن لزمه الضمان، فلمن يدفع الديية؟ الجواب أن الحجامة قد احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرِم، وذكر بن بركة العماني أن في هذا الخبر دلالة على أن للمحرم أن يتعالج بما شاء في إحرامه بالأدوية وبط الجراحات وقلع السن إذا اشتد داؤه وما جرى مجرى ذلك، فكما جاز هذا للمحرم فغيره أولى بفعل هذا. والفصادات ضرب من الحجامة، وكذلك ففيه الترخيص في جواب المشايخ رضي اللهلله عنهم، لأن ذلك من وجوه الاضطرار، وقد قيل عن رسول الله في شفاء أمتي ثلاثة، آية من كتاب الله، وشرطة من حجام، ولعقة من عسل، وقيل والكية. وهذا يدل على أن الكية جائزة لمن اضطر إليها. وأما ما ذكرت من أمر الضمان في من جرح نفسه، أو كواها من غير ضرورة، فلمن يدفع ما لزمه من دية نفسه. الجواب بأن في ذلك اختلافا بين العلماء، منهم من يقول يعطي ديته لورثته في حين ذلك، ومنهم من يقول ينفق ذلك يوم يموت، ومنهم من يقول ينفق ذلك على الفقراء، ومنهم من يقول يتوب إلى الله وليس عليه شيء".

خاتمة:

فيالأخير لا يمكن سوى التنويه بأهمية المخطوط موضوع الدراسة ورغمعدمالتأكدالدقيقمنالحقبة الزمنية التي كتبت فيها الأسئلة، إلا أن الأكيد، أنه يؤرخلفترةحساسةجدامتعلقةبمنطقةواديأريغعموما،وتماسين خصوصا، والتي كان مصيرها مصير مختلف واحات وادي أريغ، حيث تراجع وانقرض المذهب الإباضي بها، ونحن اليومبحاجة ماسّة إلى معرفة أسباب هذا التحول الذي عرفته المنطقة.

------------------------

(1) الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد، طبقات المشايخ بالمغرب، تح.: طلاي ابراهيم محمد، ط 2، د.ت.، ج 1، ص 457

(2) - أنظر مقدمة التحقيق في كتاب: . اطفيش محمد بن يوسف، شرح عقيدة التوحيد، تح: وينتن مصطفى، جمعية التراث، غرداية-الجزائر، 2001 ، ص 10

(3)أبو الفضل أبو القاسم ابن إبراهيم البرادي الدمري، (حي في: 810 ه / 1407 م)، ولد بجبل دمر في الجنوب التونسي، المعروف حاليا بجبل الحواية. درس في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى جزيرة جربة حيث تلقَّى العلم عن شيوخها أمثال: يعيش بن موسى الزواغيالجربي، بمدرسة وادي الزبيب بحومة جعبيرة؛ وانتقل بعد ذلك إلى يفرن بجبل نفوسة وتتلمذ على الشيخ أبي ساكن عامر بن علي الشماخي (ت: 792 هـ/ 1390 م). فأصبح شيخا وعالما فقيها. ثم رجع إلى دمر، ومنها إلى جربة حيث بدأ في نشر العلم، فتولَّى

التدريس بالمدرسة التي تعلَّم بها؛ كما تولَّى رئاسة حلقة العزابة. وقد ترك البرادي مؤلَّفات عدة، منها:

جواب لأبي يعقوب الوارجلاني، (مخ) في أصول الفقه ، البحث الصادق والاستكشاف عن حقائق أسرار معاني كتاب العدل والإنصاف فصل في ذكر. في العقيدة (مخ)، منه نسخة بمكتبة إروان. وطبع طبعة حجرية رسالة الحقائق ( مخ )  لبعض أهل الخلاف مط ملحقا بموجز أبي عمار، تحقيق  رسالة في تقييد كتب أصحابنا  مط  ضمن الجواهر  تآليف أهل المشرق وأهل المغرب شرح الطهارات لكتاب ( مخ )  رسالة في كيفيَّة إنفاق أوقاف المساجد  عمَّار الطالبي. وقد ترجمها المستشرق موتيلانسكي الجواهر  فقهيَّة وعقديَّة مخ فتاوى وأجوبة وهي منظومة لأحمد ابن النضر العماني مخ  شفاء الحائم على بعض الدعائم مط، المنتقاة في إتمام ما أخلَّ به كتاب الطبقات وهو في سير أعلام الإِبَاضيَّة، وذكر الطبقة الأولى التي أغفلها الدرجيني في طبقاته 1-50 هـ .(...)". أنظر: مجموعة مؤلفين، معجم أعلام الإباضية...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 735

(4)عاش بين أواخر القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجريين. أنظر: مهنا بن راشد السعدي، كتاب دعائم الإسلام لابن النظر العماني وشروحه (ق 6هـ/ 12 م) نموذج للعلاقات العمانية المغربية، مداخلة في الأيام الدراسية العلمية المنظمة من طرف مؤسسة الشيخ عمي سعيد، بغرداية (الجزائر) والتي كانت بعنوان: "من الشيخ عمي سعيد بن علي الجربي [ت 927 هـ / 1521 م] إلى الشيخ حمو بن موسى عمي سعيد [ت 1425 هـ / 2005 م] مسيرة علمية تربوية اجتماعية 03 نوفمبر 2006 م. أيام 09 - 11 شوال 1427 هـ / 01 - دعوية رائدة ومتواصلة"،

(5) أنظر مقدمة التحقيق في كتاب: ابراهيم بن صالح بابا حمو أعزام، غصن البان في تاريخ وارجلان، دراسة وتحقيق: ابراهيم بن بكير بحاز وسليمان بن محمد بومعقل، دار . العالمية، غرداية  الجزائر، جحادى الأولى 1434 ه/ أفريل 2013 م، ص 38

(6) "أشهر علماء درجين ببلاد الجريد، جنوب تونس، واحد من العلماء الخمسة في سلسلة نسبه، كلُّهم علماء نحاري ر. تلقَّى تعلُّمه الأول بدرجين، ثم رحل إلى وارجلان سنة 616 هـ/ 1219 م، وأخذ العلم عن الشيخ أبي سهل يحيى بن إبراهيم بن سليمان لأعوام، ثم عاد إلى موطنه درجين. فقيه  ومؤرخٌ وشاعر، وكان إماما قدوة. له قصائد كثيرة وشعر فائق، وله أجوبة بالشعر، وألغاز في الفرائض.

وقد ذكر في بعض قصائده أنَّه أنشدها قبل البلوغ؛ وجمع بعض قصائده أبو طاهر إسماعيل بن موسى في كتاب الفرائض والحساب. بالإضافة إلى فقهه، وقوة لغته وبلاغته وشعره، فهو مؤرخ من المحقِّقين، لم يكتف بنقل ما سبقه إليه غيره من كتَّاب سير الإباضية،طبقات المشايخ  : وإنَّما أبدع منه  جديدا في كتابة السيرة الإباضية، وهو منهج الطبقات، إذ وضع في ذلك مؤلَّفه المشهور أنظر: " بالمغرب  معجم أعلام الإباضية... مجموعة مؤلفين، ، مرجع سابق، الترجمة رقم: 081

(7) "عالم من بلدة يفْرن بجبل نفوسة من أعمال طرابلس الغرب، تحول في طور دراسته إلى تِطَّاوين و تَلالْت، بِجبل دمر في تونس، طالبا للعلم؛ ومن مشايخه: أبو عفيف صالح بن نوح التندميرتي، والشيخ البيدموري، وأبو زكرياء يحيى بن عامر، ونقل كذلك عن فقيه إباضي عماني هو محمد بن عبد الله السمائلي.

اشتهر بالتأليف، ولا يعرف له من التلاميذ سوى الشيخ أبي يحيى زكرياء بن إبراهيم الهواري، ولا يستبعد أن تكون له حلقة يدرس فيها الكتب وغيرهما، وخاصة عقيدة أبي حفص عمرو بن جميع، التي كانت « مرج البحرين » و ،« العدل والإنصاف » : التي ترك لنا شروحها، مثل المقرر في العقيدة وعلم الكلام عند الإباضية.

استطاع أن يجمع فيه سير أبي زكرياء، والمزاتي، والوسياني، :« سير المشايخ » : صنَّف في عدة علوم، ومن أشهر كتبه والبغطوري، وطبقات الدرجيني، وجواهر البرادي، فكان كتابه هذا جامعا شاملا (...)".أنظر: . مجموعة مؤلفين، معجم أعلام الإباضية...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 080

(8) أبي زكرياء يحي بن أبي بكر، كتاب سير الأئمة وأخبارهم، تحقيق وتعليق: اسماعيل العربي، إصدارات المكتبة الوطنية الجزائرية، 1979 ، ص ص.

9) - أنظر نص التقييد ملحقا بكتاب: عمار طالبي، آراء الخوارج الكلامية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ج 2، ص ص 281 .294

(10) معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية- سلطنة عمان، 1429 هـ / 2008 م. . ج 1، ص 393

(11) ت: 10 شوال 787 هـ / 1385 م)، "نشأ في بلده بجبل دمر، جنوب تونس. ولَّى وجهته إلى جربة ليتتلمذ على الشيخ صالح بن نجم المغراوي. هو الذي نقل الحركة العلميَّة بجربة إلى جامع وادي الزبيب، فصانها مدة وجوده بها، واستمرت بعده، وتولَّى رئاسة العزابة بها. تخرج على يديه الشيخ أبو القاسم البرادي صاحب الجواهر، وسعيد بن أحمد جواب أبي الحياة يعيش السدويكشي. أنجب ابًنا عالما اسمه أبو عمران موسى بن يعيش. كما ترك آثارا مدونة، منها يلومهم على تقصيرهم في « رسالة إلى طلبة أريغ »  مخ، منه نسخة بمكتبة آل افضل  ، الجربي لبعض مخالفيه في التيمم طلب العلم، وتوجد منها نسختان في مكتبة الشيخ متياز، وآل افضل ببني يسجن". أنظر: معجم أعلام الإباضية مجموعة مؤلفين،...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 1038

(12)  رقم الرسالة في الفهرس: 362 / رقم الحفظ في الخزانة: م 41  معلومات النسخ:  أحمد بن عيسى بن الحاج عبد الله بن عيسى بن عبد الله المصعبي التجنيني / حوالي: 966 هـ 153 مم / ن. مغربي جيد / الحبر أسود وأحمر / كاملة. × المواصفات المادية: 2ق / 29 س / 214 الرسالة هي السابعة ضمن مجموع به 126 ق؛ وتقع من 37 ظ إلى 38 ظ. -في الرسالة لوم وعتاب، وبلهجة حادة، على التقصير في طلب العلم، ثم استنهاض وشحذ للهمم. -أُخذت معلومات النسخ من آخر حاشية على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي، في 33 و؛ ملاحظة: بحواف الورق تأكل.

(13)  معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين ، مرجع سابق، ص 1103

(14)  معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين ، مرجع سابق، ص 100

(15) مجلس الفتوى للهيئة الدينية للمسجد الكبير بغرداية، ملامح عن مسيرة الفتوى بوادي مزاب...، مرجع سابق، ص 03

(16) بالنسبة للرسم في نص الأجوبة، فإنه تم تصويب الأخطاء اللغوية التي جاءت فيه، مثل المدود، والهمزة، وغيرها، كما أضيفت الفواصل والنقاط، قصد تيسير الفهم، واسترسال المعنى.

(17) الإدريسي، المغرب وأرض السودان: مأخوذة من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، مطبعة بريل، مدينة ليدن، ص 85

(18) مزهودي: الإباضية في المغرب الأوسط، مرجع سابق، ص.

(19)  الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد، طبقات المشايخ بالمغرب، مصدر سابق، ج 2، ص 257

(20) تلته كلمة من حرفين، غير واضحة في النسختين.

(21) أحمد بن محمد بن بكر بن أبي بكر بن يوسف الفرسطائي النفوسي (أبو العباس)، (ت: 10 ذو الحجة 504 هـ / 18 جوان 1111 م عالم فذ من علماء وارجلان، أصله من فرسطاء بنفوسة، وهو ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن بكر النفوسي مؤسس نظام حلقة العزابة. كان يقيم في قرية تمولست. أخذ العلم عن أبيه وعن أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي (ت: 471 هـ/ 1078 م) منذ حداثة سنِّه حوالي ( 440 هـ/ 1048 م)، وأبي محمد ويسلان بن أبي صالح، وسعد بن ييفاو في أمسنان بجبل نفوسة، (...).

من تلامذته: أبو عمرو عثمان بن خليفة السوفي، وصالح بن أفلح، وأبو عبد الله محمد النفوسي، ويحيى بن زكرياء، وعبد السلام بن عبد الكريم، وابنه إسحاق بن أبي العباس... وغيرهم كثير. وهو حلقة في سلسلة نسبة الدين.

وقد ذكر الوسياني أنَّه تصدى م رتين لغارات عنان بن دليم المطرفي اللطنفي على أريغ، وفي كلِّ مرة يجمع له أبو العباس بني مغراوة أن أبا العباس يعتبر إمام دفاع. (Cuperly) فيهزمه وراء تينويبو. ومن هنا استنتج المستشرق بيار كوبرلي وفي السنين الأخيرة من عمره صنَّف خمسا وعشرين ( 25 ) كتابًا، وكتابًا آخر تركه في الألواح... وتعتبر كتبه كلُّها من الأمهات في الشريعة الإسلامية على المذهب الإباضي في ثمانية أجزاء، طبع بسلطنة عمان بتحقيق الدكتور محمد ناصر والشيخ بلحاج ،« القسمة وأصول الأرضين » من تآليفه الكثيرة نذكر: كتاب وغير ذلك من مسائل ،« مما لا يسع الناس جهله » بكير باشعادل، ثم أعيد طبعه في الجزائر، نشر جمعية التراث. كتاب في التوحيد تبيين أفعال » .( مخ ) ،« كتاب الديات » .( مخ ) ،« السيرة في الدماء والجراحات » . التوحيد (مخ)، منه نسختان بجربة ذكرهما النامي ديوان  وهو الكتاب الذي تركه في الألواح قبل وفاته مباشرة (مخ). اشترك في تأليف ،« كتاب الألواح »  في ثلاثة أجزاء مخ ، العباد مع ثمانية من العلماء وأسند إليه كتاب الحيض وغيره، (مخ). هذه الكتب وغيرها مما ضاع كثيره لا يزال البعض منها  العزابة موجودًا، وبعضها في أيدي الأساتذة للتحقيق والدراسة، وبعضها رآه البرادي وذكره ولم يصل إلينا. توفي بَتصوانْتْ بأريغ بعد أخيه أبي يعقوب يوسف الزاهد وذلك يوم الخميس في ضحوة عرفة من شهر ذي الحجة من عام 504 هـ/ 1111 م. وقبره في آجلو الغربية، ولعلَّها تينيسلي، وهي قرب بلدة أَعمر اليوم بنواحي تقرت جنوب شرق الجزائر. أنظر: معجم أعلام الإباضية . مجموعة مؤلفين، مرجع سابق، الترجمة رقم: 089

(22)  معجم أعلام الإباضية . مجموعة مؤلفين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية- سلطنة عمان، 1429 هـ/ 2008 م، ج 1، ص 398

(23) اطفيش محمد بن يوسف، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، وزارة التراث القومي والثقافة– سلطنة عمان، 1407 ه / 1987 م، ج 6، ص 143

(24)  اطفيش محمد بن يوسف، شرح كتاب النيل...، مصدر سابق، ج 6، ص 144

تزوكي ⵜⵣⵓⴽⴽⵉ tzukki

Icon 08

تزوكي(1) هو طائر أكبر نسبيا من بوعود غالبا ما يقف على الأشجار في مجموعات فتحدث ضجة في زقزقتها فهي تفسد الثمار في الغالب  حيث يضرب به المثل في الافساد كما يقال بالمزابية:

 

حدني أتّينيد د تزوكّي.

ⵃⴻⴷⴷⴻⵏⵏⵉ ⴰⵜⵜⵉⵏⵉⴷ ⴷ ⵜⵣⵓⴽⴽⵉ

 

 

--------

تزوكي(1) الزاوش (الجاوش) الإسباني، يسمى علمياPasser hispaniolensis، وبالفرنسيةMoineau espagnol، وبالإنجليزيةSpanish Sparrow، تتميز بريش بني فوق الرأس، وببقعة كبيرة على العنق والصدر ممتدة جانبيا إلى الجناحين، وباقي الجسد بني ورمادي.يتغدى بالحبوب والديدانيخلف أضرارا في المحاصيل االزراعية مما يجعل الفلاح يتصدى له بعدة وسائل لإبعاده. 

تسيير حلقة العزابة للأوقاف بواد مزاب

Icon 09 تسيير حلقة العزابة للأوقاف بواد مزاب

تشكل نظام الأوقاف في قرى بني مزاب تدريجيا، فبدأت معالمه تظهر نتيجة لتزايد الأصول الموقوفة من جهة، وهذا بسبب انتشار الوعي في المجتمع بأهمية الأوقاف، وتأثيرها الفعال في المجال الاجتماعي الخيري من عدة نواحي "تعليم، مرافق عامة، غذاء،…" وقد ساهم في انتشار هذا الوعي التعبئة التي قام بها العلماء والمشائخ في المنطقة، والتي دفعت المجتمع للاستجابة والتسابق في هذا الميدان ابتغاء الأجر وخدمة بعضهم بعضا، فتبنى المجتمع المزابي بقوة فكرة الأوقاف، وحرص أفراده على تفعيلها.

ومن بين هؤلاء المشايخ، الشيخ بلحاج، القطب، وغيرهم. هذا من جهة ومن جهة أخرى تعددت الأصول الموقوفة لتلبية مختلف حاجات المجتمع، ومتطلباته الضرورية الخاصة بتلك المنطقة فكانت الأوقاف على التمور باعتبارها غذاء رئيسا لبني الصحراء، وعلى الماء لندرته في المنطقة، وعلى بناء المساجد لضمان إقامة شعائر الله، ثم على المدارس لنشر العلم، ومحاربة الجهل. لتتوسع إلى مختلف المرافق والمنقولات التي يحتاجها المجتمع في أدق التفاصيل.

عموما هذه بعض من الأصول التي شملها الوقف في مزاب: المساجد، الآبار، المياه (مقدار معين من الماء)، المراحيض، الزيت (لإنارة المسجد)، الكتب، القدور، المكاييل، أدوات الطبخ، الكسكسي، الخبز، النخيل والتمور،...

وربما كان لحلقة العزابة الدور البارز والهام، في تشكل معالم هذا النظام، باعتبارها الهيئة المخوَّل لها مهمة السهر على حفظ وتنفيذ الأوقاف. فجُلُّ أوقاف البلدة مرتبطة بالمسجد، والقائم على شؤون المسجد حلقة العزابة الموقرة، وبالتالي فهي الساهرة على تنفيذ الأوقاف وتسييرها، ولها الفضل في تشكل معالم نظام الأوقاف، الذي يعتبر أصلا جزءا من نظام حلقة العزابة.

ويكفي لتبيان الأهمية الكبيرة التي خصصتها الحلقة لموضوع الوقف بوجه عام، أن يعين عضوان من الحلقة، (الوكيلان) للقيام والسهر على شؤون الأوقاف. ووكيلا المسجد ينفذان الأوقاف عن طريق وظائف قارة، ومهام لحلقة العزابة تقوم بها سنويا، في أماكن وأوقات معينة.

إن عدد وظائف مسجد بني يزقن خمس وأربعون وظيفة، منها أربع عشرة وظيفة تحوي أوقافا للتمور. أما القسم الثاني من الأوقاف، فهي التي تنفذ عن طريق العامة مباشرة، وبالتالي فالوكيل عليها صاحب الوقف نفسه، أو ذريته من بعده، وللإشارة يوجد تقسيم آخر للأوقاف في مزاب من حيث حقيقتها، حيث يقسمها الأستاذ يوسف بن بكير الحاج سعيد في كتابه "تاريخ بني مزاب": "الأوقاف في مزاب نوعان من حيث حقيقتها، النوع الأول وقف مؤبد لوجه الله تعالی، لأصل من الأصول، مثل أرض أو منزل، أو بستان. أو نخلة أو مرحاض، أو جابية، أو بئر، بحيث لا يجوز بيعه أو هبته أو إرثه أو منتقل من المنقولات مثل القدور والمكاييل والكتب. النوع الثاني يسمى تنوبا (جمعها تنوباوين) لا يمنع التصرف في الأصل، بيع أو هبة أو ارث، ولكنه يشترط على المالك أن يدفع إلى جهة معينة، بصفة مؤبدة، كمية من المواد الغذائية. أو مواد الإنارة أو يقوم بخدمات معينة للصالح العام".

وكما أن للحلقة الدور الهام في تنفيذ الأوقاف، وتسييرها، باعتبارها الهيئة الموكلة إليها هذه المهمة، وبما لها من دور فعال في المجال الاجتماعي عموما، أكسبها سلطة روحية متعارف عليها في المجتمع المزابي، ومكانة هيئة عليا في السلم التنظيمي لقرى الوادي. فإنه للعرف كذلك دور بارز في المجال الاجتماعي بالبلدة، وببقية قرى الوادي، باعتباره الإطار القانوني الذي تتهيكل فيه مجموع إرادات الأفراد، (إرادة المجتمع) في شكل قواعد قانونية، غير مكتوبة تنظم المجتمع في جميع المجالات وفي أدق التفاصيل.

------------------------------------ 

(01) كتاب أوقاف التمور في قرى واد مزاب، زرﭬون محمد بن صالح، ص 62-65

المصدر nir-osra.org

تعريف الإباضية

  • من هم الإباضية؟

    Icon 09 
    يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين؛ فمؤسسه الذي أرسى قواعد الفقه الإباضي وأصوله هو التابعي الشهير: جابر بن زيد الأزدي فهو إمام محدث فقيه، من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أُمِّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وعدد كبير من الصحابة مِمَّن شهد بدرا، كان إماما في التفسير والحديث، وكان ذا مذهب خاص به في الفقه، ولد سنة 21 للهجرة، وكان أكثر استقراره بالبصرة وبها توفي سنة 93 للهجرة. [ولم ينسب إِلَيهِ المذهب وَإِنَّمَا نسب إلى عبد الله بن إباض وهو...


    اقرأ المزيد

  • نشأة الحركة الإباضية

    Icon 09

    للدكتور عوض خليفات،من الأردن،عدة مؤلفات عن الإباضية، منها:"النظم الاجتماعية والتربوية عند الأباضية في أفريقية في مرحلة الكتمان"، و"نظام الولاية والبراءة والوقوف عند الإباضية".

    ومنها كذلك "نشأة الحركة الإباضية" الذي نحن بصدد التعريف به في هذا العدد،وقد صدرت الطبعة الأولى سنة 1978،ثم طبعته بعد ذلك دار مجدلاوي في الأردن،ويقع في 226 صفحة...

    اقرأ المزيد

  • مرتكزات الإباضية الفكرية

    Icon 08

       تخطئة التحكيم
        عدم اشتراط القرشية في الإمام
         صفات الله ليست زائدة على ذاته بل هي عين ذاته
    امتناع رؤية الله سبحانه في الآخرة
        أن القرآن حادث غير قديم ومخلوق لله سبحانه
        أن الشفاعة لا تنال أهل الكبائر، وإنما هي تسرّع المؤمنين بدخول الجنة
         أن مرتكب الكبيرة كافر نعمة، لا كافر ملّة

    اقرأ المزيد

  • الجانب الفكري عند الإباضية

    Icon 09 صالح بن أحمد البو سعيدي

    لم إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟. والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في...

    اقرأ المزيد

  • حملة العلم إلى المغرب

    Icon 09
    إن التاريخ الإسلامي قد حفل بالحواضر العلمية التي كانت مراكز للاشعاع العلمي في كافة أنحاء العالم الإسلامي، ومن بين هذه الحواضر مدينة البصرة التي أنشئت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t ، والتي صارت بعد فترة قصيرة من أكبر المراكز العلمية الهامة في الدولة الإسلامية؛ حيث كانت تعج بالصحابة وكبار التابعين .ومن هذه المدينة انطلقت الدعوة الإباضية إلى شتى البقاع ، وكان ممن حمل لواءها مشايخ عظام درسوا على أئمة المذهب ثم انطلقوا يبلغونها ويؤسسون على مبادئها إمامات ودولا، وسمي هؤلاء في التاريخ الإباضي بحملة العلم إلى المغرب وحملة العلم إلى...


    اقرأ المزيد

  • الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ من القرن الرابع إلى السادس للهجرة

    Icon 09
    لم يكد يأفل نجم الدولة الرستمية في تاهرت سنة 296هـ حتى عجَّت منطقة أسوف وأريغ ووارجلان بالعلماء، خاصة بعد اهتمامهم بإنشاء حلقات العلم و...

    اقرأ المزيد

    تراجع المذهب الإباضي بوادي أريغ:
    هذا العمل أنجز من خلال مخطوط لم يسبق تحقيقه بعد، تم العثور عليه في إحدى مكتبات وادي مزاب، وهو عبارة عن أجوبة علماء جزيرة جربة بتونس، وكذلك...

    اقرأ المزيد

  • غار أجلو

    Icon 09

    اغار أجلو هو الغار الذي أسس فيه الشيخ ابو عبد الله محمد بن بكر بن أبي بكر الفرسطائي رحمه الله ت (440هـ) نظام العزابة سنة 409 هـ لذا يعرف بالغار التسعي.  واتخذه معهدا لطلبته العزابة وتخرج من هذا المعهد كل مشائخ الإباضية المغاربة في القرن الخامس الهجري ويعرف بغار أجلو أو غار أجلو الشرقية ويوجد في بلدة تين يسلي ⵜⵉⵏⵢⴻⵙⵍⵉ  أو ما يعرف ببلدة تين باما طوسⵜⵉⵏⴱⴰⵎⴰⵟⵓⵚ  وهي بلدة أعمر حاليا بجانب (تڤرت). وتعرف كذلك قديما بمدينة........

    اقرأ المزيد

  • إباضيون سوافة وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

    Icon 09

    هذا الموضوع بدأ يستقطب اهتمام مجموعة من الدارسين المحليين هنا بالوادي، والبحث الذي سنعتمد عليه اليوم في تقديم نبذة عن حياة الإباضية في سوف، عنوانه: "سوف في المصادر الإباضية" للأستاذ نصر الدين وهابي، معهد الآداب واللغات، المركز الجامعي بالوادي، عثرنا عليه في كتاب من إصدارات الجمعية الثقافية للمركز الثقافي محمد ياجور بقمارـ طبعة 2008. وهو البحث الذي اتسم بالموضوعية في عرض الشواهد التاريخية.. وقبل ذلك نشير أنه في الوقت الحالي يوجد....

    اقرأ المزيد

  • أعلام الإباضية السوافة

    Icon 09

    هذا هذه قائمة بعض الفقهاء السوافة الإباضية:
    ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)
    ـ سارة اللواتية السوفية كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.
    ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي
    ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني
    وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...
    .....


    اقرأ المزيد

  • من هي سدراتة؟

    Icon 09

    هذا مدينة سدراتة على بعد كيلومترات من مدينة ورقلة كانت عامرة على مدار ستة (06) قرون بعد أن لجأ إليها بقية أسرة ابن رستم حكام الدولة الرستمية فارين من اضطهاد الفاطميين سنة 909  ه وكانت تزخر بتجارة القوافل الصحراوية، وذهب غانة وملح الصحراء. وحافظت على علوم المذهب الإباضي وثقافة أتباعه، ولكنها....

    اقرأ المزيد

ماذا يعني انتمائي للإباضية ؟ 

درس للدكتور/ مصطفى بن صالح باجو  ألقاه بمسجد التقوى ( غرداية - وادي مزاب - جنوب الجزائر )

الخميس 30 / 12 / 2010

ملاحظة: نظرا لأنّ الدرس ألقي بوادي مزاب، فإنّ الدكتور استعمل فيه أحيانا اللهجة المحلية المزابية

 

 اهتمام المستشرقين بالعقيدة الإباضية في ملتقى نابولي بإيطاليا ماي 2012

درس للأستاذ الفاضل محمد بن أيوب الحاج سعيد ( رئيس جمعية الشيخ أبي إسحاق اطفيش - رحمه الله تعالى - لخدمة التراث - غرداية - وادي مزاب - جنوب الجزائر )

ألقاه بمسجد حواشة  غرداية  3 / 7 / 2012 .

 ملاحظة : نظرا لأنّ الدرس ألقي بوادي مزاب ، فإنّ الأستاذ استعمل فيه أحيانا اللسان المزابي

 

وجود وإنتشار الاباضية في العالم. الدكتور إبراهيم بن بكير بحاز

الملتقى الثامن للإباضية في طوكيو - اليابان، درس للأستاذ الفاضل د.إبراهيم بن بكير بحاز، ألقاه بمسجد باباالسعد الشرقي، يوم الأحد 07 شوال 1438هـ/ 02 جويلية 2017م، ضمن الأيام الدعوية، بعنوان: قبسات دعوية

باحثون من لبنان وروسيا واليابان يتحدثون عن الفكر الاباضي.

 

تعريف تنوبا

Icon 09

تعريف تنوبا(01)

بتاء ساكنة ونون مضمومة ممدودة وباء مفتوحة مع مد خفيف. لفظ أمازيغي مزابي، مفرد، جمعه "تِـنُوبَاوِينْ"

يبدو أنّ "تْـنُوبَا" أصلها لغة من الكلمة العربية النَّوبة، بمعنى التناوب على إطعام الطعام، وقد اتسع استعماله لدى المزابيين ليشمل منافع عدة، يتعاقب عليها أفراد المجتمع في أزمنة وأماكن محدّدة.

"تْـنُوبَا" صدقة على سبيل الوقف، تدوّن في سجلاّت العزَّابة، كما أوقفها الموقف على عقار أو نخلة أو غير ذلك من الممتلكات. وينسحب أساسا في الاستعمال السائد على الطعام الذي يُتصدّق به لقُراء القرآن في مواسم معيّنة. تعدّه الأسرة في مزاب ووارجلان، وفق مقادير محدّدة.

كما يطلق على هذا النوع من الوقف أحيانا لفظ "ألـمَقَبْرَتْ"، أو بقلب القاف كافا "أَلْمَـكَبْرَتْ" في بعض مدن مزاب ووارجلان.

ويدخل ضمن هذا المفهوم أيضا، بعض الأعمال الخيرية مثل الإنارة العمومية (وبخاصة القائمة على الزيت قديما)، أو الالتزام بخدمات معيّنة للصالح العام، كالسقاية وصيانة آبار البلد وتجهيزها، وسواقي الغدير في الواحة وخدمة المساجد.

أمّا بالنسبة لـ "تْنُوبَا" الخاصة بمجالس تلاوة القرآن، فتتعدّد مواسم تنفيذها حسب أعراف كل مدينة مزابية، وتُعقد هذه المواسم يوم الجمعة، في أحد المصلّيات غير المغطاة، وحديثا في المساجد. إذ تُوزع تلك الأوقاف والصّدقات على متعهّدي هذه المجالس بحضور العزَّابة والطلبة "إِيرْوَانْ" وسائر القراء، من الصباح الباكر إلى وقت الزوال، ومن بعد صلاة العصر إلى وقت صلاة المغرب أو العشاء.

وقد اعتُبرت "تْـنُوبَا" في العرف العام بمثابة وقف أبدي يُخرجه صاحبه أو ورثته مرّة كل عام، وهي معلّقة عادة بالعقارات، بحيث إذا بيعت أو استؤجرت، انتقل الوقف إلى المشتري أو المستأجر باتّفاق الطرفين، وهذا يعني أنّه لا يمنع التصرّف في الأصل ببيع أو هبة أو إرث، ولكنّه يشترط على المالك أن يدفع إلى جهة معيّنة بصفة مؤبدة كميّةً معيّنةً من المواد الغذائية (من طعام –الكسكسي- والسمن واللحم). وكلّ ذلك بمقادير مضبوطة عند الواقف أو الذي أصبح المنزل على عهدته، كما هو مضبوط في سجلات خاصّة لدى هيئة العزَّابة.

ولقد استحدثت "تْـنُوبَا" في ظروف المسغبة والفقر المدقع لينتفع بها الطلبة والفقراء. ومن الدارسين من يرجعها إلى عهد أبي عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي، مؤسس حلقة العزَّابة في ق5 ﻫ / 11م، حيث كان ينتقل في رحلات لنشر العلم، فكان طلبته يُكرمون بالإطعام والإيواء في المكان الذي ينزلون فيه، ليتفرّغوا للمهمة التي جاؤوا لأجلها، ثم تحوّل هذا الإطعام إلى أوقاف قارّة لهم. وفي الأمر تشجيع على لزوم طلب العلم وحفظ كتاب الله.

ولقد ظهر سابقا نفع هذا الوقف اجتماعيا ودينيا واقتصاديا، ولكنه حاليا مدار جدل ونقاش بين الفقهاء في مزاب، بين مجيز لها ومحافظ عليها، وبين من يرى فيها تكليفا مكروها أوتحريما.

سبب تعدّد الآراء في مسألة "تْـنُوبَا" راجع إلى أنها شرط علّق بالمبيع فاختُلِف في حكمه؛ ففريق يرى أنّه شرط جائز لأنّ المشتري يعلم مسبقا أنّه سيُنفّذه سنويًّا مدى الحياة، مع علمه باختلاف ثمن مقدار الأداء سنويًّا وعدم تحديد المدّة، بينما يرى الفريق الآخر أن عدم تحديد المدّة والثمن يدرج في الجهالة بدليلين:

1.قول القطب اطفيَّش: «كبيع دار واشتراط سكناها بلا تحديد… أو نحوه مما لا ينضبط».

2.من شروط الموقوف

أن يكون معلوما وقت وقفه علما تاما.

ويعزز إشكال كون "تْـنُوبَا" وقفا أو لا، كونها ليست بأصل لأنّها من المأكولات، وليست بمنفعة لأنّه لا يعلم أصلها، وبالتالي فهي لم تنضبط بتعريف الوقف الذي هو «حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه». ولذلك يرى هذا الفريق أنّ "تْـنُوبَا" ليست وقفا، إنّما هي من قبيل الصدقات.

ورغم الاختلاف في المسألة، فإنّ "تْـنُوبَا" لا تزال قائمة إلى يومنا تحت إشراف العزَّابة في أغلب مدن مزاب ووارجلان.

----------------------------------------------------

(01) موقع تادارت مركز الدراسات الإباضية

تمسك البربر بشخصيتهم

وسابع الأسباب هو ثبات البربر على مبادئهم، وتمسكهم بالفهم. إنهم امة قوية الشخصية، معتدة بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها، وتقلد، ولا تسارع إلى نبذ ما الفته، ولا تأخذ بالجديد حتى تتيقن انه أحسن من القديم الذي عندها. لذلك لم يسارع البربر إلى الاسلام حتى تأملوه، وعرفوا حقيقة، وتيقنوا انه هو مفتاح السعادة، وسبب النجاح، فاقبلوا عليه، ورسخوا فيه رسوخ جبالهم، وثاروا على كل الملوك المسلمين الذين يخرمون أصوله في السياسة، ويعاملون رعاياهم بغير العدل الذي أمر الله به.

ان البربر لا يسارعون كثيرا إلى الإيمان. إنهم لا يؤمنون إلا بعد التروي والتدبر، وفي أناة وتحفظ. وكذلك في الصداقة؛ فان قلب البربري لا يتفتح لك إلا بعد ان يختبرك طويلا، ويدرسك ويعرف حقيقتك، ويثق بك، وإذا تفتح لك قلبه تفاني فيك، واخلص إليك، وثبت على حبك، وكان لك في السراء والضراء، وكان حبك في قلبه درة في محارتها، ولا يؤذيها تقلب الأمواج، وثورة البحر، ولا يكسفها ظلمة للازمات تخيم عليك كظلمة اليم، وملوحة للأيام تعكر صفوك كملوحة البحار !

ان ثبات البربر على مبدئهم وتحفظهم، هو الذي جعلهم لا يفتحون قلوبهم للمسلمين ولا يسارعون إلى الإسلام إلا بعد ان تمنعوا فيه، فعرفوا حقيقته، ورأوا جماله وعظمته في سلوك المسلمين

------------------

 

محمد علي دبوز  تاريخ المغرب الكبير ج2  ص122-123

تنظيم الأوقاف

Icon 09

تعريف تنوبا

نظام " تِنُوبَاوِينْ " في مزاب والحكمة منه

 أنواع الاوقاف في مزاب

 أنواع الصدقات العرفية

Icon 09

 عادة تنوبا ⵜⵏⵓⴱⴰ

تينوباوين المتعلقة بقصر تغردايت

أصل كلمة تنوبا    

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

تسيير حلقة العزابة للأوقاف بواد مزاب

 

 

 

Icon 09

دور الوقف في تطوير المشاريع التربوية وضمان استمراريتها 

تحميل البحث 

 --------------------------

الأوقاف الإباضية  مذكرة لنيل شهادة الماجستير

تحميل البحث

 

كلمة حول الأوقاف الإباضية في الجزائر

 

حماية الوقف بين الفقه الإباضي والقانون الجزائري

 

مركب التوفيق ينظم الملتقى الدولي الاستثمار في الأوقاف

 

 

 الوقف عند المجتمع المزابي

مقطع فيديو من الجلسة العلمية الرابعة المنظمة في الملتقى العلمي الدولي حول "الاستثمار في الأوقاف" المنعقد في الفترة الممتدة من 10 إلى 13 ذو القعدة  1433هـ الموافق لـ  26 إلى 29 سبتمبر 2012م 

من تنظيم مركب التوفيق (بلكور) بالجزائر العاصمة

 

 

تِيمْسِيرِيدِينْ ومؤتمر لا إله إلا الله

تِيمْسِيرِيدِينْ ومؤتمر لا إله إلا الله

Icon 07

" ..وفي وادي ميزاب بالجزائر مجلس ديني من النساء العالمات الصالحات الورعات يختارهن العزابة بدون تحيز ولا تعصب من العشائر، ويراعون أن تكون من كل عشيرة واحدة، وإذا لم يجدوا في عشيرة من توفرت فيها الشروط اختاروا من عشيرة أخرى، ومما يذكر التاريخ الإباضي أنه وجد في وادي ميزاب في عصر واحد ثلاث نسوة وصلن إلى مرتبة عالية في العلم يطلق على كل واحدة منهن لقب مامة وهن مامة بنت سليمان في غرداية، ومامة بنت عبد العزيز في مليكة العليا، ومامة بنت عبد الله في بني يزقن، حيث كانت كل واحدة منهن رئيسة حلقة المرشدات في بلدها، وقد جمعهن التدبير الإلهي لتنظيم اجتماعات للتشاور في القضايا المشتركة بين النساء لإصدار التعليمات التي تنفذ في كل القرى الميزابية، وتعقد هذه الاجتماعات بشكل منتظم في مؤتمر "لا إله إلا الله" وهو عبارة عن تجمع سنوي متنقل تعقده حلقات تمهيدية في مسجد الشيخ باعبد الرحمن الكرثي للاتفاق على تاريخ البداية..

ثم غرداية ثم بنورة ثم بني يزقن ثم العطف بوادي ميزاب أما القرارة وبريان فهما ينسقان لقاءاتهما معاً لبعد المسافة، وفي هذه الاجتماعات تلتقي مرشدات وادي ميزاب بالعنصر النسوي في البلدة المضيفة في دار المرشدات التابعة للمسجد أو مكان الجامع، فتستهل أشغالها بتكرار كلمة الشهادة "لا إله إلا الله" ألف مرة ثم تلاوة سورة يس وتبارك الملك وسورة الخاتمة ثم تتقدم كبيرة المرشدات لكل بلدة بكلمة وعظ وتذكير وإرشاد أمام الحاضرات، وفيه تتدبر المرشدات في الحالة التي آلت إليها النساء في المجتمع ويقررن فيه الدواء الناجع لمختلف الأمراض التي حدثت خلال السنة، ويبلغن قراراتهن وتوصيات المؤتمر لمجلس العزابة للإشعار والرعاية، وهذا المؤتمر العريق الذي لا ندري بالضبط متى بدأ في التاريخ يعتبر منتدى حرا لإصلاح شؤون المرأة المسلمة في ميزاب، وتوحيد وجهات نظرهن في بعض القضايا المصيرية المشتركة، وتجديد العزم لمواصلة المسيرة، وللتواصل بين الأجيال المتعاقبة، ولتبادل التجارب والخبرات في قضايا النساء، والمجلس الديني للنساء (حلقة المرشدات) يعين مجلس العزابة في تثقيف المرأة الميزابية وتربيتها تربية دينية صحيحة، ولهذا المجلس وظائف عديدة منها:

1.نشر وغرس العقيدة الدينية والفضيلة الأخلاقية من خلال حلقات الدروس الدينية والوعظ.

2.محاربة الآفات الاجتماعية والبدع الفاسدة المتناقضة مع شريعتنا الإسلامية.

3.الإشراف على حفلات الأعراس والمناسبات الدينية والاجتماعية لكي لا يكون هناك إسراف أو أغاني ماجنة ومن يتعد على ذلك يحكم عليه بالبراءة.

4.الإشراف على غسل الأموات من النساء والأولاد الصغار.

وإذا تردت امرأة من وادي ميزاب في المعصية ولم تُجدِ فيها الموعظة يتبرأ منها المجلس الديني النسوي في مسجد النساء، ويتبرأ منها أقاربها فتسرع إلى التوبة.

وإن المرأة الميزابية بفضل التربية الدينية التي تكون لها من والديها وأسرتها والمجتمع وهذا المجلس الديني الذي يتعهد النساء، وينفخ فيها الروح الدينية الصحيحة والمبادئ الإسلامية السمحة، متمسكة بدينها كل التمسك تخاف الله وتراقبه في أعمالها ولا ترضى أن يخالف الدين أمامها، إنها أخلاق المرأة الإباضية.

 ---------------------------------------

(01) كتاب السيرة الزكية للمرأة الإباضية، بدرية بنت حمد بن خليفة الشقصية.

المصدر nir-osra.org

تينوباوين المتعلقة بقصر تغردايت

Icon 09

هذه أسماء "تينوباوين" المتعلقة بقصر تغردايت:

تنوبا نوامي سعيد

تنوبا نباعيسى و علوان 17 فيفري

تنوبا نبابا و الجمة

ننفاش 23 ديسمبر

تنوبا نبابا و الجمة نلحبوس

تنوبا نبابا صالح و

تنوبا نمشايخ أتوعيتي في يوم واحد

تنوبا نبا محمد أبي سحابة يوم 20 جانفي

تنوبا نبامحمد خديم أمو

تنوبا نشيخ صالح

تنوبا نبابا السعد أغير نلمنكر على 7 صباحا

تنوبا نشيخ بابا تامر

تنوبا نشيخ بامحمد بوشيخ

تنوبا نمشايخ آت بالناصر

تنوبا نشيخ بالحاج داود

تنوبا نأبي سعيد 24 فيفري

كل ما اسلفت كتابته تعد في الشتاء صباحا و الآن ساذكر التي تعد عشية :

تنوبا نيمحراث

تنوبا نات الخفيان

تنوبا نعبد العالي تاولاولت (نسبة لامرأة صالحة)

تنوبا نشيخ أمي موسى المحضرت

تنوبا نبابا السعد الشرقي

تنوبا نشيخ الحاج مسعود

تنوبا نيوم الزيارة 24 مارس

تنوبا نشيخ أمي موسى و الآن

تينوباوين التي تعد في الصيف:

تنوبا نمحضرة المستجاب

ثم تأتي آخر واحدة يوم 5 ماي و هي تنوبا نشيخ أمي سعيد الخاتمة

ملاحظة: لكل واحدة قصة خلد فيها صاحبها المشهود له بالتقوى و الصلاح و الكرامات لكل واحدة منها أعيار (كمية) معينة. 12 نيعويار نيمندي مع 12 تيحميسين نويسوم (الله الله :) ) تعد بأوشو نيردن و أودي بكمية معينة ( يسمى كيل تنوبا بالنسبة لأودي تاجدويت).

 

 

ثناء ابن خلدون على البربر

Icon 07

لقد كتب عن البربر مؤلفون كثيرون من عرب وإغريق ورومان، وكلهم أثنى على البربر وأعجب بهم. وممن عاشرهم، وسبر أغوارهم، وعرف كل المعرفة تاريخهم، وعاش في دولهم، وشاهد أمجادهم العلامة ابن خلدون. فإليك جزءا صغيرا من شهادته لهم، وثنائه عليهم، ليكون نصوصا وحجة لما وصفت به البربر في هذا الباب.

قال العلامة ابن خلدون:  [وأما تخلق لبربر بالفضائل الإنسانية، وتنافسهم في الخلايا الحمية، وما جبلوا عليه من الخلق الكريم، مرقاة الشرق والرفعة بين الأمم،وسبب المح والثناء من لخلق، من عز الجوار، وحماية النزيل، ورعي الذمم، والوفاء بالقول والعهد ! والصبر على المكارم، والثبات في لشدائد، وحسن الملكة، والأعضاء عن العيوب، والتحافي عن الانتقام، ورحمة المسكين، وبر لكبير، وتوقير أهل العلم، وحمل الكل، وكسب المعدوم، وقرى الضيف، والإعانة على النوائب، وعلو الهمة، واباية الضيم،ومشاقة الدول، ومقرعة الخطوب، وغلاب الملوك، وبيع النفوس لله في نصر دينه، فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف

عن السلف، لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم. وحسبك ما اكتسبوه من ميدها، واتصفوا به من شريفها، ان قادتهم إلى مراقى العز، وأوفت بهم على ثنايا الملك، حتى علت على الأيدي  أيديهم، ومضت في الخلق بالقبض والبسط أحكامهم الخ... ] 26

ولعل القارئ يقول: ان الأمام ابن خلون يريد البربر في عهد الإسلام لما ورد من وصفه لهم ببيع لنفوس لله في نصرة دين، ولكنه من يقرأ الباب كله يعلم ان يريد البربر في كل عهودهم قبل الإسلام وبعده. ان وان أمكن ان يعني ابن خلدون لبربر في العهد الإسلامي فحسب، فان الفروع دليل على الأصول، والأحفاد مظهر للأجداد، والشخصية العظيمة، ولعبقريات الكبرى تورث ولا تكتسب. انها لا تظهر فجأة، ولا تولد كاملة،وإنما تنمو في الآباء، وتكمل في الأبناء. وإذا رأيت جيلا كريما فاعلم انه من الأصول لكريمة،

لا يمكن ان يكون من الأرذال.

ثم قال ابن خلدون يصف البربر في العصور الإسلامية: «وأما إقامتهم لمراسم الشريعة، وأخذهم بأحكام الملة، ونصرهم لدين الله، فقد نقل عنهم من اتخاذ المعلمين كتاب الله لصيانتهم، والاستفتاء في فروض أعيانهم، واقتفاء الأئمة في الصلوات ببواديهم، وتدارس القرآن بين إحيائهم، وتحكيم حملة الفقه في نوازلهم وقضاياهم، وإصغائهم لأهل الخير والدين من أهل مصرهم للبركة في آثارهم، وغشائهم البحر أفضل المرابطة ولجهاد، وبيعهم النفوس الله في سبيله، وجاد عدوه، ما يدل على رسوخ إيمانهم، وصحة  عتقداتهم، ومتين ديانتهم التي كنت ملاكا أعزهم، ومقادا إلى سلطانهم وملكهم ».

ثم قال ابن خلدون: «وأما وقوع الخوارق فيهم، وظهور الكاملين في النوع الإنساني من أشخاصهم، فقد كان فيهم من الأولياء المحدثين، أهل النفوس القدسية، والعلوم الموهوبة، ومن حملة العلم عن التابعين ومن بعدهم من الأئمة والكهان المفطورين على الاطلاع على الأسرار الغيبية، ومن الغرائب التي خرقت لعادة، وأوضحت أدلة القدرة، ما يدل على عظيم عناية الله بذلك الجيل، وكرامته لهم، بما آتاهم من جماع الخير، وآثرهم به من مذاهب الكمال، وجمع لهم من متفرق خواص الإنسان الخ....» 27

تلك هي بعض أوصاف البربر الخلقية والعقلية ق جلوناها، وجلاها ابن خلدون في هذا الباب. وهي تصور شخصيتهم العظيمة،وأصلهم الكريم. فما هي الشخصيات التي نبعت منهم قبل الإسلام في مختلف الميادين، فكانت مظهرا لشخصيتهم، ومن الأدلة الكبرى على عظمة هذا الجنس، واقتعاده الذري في المكارم قبل الإسلام بقرون كثيرة؟

----------------------

26 كتاب العبر لابن خلدون ج 6 ص 104 ط بولاق بمصر.

27 العبر لابن خلدون ج 6 ص 104 ، 105 ط بولاق بمصر.

               تاريخ المغرب الكبير محمد علي دبوز ج1

جذور النظام الاجتماعي لمزاب

جذور النظام الاجتماعي لمزاب

Icon 09

مزاب لا تعود جذوره إلى جابر بن زيد مؤسس المذهب الإباضي كما يريد البعض أن يوهمنا بذلك بل هو موجود منذ العصر الحجري القديم .

أصول النظام الاجتماعي لمزاب تعود إلى هذا الوجود الضارب في القدم للانسان في مزاب مرورا بعصر ميلاد المسيح عليه السلام وفترة ما قبل الإسلام إلى مجيء الإسلام واعتناق مذهب المعتزلة ثم المذهب الإباضي الى عصرنا الحاضر.. في تطور وتفاعل وتكيّف مع المستجدات. وكغيره من المجتمعات الأمازيغية في شمال افريقيا فقد كان لكل قصر نظام تسيير قائم على التمثيل القبلي-الصفوفي (tribalo-segmentaire)لمختلف القبائل التي تتشارك القصر. وكما تتطور طبيعة نظام التسيير تتطور أيضا وتتفاوت من قصر الى قصر التسميات التي تميز تلك الهيئة المسيّرة: الضُّمّان، الجماعة، امصوردان، ايمكراس.. وأخيرا "الأعيان" كتسمية حديثة ظهرت على الأرجح في الفترة الاستعمارية. وحداثة التسمية لا تعني حداثة الهيئة، فالهيئة قديمة والجامع المشترك بين كل التسميات السابقة للهيئة هو أنها تنبثق من العشائر وتتكفل بمهمة تسيير الشؤون العامة للبلد كالعمران والري والأمن والسياسة.. الخ. لا يوجد بحث تاريخي محترم واحد يثبت أن حلقة العزابة سابقة لهيئة الضمان (الأعيان حاليا) ولا يوجد أثر تاريخي واحد لدعوى السلطة الهرمية لحلقة العزابة على كامل الهيئات العرفية ومن قال غير هذا فليأت بالبينة.

حلقة العزابة كانت في البداية حلقة علم تزاول نشاطها في القصر وواحاته ولم تتبوأ منصبا ذا مسؤولية إلا في حوالي بداية القرن الرابع عشر الميلادي (أي حوالي ثلاثة قرون والقصور المؤسسة آنذاك كانت تسير بدون حلقة عزابة. هذا عن القصور المستمرة الى يومنا هذا دون الحديث عن القصور المندثرة ك "أوخيرة" و"موركي" و"اغرم ن واداي" و"اغرم نتلزضيت".. الخ). من أهم ما تحفظه لنا السير والأعراف أن "الضمان" (الذين تنتخبهم عشائرهم) لهم سلطة على حلقة العزابة وليس العكس، والكل يعلم أن من السير والعرف في حال خرق عضو للحلقة أو الحلقة بأكملها لعرف من الأعراف أو ارتكبت مظلمة من المظالم فمن صلاحيات الضمان أن يتدخلوا وذلك بأن يشغلوا الصف الأول في المسجد قبل مجيء العزابة وأن يعينوا مؤذنا وإماما من خارج الحلقة ويستمروا على ذلك إلى أن ترد المظلمة وتعترف الحلقة أو عضوها بالخرق المرتكب لتعود الأمور الى سابق عهدها وتسلم مقاليد المسجد لهم من جديد. وإلا فبإمكان الضمان أن يحلّوا الحلقة بشكل كلي لإنشاء حلقة جديدة. هذا ما نحفظه ونعلمه ولا أحد يمكن أن ينكره لا أعضاء الحلقة ولا الشيوخ المسنون الذين يحفظون العرف والسير. في العرف فإن حلقة العزابة تتكون بالتعيين الداخلي الانتقائي (أي أعضاء الحلقة هم من يعين من ينضم إليهم لأن مهمتهم مهمة دينية والمهمة الدينية لا تستلزم التمثيل القبلي والعشائري) بينما الضمان (الأعيان) يتم تكوينهم بالتمثيل العشائري (طبعا وكل عشيرة حرة في طريقة اختيارها لأعضائها فالأمر شورى بينهم) لأن مهمتهم تسيير الشأن العام والشأن العام لابد له من تمثيل "ديمقراطي".

هذا هو بالضبط مقتضى النظام الشوري "الديمقراطي" الساري المفعول إلى يومنا: أي أن المنتخب له سلطة على المعيَّن وليس العكس. البرلمان المنتخب يمكن أن يسحب الثقة من رئيس الحكومة المعين ولكن لا يستطيع رئيس الحكومة المعين أن يحل البرلمان المنتخب.. على سبيل المثال فقط.

لقلم الأستاذ  Salah Bahmani

 

حب المزابي للأرض

أحد الباحثين لاحظ أن خدمة النخلة في واد امزاب يكلف أكثر مما تنتجه، فاستنتج أن سكان هذه المنطقة يعشقون أرضهم إلى درجة أنهم يحيونها بالزرع من مصادر خارجية حبا في الأرض لا في عوائدها المادية.

حرية المذاهب الإسلامية في الدولة الرستمية

حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية

وكانت الدولة الرستمية دولة الحرية الفكرية، وحرية الاعتقاد، وحرية الكلام في حدود الدين الإسلامي العظيم. إن رؤساءها وجمهور رعيتها كانوا على المذهب الأباضي الجمهوري؛ ولكنهم لا يفرضون على احد رأيهم، ولا يحملونه بالقوة على مذهبهم، بل يتركون كل احد يختار من المذاهب الإسلامية ما يشاء. وكانوا يحترمون كل المذاهب الإسلامية التي لا تخالف الدين. وكانت تعيش في تيهرت كل المذاهب الإسلامية.

كان فيها المالكية، والمعتزلة، والصفرية، ومذهب أهل الكوفة والعراق، وكل المذاهب الإسلامية الموجودة في المشرق. وكانوا يجدون في تيهرت حرية عرض مذاهبهم، والدعوة إليها، والاحتجاج لها، كما كانوا يجدون كل احترام من خاصة تيهرت وعامتها، ولا يحتقرهم احد. ولا يكم فمهم إنسان. وسترى في قصة الشيخ مهدي النفوسي عالم جبل نفوسة الذي استنجد به الإمام عبد الوهاب لمناظرة عالم المعتزلة الذي أفحم علماء تيهرت بذكائه وبراعته في المناظرة، واستطاع لما وجد من حرية الكلام في تيهرت أن يحاجج الإمام عبد الوهاب رئيس الدولة نفسه، وهو عالم تيهرت، فيفحمه، فعجز الإمام عبد الوهاب عن مناظرته، فلم يسكته بالقوة كما يفعل الملوك، بل استنجد بعلماء جبل نفوسة، فاحموه. فأسكته بالحجة، وألزمه الصمت بالأدلة القاطعة.

وكان الشيخ مهدي النفوسي فارس المناظرة الذب أفحم العالم ألمعتزلي يغيب عن صحبه النفوسيين أياما حتى يتحيروا عليه، وهو يجتمع بعلماء كل المذاهب الإسلامية في مساجد تيهرت، ويستضيفونه في منازلهم وفي ضواحي تيهرت التي يسكنونها، فيناظرونه، وتطول المناظرة ويتصل الحجاج، فيبقى الشيخ مهدي أياما في هذا الجو العقلي المتقد الممتع في مساجد تيهرت ونواديها العلمية، ولا يستطيع الرجوع إلى محل الضيافة الذي نزول فيه هو وصحبه. وقد رجع يوم بعد غيبة أيام فسأله صحبه عن سبب غيبته فأجابهم: بأنه كان مع علماء تيهرت في مجامعهم يناظرهم فاستطاع أن يقنع بالحجة الساطعة، والبرهان القوي في ميادين المناظرة الحرة في تيهرت سبعين عالما من الصفرية والمعتزلة وغيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى، وكانوا لا يرون ما يعتقده الإباضية الجمهوريون فأقنعهم فأدركوا صوابهم، فانضموا إليهم، وتركوا أقوالهم الماضية، وصاروا لما أقنعهم الشيخ مهدي على مذهبه الجمهوري المعتدل الذي يوافق الدين في كل الأشياء.

قال احمد بن سعيد الدرجيني: "وبلغنا أن مهدي لما صار بتيهرت كان يغيب عن أصحابه أياما لا يدرون له مستقرا حتى ساءت ظنونهم )وخافوا أن يكون قد حل به سوء.

فلما كان ذات ليلة قدم عليهم فسألوه عن مغيبه فقال لهم: إني قد رددت إلى مذهب الحق سبعين عالما من أهل الخلاف"1.

كانت الدولة الرستمية دولة الحرية الفكرية الكاملة، وكانت كل المذاهب الإسلامية التي لا تشذ عن أصول الدين موجود فيها. كان فيها المالكية وغيرهم من المذاهب الإسلامية المنتشرة في المغرب. وكان أهلها يتمتعون بالاحترام الكامل، ويجدون ما يشاءون من حرية، وكل ما يريدون من إخوة إسلامية. لا تعصب، ولا حقد كما يكون في العواصم الملوكية المستبدة، ولا كبت ولا إرغام على مذهب الدولة كما يفعل الملوك المستبدون.

قال ابن الصغير المالكي وقد عاش في تيهرت أيام الدولة الرستمية. قال وهو يصف الحرية الفكرية الكاملة، والإخوة الإسلامية التامة في عهد الإمام أبي حاتم في آخر أيام الدولة الرستمية وفي شيخوختها، وهو عهد تكون فيه الدولة الهرمة كالإنسان الهرم ضيق العطن، لا يتحمل المخالفة، ولا يستسيغ المناظرة، ومع ذلك كانت الدولة الرستمية الراسخة في الديمقراطية الإسلامية كما وصفها ابن الصغير المالكي قال: "وكانت مساجد [تيهرت] عامرة، وجامعهم يجتمعون فيه، وخطيبهم لا ينكرون عليه شيئا. إلا أن الفقهاء تباحثت فيما بينها، وتناظرت واشتهت كل فرقة أن تعلم ما خافتها فيه صاحبتها. ومن أتى إلى حلق الإباضية من غيرهم قربوه وناظروه ألطف مناظرة، وكذلك من أتى من الإباضية إلى حلق غيرهم كان سبيله كذلك"2. هذه هي حالة أجدادنا العظيمة في الإخوة الإسلامية. كانت قلوبهم متعانقة لصفائها بنور الإيمان، ولطهارتها بالدين الراسخ، وإن تصارعت عقولهم في ميدان الحجة والبرهان. أنهم وإن اختلفوا في الفروع غصون شجرة واحدة لأصل واحدة هو الدين الإسلامي السمح الواسع. وكانت مناظرتهم مناظرة العلماء الفحول، وقوة هادئة متبصرة. وكانت عقولهم تصطدم فيها اصطدام الشفاه بالشفاه في القبلة العطشى، عميقة ولكنها غير مؤذية، ومعها نشوة العقول الناضجة بالبحث والحجاج! أنهم غصون مثقلة بثمارها في الشجرة الواحدة. تهزها العاصفة فتتمايل في اتزان، وتتفارع في رفق، وليسوا كالجهلة المتعصبين الذين يكونون في المناظرة كالذئاب المسعورة المتقاتلة، وتراهم كالغصون الفارغة الضيقة، تهب العاصفة عليها فتتصادم وتورثها الاعوجاج!3

----------------------

1-طبقات الدرجيني ص 26 من نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم 2612 )تاريخ، والخزانة التيمورية(

2-سيرة الأئمة الرستمية لابن الصغير ص 42 ط باريس.

3-إن مزج التاريخ بالأدب الذي يزيده وضوحا ونضارة مما يجب لتحبيبه إلى النفوس. ولا أرى المتزمتين الذين ألفوا افتراش الحصير اليابس البالي ينكرون علينا أن نبسط لأبنائنا الزرابي القيروانية والمغربية الوثيرة الجميلة لنجدهم من التاريخ الأوربي الطلي الجذاب بحسن عرضه وبفلسفته وجمال أسلوبه، فيعيشوا مع أجدادهم في تاريخنا أيضا، فيكونوا أبناءنا، ويكونوا كما نريد، لا تستأثر بهم تلك الكتب الأوروبية التي يجب أن تكون فرعا ونافلة نزداد بها ثقافة. لأصل وفرض هو تاريخنا الإسلامي العظيم!

 

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 296-298

حفر الآبار في مزاب ملحمة حقيقية

حفر الآبار في مزاب ملحمة حقيقية

c 7

قصص حفر الآبار في بني مزاب ملحمة حقيقية قصص حفر الآبار في بني ميزاب هي ملاحم حقيقية، قام بها أناس لا ينتمون إلى الواقع كثيراً. لقد قابلت حفيد أحد هؤلاء الحفارين. وحكى لي كثيرا عن هؤلاء الرجال الذين كانوا يهبطون وسط الصخور على عمق 70 متراً ثم تتقطع بهم الحبال أو تشتعل فتائل البارود رغما عنهم فيطفئونها بأجسادهم أو أن تنهال عليهم الأحجار والرمال. لقد دفعوا من حياتهم ثمن الحياة لهذا الوادي الشحيح المياه وحفروا بوسائلهم البدائية أكثر من ثلاثة آلاف بئر يتجاوز عمق الكثير منها 80 مترا. زرعـوا ما يزيد على المائتي ألف نخلة وتحتها البقول والفواكه وحولوا الرقعة الصغيرة إلى واحات حقيقية في وجه الريح الموسمية المحملة بالرمال. وتقول إحدى الحكايات إن أهالي الوادي قد سدوا الآبار في وجه الطيور حتى لا تشرب من المياه لمدة سبعة أيام فعاقبهم الله بالجفاف لمدة سبعة أعوام وكان عليهم أن يتوجهوا إلى الله بالدعاء قالبين الأيدي حتى يقلب الله السماء فتأتي بالمطر.

 

 

المصدر : وادي ميزاب.. تراث جزائري حي محمد المنسي قنديل

حملة العلم إلى المغرب

حملة العلم إلى المغرب

 

تمهيد :  

  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد ؛ فإن التاريخ الإسلامي قد حفل بالحواضر العلمية التي كانت مراكز للاشعاع العلمي في كافة أنحاء العالم الإسلامي، ومن بين هذه الحواضر مدينة البصرة التي أنشئت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t، والتي صارت بعد فترة قصيرة من أكبر المراكز العلمية الهامة في الدولة الإسلامية؛ حيث كانت تعج بالصحابة وكبار التابعين .

ومن هذه المدينة انطلقت الدعوة الإباضية إلى شتى البقاع ، وكان ممن حمل لواءها مشايخ عظام درسوا على أئمة المذهب ثم انطلقوا يبلغونها ويؤسسون على مبادئها إمامات ودولا [1] ، وسمي هؤلاء في التاريخ الإباضي بحملة العلم إلى المغرب وحملة العلم إلى المشرق .

ونبدأ بذكر حملة العلم إلى المغرب لأنهم الأسبق تاريخيا .

 من هم حملة العلم إلى المغرب[2] :

تتفق المصادر أنهم خمسة أنفار وفدوا إلى الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة بالبصرة، واحد منهم من اليمن وهو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح، والباقون مغاربة وهم عبد الرحمن بن رستم الفارسي، وعاصم السدراتي، وأبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي، وأبو داود القبلّي .

درس هؤلاء الطلبة الخمسة على يد الإمام أبي عبيدة مدة خمس سنوات من سنة 135 إلى 140 هـ، ثم اتجهوا جميعا عائدين إلى بلاد المغرب الإسلامي شمال إفريقيا.

1  أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافيري :

أصله من اليمن، أخذ العلم عن إمام الإباضية وقتئذ أبي عبيدة مسلم في مدينة البصرة، وبعد خمس سنوات من التلقي اتجه مع زملائه المغاربة إلى بلادهم بعد أن أوصاهم شيخهم بإعلان الإمامة إن أنسوا من أنفسهم قوة، وأشار عليهم بعقدها لأبي الخطاب . ولما وصلوا إلى بلاد المغرب استقروا بطرابلس التي كانت آنئذ في اضطراب كبير وسخط على الحكام العباسيين وقبلهم الأمويين، فعقدوا الإمامة لأبي الخطاب فسار في المغرب بسيرة الخلفاء الراشدين . امتدت إمامته شرقا إلى برقة وغربا إلى القيروان وجنوبا إلى فزان . ولكن الأقدار لم تتح له فرصة التمكين لدين الله وسياسة الناس بالعدل، حيث أرسل إليه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور جيشا ضخما بقيادة محمد بن الأشعث الخزاعي، فدارت معركة ضارية بين الجيشين انتهت باستشهاد أبي الخطاب والقضاء على إمامته سنة 144 هـ .

2 عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الفارسي :

من أكبر أعلام الإباضية وعظماء التاريخ، اعتبره الدكتور سهيل زكار من بين مائة أوائل في التاريخ والتراث الإسلامي . يرجع نسبه إلى الأكاسرة ملوك الفرس . ولد بالعراق في العقد الأول من القرن الثاني الهجري على أكبر تقدير، تزوجت أمه الأرملة بحاجٍّ مغربي فاصطحبها وابنها اليتيم إلى القيروان، وفيها نشأ عبد الرحمن وترعرع، وبها تعلم مبادئ العلوم، ثم صادف نشر الدعوة الإباضية فتعلق بها، ثم سافر إلى البصرة في بعثة علمية للاستزادة من تعاليم المذهب الإباضي والاغتراف من معين شيوخه، وكان ذلك سنة 135هـ، وبعد خمس سنوات عادت البعثة لتحمل على عاتقها عبء الدعوة الإباضية . أجازه شيخه أبو عبيدة في أن يفتي بما سمع منه وما لم يسمع . عينه الإمام أبو الخطاب واليا على القيروان أيام دولته التي كانت من سنة 140 إلى 144هـ . بعد استشهاد أبي الخطاب في معركة تاورغا لجأ عبد الرحمن إلى المغرب الأوسط بعيدا عن نفوذ العباسيين، واعتصم في منطقة تيهرت – بالغرب الجزائري حاليا -، وهناك أسس مدينة تيهرت   ( أو تاهرت ) والتي تسمى اليوم بتيارت . وفي سنة 160هـ بايعه الإباضية المغاربة إماما لأول دولة إسلامية مستقلة بالمغرب الأوسط والتي عرفت في التاريخ باسم الدولة الرستمية التي دامت إلى أواخر القرن الثالث الهجري .

ذُكر أن له كتابين أحدهما في تفسير كتاب الله العزيز، والآخر جُمعت فيه خطبه، إلا أنهما لم يصلا إلينا . دام في إمامته إلى غاية وفاته سنة 171هـ (3)

3 عاصم السدراتي :

من أيمة المغرب الإسلامي، جزائري الأصل، وهو أحد حملة العلم الخمسة من وإلى المغرب . بعد العودة من البصرة سنة 140هـ حمل عاصم لواء الدعوة والتعليم، وظل ينتقل بين القرى والبوادي من جبل نفوسة بليبيا إلى جبال الأوراس بالجزائر . درس على يديه أيمة وعلماء أجلاء منهم الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن ثاني أيمة الرستميين، ومحمد بن يانس وغيرهم . كان مستجاب الدعاء، زاهدا ورعا، كما اشتهر بالشجاعة والفروسية . مات مسموما خلال مشاركته مع الإمام أبي الخطاب في حصار قبيلة ورفجومة سنة 141هـ (4)

5 أبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي :

واحد من علماء الإباضية، أصله من طرابلس الغرب، سافر إلى البصرة في البعثة التي أرسلها سلمة بن سعد والتحق بحلقة الإمام أبي عبيدة المستخفية في سرداب بعيدا عن أعين العباسيين، فقضى معه خمس سنوات في طلب العلم الشرعي وبخاصة فقه المعاملات والأحكام . وبعد رجوع البعثة سنة 140هـ وقيام إمامة أبي الخطاب عُين قاضيا للإمامة، فأدى واجبه وقام به أحسن قيام إلى جانب اشتغاله بأداء رسالته في تعليم الأجيال، وكان من أشهر تلاميذه محمد بن يانس . وبعد مقتل زميله عاصم السدراتي اعتزل القضاء واشتغل بالتدريس(5).

6 أبو داود القبلّي النفزاوي :

أحد العلام الكبار، أصله من نفزاوة بتونس، أخذ علومه الأولى عن سلمة بن سعد ثم انطلق مع عبد الرحمن بن رستم وزملائه في بعثة إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كرية . بعد عودته من البصرة سنة 140هـ اعتزل السياسة واهتم بالتدريس وتكوين الأجيال، كان غزير العلم حتى رُوي أن الإمام عبد الوهاب مع سعة علمه إذا جلس بين يديه ظهر كالصبي أمام المعلم(6)

 

قائمة المصادر والمراجع

البطاشي ؛ سيف بن حمود : إتحاف العيان في تاريخ بعض علماء عمان . ط2 : 1419ه/1998م . المطبعة الوطنية . مسقط .

جمعية التراث ؛ لجنة البحث العلمي : معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب . ط01 : 1420هـ/1999م . المطبعة العربية . غرداية – الجزائر .

السالمي ؛ عبد الله بن حميد :

أ ) تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان . 1417ه/1997م . مكتبة الإستقامة . مسقط .

ب ) شرح الجامع الصحيح . المطابع الذهبية . مسقط .

السعدي ؛ جميل بن خميس : قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة . 1403ه/1983م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

العوتبي ؛ سلمة بن مسلم : الضياء . ط1 : 1411ه/1991م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

الكندي ؛ محمد بن إبراهيم : بيان الشرع . من 1402ه/1982م إلى 1414ه/1993م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

مجموعة أساتذة : دليل أعلام عمان . ط1 : 1412ه/1991م . المطابع العالمية . مسقط . نشر : جامعة السلطان قابوس . سلطنة عمان .

ناصر ؛ محمد بن صالح : منهج الدعوة عند الإباضية . نشر : جمعية التراث بالقرارة – الجزائر .( نسخة مصورة عند وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان ) .

--------------------------------- 

[1] -انظر ؛ محمد ناصر : منهج الدعوة عند الإياضية ،r15وما بعدها .

[2] -أُخذت تراجمهم من معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب، إعداد لجنة البحث العلمي بجمعية التراث، القرارة ، الجزائر .

[3] -جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 544 .

[4] -م س، ترجمة رقم 528 .

[5] -جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 107 .

[6] -م س ، ترجمة رقم 303 .

 المصدر : istiqama.net

خزينة المدينة

Icon 07

خزينة المدينة، أو ما يُطلق عليها الآن بالخزينة العمومية، تُعتبر هيكلا أساسيا وحيويا في كل قصر من قصور مزاب، وتكون تحت إشراف المقاديم وهم كبار العرش، كما جاء في اتفاق أهل غرداية سنة 1796م "اتفقوا على خمسة رجال منهم، ثلاثة مقاديم، وأمينان بأيديهما المفاتيح" ومن أهم مصادر الخزينة هي "الخطايا" أو الغرامات المالية التي تفرض على مرتكبي المخالفات والجرائم طبقا لقانون المدينة، وكذا المساهمة المفروضة على كل صاحب واحة منتجة،وكذا الجزية التي يدفعها اليهود...

وتصرف هذه الخزينة في المرافق العمومية للبلدة مثل سور البلد وشوارعها كما جاء في اتفاق جماعة غرداية سنة 1736م "والخطيَّة يصرفونها في أمور البلاد، هذه سيرة أهل غرداية على الدَّايم"، كما تصرف في دفع الضرائب اللازمة على وادي مزاب سواء في عهد العثمانيين أو الفرنسيين، وفي الدفع للقبائل البدوية المتحالفة مع المدينة في إطار التجارة، ولعل اللافت من بين مصاريف الخزينة أيضا:


1- أنها تصرف في ضيافة كبار أعراش العرب أو القصور الأخرى، ضيافة تستلزمها أعراف التحالفات السياسية.
2- أنها تصرف في يتامى الذين استشهدوا إثر ملاحقتهم لعدو هجم على البلد إن كانوا من الفقراء. وهذا ما ورد في اتفاق جماعة غرداية سنة 1708: "واتفقوا إن مات واحد من الناس اللاحقين أثر العدو وخلف ذلك أولاد صغار وهو فقير لا له شيء فعلى الجماعة أن يأمروا عشيرة اليتامى أن ينفقوا عليهم وإن كانت العشيرة قليلة أو ضعيفة فإن أهل البلاد أن يعينوهم بما أمكن"


الجميل في الأمر ثلاثة نقاط أساسية:
1- أن طريقة تسيير خزينة المدينة لا تخضع لضغوطات أصحاب النفوذ، فهي مستقلة تماما عنهم، ولا يملكون أيَّ قرار نحوها، باعتبار أن الخزينة متعددة المداخيل ولا تعتمد فقط على مساهمات الأغنياء.
2- كما أن السلطة الدينية المتمثلة في العزابة مستقلة هي أيضا بمورد آخر تماما، ولا تعتمد مطلقا على خزينة المدينة، ما يجعلها في منأى عن ضغوطات الشارع وتجاذباته واضطراباته التي تقع من حين لآخر.
3- بالإضافة إلى أن مصرف رعاية يتامى الشهداء يحفز رجال البلدة للتضحية والدفاع عن مدينتهم عندما يتأكدون من وجود دعم مادي لذويهم بعدهم.
ولعل النقاط الثلاثة الأخيرة هذه مما نحن بحاجة إلى التفكير بجدية وصرامة في تفعيلها وإحيائها مجددا، في ظل عالم صار رهينا بكل تفاصيله الاقتصادية والعلمية والأمنية والسياسية لقلة ثرية ثراء فاحشا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد حول خزينة المدينة قديما راجعوا كتاب: النظم والقوانين العرفية بوادي مزاب في الفترة الحديثة، ص: 326 وما بعدها. للدكتور بالحاج بن باحمد ناصر
منقول Brahim Ramdane

 

خصوصيات بني مزاب

انصهرت في واد مزاب عدة عائلات وافدة من اقطار الجزائر في أزمان ماضية

ميزات وخصوصيات بني مزاب

المجتمع المزابي له تقاليد كثيرة في المساحد و الزواح و الأعراس وتزارو العائلات، واتفاقات أدبية عرفية كثيرة تضمن حدا من الضبط الإجتماعي لكثير من الآفات كالتدخين و المخذرات، ورقابة عرفية على أداء بعض العشائر كالصلوات الخمس، وإطار تربوي لغرس القيم و الأخلاق في الصغار، كما له فلسفة خاصة في هندسة عالم النساء وفعالياته الدينية و العلمية و الأخلاقية، ويتعامل باللغة المزابية المحلية بثقافته و فكره....الخ، 

.لا يعني هذا أن هذا الفضاء مغلق ممتنع على الوافد إليه،
فبإمكان من انضم تحت لواء تلك الأعراف والتقاليد واندمج في فلسفته أن يصبح فردا من المجموع،
ولقد انصهرت في واد مزاب عدة عائلات وافدة من اقطار الجزائر في أزمان ماضية.
هناك من يراهن على اندماج مشروط بالتنازل عن خصوصياتنا ولكنا لسنا مستعدين أن نغازل أحدا بالتخلي عن موروثاتنا التي نرى فيها نجاعة اجتماعية وتنظيمية،
فلنا نظرة خاصة للدين و للحياة الإجتماعية وللأخلاق نؤمن بها و ندعمها ونطورها ونراكمها من قرون،
فمن أراد الإنضمام تحت لوائها والإنضباط بأعرافها فمرحبا به وسهلا،
فمن أراد الإستفادة من التجربة فمرحبا به ومنه نستفيد ونكمل الخلل فلسنز مجتمعا ملائكيا.
فمن أراد مجاورتنا و البقاء على ما يريد من أعراف فأخوة الإسلام تجمعنا و مظلة القانون والمواطنة تظعنا جميعا.

منقول بتصرف: abounacer chekhar

دور المرأة المژابية في بناء حضارة مزاب

دور المرأة المژابية في بناء حضارة مزاب

Icon 07

ساهمت المرأة المزابية مع أخيها الرجل بقسط وافر في بناء حضارة واد مزاب وتشييده، بل كانت شريكة أساسية في ذلك، ولم يكن الفرد المزابي يستغني عنها أو يدعي أنه وحده من بنى الحضارة.

كانت المرأة في وقت سابق مشاركة بسواعدها في إنتاج نصف الاقتصاد تقريبا -النسيج والزرابي-؛ وكانت إضافة إلى ذلك مسؤولة عن تربية أولادها في المراحل العمرية الأولى تحضيرا لهم للسفر إلى العمل بالتل (ولعلنا نستذكر حكايات مدرسة الكانطوار والسرابس التي خرجت الرجال).

إن التناغم والتكامل بين مهمتي الرجل والمرأة ظهر جليا في تقاسم الأعباء وحتى في المناصب القيادية في تسيير المجتمع، وعلى جيل اليوم أن يقتدي بهذا التكامل -حسب متطلبات الوقت- ويتجنب الصراع والمنافسة والتداخل بين الأدوار حتى لا تضيع الناشئة، وحتى يؤدي كل عنصر وظيفته ومهمته على أكمل وجه.

نجاح المجتمع ورقيه مقرونان بنجاح مجموع مكوناته، وبتكاملهم وتعاونهم.

وإذا رأيت أن حقوق طرف ما مهضومة فاعلم أن رجوع الأمور إلى نصابها لن يكون على حساب الطرف الآخر، مثلما يقول المثل (جا اكحلها عماها)🙂.

أسڨاس دامبارش للجميع.

بقلمYahia Azghar 

دولة "أبو الخطاب" الإباضية

أول حركة للإباضية عُرفت في التاريخ بجهة المغرب العربي ظهور "الحارث وعبد الجبار" الإباضيين ومواجهتهما للدولة الأموية أيام آخر خلفائها مروان بن محمد، وانتزعا طرابلس وسيطرا على تلك الناحية حينًا من الدهر، وقتلا سنة 121هـ.

وفي سنة 140هـ، بايع الإباضيون هناك على يدي أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافر، في ليبيا، ودانت له طرابلس ثم القيروان وبرقة وفزان.

واختار أبو الخطاب زميله في العلم عبد الرحمن بن رستم قاضيا في طرابلس. وعندما احتلت قبيلة ورفجومة الصّفرية الخارجية المتطرفة القيروان وارتكبت بها المناكر بكى أبو الخطاب وهاجمهم بجيش سنة 141 هـ وهزمهم وشتت شملهم، وقتل قائد جيشهم الجعدي، وحرر القيروان من الصفريين، وامتد انتشار الإباضية حتى مدينة وهران.

في سنة 142 هـ وصل جيش العباسيين بقيادة أبو الأحوص العجلي، فاشتبك به أبو الخطاب في "غدامس" فهزم أبو الأحوص الذي عاد بفلول جيشه لمصر. وجمع أبو جعفر المنصور جيشا قويا وضع على رأسه محمد بن الأشعث الخزاعي عامل العباسيين بمصر وعينه واليا على المغرب. ولما شاهد قوة الجيش الإباضي استعمل الحيلة فتظاهر بالانسحاب نحو مصر، لكنه عاد وهاجم على غرة معسكر أبي الخطاب في تاورغا سنة 144 هـ فهزم الإباضية وقتل أبو الخطاب. وكان عبد الرحمن بن رستم متجها لنجدة أبي الخطاب وعندما علم باستشهاده، تراجع واتجه نحو المغرب الأوسط.

مقال: الإباضية.. النشأة .. التاريخ.. والواقع

منقول من موقعhttp://www.islamist-movements.com

دولة الإباضية لا تستبيح الدماء

دولة الإباضية : لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء

هيبة هارون الرشيد للدولة الرستمية الجمهورية

وكان الرشيد حكيما فعلم أن الدولة الرستمية في المغرب الأوسط قد رسخت عروقها ودخلت شبابها، وانه لا طمع له في احتلال المغرب الأوسط كما كان يمنى نفسه بذلك المنصور؛ وان افريقية وسطها وشمالها هي كل ما يستطيع السيطرة عليه سيطرة كاملة من المغرب الأدنى لكثرة من فيه من الملوكيين، وان الصفرية في شمال افريقية بجبال  باجة  وغيرها يستطيع إخضاعهم بالسيف لعدم وجود دولة صفرية قوية في المغرب تحميهم؛ أما الإباضية في جنوب افريقية في نفزاوة وقفصة وغيرهما، وفي جبل نفوسة فانه لا يستطيع العنف معهم لان ثورتهم تثير الدولة الرستمية القوية عليه فتزحف لاحتلال القيروان والقضاء على الملوكية في المغرب.

الإباضية: لا يعتدون ، ولا يطمعون في التوسع، ولا يستبيحون دم المسلم

كان الرشيد عليما بالإباضية، وأنهم لا يعتدون على احد، ولا يطمعون في التوسع، ولا يستبيحون سفك دم امرئ مسلم. وانه سوف لا يهاجمه الإمام عبد الوهاب ويزحف على القيروان ما لم يثره إلى ذلك بالعدوان على الإباضية في جنوب افريقية وفي جبل نفوسة الذين اثروا الانضمام إلى الدولة الرستمية الجمهورية، والخروج من ربقة الملوكية العباسية المستبدة؛ فأوصى روح بن حاتم بعدم إثارة الدولة الرستمية عليه، وبموادعة إمامها عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، عقد معاهدة حسن الجوار معه، والتزام كل لحدوده في المغرب الأوسط في جنوب افريقية وفي طرابلس لا يتعداها. وكان روح يرى ما رأى الرشيد. فاتصل بالإمام عبد الوهاب وعقد معه معاهدة حسن الجوار، وحدوا الحدود بين الدولتين الرستمية والإمارة العباسية في المغرب، وان لا يتجاوز احدهما حدود الآخر.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 7-9

رَارَا امَمِّي رَارَا للشاعر عمر داودي

رَارَا امَمِّي رَارَا

للشاعر عمر داودي

 

رَارَا امَمِّي رَارَا

يِضْ افْ وَاسْ يَتْدُورَا

يَلاَّ يُودَنْ تِيمُورَا

اطَّسْ اطَّسْ امَمِّي

اطَّسْ اطَّسْ امَمِّي

رَارَا امَمِّي رَارَا

تَلِّيدْ امَمِّي غَلْ وُلِيكْ دْ طَارَا

رَارَا امَمِّي رَارَا

تَلِّيدْ غَلْ وُلِيكْ دْ طَارَا

طَارَا نْ وِيسْعَانْ آرَا

آرَا انْ شتْشْ امَمِّي

طَارَا نْ وِيسْعَانْ آرَا

آرَا انْ شتْشْ امَمِّي

رارا مَمّي رَارَا للفنان عمر بن سليمان بوسعدة

رارا مَمّي رَارَا

للفنان عمر بن سليمان بوسعدة

 

رارا مَمّي رَارَا

شَتشين تالاَ نْ طَارَا

رارا يلّي رارا

شمّين تالاَ نْ طَارَا

مِي بَرْسَغ فْ تْزِيرٍي

أتَّافغتْ تِّيزَفْرِي

اسْرَارَاكْ اشَدْيَاوِي

تِرْجَا تِمْبَرْشَنْ

اسْرَارَاكْ امَدْيَاوِي

تِرْجَا تِمْبَرْشَنْ

سْ يوشَنّغْ أنَطّس

سْ يوشَنّغْ أدْنَتْشَرْ

دْ يُوشنّغ أغنْيُوش

دْ يُوشنّغ أغنِيزْدَرْ

--------------------------------------------

المرجع عمر بن سليمان بوسعدة:  أحوّف ن وغلان، "أناشيد مزابية مختارة من التراث والألمع الشعراء والمنشدين، المطبعة الجابرية، بنورة، غرداية، ص90.

رفع الأيدي في الصلاة

لماذا لا يرفع الإباضية أيديهم في الصلاة

 

مقدمة

الاختلاف في مسألة الرفع

أدلة الإباضية في ترك الرفع

مسالة القبض

الرد على شبهة مخالفة السنة

ملاحظات وتعليقات

الخلاصة

 

لماذا لا يرفع الإباضية أيديهم في الصلاة

 

مقدمة

رفع الأيدي في الصلاة لم يقل به أحد من علماء الإباضية، بل إن منهم من كرهه لاعتباره من الحركات المنافية للخشوع في الصلاة. ولهذا فقد تميز الإباضية منذ القرن الأول الهجري بعدم رفع أيديهم في الصلاة، أما المذاهب الأخرى فرغم ثبوت الرفع عندهم إلا أنهم مختلفون في حكمه فمنهم من أوجبه ومنهم من قال باستحبابه ومنهم من أجازه، كما اختلفوا أيضا في عدد مراته وتوقيته، هل هو قبل التكبير أو معه أو بعده،كما هو مفصل في كتب الفقه والحديث عندهم.

ومسألة الرفع هي من المسائل الجزئية في الفقه الإسلامي، وطرحها في هذا الوقت قد لا يأتي بجديد، كما أن الخلاف فيها قديم وهي من الخلافات الفرعية التي لا تمس العقيدة بشيء، ولا ينبغي أن تكون مثار خلاف ونزاع وجدال بين المسلمين؛ في وقت هم أحوج فيه إلى الوحدة والاجتماع والبعد عن الفرقة والاختلاف. لكن الدافع من طرحها الآن عدة أسباب منها:

أولا:- الإجابة على سؤال فقهي يتردد على ألسنة كثير من المسلمين من الإباضية وغيرهم. هذا السؤال هو: لماذا لا يرفع الإباضية أيديهم ولا يقبضونها في الصلاة؟ وما هي أدلتهم في ترك الرفع؟ ولماذا هم يختلفون عن بقية المذاهب في بعض جزئيات الصلاة، كالرفع عند التكبير، وترك التأمين والضم (وضع اليمنى على اليسرى)، وغيرها رغم وجود روايات في كتب الحديث استند عليها القائلون لهذه الجزئيات؟

ثانيا : إن بعض المعاصرين استغلوا كثرة الروايات الواردة في الرفع فوصفوا الإباضية بمخالفة السنة وإنكار الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم. فهل حقا يخالف الإباضية سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هم ينكرون أحاديث الرفع؟ هذا ما سوف يتم طرحه ومناقشته والإجابة عليه في هذا البحث.

ثالثا: انتشار تيارات في الأمة الإسلامية، تتعصب لرأيها وترفض الرأي المخالف، وتتبنى مبدأ التبديع والتفسيق لكل من يخالفهم. كما أنها تملك من الإمكانيات المادية والإعلامية ما مكنها من أن تؤثر في أفكار كثير من المسلمين الذين لم تتح لهم الفرصة للاطلاع على الفقه المقارن. ونظرا للآلة الإعلامية القوية التي يملكها بعض أصحاب هذا الفكر، والتي تتمثل في الكم الهائل من الأشرطة والكتب ومواقع الانترنت والفضائيات، فقد أدّى هذا إلى تهميش الفكر الإباضي ، بل تعدى إلى وصف أتباعه بأوصاف متعددة منها مخالفة السنة والابتداع.

رابعا: العزلة التي عاشها الإباضية على مدى التاريخ وجهل كثير من المسلمين بحقيقتهم وتاريخهم، بالإضافة إلى نسبتهم إلى أهل البدع والأهواء والخوارج من قبل المؤرخين وأهل الحديث قد أوجد فجوة فكرية بينهم وبين إخوانهم من بقية المذاهب، كان لهذا أثر كبير في عدم ذكر آراء الإباضية وأدلتهم حتى ولو كانت مستمدة من الكتاب والسنة، أو وافقت إحدى المذاهب الأخرى.

لقد أصاب الفكر الإباضي قدر كبير من التشويه من قبل المؤرخين القدامى وأصحاب المقالات ومن بعض علماء الحديث، نتيجة للفتن التي تعرضت لها الأمة الإسلامية في القرن الأول الهجري وللظروف التاريخية التي مرت على الإباضية، ولعل من أهم أسباب ذلك أن الإباضية الأوائل لم يكونوا على وفاق مع الأمويين بعد أن ألصقت بهم تهمة الخوارج والابتداع، ولعل هذا ما جعل أهل الحديث وفقهاء المدارس الأخرى يعرضون عن الروايات والآراء الإباضية إعراضا شبه تام.

فمن يقرأ في كتب الفقه عند غير الإباضية لا يجد ذكرا للرأي الإباضي إلا فيما ندر، ومن يطالع في كتب الحديث لا يجد إشارة إلى أي محدثين إباضية إلا قليلا. وهكذا تعاقبت الأجيال على جهل كامل بالفكر الإباضي نتيجة الاعتماد على ما كتبه المؤرخون وأصحاب المقالات من معلومات خاطئة عن الإباضية، قد لا يكون مقصودا لكنه موجود.

ومن أمثلة ذلك أن مسند الإمام الربيع وهو حجة الإباضية في الحديث والفقه لا زال مجهولا عند كثير من المهتمين بالحديث، ورغم أن أغلب الأحاديث الواردة في مسند الربيع مروية في كتب السنة، إلا أنه يوجد قديما وحديثا من ينكر وجود الكتاب، ومنهم من ينكر حتى وجود مؤلفه، وقد سئل أستاذ معاصر يحمل شهادة الدكتوراه في علوم الحديث عن مسند الربيع بن حبيب فكان رده: سمعت عنه ولم أره. وسئل آخر وهو يشغل منصب رئيس قسم التفسير والحديث في إحدى الجامعات المعتبرة عن الربيع ومسنده فأجاب باستهزاء: من الربيع وما مسند الربيع؟.

وهذا أمر يدعو إلى الاستغراب في هذا الزمان الذي سهلت فيه الاتصالات ولم يعد العلم مكتوما أو مجهولا أو خافيا على أحد، فعن طريق البحث في الانترنت أو الاتصال عن طريق الهاتف أو السفر يستطيع أي شخص أن يتأكد من أي معلومة في أي مكان على وجه الأرض في وقت قصير لا يتجاوز عدة ساعات. ولذلك فإنه لا يعذر عند الله من لا يتحرى الصدق والإخلاص في البحث أو في نقل أي معلومة، ولا يعد منصفا من يتجاهل أقوال وآراء من يخالفه في الفكر وهو يعلم أنها موجودة وقريبة.

وبقدر ما نتأسف عند سماع ردود كهذه من رجال كرسوا حياتهم ودراستهم لعلم الحديث، إلا أنه قد نلتمس العذر لبعضهم، لأنه ربما لم تتيسر لهم الظروف للاطلاع على فكر الإباضية. ثم إن التعتيم السياسي والتاريخي على مدى أكثر من ألف عام كان له بالغ الأثر في صد المثقفين والباحثين عن الاطلاع على فكر الإباضية عموما.

كما أنه لا بد أن نسجل هنا أن الإباضية أنفسهم يتحملون نصيبا من جهل الناس لهم بسبب تقصيرهم في نشر فكرهم والتعريف بمذهبهم فيما سبق من الزمان. ورغم الجهود التي قام بها أمثال العلامة السالمي، والشيخ سليمان باشا الباروني، والشيخ أبو اسحق اطفيش، وما تقوم به وزارة التراث القومي والثقافة في سلطنة عمان وجمعية التراث في وادي ميزاب بالجزائر وغيرهما؛ إلا أن الكثير من الكتب الإباضية لا تزال مخطوطة، تنتظر من ينفض عنها غبار النسيان ويريها نور المطابع.

ومن جهة أخرى نذكر بكل أسف أنه يوجد من الباحثين والمفكرين والفقهاء المعاصرين من يعرف عن الإباضية تاريخا وفكرا وعقيدة ومع ذلك يحاول - عن قصد أو غير قصد - تهميش الفكر الإباضي والتعتيم عليه والرد عليه بطريقة غير موضوعية ولا علمية. ولا ندري سبب ذلك في هذا العصر الذي نتوقع فيه توفر الأمانة العلمية، والنقاش العلمي المتزن، والتفتح الفكري والعقلي.

ولعل سائلا يسأل: لماذا لم تنتشر آراء الإباضية قديما كما انتشرت غيرها من الآراء؟ والجواب أنه – بالإضافة إلى بعض ما تقدم - هناك أسباب كثيرة ليس هذا مجال التفصيل فيها، وإنما أذكر أهمها باختصار. ونأمل أن يقوم أحد الباحثين بدراسة تحليلية لهذه الأسباب التي من أجلها أُبعد الفكر الإباضي عن أمة المسلمين منذ زمن بعيد.

من هذه الأسباب :

1-اهتمام أهل الحديث بكتابي البخاري ومسلم وشروحهما وجعلهما كأساس للسنة.

2-اعتبار الإباضية من الفرق المبتدعة الضالة، مما أدى إلى تجنب كثير من المحدثين الرواية عنهم لأنهم اشترطوا فيمن يؤخذ عنه الحديث ألا يكون مبتدعا[1]. وكما تركوا الرواية عنهم تركوا ذكر كثير من رجالهم والقلة المذكورة لم تسلم في الغالب من الجرح[2] بسب انتمائها للفرق الضالة في زعم هولاء. وهذا بدوره جعل بقية المسلمين يعرضون عن الفكر الإباضي ويرفضونه.

3-قلة مصادر تاريخ الإباضية بذهاب كثير منها نتيجة التعصب والظلم والحسد وحرق المكتبات

4-تبني دولا إسلامية لمذاهب معينة تنقل آراءها وتنشرها.

5-منع كتب الإباضية من دخول بعض الدول الإسلامية.

6-ثقة بعض الكتاب المعاصرين العمياء بما كتبه الأقدمون حول الفرق ومن بينها الإباضية

7-انحسار الإباضية في مناطق بعيدة عن مراكز السياسية

8-ضعف العلاقة الاجتماعية بين المجتمعات الإباضية وبقية المجتمعات الإسلامية.

يأتي هذا البحث ليغطي جانبا مجهولا من الفقه اللاابضي وهو يتناول مسألة الرفع والقبض من منظور إباضي، وما هو محاولة لعرض بعض ما توصلتُ إليه من أدلة الإباضية في هذه المسألة، وليس قصدي من ذلك الرد على أحاديث الرفع والضم بقدر ما هو إثبات أن ترك الرفع والضم هو أحد الآراء الموجودة منذ القرن الهجري الأول.

يتكون البحث من أربعة فصول: الفصل الأول يتناول الاختلاف بين العلماء في مسألة الرفع. من حيث مشروعيته وعدد مراته ووقته. الفصل الثاني يبين أدلة الإباضية في ترك الرفع. والفصل الثالث عن الضم أو القبض في الصلاة وما قيل فيه. ثم فصل عن شبهة مخالفة السنة تليه خاتمة وملاحظات.

أرجو أن يكون هذا البحث مدخلا للتعرف على أدلة الإباضية في المسائل الخلافية عموما وفي رفع الأيدي وقبضها بصفة خاصة، وأنا أعلم يقينا أني لم أعط الموضوع حقه من البحث والدراسة ولكن أرجو أن يكون حافزا لغيري من المشتغلين بعلوم الفقه والحديث للتوسع فيه.

وأطمح أن يكون نشر آثار الإباضية دافعا لعلماء ومفكري الأمة الإسلامية للتعرف على فقه المذهب الإباضي ووضعه في مكانه الصحيح، من أجل توحيد صفوف المسلمين ولمّ شعثهم في عصرٍ هُم أحوج ما يكونون فيه للوقوف صفا واحدا لصد الغزو الفكري المتربص بهم في الداخل والخارج.

أسأل الله أن يلهمنا الرشد والتوفيق والهداية لأقوم طريق وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

المبحث الأول - الاختـلاف في مسألـة الرفـع

تمهيد

اختلف أهل العلم من المذاهب الأربعة في رفع الأيدي في الصلاة على عدة أوجه: أولا من ناحية مشروعيته، وثانيا في عدد مراته وثالثا في وقته. فمن ناحية مشروعيته منهم من قال باستحبابه، ومنهم من أجازه، ومنهم من نهى عنه، وقد تناولت العديد من كتب الفقه والحديث عند أهل السنة مسألة رفع الأيدي ولا يتسع المجال في هذا البحث الصغير للتوسع في ذكر ما قيل في الرفع في مختلف الكتب لكني اقتصر على بعض الأحاديث الواردة في الموضوع وعلى ما ذكره ابن حجر العسقلاني في" فتح الباري" لأنه اختصر أقوال من سبقوه من العلماء .

1-الاختلاف في حكم الرفع

نقل ابن حجر عدة أقوال في حكم الرفع منها قول النووي :أجمعت الأمة على استحباب رفع الأيدي في تكبيرة الإحرام ، ثم قال بعد أسطر: أجمعوا أنه لا يجب شيء من الرفع. كما نقل قول ابن عبد البر: "أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصلاة". ونقل أيضا عن صاحب التبصرة عن مالك أنه لا يستحب. ونقل عن ابن المنذر عن الزيدية أنه لا يجوز رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ولا عند غيرها. ونقل عن القفال عن أحمد بن يسار أنه أوجبه، وإذا لم يرفع لم تصح صلاته[1].

فهذه بعض أقوال العلماء في حكم الرفع، وهي تتراوح بين الاستحباب والجواز وعدم الجواز والوجوب. وهذا الاختلاف يدل على أنه أمر زائد عن الصلاة، وليس سنة دائمة للرسول e.ولو كانت كذلك لما تباين الحكم فيها إلى هذه الدرجة.

2-الاختلاف في عدد مرات الرفع

أما عدد مرات الرفع فقد اختلفوا فيها على عدة أقوال، ودليل كل منهم يستند على أحد الأحاديث المروية في كتب السنة. ومن هذه الأقوال:

أ- الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط. وقد رُوي من عدة طرق أشهرها رواية عبد الله بن مسعود ورواية البراء بن عازب رضي الله عنهما. فعن عبد الله بن مسعود عند أبي داود والترمذي وأحمد بن حنبل قال: «ألا أصلي بكم صلاة رسول الله (ص) ، فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة واحدة.»[2] ورواه أيضا الإمام مالك في المدونة الكبرى كمارواه الدارقطني[3] والبيهقي[4] بلفظ «وصليت مع النبي (ص) وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند الاستفتاح». ورُوي من طريق البراء بن عازب «أن رسول الله (ص) كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود». وروى مثله أبوهريرة.

والرفع عند تكبيرة الاحرام هو مذهب الإمام مالك وأتباعه. ففي المدونة الكبرى قال الإمام مالك: (لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة، لا في خفض ولا في رفع إلا في افتتاح الصلاة، يرفع يديه شيئا خفيفا، والمرأة في ذلك بمنزلة الرجل)، قال ابن القاسم[5] : (كان رفع اليدين ضعيفا إلا في تكبيرة الإحرام )[6]، وذكر القرطبي في تفسيره لسورة الكوثر بعد ذكر الخلاف في رفع اليدين قول ابن القاسم: (لم أر مالكا يرفع يديه عند الإحرام. قال: (وأَحب إلي ترك رفع اليدين عند الإحرام )[7].

وهذا القول هو نفسه قول الإباضية. ويفهم من هذا أن الإباضية لم ينفردوا بترك الرفع وإنما هو أحد أقوال متقدمي المالكية.

ب - الرفع عند تكبيرة الإحرام وقبل الركوع وعند الرفع من الركوع ودليلهم الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمر، وكذلك مسلم عن مالك ابن الحويرث، ونصه عند البخاري «رأيت رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وكان لا يفعل ذلك في السجود»[8].

ج - الرفع عند تكبيرة الإحرام وقبل الركوع وعند الرفع من الركوع وعند القيام من السجدتين لحديث علي بن أبي طالب عند أبي داود والترمذي وأحمد ونصه: «عن علي بن أبي طالب عن رسول الله (ص) أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبّر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر. »[9]

د - الرفع عند المواضع السابقة وعند كل رفع وخفض وقيام وسجود وقعود كما ذكر ابن حجر نقلا عن الطحاوي في المشكل من طريق نصر بن علي عن عبد الأعلى بلفظ «كان يرفع يديه في كل خفض ورفع وركوع وسجود وقيام وقعود وبين السجدتين ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك»"[10]. ورغم أن ابن حجر علق على هذه الرواية بأنها شاذة إلا أنه ذكر بعد التعليق أن الحديث رُوي بطرق أخرى فقال: رواه الإسماعيلي عن جماعة من مشايخه الحفاظ عن نصر بن المذكور، وكذا رواه هو وأبو نعيم من طرق أخرى عن عبد الأعلى كذلك.

إذن لدينا خمس روايات مختلفة في عدد مرات الرفع تتراوح بين الرفع مرة واحدة والرفع في كل تكبيرة من تكبيرات الصلاة يصل فيها عدد مرات الرفع إلى ست وعشرين مرة في الصلاة الرباعية. فأي من هذه الروايات هي السنة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم؟

3-الاختلاف في وقت الرفع

اختلف القائلون بالرفع في توقيت الرفع. هل هو مع التكبير؟ أو أن التكبير يسبق الرفع؟ أو العكس. ففي حديث ابن عمر رفع يديه ثم كبر، وفي حديث مالك بن الحويرث كبر ثم رفع يديه وعن وائل بن حجر رفع يديه مع التكبير. وقد ذكر ابن حجر الرفع عند التكبير في رواية وائل بن حجر، وذكر تقديم الرفع عن التكبير وعكسه في حديثين أخرجهما مسلم الأول عن ابن شهاب الزهري والثاني عن مالك ابن الحويرث ثم قال وفي المقارنة وتقديم الرفع على التكبير خلاف بين العلماء.

مما سبق يتضح أن عدد روايات الرفع كثيرة وغير متفقة، فإذا أضفنا إليها روايات وضع اليد اليمنى على اليسرى والخلاف في موضع اليدين؛ هل توضع فوق السرة أو تحتها أو على الصدر؟ اجتمع لدينا عدد كبير من الروايات في هيئة الصلاة التي تتكرر عدة مرات في اليوم والليلة.

ومن خلال الروايات السابقة، لو تصورنا عمل الرسول (ص) في الصلاة لوجدنا أنه كان يصلي بإحدى الحالات الآتية:

·      كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام مرة واحدة ثم يرسل يديه. وهم المشهور عند المالكية

·      كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام مرة واحدة ثم يضع اليمنى على اليسرى. وهو رأي أبي حنيفة وأتباعه.

·      كان يرفع يديه عند التكبير ثم يضع اليمنى على اليسرى. ثم يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع من الركوع ولايرفع عند السجود. وهو رأي الحنابلة.

·      كان يرفع يديه عند التكبير ثم يضع اليمنى على اليسرى. ثم يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند السجود. وهو رأي بعض الوهابية[11]

·      كان لا يرفع يديه لا عند التكبير ولا في غيره ولا يضع اليمنى على اليسرى. وهو رأي الإباضية.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : أي من هذه الروايات هي السنة؟ ولماذا اختلفت الأمة الإسلامية في مسألة مثل هذه تكررت آلاف المرات في عهد رسول الله (ص) وفي زمن الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم من التابعين؟

فمن المعلوم أن الصلاة فُرضت على المسلمين بمكة قبل الهجرة، عاش بعدها النبي (ص) في المدينة عشر سنوات صلى فيها إماما بالصحابة رضي الله عنهم ما لا يقل عن خمسة عشر ألف صلاة غير السنن والنوافل، ثم حج النبي (ص) حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، وحضر معه أكثر من مائة ألف صحابي من مختلف البقاع فصلى بهم في أيام الحج ثم خطب فيهم خطبته المشهورة، وبعدها بقليل إنتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وترك لنا الحديث المتواتر الذي يقول (صلوا كما رأيتموني أصلي)[12] ورغم ذلك، اختلف المسلمون في هيئة الصلاة وهي أكثر عبادة كررها النبي (ص) في حياته.

ويحق لكل مسلم أن يتساءل ما هي الهيئة الصحيحة التي كان يصلي بها الرسول ومن بعده من الصحابة والتابعين؟ هل هي هيئة واحدة أم أنه صلى بهيئات مختلفة؟ فكل مسلم يريد أن يحرص على السنة لينال أجر الاقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم). فهل كان النبي يرفع يديه في أول أمره ثم نهى عن الرفع بعد ذلك؟ أم أنه كان لا يرفع في البداية ثم رُوي عنه الرفع، وإذا كان يرفع فهل كان يرفع مرة واحدة عند التكبيرة الأولى فقط، أو كان يرفع كلما كبر؟

الحقيقة المطلقة في علم الله، لكن بما أن جميع هذه الروايات وردت وتناقلتها الألسن في مجالس العلم، فلا يجوز لأحد إنكار ما صح منها، لكن لكل مسلم الحق في الأخذ بما اقتنع به من رأي، أو أن يقلد أحد المذاهب المعروفة دون أن يصف غيره بإنكار حديث أو مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

المبحث الثاني - أدلة الإباضية في ترك رفع الأيدي في الصلاة

نظرا لعدم اتفاق العلماء على هيئة واحدة في الرفع، ووجود أحاديث في النهي عنه، فإن جميع علماء الإباضية – متقدميهم ومتأخريهم - يرون أن رفع الأيدي في الصلاة ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو عمل زائد عن الصلاة، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة وردت في مسند الإمام الربيع كما وردت في صحيح مسلم وغيره، كما سيأتي بيانه.

ولأن هذه المسألة من فروع الفقه وليست من أركان الصلاة، فإن أهم كتب الفقه عند الإباضيةلم تتعرض لهذه المسألة بالتفصيل فكتاب الايضاح للشماخي وقواعد الاسلام للجيطالي وهما من علماء الإباضية في المغرب لم يتعرضا إلى الخلاف في هذه المسألة رغم أن منهم من ذكر الخلاف الوارد في المسائل الأخرى كالخلاف في البسملة والقنوت وقراءة السورة في الركعتيتن الأوليين من صلاتي الظهر والعصر والتأمين.[1]

يقول الشيخ محمد بن يوسف اطفيش: "ولا قائلا برفع اليدين منا معشر المغاربة الإباضية عند الإحرام فمن رفعهما أو إحداهما قبل الشروع فيها صحت صلاته أو قبل الفراغ فسدت بناء على أن الإحرام منها وصحت بناء على أنه ليس منها أو بعد الفراغ فسدت". وقال الشيخ خميس من مشارقة أصحابنا رحمه الله: ويكره الإحرام قبل التوجه عندنا ورفع اليدين عنده ووضعهما على السرة والإشارة بالإصبع والتورك على اليسرى ولا بأس قيل على من فعل ذلك. وغيرنا يراها سنة.[2]

وبعد أن ذكر الشيخ اطفيش أقوال العلماء من المذاهب الأخرى المستندة على بعض الأحاديث، قال: وهذه الأحاديث كلها لم يصح سندها عندنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا جابر بن زيد رحمه الله روى عن سبعين من الصحابة وأكثر الأخذ عنهم؛ منهم أبو هريرة وابن مسعود وعمار وأنس وغيرهم كابن عباس، بل قال حويت ما عندهم من العلم إلا البحر الزاخر ابن عباس فإني لم أرو جميع ما عنده. ولم يثبت رفع اليدين عنده في الإحرام ولا في خفض ولا في رفع ولو صح عنه صلى الله عليه وسلم لرواه عنهم ولرآهم يفعلونه. وجابر بن زيد ثقة عند قومنا كما هو عندنا وإذا كان الأمر هكذا ولم يصح السند في رفع اليدين كان رفعهما إلى المنع أقرب لأنه زيادة عمل في الصلاة ومناف للسكون في الصلاة[3]

أما علماء المشرق فإن الشيخ نور الدين السالمي أورد الرفع من ضمن مكروها ت الصلاة. قال: "رفع اليدين عند الإحرام مكروه ناقض للصلاة عندنا لأنه زيادة عمل في الصلاة، وهو ينافي الخشوع المأمور به أو ينقصه".[4]

ويقول العلامة سلمة بن مسلم العوتبي " أجمع أصحابنا على ترك رفع اليدين في الصلاة لأشياء صحت عندهم في ذلك."[5] ونقل قول أبي الحسن البسيوي:" ولم نر أسلافنا يعملون ذلك ولم نرهم يفسدون صلاة من فعله، ومن فعله لم نره يفسد صلاة من لم يفعله" ونقل أيضا قوله " عندي أن العمل في الصلاة بغير معنى الصلاة لا يجوز، ورأيت رفع اليدين في الصلاة عمدا ليس هو من الصلاة، وقد جاء النهي عنه"[6] .

هذاوقد أجاز الإباضية الصلاة خلف من يرفع، قال الشيخ أحمد بن عبد الله الكندي: "أجاز المسلمون الصلاة خلف من يفرد الاقامة، ومن يسر ببسم الله الرحمن الرحيم، وخلف من يرفع يديه في الصلاة للتكبير، وخلف من يسلم مرتين، ولم يروا في ذلك زيادة ولا نقصان فيها"[7] .

وللاباضية أدلة اعتمدوا عليها في ترك الرفع وهي تنقسم الى قسمين: أدلة شرعية وأدلة عقلية.

1-وجود روايات تنهى عن الرفع:

جاء النهي عن الرفع في عدة أحاديث رواها أئمة الحديث منهم الإمام مسلم والنسائي وأبو داود، كما رواه الإمام الربيع بن حبيب ونكتفي براوية الإمام الربيع في الجامع الصحيح ورواية الإمام مسلم في صحيحه.

أ - رواية الإمام الربيع :أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «كأني بقوم يأتون من بعدي يرفعون أيديهم في الصلاة كأنها أذناب خيل شمس. »[8]

ب- : رواية الإمام مسلم: « حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ، قَالَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَرَآنَا حَلَقًا فَقَالَ مَالِي أَرَاكُمْ عِزِينَ، قَالَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ. وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ و حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ. »[9]

فهذا الحديث الذي ينهى عن الرفع ثابت عند الإباضية وغيرهم، ورغم وضوح معناه، إلا أن القائلين بالرفع اعترضوا بأن النهي عن الرفع مقيد بحالة الرفع عند السلام وقد رواه حديثا غير واحد من المحدثين منهم البخاري في جزء رفع اليدين ومسلم في صحيحه[10]، لكن المتأمل فيما اعترضوا به يجد أن كلمة السلام لم ترد إطلاقا في هذا الحديث بل وردت في حديث آخر وأنه لا يمكن أن يكون الحديثان حديثا واحدا، فلا يثبت التقييد لأن ظاهر هذا الحديث ينهي عن مطلق الرفع في الصلاة بما فيه الرفع عند السلام.

2-وجود روايات تذكر التكبير في الصلاة بدون ذكر الرفع

وردت أحاديث في الصحاح عمن رُوي عنهم الرفع في البخاري ومسلم وغيرهما ولاذكر فيها للرفع، منها:

أ- الحديث المشهور باسم " المسيء في صلاته" الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وغيره« أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلّى فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد وقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل"، فرجع يصلي كما كان صلّى، ثم جاء فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" (ثلاثا) فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني. فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها»[11].

وهذا الحديث هو الأصل الذي بنيت عليه صحة الصلاة ولذلك قال بعض العلماء إن ما ذكر في هذا الحديث فهو واجب وما سواه فهو غير واجب. والرفع لم يذكر في هذا الحديث وكذلك وضع اليد اليمنى علي اليسرى. فلو كان الرفع والقبض من أعمال الصلاة لبينهما الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل.

ب - وفي صحيح مسلم أيضا من أكثر من طريق حديث عن أبي هريرة يتحدث عن التكبير ولا ذكر فيها للرفع. وهذا نص إحدى الروايات:

«حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني بن شهاب عن أبي بكربن عبد الرحمن أنه سمع أبو هريرة يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام الى الصلاة يكبر حين يقوم. ثم يكبر حين يركع ثم يقول "سمع الله لمن حمده" حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم "ربنا ولك الحمد" ثم يكبر حين يهوي ساجدا. ثم يكبر حين يرفع رأسه. ثم يكبر حين يسجد. ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس". ثم يقول أبو هريرة إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم»[12]. وهذا الحديث رواه أيضا النسائي

وفي رواية أخرى في صحيح مسلم عن يحي بن يحي قال: « قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة كان يصلي لهم فيكبر كلما خفض ورفع فلما انصرف قال: والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم»[13] .

فالروايتان السابقتان عن أبي هريرة خاليتان من الرفع عند التكبير رغم أن الأولي مروية عن ابن شهاب الزهري الذي روى حديث الرفع عند التكبير في الإحرام والركوع والرفع من الركوع، كما أن أبا هريرة (رضي الله عنه) الذي رُوي عنه الرفع عند التكبير الأول والركوع والرفع منه رُوي عنه أيضا الرفع مرة واحدة.

ج - روى أبو داود في باب من لم يذكر الرفع عند الركوع[14] عن مسدد « أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الصلاة رفع يديه مدا. ومسدد هو نفسه روى حديثا في سنن أبي داوود عن وائل بن حجر في الرفع في أكثر من موضع. »[15]

د – روى أبو داود أيضا عن سالم البراد قال: « أتينا عقبة بن عمرو الأنصاري أبا مسعود فقلنا له حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فقام   بين أيدينا في المسجد فكبر فلما ركع وضع يديه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك وجافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه ثم قال سمع الله لمن حمده فقام حتى استقر كل شيء منه ثم كبر وسجد ووضع كفيه على الأرض ثم جافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه ثم رفع رأسه حتى استقر كل شيء منه ففعل مثل ذلك أيضا ثم صلى أربع ركعات مثل هذه الركعة فصلى صلاته". ثم قال هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. »[16]

والروايات السابقة تتوافق مع ما رواه أبوغانم الخراساني عن الربيع بن حبيب قال (حدثني أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام الى الصلاة كبر حين يقوم فيها، وإذا ركع كبر، وإذا طأطأ راسه في السجود كبر وإذا رفع رأسه من السجود كبر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا كله )[17]

يُفهم من هذه الأحاديث أن الرفع ليس من الأعمال الأساسية في الصلاة، وأن الذي لا يرفع يديه مع التكبير ليس مخالفا لسنة أو منكرا لحديث كما يقول البعض، بل إن الذي يرفع يديه هو الذي يخشى عليه أنه خالف الأصل لورود النهي عن الرفع كما تقدم.

3-الاختلاف في مفهوم السنة

يرى الإباضية أن اصطلاح السنة يقصد به كل قول أو عمل أو تقرير صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت خلاف فيها. أما الروايات المختلف فيها أو في نسبتها الى الرسول صلى الله عليه وسلم فلا تدخل تحت إطار السنة الواجب العمل بها .

يقول الشيخ علي يحيى معمر رحمه الله: (إن الأعمال التي صدرت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في بعض العبادات لسبب عارض، أو فعلها ولم يعد إليها، أو لم يثبت أنه داوم عليها، لا يعتبروها سنة، وإنما يرونها واقعة حال يمكن الإتيان بها في ظروف مشابهة فقط ، ومنها:القنوت في الصلاة، ورفع الأيدي عند التكبير والجهر بكلمة آمين بعد الفاتحة في الصلاة، وزيادة (الصلاة خير من النوم في أذان الفجر).[18].

يُفهم من قول الشيخ علي يحي معمر أن سنن الصلاة هي الأعمال التي داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت الاختلاف فيها، ومن أمثلة ذلك: المضمضة والاستنشاق وأوقات الصلوات وعدد الصلوات في اليوم، وعدد ركعات الصلاة. كل ذلك من المتواتر العملي من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرف خلاف فيها. أما الرفع فإن الاختلاف فيه يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليه دواما يجعله يصل إلى مرتبة السنن المؤكدة.

4-القول مقدم على الفعل و النهي مقدم على الأمر

من القواعد الفقهية المقررة عند الفقهاء أن قول النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على فعله. يقول الشيخ علي يحي معمر "إذا تعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم وعمله، ولا يمكن الجمع بينهما، فالقول أقوى لأنه أساسا موجه إلينا أما عمله فيحتمل الخصوصية"[19]. ومن أمثلة ذلك ما رواه النسائي وابن ماجة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال" من أدركه الصبح وهوجنب فلا يصوم "[20] والذي يعارضه الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة وأم سلمة أن رسول الله ص كان يدركه الفجر وهو جنب "[21]. فالإباضية يعملون بحديث أبي هريرة بناء على قول النبي صلى الله عليه وسلم. أما غيرهم فأغلبهم يأخذون بحديث عائشة رغم أنه قد يحتمل الخصوصية. كما أن الأخذ بالقول هو نوع من الاحتياط.

وكذلك الرفع، فإذا ثبت أن النبي رفع يديه في الصلاة ، وثبت أيضا أنه نهى عن الرفع، فالأخذ بالنهي أولى. لأن النهي مقدم على الأمر وهو أيضا من القواعد الفقهية لقوله صلى الله عليه وسلم"إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا"[22]

فحديث النهي عن الرفع واضح وصريح بينما الأحاديث المروية في الرفع ليست صريحة، فكل روايات الرفع ، إما هي من أقوال أو أفعال الصحابة، أو قول الصحابي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع يديه أو ما شابه ذلك. فلم يثبت حديثا صريحا يأمر بالرفع كما ورد في النهي عنه.

5-الأخذ بمبدأ الاحتياط – الاكتفاء بالأصل خروجا من الخلاف

الاحتياط من المبادئ التي التزم بها الإباضية في العبادات والمعاملات منذ القرون الأولى. فهم يحتاطون في أمور الصلاة عامة وفيما يتعلق بالطهارة التي هي أساس الصلاة خاصة. ومن أجل هذا المبدأ فقد وصفهم بعض مخالفيهم بالتشدد في الدين وخصوصا فيما يتعلق بالطهارة للصلاة والشواهد على هذا كثيرة في الفقه الإباضي. ومن أمثلة ذلك القنوت في الصلاة، فبعض العلماء يرى أن القنوت في الفجر بينما يرى غيرهم أن القنوت في الوتر، أما الإباضية فلا يرون القنوت. كما يعتبرون الدم ناقضا للوضوء، ويقولون بإعادة الصلاة إذا تأكد المسلم أنه صلى في ثوب نجس، بينما من غيرهم من يرى أن الدم لا ينقض الوضوء، ولا إعادة على من صلّى بثوب نجس، إلى غير ذلك من الاحتياطات. كل ذلك خوفا من الوقوع في الشبهة أو مخالفة السنة.

يقول الشيخ أحمد الخليلي: "واعلم أن مسلك أصحابنا في الصلاة الاحتياط بعدم الأخذ إلا بالروايات التي لا يحوم حولها أي ريب في المسائل المختلف فيها لأن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام الذي يلي العقيدة مباشرة، والمحققون من العلماء على اختلاف مذاهبهم لا يقبلون الحديث الآحادي كحجة في المسائل الاعتقادية، لعدم إفادته القطع، فكانت الصلاة المجاورة للعقيدة في الترتيب حرية بالحيطة، على أن من العلماء من قال في صلاة أصحابنا إنها ثابتة بالإجماع، لأن ما يتركونه من الأعمال فيها مختلف فيه عند غيرهم."[23]

فترك الرفع هو الأصل كما ورد في الأحاديث السابقة، وهو لا ينقص من أعمال الصلاة ولا يبطلها، كما أن الرفع قد يدخل المسلم في مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الرفع للحديث المتقدم ذكره، ويخشى منه عدم قبول الصلاة. وهذا من الاحتياط.

6-إجماع العلماء على صحة الصلاة بدون الرفع

مع كثرة الأحاديث الواردة في الرفع، فإن الفقهاء قالوا أن الرفع ليس شرطا في صحة الصلاة. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري[24] نقلا عن ابن عبد البر: "أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصلاة". والإمام أبو داود رغم ميله إلى الرفع في أكثر من موضع كغيره من أهل الحديث إلا أنه أفرد بابا خاصا بعنوان "الرخصة في ترك ذلك".

وهذا يدل على أنه ليس شرطا في صحة الصلاة، ولا يعتبر ركنا من أركانها، وليس من السنن المؤكدة، بل إن العديد من الفقهاء يذكرونه في المستحبات. يقول ابن عبد البر "رفع اليدين أو إرسالهما كل ذلك من سنن الصلاة"

فابن عبد البر ما كان ليقول هذا لو كان يعلم أن ترك الرفع مخالفةٌ للسنة، ولكنه وجدكثرة الجدال في هذه المسألة فأصدر هذا الحكم، رغم أن القول الذي قاله يحتاج أيضا إلى نظر فلا يمكن أن تكون السنة شيئين متناقضين.

7-تحفظ الإباضية على بعض أحاديث الرفع

كثير من الأحاديث المروية في الرفع فيها اضطراب في متنها أوسندها وقد قام الشيخ أحمد بن سعود السيابي بمناقشة بعض من هذه الأحاديث في رسالة "الرفع والضم في الصلاة" كما أن بعض علماء الإباضية، تحفظوا على الأحاديث المروية عن ابن شهاب الزهري ومنها الحديث الذي رواه عن ابن عمر في الرفع. وسبب التحفظ يرجع الى ارتباطه بحكام بني أمية. وقد أنكر كثير من العلماء حتى من غير الإباضية اتصال ابن شهاب الزهري بالأمويين وكتبوا له يلومونه على ذلك. قال الإمام أبو يعقوب الوارجلاني في كتابه الدليل والبرهان "فكتب إليه عشرون ومائة من الفقهاء يؤنبونه ويعيرونه بما فعل، منهم جابر بن زيد، ووهب بن منبه، وأبو حازم الفقيه، فقيه المدينة وأمثالهم وقد وقفت على كتب هؤلاء الثلاثة إليه"[25]

7-اشتهار الإباضية بالصدق

شهد المخالفون للاباضية بأنه لم يعرف عنهم الكذب في الحديث عن رسول الله (ص). وقد روى عن بعض العلماء - منهم ابن تيميه - أن الخوارج من أصدق الناس في الحديث[26]. لأنهم يعتبرون الكذب من الكبائر التي يخلد صاحبها في النار إن لم يتب. ويقصدون بالخوارج هنا "الإباضية" لأنه من المعروف أن الخوارج لم يهتموا برواية الحديث أوالفقه لانشغالهم بالحروب عن العلم.

8-الرفع الوارد في الأحاديث قد يكون قبل النهي عنه

نظرا لورود الأحاديث المختلفة في الرفع فيمكن الجمع بين الروايات المختلفة في الرفع بالقول إن الرفع المذكور في الأحاديث كان قبل النهي عنه، وأن الرسول كان في أول أمره يرفع يديه في الصلاة، إما مرة واحدة في تكبيرة الإحرام ، أو عدة مرات في مواضع أخرى، ونقل عنه الصحابة هذه الأحاديث، ولكنه في آخر الأمر نهى عن الرفع لحديث جابر بن سمرة الذي تقدم ذكره.

9-الإباضية من أول المذاهب الإسلامية تَكَوّنا:

فالإمام الأول للإباضية هو جابر بن زيد، ولد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعاش في البصرة التي كانت مركز الإشعاع العلمي في ذلك الوقت، كما عاصر كثيرا من الصحابة والتابعين و أخذ العلم على كثير منهم، كأم المؤمنين عائشة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبي هريرة وغيرهم.

رُوي عنه أنه قال: "أدركت سبعين بدريا فحويت ما عندهم إلا البحر". ولم يثبت عند الإباضية أن جابر بن زيد أو تلاميذه رفعوا أيديهم في الصلاة أو أمروا بالرفع. فلو كان رفع اليدين أو وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة من السنن المؤكدة التي أجمع عليها الصحابة رضوان الله عليهم لكان أول من عمل بهما جابر بن زيد، ولو عمل بهما لنقلهما عنه تلاميذه وأشهرهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، الذي تتلمذ عليه حملة العلم إلى المشرق وحملة العلم إلى المغرب وخراسان، الذين انتشروا في الأمصار منذ بداية القرن الثاني الهجري. فترك الرفع انتقل بالتواتر العملي منذ القرن الأول الهجري جيلا عن جيل حتى وقتنا هذا.

 

المبحث الثالث - مسألة القبض أو الضم أو وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة

1-تمهيد

وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة أو ما يسمى بالقبض أو الضم أو الكفت هي من الأعمال التي اعتبرتها بعض المذاهب من السنة، لكن الإباضية والمالكية خالفوهم في ذلك لعدم ثبوت الروايات لديهم فيها.

وقد كتب في هذا الموضوع أكثر من واحد من علماء المالكية منهم:

1-الشيخ محمد عابد مفتي المالكية بمكة في "القول الفصل في أدلة السدل"

2-مختار بن امحيمدات الداودي الباسكني الشنقيطي في "مشروعية السدل في الفرض"

3-الشيخ محمد بن الخضر الشنقيطي في "إبرام النقض لما قيل من أرجحية القبض"

2-الخلاف في وضع اليمنى على اليسرى

اختلف أهل العلم في وضع اليد اليمني على اليسرى في الصلاة كما اختلفوا في الرفع. فقد رَوَى وضع اليمنى على اليسرى طائفة من أهل العلم، وبهذا الرأي أخذ أتباع أبي حنيفة والشافعي وابن حنبل، وقد روي إرسال اليدين عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي، ويقول ابن عبد البر إن إرسال اليدين ووضع اليمنى على اليسرى كل ذلك من سنن الصلاة.[1]

أما المالكية فلهم في وضع اليمنى على اليسرى ثلاثة أقوال: أولا: توضع في النفل فقط. ثانيا : توضع في الفرض والنفل. ثالثا: لا توضع في الفرض ولا في النفل[2] وهو المعمول به عند متقدمي المالكية، لكن الملاحظ أن كثيرا من متأخري المالكية قد تأثروا بالمذهب الوهابي وبدؤوا يقبضون أيديهم في الصلاة.

واختلف القائلون بالقبض في الموضع الذي توضع فيه اليد. فقد رُوي وضع اليمنى علي اليسرى فوق الصدر عن علي بن أبي طالب. ورُوي وضعها فوق السرة عن سعيد بن جبير وأحمد بن حنبل. ورُوي وضعها تحت السرة عن أبي هريرة وسفيان الثوري وإسحاق.[3]

أما الإباضية فإنهم منذ عهد الإمام جابر بن زيد في القرن الأول الهجري، لا يقبضون أيديهم في الصلاة، فقد ثبت لديهم أن الأحاديث الواردة في القبض ليست من القوة والصراحة بأن تكون سنة من سنن الصلاة الواجب العمل بها، وقد ناقش هذه الروايات الشيخ أحد بن سعود السيابي في "الرفع والضم في الصلاة".[4]

3-أدلة القائلين بالقبض

استند القائلون بالقبض على عدة أحاديث. قيل: إن القبض رُوي عن ثمانية عشر صحابيا واثنين من التابعين، لكن المعترضين على هذه الأحاديث قالوا: إن كل الأحاديث الواردة في القبض لا تخلو من مقال. قال مختار الداودي:( وقد يحتج باستحباب القبض أنه رُوي عن ثمانية عشر صحابيا واثنين من التابعين. وسأخصهم لك بالتفصيل والتبيين، وذلك بما قال في طرقهم أئمة السلف – إن شاء الله تعالى – ليتبين لكل منصف أن السنة لا تثبت بمثل هذه الأدلة).[5] وقد تتبع الداودي هذه الأحاديث، واحدا واحدا مبينا العلة في كل منها.

ويقول الشيخ محمد عابد" وبالجملة فأحاديث القبض ليس أكثرها صحاحا ولا حسانا ولا سالما من الضعف، بل كلها بين موقوف ومضطرب وضعيف[6].

ومن أقوى الأحاديث التي رويت، والتي استند عليها القائلون بالقبض، ثلاثة أحاديث، نذكرها مع ما قيل فيها.

هذه الأحاديث هي:

1-حديث سهل بن سعد

«حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمي ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم». رواه البخاري و أحمد[7]،

قال الشيخ محمد عابد" إن القبض لم يرو من طريق صحيح ليس فيه مقال إلا من طريق سهل بن سعد المروي في الموطأ[8] والبخاري ومسلم[9]، وليس في البخاري غيره."[10]

ويقول عن هذا الحديث " وهو مع كونه لا غبار عليه في صحة إسناده لا أوّلا ولا آخرا إلا أن الداني قال في أطراف الموطأ هذا الحديث معلول لأنه ظن من أبي حازم لقوله لا أعلمه، ورده ابن حجر بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه لكان في حكم المرفوع.[11]

ويقول مختار الداودي معلقا على الحديث" ففي هذا الحديث ثلاث جمل: جملة للصحابي سهل (رضي الله عنه) ,وجملتان للتابعي أبي حازم. فأما جملة سهل(رضي الله عنه) وهي: "كان الناس يؤمرون .." فإن سهلا لم يسند الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما بناه للمجهول، وقد اختلف أئمة السلف في حكم بناء الصحابي الأمر للمجهول على قولين: الأول في حكم المرفوع والثاني على أنه موقوف. ثم فصّل الداودي في من قال بالرفع والوقف. ثم تطرق الى قول أبي حازم وذكر الاختلاف فيه[12].

أما الشيخ محمد الخضر فيقول: "ما ذكروه من الأحاديث ليس فيه حديث صحيح سالم من الطعن."[13]، ثم بين العلة في حديث سهل بن سعد، وذكر الاختلاف في رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووقفه على الصحابي سهل بن سعد رضي الله عنه.

2-حديث وائل بن حجر

«عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر أنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد ثم أتيتهم بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليه جل الثياب تحرك أيديهم تحث الثياب» أخرجه مسلم[14].

وقد تكلم في هذا الحديث كثير من العلماء كما هو مفصل في الكتب المذكورة وخصوصا في سماع علقمة من أبيه. قال الترمذي: سألت البخاري: هل سمع علقمة من أبيه وائل؟ فقال: "إن علقمة ولد بعد موت أبيه بستة أشهر"، قال النووي في تهذيب الأسماء إن رواية علقمة عن أبيه مرسلة وأما المولى الذي مع علقمة فمجهول لا يعرف.[15]

3-حديث عبد الله بن مسعود

«عن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى». أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة[16] وأخرجه الدارقطني من طريق أحمد بن شعيب قال أنبأنا عمر بن علي أنبأنا عبد الرحمن أنبأنا هشيم عن الحجاج بن أبي زينب قال سمعت أبا عثمان يحدث عن عبد الله بن مسعود[17].

يقول الشيخ محمد عابد : "مدار رواياتهم كلها عن الحجاج بن أبي زينب وقد نقل في الميزان عن ابن المديني أنه ضعيف. وقال النسائي ليس بالقوي وقال الدارقطني ليس هو بقوي ولا حافظ وقال أحمد أخشى أن يكون ضعيفا. نعم قال يحي بن معين: لا بأس به وفي سنده أيضا عبد الرحمن بن إسحق الكوفي وهو ضعيف. قال البخاري فيه نظر، واتفقوا أنه لا يقول هذه الكلمة إلا فيمن كان ضعيفا باتفاق كما ذكر ابن خلدون وغيره. [18]

يقول الشنقيطي معلقا على الحديث: ( رواه أبو داود من طريق محمد بن بكار عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه من طريق هشيم ومن بعده. وقد اقتصر الذهبي في الميزان (4|412) على أن محمد بن بكار مجهول وأما هشيم بن بشير ففي الميزان (5|431) وتقريب التهذيب (2|296) كثير التدليس الخفي وأما الحجاج بن أبي زينب فقد ضعفه المديني والنسائي وأحمد والدارقطني كما في الميزان (1|462) .   ومع ضعف سند حديث ابن مسعود فإن متنه لا يصح لأن ابن مسعود من كبار المهاجرين، فلا يصح أن يجهل هيئة فعل من أفعال الصلاة التي يتكرر اقتداؤه فيها بالنبي ص خمس مرات كل يوم أن لو كان الفعل من هيئاتها فلا ينبغي لأحد أن يتهمه بهذه الغباوة.[19] ) انتهى

الأحاديث الثلاثة السابقة هي من أصح وأقوى الأحاديث في موضوع القبض، وقد ذكرنا اختصار ما قال فيها أهل العلم. أما بقية الأحاديث فهي كما قال الشيخ عابد ما بين موقوف ومضطرب وضعيف.

4-أدلة الإباضية في السدل

أما الإباضية فلا يعرفون القبض منذ الإمام جابر بن زيد في القرن الأول الهجري، ولم يرد ذكره في أي كتاب من كتب الفقه عندهم، ورغم معرفتهم بالروايات المتعددة إلا أنهم رأوا أن الأحاديث الواردة فيه ليست من القوة والصراحة بأن تكون سنة من سنن الصلاة الواجبة.وقد ناقش روايات الرفع الشيخ أحد بن سعود السيابي في رسالة سماها الرفع والضم في الصلاة طبعتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بوزارة الأوقاف،كما علمت أن أحد الباحثين يقوم الآن بتحقيق أحاديث الرفع والضم تحقيقا علميا في كتاب نأمل أن سيصدر قريبا إن شاء الله.

ولا يقتصر القول بالسدل على المالكية والإباضية وإنما رُوي عن كثير من كبار التابعين منهم سعيد بن المسيب،وسعيد بن جبير ومجاهد، والحسن البصري، والنخعي ،وابن سيرين مما يدل أن القبض لم يكن معروفا لديهم[20]، كما روي عن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير[21] بأنه كان يسدل يديه في الصلاة.

و يمكننا أن نستنتج آراء الإباضية من خلال ما سبق ومن أدلة الإباضية في ترك الرفع. ونلخصها فيما يلي:

أ- الأصل في الصلاة هو السدل، والقبض شيء زائد عنها، ونظرا لاختلاف العلماء فيه فقد أخذ الإباضية بالأصل وتركوا ما عداه.

ب- الاختلاف يدل على الجواز، ولعل أصوب ما قيل في هذا الأمر قول ابن عبد البر" إرسال اليدين أو ضمهما كل ذلك من سنن الصلاة"

ج-روى الإمام مالك أحاديث القبض في الموطأ، ومع ذلك لم يعمل بها هو ولا أغلب أتباعه، فقد اختلف علماء المالكية الأوائل في القبض على ثلاثة أقوال حسب ما ذكر القرطبي[22]، لكن الذي استقر عندهم أنهم لم يعملوا به. وهذا يدل أن جميع الأقوال كانت موجودة ولكن لم ينكر أحد من السلف على غيره مخالفته للسنة، لدرجة أن الإمام مالكا نفسه رفض طلب أبي جعفر المنصور أن يلزم المسلمين بأحاديث الموطأ، فقد روى ابن عساكر بالسند إلى مالك بن أنس قال: (لما حج أبو جعفر المنصور دعاني فدخلت عليه، فحادثني وسألني فأجبته فقال إني قد عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها - يعني الموطأ - فتنسخ نسخا، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها بنسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها لا يتعدونه إلى غيره، ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدَث، فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم، قال: فقلت يا أمير المؤمنين، لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم منهم بما سبق إليهم، وعملوا به، وإن ردهم عما اعتقدوه تشديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم، فقال لعمري لو طاوعتني على ذلك لأمرت به).

إنّ الذي يفهم من كلام الإمام مالك أنه رُويت روايات مختلفة في فروع الفقه يعارض بعضها بعضا، فلم ينكرها أو يضعفها أو يرجح عليها ما رواه في الموطأ، ولكن ترك الناس يعملون بما وصل إليهم من رواية وعلم مما يعتقدون أنه الحق. ولو كان الإمام مالك ممن يحب الدنيا أو الشهرة لطار قلبه فرحا بهذا العرض الذي جاءه من أمير المؤمنين.

وهذا الخُلُق الذي كان عند الإمام مالك هو نفسه الذي كان عند الصحابة ومن بعدهم من التابعين، وأمثاله من السلف الصالح وهو الذي نرجو أن يتخلق به علماء المسلمين ومفكروهم ومثقفوهم في هذا العصر، ولا يتعصبوا لآرائهم دون اعتبار لبقية العلماء المخالفين لهم في الرأي.

لقد كان من نتيجة هذا الخلق الكريم الذي تحلى به الإمام مالك أنه لم يصل إلينا خلاف بين المسلمين الأوائل إلا شيئا يسيرا، بينما نجد الخلاف شديدا فيما تلا ذلك من أجيال عندما دُوّن الحديث وبدأ من يرجح بعض الأحاديث على غيرها، وفقا لما اقتنع به من مفاهيم وقواعد.

د – إن الدارس للتأريخ ليدرك أن القبض لم يكن مشهورا في القرون السابقة كشهرته الآن، فلم يكن مشهورا في الأندلس، وكذلك في بلدان المغرب العربي:ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب الأقصى، وموريتانيا. وكذلك مصر والسودان، حيث كان المذهب المالكي هو الغالب. ولا يزال معظم سكان هذه البلدان إلى وقت قريب، لا يرفعون أيديهم إلا مرة واحدة ولا يضعون اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة. لكن بعد انتشار المذهب الوهابي نظرا للإمكانيات المادية والقوة الإعلامية التي يملكها، دفع كثيرا من المنتسبين إلى المالكية والإباضية إلى الاقتناع بالقبض وذلك لجهلهم بأدلة مذاهبهم.

وقد كان للسياسة دور كبير في تسيير الفقه. فقد تبنّت الدول المتعاقبة على حكم بلاد الإسلام مذاهب معينة وحكمت بمقتضاها. فقد كان مذهب أبي حنيفة في المشرق، ومذهب مالك في المغرب من أوسع المذاهب انتشارا، لأنه أتيحت لكل من المذهبين دولة تتبناه وتنشره. وقد تبنت الدولة العباسية مذهب أبي حنيفة ومكنت له. فعندما تولى أبو يوسف رئاسة القضاء في عهد هارون الرشيد كان يولي القضاء لأتباع مذهبه، فاضطرت العامة إلى أحكامهم وفتاويهم. وانتشر المذهب الحنفي في مصر في زمن العباسيين، إلى أن استولى عليها الفاطميون، فنشروا المذهب الإسماعيلي، ومنعوا التفقه على مذهب أبي حنيفة، لأنه مذهب الدولة العباسية، وسمحوا بالتفقه على المذهب المالكي والشافعي والحنبلي، وقد عمل الأمويون في الأندلس على نشر المذهب المالكي، والأيوبيون على نشر المذهب الشافعي والسعوديون علي نشر المذهب الحنبلي. ورغم أن مذهب أبي حنيفة ومذهب مالك كانا من أوسع المذاهب انتشارا في السابق، إلا أنه في السنوات الأخيرة نتيجة لسهولة الاتصالات والإمكانيات المادية والإعلامية لبعض الدول والمؤسسات فقد انتشر المذهب الوهابي في كثير من بلاد المسلمين .

المبحث الرابع - شبهة مخالفة السنة

رغم أن أدلة الإباضية في ترك الرفع مستمدة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن أدلة تاريخية وعقلية كما ذكرنا. ومع ذلك نقرأ ونسمع من يقول إن الإباضية لعدم أخذهم بأحاديث الرفع هم مخالفون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وينكرون الأحاديث الصحيحة التي رويت في البخاري ومسلم.

ولا أظن أنه يوجد مسلم في هذا الكون، من الإباضية أو من غيرهم يتعمد أن يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم أو عمله أو سنته لمجرد المخالفة، وإنما كل مسلم يعمل بما اقتنع به من رأي أو دليل أو يتبع مذهبا من المذاهب المعروفة.

وقد أنكر بعض الفقهاء والكتاب على الإباضية تركهم الأخذ بالأحاديث الواردة في البخاري ومسلم في مسألة الرفع وغيرها من المسائل الخلافية، وهم يدركون جيدا أن ترك الأخذ بالحديث ليس إنكارا للحديث ولا مخالفة للسنة، والفقيه الذي يرجح عملا على عمل أو حديثا على حديث إنما يفعل ذلك بناء على ما تواتر لديه من قول أو عمل، وما اعتمد عليه من أصول التشريع والاجتهاد الذي قد يختلف من فقيه إلى آخر، وينطبق هذا على كل مسألة اختلف فيها الأولون.

ولو تتبعنا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا عدة أحاديث رواها الإمام البخاري أو الإمام مسلم أو غيرهم وقد جرى العمل على خلافها عند أهل السنة. ومن أمثلة ذلك ما يلي:

صلاة السفر : فقد روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يقصر .وفي رواية (يصلي ركعتين) فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا. وفي البخاري أيضا عن أنس بن مالك (رض) قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة. قلت: أقمتم بمكة شيئا. قال: عشرا. وعنه أيضا قال: (صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين) [1]. وذو الحليفة هو المكان الذي يحرم منه الحجاج من المدينة المنورة وهو يبعد عن المدينة مسافة قصيرة ومع هذه الأحاديث الصحيحة والصريحة نجد أن الذي جرى العمل به عند أغلب أهل السنة أن مسافة السفر أربعة وثمانون كيلومترا وأن السفر إذا زاد عن أربعة أيام جاز للمسافر أن يتم الصلاة. وهذا العمل يخالف ظاهر الحديث الصحيح المذكور ، ومع ذلك فلا نقول إنهم يخالفون السنة، لكن نقول أنهم بنوا حكمهم على روايات أو اجتهادات أخري.

صلاة التراويح : كانت إلى وقت قريب تصلي في المسجد الحرام وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة عشرين رغم تضعيف العلماء[2] للحديث المروي عند ابن أبي شيبة عن ابن عباس. أما الآن فهي تصلى ست عشرة وفي كلا الحالتين فإن هذا العمل يعتبر مخالفة واضحة لحديث صريح في البخاري ومسلم عن عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.[3]

صلاة الضحى: ففي مسلم عن عائشة(رض) أنها سئلت: أكان النبي صلى الله عليه وسلم   يصلي الضحى. قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه[4]. وفي حديث آخر قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها. وفي حديث ثالث سُئلت كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: أربع ركعات ويزيد ما شاء.[5]

فهذه الأحاديث مروية في صحيح مسلم وهي في موضوع واحد وهو صلاة الضحى ويبدو كأنها متعارضه، والمسلمون اليوم منهم من يصلي الضحى ومنهم من لا يصليها بناء على إحدى الروايات، ولم ينكر أحد على آخر فعله أو اتهمه بمخالفة السنة.

الشرب قائما: روى أهل الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما كما رووا عنه أنه شرب قائما. ففي صحيح مسلم عدة أحاديث تنهى عن الشرب قائما منها حديث قتادة عن أنس (رض) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائما. قال قتادة فقلنا لأنس فالأكل؟ قال: ذلك أشر وأخبث.[6] كما روي أيضا عن أبي هريرة (رض) قال: قال رسول الله : (لا يشربن أحد منكم قائما فمن نسي فليستقىء)، أي يتقيأ، وفي مقابل هذا رُويت أحاديث تقول بجواز الشرب قائما. ففي البخاري ومسلم عن ابن عباس (رض) قال: (سقيت النبي من زمزم فشرب وهو قائم). وفي الترمذي عن ابن عمر قال: (كنا نأكل على عهد رسول الله ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام). فمن الذي يخالف السنة هل الذي يشرب قائما أو جالسا؟ ولم نسمع أن مسلما اتهم آخر بمخالفة السنة لكونه شرب قائما.

هذه بعض الأمثلة العملية التي مما اختلف فيها الناس. ومسألة الرفع يجب ألا تخرج عن هذا الإطار وهو جواز الرفع لمن شاء أن يرفع وعدم الرفع لمن رأى أن عدم الرفع أولى. كما أنه إن شاء صلى الضحى أو تركها وله الخيار أن يصلى التراويح ثماني ركعات أو ست عشرة ركعة، أو عشرين أو أربعة وعشرين ، ولا يجب أن يوصف من فعل هذا أو ذاك بمخالفة السنة.

وينسحب هذا الحكم على كل مسألة خلافية لم يتفق فيها المسلمون في الصلاة كالجهر بالبسملة والقنوت وقراءة السورة في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر والتسليم وغيرها من المسائل الفرعية التي اختلف فيها الأولون.

وفي ظني أن اتهام الإباضية بمخالفة السنة لم يأت لتركهم الرفع أو عدم العمل بحديث معين وإنما هو أولا نظرا للجهل بأصول الفقه الإباضي ونتيجة لظروف تاريخية و سياسية قديمة تركت بصماتها في كتب عند أهل السنة.

 

 

ملاحـظـات وتعـليـقـات

مسألة الرفع كمسألة خلق القرآن شغلت علماء المسلمين الأوائل سنوات عديدة كل يحاول إثبات صحة رأيه. ومن أكثر المسائل التي كثر فيها الخلاف مسألة هل الرفع مرة واحدة أم عدة مرات؟ وقد علق أحد محققي سنن الترمذي على هذه المسألة بقوله" وقد جعل الحفاظ المتقدمون هذه المسألة – مسألة رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع - من مسائل البحث الخلاف العويصة، وألف فيها بعضهم أجزاء مستقلة، ثم تبعهم من بعدهم في خلافهم، وتعصب كل فريق لقوله، حتى خرجوا بها عن البحث إلى حد العصبية، والتراشق بالكلام، وذهبوا يصححون بعض الأسانيد أو يضعفون، انتصارا لمذهبهم، وتركوا – أو كثير منهم سبيل الإنصاف والتحقيق."[1]

وتأكيدا لما سبق، فبينما كنت أجمع المعلومات لهذا البحث قرأت بعض الأشياء الغريبة التي تتعلق بالخلاف في مسألة الرفع، فأحببت أن أذكرها هنا وأعلق عليها وأترك للقارئ أن يفهمها كما يشاء.

1-حرص كثير من المحدثين على إثبات أن الرفع أكثر من مرة أنه هو السنة التي يجب إتباعها، بناء على الحديث المروي عن ابن عمر (رضي الله عنه) الذي يذكر الرفع عند الركوع وبعد الركوع، لكنهم اصطدموا بحديث عبد الله بن مسعود الذي يقتصر على الرفع في التكبيرة الأولى فقط، وقد نال حديث عبد الله من النقد الرفع ما تجاوز النقد العلمي الموضوعي إلى اتهام عبد الله بن مسعود(رضي الله عنه) بالنسيان ، واستدل بعض العلماء بدليل النسيان ليثبت أن حديث ابن عمر الذي رواه البخاري أقوى من حديث ابن مسعود الذي رواه الترمذي، قال الزيلعي[2] في نصب الراية نقلا عن صاحب التنقيح: (ليس في نسيان ابن مسعود ما يستغرب، فقد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف فيه المسلمون بعد، وهما المعوذتان، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه مثل التطبيق، ونسي كيف قيام الاثنين خلف الإمام، ونسي ما لا يختلف العلماء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها، ونسي ما لم تختلف العلماء فيه من وضع المرفق على الساعد على الأرض في السجود، ونسي كيف يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم" وما خلق الذكر والأنثى" وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا، كيف لا يجوز أن ينسى مثله في رفع اليدين)[3].

الحقيقة أن ما سبق من وصف عبد الله بن مسعود بالنسيان لأمر غريب وعجيب. وإذا صح هذا فهو يدل على مدى التعصب الذي بلغ إليه بعض العلماء في مسألة فرعية مثل مسألة الرفع. وإذا كان هذا قد قيل في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فلا يستغرب أن ترد أقوال الإباضية أو غيرهم في أي مسألة من المسائل الخلافية.

إن الذي بلغنا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو أول من جهر بالقرآن بمكة وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وبيعة الرضوان والمشاهد كلها. كما شهد معركة اليرموك بعد النبي صلى الله عليه وسلم وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه ويكرمه وهو خادمه وصاحب سره ورفيقه في حله وترحاله، وهو من كبار علماء الصحابة وحفاظ القرآن، فهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (مُلىء من رأسه إلى أخمص قدميه علما)، وقال فيه عمر بن الخطاب (رض) (وعاء مُلىء علما) وهو الذي يقول عن نفسه: (ما من آية في كتاب الله إلا وأنا اعلم متى نزلت وكيف نزلت وفيمن نزلت) فكيف يوصف بعد ذلك بنسيان عدة أمور منها المعوذتان وكذلك الرفع في كل تكبيرة في الصلاة. وهو أمر عملي يتكرر يوميا خمس مرات.

2-مما روى من أدلة الرفع ما نقله ابن حجر في فتح الباري عن الحاكم وأبي القاسم بن منده أن ممن روى الرفع العشرة المبشرون بالجنة كما قال أن شيخنا أبو الفضل (لعله يقصد شيخ بن حجر) تتبع من رواه من الصحابة فبلغوا خمسين صحابيا. ولكنه لم يذكر أسماءهم كما أنه لم يبين هل المقصود الرفع مرة واحدة أم عند المواضع الأخرى، وقال أيضا: وقد ذكر أيضا قول البخاري إن الرفع رواه سبعة عشر صحابيا. ولكن الإمام البخاري لم يذكر في صحيحه إلا رواية عبد الله بن عمر ومالك بن الحويرث رضي الله عنهم.

لكن الإمام البخاري صنف كتابا آخر بعنوان "رفع اليدين في الصلاة"[4]. ومع تشدد البخاري في نقل الأحاديث لدرجة أن صحيحه يعتبر من أصح الكتب، إلا أنه لم يلتزم في هذا الكتاب المنهج الذي التزم به في صحيحه من حيث صحة الأحاديث، فنقل فيه كل ما وصل إليه فيما يتعلق بموضوع الرفع، فاختلط فيه الصحيح والضعيف والمرفوع والمقطوع من الحديث. والسبب من تأليف الكتاب - فيما يبدو لمن يقرأ الكتاب - هو الرد على الحنفية الذين يقولون بأن الرفع مرة واحدة فقط.

وقد قام بديع الدين الراشدي بتحقيق هذا الكتاب، ونقل فيه قول البيهقي عن العراقي : أن الذين رووا الرفع من الصحابة بلغوا خمسين صحابيا. ثم جاء من تكلم في الرفع من بعد ذلك واستدل بأن الرفع رواه خمسين صحابيا منهم العشرة المبشرين بالجنة، فظن كثير من العوام أن هذه الروايات في صحيح البخاري.

والحقيقة أن دعوى الخمسين صحابيا الذي رووا الرفع تحتاج إلى إثبات، لأن الذي يرجع إلى كتب الحديث يجد أن مجموع أحاديث الرفع كلها في الكتب التسعة بلغت أكثر من مائة وخمسة وثلاثين حديثا منها الصحيح والضعيف والمكرر والزيادات والروايات المتشابهة. أما الأحاديث المشهورة في الرفع فرواتها من الصحابة – حسب ما وجدت - إثنا عشر صحابيا [5] , ليس فيهم ممن عُدّ من المبشرين بالجنة إلا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وهذا ما جعلنا نتساءل عن صحة قول من يقول إن أحاديث الرفع رواها أكثر من خمسين صحابيا منهم العشرة المبشرين بالجنة. فلم أجد في كتب السنة المشهورة – على حد علمي - أي حديث من أحاديث الرفع رُوي عن أبي بكر الصديق، أو طلحة بن عبيد الله، أو الزبير بن العوام، أو سعيد بن زيد، أو سعد بن أبي وقاص.

أتمنى أن يقوم أحد الباحثين بتحقيق أحاديث الرفع المذكورة في كتاب رفع اليدين للبخاري، ويبين حقيقة هذه الدعوى من عدمها.

 

 

خـلاصة البـحـث

أرجو أن أكون قد وفقت في إبراز بعض من أدلة الإباضية في مسألة الرفع الضم، وبناء على ما تقدم، يمكن أن نخلص إلى ما يلي:

1-إن ترك رفع اليدين في الصلاة وإرسالهما هو الرأي الذي استقر عليه فقهاء الإباضية والذي جرى العمل به منذ القرن الأول الهجري حتى وقتنا الحاضر، ولم ينقل عن علمائهم الأوائل الاختلاف فيه. وهذا الرأي ليس جديدا ، فقد كان من قبل ظهور المذاهب الأربعة، ومن قبل البداية في تدوين الحديث أو تصنيفه ومن قبل أن يختلف المسلمون في هذه المسألة أو غيرها كما أن الصلاة بدون رفع اليدين صحيحة بإجماع الأمة.

2-إن الإباضية عندما لا يرفعون أيديهم في الصلاة، لا يقصدون مخالفة السنة، كما يظن البعض وإنما هو إتباع للسنة بناء على ما صح عندهم من أحاديث واقتداء بأئمتهم المتقدمين ، وعلى أدلة عقلية وتاريخية، وأخذا بمبدأ الاحتياط والخروج من الخلاف دون الإخلال بأركان الصلاة المجمع عليها.

3-الإباضية لا ينكرون على من يرفع، أو يقبض، ولا يعتبرونه مبتدعا ولا مخالفا للسنة ولا يمنعون الصلاة خلف من يرفع، ولو ثبت لديهم أن الرفع من السنن المؤكدة التي داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم لكانوا أحرص الناس على العمل به. فمن رأى ترك الرفع والضم فصلاته صحيحة بالإجماع، ومن اطمأن إلى الرفع فرفع يده في التكبيرة الأولى أو غيرها أخذا بإحدى الروايات، فصلاته صحيحة كذلك. وكلاهما مأجور إن شاء الله تعالى.

4-التعامل مع المسائل الخلافية كمسألة الرفع أو الضم أو غيرهما من المسائل الأخرى يجب أن يكون من منطلق البحث العلمي الموضوعي الهادف والنية الخالصة من أجل الوصول إلى الحق بعيدا عن الاتهامات بمخالفة السنة أو الابتداع في الدين.

وأخيرا، أسأل الله تعالى أن يجمع شمل المسلمين على الخير، و يعينهم على مجاهدة أنفسهم والشيطان، وأن يبعد عنهم الخلاف وأهله والشر وأهله إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وصل اللهم وسلم وبارك على رسولك الأمين وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

 المصدر:ـistiqama

زرارة المقبرة: تحيزَّا

c 7زرارة المقبرة:

تحيزَّا ⵜⵃⵉⵣⵣⴰ

تحيزا هي مِن عاداتنا الجَميلة  ومن بين مراسيم  حفل الزواج في قصور وادي مزاب، في الصباح الباكر من اليوم الأول من عقد القران يذهب العريس رفقة وزرائه وأفراد العائلة وكل من أصدقائه ومرافقيه وبعض أعضاء العزابة لزيارة المقبرة التي دفن فيها بعض أفراد عائلة العريس، مثل مقبرة باعيسى وعلوان أو مقبرة بابا والجمة أو مقبرة الشيخ عمي سعيد، كما تستغل هذه الفرصة للتعريف بأول معمر للبلدة " الشيخ  باباولجما.

أهل العريس يحضرون  معهم خبز وتمر "أغروم نوفا د تيني" ليوزع على الحاضرين، قبل ذلك يطلب أحد أعضاء العزابة من العريس "تارضونت نوفاڤ" خبز الطاجين  إلى أربع قطع باستعمال يدا واحدة فقط، و وراء هذا الأمر الكثير من الحكم،

حيث يذكر العريس ما ينتظره من مسؤوليات بانتقاله من مرحلة العزوبة إلى مرحلة الزواج فيكون على عاتقه  الأبناء، الزوجة، الوالدين، لتعزيز قيمة تحمل المسؤولية بما تقتضيه المرحلة الجديدة من حياته في تكوين الأسرة، وكذلك تعمل على ترسيخ قيمة العدالة والمساواة واعطاء كل ذي حق حقه و كذلك الاعتماد على النفس بعيدا عن الاتكلية.

بعدها يلقي العزاب كلمة مقتضبة  ليتذكَّر أن الدنيا فانية زائلة، وأن بهجته وسُروره سُرعان ما سينقضيان ليرحَل إلى ربِّه، ويُغيَّب في التُّراب ويُوارى الثَّرى؛ فلا ينفعهُ إلا عملُه الصَّالِح حينئذ!!

بأن هذه الدنيا بجمالها ومتاعها وملذاتها تنتهي وتزول طالت أعماره أم قصرت فمآله القبر وما عند الله خير وأبقى

والحكمة من اختيار أخد العريس في  أيام  زفافه الأولى إلى المقبرة ليدرك أن الحياة تتقلب بين أفراح  و أقراح ولا وجود لحال دائمة، ولا ينسى الدار الباقية، في زحمة الفرحة الغامرة.

 

c 7زيارة القبور في العيد:

من السير الحميدة بمزاب في الأعياد -بالإضافة إلى التزاور بين الأقارب- هو زيارة الآباء والأجداد والمشايخ في قبورهم، ففيها من العبرة والموعظة الكثير، كما أنها تغرس في قلب الابن قيمة الاحترام والتقدير لآبائه وأجداده، وتغذي في نفسه الحاجة إلى الانتماء، وتقوي ارتباطه بهذه الأرض، وتزيد من ولائه لهذا النموذج الاجتماعي.

الراجح أن صورة القبر  للشيخ باعيسى وعلوان هو متواجد بمقبرة الشيخ عمي سعيد.

زهد عبد الرحمن بن رستم في المادة وتقشفه في عيشه

وكان عبد الرحمن متقشفا في عيشه، زاهدا في الدنيا، على طموحه، وجده واجتهاده في بناء دولته، والبلوغ بها أقصى درجات الحضارة والعمران. لقد كان يتمنى أن يرى رعيته كلهم يسكنون القصور الجميلة، ويبلغون النهاية في الغنى، ويصلون كل ما يشتهون في دنياهم، مما يزيدهم سعادة وللدولة قوة، وينيلهم رضا الله؛ وتكون عاصمته وجه الإسلام الجميل، ومظهر الجمهورية الرائع، وعنوان المغرب المعتد بنفسه، الذب لا يرضى أن يبزه احد، وان يخمله سواه. وقد بلغت بفضله عاصمته الذروة في الحضارة، ونالت رعيته كل ما تتمناه لنفسها من يسر وغنى، ورفاهية ورخاء، فسكنوا القصور، وتقلبوا راقية، وحياة رخية كريمة. أما هو فكان زاهدا في مباهج الحياة، متقشفا في العيش، لا يفكر في نفسه و لا يعمل لها. وكانت داره في تيهرت المتحضرة ابسط دورها، ليس فيها زخرف ولا رياش، ولا ما تزخر به دور رعيته، والسراة من أهل دولته، من فنون الحضارة والنعيم.وسترى في قصة الوفد الذي جاءه من البصرة صفة داره، ومبلغه في التقشف في عيشه، ونكرانه لذاته، وإيثاره لرعيته بكل المباهج والملذات.

زهده في المال مع إقباله عليه

وكان عبد الرحمن بن رستم زاهدا في المال، لا ينظر إليه نظرة الملوك والأمراء الذين يتكالبون عليه، ويظلمون الرعية من اجله، وينبهونه من أيديهم بكل الوسائل. بل كان ينظر إليه نظرة الشبعان المكتظ إلى الطعام الذي سبع منه، يؤثر به سواه، ويفيضه على غيره. وقد رد عشرين غرارة من الذهب الرنان تشتمل على ملايين عديدة من الذهب الوهاج، جاءته من إخوانه الجمهوريين بالبصرة، لما وجد أنهم أحوج إليها منه. وذلك لزهده في المادة، ولزهد خاصته فيها أيضا. ومن يزهد في المادة لا يشح بها. وإذا جاد بها على سواه، وجعلها وسيلة لنيل رضا ربه، فتح الله له كل خزائنه، فتقبل عليه الدنيا بكل متاعها، وتكون دنياه دنيا السحاب الذي ينهل فلا يمسك ماءه، خضراء ترفل في النضارة والجمال، غنية بكل أنواع الثمار والخيرات، باسقة الأشجار، ملتفة الجبال بالغابات الكثيفة التي تجدده!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 281-282

سبب تسمية الأمازيغ بربرا

Icon 09ان جد البربر هو مازيغ بن كنعان بن حام. والبربر يسمون أنفسهم[الأمازيغ] ويعتدون بهذا الاسم. وهم لا يطلقونه إلا على الاقحاح الصرحاء فيهم، أما النزلاء الدخلاء الذين  يتبربرون كعبيدهم ومواليهم فلا يسمونهم أمازيغ، لأنهم ليسوا من سلالة مازيغ. ومعنى الأمازيغ عندهم هو الأشراف. يعني الصرحاء أبناء مازيغ الذين يحملون شخصية البربر العظيمة، ويتصفون بأخلاقهم التي تطبعهم بها الوراثة المازيغية الزكية. ويسمى البربر لغتهم البربرية )اتمازغت( نسبة إلى الأمازيغ. وقد أرسل عمرو بن العاص لما كان واليا على مصر بعض رؤساء البربر إلى سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فسألهم عن نسبهم فقالوا «نحن أبناء مازيغ » 1

وقد سمى العرب الأمازيغ بربري. أما للغتهم التي لا يفهمونها. وكان العرب يسمون كل أصوات لا يفهمونها بربرة. يقولون: بربر الأسد إذا زمجر بأصواته، وأما ان يكونوا قد نسبوهم إلى جهم السادس 2 وهو بربر بن تملأ بن مازيغ بن كنعان بن حام ابن نوح عليه

السلام. وارى ان نسبة البربر إلى جهم السادس هو سبب تسميتهم بهذا الاسم لا لغتهم التي لا يفهمها العرب. ولو كانت اللغة ي السبب لسموا كل جنس لا يفهمون لغته بربرا كأقباط مصر ولغتهم حامية كلغة البربر، والسودانيين.

ان البربر الذين سموا أنفسهم أمازيغ نسبة إلى جهم مازيغ، ق سموا أيضا أنفسهم بربرا نسبة إلى جدهم بربر بن تملا بن مازيغ. فهم الذين تسموا بهذا الاسم اعتدادا بجدهم، وفخرا بهذا الأصل الشريف من أصولهم. ومما يؤيد هذا أننا وجن هذا الاسم يطلق عليهم فقبل الفتح الإسلامي. وقبل ان يعرفهم العرب في عهد الرسول وخلفائه الراشدين. لقد كانوا يتسمون بهذا الاسم قبل الميلاد في عهد  القرطاجيين. وقد سميت دولة قرطاجنة [الدولة البونقية] وهو تركيب مزجي من البربر والفينقيين. فإذا كانت هذه لتسمية قيمة فهي من الشواهد على ان اسم البربر قديم، أطلقه البربر على أنفسهم، ليس العرب ولا الرومان

---------------------------

1 -انظر قصة الوفد في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص 7 ط . الحلبي بالقاهرة 1963 .

2- يكون سادسا إذا ابتدأنا العد من نوح وهو ما يمكن في هذا المقام ولا يمكن غيره.

تاريخ المغربالكبيرمحمد علي دبوز ج1 ص 33 34

سدراتا المدفونة تحت الرمال

Icon 09مدينة سدراتا المدفونة تحت الرمال إلى يومنا هذا

للباحث على حملاوى 

مجلة العربي العدد ( 517 ) الصادر في ( 1-12-2001 )

تعد مدينة سدراته من المدن الإسلامية المبكرة بالقطر الجزائري التي لم تنل من الدراسات والأبحاث الجادة إلا الشيء القليل حتى يتمكن من إزاحة اللثام عمّا تحتفظ به من أسرار وكنوز مدفونة تحت الرمال.

شكّلت مدينة سدراته محور اهتمام عدد من الباحثين والرحّالة الأجانب منذ نهاية القرن 19م إلى يومنا هذا. وتمثل هذا الاهتمام في جوانب عدة منها البحث عن تاريخ نشأتها من خلال المصادر والروايات الشفوية المتداولة بالمنطقة, مثلما فعل

هنري دفيري (H.DUVEYRIER) (1859-1861),

شارل فيرو (CH.FERAUD) (1871-1872)

أو التركيز على معالمها الأثرية البارزة ووصفها وصفاً سطحياً مثلما فعل

لو دفيك فيل (L.VILLE)

فكتور لارجو (V.LARGEAU) (1872-1879م),

وأخيراً محاولة إجراء تنقيبات أثرية في أماكن مختلفة من أجزاء المدينة كما فعل

هـ. طاري وب. بلانشي والمهندس فوشير ومارغريت ف.برشم.

وقد كان لهذه العمليات الأخيرة التي شهدتها سدراته دور كبير في إخراجها إلى النور, وإبراز أهميتها من الناحية الأثرية خاصة, لما أسفرت عنه من نتائج, رغم قلتها, فهي تعد جد مهمة مكنتنا من التزوّد والاطلاع على بعض الجوانب الخفية للمدينة, المعمارية منها والفنية.

والسبب في ندرة الدراسات حول مدينة سدراته يكمن في موقعها الصعب المنال من جهة, وما يتطلبه من إمكانات مادية وبشرية جد ضخمة من جهة أخرى. بالإضافة إلى ذلك, فإن الإهمال الذي عرفته المدينة طوال سنوات عدة أدى إلى إبقائها عرضة لمجموعة من العوامل تفعل بها ما تشاء, فالزوابع الرملية العنيفة التي غالباً ما تعرفها مناطق الجنوب خلال فصل الربيع, وما فتئت تزيد من زحف الرمال وعلو كثبانها وتغيير وضعيتها باستمرار. علاوة على ذلك, فإن الزيارات المكثفة التي كان ومازال يقوم بها فئات مختلفة من المجتمع إلى أطلال المدينة, عن قصد أو غير قصد, أضحت هي الأخرى خطراً يهدد معالمها.

كل هذه الأسباب أدت بطبيعة الحال إلى طمس جزء من منشآت المدينة أحياناً وكشف جزء آخر أحياناً, كما انجر عنها انهيار المباني المكتشفة بفعل التغيير الفجائي بين درجات الحرارة ووطأة المتجولين.

الموقع:

تبعد أطلال مدينة سدراته عن مدينة ورقلة في اتجاه جنوب غرب ببضعة كيلومترات والتي تبعد بدورها عن الجزائر العاصمة بحوالي 800 كلم, وهي مدينة شيدت مبانيها بالقرب من مصب وادي مائة الممتد من جنوب غرب جبل العباد إلى قارة كريمة جنوبا وإلى حوالي 20 كلم شمال مدينة ورقلة, ويعتبر وادي مائة من الموارد المائية الرئيسية التي كانت تزوّد المنطقة آنذاك, وهو ما ساعد على استقرار مجموعات بشرية بها منذ أزمنة غابرة.

تتربع المدينة على مساحة تقدر بحوالي 2 كلم2 في اتجاه شمال غرب – جنوب شرق, تشغل مبانيها مجموعة من التلال يتراوح ارتفاعها ما بين 140,99م إلى 150,10م, يحيط بها من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية سلسلة من الجبال أو ما تعرف محليا باسم قارة أشهرها قارة كريمة وجبل العباد. وتعد هذه القارات والجبال بمنزلة شريط دفاعي يحيط بأغلب جهات المدينة, كما يعد بمنزلة ملاجئ يحتمي بها السكان من غارات الأعداء, نظراً لاستواء سطوحها وصعوبة مسالكها وارتفاعها الشامخ من جهة, واحتوائها على أهم عنصر للحياة وهو الماء مثلما كان بقارة كريمة. إن هذه الميزات الطبيعية التي تتجلى بهذا الموقع فضلاً عن وجوده في مفترق طرق القوافل التجارية, كانت من بين الأسباب الرئيسية المساعدة على استقرار مجموعات بشرية وظهور حضارة راقية لاتزال آثارها ماثلة للعيان.

مدينة لها تاريخ

تزخر منطقة ورقلة بمواقع أثرية تعود إلى فترات ما قبل التاريخ كبرج ملالة وحاسي مويلح وغيرهما, كما تم الكشف عن أدوات حجرية بالمنطقة الممتدة جنوب سدراته , وهي بذلك تعد دليلاً مادياً على أن الموقع كان معروفاً خلال فترة ما بعد العصر الحجري والعصر الحجري الحديث غير أن هذا الموضوع لايزال بحاجة إلى أبحاث ودراسات معمّقة للكشف عن استقرار العنصر البشري بهذا المكان, وأهم الصناعات المنجزة من طرفه, أما بالنسبة للعهد الروماني, فإنه يجهل الكثير عن أوضاع المنطقة خلال هذه الفترة, على الرغم من أن هناك من يعتقد بوجود مخلفات رومانية شمال مدينة سدراته . والحقيقة أن هؤلاء لم يستقروا إطلاقاً بهذه المناطق, بل كانوا يجوبونها في شكل حملات قد يكون الهدف من ورائها جمع الضرائب من القبائل البربرية الموجودة هناك, والتي فضلت هجرة مواطنها الأصلية والاحتماء بهذه الأماكن هروباً من الغزو الروماني.

إن قلة الدراسات الأثرية والافتقار إلى المعطيات التاريخية حول مدينة سدراته , جعلت بعض الباحثين يرجعون تأسيسها إلى بداية الفتح الإسلامي, ونجد في طليعة هؤلاء الباحث جون ليتيو (Lethilleux), والذي يرى أن المدينة بنيت في مطلع القرن 1هـ/ 7 م. وفي هذا الصدد يذكر ج.ليتيو نقلاً عن باستشري أن سبعة من المسلمين استقروا بجبل نفوسة, ثم اتجه اثنان منهم إلى وادي مية ولا يعرف هل قدما إلى الوادي كزائرين فقط أم كانت رغبتهما في الاستقرار هناك, خاصة أن المنطقة كانت تعرف بنشاطها التجاري المزدهر. ويضيف قائلاً: مهما يكن من أمر فعن طريق القوافل القادمة من زنجبار والسودان وصل في 7 رجب 39 هـ (658م) عبدالرزاق بن عبدان بن عبدالحق المولود بحضرموت وأسس مدينة أطلق عليها اسم (تيميمون). وفي سنة 41 هـ (661-662م) ونتيجة لعدم الاستقرار بجبل نفوسة وصلت جماعات أخرى إلى وادي مية قاد إحداها أبو حفص عمروس بن فتح الغار, فقام هؤلاء الوافدون ببناء مسجد ثم شيّدت حوله الدور والمساكن, وبذلك ظهرت سدراته للوجود كمدينة. ويرى فريق آخر أن تأسيس المدينة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنهاية الدولة الرسمية بتيهرت سنة 296 هـ – 297هـ/908م/909م على أيدي الفاطميين, وهروب الناجين من بطش هؤلاء متجهين نحو الجنوب يقودهم الإمام يعقوب بن أفلح.

في هذا الموقع الحصين والمتميز بوفرة مياهه, وجدت تلك الجماعة المكان الملائم بها لتحمي نفسها ومذهبها ولو لفترة قصيرة من الزمن, إذ ما لبثت أن هاجرت عناصر منهم مدينة سدراته إلى مكان آخر يبدو أنه أشد مناعة وأكثر أمانا من الأول, وهو ما يعرف بوادي ميزاب أو مدن الشبكة, حيث تأسست كل من مدينة العطف (1011م) وبونورة (1048م) وبني يزقن وغرداية (1053م).

الهجرة

ويعتقد أن هجرة تلك الجماعات منذ وقت مبكر (أي خلال القرن الخامس الهجري/11م) كان سببها انتشار البدو وقطاع الطرق وانحراف سكانها عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف, خاصة بعد موت أبي صالح جنون, وكذا كثرة القلاقل والفتن التي أضحت تفتك بالمنطقة جلها وتهدد استقرارها. ويبدو أن هذه الفترة تزامنت ودخول المنصور الحمادي (481هـ – 498هـ) (1088م-1104م) إلى المنطقة وتخريبها أثناء حملته الموجهة لمعاقبة الزناتيين بوادي ريغ وورقلة. في حين يرى ابن خلدون أن المنطقة لم تتعرض إلى هجوم شنيع من قبل الحماديين بالشكل الذي يؤدي إلى انهيارها وهجرة سكانها, بل العكس, فلقد عيّن عليها حاكماً يدير شئونها, أما المخطوط الذي تحدث عنه هارولد طاري (H.Tarry), فيذكر أن المدينة اندثرت سنة 1274م من طرف قائد مجهول يدعى (منصور المشرق). هذا الأخير وصل رفقة جيشه إلى سدراته واستقر بها حوالي خمسة وثلاثين يوماً, قام أثناءها بهدم العين التي كانت تسقي المدينة ومزارعها, فرعب أهل المدينة وفروا إلى ناحية التلال الرملية, أي على بضع مراحل جنوبي سدراته . وعندما رجعوا إلى منازلهم وجدوها مهدومة, ويضيف صاحب كتاب العدواني, أن سدراته تم تخريبها من طرف الخليفة الموحدي المنصور مرتين على التوالي, ولم يغادرها في المرة الثانية إلا بعد أن حوّلها إلى صحراء قاحلة, ويذكر ابن خلدون أن تخريب المدينة كان على يد بني غانية ما بين (1224-1227م) لأن المنطقة – على حد قوله – كانت كلها من الموالين للدولة الموحدية, وكان عاملهم يقطن بالزاب آنذاك. وحسبما يبدو فإن الأحداث التي مرت بها مدينة سدراته , لم تكن لتؤدي إلى زوال المدينة وهجرتها, فالمتمعن جيداً لأنقاضها وما أسفرت عنه نتائج الحفريات السابقة, يلاحظ أن آثار التخريب لا تظهر بالدرجة التي تناقلتها المصادر أو المراجع, بل نعتقد أنه وصف مبالغ فيه, لأن الحياة العلمية تواصلت بسدراته حتى بعد التواريخ سالفة الذكر, يشهد عليها أسماء الأعلام المنتسبين إليها, ولذلك فإننا نرى أن من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هجر المدينة العوامل الطبيعية, فلقد قلت الموارد المائية والنباتية وحلت محلها العواصف الرملية, ولذا أصبح من الصعب على الإنسان العيش هناك. أما بالنسبة لتسميتها, فإنه من المرجح جداً أن تكون قد اشتقت من قبيلة سدراته البربرية, وفي هذا الصدد, يذكر الشيخ أعزام أن بلاد سدراته منسوبة إلى شعب من شعوب البربر من بطون زناتة, وهي بلاد كثيرة يسكنها معتنقو المذهب الإباضي قديماً, ولم يترحلوا عنها إلا بعدما خرّبها يحيى بن اسحاق الميورقي المعروف بابن غانية سنة 624هـ عند ثورته على الأمير يعقوب بن المنصور أحد أمراء الموحدين كما كان بيان ذلك في محله, وبقيت البلاد إلى الآن خرابا. والجدير بالذكر أن تسمية المدينة باسم سدراته غالباً ما كان مقروناً بكلمة ورجلان ( سدراته ورجلان) ولم يرد منفرداً في المصادر الإباضية إلا في فترة متأخرة عن الفترة التي عاش فيها الشيخ أبو يعقوب يوسف بن النفاث (1048/1049م), وهذا دليل على التلاحم والترابط بين المدينتين ليس من الجانب العمراني فحسب, بل تعدّاه إلى أبعد من ذلك.

المسجد:

شهدت مدينة سدراته عدة تنقيبات أثرية, إلا أن ما يؤخذ على البعض منها أنها لم تبلغ المستوى المطلوب من حيث التنظيم والمنهجية العلمية المتبعة في تقنيات الحفر.

إن جل الباحثين الذين تعاقبوا على مدينة سدراته لم يتعرضوا بطريقة علمية إلى مسجد المدينة, بل اكتفوا بالإشارة إليه بطريقة عرضية, ووصفوه وصفاً يكاد يكون سطحياً. وفي مقدمة هؤلاء الباحثين نذكر فكتور لارجو الذي زار المدينة سنة 1877م, وتعرف على أحد مساجدها وهو في حالة جيدة من الحفظ, ويقول لارجو بشأن هذا المبنى: يوجد بجنوب المدينة المندثرة بقايا لمسجد مستطيل الشكل تبلغ مقاساته 23مx18م وينقسم إلى قسمين من جهة العرض, تقدر مقاسات الجزء الأول حوالي 10م, أما القسم الثاني فيبلغ 13م, وقد كان هذا الأخير مبلطاً ومرتفعاً نوعا ما عن الأول, ونلاحظ به بقايا أحواض محفورة في الأرض يتم تزويدها بالمياه بواسطة قناة تخرج من إحدى زوايا الجدار وهي في حالة جيدة, كما عثر لارجو بهذا المبنى على جزء طنف من الجص تحليه زخارف نباتية تشبه الأرابيسك. أما هارولد طاري, الذي يعتبر أول باحث قام بحفرية حول أنقاض بعض المعالم من المدينة سنة1881م,فقد استطاع, حسب قوله, أن يزيل التراب عن كامل المحيط الداخلي للمسجد, كما يشير طاري إلى أن المسجد كان يحتوي على مدرسة قرآنية تحليها زخارف كتابية هي الأخرى, ويصف بول بلانشي (1898م) المسجد بأنه قاعة مربعة الشكل مغطاة بحوالي عشرين قبوا تقوم على ست عشرة دعامة, زينت جدرانه بأبواب وهمية ونوافذ تحلي أطرها زخارف هندسية بسيطة.

وتعتبر الحفرية التي قام بها المهندس فوشير, ما بين 1943م و 1944م, من أهم التنقيبات التي جرت حول المسجد, فلقد استطاع هذا الباحث إزاحة الرمال عن محيطه, باستثناء الزاوية الجنوبية للمبنى حيث تمكن من الوصول إلى أرضية قاعة صغيرة يبلغ ارتفاعها حوالي 4,43م ومغطاة بقبو, ولقد وضع فوشير مخططاً ورسوماً توضيحية لهذا المعلم, لكن هذه الوثائق لم تنشر بل بقيت حبيسة الأدراج.

أما بالنسبة للباحثة مارغريت فارشم, فقد وقفت هي الأخرى على أطلال هذا المنشأ, وحاولت أخذ المقاسات لبعض أجزائه.

وينطبق وصفها على مبنى تم اكتشافه سنة 1977م من قبل فرقة معهد الآثار (جامعة الجزائر) والذي يعتقد أنه هو المسجد الذي تحدث عنه الباحثون السالفو الذكر, فلقد تمكنت الفرقة آنذاك من إزالة الرمال من المحيط الداخلي لمنشأ يقع في الجهة الجنوبية الغربية وبعض العناصر المعمارية كالسلم والأقواس المطلة على الصحن والدعامات والغرفة المرفقة له. يحيط بهذا المعلم مجموعة من المباني لا يظهر منها سوى الأجزاء العلوية للجدران, أو حلت محلها أكوام من الحجارة والجدير بالملاحظة أن هذا المعلم رغم ما يحتويه من عناصر تنم عن انتمائها إلى العمارة الدينية مثل مخططه العام ووجود صحن فإن بعض الباحثين, وفي مقدمتهم مارغريت ف برشم, اعتبروه مسكناً!

ضريح

تم الكشف عن بعض أجزاء بناية أخرى خلال عملية الحفر التي أجريت سنة 1997م, تتكون من غرفتين ضيقتين وغرفة مستطيلة الشكل, يتم الدخول إلى إحدى الغرفتين مروراً برواق, لم يكتشف كله بعد, عبر مدخل ضيق يعلوه قوس نصف دائري متجاوز يقدر ارتفاعه بـ 1,30م وعرضه 57سم, تتصل هذه الأخيرة بقاعة ثانية أقل حجماً منها مغطاة مثل سابقتها بقبو منخفض جزؤه العلوي مندثر.

والجدير بالملاحظة أن وظيفة هذا المبنى رغم أنها لم تحدد بعد نظراً لعدم اكتمال الحفر بها فإننا نرى أنها تشبه – في تكوينها العام وما تحويه من بيوت ضيقة ومتشابكة – ضريح سيدي محمد بن يحيى بتقرت (8هـ/14م) (33), وهو ما يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأنه ضريح أنشئ في وقت لاحق.

المباني المدنية

تنحصر المباني المدنية بمدينة سدراته في البيوت العامة والخاصة التي أشار إليها الرحالة أو المكتشفة أثناء عمليات التنقيب, وعلى الرغم من قلتها فإنها تعتبر مهمة, حيث تقدم لنا صورة تكاد تكون كافية عن العمارة المدنية بالمدينة, كما تقدم لنا نماذج حية من العناصر المعمارية التي استعملها البناء السدراتي في مبانيه.

ويعتبر فكتور لارجو أول من أشار إلى هذه البيوت دون تحديد مواقعها, ويذكر في هذا الصدد (أن البيوت الكبيرة لمدينة سدراته ذات شكل مربع وغير منتظمة التخطيط, وهي تتكون من قسمين متقابلين يفصلهما صحن, أحدهما عبارة عن رواق يتكون من بوائك ذات أقواس نصف دائرية وترتكز على دعامات مربعة الشكل. كما لاحظ لارجو بيتاً آخر مربعاً يبلغ طول أضلاعه في جميع الاتجاهات 9م, وبيوتاً أخرى يساوي طولها نفس المقاس السابق, وتتكون من غرفة واحدة يتقدمها صحن مغلق. أما بالنسبة للبيوت بصفة عامة فهي تتكون من غرفة واحدة تقدر مقاساتها ما بين 6 , و7 أمتار, ويلاحظ أن غالبية هذه البيوت كانت جدرانها مكسوّة بطبقة صلبة من الجص. كما عثر طاري على مجموعة من البيوت دون الإشارة إلى مكان وجودها.

القصر أو المحكمة

يقع هذا المبنى بالناحية الشمالية للمدينة, وهو يعد من أروع المباني المكتشفة إلى حد الساعة, لما احتواه من زخارف جصية متنوعة, كانت تكسو جدرانه الداخلية لايزال البعض منها في مكانه الأصلي, اكتشف هذا المعلم من طرف هـ. طاري سنة 1881م حيث يقول بشأنه: لقد اكتشفت قصراً بأتم معنى الكلمة, لأن جدرانه كانت مكسوة بزخارف وفي أسفل تلك الزخارف ترك المعماري توقيعه, ولقد حاولت إعادة نقله ولكنه زال كلية.

و(في الزاوية المقابلة للواجهة), يضيف طاري (عثرت على قاعة تزيّنها عناصر زخرفية يبلغ طولها 4,50م وعرضها 2,50م. أما الحفريات التي قام بها بول بلانشي سنة 1898م فقد أسفرت هي الأخرى عن اكتشاف حوالي أربع وثلاثين حجرة وحوالي 60م2 من الزخارف المختلفة العناصر. كما ترك لنا مخططاً أولياً لهذا المعلم.

البيت المحصن

يقع هذا البيت في الناحية الشرقية للمدينة وسط بقايا الغابات, حيث تبدو جلياً آثار السواقي والفقارات المنطلقة من هذا المكان والمتجهة شمالاً نحو مدينة ورقلة, وشرقاً في اتجاه رويسات, وجنوب شرق في اتجاه قارة كريمة. ولقد كانت محل اهتمام الباحثة مارغريت ف. برشم, خلال سنتي 1951-1952م حيث أجرت بها حفرتين, دامت الأولى حوالي خمسة عشر يوما, أما الثانية فبلغت مدتها حوالي شهرين, ولقد أسفرت هذه الأعمال عن اكتشاف جزء معتبر من مكونات هذا البيت, بالإضافة إلى كمية هائلة من القطع الجصية المزخرفة وقطع فخارية تزيّنها زخارف بسيطة وجرتين مختلفتي الأحجام, صنعت إحداهما من الطين المحروق ويقدر ارتفاعها بـ1,70م وتحتوي على أربعة مقابض وغطاء, تحتوي بداخلها على بقايا عظام وقطع زجاجية. أما الثانية فكانت ذات لون تركوازي تنتهي في مؤخرة عنقها بضفيرة, وهي ذات مقبضين ينتهيان ببروز معقوف. كما تم العثور على حلية من الفضة وأحجار لعقد امرأة وقنوات لتصريف أو جلب المياه.

وما تجدر الإشارة إليه, أن الحفريات التي أجريت بهذا البيت لم تمس إلا الجهة الشرقية منه, ومع ذلك كانت حصيلة الزخرفة المكتشفة قد بلغت الثمانية صناديق تم نقلها إلى الجزائر العاصمة.

البيت ذو الجرار

يقع هذا البيت في الناحية الغربية للمدينة, تم اكتشافه أثناء عمليات التنقيب التي قام بها الباحث طاري سنة 1881م , ثم أعيد استخراجه من تحت الرمال من طرف مارغريت ف. برشم, سنة 1952م . يأخذ المبنى شكلاً مستطيلاً غير منتظم الأضلاع (لوحة 4), يتم الدخول إليه عبر باب محوري فتح في الجدار الشمالي الشرقي, ويؤدي مباشرة إلى ساحة فسيحة, يحيط بهذه الساحة من الجهتين الشرقية والغربية غرف وأروقة مستطيلة وضيقة. كما فتحت بالجدار الغربي وعلى ارتفاع 1,144م عن الأرضية حنيات مضلعة يعتقد أنها استخدمت كخزانات أو كأماكن لوضع وسائل الإنارة, وتتصل هذه القاعة بالغرفة التي تتقدمها بواسطة مدخل عرضه 1,19م, وتعتبر هذه الأخيرة بمنزلة ساباط (رواق) يطل على وسط الدار ببائكة من ثلاثة عقود حدوية ترتكز على دعامات وأعمدة مدمجة تقوم على قاعدة مربعة, ويعد الساباط من بين الأماكن الضرورية في البيت الصحراوي, فيه يجتمع أفراد الأسرة وقت الحر وبه تؤدى جميع الأغراض المنزلية.

الخاتمة

يتبين لنا من خلال المعطيات التاريخية والأثرية التي قدمت في هذه العجالة, أن اختيار موقع مدينة سدراته لم يكن عشوائياً بقدر ما كان مستمداً من شروط بناء المدن الإسلامية, كما يبدو من خلال ملاحظاتنا في عين المكان أن بناءها مر على مراحل عدة كان سببه النزوح المستمر للمجموعات البشرية.أما بالنسبة لعمارتها فقد امتزجت العناصر المحلية بعناصر أخرى (مغربية ومشرقية) لتشكل في النهاية عمارة موحدة ومنسجمة تندرج ضمن العمارة الإسلامية بصفة عامة وتزيدها ثراء وتنوعا.وهو دليل آخر على التسامح والتآخي الذي كان يعرفه المجتمع السدراتي برمته.

 

المصدر: tawalt

سدراتة

Icon 09من هي سدراتة؟(1)

مدينة سدراتة على بعد كيلومترات من مدينة ورقلة كانت عامرة على مدار ستة (06) قرون بعد أن لجأ إليها بقية أسرة ابن رستم حكام الدولة الرستمية فارين من اضطهاد الفاطميين سنة 909 ه وكانت تزخربتجارة القوافل الصحراوية، وذهب غانة وملح الصحراء…وحافظت على علوم المذهب الإباضي وثقافة أتباعه، ولكنها أيضا كانت تضم أحياء ومساجد المالكيين، حيث تعايش الجميع في مجتمع بلغ فيه الرقي الحضاري مدى يصعب أن يسمح به المناخ الصحراوي القاسي.

 

Icon 09مدينة سدراته الإباضية مدفونة تحت الرمال

تعد مدينة سدراته -بالقرب من مدينة ورقلة- أقدم مدينة مدفونة تحت الرمال معروفة في الوقت الراهن، تعتبر ثاني عاصمة للإباضية تكشف عن بقايا نادرة من المدينة المزدهرة التي كانت عليها. ويعود تاريخ تأسيسها إلى حدود القرن العاشر ميلادي (10م) على يد الرستميين أي ما بعد سقوط الدولة الرستمية بعد تدمير تاهيرت (تيارت حاليا) من قبل الفاطميين سنة 909 ميلادي.

وجاءت بعد انتقال مجموعة منهم باتجاه الجنوب الشرقي للوطن حيث أسسوا مدينة سدراتة بمنطقة ورجلان (ورقلة حاليا) وقطنوا بها لمدة تناهز 3 قرون كاملة.

وتقع هذه المدينة الأثرية على بعد نحو 10 كلم جنوب غرب مدينة ورقلة حيث وبفعل العوامل الطبيعية الصعبة غطيت معظم أجزائها بالكثبان الرملية باستثناء بعض الجدران والدعامات التي مازالت شاهدة على ماضيها.

عرفت هذه المدينة ازدهارا حضاريا واقتصاديا خلال الثلاثة قرون التي عاشتها تكونت فيها معالم حضارية عريقة وتفوقا واضحا في مختلف العلوم تترجمها ما بقي من آثار معمارية وفنية ومخطوطات لا تزال شاهدة على ذلك إلى غاية اليوم وبحسب السيد بابا حمو فإن المقبرة التي لا تزال واضحة للعيان تدل على الإرث الثقافي والمكانة التاريخية والعمرانية التي يحظى بها هذا الموقع.

ولا تزال الرياح القوية التي تجتاح المنطقة في كل مرة تعري أجزاء من هذه المدينة وإزالة اللثام عنها ما يسمح باكتشافها أكثر وهو ما حدث أثناء اكتشاف آثار محكمة وكذا آثار مسجد.

 

Icon 09زيارة سدراته:

تندرج ضمن سلسلة من الزيارات في وارجلان، يتجمع أهل وارجلان من مختلف المشارب، وفي مقدّمتهم عزّابة وارجلان في نصف دائرة واسعة جدّا، وهم يتلون القرآن فرادى كلّ ومصحفه. ثم ينطلق الناس إلى حيث توجد بعض الآثار سدراتة وجماعة الخيالة يقومون باستعراضات الفروسية ببنادقهم وإطلاق البارود، وينقسمون إلى فرقتين، كلّ فرقة تحوي عشرة فرسان، ويستمرّ العرض حوالي ساعتين.

ثمّ توزع الصدقات بسخاء على الحاضرين، تمر وخبز وتيحومزين. ثم يلقي شيخ عزابة وارجلان كلمة باسم العزّابة، وكلمة من أعيان ورڨلة كانت مواضع مدينة سدراته وارجلان أيام ازدهار البلد.

وبجانب هذه الدائرة الواسعة الشاسعة تقام خيمة للضيوف وخيمة أخرى بجانبها لباقي الحضور.

وبعد الختمة والأدعية يتوجّه الحاضرون إلى قبر الإمام يعقوب بن محمّد بن أفلح، وهو غير بعيد عن موضع الجلوس لتلاوة القرآن؛

وفي الجهة الشرقية يوجد جبل العبّاد في أعلاه أرض مستوية محجرّة ومحاريب في الأرض مشكّلة نصف دائرة من الحجارة الصغيرة، هو جبيل يقال له “كدية كريمة”، حيث تحصّن أهل وارجلان حين توجّه إليهم الجيش الفاطمي في سنة 297هـ/ 910م لملاحقة فلول بني رستم الفارّين من تاهرت إلى وارجلان.

وبعد الدعاء يتفرّق الجمع وينتهي حفل الزيارة السنوي.

 

Icon 09 رسمة لجبل العباد الفنان نورالدين فخار

الصورة لقارة كريمة..أو كدية كريمة وجبل العباد موقعه محاذيا لها وكدية كريمة بمقربة من موقع إسدراتن /سدراته والأخيرة موقعها على بعد 14كلم جنوب (وارجلان /وَرڨْـلَنْ /ورقلة ) و للكدية علو شاهق وقمة مسطحة على شكل الموائد الجبلية وتحفها الكثبان الرملية من كل جانب . و توجد فيها بئر عميقة تخترق الكدية إلى أسفلها وتعتبر الكدية زيادة لكونها مخزنا جماعيا على غرار المخازن الجماعية في الأوراس (تيقليعين ) وفي أماكن من الشمال الإفريقي تتخذها المجتمعات الأمازيغية مخازن جماعية لحفظ نتاج محاصليهم الغذائية من حبوب ولحوم مجففة ..فتعتبر الكدية حصنا منيعا لمناعتها ولقد ذكر الدرجيني أبو العباس في طبقاته ص94/ج 01 أن عبيد الله الفاطمي لما دخل إفريقية وجه جيشا إلى ورجﻻن فاحتمى أهلها بكدية كريمة .. فعلى منظر الحجارة المتناثرة والحزينة على حضارة سدراته المغمورة و ما بقي من أجزائها تكشف لنا مدى قسوة بعض من تنكب الإنسانية فكان خرابها عام626هـ..

 

Icon 09جبل العباد:

Le Djebel al-Ubbad, ou « sommet des dévôts », près du site archéologique de Sedrata. Photo aérienne réalisée pour M. van Berchem en 1950, Archives de la Fondation van Berchem, Genève

هذه صورة جوية إلتقطها Mr van Berchem  سنة 1950م

جبل العباد أو "قمة المصلين" يقع بالقرب من موقع سدراتة الأثري.

 

 

 

Icon 09قصة جبل العباد:

جبل العباد قصة رائعة يرويها أهل السير يرويها الشيخ الناصر مرموري رحمه الله. والشيخ عومر بومعقل رحمه الله أيضا. كان الجبل مكانا للعبادة يصعده العباد الاتقياء سحرا وهو مرتفع صعب المنال، ويقومون الليل كل في مصلاه (كما في الصورة. والجبل مليء بالمصلين مثل هذا) ثم يجتمعون قبيل الفجر فيتلون القرآن في حلقة ثم يؤذن فيصلون الصبح ويقسمون الصدقات ان كانت ثم ينزلون من الجبل. يوميا هذا. وفي يوم شديد المطر قال كن واحد منهم لو لم اذهب الليلة سيبقى الجبل بلا عبادة، فلأذهب. وكل واحد ظن انه المقصود وان التقصير لا ينبغي أن يكون من جانبه، فاجتمع في تلك الليلة ستون عابدا . وهذه هي الهمة العالية. جعلنا الله ممن تتحرك نفسه نحو المعالي.

 

 

 -------------------------
(1)  djanoub

 

سدود واحات قصر تغردايت

عند امتلاء سد "بوشن" وعند استغناء واحات "بوشمجان" عن السيل يتم تحويل الواد إلى المجرى الكبير، إضافة إلى ما يحمله واد "أريدان" الذي لا ينسكب لا من ولا من الغرب وهو بين شعاب "بوشمجان" من جهة، وشعاب "التوزوز" من جهة أخرى من الناحية الغربية للضاية ومن الناحية الشرقية للتوزوز، ومياهه ضعيفة نوعا ما، ويسقي السدود التي توجد وسط الواد الكبير وهي متعددة منها:

1.أحباس ن-قاوة: ويسقي إلى الناحية الشرقية للوادي.

2.أحباس ن-حمو بلغنم: ويسقي إلى الناحية الغربية للوادي.

3.أحباس ن-بوحديبة: ويسقي إلى الناحية الغربية للوادي ويوجد فيما يسمى بالبراكة.

4.أحباس ن-كاسي بن بهون: ويسقي إلى الجهة الشرقية للوادي ويوجد بجوار بناية مدرسة المسجد "عمي سعيد".

5.أحباس ن-خطارة: ويسقي إلى الناحية الغربية.

6.أحباس أجديد: ويسقي إلى الناحية الغربية والشرقية معا.

7.أحباس ن-باعمور الشيخ: ويسقي إلى الناحية الشرقية.

8.أحباس ن-امناسن: ويسقي إلى الجهة الشرقية كذلك.

9.أحباس أقديم: ويسمى أحباس ن امراوط بالوح أو أحباس ن تيزيوت أو احباس أواداي ويسقي الجهتين معا.

10.أحباس ن-بوسعدة: ويسقي إلى الناحية الغربية.

11.أحباس ن-قمغار: ويسقي إلى الناحية الشرقية.

12.أحباس ن-اوجوجن وعيسى واعمر: يسقيان معا في آن واحد ولكن لكل وجهته في شكل هرمي.

13.أحباس ن-بابكر: ويسقي إلى الناحية الغربية.

14.أحباس ن-بكوش: وهو الأخير ويسقي إلى الجهة الغربية، وبعده تأتي قنطرة سالم او عيسى.

 

 --------------------------------------

(01) كتاب تفصيل الجواب عن تقاسيم مياه السيول بواد مزاب، بومريقة الحاج سليمان، ص24-26

المصدر nir-osra.org

سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها

سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها

image3

وكانت الدولة الرستمية دولة السكون والهناء، ودولة الاستقرار والطمأنينة والسعادة. قد رضي الشعب فيها عن أئمته، ورؤساء دولته، فسكن إليهم سكون الوليد إلى الأحضان التي ترضعه وتحن عليه. لا ثورات من الشعب تعكر صفوها، ولا انقلابات واغتيالات ومؤامرات من الأمراء بعضهم لبعض كما يقع في الدولة الأغلبية فيعتكر بها جوها، ويصيبها بالزلزلة والارتجاج، ويمنعها عن التقدم والسير الحثيث؛ ولا غضب من الأئمة على رئيس الدولة وولاته وأجهزته يشغل العقول عن التفكير في البناء والتشييد، ويصرف الصدور عن الحماس للعمل والإنتاج، ويجردها من الصفاء والهناء، ومن الطمأنينة والسعادة.

إن رئيس الدولة من اختيار الشعب كله. فهم الذين انتخبوه وبايعوه في حرية كاملة، وبرضا تام. لا جبر، ولا إرغام؛ ورفعوه على أعناقهم إلى عرش الرئاسة، وبوءوه بإرادتهم وحبهم العميق كرسي الإمامة. فصار خادمهم يرعاهم، ويعطي نفسه لمصالحهم، ويجلب إليهم كل سرور، وينالون في ظله كل الحظوظ. وكان يتمسك في سياستهم وفي كل أموره بكتاب الله وسنة رسول الله، وبحكم الشورى، ويعدل فيهم، ويحسن كل الإحسان إليهم، ويجعل بحزمه وبراعته في السياسة كل الأمم تحبهم، وترهب جانبهم، وترمقهم بالإعجاب والاحترام. فلا عدو خارجي يطمع فيهم لضعفه، ولا شانئ خارج الدولة يحقد عليهم ويستعد للانتقام لسوء تصرفه.

إن المغرب الإسلامي كله صديق للدولة الرستمية القوية المسالمة التي تتمسك كل التمسك مع جيرانها بالدين. حتى العباسيين الذين تغلي صدورهم بالغيظ على الدولة الرستمية، ويتربصون بها الدوائر، ويفتشون عن مواطن الضعف فيها ليستغلوها في تهديمها، فإنهم لم يجدوا فرصتهم، ولم يستطيعوا الإقدام عليها لأنها تدمغهم، وتقضي على ملوكيتهم المستبدة في القيروان.

إن رضي الرعية عن أئمتها، وأمنها في بلادها، وتمتعها بخيرات الله التي يغمرهم بها، لتمسكهم بالدين. ورضاه عن الدولة لالتزامها طريقه المستقيم، وتقيدها بشريعته في كل الأمور، وإحسانها إلى الرعية والناس فأحسن الله إليها قد أورثها الطمأنينة والهناء.

إنها دولة ميمونة الناصية، يتفيئوون ظلالها، وتغمرهم بثمارها، وتملأ دنياهم بالعطر والجمال، فسكنوا إليها سكون اللاغب وجد السرير الوثير، والفراش المعطر، والجو الجميل المنعس.

وكان تمسك الدولة الرستمية بالإمامة الإسلامية، والنظام الجمهوري الصحيح، وتمسكها بالدين كل التمسك من أسباب استقرارها وسكونها وهنائها. إن الرئاسة لا تنال فيها بالغلب والقوة فيتصارع عليها الأمراء، فيتعكر جوها وينعدم استقرارها وهناؤها؛ وإمارة الدولة لا توصل بحد السيف فيسطو عليها كل من يجد الشروط. ومن أول الشروط وأوكدها وأهمها التقوى والورع، وخلو النفس من حب الرئاسة والزعامة. وإذا رأوا في شخص حبا للرئاسة، وتهافتا على الإمارة، حكموا عليه بالأنانية، بقلة الورع والتقوى، وبعدم اللياقة للرئاسة، فيطرحونه اطراح الزجاج المصدوع، والقوارير المكسورة. وإذا اشرأب احد لرئاسة الدولة، ونافس الإمام فيها، ورام اغتصابها بالسيف والقوة؟، ثار الشعب كله فدمغه وأوقفه عند حده، وحاط إمام الدولة وحفظه وكفاه شر المعتدين!

وقد بدا ليزيد بن فندين أن ينال رئاسة الدولة بالقوة، ويستولي عليها بحد السيف، فاغتنم خلو العاصمة من الإمام عبد الوهاب، فهاجمها في أنصاره ليحتلها، ويوقع الانقلاب فيها، فثارت تيهرت كلها تسندها القبائل المجاورة، فصدت هجوم ابن فندين، وقتلته، وطهرت بقاعها من أنصاره الذين رق الدين في نفوسهم فصاروا نار الزبل النتنة، تملأ الساحة بالدخان، وتعكر المكان بالنتن1.

إن أكثر ما يمنع الدولة استقرارها هو المنافسة على الرئاسة، والفقر والحاجة، والظلم، والخوف من العدو الذي يطمع فيها. وهذه العلل كلها قد خلت منها الدولة الرستمية، لتمسكها بالجمهورية الإسلامية، فلا اغتصاب لرئاستها، ولتمسكها بالدين، فلا ظلم ولا عدوان، ولا احتقار لأحد، ولا غمط لمخلوق، ولغناها وحضارتها، فهي نهر ممتلئ رقراق تظله الدوح المورقة، وتطرز هوامشه وشاطئية الخمائل النضيرة، ولبست قاعا يابسا متشققا تعشش في شقوقه العقارب والأفاعي2.

إن أسواق الدولة عامرة، وكل نواحي الدولة ومواردها على الازدهار والقوة. وتيهرت بها غانية المغرب الغنيمة تراها لما تشعر به من غناها وجمالها سكرى منتشية بالغنا والجمال، تنظر بالعين الساجية المطمئنة المعتدة نظر الحسناء بالعين الناعسة لفرط الاعتداد بحسنها، والشعور بالقوة في اصماء كل القلوب، واصطياد كل الأفئدة!

والدولة الرستمية قوية. فهي اكبر دولة حربية في المغرب. فهي آمنة من الأعداء مطمئنة، لا يداخلها الروع والحيرة من عدو يستعد للانقضاض عليها. لهذا كانت دولة الاستقرار والسكون والهدوء والهناء والسعادة، قد خلت من الانقلابات والمنافسات، وتقاتل الأمراء الذي يقع في الدولة الأغلبية، ومن سخط الشعب وتحفزه للثورة، فتصرف الدولة اغلب قواها لضبطه وإطفاء نيرانه، كما يقع في الزاب الذي كان تحت الدولة الملوكية. انه لم يقع في الدولة الرستمية من المنافسة على الرئاسة إلا ما كان من ابن فندين في ضواحي العاصمة فسرعان ما هب الشعب فقضى عليه، وما وقع من هوارة لبطرها بالغنى، ولمداخلة العناصر الأجنبية لها فأدبها الإمام فسكنت سكون الطفل إذا عض ثدي أمه فوكزته. انه يسكن فيمص ثديها في حب وامتنان كأنه يقبله!

لم يكن تمرد هوارة فتنة داخلية عامة كما نرى في الزاب الذي كان ساخطا على الدولة الأغلبية. تبتدئ الثورة شرارة في مكان ثم تنتشر في كل ناحية لسخط الشعب واستعداده للثورة على الدولة. انه بحر النفط لا تنحصر النار في ناحية فيه؛ بل كانت ثورة هوارة تمرد قبيلة لم تجد من جيرانها التأييد فانحصر العصيان فيها. وهبت نواحيها، وكل القبائل المجاورة لها إلى الإمام عبد الوهاب فانضمت إليه، فأخمدت هوارة وردتها إلى الجادة والصواب، فأسلس عنانها، ولم تجدد الثورة لأنها وجدت جو الدولة جو الرضى والسعادة والسكون لا يرضى بالثورة، وجو الروض النضير الذي خلا من هشيمة لا تسري فيه النيران!

لقد كانت ثورة هوارة وثورة الواصلية على الإمام عبد الوهاب لأسباب خارجية. فالأيدي المنافسة الخفية للدولة من الخارج هي التي أشعلت هاتين الثورتين، ثم انحصرتا في مكانهما، فلم تنتشرا إلى جيرانهما، بل كان الجيران هم الذين هبوا فاطفأوهما.

لقد كانت هاتان الثورتان على الإمام عبد الوهاب كنار تشتغل في سفينة في بحر خضم، تنحصر في مكانها، وكل ما حولها ضد لها، ومما يساعد على إطفائها!

سنبين أسباب هاتين الثورتين في باب إمامة الإمام عبد الوهاب، فترى إنها خارجية، وكذلك الفتن التي وقعت في العاصمة التي فتحت ذراعيها لكل الناس، فأرسل إليها العباسيون أفواجا من جواسيسها وطابورها الخامس فأشعل النار فيها، ووقعت الفتن التي وقعت في آخر أيام الدولة في عهد أبي بكر بن افلح، وابن أخيه أبي حاتم، وكانت فتنة محصورة في العاصمة التي يسكنها الملوكيون العباسيون الحاقدون على الدولة الجمهورية، لم تتسرب إلى الخارج، فبقيت الدولة الواسعة الأطراف هادئة ساكنة ملتفة حول إمامها. لقد كانت تشتمل على اغلب المغرب الأوسط، وعلى جنوب تونس كله إلى شمال [قفصة]، وعلى طرابلس كلها شمالها وجنوبها إلا المدينة. هذه هي أطراف الدولة ونطاقها، وكانت ساكنة أيام هذه الفتنة التي شبت في العاصمة لم تشارك فيها، بل هبت النواحي كلها فالتفت حول الإمام فأطفأ الفتنة، وطهر العاصمة، وارجع السكون والطاعة والاطمئنان لها. إن تلك الفتن أثارها العباسيون الذين آلوا أن يقضوا على الدولة الرستمية والدولة الإدريسية، فلم يستطيعوا ذلك بالقوة فعمدوا إلى الدس والفتنة، فاغتالوا إدريس الأكبر رضي الله عنه، وفسدوا على إدريس الأصغر بهلول بن عبد الواحد المضغري، وإسحاق بن محمد الأوربي وغيرهما من رؤساء القبائل البربرية ليصدعو الدولة بالفتن الداخلية، ويبلغوا مرامهم في الأدارسة فيقضوا عليهم في المغرب. وعمدوا إلى مثل ذلك في الدولة الرستمية فدسوا في عاصمتهما جواسيسهم، فأشعلوا فيها الفتن، ولكنها بقيت محصورة في العاصمة، ولم تخرج منها، ومرضت هي وحدها لوجود الجراثيم العباسية فيها، وظلت بقية الدولة على الرضى والولاء والتمسك بإمامها، واستمرت على تأييدها له. فأسرعت إليه لواتة، وهوارة، ونفوسة، ومزاتة، صنهاجة، وكل القبائل، فوقعت في صفه، فأطفأ الفتنة العباسية في العاصمة، وقضى على دسائس الملوكية المستبدة فيها.

إن تلك الفتنة التي وقعت مرتين في شيخوخة الدولة الرستمية، وفي آخر أيامها، قد وقعت في العاصمة، وأشعلها وقادها العباسيون فانحصرت فيها. إنها عين وقع فيها القذى فاحمرت ودمعت. وبقية الجسم على سلامته وصحته لم ينله الأذى!

إن بعض المؤرخين الذين تخلقت في نفوسهم عقد موروثة مزمنة بالدعاية العبيدية والملوكية التي استمرت عشرة قرون في كل براعة وحماس ضد الدولة الرستمية الجمهورية، قد حصروا نظرهم في العاصمة لما كتبوا عن فتنتها، فرأوها تنزي بالغضب الذي بشعله فيها العباسيون، وتمور بالفتنة التي بثها فيها الملوكيون الحاقدون على الجمهورية الإسلامية العادلة فقالوا: إن الدولة ساخطة على أئمتها لأنهم أجانب عنها لم ينسجموا بها، وأبو أن يستعملوا عقولهم ليدركوا أسباب تلك الفتنة، ويوسعوا نظرتهم ليعلموا إنها في العاصمة وحدها. أنهم يدخلون رءوسهم في جيوبهم، ويضيقون نظرتهم فلا تبدو لهم إلا العورات... ! !

كانت الدولة الرستمية دولة الاستقرار والهناء، ودولة الطمأنينة والسعادة. لم يقع لها من الاهتزاز إلا ما لابد به للدوحة العالية التي تبسط فروعها في الجو العالي، فذلك الاهتزاز من خارجها بالعاصفة لا من داخلها!

ومن النتائج الحسنة لاستقرار الدولة الرستمية، ودلائل هدوئها ورضاها، وحبها لائمتها أن أئمة الدولة ورؤساءها ظلوا كلهم في عرش الإمام، ورئاسة الدولة إلى أن أدركهم اجلهم، لم يثر عليهم ثائر، ولا نافسهم منافس على طول أيامهم في الرئاسة؛ ولم يخلعهم معتد ويستلب الرئاسة منهم ويحل محلهم، وذلك لان الدولة جمهورية لا تغتصب رئاستها، والدولة راضية عن أئمتها لا يمكن لمنافس أن يخلعهم.

لقد ولى الإمام عبد بالرحمن بن رستم رئاسة الدولة منذ نشأتها في سنة 144 هـ وتوفي في سنة 171 فمدته في الرئاسة ست وعشرون سنة. وولي الإمام عبد الوهاب رئاسة الدولة في سنة. 171 ه. وتوفي في سنة 311 فمدته في رئاسة الدولة أربعون سنة. وولى الإمام افلح الإمامة بعده في سنة 211 وتوفي في سنة 240 فمدته في الإمامة تسع وثلاثون سنة. وجاء أبو اليقظان بعد أبي بكر الذي ارتكب الذنب الذي أسلفنا فاعتزل الإمامة ومات غما وحسرة وندما، ولي أبو اليقظان الإمامة في سنة 241 وتوفي سنة 281 فمدته في الإمامة أربعون سنة. وولي الإمامة بعده أبو حاتم يوسف في

سنة 281 واستمر أربع عشرة سنة إلى أن هرمت الدولة هرم الموت، ومرضت مرض الزوال، فعدا عليه أبناء أخيه فقتلوه، ثم انقرضت الدولة بعده فكان آخر إمام.

إن الدولة الرستمية أطول أجلا من الدولة الأغلبية. لقد سبقتها في النشأة بأربعين سنة كاملة. وكانت أوسع منها رقعة، وأكثر أجناسا ومذاهب واديانا. لقد فتحت أبوابها لكل الناس، وقصدها لعدلها وعلمها وحضارتها وجمال موقعها كل الطوائف والأجناس.

ومع هذا لا نجد فيها من القلاقل والفتن ولثورات بعض ما كان يرج الدولة الأغلبية ويزعزع أركانها، لسخط الشعب فيها، والتنافس الذي كان يقع بين الملكيين فيها على الرئاسة والسلطان.

كان عمر الدولة الأغلبية اثني عشر ومائة سنة. وقد وقع فيها من الثورات العارمة التي زعزعت أركانها، وخضبت صفحتها بالدماء، وعكرت صفاءها، تسع عشرة ثورة وقعت في أنحاء الدولة، اغلبها كان من الشعب الثائر لسوء سياسة الملوك والولاة.

وكان الزاب في اغلب عهوده ثائرا على الدولة الأغلبية. وكانت تخضعه بالقوة، وتخلق سكونه بالخوف، وترضخه بالجيوش الكثيرة التي ترابط في ثغوره وهي على أهبة دائمة للحرب. ومع هذا فقد ثار عليها مرارا. وأرادت الدولة الملكية أن ترضخه، فأعملت السيف في صغاره وكباره !3

قال ابن عذارى: "وفي سنة 268 كان فتك إبراهيم بن الأغلب بأهل الزاب، فقتلهم، وقتل أطفالهم، وحملوا على العجل إلى الحفر فالقوا فيها"4 والعجل جمع عجلة وهي العربة. وذلك لكثرة القتلى، وتراكم الضحايا.

وقد تولى الملك في هذه الدولة احد عشر ملكا. أما الدولة الرستمية فكان عمرها اثنين وخمسين ومائة عام. فهي تكبر الدولة الأغلبية بأربعين سنة. وتولى إمامة الدولة فيها ستة رؤساء للدولة فقط. ولم يقع فيها من الحروب الداخلية إلا سبع زوابع وقعت ست منها في العاصمة التي يبث فيها جواسيس الملوكيين العباسيين سمومهم للقضاء على الإمامة الإسلامية، وتهديم الدولة الجمهورية العادلة. وكانت بقية نواحي الدولة في هذه الزوابع ساكنة. وكانت مؤيدة للإمام. إن هذه الزوابع السبع أربع منها من صنع الملكيين جيران الدولة الرستمية كما سنبين ذلك في مواطنه. وثلاثة فقط كانت بأسباب داخلية، وهي الحسد وحب الرئاسة، أو البطر بكثرة الغنى، وطول الاستقرار والهناء، وامن العدو الخارجي. وليست سوء سيرة الإمام ولا ظلمه، ولا سخط الرعية وتبرمها كما كان في الدولة الأغلبية الملكية.

لقد قارنا هذه المقارنة لان بعض المؤرخين في الأزمنة الأخيرة قد تأثر بالكتب الملكية المتعصبة التي تصور الدولة الرستمية على غير حقيقتها، وتعمل جاهدة لتشويه صفحتها لتغير القلوب عليها، وتبعد الناس عن الإمامة الإسلامية العادلة؛ فصور الدولة الرستمية بأنها دولة عديمة الاستقرار، :وان الحرب فيها اغلب من السلم، وان الحكومة أجنبية لا ثقة لها بالأمة"5 إلى غير ذلك من الهراء الذي يدل على عدم العمق في الدراسة، وعلى عدم التحري في الحكم، وعلى التأثر بالكتب الملوكية التي يجب أن نكون على حذر ويقظة فيها في تاريخ المغرب.

إن هؤلاء المؤرخين الذين صوروا الدولة الرستمية العادلة عديمة الاستقرار، وهي كما رأينا في قلة الزوابع الداخلية، وقد وصفوا الدولة الأغلبية التي رأيت عدد ثوراتها الداخلية بالاستقرار، وقلة البلبلة فقالوا: "والحكومة الأغلبية أقوى حكومات المغرب يومئذ على حفظ الأمن، وأحسنها سياسة للرعية.

وقالوا: وقبل البربر والعرب سيادة الأغالبة فلم يلقوا اضطرابات داخلية.ولا وقعوا بين هجمات شرقية وغربية"6.

هذا هو الغلط الذي وقع فيه بعض علمائنا الكبار، ومؤرخينا المحدثين، ومن يعتد المغرب الحديث بعلمهم وسعة اطلاعهم، وغزارة علمهم. وسنجلو هذا الغلط في باب مقبل حتى لا يقع فيه أبناؤنا، فنظلم أجدادنا، ونشوه صفحة من أغر صفحات المغرب الكبير، ونقع في الغلط الفاحش الذي يأباه عصرنا الذي يتقيد بالمنطق في البحث العلمي، ويفرض العمق والنزاهة في الأحكام.

إن الدولة الأغلبية دولتنا، وهي جزء من تاريخنا الجميل. وسأبين النواحي العظيمة فيها، واكتب فيها كتابة تحليلية تبرز خصائصها الجميلة كلها، وأفرد لها من الجزء الرابع لهذا الكتاب معظمه؛ ولكن بعض المؤرخين المحدثين الذين حكموا حكما خاطئا على الدولتين، ويوقعون ناشئتنا في أخطاء تاريخية، ويقدمون إليهم معلومات غير صحيحة؛ فكان لزاما علينا أن نعقد هذه المقارنة بينهما، ونصحح ما اخطأوا فيه، ونستدرك ما فات أولئك المؤرخين المحدثين الذين نعدهم سلفنا الصالح في العلم، ومن أول من شق الطريق في المهامه المجهولة في تاريخ المغرب الكبير، فأسدوا إلينا اليد الجلي، وقدموا إلينا المنة العظمى. وسبحان من لا يخطئ ولا يزل. والعصمة والكمال لله العلي الكبير وحده!

كانت الدولة الرستمية تنعم بالاستقرار لأنها كانت متمسكة بالدين. فدستورها هو القرآن والسنة! ومن يتمسك بالدين يؤته الله كل سعادة وقوة، وكل نعيم وهناء، ويكن الله معه، فينام هانئا مطمئنا في كنف الله، ويعيش قرير العين ساكنا في حماه.

هذه هي الدولة الرستمية من حيث الاستقرار والهناء، فكيف كانت مع جيرانها:

الدولة الإدريسية، ودولة بني واسول، والدولة الأغلبية، والدولة الأموية في الأندلس. أكانت تشاكسها، وتعتدي عليها، وتبث الفتنة والبغضاء فيها، وتتربص بها الدوائر كما كان يفعل بها وبالدولة المغربية المستقلة العباسيون؟

وعل كانت ترفع السيف على المعارضين، وتغرق الساحات بدماء المنتقدين من رعيتها كما يفعل الملوك الغاشمون؟

وهل هي دولة قامت عل السيف. فغبار الجيوش الغازية للنواحي هي التي أنبتتها، وكانت السحب الممطرة التي أبرزتها، والعساكر الجرارة هي التي ضمت الأقطار والنواحي إليها كما كان في الدول الملوكية المستبدة العباسية وغيرها، أم أنها دولة قامت على العقيدة الواحدة، وتكونت بالمعاني والعوامل الروحية؟

-----------------------

1-نار الزبل لا يعلو لهيبها فهي أكثر النيران دخانا ونتنا.

2-النهر إذا جف تشقق وانتشرت فيه الأخاديد.

3-إذا قلنا الإمامة فالمراد بها رئاسة الدولة وكذلك الإمام. وسمى رئيس الدولة في الجمهورية الإسلامية إماما لأنه يؤمهم في المسجد الجامع أيضا. فهو أمامهم في الدين.

4-البيان المغرب ج 1 ص 158 ط. مكتبة صادر 1950 م

5-تاريخ الجزائر في القدم والحديث ج 1 ص 33 .

6-نفس الكتاب ص 66 ط الجزائر 1350 ه.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 359


شخصيات من العهد الرابع

شخصيات من العهد الرابع

c 7شخصيات الفترة من 1882م إلى 1912م 

الشّيخ الحاج أحمد بن داود معيز، من مليكة 
الشّيخ الحاج بابكر بن الحاج مسعود، من غرداية 
الشّيخ الحاج عبد الرّحمن بن عمر نوح، من بني يزقن 
قطب الأئمّة الشّيخ امحمّد بن الحاج يوسف طْفَيَّشْ 
الحاج صالح بن محمّد بومعقل الغرداوي 
الشّيخ الحاج محمّد بن الحاج قاسم بن الشيخ بالحاج القراري 
الحاج النّاصر بن الحاج إبراهيم الدّاغور
الشّيخ الحاج إبراهيم بن عيسى الأبريكي، من القرارة 
الشّيخ الحاج عمر بن يحي المليكي، من القرارة 
الشيخ الحاج إسماعيل بن الحاج إبراهيم زرقون  
الشّيخ الحاج عمر بن حّمو باكلّي

  

شخصيات الفترة من 1912م إلى 1947م  

امّه بنت سليمان بَابَّازْ، من غرداية   

الشّيخ الحاج صالح بن عمر لَعْلِي 

حَمُّودْ بن سليمان رمضان  

عيسى بن بالحاج الحويذق، من بني يزقن  

الحاج بن يحي الزَوَّاْي، من بني يزقن  

يحي بن قاسم باعامر، من مليكة  

الشّيخ الحاج محمّد بن باحمد الشّريف  

الشّيخ الحاج بكير بن الحاج إبراهيم العنق  

الشّيخ الحاج عمر بن الحاج مسعود  

عائشة بنت عمر نوح  

التّاجر محمّد بن بكير ابن زكري  

عبد الله بن الحاج صالح البليدي بوكامل  

الحاج سليمان بن إبراهيم باعامر  

الشّيخ إبراهيم بن بكير حفّار  

الشّيخ محمّد بن صالح الثّميني  

الشّيخ أبو إسحاق إبراهيم طْفَيَّشْ  

الشّيخ أبو اليقظان إبراهيم بن عيسى حمدي  

الشّاعر مفدي زكرياء بن سليمان الشيخ

الشّيخ إبراهيم بن بانوح مَطْيَازْ  

الفرقد سليمان بن يحي بوجناح 

شخصيات الفترة من 1947م إلى 1962م

الشّيخ حمّو بن باحمد بابا أُوموسى  

الدكتور بكير بن عيسى قضِّي   

الدكتور إبراهيم بن عبد الله تِرِشِينْ  

الشّهيد إبراهيم بالحاج حجوط  

المجاهد عمر بن عيسى الحاج أمحمّد  

الحاج إبراهيم بن الحاج بكير دَادِّي أُوعْمَر  

الشيخ صالح بن قاسم بابكر  

الشّيخ إبراهيم بن عمر بَيُّوض  

الشّيخ محمّد بن علي دبّوز  

الشّيخ يوسف بن بكير حمو أُوعْلِي  

الشّيخ عبد الرّحمن بن عمر باكلّي  

الشّيخ الحاج محمّد بن الحاج يوسف بابانو  

الشاعر صالح بن صالح الخرفي   

شهادات لأجانب

مشاهد حضارية في مزاب

Icon 09

 شهادات لأجانب

هذه بعض الشهادات والانطباعات للعديد من المستكشفين والمستشرقين والعسكريين الذين زاروا مزاب خلال القرن التاسع عشر، ودوّنوا ما شاهدوه وعايشوه بأنفسهم بهذه الربوع في مؤلفاتهم ومذكراتهم وتقاريرهم :

01 شهادة إميل ماسكراي

Icon 09

 Émile MASQUERAY

شهادة إميل ماسكراي في كتاب سير الأئمة وأخبارهم لابي زكرياء، المستشرق الذي قدم من أقصى شمال فرنسا سنة 1878م للتنقيب عن المخطوطات الإباضية وبعد معاناة طويلة وصل إلى مراده من بوابة قصر آت مليشت فبقيت صورة أزقتها النظيفة عالقة في ذهنه ولم يستطع نسيانها بالرغم من الكم الهائل من المشاهد والمدن التي مرّ بها خلال رحلته فذكرها في مقدمة كتابه بالعبارة التالية:
 
" Les ruelles de Melika sont plus propre que celles de nos village."
 
أي أن " شوارع آت مليشت أنظف من شوارع قرانا " ( و يقصد قرى فرنسا و أوروبا )-

كتاب سير الأئمة وأخبارهم لابي زكرياء

Icon 09

 

Chronique d'ABOU ZAKARIA traduite et commentée par Émile MASQUERAY 1878.
 
هو عبارة عن ترجمة وتعليق على كتاب سير الأئمة وأخبارهم لابي زكرياء يحيى بن أبي بكر الوارجلاني الذي عاش في القرن الخامس الهجري.

 

رابط تحميل كتاب Chronique_d_Abou_Zakaria.zip


02 شهادة ضابط

Icon 09

شهادة أحد الضباط الذين كانوا ضمن الكتيبة العسكرية للعقيد Durrieu عند دخولهم إلى مزاب أثناء جولتهم الاستكشافية بقرى وواحات مزاب ووارجلان و المناطق المحيطة بها سنة 1854 حيث صرح بما معناه :
"...مدن مزاب على قدر كبير من النظافة التي تشكل علامة فارقة بينها و بين القصور والمدن الأخرى التي تغلب عليها الأوساخ... هذه النظافة التي لاحظناها في مدن بني مزاب لمسناها أيضا في أثوابهم ، فلا نجد عندهم تلك البرانيس التي لم يمسسها الماء إلا يوم هطول المطر ولا تلك الخِرق المهترئة والمتسخة (....) المزابي ليس لديه إلا برنوسا واحدا لكنه أبيض، يواظب على الاغتسال و التوضؤ لذلك لا نرى على جسمه اثر تلك خطوط الأوساخ التي تظهر على أبدان ساكنة القرى الأخرى، كما لا نجد عند بني مزاب تلك الآفات المشينة التي يعيش في بؤرها الكثير من السكان و الناجمة عن كل أشكال الفساد و العلل المتولدة عن الكسل، المزابي يكدّ و يعمل؛ و لكنه يجني ثمار تعبه وهو قوي و ذو صحة جيدة..." 
 
Les villes du Mzab sont tenues avec une propreté qui forme un contraste frappant avec la saleté habituelle des Qs'our;....Cette propreté qu'on remarque dans les villes, des Beni-Mzab l'observent aussi dans leurs vêtements: chez eux, point de ces bernous qui n'ont été mis en rapport avec l'eau que les jours de pluie, point de ces loques éraillées et crasseuses (....) Le Mzabi n'a qu'un bernous, mais il est blanc il pratique les ablutions, car on ne voit pas sur son corps ces marques impures qui zèbrent les membres du qsourien. Aussi, chez les Beni-Mzab, point de ces hideuses maladies qui sont le lot des populations vivant au milieu de toute les corruptions et de tous les vices qu'enfante l'oisiveté, Le Mzabi travaille; mais sa peine est compensée : il est fort et bien portant..."(1) 

رابط تحميل كتاب

 Les Français dans le désert Corneille Trumelet pdf

----------------------------------------
(01) Les Français dans le désert / C. TRUMELET.1863 

 شهادة الدكتور جوزيف هوجت

Icon 09

Joseph HUGUE

الطبيب العسكري الدكتور Joseph HUGUET الذي قدم إلى مزاب في مهمة كُلف بها من الحكومة الفرنسية سنة 1897 و مكث فيها 19 شهرا طاف خلالها على كافة قصورها السبعة ، أعد تقريرا مفصلا حول ظروف المعيشة و الوضع الصحــــــي بمزاب و نشره في مقال بدورية سنة 1903 تحت عنوان " الشروط العامة للحيـــــــاة بمزاب. التطبيب و الممارسات الطبية للأهالي " (1) تضمن معلومات دقيقة وهامة جدا نذكر منها ما يلي :

... Il est un fait qui frappe tout particulièrement le voyageur arrivé nouvellement au Mzab, c’est la propreté méticuleuse des rues et des places de chaque ville . … Pas le moindre débris animal ou végétal ne vient souiller les rues, qui sont chaque jour balayées avec le plus grand soin. L’hygiène traditionnelle adonné au Mzab les heureux résultats

Les Mzabites se mettent à la fois en règle avec leur religion et avec l’autorité administrative …. .

"...هناك واقع يثير الدهشة و يشد انتباه أي زائر حديث لمزاب على وجه الخصوص وهو النظافة الفائقة لشوارع و ساحات كل مدينة من مدنها.....لا يوجد أدنى أثر لفضلات حيوانات أو بقايا نباتات قد تسبب في تلطيخ شوارعها التي تُكنس كل يوم بعناية متناهيـــــ . النظافة التقليدية بمزاب أفضت إلى نتائج مرضية.....المزابيون يلتزمون بتعاليم دينهم و بالسلطة الإدارية في آن واحد..."

. …Ce n’est pas seulement cette propreté méticuleuse qui donne aux Ksour du Mzab un cachet tout particulier ; le voyageur est frappé aussi de l’absence totale de chiens. Je me souviens que dans ses leçons sur la rage, à l’institut Pasteur, M. le Docteur Roux nous disait : « Si en France, la surveillance des rues était, au point de vue des chiens, aussi rigoureuse qu’en Allemagne ce serait bien ; s’il n’y avait plus de chiens, ce serait mieux encore, car la rage ne sévirait plus et l’on n’aurait plus à soigner ses nombreuses victimes » Il n’est pas de jour ou, au Mzab, je n’aie eu l’occasion de constater combien notre savant maître de l’Institut Pasteur, disait vrai et combien la réalisation d’un état de chose, si profitable aux habitants des Ksour du Mzab. … .

"...ليست فقط تلك النظافة الفائقة ما يميّز قصور مزاب ويمنحها طابعا خاصا ، بـــــــل الوافد إليها أيضا يُذهل لخلوها من الكلاب ، أتذكر في دروسه حول داء الكلب بمعهــــــد باستور كان الدكتور Roux يقول لنا " إذا كانت في فرنسا مراقبة الكلاب بشوارعهـــــا صارمة مثلما هو الحال بألمانيا سيكون ذلك جيدا أما إذا لم تكن فيها كلاب أصلا فسيكون الأمر أفضل ، لأنه في هذه الحالة لن ينتشر داء الكلب و لن نضطر لعلاج ضحايــــــاه الكثيرين". فلم يمر عليّ يوم في مزاب دون أن تكون لدي فرصة التأكد كم كان عالمنا الأستاذ بمعهد باستور يقول الصواب وكم هو تجسيد ذلك ميدانيا مفيد لسكان قصـــــــور مزاب...."

. …Ce n’est pas tout ce que nous avons à dire sur l’hygiène telle qu’elle est pratiquée au Mzab. Il n’est pas de rue ou l’on ne trouve des cabinets d’aisances publics tenus dans le plus grand état de propreté. Chacun de ces endroits spéciaux est pourvu d’une fosse fixe dont la vidange est faite fréquemment. Le souci de la propreté est, même dans les cabinets d’aisances publiques. Poussé à un tel degré que les Mzabites les munissent de ce qui en France serait appelé papier hygiénique ; au Mzab ce sont de grosses boulettes ovoïdes en argile durcie .Non seulement les villes mais aussi les jardins de l’oasis possèdent des cabinets d’aisances à l’usage de tous...

-----------------------------

(1) Les conditions générales de la vie au Mzab. La médecine et les pratiques médicales indigènes / Joseph HUGUET./ Bulletins et Mémoires de la Société d'Anthropologie de Paris. article 1903

 تيشلاتين

Icon 09

Ticellatin ⵜⵉⵛⴻⵍⵍⴰⵜⵉⵏ

".. ليس هذا فحسب كل ما يمكن قوله حول النظافة الصحية المنتهجة بمزاب .إذ لا يوجد شارع لا توجد فيه مراحيض عمومية في غاية النظافة . و كل مكان من هذه الأماكن الخاصة تتوفر على حفرة ثابتة يتم تفريغها بصفة متكررة. و الحرص على النظافة حتى في داخل المراحيض العمومية دفع بالمزابيين إلى درجة تزويدها بما قد يسمى في فرنسا بالورق الصحي وفي مزاب هي عبارة عن كريات كبيرة بيضاوية الشكل من الطين الصلب . ولا تقتصر المراحيض العمومية على المدن فقط بل تنتشر أيضا في حدائق الواحة وبإمكان الجميع استعمالها...." .

المضحك المبكي في هذه النقطة بالذات أنه إلى غاية سنة 2018 لم تتمكن جل المدن الجزائرية المتحضرة ومرافقها العمومية أن تتجاوز مشكلة المراحيض العمومية ، فهي في الغالب منعدمة و إذا توفرت !!! فلا داعي للتحدث عن حالتها. و بدون خجل نقول أن التمدن و التحضر يبدأ من المراحيض و الجهلاء لا يهتمون ببيوت الخلاء.

شهادات المستكشفون الفرنسيون

Icon 09

هذه شهادات بعض الوافدين إلى مزاب حول ما عايشوه وشاهدوه بأم أعينهم في قصورها هذه المرة من أغرم ن إقرارن، أين وصل إليها في بداية شهر ماي من عام 1861م فريق من المستكشفين الفرنسيين في رحلة بحث واستكشاف جيولوجي شملت أيضا مزاب و وارجلان والمناطق السهبية لتحديد مواقع المياه الجوفية، فخيموا أمام أحد مداخل المدينة في الجهة الغربية وتجولوا في أرجائها وهذا من بين ما رواه أحد مهندسي الوفد حول ما شاهده بقصر القرارة :

« La nuit, les rues sont éclairées par de petites lampes à huile que les propriétaires des maisons placent dans des niches percées dans les murs ; cela dénote, chez les Mozabites, un certain amour du confortable, qui est prouvé du reste par la propreté de leurs maisons. Les Mozabites sont des gens fort intelligents, fort actifs, et qui s’occupent de commerce, d’agriculture et de travaux hydrauliques avec une très grande habileté… »(1)

" في الليل، الشوارع تضاء بقناديل زيت صغيرة يضعها أصحاب المنازل في كوات على شكل ثقوب في الجدران؛ وهذا يدل على ولع المزابيين بقدر معين من الرفاهية وقد ثبت ذلك من خلال نظافة منازلهم. المزابيون هم أناس أذكياء جدا وناشطون جدا ، يمارسون التجارة والفلاحة وأشغال الري بمهارة كبيرة جدا..."المزابيون أناس أقاموا نظام إنارة عمومية قبل أن يتوهج مصباح إيديسون بقرون وحبسوه على أنفسهم كوقف ينيرون به دروب و أزقة ومساجد قراهم؛ ومازالت عادة إنارن ن المولود التي حافظ عليها أبناء آت إزجن شاهدة على ذلك أين يتم نقل وجمع زيت المصابيح بالمسجد في مراسيم احتفالية فريدة.لم يكتف ذلك المهندس بهذا الإنطباع فقط بل أضاف وقال :
 

« Les Mozabites étant des hommes énergiques, laborieux, sobres, intelligents, et bien supérieurs, sous tous les rapports, aux nomades qui les entourent , nous pensons qu’après la description géologique du sol ingrat qu’ils ont vaincu par leurs rudes travaux… »(4)"

 
إن المزابيين رجال حيويون ، مجدون ، رصينون ، أذكياء و متفوقون كثيرا من كل النواحي على البدو الذين يحيطون بهم ، ونعتقد بعد الوصف الجيولوجي للتربة الفقيرة والغير معطاءة أنهم تغلبوا عليها بفضل أعمالهم الشاقة..."

------------------------------

(1)  Exploration géologique du Beni Mzab, du Sahara et de la région des steppes de la province d’Alger / M. VILLE ingénieur en chef des mines . 1867 

المصدر Bakir Bennacer

كلود موريس روبير

Icon 09

Claude Maurice ROBERT

كلود موريس روبير شاعر وكاتب فرنسي رحالة أمضى فترة طويلة من حياته متجولا ومتنقلا بين مختلف مناطق شمال إفريقيا خاصة في صحاريها، كتب مقالا عن مزاب بعد وصوله إليها من إحدى رحلاته التي استغرقت عدة أشهر في أقاصي الصحراء في ثلاثينيات القرن الماضي؛ فكان مقاله الذي طغى عليه الأسلوب الأدبي متفاعلا ومعبرا عن حالته الشعورية من الموقف آنذاك، يمكن أن نلمس ذلك من بعض فقراته التالية وقد حاولت الإحاطة بمعانيها بشكل تقريبي من خلال الترجمة التي تليه :

« Le Mzab! j'en rêvais à Alger dans les rues Randon et de la Lyre, qui sont le fief, là-bas des émigrés d'ici; j'en rêvais à Constantine; j'en rêvais à Tunis; j'en rêvais depuis dix ans. J'aspirais connaitre cette mystérieuse Chebka. Dans les filets de laquelle, avais-je lu et me disais-on, rebelle à toute influence moderniste du dehors, Se terrent les fanatiques tenants de la doctrine Ibadite.....
M'y! Voici, je regarde et je bée émerveillement. Une fois de plus je constate combien est fausse et injuste l'opinion si répandue " qu'une oasis ressemble à toutes les oasis "
Le Mzab est différent de tous ce qu'on n'a vu. Ce n'est pas le Djerid, ce n'est pas le Souf; ce n'est pas le Gourara ce n'est pas l'Aurès. Afrique aux cents visages. 
La première impression pour qui arrive en droite ligne de la frontière Soudanaise, du Hoggar et du Touat, où la vie est si lente qu'on peut la croire moribonde. C'est que le Mzab est un pôle rayonnant d'énergie vivante, dont les ondes nous soulèvent, nous roulent et nous exaltent ici, on vit. Ici le sang circule et bat dans les artères. Ici l'on est des hommes et non plus des momies. Ah! Que nous voici loin des léthargies Touarègues ! Le dépaysement si grand, si brusque qu'on doute d'être lucide; on croit rêver, on est halluciné, c'est un mirage encore...
Tant de boutiques, et si pleins d'objets brillants, lorsque durant des mois on a manqué de tout....
Toutes les images qui illustrèrent notre histoire sainte enfantine, tout ce qu'on a lu dans Virgile, dans Théocrite et Odyssée, tout cela est là, visages, costumes, attitudes, hommes et bêtes miraculeusement préservés pour la joie de nos yeux et étonnement de notre esprit »(1)
 
[مزاب حلمـــــــت بها بالجزائر العاصمة في شوارع "روندون" و " لا لير"معقلهم هناك ومهجرهم هنا، حلمت بها في قسنطينة، حلمت بها في تونس، حلمت بها منذ عشر سنين. كنت أتتوق لمعرفة هذه الشبكة الغامضة التي قرأت عنها وقيل لي أنها متمردة عن أي تأثير حداثي خارجي، تحصّن وتموقع فيها متعصبون من أتباع المذهب الإباضي.....

ها أنا ذا فيها أشاهدها وأنا مشدوه ومنبهر. مرة أخرى أكتشف كم كان خاطئا وغير عادل الإعتقاد السائد بأنها "واحة تشبه جميع الواحات"

إن مزاب تختلف عن كل ما رأيناه من قبل، ليست ببلاد الجريد وليست بسوف؛ ليست بقورارة وليست بالأوراس. إفريقيا ذات مئة وجه.

إن الإنطباع الأول لكل قادم إليها مباشرة من حدود بلاد السودان، الهقار وتوات حيث الحياة بطيئة جدا إلى حد الإعتقاد أنها تحتضر، أن مزاب هو قطب يشع بطاقة حية، موجاته ترفعنا - ترفع من هممنا- و تدفعنا وتحمسنا. هنا نحيا هنا، الدم يسري و ينبض في الشرايين. هنا نحن رجال ولسنا مومياوات. آه ها نحن هنا بعيدون عن خمول التوارق. الأجواء و المشاهد مغايرة تماما ومفاجئة جدا إلى درجة أن ساورنا الشك أننا أيقاظ وظننا أننا نحلم أو نهذي و أنه سراب مرة أخرى....

محلات تجارية كثيرة تعج بالسلع الرائعة، بعد أن كنا افتقدنا كل شيء لعدة أشهر...

كل الصور التي إرتسمت في تاريخنا الطفولي الطاهر، كل ما قرأناه حول Odyséeو Théocrite Virgileكل هذا حاضر هنا، وجوه، أزياء، مظاهر، رجال و دواب محضية بشكل عجيب لتصنع البهجة لنا و تبث في روحنا الدهشة".]

شهادات متنوعة لشخصيات متعددة وفي أزمنة مختلفة تصب معظمها في إتجاه واحدة وتتفق جلها مع ما سلف ذكره وبكل تأكيد هناك العشرات منها التي أجهلها؛ ليس الغرض من عرض مثل هذه الإنطباعات الإيجابية التباهي بها والإفتخار وإنما لاستخلاص الدروس والإعتبار، هي موجهة إلينا بالأساس لنستشعر منها مدى التيهان الذي نحن فيه الآن ونتخذها كبوصلة نضبط بها الإتجاه الصحيح لمسارنا لأننا فقدنا الكثير من تلك المقومات .. وحتى لا نسقط في فخ البكاء على الأطلال والمثاليات والمبالغات وأفلاطونيات الجمهورية الفاضلة، فإن اسلافنا لم يكونوا ملائكة بل كانوا بشرا ولم يخلو مشوارهم من النكاسات والنزاعات والأزمات بل كانوا يصيبون ويخطئون ويُوفّقون ويخفقون ولكنهم كانوا يحاولون في كل مرة تقويم أخطائهم وتجاوزها والتعلم منها وفي كل الحالات كانوا يحافظون على تلك القيم الفاضلة التي إرتقوا بها إلى سلوك وفعل جماعي وممارسة يومية جسّدوها في عمرانهم ونشاطاتهم الإقتصادية وذلك هو جوهر التمدن والتحضر.

-------------------------------------------------------------------------------

(1) - L'Afrique du nord illustrée : journal hebdomadaire/ Claude Maurice ROBERT - 1936
 
المصدر:Bakir Bennacer

طائر الصرد ڤاوژرّين

Icon 08

ⴳⴰⵡⵥⴻⵔⵔⵉⵏ

ڤاوژرّين هو طائر الصرد أو الدقناش اسمه العلمي

(Lanius ludovicianus)

هو من سلالة "الجزّار" ومنه الصرد الرمادي الذي يعيش في بلاد الشبكة ويسمي الدقناش الأكحل هو أحد اصغر وأعجب أنواع الطيور الجارحة ويتميز بمنقاره المعقوف القصير، الذي يشبه منقار الصقر، وهو طائر قوي رغم صغر حجمه.

الصرد أحد انواع الجوارح الصغيرة هو صياد أكثر من ماهر ويتميّز بسلوك دموي أشرس من الصّقور لذلك يُطلق على هذه السلالة إسم "الجزّار" و من الظواهر المثيرة للدهشة يحمل ضحاياه إلى أحدى أشواك الشجر فتعليق فرائسه الحية عليها!

فهو قبل ان ينقض علي فرائسة يعمد الي الطيران البطئ المتموج، حيث يكون في طيرانه قريبا من سطح الأرض وقد يقوم بالطيران والهبوط عدة مرات على فريسته وينقرها بقوة حتى تخور قواها، ويستخدم منقاره الشّبيه بالخطّاف لمهاجم ويشرع بتقطيعها وأكلها في الحال، أو يحملها حية إلى أعلي شجرة حيث يمزقها و يأكلها.

هو طائر نهم يعتمد في غذائه علي مائدة منوعه منها الزواحف كالثعابين الصغيرة و العقارب و البرمائيات كالضفادع و الطيور الصغيرة و الحشرات مثل الجراد، أسد النمل، الصراصير، البق، الفراشات، الذباب، الخنافس و اليرقات، و الفئران و غيرها و أحيانا يقتات الصرد على الجيف، كما أنه شوهد و هو يلتقط القراد من ظهر الجمال و تلك من عجائبه.

 

طائر الصرد في السنة المشرفة

لقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله و سلم أنه نهى عن قتل أربع من الدوابمن بينها الصرد لأنه يلعب دوراً هاماً في توازن البيئة لان غالب غذائه هي الحشرات الضارة ويرقاتها!

 

أمثال وحكم مزابيةعن ڤـَوْژَرِّين

يتميز ڤـَوْژَرِّين بالنظر الثاقب فمن الأمثال الشعبية عند آت مژاب عندما يحدق شخص بآخر بعينيه بنظرات حادة يقال له  بالمزابية

" أد تينيم د تيطاوين ن ڤـَوْژَرِّين "

عادة تنوبا ⵜⵏⵓⴱⴰ

Icon 09

ففي كل دار من بني مزاب تقريبا وقف، حسب صغرها و كبرها من ستة أمداد إلى خمسة عشر مدا، من بر يصنع طعاما يلثث بالسمن على مقادير معينة حسب الأمداد بمكاييل خاصة تصنع من فخار، تسمى " نقاصة ".

وتختلف مقاديرها باختلاف القصور وادي مزاب من 2 كلغ إلى 900 غ ،ومقدار الأمداد لحمات وهي مقادير من لحم تقسم عليها الشاة 300 غ تقديرا ،وهي معلقة بالأملاك تنفد في مقابر معينة ،حسب ما نص عليها الواقف،و الغالب يوقفها في المقبرة التي يدفن فيها .

كما أن هذه الأوقاف هي رغبة كل موصي إذ كان عنده من الأملاك ما يمكن أن يعلقها فيه رجاء حفظها عملا بقوله (ص)" ينقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية " رواه الجماعة.

وحسب نشأتها كان في زمن" الشيخ عيسى أو عيسى المليكي " من القرن 5 الهجري و ذلك أن بعض الفلاحين نظرا لما كانت تصيب محاصيلهم من آفات طبيعية، ارتأى أن يتصدق بمقدار منها رجاء أن الله تعالى يحفظها، فجمع بعض القراء فصنع لهم طعاما أكلوه بعد تلاوة ما تيسر من القرآن و الدعاء لحفظ الله ثمارهم من الهلاك .

فأصبحت عادة حميدة منذ ذلك الحقبة التاريخية إلى يوم الناس هذا ,وما روعي في تنفيذ

هذه الأوقاف ، أنها تنفد في الشتاء كما أن الجائع أشد إحساسا بالجوع و نظرا الشتاء

مظنة التعطيل عن العمل، فيجد الفقير في كل جمعة طعاما طيبا لا يتيسر له في بيته ،ربما يكفيه للأسبوع حيث أن الأوقاف كثيرة ،و الطعام مصنوع بكيفية يمكن حفظه للأيام و لا يفسد .

فقد أعطت تمارها قديما ،حيث أن أهل ميزاب لم يكونوا يعرفون حياة الرفاهية ،و لا السفر إلى التلول ، لجلب الخيرات فهم في ضعف ،يجعلهم يغتبطون بذلك فيشجعون أبنائهم على حفظ القرآن .

 

 

عالم مزاب المسحور

مزاب  منذ 31 سنة عالم مزاب المسحور

مجلة العربي رحلة إلى الصحراء الجزائرية

Icon 09

عندما تعثر فجأة على قطعة من التاريخ الحى ,لا تملك سوى ان تحتفي بها وتتأملها وخاصة اذا كانت مثل مدن وأدى مزاب في قلب الصحراء الجزائرية ,عندما ترى نظاما اجتماعيا دقيقا , وتشاهد الاهالى بلحاهم الطويلة , وتقاليدهم وعاداتهم السائدة , وترى طراز عمارتهم وتخطيط مدنهم , فكأنك تطل على القرن الخامس الهجرى ..

وما اشد ما تغرى على التجوال والبحث والتقصي....

قادني إلى هذه الجولة كلمات قرأتها للكاتب الفرنسي شار جوليان في كتابه حول شمال افريقيا ..

تقول ..((اعترض الحكم العربي في المغرب تحد من خلال الإسلام , عندما انحاز البربر في القرنين الثامن والتاسع إلى شقاق يهدف إلى المساواة , ويدعوا إلى اختيار الخليفة من جموع المسلمين بصرف النظر عن اى ميزة عرقية , ودامت الثورة ما يزيد عن قرنين , ولم يتم التغلب عليها سوى بعد عام 375هـ , عندما تشتت البقية الباقية منهم في صحراء الجزائر وتونس بعد انهيار مملكة تاهرت سنة 909م.

وبقى اليوم احفادهم يعيشون جماعات منكمشة مغلقة في جزيرة جربة وفى ورقلة وخاصة في مزاب التى تقوم فيها مدن غاردايه ومليكة وبنى يزقن الطاهرة ذات الصوامع العارية من كل زخرف )).

وكانت هذه الكلمات بداية رحلة ذهنية بيت الكتب قادت إلى جولة وادي مزاب , تبينت خلالها مدى اقتراب كلمات الكاتب الفرنساوى من الحقيقة ,وقمت برحلة شيقة مليئة بالفن والسحر والتاريخ , شاهدت خلالها عالما بأكمله من التاريخ الحي .

لم يكن الوصول ال وادى مزاب سهلا , بل يشبه سباق تخطى الحواجز , وانتهت متاعبنا لدى وصولناإلى مطار غاردايه الذي يبعد عن العاصمة نحو 600كيلو متر في قلب الصحراء , وفى الطريق من المطار إلى البلد ومنذ الخطوات الاولى من رحلتنا , اخذنا بالمكان وما يحمله من اءيحات جمالية وتاريخية .

يمتد امامك وادى,, مزاب وترى صورة بانورامية للوادى ومدنه القائمة فوق التلال يحيط بها اللون الاخضر لاشجار النخيل في خلفية المكان على امتداد الوادى , تظهر بوضوح ثلاث مدن فوق ثلاث تلال , اقيمت بنظام دقيق ,في اعلى قمة التل يقوم الجامع بصومعته المربعة ذات الطراز الخاص – اى المنارة كما يطلق عليها في المغرب العربي -, وهى على نفس اقدم المساجد التى بقيت على حالها في الجزيرة العربية , وهو مسجد سيدنا عمر في منطقة الجوف , تتحلق حول الجامع بيوت الاهالى ,كل حلقة بارتفاع واحد وطراز معمارى خاص , والعمارة هنا اكثر ماتكون شبها بعمارة شيئام وسيئون في حضر موت باليمن الديمقراطية , ويغلب على المدينة المزابية اللونان الازرق والابيض , وعندما تصل المدينة إلى نهاية التل يحيطها سور من حوله الأبراج على مسافات متساوية .

وامام هذا المشهد أتذكر فجأة آلة الزمن تلك الحيلة التي أخذها خيال السينمائيين , والتي تعود بالمشاهد إلى اى مرحلة من مراحل التاريخ تنقل أحداثه ومشاهده , ولا يفوتها طراز المباني ولا نوع الازياء ومظاهر الحياة وطعمها الخاص , فهنا يمكن الاستغناء عنها جميعا عندما تشاهد التاريخ مجسدا أمامك بكل تفاصيله.

وقد ساهم في إقامة هذا الوادي ومدنه كل من العقيدة والبيئة والتاريخ... ففي هذا المكان البعيد عن العمران , والذي يقع بين جبال جرداء صخرية , تكونت على مر الأيام هذه المدن في بطء وصبر , وهى تبدوا من بعيد وكأنها خلية نحل في التنسيق والنظام والدقة .

ويبعد هذا الوادى عن المعمور حوالى 300كيلو متر – اى عن الاغواط اقرب المدن اليه - , ويقطنه 100000الف نسمة , وساهمت عزلته هذه في تكوين طابعه الخاص , فالوديان في الصحراء مثل الجزر في البحار كثيرا ما تضم وتحافظ على بقايا التاريخ الحى ,وساهمت حالة التوجس والخوف التى عاشها هذا المجتمع في الايغال بالتمسك بالماضى , مما امده بهذه الطاقة التاريخية على الدوام والاستمرار , وشحذ الذاكرة التاريخية لاهل مزاب وجعلها حادة واضحة....

جاءت إقامتنا في غرداية في فندق يطلق عليه اسم(( الرستميون)) , أقيم على الطراز العربي وصممه احد المعماريين الفرنسيين مكان قلعة فرنسية قديمة كانت تحتل موقعا استراتيجيا , وتشرف على غاردايه, عاصمة المزاب , واكثر مدنه تقبلا للتغيير , وبقدر ما فتحت غاردايه ابوابها للغرباء , بقيت المدن المزابية الأخرى موصدة الأبواب , وكأن غادايه قد اختارت أن تدفع الضريبة عنهم , فاتسعت وتمددت خارج الاسوار , وهدت محلات حديثة وبنوكا ومكاتب حكومية وفناددق , وبها مقر حزب جبهة التحرير ( الحزب الحاكم ) , ويسكنها رجال الادارة والعاملون في كل المشاريع الجديدة ..

يزدحم الفندق بالسياح , واغلبهم من الفرنسيين , يتوقفون في غاردايه اهم محطاتهم في الطريق الذي يصل من العاصمة إلى تمنراست بلد جبال الحجار ( الهوكار ) والطوارق (2000كيلو متر ) , عندما يسلكون الطريق الوطنى رقم 1, او طريق الوحدة الافريقية – اهم مشاريع الجزائر والذى بداء عام 73 وينتظر ان يكتمل خلال عام واحد – وهو يحول الصحراء من نقطة فصل إلى نقطة اتصال مع الدول الافريقية جنوب الصحراء .

وما زالت الصحراء الجزائرية اهم التحديات التى واجهت الجزائر , فاستهدف المستعمر الفرنسى فصل الصحراء التى تبلغ مساحتها اربعة ملايين ونصف مليون كيلو متر مربع والتى يسكنها عدد قليل من السكان المبعثرين في واحات متباعدة , وخضعت الصحراء لادارة الجيش الفرنسى مباشرة , وجعل لها وضعا قانونيا خاصا , بل واجرت فرنسا تجاربها النووية فيها , اما منطقة الساحل إلى تمثل عشر مساحة الجزائر فقد سكنها المستوطنون الفرنسيون ( الكولون ) واستأثرت بكل المشاريع الفرنسية .

وكان الطريق الذي يقطع الصحراء هو الرد الوطنى على فصل الصحراء , ويصل هذا الطريق إلى كل من النيجر ومالى على شكل حرف (y) مقلوبة , ويعيد طريق القوافل القديم إلى ((تمبكتو )) ويساهم من جديد في نقل البضائع والأفكار , ويقدم لكل من النيجر ومالى طريقا إلى البحار المفتوحة وخاصة انه ليس لاى منهما مرافىء.

وبالفعل ساهم ما انجز من الطريق في إقامة العديد من المشاريع الصناعية الهامة , كما وضعت الخطط لتوطين البدو وقيام حياة جديدة في الصحراء .

يتحدث السياح في الفندق بشاعرية عن الصحراء , قال رجل فرنسي في خريف العمر : ((تبحث عن الصحراء عما في داخلك , فهي لا تكشف أسرارها لكل من يرتادها , بل ولا كنوزها ولا أعاجيبها )).

وقالت فتاة رشيقة تصحبه ..(( ما أجمل ليل الصحراء , فالسماء والقمر والنجوم لها طابع وميزة لا تراها على هذه الصورة في اى مكان من العالم )).

وعاد الرجل يصف لحظة وصوله إلى الوادى قائلا : (( فجأة تظهر الواحة بلونها الأخضر مع خيوط أشعة الشمس الذهبية , وكلما اقتربنا وظهرت تفاصيل اكثر , رأينا المدن المزابية وكأنها مدن تاريخية مسحورة في احدى روايات الف ليلة وليلة )), ويستطرد قائلا (( ان الرحلة التي تقطعها السيارة تستغرق أسبوعين من العاصمة حتى تامنراست تمثل خلالها الواحة لحظة الوصول إلى الحياة , والاتصال بالعالم الخارجي وهى في هذا تشبه مكاتب التلغراف التي تصلك بالعالم في فضاء لانهائي )).

الرستميون

اسم الفندق وموقعه له ايحاء خاص , فاسمه زء من التاريخ الحى , ومن هذا الفندق نطل على التاريخ , فهو يحمل اسم حكام دولة بنى رستم الاباضية , والتى تشكل قصة قيامها وانهيارها في وجدان ابناء الوادى الحلم الضائع والجنة المفقودة .‍‍‍‍

وتكشف صفحات التاريخ الكثير مما يجرى حولنا فالوادى وسكانه من بقايا الدولة الرستمية التى قامت في الماضى , وما زال اهل الوادى متمسكون بكل ما تمثله دولتهم القديمة , وقد استمرت هذه الدولة حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجرى , وكانت(( تاهرت)) هى عاصمة الدولة ,وامتدت لتشمل المناطق الداخلية , وحدودها الاراضى الوعرة والصحراء الشاسعة , ووصلت حتى مشارف طرابلس الغرب.

والآن حان الوقت لنكمل جولتنا في المدن المزابية – وهى في الواقع قرى اكثر منها مدنا - , يشدنى العمل الشاق الذي بذل وما يحمله الوادى من لمسات الفن والجمال , ففى هذا الركن المفقود من الصحراء تتوزع مدن مزاب الخمس وهى غارداليه ( غار- دايه ) ومليكه( اسم ابنة احد الحكام ) والعطوف وبنى يزقن وبونوة في دائرة لا يزيد نصف قطرها عن سبعة اميال فوق خمس تلال , (( وهذه المدن نشأت في فترات زمنية متتالية , وعندما اكتملت وضاق الوادى بسكانه , اقيمت المدينتان هما القرارة وبريان , تبعد الاولى عن غاردايه مائة كيلو متر والثانية 48 كيلو متر , وتضاف اليهما متليلى وهى مدينة مشتركة يتعايش داخلها في انسجام كامل كل من ابناء المذهب المالكى وامذهب الاباضى ..

تشاهد امامك قرى بعمارتها وازقتها واسوارها وابراجها وعادات اهلها وتقاليدهم ولباسهم المميز – العمة والسروال – ولحاهم الطويلة وكأنهم استمروا هكذا لم يتغيروا منذ ما يقارب التسعمائة عام ويخيل اليك انك ترى ذات البشر القدماء..

محو الامية

ولا يخرجك من التاريخ سوى احد الملتحين بسرواله التقليدى يمرق من جانبك بدراجته البخارية ثم بعض السيارات الحديثة التى تقف عند الاسوار , والطرق المرصوفة التى تنقلك من مدينة إلى اخرى ,فما اصعب مقاومة رياح التغيير والحاح العصرية ..

في هذا المجتمع يزاد كبار السن بلحاهم الطويلة البيضاء , وتكاد تختفى المرأة من ازقته , مجتمع لا تجد فيه اميا واحدا , بل ويندر ان تجد فيه من لا يتحدث العربية بطلاقة إلى جانب اللغة البربرية المحلية , ولديه نظامه الخاص في التكافل الاجتماعى , ونظامه في حل الخلافات التى تظهر بين افراده , مجتمع يأخذ نفسه بالشدة ويتمسك بتعاليم الدين الحنيف .

وساهم الماضى في تمسك افراد هذا المجتمع يكل ما فروا من اجله إلى هذه المنطقة النائية ,مما يؤكد ان الاضطهاد والملاحقة لا يقضيان ابدا على الفكرة بل يساهمان في الحفاظ عليها والتمسك بها .

ومع بداية جولتى حذرنى صاحبي بقوله ( ان العديد من معتقداتهم تعتبر من خصوصياتهم التى لا يرحبون بالكشف عنها , ولا يرحبون بالغرباء كثيرا , وعندما توجه سؤالا لاحدهم لا تتلقى الاجابة الا بعد استشارة شيخهم...)), وعندما التقيت بعدد منهم وجدت الكس تماما , ولقيت منهم الحفاوة والترحيب , والرد على جميع استفساراتي , فالفارق لديهم كبير بين الأجنبي والعربي , بل لاحظت ان الكثيرين منهم يتابعون بشغف إحداث المشرق العربي , ويناقشون قضياه باهتمام بالغ .

وأكثر ما جذب اهتمامي بعد البشر ونظمهم معالم العمارة التي يؤكد الخبراء ان وأدى مزاب يضم المجموعة الاسلامية الهندسية الرئيسية في الصحراء , وأقدمها جميعا . وهى تتميز بدقة وجمال لا في المسكن فحسب بل وفى اعمال الرى والدفاع أيضا , واول ما يلفت النظر التناغم والانسجام بين التل والمبانى من فوقه , فهنا العمارة عمل أصيل وانعكاس تلقائي للبيئة والفكر والاجتماعي والتقاليد والوضع الاقتصادي .

قادنى صاحبي إلى جامع سيدى ابراهيم على مشارف بلدة العطوف اقدم المدن الزابية والتى تبعد عن غاردايه سبعة كيلو مترات وهو اول مسجد اقيم في مزاب إلى مكان اثرى , يبدوا شكل الجامع وكأن المعمارى الذي اقامه كان يطوع الحجر ويلاينه ويخرج منه هذا العمل الفنى الذي جمع بين الابداع والبساطة , فالمبنى على نفس شكل الحجر , ويتسق مع البيئة من حوله .

والجامع لديهم ليس مكان للعبادة فحسب بل ومركزا للحياة , يأخذ هذا الجامع بفكرة القبلة المفتوحة والتى تتجه إلى الفضاء الواسع , ولديهم تقليد فريد بالا يقوم في المدينة سوى جامع واحد , يتسع مع اتساع المدينة , فلا يقام سواه فوحدة الجامع تعنى وحدة المجتمع والعقيدة .

ويؤكد مرافقى مسؤلول الاثار في مزاب الفنان عبد الحميد عرعور : (( ان عددا كبيرا من المعماريين الفرنسيين يجدون هنا الكثير الذي يتعلمونه من هذا الجمال المعمارى المتكامل , وهذا الانسجام بين الوظيفة والشكل )).

ويقف وراء كل هذا الفن ذلك الإنسان الذي عمل بيديه المجردتين في صراعه الطويل مع البيئة ومواد البناء , لكي يتمخض من هذا الصراع ذلك الجمال المعماري القائم , ويأتي جمال الشكل من التوافق والتوازن الذي يعبر عن الوحدة والمساواة في ظل الأيمان , وترى هنا كيف تمثل الزخرفة الفطرية القديمة جمالا باقيا , لم تصل إليه بعد التشكيلية المصطنعة الحديثة .

احد بيوت مزاب

من الصعب ان تدخل احد البيوت المزابية بلا سابق معرفة , بل ومن العسير ان تلتقط الصور لابناء مزاب الذين لا يزالون يعتقدون ان التصوير يخالف الاعراف والتقاليد ..

اخذنا مرافقنا إلى بيت مزابي قديم خارج الاسوار , يستأجره احد الفرنسيين المولعين بمزاب , مظهر البيت الخارجى بسيط لكنه متناسق , شيد وفق احتياجات المعيشة اليومية ولمسايرة جميع التقلبات المناخية على مدار فصول السنة , وتلحظ درجة عالية من الانسجام بين مكوناته الاساسية , وكل خط فيه يعبر عن مصممه , وكما يقول المعمارى الدكتور حسن فتحى حول عمارة المزاب...(( حركة اليد لا تصدر عن العقل وحده بل وعن الشعور أيضا , وذكاء الاصابع ذكاء روحى قبل كل شىء ))..

وهو كالثوب المحكم على صاحبه , ليس بفضفاض ولا ضيق , وهو ما تفتقده العمارة الحديثة , فيكتفى كل ما هو ضرورى دون ادخال ما يزيد عن الحاجة ..

ومن خصائص البيت المزابي انه بلا اثاث , والمبنى يوفى بكل الاحتياجات , وربما لان الوادى ليس به اخشاب سولى اعجاز النخيل , وليس للدار المزابية نوافذ بل فتحات في اعلى المبنى , وداخله انفصام كامل بين حياة الرجال والنساء , ويوجد في جناح الزوجة (( النول )) في مكان رطب تنسج عليه المرأة الزرابي واعمال الصوف المختلفة ..

وعندما سألت ساكنه الفرنسى : هل يوفى البيت بأحتياجاتك .. وقال ( بعد فترة من التعود وجدته اكثر راحة وانسجاما من كل اشكال العمارة الحديثة )).

ولكبار القوم في مزاب داران , احدهما في السهل بين اشجار النخيل والاخرى فوق الجبل داخل الاسوار , ويهاجر جموع السكان كل صيف إلى الغابات , إلى الجو الافضل وسبق اهل مزاب بهذا التقليد اهل زماننا , كما يوجد مسجد في الغابة وآخر في المدينة , ويميز مسجد المدينة الصومعة التى لاتوجد في مسجد الغابة .

في غابة النخيل

التلال – اقصد المدن – محاطة بغابات من النخيل من كل جانب , فقد كان اول ما اجه اليه السكان بعد استقرارهم في الوادى البحث عن مصادر المياه ثم العمل على خزنها , ثم تقسيمها والاستفادة منها قبل ان تضيع في الصحراء , وكان على بقايا الدولة الرستمية اللجوء إلى مكان يصعب على غيرهم الوصول اليه , ولايغرى ندرة الماء فيه سواهم من العابرين , واختاروا قلة المياه مقابل الامان , كانت هذه مجرد البداية التى سريعا ماتطورت بالجهد المبذول في توفير المياه وتخزينها , ولذلك ليس لسدودها وآبارها وقنواتها ونظام توزيع المياه بها مثل في نواحى الصحراء الجزائرية كلها , فقد ابتكروا اساليب معمارية خاصة , والسدود القائمة هنا يعود تاريخ بعضها إلى سبعمائة او ثمانمائة عام , وتهدف إلى تخزين وتحويل مجرى المياه في الوادى إلى كروم النخيل , اما السدود الباقية الواقعة في نهاية الوادى فتهدف إلى نشر المياه وتوزيعها على المنطقة كلها لملء الآبار القائمة , وتبقى الاقنية جافة طيلة ايام السنة , بأستثناء بعض ساعات تنهمر فيها الامطار , واذا زادت تتحول إلى تهديد خطير , وكثيرا ما دمرت السيول القرى الصحراوية , ولهذا يخالط فرح الاهالى بهطول المطر قلق من تحولها إلى سيول .

كما احتاج توزيع الكميات المحدودة من المياه إلى معرفة جيدة بالاراضى واساليب ريها , ووضع نظام صارم يحقق عدالة توزيعها , وشاهدنا في نهاية كل غابة عند ملتقى شعاب الاودية واليابسة , سواقى مبنية تلتقى فيها مياه الامطار , وتوزع فتمر في سواقى عريضة في مدخل كل مزرعة , وتمر من خلال فتحة تضيق تتسع حسب مساحة أراضها في دقة وعناية وعدالة , ثم تنتهي تلك السواقي لتصب خلف سد , بعد أن تمر وتتخل حدائق النخيل جميعها , وتعود وتغذى الآبار ويستخرجها الفلاح من البئر , ويروى بها نخيله لعام أو عامين آخرين وحتى يهطل المطر من جديد , وقد اسطاعوا ان يحفروا في الوادي ما يزيد عن أربعة آلاف بئر , يتراوح عمقها بين 25 و 60 مترا , وغرسوا 170 ألف نخلة .

وروى لى احد أبناء الوادي , وهو يقف أمام بئر عتيقة قائلا : (( هذه البئر حفرت على مدى ثلاثة قرون , بداء العمل الجد وواصله الابن ثم الحفيد وابن الحفيد وكانت الآلة المستخدمة في الحفر لأتزيد عن قرن غزال ..)) وهى كلمات بسيطة تعكس شعور أهل مزاب بالجهد المبذول في حفر الآبار على مدى عدة أجيال ..

بنى يزقن

وتجولنا طويلا في بنى يزقن , نموذج للمدينة المزابية كما كانت عليه منذ القدم , المدينة على شكلها الهرمي ترتفع صومعة المسجد المربعة عند القمة ..

السور ما زال على حاله يحيط بالبلدة , ويصل ارتفاعه إلى نحو ثلاثة أمتار , وتدخل إلى البلدة عبر بوابة يقف أمامها حرس خاص , ويبلغ طول السور ألفين وخمسمائة متر , التضامن والحاجة الملحة للشعور بالأمن هي التي أقامته .

ولا يفوتك ان تلحظ بعدا هاما في كل أرجاء مدن مزاب ألا وهو الاهتمام البالغ بالاستعدادات الدفاعية ,ليس في الأبراج والأبواب فحسب , بل في تخطيط المدينة ذاتها فالأزقة ملتوية التواء لا تستطيع أن تتبين متى ينتهي , والأبراج بنيت من أربعة أو خمس طوابق حتى يتبين رجال الحراسة الخطر وينذروا به الاهالى , وتمتد هذه الابراج على طول نقط متقابلة تنقل صيحات التحذير من واحد إلى آخر , وتحولت مع الوقت إلى إشارات ضوئية ثم إلى طلقات البندقية , والأمن هنا لا يقتصر على غارات البدو , بل ومواجهة خطر السيول والفيضانات , فطلقة واحدة عندما تبداء السيول وطلقتان عند هجوم العدو .. أليست هذه مدنا للإنتاج والدفاع معا ؟ وهو ما ينبغي مراعاته أمام الأخطار المتلاحقة التي تواجه المدن العربية في عصرنا الراهن .

ممنوع التدخين

وتدلف إلى بنى يزقن من بوابتها الضخمة , وأول ما تشاهده لافتة تتضمن مجموعة من التحذيرات باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية , تبداء بطلب الامتناع عن التدخين والامتناع عن تصوير المارة , وعدم دخول منازلهم , وارتداء ملابس(( الحياء )) وعد تقديم الحلويات للأطفال .

واتجول في المدينة التاريخية تشدنى وحدة الفكرة المعمارية وتناسقها , والتى قدمت الضرورى على الكمالى , ووحدة الفكر التى اقامت هذه العمارة والتى تؤكد انه اذا توجه المعماريون نحو البساطة وكانت البداية هى دراسة المنطقة التى يعملون بها , لتحققت هذه الوحدة , ويعود الجمال الغائب إلى العمارة الحديثة , البيوت متساوية الارتفاع تتراوح بين الوانها بين الابيض والازرق والاصفر , الابيض يعكس الحرارة , والازرق يحمى البيت من الحشرات خاصة البعوض والاصفر لون الصحراء.

وسيلة المواصلات هى هنا ركوب الحمير التى يمكنها وحدها الانتقال في هذه الازقة الضيقة , ويصادفك الباعة المتجولون ينتقلون في هذه الازقة وبضائعهم مكدسة فوق حميرهم , وحتى موزع البريد ينتقل في ازقة المدينة على حمار حكومى لتوزيع البريد.

وفى ساحة كبيرة سط المدينة يجلس الشيوخ بلحاهم البيضاء امام بيوتهم , ويعقد في هذه الساحة مزاد كل يوم ثلاثاء ساعة الغسق , يباع خلاله كل ما هو قديم , فمثلا هنا ينتقل الاناء او الموقد بين ايدى اكثر من اسرة خلال هذا المزاد الاسبوعى , مما يكشف الحس الاقتصادى والحرص الشديد الذي يتمتع به اهل الوادى , بل وعندما يشترك كل من في الساحة في المزد ..

ولا يمكن للاجنبى البقاء في بنى يزقن بعد الغروب , واذا صادف ولمحت احد نساء مزاب فن لتفات بعباءة بيضاء لايظهر منهن شىء , وحتى البئر تغطى كى تلجه المرأة ولا يتمكن الفضوليين من رؤيتها , وسمعت مثلا جزائريا يعبر عن كانة المرأة فى الوادي يقول(( للمزابى سبعة قبور وللمرأة قبر واحد))...رغم ان المرأة المزابية تتولى الأشراف على شؤون الأسرة فاغلب الرجال يسافرون بعيدا للعمل و للتجارة خارج الوادي , كما ساهمت المرأة إلى جانب الرجل في مواجهة الظروف التاريخية القاسية , وهى وحدها التى تصنع تلك المنسوجات الصوفية المختلفة , اذ تعيب التقاليد على الرجل المشاركة في نسجها , وتنتج مزاب اشكالا فنية بديعة , كانت تشتريها في الماضى القوافل , ويولع بها اليوم السياح الذين يدفعون فيها مبالغ طائلة .

حلقة العزابة

هذا عن مظاهر الحياة المختلفة التى لمستها في مدن مزاب , وهى لا تنفرد بالعادات والتقاليد والازياء فحسب , بل لديها نظام اجتماعى خاص . مازال يحكم علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية كل مدينة بها جماعة تقودها تسمى(( حلقة العزابة )) وهو نظام قائم منذ ما يزيد عن تسعة قروو وربما يمتد إلى ايام الدولة الرستمية ,(( والعزاب )) اى الذين يعزبون عن الدنيا عن الدنيا ومغرياتها , وينتقى لهذا المجلس صاحب صاحب المعرفة والسيرة الصالحة ويشترط ان يكون حافظا للقرآن الكريم وملتزما بأحكام الشريعة الاسلامية , ويتكون المجلس من 12 عضوا , وتقوم حلقة العزابة بالفتوى فيما يختلف عليه الاهالى , ووضع قواعد مقررة للمشاكل الجديدة , ويتولى مجلس العزابة الاشراف على تدريس القرآن لابناء المدينة , ورئيس الحلقة هو الشيخ او المفتى الذي يتولى التدريس والخطابة في الجامع , وتضم الحلقة ثلاثة معلمين لتعليم الصغار , ويفصل اعضاء العزابة في المنازعات في جلسات تعقد في صحن الجامع بين صلاتى الظهر والعصر , كما تقع على عاتقهم مسؤولية الحراسة داخل الاسوار وينظمون الاسواق والمسالخ , وسواقى المياه والسدود , ولا يتقاضى اعضاء مجلس العزابة اجرا على اعمالهم هذه .

ولاعضاء العزبة أيضا دورهم الاجتماعى , فلا يقع في مدن مزاب ما يقع في غيرها من اختلافات بين العروسين على المهر او الشبكة , فأعضاء العزابة وحدهم هم الذين يحددون المهر , مها تكن اسرة العروس او جمالها , ومهما كان غنى الزوج , ويترك لاسرة العروسين تحديد موعد الزفاف فحسب , اما اذا شاء الزوج ان يزيد , فليفعل ذلك بعد الاشهر الاولى من الزواج .

ويسود شعور بامكانية الاستغناء عن الحكومة المركزية , وبالفعل كان لاقامة مخفر للشرطة في بنى يزقن بعض اوجه المقاومة من الاهالى... وهذه الحلقة تساعدها حلقتان فرعيتان احدهما للنساء اللاتى يقمن ببعض المسائل الاجتماعية مثل دفن الموتى من النساء , والحلقة الاخرى منظمة ((اروان )) اى الطلبة .

والدليل الحاسم على نجاح حلقة العزابة هو الغاء الامية في مزاب , ففى الجوامع يتعلم ابناء القرية مبادىء الكتابة واللغة العربية ويحفظون القرآن الكريم , وهى صورة فريدة , فالنجاح في القضاء على الامية حلم غال لم تنجح في الوصول اليه العديد من اصحاب النظريات الحديثة .

مجلس عمى سعيد

ويشكل ممثلو حلقات العزابة في مدن مزاب مجلسا اعلى يسمى مجلس عمى سعيد وهو يضم عدد 16 عضوا عن بلده , وهذا المجلس يبحث المشاكل الطارئة , ويقوم بالصلح بين القبائل وهو هنا بالاصطلاح الحديث مجلس استئناف , واطلق عليه مجلس عمى سعيد لانه يجتمع بمسجد الشيخ عمى سعيد بن على الجربي , وتتلى قراراته على الناس في المساجد , اما من اين يستمد سلطته وهو الذي لا يملك وسائل السلطة المعروفة ..؟ انه يكتفى بالقوة المعنوية للمذهب واذا تمرد اى طرف على قراراته يقوم العزابة(( بالعصيان المدنى )) اى يمتنعون عن القيام بمهامهم ويعتصمون في المسجد , فيتحرك الرأى العام ضاغطا .

ويتوازى مع حلقة العزابة , ومجلس عمى سعيد مجلس رؤساء العشائر , وهذا المجلس يضعف شأنه ويقل تأثيره كلما زاد نفوذ مجلس عمى سعيد .

وهذه المؤسسة القديمة وما تصدره من قرارات ينبغى ان تكون محل دراسة مستفيضة من علماء الاجتماع العرب وخاصة ان الكثير من اعمالها مدونة .

مملكة تاهرت

والآن حان الوقت لنستعرض القصة الكاملة للدولة الرستمية , ونقلب صفحات التاريخ لكى نستكمل ابعاد مانرى...

قامت الدولة الرستمية بعد جهاد طويل , وهى امتداد لمحاولات شهدها المشرق العربي , فبعد زوال دولتهم في البحرين وحضر موت والطائف واليمن سنة 72هـ , وبعد ان لجاء اصحاب المذهب الاباضى إلى التنظيم والدعوة كبديل عن اعمال التمرد الفاشلة , تضمن هذا الاسلوب ارسال الدعاة إلى المناطق البعيدة عن حاضرة الدولة, الاسلامية هذا بعد تجارب عديدة , وبعد ان لجاء اباضية المشرق إلى اساليب الدعوة السرية والتنظيم السياسى بعد فشل حركة عبد الله بن اباضى التميمى في عهد مروان بن عمر الاموى , واخذوا يبعثون من مركزهم في ((البصرة)) دعاتهم إلى الامصار المتطرفة , ونجحت هذه الجهود في جنوب الجزيرة العربية في المغرب , وهذا ما يفسر التشابه القائم بين عمارة مزاب وعمارة كل من سيئون وشيئام في حضرموت , وقد سقطت دولة الكندى في جنوب اليمن سنة 130هـ , وتمركز المذهب في عمان والذى مازال قائما هناك حتى اليوم...

انتشر الدعاة في المغرب واخذوا يدعون لمبادئهم التى تقود على العدل والحرية , وتعرضوا للاضطهاد بعد ان قامت مبادئهم على التحريض على الخروج ضد الامام الجائر , والاجماع على جواز الامامة لكل مسلم عالم بالكتاب والسنة بغض النظر عن اصله وجنسه ..

((واستقبلت هذه المبادرىء بالحفاوة مما تنطوى عليه من تمسك بالشريعة , وثورية في قوامها السياسى , وبساطة في جوانبها الفكرية , كما لقيت مناخا مواتيا في ظروف المغرب الاسلامى وطبيعة سكانه )),كما جاء في كتاب الدكتور محمود اسماعيل ((الخوارج في المغرب ))..

وتذكر المصادر الاباضية في كتاب سير الائمة واخبارهم ))لمؤلفه ابو زكريا يحى بن ابى بكر والذى تشرته وحققته المكتبة الوطنية في الجزائر : ((ان اول من جاء يطلب مذهب الاباضية ونحن بقيروان افريقيا سلمة بن سعيد...)) واضاف ..قدم علينا من ارض البصرة ومعه عكرمة بن عباس على بعير )).

وادت تلك الجهود المتواصلة إلى نجاح عبد الرحمن بن رستم في تأسيس دولة تاهرت سنة 161هـ (777م) وامتد نفوذها لتضم اباضية المغرب , ويلاحظ انه في هذا الماضى البعيد غابت وسائل الاتصال الحديثة , ورغم ذلك كان العالم الاسلامى مترابطا , اذا انطلقت فكرة من البصرة على الخليج سرعان ما تجد صداها في اقصى المغرب , فقد سبق وتوجه عبد الرحمن بن رستم إلى البصرة مع عدد من المغاربة في حلقة ابي عبيدة مسلم بن ابي كريم سنة 135هـ , 752م وتلقى على يديه اصول المذهب وخطة العمل .

وعندما قامت دولته اختارتاهرت القديمة التى تعيش حولها قبائل البربر من هوارة

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

منقولمن مجلة العربي الصادرة من الكويت العدد 286 سبتمبر 1982م

عبقرية نظام السقي في مزاب index

  • منشآت الري

    Icon 08

    يرتكز نظام تقاسم المياه في وادي ميزاب على مبدإ الاستغلال الكلي والعادل لمياه الأمطار وتوزيعها بدقة في كافة بساتين الواحة. ويشمل أيضا على أبراج ومنشآت تمكن من المراقبة الدائمة للسيول للوقاية من....

    اقرأ المزيد

  • نظام تقسيم مياه السيل

    Icon 08

    لقد تم إنشاء النظام التقليدي لتقسيم مياه الأمطار منذ سبعة قرون من طرف الشيخ بامحمد أبو سحابة سنة 1273م، وطوره بعد ذلك الشيخ حمو والحاج سنة 1707م. يقع هذا النظام بمشارف الواحة على بعد حوالي 4 كلم غرب قصر غرداية......

    تتجمع مياه السيل بطريقة طبيعية عبر حوض وادي ميزاب الذي يمتد مئات الكيلومترات بأعالي الوادي حتى وصول المكان المسمى "أملاقا" وهو نقطة التقاء وتجمع واديين هامين هما واد.........

    اقرأ المزيد

  • نظام تقسيم المياه لايتمزا تجنينت

    Icon 08

    نظام تقسيم المياه «لايتمزا» من المرجح أن يكون أول نظام لتقسيم المياه في وادي مزاب لوجوده في واحات العطف، حيث تعتبر الواحات الاولى بالمنطقة التي انشئتمع نشأة أول قصور المنطقة قصر العطف خلال القرن الحادي عشر الميلادي. والكلمة هي.....

    اقرأ المزيد

  • تقاسيم المياه والسدود

    Icon 08

    من طبيعة الصحراء ندرة الأمطار وعدم انتظامها في مواسم معينة ،وإذا ما نزلت طلا أو وابلا فإنها سرعان ما تجف و تتسرب في الرمال ،ولكي تمتلئ خزائن المياه السطحية في المنطقة ،فإن الأسلاف رحمهم الله تعالى ،بنوا سدودا تقليدية على طول مجرى الوادي في مختلف الواحات ،تتسع و....

    اقرأ المزيد

  • أهم الأودية التي تسقي واحات مزاب

    Icon 08

    واحة تغردايت تُسقی واحة تغردايت عن طريق ثلاث أودية، وهي وادي مزاب، وادي التوزوز، وادي أخلخال، وفي أعلى البساتين نجد سد بوشن وسد التوزوز روافده مهمتها تتمثل في توزيع المياه المتجمعة عن....



    اقرأ المزيد   اقرأ المزيد

  • محاضرة : منظومة تسيير مياه الأمطار .. تجربة بني يزقن



     اقرأ المزيد

 

  • السدود وتوزيع المياه بواد مزاب

    Icon 08

    هذه السدود والمواقع التي بنيت فيها، والمواد التي استعملت فيها، ومقدار الجهد الذي بذلوه في تشييدها، كل ذلك يدل دلالة صادقة على مقدار ما كانوا يتمتعون به من روح التنظيم والتضحية، ولقد كانت معلوماتهم الهندسية تقتضي أن يوائموا بين مجري الماء من ناحية وبناء المساكن في الغابات لئلا تتضرر هذه المساكن بسيل الأودية، وهذا...

    اقرأ المزيد

  • سدود واحات قصر تغردايت

    Icon 08

    عند امتلاء سد "بوشن" وعند استغناء واحات "بوشمجان" عن السيل يتم تحويل الواد إلى المجرى الكبير، إضافة إلى ما يحمله واد "أريدان" الذي لا ينسكب لا من ولا من الغرب وهو بين شعاب "بوشمجان" من جهة، وشعاب "التوزوز" من جهة أخرى من الناحية الغربية للضاية ومن الناحية الشرقية للتوزوز، ومياهه ضعيفة نوعا ما، ويسقي السدود التي ...

    اقرأ المزيد

  • مَانَشْ إِيتُّوزُونَا لَغْدِيرْ إِغْزَرْ نْ مْزَابْ؟

    Icon 08

    نظام تقسيم مياه السيل يعتمد على مبدأ الاستغلال الكلي والأمثل لمياه الأمطار وعلى التقسيم العادل لهذه المياه على مجموع الواحة. فيمكن حصر أدواره على أربعة مراحل.....

    اقرأ المزيد

  • معلومات مهمة من خبير (لاومنا) في السيول الخاصة بواد مزاب

    Icon 08

    ذكر انه السحاب الذي يطلع جنوبي شرقي إلى شمالي غربي خطير وهو كذلك بالنسبة للامطار التي تسقط في الشمال الغربي خطيرة على واد مزاب وهذا ما حدث في الكثير من الأحيان ففي سنوات الخمسينات وعلى ما يذكر في في سنة 1958 كان هناك فيضان بالواد دون أن تسقط قطرة مطر عندنا وكان في شهر أكتوبر بينما كان الفلاحون على جذوع النخيل يقطعون الغلال جأتهم المياه وكلها جليد وبرد (تبروري) فغمرت كل شيء وبقوا في أماكنهم لساعات طويلة. وعليه أرجو من الناس الذين يقطنون في مجاري المياه التفطن و...

    اقرأ المزيد

  • مهن قديمة بمزابْ وواقعها  حفر الآبار وخدمة النخيل

    Icon 08

    إنّ المهن تعزّز وجودها الضّرورةُ والحاجةُ، ويكثر طالبها لمعرفة علومها واكتشاف مكنونها ،وقد يزهد النّاس عنها إذا وجدوا بديلا أنسب لهم وأرفق لراحتهم وأخرى أيسر لقضاء أمور حياتهم ، فمن المهن السّائدة بمزاب قديما التي نشأ عليها الأجداد ، إشتغال النّاس بخدمة النّخيل وكذلك مهنة حفر الآبار وصيانتها لنزح الماء منها ، فالأخيرة باتت شبه....

    اقرأ المزيد

  • نزح الماء من البئر

    Icon 08

    يقوم الفلاّحون الميزابيون بالري عن طريق الآبار , التي تعتبر المصدر الوحيد , تقريبا , للمياه بوادي مزاب , و في ......

    اقرأ المزيد

  • كيف أنشئت آبار الواحات حول قرى مزاب

    Icon 08

    يكاد يُجمع الكتّاب الذين تحدّثوا عن مزاب أنّها واحة صناعية، وكلّ الواحات التي تكوّنت في الصحراء الكبرى من بسكرة والأغواط إلى أدرار وتميمون أنشئت على نقط طبيعية من الماء الحيّ، مثل بعض الأودية الغريزة أو عيون فوّارة، إلاّ واحات واد مزاب، فهي واحة من صنع البشر، فليس بها عين فوّارة ولا وادي مثل الواحات الأخرى، ولقد حفر سكّان القرى الخمس “أربعة آلاف بئر”، يتراوح عمقها بين ...

    اقرأ المزيد

 

 تقسيم المياه وادي ميزاب غرداية

 

السيول في غرداية 2017

 

فيديو نظام تقاسيم المياه بواحات تغردايت

للأستاذ: محمد بن أيوب الحاج سعيد الإلقاء باللغة المزابية
إضاءات 04 معالم أعلام وادي مزاب مؤسسة الضياء سلسلة حلقات تاريخية عن بعض معالم وادي مزاب وأعلامه

 

 

ALGERIE, RETOUR AUX SOURCES vallée du M'zab 

 

 مياه واد زقرير بالقرارة

 

 
 

 

عدوان بوشوشة على مزاب

عدوان بوشوشة على مزاب

Icon 09في الرابع سبتمبر من عام 1871 مساء وبمدخل واحة آت إزجن من الناحية الجنوبية وصل المدعو بوشوشة(1) بجيشه وخيّم هناك استعدادا للهجوم على مزاب ، وقد قدم من ورجلان –التي سقطت بين يديه منذ فترة قصيرة - منتشيا بانتصارات حققها فـــــي مناطق عدة ، فزحف إلى مزاب على رأس 600 مقاتلا من مهاري لمخادمة و شعانبة بروبة (2) و بعض من قبائل الصحراء ، و قد أقام ثلاثة أيام بمتليلي أين جمع مبلــــــغ 2000 فرنك وتدعم جيشه بمحاربين إضافيين – حيث وضع كل فرع من أعراش هـذه المدينة من 06 إلى 10 فرسان تحت تصرفه كتعبير عن الولاء له ، وكانت أخباره قـد سبقت وصوله إلى مزاب حيث سارع ممثلو القصور الخمسة إلى عقد اجتماع طارئ بمصلى باعبد الرحمان الكرثي وقرروا دون تردد مواجهة المعتدين بالقوة أينما حلوا دون أي تفاوض معهم ، فأعلنت التعبئة العامة و نودي في الناس بالجهاد المقدس للدفاع عن عرضهم و أرضهم و لينتقموا أيضا لإخوانهم الذين قتلوا في ورجلان على يد هذا المعتدي و نهبت و أحرقت جميع محلاتهم هناك بأمر منه(3) ، فتدفق الناس من كــــــل قصر حاملين أسلحتهم و عصيهم وكل ما يمكن التصدي به للعدوان يتقدمهم العزابــــــة و العوام متجهين إلى مكان مرتفع بنواحي آت إزجن يسمى دبدابة اتخذوه كنقطة تـــلاق و انطلاق لمواجهة العدو ، وكان بشوشة قد أرسل إليهم اثنين من فرسانه يطالبهـــــــــم بالاستسلام ودفع فدية ضخمة و تسليمه عددا من الرهائن كضمان ودليل علــــــــــــى خضوعهم لسلطته ، فكان ردهم حازما و حاسما مشيرين إلى أسلحتهم وقوتهم ، فـــأدرك عندها بوشوشة أن المزابيين مصرون على مواجهته و مستعدون لخوض حرب حقيقيـــة معه قد تكلفه غاليا ، فاضطر إلى التراجع و الانسحاب و اكتفى بإمهالهم شهر و ثلاثــــة أيام للاستسلام ، وقفل راجعا من حيث أتى ، وكأي عصابة و أو قطاع طرق لم يشـأ أن يعود فارغ اليدين فيظهر في مظهر المهزوم أمام أتباعه بورجلان، فقام بتقسيم جيشه إلى ثلاثة مجموعات ، مجموعة أولى مكونة من 270 نفرا و 15 فارسا أرسلها إلى منطقة تاجرونة حيث سطوا على 7 قطعان من أغنام سكانها و مجموعة ثانية من 300 مقاتل وجهها إلى ناحية شمال الشبكة أين استولوا فيها على 10 قطعان من أغنام تعود ملكيتهـــا لمزابيين من آت إبرقان و تغردايت بينما بقي هو مع 150 من محاربيه منتظرا بمنطقــــة زلفانة إلى أن التحقت به المجموعتان بعد إتمام عمليتيهما ليعود بعدها إلى ورجلان.

 

Icon 09خطّ أهالي تغردايت رسالة إلى ممثليهم في مدن التل يعلمونهم فيها بتفاصيل محاولة الهجوم الفاشلة لبشوشة و جيشه مباشرة بعد الحادثة وطلبوا منهم تلاوة مضمونها على كافة اخوانهم المتواجدين هناك و تم تداولها على نطاق واسع ، وقد وقعت نسخة منها بين أيدي السلطات الفرنسية مما سمح بنشر مقتطفات منها في مصدر فرنسي قديم ، وحسب رأيي إن لم أخطئ هي أقدم وثيقــــــة تتناول هذا الموضوع وهذا بعض ما ورد فيها من فقرات حرفيا تليها محاولة لترجمتها إلى العربية4:

« …Un cavalier des Beni-Isguène, nommé Youcef-Serar, vint ensuite nous annoncer que le prétendu chérif, le perturbateur, le pervers, était descendu dans les palmiers des Beni-lsguène. Les gens de Ghardaïa étaient déjà, réunis, car les dispositions du perturbateur démontraient qu’il venait réellement pour attaquer ; il y eut à la koubha de Ba-Abderrahmane une réunion générale des gens de tous les ksours du Mzab ; ils ‘y prirent l’engagement d’agir d’un commun accord pour le combattre, n’importe où il camperait.

«Dès que le cavalier Youcef eut annoncé la présence du susdit dans les palmiers des Beni-Isguène, les gens de Ghardaïa firent entendre les sons de leur musique guerrière, tambours et musettes, et, avec leurs drapeaux, ils se rendirent aux environs de Edebdaba.

Le drapeau des Azzaba était blanc, celui des laïques de Ghardaïa était rouge, et celui des Medabih (Arabes sunnites) était vert ; c’est vous dire qu’il y avait trois drapeaux. On choisit ensuite les gens qui, les premiers, marcheraient contre le perturbateur, et, pour cela, six cents hommes d’entre les plus vaillants furent désignés. A leur tête marchaient les Azzaba .

«Les Azzaba récitaient à haute voix des hymnes sacrés et les prières de sanctification ; ils appelaient sur les prophètes les bénédictions divines, car il n’y a de force et de puissance qu’en Dieu ; il est le Très-Haut, il est le Suprême. Et les clercs disaient à tout le monde : « Sachez que vous allez combattre licitement, pour protéger vos femmes, vos enfants, vos biens, vos personnes, et cela au nom de la religion. » …. O adorateurs de Dieu ! C’est ici le plus noble des djehad, Dieu vous aidera à vaincre !

«Après avoir laissé des gardes aux portes de la ville et sur les remparts notre colonne se mit en marche, les Azzaba en tête avec leur drapeau blanc, et ensuite tous les combattants, et, derrière, la musique.

«Lorsque nous arrivâmes à hauteur d’Edebdaba des Beni-Isguène, nous fûmes rejoints par les contingents de Melika, Bounoura, El-Aseuf, Beni-lsguène, chacun ayant

son drapeau, etc. »

"...... أقبل فارس من آت إزجن يدعى يوسف سرار ليعلن لنا خبر نزول المتمرد المدعو الشريف (بشوشة) إلى أجنة آت إزجن ، و سكان تغردايت كانوا قد تجمعوا - متأهبين قبل أن يصلهم الخبر – لأن كل التحركات السابقة لهذا المغامر توحي بأنه جاء وهو عازم على شن هجوم حقيقي ، و سبق أن عقد اجتماع عام بقبة (مصلى) باعبد الرحمان الكرثي لأهالي كافة قصور مزاب أخذوا فيه على أنفسهم عهدا في اتفاق جماعي أن يحاربوه في أي مكان يحل فيه. و ما ان أداع الفارس يوسف نبأ تواجد هذا العدو بواحة آت إزجن حتى بدأت تسمع بتغردايت طبول الحرب تقرع و تعزف المزامير و تتعالى أصوات رجالها بالأهازيج و الأناشيد الحماسية رافعين أعلامهم يهمون للتوجه إلى ناحية الدبدابة ، العزابة برايتهم البيضاء و العوام برايتهم الحمراء و المذابيح برايتهم الخضراء - أي أنه كانت هناك ثلاثة رايات. بعد ذلك تم اختيار600 رجل الأكثر بسالة ليكونوا في الصفوف الأمامية عند مواجهة العدو يتقدمهم العزابة الذين كانوا يرددون بصوت عالي الأذكار و الأدعية و الصلاة على الأنبياء ( " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " ، "الله أكبر"، ".... ) ، و خطبوا أمام الجميع بما يلي- : " إعلموا بأنكم ذاهبون لقتال مشروع تدافعون فيه عن نسائكم و أطفالكم و ممتلكاتكم و أهاليكم بإسم الدين..... يا عباد الله هنا أشرف الجهاد و الله بعونه سينصركم .

بعد وضع حراسة على أبواب القصر و فوق أسوارها شرعت وحداتنا في السير و العزابة على رأس المحاربين برايتهم البيضاء .وعند وصولنا إلى مرتفع دبدابة بآت إزجن انضم إلينا مقاتلون من آت مليشت و آت بنور و تجنينت و آت إزجن كل فرقة برايتها الخاصة بها....

 

عبر الأستاذ أبو اسحاق(4)

في النص نلمس قيما اجتماعية هي سر النجاح في دحر المغامرين الملاعين، فمنها «الوحدة» فالقصور جميعا مشغولة بالأمر، ومستعدة له أتم الاستعداد، ومنها «الإعلام» فهناك طبول تقرع في القصر الواحد، ومزامير تعزف وأهازيج تنشد، وهي وسيلة للفت نظر الجميع ليسأل عما يحدث ويتحمس أيضا! ومنها «النظام» فهناك رايات تنظم التحرك، ليعتمد كل فريق على نفسه في التنظيم، ويعرف دوره مع الآخرين، ومنها «القدوة» فالعزابة الذين هم في القيادة والتوجيه أيام السلم هم في قيادتهم وتوجيههم أيام الحرب أيضا! ومنها «الكفاءة» فالحرب لها رجالها، ولابد أن يتقدموا الصفوف، أخذا بأسباب النصر! ومنها «اليقظة» الدائمة فخروج المتطوعين للقتال، لا يعني ترك القصور وأسوارها وأبراجها دون حراسة، ومنها «الاستعانة بالله» بالأذكار والأدعية، فمهما كان التجهيز والأخذ بالأسباب، فالله وحده يعلم بقوة العدو، وهو وحده من يسد نقص الفئة المؤمنة المستضعفة!4

مقتطفات من هذه الوثيقة التي تتضمن الرد

Icon 09وثيقة أخرى تعود إلى ما قبل سنة 1902 من بين ما تضمنته باختصار رد المزابيين على رسالة بشوشة التي طالبهم فيها بالخضوع و الاستسلام و جاء فيها مايلي : " لن نعترف بسلطتك و لن نستسلم لك أبدا وإذا لم يكن معك ما يكفي من الذخيرة الحربية فإننا على أستعداد لإمدادك بالبارود و الرصاص بالكميات التي تكفيك " وقْع هذه الكلمات على بشوشة جعلته يعود أدراجه وينسحب خائفا دون أن ينطق بكلمة ".

يُذكر أن بشوشة وهو في طريقه لمهاجمة مزاب التقى بمنطقة النومرات بالمدعو سي الزبير (5) - الذي كان على تواصل مع المستعمر - وعقد معه اتفاق تحالف هو أقرب لصفقة منه لشيء آخر، حيث زوجه سي الزوبير احدى قريباته التي هي بنت احد زعماء أولاد سيد الشيخ - من نسب الاشراف كما يزعمون - غصبا عنها و دون رضاها بالمقابل عيّن بشوشة سي الزبير آغا على ورجلان التي هي تحت سيطرته و تمت مراسيم الزواج في حينها بمتليلي ، كان بشوشة يرمي من وراء هذا الاتفاق كسب ود اتباع سي الزوبير بورجلان وهم كثيرون و محاولة استمالة أولاد سيد الشيخ الذين لهم نفوذ يمتد الى إن صالح حتى يتمكن من اللجوء اليها لانه يعلم جيدا ان الفرنسيين سيسيطرون عما قريب على ورجلان و على كل المناطق المجاورة لها وهو ما حدث فعلا بعد ثلاثة أشهر فقط (6)

صورة ناذرة للمدعو بشوشة

Icon 09 بعد خيبته و فشله بمزاب عاد بشوشة مصطحبا معه سي الزوبير الى ورجلان بعد ان التحق به رجاله الذين استولوا على قطعان الماشية بتاجرونة و شمال مزاب ، و أقيم للآغا المعين ( سي الزوبير) عند وصوله استقبال حافل من قِبل السكان ، ومن بين الذين جاؤوا لاستقبال بشوشة الشريف محمد بن عبد الله (7) و الناصر بن شهرة .

و دون أن ندخل في تفاصيل تحركات بوشوشة بعد ذلك و التي تميزت بالكر و الفر و الاغارات و التحالفات و الانشقاقات لانها - ليست موضوعنا ولا علاقة لها بمزاب - نكتفي بذكر نهاية مغامرته التي كانت في 31 مارس 1874 على يد أحد حلفاء الفرنسيين و بأمر منهم وهو السعيد بن دريس (8) بمنطقة الميلوك جنوب إن صالح ، إذ ألقي عليه القبض و هو جريح بعد انهزامه في تلك المعركة ، - يُشار هنا الى أن غالبية أتباعه من الشعانبة انقلبوا عليه و تخلوا عنه بمجرد ان وضعت السلطات الفرنسية يدها على ورجلان - أُقتيد بشوشة بعد ذلك الى ورجلان ثم الى قسنطينة ليمثل أمام مجلس الحرب هناك في محاكمة سنحاول في المنشور القادم سرد بعض مجرياتها...

 

 

فقرات من مضمون الرسالة

Icon 09 محاكمة بوشوشة:

في بداية الأمر تمت إحالة بوشوشة على مجلس الحرب بالجزائر العاصمة ليمْثل أمامه لأن وارجلان أُلحقت حديثا بقسمها العسكري غير أنه في آخر المطاف تم تحويله إلى قسنطينة على اعتبار أن الوقائع التي قام بها بتقرت قد تم النظر فيها سابقا من طرف مجلس حرب هذه المدينة فأوكل له مهمة إتمام محاكمته في جميع القضايا المتصلة به. وقد أنكر بوشوشة مسؤوليته عن جميع الأعمال المنسوبة إليه أمام مجلس المحاكمة و صرح أنه في جميع الحالات أو الظروف التي مرّ بها كان مجرد سلوقي – كلب الصيادة - الذي أطلقه الصياد على الطريدة:

« déclara qu’en toutes circonstances pouvant nous intéresser il n’avait été que le sloughi lancé sur le gibier par le chasseur ».

و أوضـــح أيضا أنه إذا كان قد قبل بهذا الـــــدور فلأنه صدَّق بما قيل له أن فرنسا قد انتهت و أنها لا شيء ، و تداول على عارضة محكمة مجلس الحرب الكثير من الشهود من ممثلي الأهالي من مختلف المدن و الجهات التي طالتها يد بشوشة و كانت كل شهاداتهم ضده و من بين الشهود ممثل عن وادي مزاب يدعى حمو بودعاس ، و قد طعن بوشوشة في أقوال جميع الشهود وقال بأنهم مخادعون و يسعون فقط لمصالحهم الشخصية و لم يكونوا أبدا أوفياء و استثنى منهم ممثل مزاب وقال أنه ليس لديه ما يقوله ضد شهادة هذا الشخص أو ضد من يمثلهم .

و أدرك بوشوشة بعد ذلك أن أيا من أقواله أو حججه لن تُقبل و لن يعتدّ بها وهو ما دفعه إلى إظهار آثار الجروح البليغة التي شوهت رقبته و جسمه وقال " أنا لا أخشى الموت و أعلم أنكم ستدينونني و أنتم محقون في ذلك فلقد تعرضت للسرقة و الخيانة و محاولة الإغتيال و النفي من أولئك الذين خدمتهم - ويقصد هنا أنه خُدع من طرف الذين تحالف معهم - ولم يبقى لي إلا أن أموت و أنا مستعد لذلك و ليس لي شيء آخر أقوله لكم فارحموني وعجلوا بإعدامي .

دامت مدة محاكمته 15 يوما و بقي ثلاثة أشهر في السجن قبل أن ينفذ فيه حكم الإعدام يوم 29 جوان 1875 على الساعة الخامسة صباحا في معسكر بضواحي قسنطينة يسمى:

"Camp des oliviers"

 

معلومة إضافية :

يبدو أن السلطات الفرنسية قد قدمت بعض التعويضات المالية للأشخاص الذين سرقت ماشيتهم من طرف بشوشة و أتباعه بمزاب ، حسب ما جاء في مضمون رسالة قديمة صدرت عن رئيس مكتب الأهالي للأغواط النقيب ديرون بتاريخ 16 أفريل 1873 أين طلب فيها من بعض الأشخاص المذكورين بالأسماء المجيء إلى الأغواط لاستلام المبالغ المالية أو يوكلوا من ينوب عنهم ؛ من المحتمل جدا أن تكون هذه التعويضات مندرجة ضمن بنود معاهدة الحماية لسنة 1853 . 

------------------------------------------------------------------------------------

الهوامش

(1)  محمد بن تومي بن ابراهيم المدعو بوشوشة ولد في الغيشة بجبل عمور حكم عليه في عدة قضايا بتهم السرقة والسطو أولها سنة 1862.

(2)  شعانبة بروبة هم الذين استوطنوا بورجلان

(3) أحداث مأساوية وقعت بورجلان بعد سقوطها بيد بوشوشه في مارس 1871 قتل و نهب و حرق في حق المزابيين

(4)Sala AbouIsha

(5) سي الزوبير ولد سي بوبكر من أولاد سيد الشيخ ( شقيق الخليفة سي حمزة) آغا ورجلان من 1854 الى غاية نهاية 1861 تمت تنحيته لاسباب صحية ليعيده بشوشة لمنصبه توفي سنة 1879 بڨورارة

 (6) تمكن الفرنسيون من السيطرة على ورجلان في 2 يناير 1872 بقيادة الجينرال دولاكروا

(7) الشريف محمد بن عبد الله الذي سانده المزابيون في معركته ضد الفرنسيين بالاغواط و أنقذوا حياته و هربوه الى ورجلان

(8)السعيد بن دريس شقيق آغا ورجلان الحاج محمد بن دريس الذي عينته فرنسا

المصدر منشورBakir  Bennacer

علماء إباضية من بني هلال وكتامة

علماء إباضية من بني هلال وكتامة

إذا ذكرنا جنايات تاريخية لبني هلال العرب أو لكتامة البربرية فلا يعني ذلك أنهم أعداؤنا , هذا تاريخ فقط , و عندنا علماء إباضية من بني هلال و كتامة نعتز بهم أمثال سالم بن ذكوان الهلالي الذي كان ضمن الوفد الاباضي الذي زار الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز لتهنئته و نصحه , و له مخطوط فقهي في مكتبات عمان , و عندنا أبو ستة محمد بن عمرو السدويكشي الكتامي من علمائنا الكبار الذي شرح مسند الربيع بن حبيب

قال الشيخ مبارك الميلي : " من بطون كتامة سدويكش " تاريخ الجزائر 2/ 217

و إذا ذكرنا جنايات المعز بن باديس الصنهاجي فلا يعنى أن صنهاجة عدوة لنا و يوجد عندنا في مزاب من له أصول صنهاجية , و جاء في كتاب مبارك الميلي : " بمزاب لماية و أخلاط من صنهاجة " 2/214

و الشيخ متياز يقول أن آت مليكش الصنهاجيين هم من مؤسسي مدينة مليكة .

و نسبت إليهم تسميتها .

و إذا كان العنصر الزناتي هو الغالب عندنا فلا نزكي زناتة على الإطلاق , فقد كان زناتيو الشمال يغيرون على سدراتة و وارجلان مثل بني هلال , لأن السدراتيين كانوا أثرياء و لأن سدراتة كانت تشكل سوقا تجاريا عظيما تجتمع فيه سلع السودان الغربي و سلع الجزائر و الأندلس مما يغري الصعاليك من كل الأجناس

التاريخ متشابك و الحروب قامت على أسس مختلفة اقتصادية و سياسية و قبلية و دينية...

.

بقلم Med EL Berrian 

غار أجلو

غار أجلو

Icon 09Ifri n ajlu

ⵉⴼⵔⵉⴰⵊⵍⵓ

غار أجلو هو الغار الذي أسس فيه الشيخ ابو عبد الله محمد بن بكر بن أبي بكر الفرسطائي رحمه الله ت (440هـ) نظام العزابة سنة 409 هـ لذا يعرف بالغار التسعي، واتخذه معهدا لطلبته العزابة وتخرج من هذا المعهد كل مشائخ الإباضية المغاربة في القرن الخامس الهجري ويعرف بغار أجلو أو غار أجلو الشرقية ويوجد في بلدة تين يسليⵜⵉⵏⵢⴻⵙⵍⵉأو ما يعرف ببلدة تين باما طوسⵜⵉⵏⴱⴰⵎⴰⵟⵓⵚوهي بلدة أعمر حاليا بجانب (تڤرت). وتعرف كذلك قديما بمدينة أجلو الشرقية(1).

 

هذا الغار لا يزال إلى حدّ الآن في آجلو «بلدة اعمر» وهو على شكل سراديب ينزل إليها الإنسان مقسمة إلى غرف من صنع الإنسان، يحيط بها كثبان من الرمال من جميع الجهات حيث قبر الشيخ ويزار الآن باسم سيدي السائح لكثرة تجواله(2).

خلاف غار آجلو أو غار التسعي يوجد(3):

   1   غار أمجماج في جربة الذي ألف فيه ديوان الأشياخ.

    2   وغار بني أجاج بورجلان ورقلة .

   3   وغار أبي العباس ميمونبن أحمد المزاتي من علماء الطبقة 12 ( 600/550 ) 1203/1155م

  4    وغار صال أبي خليل الدركلي من علماء (ق3 هـ/9م) بجبل نفوسة

   5    وغار جبل أبي العباس ببني يزجن .

كل هذا عن غيران المغرب إما عن إباضية المشرق ففي البصرة :

  6  غار أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي عل ضاحية البصرة. وهو المعهد الذي نشر من خلاله المذهب الإباضي في المغرب الكبير والمشرق الاوسط فتخرج منه حملة العلم المغاربة الخمسة وحملة العلم المشارقة الخمسة في النصف الأول من القرن الثاني الهجري.

 

(1) (3)منقول بتصرف يسير  Bayuod Dabouz 

(2) الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ للدكتور عمر بن لقمان حمو سليمان بوعصبانة

 

صور غار آجلو

 بعدسة الأستاذ Belgacem Abderrazak 

 

فيديوهات لغيران أخرى  فى منطقة صحراوية فى غرب جلال ولاية بسكرة

بعدسة الأستاذ Belgacem Abderrazak   

يقول الأستاذ بالقاسم عبد الرزاق المسجد بربري محلى حتى لا اجزم  بانه اباضي فليكن محلي جزائري،  تمنيت ان ينتبه الى الامر اركيولوجي اباضي ببساطة لان الجامعة الجزائرية لا تدرس خصائص العمران الاباضي البربري الافريقي الا كملامح عامة...

الزخارف ذات الاشكال الهندسية الحادة البسيطة تؤكد محلية المكان.لا زالت كهوف مجاورة لم يدخلها الناس ، ان لم يثبت انه مسجد اباضي فقد يكون من المعابد الدوناتوسية

المكان يقع تماما على خط اليمس الروماني....

  

 

غرداية جوهرة الجنوب الجزائري

غرداية تتحدى الزمن وتختصر التاريخ  جوهرة الجنوب الجزائري

جريدة المساء

Icon 09

مضت ألف سنة، وتعاقبت أحداث تاريخية غيرت كثيرا من ملامح العالم وتقاطعت تأثيراتها الطبيعية والبشرية لترسم في كل مرحلة شكلا يميز حضارة المدن.. فمدينة غرداية قاومت عشرة قرون من الزمن لتبقى وفية لمؤسسها الشيخ بابا سعد خلال القرن الحادي عشر الميلادي، وظلت تأسر زائرها حتى في القرن الواحد والعشرين بسحر الأصالة وتعطيه شعورا بأنه يسافر في التاريخ دون ان يبرح جغرافيته، فيقف على التماسك الاجتماعي الذي يعتصم به سكان غرداية والنابع من الاعتصام بحبل الله والاتفاق على ما ورد في سنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولولا بعض المظاهر العصرية التي لاحت بالمدينة على غرار السيارات والهواتف المحمولة ومقاهي الانترنت لانتابك شعور بأن المدينة قد أسرت الزمن ولم يغيرها الزمن.

ومن اجل ولوج أعماق مدينة غرداية التي تعد من أعرق المدن الجزائرية وأكثرها حفاظا على انسجامها الاجتماعي والعمراني والثقافي وحتى الاقتصادي وتعلق سكانها بمظاهر اللباس واللغة والمعمار وأسلوب الحياة، كان لزاما علينا الاستعانة بالمرشد السياحي، حيث تم اختيار ''عمي ناصر'' صاحب دكان بيع التحف التقليدية المرتبطة بالمنطقة المتواجد بقلب ساحة السوق بغرداية،الذي قال أن المدينة المشهورة بوادي ميزاب أو شبكة ميزاب هي منطقة صحراوية تقع في جنوب البلاد على بعد حوالي 600 كلم من العاصمة وتشمل احياء بريان، مليكة، بني يزغن، بونورة والعطف، وهي عبارة عن قصور.

تاريخ المدينة

كانت نشأة هذه الأحياء في أوائل القرن الخامس هجري الموافق للقرن الحادي عشر ميلادي والتي قامت بعد سقوط الدولة الرستمية، والملاحظ في أحياء ميزاب السبعة بأن خمسًة منها وهي تَجْنِينْتْ، آت بونور، تَغَرْدَايْتْ، آتَمْليشْتْ، آت اِيزْجَنْ، متجاورة ولا تبعد عن بعضها سوى ببضعة كيلومترات، وتعرف بالقرى الخمس، أما : آت ايبَرقان، وتيقْرار، فهما بعيدتان عن الأحياء السبعة السابقة، (آت ايبَرْقـان :45 كلم شمالا، وتيـقرار: 110 كلم شرقا) وفي ظروف غير معروفة، حُرّفت أسماؤها وأصبحت على ما هي عليه اليوم.

وقد بنيت كل هذه الأحياء على مرتفعات لأهداف كثيرة وبهندسة معمارية مميزة جذبت المهندسين من جميع أنحاء العالم. وتعتبر مدينة تاجْنِينْتْ من أقدم القصور السبعة ويقصد بهذه الكلمة المكان المنخفض، أسسها الشيخ خليفة بن آبغور سنة 402 هـ 1012م، تقع على بعد سبعة كيلومترات من آت بونور، تسمى اليوم بمدينة العطف. . وآتْ بونورْ أُنشئت سنة 457 هـ - 1065 م، واسمها نسبة إلى القبيلة المصعبية التي بَنَت وسكنت هذه المدينة قديما. وتتميز آت بونور بأنها مبنية فوق ربوة صخرية منيعة، مما شكل لها تحصينا طبيعيا وتقع قرب آت ايزجن وحُرِّف اسمها إلى بونورة.

وتَغَرْدَايْتْ التي أنشِئت سنة 447 هـ - 1053م، وأول من سكنها الشيوخ بابا وَالجَمَّة، وأبو عيسى بن علوان وبابا سعد، وأصل تسمية: تَغَرْدَايْتْ بالمزابية هو القطعة المستصلحة من الأرض، والواقعة على حافة الوادي، وتوجد عدة قرى تحمل نفس الدلالة في أرجاء المغرب الإسلامي، وهي أول مدينة تُشاهَد عند القدوم من الشمال وحُرّف اسمها إلى غرداية.

وآتْ اِيزْجَنْ أُسّست سنة: 720 هـ - 1321 م، واسمها نسبة إلى القبيلة المصعبية التي سكنت المدينة وتعتبر آت ايزجن، من العواصم العلمية والدينية العريقة، وهي المدينة الوحيدة التي حافظت على أصالتها من كل النواحي إلى اليوم، وتعتبر المدينة المثالية، ومن أهم مميزاتها، سورها الذي لايزال قائما إلى اليوم.

أما مدينة آت مْليشْتْ فأسست عام 756 هـ - 1355م، اسمها نسبة إلى ''مْلِيكْشْ '' أحد زعماء قبيلة زناتة التي تنتمي إليها قبيلة بني مصعب، تقع على هضبة مرتفعة نسبيا بين قصري تغردايت وآت ايزجن، يستطيع الناظر منها أن يرى القصور الثلاثة (تغردايت، آت ايزجن، وآت بونور).

ومدينة تيـقرَارْ أسست سنة 1040 هـ - 1631م، ومعنى تسميتها الجبال البيضوية التي بجانبها سهول صغيرة مقعرة يستقر فيها الماء وتقع على بعد حوالي 110 كلم شرق القرى الخمس، وهي على أرض طينية، على خلاف المدن الأخرى التي تقع على جبال صخرية، وتشتهر بواحاتها الشاسعة التي يسقيها وادي زقـرير.

وأخيرا مدينة آت ايبَرْقان التي أُنشئت سنة 1060هـ - 1690 م، وهي خيم مصنوعة من الوبر، كان أهلها ذوي خبرة في نسج هذا النوع من الخيم، تقع في تقاطع الأودية الثلاثة بالوح، السّودان، ووادي نْ سَا.

وسميت منطقة ميزاب ببلاد الشبكة، نظرا لتوفرها على أودية عديدة، والتي لا يتجاوز عمقها مائة متر، تتجه كلها من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي، لتنتهي عند بحيرة تتميز بالرمال شمال غرب مدينة وارجلان (ورقلة).

وتتجلى حضارة وادي ميزاب وبني ميزاب في تمسكهم بدينهم، وأصالتهم وتقاليدهم، وفي هندستهم المعمارية الأصيلة، لقد بنوا مدنا كاملة فوق جبال وعرة بطريقة رائعة، رغم أنهم لم يكونوا من أصحاب المعدات الضخمة أو التقنية المتقدمة في ذلك العصر (حوالي 1000 م)، لقد استعملوا الأخشاب والسعف والجريد، ليبنوا قصورا رائعة جميلة تتميز بسحر خاص الى جانب مدن كاملة فوق صخور ضخمة.

ويراعي الميزابيون في تخطيط القرية أن تكون على قمة جبل لتوفير المناعة والمحافظة على الأرض الصالحة للزراعة، ويتم التخطيط للمسجد في الوسط ثم تبنى حوله المساكن ويكون السوق بجانب المسجد وقد كان لا يسمح في القديم ببناء مسجد آخر في القرية مراعاة لوحدة وتماسك الصفوف وتجنبا للفرقة ولا يخفى ما لهيئة العزابة وهي جمعية المسجد من اثر روحي ودور قيادي في المنطقة.

وقد شهدت كل قرية من تلك القرى توسعا في العمران على مراحل التاريخ وكلما اتسعت القرية وتكاثر سكانها توسعت مرافقها العامة ويتم إدخال إضافات على المسجد وإصلاحات في المرافق أو يضاف مسجد ثان ويكون تابعا للأول كلما كانت تلك القرى مسورة بسور يدخل إليها من أبواب معينة.

المحافظة على أثر السلف

وحول استفسارنا عن النظام الاجتماعي المتجذر في المجتمع الميزابي أفادنا عمي ناصر بأن هذه المدن عرفت تنظيما عشائريا محكما فقد كان كل من فيها ينتمي إلى عشيرة معروفة وهناك 19 عشيرة بغرداية لوحدها، والوافد إليها من بعيد يهدف للاستقرار وعليه ان ينضم إلى تجمع عشائري من تلك التجمعات فيصبح عضوا من أعضائه له ما لهم وعليه ما عليهم، ومهما كان حجم العشيرة صغيرا أو كبيرا فإنها تشعر بأسرة واحدة متعاونة ويتفقد بعضها البعض، ويقوم مجلس العزابة بحل الخلافات الحاصلة في المدينة ومقرها المسجد ويستعينون بالشورى فيما بينهم، وتتكون من ممثلين عن كل عشيرة يتصفون بالزهد والإيمان والصلاح. كما يتميز سكان المنطقة منذ القديم بتعلقهم بالعلم خاصة علوم الشريعة وعنايتهم بحفظ القرآن الكريم لدى الجنسين.

وبنو ميزاب قبيلة أمازيغية تحافظ على تقاليدها ومعتقداتها وشعائرها التعبدية وأسلوب حياتها، وتتبع المذهب الإباضي ويعرفون بلباسهم التقليدي وهو عبارة عن سروال فضفاض وطاقية رأس.

وتتميز المنطقة كذلك بظاهرة الزواج الجماعي التي يبادر بها أي ثري لما يزوج ابنه ويتكفل من كل النواحي بتزويج شباب آخرين من المعوزين بهدف تعميم الفرحة على كل أفراد القرية، وأضحت هذه العادة متداولة في العديد من الولايات.

التجارة عصب الحياة

وترتبط معيشة الميزابيين بالتجارة، وكانت قبل ذلك تعتمد على الفلاحة، وكانوا يغرسون النخيل على بعد 5 كلم عن مقر سكناهم، وكشف ''عمي ناصر'' عن تواجد حقول نخيل تعود إلى 3 قرون مازالت تثمر إلى يومنا هذا، ثم تحول نشاط سكان المنطقة إلى التجارة بسبب الشيخ ''عمي سعيد'' مع بدايات تأسيس مدينة غرداية، وقد سمح بتعايش 5 عائلات يهودية كانت تحترف التجارة، ومع مرور الوقت احتك الميزابيون بهم وأصبحوا يمارسون التجارة وتفوقوا فيها، وأفاد أن ثرواتهم يجمعونها بالاقتصاد والتقشف وهو الأسلوب الذي يلقنه الأب لابنه، ويسير عليه الأحفاد فيما بعد والأكثر من ذلك فإن الآباء يوجهون أبناءهم الى العمل وجمع المال بالاعتماد على أنفسهم ولا يتدخل الولي في ذلك حتى يجني الشاب ثروته بتعبه وعرق جبينه دون أي مساعدة من الوالدين.

والملفت في غرداية غياب متسولين أو لصوص، فمجتمع بني ميزاب يتسم بالتآزر الشديد حيث يشرف مجلس الأعيان أو الكبار على إدارة شؤون السكان من تجارة وعلم وشؤون خاصة، وتحكم حياة الميزابيين قواعد صارمة تطبق على الجميع، فكل السكان بمن فيهم أصحاب الأعمال التجارية خارج البلدة يساهمون في تحقيق الصيانة والرعاية للمجتمع المحلي.

ولا يقتصر نشاط وحركة المزابيين على المدن الخمس المحيطة بالوادي، فغالبية المدن الجزائرية تجد فيها متاجر العقاقير مثلا يديرها أحد المنحدرين من القبيلة. فقد أسسوا منطقة صناعية على أطراف غرداية، حيث تتم صناعة معظم الأدوات.

وتعتبر غرداية أحد أكثر المواقع السياحية شعبية في الجزائر، تجلب السياح للتمتع بالكثبان الرملية والواحات والمعمار المتميز وخاصة حرفة الحياكة التقليدية والصناعات اليدوية والزرابي المشهورة، فضلا عن منتوجات نسيجية أخرى مثل البرنوس وملابس الأطفال التقليدية والتحف التذكارية، ومن بين المنتوجات التقليدية الأخرى نجد الملابس الجلدية والنحاس واللوحات الفنية الرملية التي أعطت لوادي ميزاب شهرة كإحدى أهم المناطق الحرفية في الجزائر.

 ---------------------------------

روبورتاج: دليلة مالك

 

فرقة إمكراس الفولكلورية

فرقة إمكراس الفولكلورية

Icon 09لِباسإمَكْرَاسْ(01)

من هم إمَكْرَاسْ؟!

إمَكْرَاسْ: ج. أمَكْرُوسْ. (المكاريس)

وتطلق على الشاب، أي العسكري الذي يحسن حمل السلاح.

وتطلق على الفرقة التي تؤدي العروض الفولكلورية المزابية، برقص شعبي أصيل بالبارودة..

لفرقة "إمكراس" لباس أُبّهةٍ خاص بهم، يظهرون به في مختلف الاحتفالات والمناسبات..

ممثلا في ﭬﻨﺪورة صوفية تُدعى "تِشْبَرْت نْ لّتش" أي الڨندورة الملونة..

لا تتعدّى الركبتين، لونها مزيج من حواش أفقية سوداء بنية، حمراء وبيضاء... تتخلّلها رسوم في أشكال هندسيّة تمثل المشط والعقرب ورسوم أخرى..

حيث يظهرون من خلاله في أبهى حلة مع بعض التفاصيل الأخرى المتمثلة في:

سروال مزابي مصنوع من الصوف أو القماش الأبيض، يمتدّ إلى منتصف الساق.

حذاء بوسعادي أصفر مصنوع من الجلد.

عمامة بيضاء ملفوفة بترتيب فائق حول الرأس. تحيط بها لفات من "تَافْتِيلْتْ" سوداء تبدأ بالدّوران أسفل العمامة ثم تتقاطع في واجهة الرأس لتدور من جديد في أعلى العمامة. (تختلف تفاصيلها من قصر لآخر)

هي تفاصيل تزيد التراث الفولكلوري المزابي جمالا، وصورةً تحتفظ بها الذاكرة عبر سنين وأجيال..

 

Icon 09الرقص الشعبي الفولكلوري(02): 

لكلّ شعب من الشّعوب رقصات خاصة به تنتقل من جيل لآخر.

الرقص الشعبي شكل من أشكال الاحتفال أو الشعائر الدّينيّة. يُتَعلّم من قبل الأفراد كلّما يكبرون في الجماعة بالتّوارث..

فالرّقصة يمكن أن تكون فنًّا طقسيًّا أو استجماميًّا يذهب إلى ما بعد الأغراض الوظيفيّة للحركات التي استعملت، كما أنّها تظهر العواطف، الحالة المزاجيّة، أو أفكار، أو حالة اقتصاديّة أو دينية أو اجتماعية أو تكون موضحة لخبرات بسيطة حيث ‹‹يوجد الرّقص في البيئة الشعبيّة ولا يمكن استئصاله منها لأنّه ابن لبيئته بثقافاتها المختلفة..›› كما نرى في المجتمعات الأمازيغية.

يستخدم الأمازيغ رقصات للاحتفال بالمناسبة:

  1. الدّينيّة (المولد، الأعياد...)
  2. الموسميّة (عيد الزيارة، أنفاش، عيد الزربيّة...)
  3. الوطنية (عيد الاستقلال، أوّل نوفمبر...)
  4. مناسبات الأعراس.

 

تؤدّيها فرق متنوعة ومختلفة.. منها:

"فرقة إمكراس" لدى بني مزاب التي تتميّز بلباسها ونظامها الخاص، إذ لكل قصر من قصور مزاب فرقة تُعرف بها وتسمية خاصة بها.

تؤدى عادة في أماكن عامة مفتوحة وفي الأسواق غالبا.حيث ترتفع أغبرة البارود وتنطلق نغمات الزرنة والطبل.. بنغمات خاصة يعرفها الكبير والصغير عندهم.

لها حركات تميزها عن غيرها من الفرق والرقصات الشعبيّة للشعوب الأخرى..

تقف فرقة إِمَكْرَاسْ إلى جانب صفوف المتفرّجين لتعمير البارود في حزم واندفاع.. ينتظم الراقصون في صفين يتقابلان، يتقاطعان ثم يصطفّان في خط واحد وهكذا.. ترتفع الأيدي بالبنادق فتحركها وفق وتيرة النغم، تنظم اليدان لشدّ البنادق حين يكون الرّقص منسجمًا، حركة الأرجل تتابع أيضًا بنبرات الإيقاع فتتناوب لمسايرته رجل مثبتة يقفز بها الرّاقص الحر والأخرى تتدلّى في جيئة وذهاب، ترتاح الثانية فتتدلى الأولى وهكذا..

وعليه بنيت الرقصات الشعبيّة على أشكال وحركات كثيرة اعتمادًا على معتقدات خرافيّة..

فمثلًا كان عدد من الرّقصات الشعبيّة القديمة تؤدى في "دائرة" لاعتقاد البعض أن لهذا الشكل قوى سحريّة.

وفي بعض الثقافات القديمة كان هناك اعتقاد بأن الحركة الدائريّة تجلب الحظ السّعيد وتبعد السّوء.

 -----------------------------

(01) بقلم Zineb Ch

(02) بقلم Zineb Ch

في ضيافة مزاب مالك بن نبي

إن الطريق الذي اتخذته ما بين الجزائر العاصمة إلى غرداية في الأسبوع الماضي، يقطع المناطق الجزائرية الثلاث، فالمسافر يستطيع أن يشاهد في ساعات قليلة تلك المناظر النموذجية من التل ومن النجود، ومن الصحراء وهي تتلاحق أمام عينيه، إنه الخط أو الطريق الذي يبرز ثرواتنا السياحية المختلفة، ولاسيما في هذا الفصل من السنة حين يمد الربيع زربية خضراء تغطي كل المناطق السهلية منها والجبلية، إنه يقدم للمسافر طيلة الطريق، موكبا من الزهور الرائعة المختلفة التي تحيي المسافر وتستقبله، وكأنها فرقة شرفية.

وتبدأ المناظر الطبيعية في التغير شيئا فشيئا من أخضر فاتح إلى أخضر داكن وتبدو المسافات في التباعد ما بين الأشجار شيئا فشيئا، وتختفي عن الأنظار نهائيا كلما توغلنا نحو الجنوب، وتظهر فجأة القوافل الأولى للجمال وهي ترعى بمحاذاة خط سكة الحديد غير بعيدة من مدينة (عين وسارة) وغير بعيد عن هذه المنطقة، وقبل الوصول إلى (الجلفة) يظهر الكثيب الأول من الرمال الذهبية.

 

لماذا يجد الأجانب الذين يصلون إلى (مزاب) أنفسهم فجأة أمام مملكة سحرية رائعة خلابة ؟ ذلك هو السؤال الذي ألقي علي – أو هو على نحو من ذلك – وأنا أسْتقبَل بكل حفاوة من طرف المسؤولين في مركز الحزب بغرداية.

هل هو الابتهاج ؟ ولكن هذا الشعور أظنه إحساسا عاما، يشعر به كل أحد، حتى المسافر الجزائري القادم من الشمال يحس به، إني أعتقد أن هذا الشعور يعود أولا إلى الإحساس بالاغتراب، والابتعاد عن العمران.

هذا الاحساس الذي يحس به المرء وهو يقطع المسافة الطويلة الخالية العارية ما بين (الجلفة) و (مزاب).

 

إن الشعور بالاغتراب يحس به ابن (مزاب) أيضا حين يقف في (المستجاب) حيث خصصت التقاليد المحلية هذا المكان المطْلي باللون الأبيض الضارب إلى الزرقة ليقف فيه المسافر المغادر داعيا الله بالحفظ والسلامة حين يودع أهله وبيته متجها إلى مقر عمله بالتل.

إن السائح القادم من التل يشعر بمثل هذا الشعور، وهو يغادر الجلفة ليقطع الصحراء الشاسعة، إن الشعور بالابتعاد عن الأهل والعمران شعور متشابه.

إن ابن البلد يعبر عن ابتهاجه بالوصول وهو يؤدي صلاة شكر لله في (المستجاب). أما السائح فيشعر بالابتهاج والسرور حين يحس بالنجاة وهو يكشف فجأة أسطح المنازل الممتدة تحت عينيه وهو يصل إلى غرداية من أعالي جبالها المطلة عليها وعلى قرى وادي مزاب المجاورة.

 

وهكذا يجد السائح الغربي – المتعود على الأشجار وتزاحم السكان – نفسه فجأة في موطن آخر مغاير يتمثل في النخيل ووجوه المزابيين أنفسهم، إن السائح لا يبحث عن التغيير أو الجديد في الأوطان متمثلا في أي تغيير يحدث في الأمن الذي يراه، إنه شخص هارب مما تعود على رؤيته والعيش فيه، هارب من مكتبته، من مصنعه، من (المترو) من مدينته المضطربة الخائفة، إن ابتهاج السائح الذي يصل مزاب لأول مرة يفسره هذا الإحساس المزدوج، إنه يفر مثلنا من هذه المساحة الشاسعة الخالية التي تُهيْمِن على المشاعر على حساب الأخلاق والقيم.

إنه يجد في مزاب وجها لحضارة جديدة، إنه هذا الوجه الذي أهمني بصفة خاصة ولابد من العودة دونما شك في التاريخ الجزائري إلى الوراء.. إلى آخر عهد الدولة الرستمية لنجد الجذور لهذه الحضارة الموجودة هنا بعد انقراض الدولة الرستمية على يد الفاطميين في (تاهرت).

 

إن أصول هذه الحضارة إنما حملتها أمواج الأحداث إلى هذه المنطقة حملتها العواصف التاريخية الهوجاء بذرة واحدة وزرعتها حيث تنمو اليوم مدينة (العطف) التي هي جدة مزاب ومنذ ذلك الحين فإن البذرة تضاعفت و تكاثرت، واليوم فإن مزاب يتكون من: العطف، بونورة، مليكة، غرداية، بني يزقن، وأنا لا أورد هذه القرى حسب أولوية نشأتها التاريخية حتى لا أخطئ، غير أني أحدد بأن المدينتين (بريان)و(القرارة) اللتين يعود عمرهما إلى ثلاثة قرون هما آخر حلقة في شجرة هذا النسب.

إن هذه القرى تكوِّن مجتمعا متماسكا، وهذا التكون لا يعود إلى الخصائص الدينية فحسب، وإنما يعود إلى الإجماع الذي يُقعِّد كل علاقات الأفراد مع المجموعة والعكس، ومن ثم فإن المزابيين يكوِّنون مجتمعا روحيا بأتم معنى الكلمة أنهم (مورمون) الجزائر.

 

إن القاعدة الأخلاقية هنا تتطلب من كل واحد احترام المجموع، هذه القاعدة التي تُجبِر كل فرد على احترام المجتمع، وتفرض عليه السلوك السوي، هذه القاعدة الإجبارية تذهب إلى حد البراءة والنفي للأفراد في بعض الحالات التي تستدعي ذلك، ففي حالة إعلان البراءة من الشخص يصبح غير مستطيع الاندماج في المجتمع من جديد إلا بعد أن يعلن التوبة من ذنبه صراحة أمام الملأ في المسجد، إنه ما نسميه اليوم (النقد الذاتي) وإننا نلمس آثار المحافظة على هذه القاعدة الهامة في المجتمع هنا إذ أننا لا نرى في (مزاب) أية علامة للانحراف أو التشرد كما نراها في غير مزاب.

لم أر شخصا واحدا أُخِذَ بجريرة السُّكر في أزقة (غرداية) – على سبيل المثال – هذه المدينة الأكثر تفتحا باعتبارها تستقبل مختلف الأجناس ولم أر أية علامة للانحطاط الأخلاقي الاجتماعي، كأن يكون المرء في رحمة السؤال وطلب الصدقة، أني لم أر متسوِّلا واحدا طيلة إقامتي، وبتعبير آخر نقول: إن الوسط المزابي: يحقق بقوة الشروط النفسية والاجتماعية لبناء حضارة مصغرة (micro-civilsation)، إن الموضوع يستحق دراسة اجتماعية مفصلة غنية بالمعلومات، إن أبناء مزاب الذين يزاولون بكثرة اليوم التعليم العالي ينبغي عليهم أن يخصصوا بعض الأطروحات الأكاديمية لهذا الموضوع.

 

 

 

 

 

إن الذي أريد تسجيله هنا هو تعجبي من سؤال أحد المتعاونين –الذين تفضلوا باستضافتي إلى ناديهم بغرداية – حينما وجه إلي السؤال التالي:

هل تعتقدون أن الموانع الدينية الموجودة هنا تسمح بتطور المجتمع؟”، يبدو لي أن هذا السؤال يحرق مراحل تاريخية هامة. فإنه قبل أن يفكر أي مجتمع في تبني أشكال حضارية جديدة للتطور عليه أن يفكر أولا في المحافظة على جوهره وماهيته، ويحافظ على وجوده، هذا الذي له الأولوية، فإذا حدث له انقلاب أو طفرة، فإن التطور عندئذ يصبح بالنسبة إليه أشبه ما يكون بممر خطير فوق هوة سحيقة دون حواجز فإنه بعثرة قدم واحدة يتدحرج ساقطا في الهوة، وهو السقوط في هُوَّة التسول والسكر، والعهر والتشرُّد.

وعندما أسأل هل الموانع الدينية تسمح للمجتمع بالتطور، فإن هذا السؤال يكون عندئذ كمن يقول لماذا لا يحطم المجتمع الحواجز لينتحر، إنني أعلم بالطبع أن السائل قد لا يقصد هذا ولكني أنا ترجمته واستشففته من خلال نظرتي إلى التاريخ والحضارة، وهي ليست نظرة السائل طبعا.

ومهما يكن من أمر، فإن المجتمع المزابي قد حافظ بحكمة وتبصُّر على الحواجز حتى يستطيع المرور من العصر الوسيط إلى العصر الحديث في أمن.

والواقع إنه توجد في هذا الجزء من الجزائر إمكانات للتطور غير مقدرة وغير معروفة في باقي نواحي القطر.

إنهم قلة قليلة أولئك الذين يعرفون أن أول مدرسة عصرية أنشأت بمدينة (تبسة) منذ ما يقرب من نصف قرن، وأقل من القليل من يعرف أن هذه المدرسة إنما أنشأها الشيخ عباس بن حمانة بمعونة تاجرَيْن من مزاب، إننا نرى هنا الوطنية الفتية والتقاليد الأصيلة (سموها إن شئتم موانع دينية) تلعب دورا مهما في الحفاظ على الشخصية الجزائرية في وقت كانت فيه مهددة تهديدا شديدا، إن بداية هذا التطور الثقافي تعود إلى أواخر القرن الماضي.

زرت في بني يزقن المكتبة التي تحتوي على التراث القيم الذي تركه الشيخ اطفيش، هذا العلامة الشهير الذي جاوزت شهرته حدود مزاب، بل وحدود القطر الجزائري، وأنا لا أتحدث هنا عن شهرته ونفوذه في المجتمعات الإباضية الأخرى من عمان إلى جبل نفوسة باعتباره عالما مسلما لا أكثر ولا أقل، تفاعل مع الأحداث الكبرى التي كانت تشغل العالم الإسلامي في بداية القرن العشرين عندما كان العالم الإسلامي يواجه أخطر اللحظات التي مر بها في تاريخه.

إن سليمان الباروني الذي جسد أهم الفترات الدراماتيكية للمقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي لم يكن سوى تلميذ من تلامذة الشيخ اطفيش، وهذا له دلالته العميقة.

أراني القيم على مكتبة الشيخ اطفيش – وهو من عائلته – أراني الأوسمة العلمية التي حصل عليها قبل 1908 التي هي سنة الثورة التركية، حين حصل الشيخ على وسام (الباب العالي) وحصل على وسام من سلطان زنجبار، ووسام من الأكاديمية الفرنسية لمقدرته العلمية.

مات الشيخ في سنة 1910 في دويرة، تُفُضِّلَ عليّ بزيارتها من باب يؤدي إليها من المكتبة نفسها، وهناك تحت السقف المتواضع المسقف بخشب النخل كانت الحلقة التي يجتمع فيها بتلامذته.

ولم ينقطع هذا التيار الثقافي الذي تركه الشيخ بموته، فقد كان له من تلامذته من واصل مسيرته التي تعتبر إرهاصا للحركة الإصلاحية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى في الجزائر.

وكان الشيخ أبو اليقظان – الذي زرته وهو على فراش المرض – من ألمع هؤلاء التلامذة.

واليوم قام المعهد الإسلامي بمدينة القرارة (معهد الحياة) تحت الإدارة الحركية الحازمة للشيخ بيوض بمد هذا التيار إلى مرحلة ما بعد الثورة حيث نجد التعريب من أهم المشاغل والاهتمامات الوطنية.

لقد اتصلت بتلامذة المعهد في عدة لقاءات، هذه الشبيبة المجتهدة التي تواصل حمل هذه الرسالة، وتحمي التقاليد الأصيلة دون أن تغفل مشاكل العصر، إنها تعالج مشاكل العصر ولكن دون أن تكون سببا لإزاحة الحواجز الواقية المشار إليها. و بالنسبة للاحتياجات المادية لتسيير المعهد فإن المجتمع هو الذي يقوم بها، هذا المجتمع الذي من خصائصه أن يكون كل فرد فيه من أجل المجموع وكل المجموع من أجل الفرد، إنها القاعدة السحرية التي تنظم الحياة والعلاقات في المجتمع المزابي.

ففي (العطف) حين تضررت الطريق المؤدية إلى غرداية بفعل فيضانات السيل، فإن الشبيبة قامت على الفور بإصلاح ما فسد، وفي (القرارة) حين تقرر بناء مسجد جديد قام الشباب على الفور بالعمل التطوعي، إن التطوع هنا من أهم قواعد العمل الاجتماعي.

كان لابد من إقامة أطول من أجل تفاصيل أكثر، فإن ما كتبته هنا عبارة عن خواطر ملخصة كنت أسجلها صدفة.

في “القرارة” قدموا لي ونحن في الواحة تحت النخيل إمام المسجد الذي عاد ولا شك لتوه من فلاحة نخله، كان يلبس لباس الفلاحين بقامة معتدلة متمنطق بحزام غليظ ذي مسامير نحاسية، ويداه القويتان مخددتان من كثرة العمل.

وفي “العطف” قمت بزيارة المسجد بين المغرب والعشاء فكان أن سلمت على المؤذن الذي استقبلني في هيأة العزابة (الرداء) كما كان متوقعا، ولكني دهشت حين التقيت به صباح غد بلباس الفلاحين في إحدى أزقة العطف وهو عائد من حقله. من هنا عرفت أن العمل هو القاعدة التي تحكم هذا المجتمع.

وهنا لابد أن أسجل هذه الملاحظة الهامة، على الجزائري الذي يزور (مزاب) أن لا يذهب إليه بهدف التصوير وأخذ المناظر الفتوغرافية كما يفعل السياح بحثا عن المناظر التقليدية ذات الألوان المحلية، وإنما ينبغي الذهاب إلى هناك بضمير الباحث الذي يرغب في تمزيق الأغلفة، فإنه بعد تمزيقها يجد في مزاب شيئا جديدا، هذا الجديد الذي هو مِلْكٌنَا جميعا.

المفكر الجزائري مالك بن نبي

جريدة الثورة الإفريقية، الصادرة بالفرنسية بالجزائر، بتاريخ: 20/05/1968.

تعريب الدكتور محمد ناصر

قالوا عن الإباضية

  • الأستاذ الفاضل الشيخ محمد شحاته أبو الحسن

    أنا لا أحابي أحداً في موقفي هذا، ولكني أقول إن أصحاب هذا المذهب الذي تجنَّى عليه البعض، أكثر منَّا تسامحاً واستجابة لأمر الله سبحانه بالتآلف،  فقد عشت بين أظهرهم، أقوم بتدريس مادة التفسير في معهد القضاء الشرعي ما يزيد على اثني عشر عاماً لم أجد ما يكدِّر الصفو، ولا ما يحملني على قولٍ بعينه دون دليل، رغم الاختلاف في بعض المسائل، وكنا أنا وطلابي والعلماء الأجلاء في المذهب نتبع الدليل الأقوى فممن اعترف لهم قديماً عالم المدينة مالك بن أنس، فإنه قال خطبنا أبو حمزة خطبة حيرت المبصر وردت المرتاب، وأبو حمزة هو..  .

    اقرأ المزيد

  • السيد مصطفى بن إسماعيل المصري

    إن مذهب الاباضية نسبة إلى الإمام عبد الله بن اباض هو أقدم المذاهب تاريخاَ وأوثقها مصدراَ وأصحها تأويلا وأحفظها للباب طهارة الدين الحنيف ونقاوته وسماحته وزكاوته وعلى ذلك فليس ثمت مراء في انه هو الطريق الحق الذي كان يمضي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة معه و....

    اقرأ المزيد
  • الكاتب المنصف العالم الزيتوني الأستاذ عبد العزيز المجذوب

    أبرز ما يتصف به الإباضيون تمسكهم الشديد بالدين ، بأداء فروضه وتجنب نواهيه - إلى حد الغلو - وبُغظهم المفرط لأصحاب الظلم والفساد ، وبفضل هاتين الصفتين استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم عزًّا دينيا، ومجداً سياسيًّا ، خلَّد ذكرهم في التاريخ الصراع المذهبي بإفريقية إلى...

    اقرأ المزيد

  • العلاّمة الكبير السيد عبد الحافظ عبد ربّه، من علماء الأزهر الشريف

    لقد استنبطوا مذهبهم من القرآن الكريم ، واقتبسوه من السنة المطهرة ، وسلكوا في مسيرتهم إلى عبادة الله نفس الطريق التي سلكها الصحابة ، وارتضاها الإجماع ، وحرصوا كل الحرص على أن تكون خطواتهم على ذات الدرب ، وفي نفس الطريق ، وفوق " إفريز " الشارع ، ومع السبيل التي قطعها الرسول صلوات الله وسلامه عليه في مشواره الطويل و...

    اقرأ المزيد

  • الشيخ عمر محمد صالح با من السنغال مالكي المذهب

    يقول في مؤلفه عن الاباضية : غير أن المبرر الذي نعتبره أكثر إلحاحا لتعريف الناس بالمذهب لأباضي، هو السعي لإزالة فهم تاريخي خاطئ عن هذا المذهب تداوله الكتاب، وأصبح سائدا في الأوساط العلمية وغير العلمية "التقليدية" وهذا المفهوم يتحمل تبعته كتاب غير دقيقين في كتاباتهم ولا مقدرين مسئولية نحو المادة العلمية التي يقدمونها إلى الجمهور كشيء...


    اقرأ المزيد

  • العلامة الجليل عز الدين التنوخي عضو المجمع العلمي بدمشق سابقاً

    كل من يتهم الإباضي بالزيغ والضلال فهو ممن فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً ، ومن الظالمين الجهَّال"خلاصة الوسائل في ترتيب المسائل " ص ح ، ط1 . المطبعة العمومية بدمشق.

 

فيديوهات

  • إنصاف د. محمود هرموش للإباضية

    Icon 07مقاطع مِن محاضرة " الإجتهاد الفقهي عند الإباضية وغيرهم " للدكتور/ محمود مصطفى عبود هرموش ألقاها بمسجد الغفران  غرداية - وادي مزاب - جنوب الجزائر)  4 محرم 1432هـ  يوافقه الجمعة 10 / 12 / 2010....

    شاهد الفيديو
  • الأستاذ الدكتور علي جمعة

    Icon 07الإباضية بعيون مصرية ـ برنامج مجالس الطيبين للأستاذ الدكتور علي جمعة كلام من ذهب في أدب الإختلاف و دعوه للتقريب بين المذاهب

    شاهد الفيديو

قيمة العمل عند المرأة المزابية

قيمة العمل عند المرأة المزابية(01)

Icon 07

لقد أثرت قساوة الطبيعة الصحراوية الصخرية إيجابا على سلوك المزابيين، فصار العمل عندهم، قيمة تلازمهم طول الحياة، فعلى كل فرد في المجتمع أن يكد ويتعلم حرفة تدفع عنه الفقر، وتعلمه الاعتماد على النفس وعدم انتظار المساعدة من الغير. لذلك فإن من ضمن ما تتعلمه البنت منذ صغرها إلى جانب شؤون البيت المختلفة نسيج الزرابي والألبسة الصوفية، والخياطة وغيرها، فالبنت مطالبة بنسج أفرشة بيت الزوجية، وإن لم تقم بذلك عد عليها منقصة وضعفا، كما عليها أن تنسج وتخيط لباس زوجها وأولادها، وأن تكون المفروشات التقليدية لبيت استقبال الضيوف من صناعة يدها، كذا الأطباق المختلفة التي تقدم للضيف وإلا عدت ناقصة ولا تستحق لقب ربة بيت.

"لقد كان اقتصاد المنطقة يتعاون على حمله كلا الجنسين، فبينما يظل الرجل في بستانه مُكابداً لقساوة الطبيعة وصادا لغارات البدو، كانت المرأة في منزلها تغزل وتنسج، علاوة على قيامها بشؤون البيت المعروفة."

فإلى عهد قريب كان النسيج في مزاب، يمثل موردا رئيسا في توفير حاجة المزابيين من الملبوسات الصوفية، والفائض منه يتم مقايضته بالمادة الأولية وبعض المواد الغذائية التي يأتي بها البدو للبلد كالسمن والقمح وغيرها، وكانت المرأة هي سيدة هذا القطاع الإنتاجي بلا منازع، وكانت يديها تدر ذهبا، إذ ذكرت التقارير الاستعمار الفرنسي أن قيمة ما تنتجه النساء المزابيات من المنسوجات الصوفية في القرن التاسع عشر الميلادي، تقدر بما يقارب 70 ألف قطعة سنويا، ﺑ 20 فرنك فرنسي للقطعة الواحدة، وكانت حوالي سبعة آلاف امرأة مزابية تشتغل في النسيج بالبيت، بقوة إنتاجية تساوي 10 قطع سنويا للمرأة الواحدة.

إلى جانب قيمة الإنتاج الذي تمتاز بها المرأة بمزاب فهي تمتاز أيضا بقيمة الاقتصاد في المعيشة وترشيد استهلاكها، فلا يسمح بالتبذير بكل مظاهره، والاستهلاك يكون فقط على قد والأم هي الحارس الأول والضابط لهذا السلوك، حيث تنشئ عليه أبناءها الذين سيعيدون إنتاج نفس الأنماط الاجتماعية؛ فيصبح العمل وتقديسه، والحرص على الاقتصاد ونبذ الإسراف عادة، وخاصية نمط عيش، مبني على الاكتفاء الذاتي والتكيف مع معطيات الحياة مهما كانت، إلا أن تطور الحياة وما شهدته أنماط المعيشة من تحولات عميقة، لم تبق للمرأة ذلك الدور الاقتصادي كما كان.

-------------------------------------------

(01) nir-osra.org

كلمات أمازيغية في طور الانقراض

كلمات أمازيغية في طور الانقراض من الاستخدام الشعبي في أمازيغية الريف

c 7 70 كلمة نموذجا

-كلمة tudert (معناها: الحياة) أصبحت تختفي من الاستخدام الشعبي في مدن الريف، ويستخدم الشباب الريفي بدلها كلمة "لحايات".

-كلمة tidett (الحقيقة) مهجورة من لدن الشباب الريفي الذي يستعمل بدلها كلمة "رحقّ" أو "لحقّ" أو "لحاقيقا".

-كلمة aẓřiأو aẓli (معناها: الجَمال / الحُسْن) أصبحت مجهولة أو مهجورة لدى معظم الشباب من الريفيين الذين يستخدمون بدلها كلمة "زّين".

-كلمة yedder (عاش) أو yettedder (يعيش) يتخلى عنها شباب الريف ويستبدلونها بكلمة "إيعيش / يتّعيش".

-أيضا كلمة yezdeɣ (سَكَنَ) أو izeddeɣ (يسكن) أصبح الشباب يتخلى عنها لصالح كلمة "إيعيش / يتّعيش".

-كلمة minziأو mayenzi (لأن / بسبب أن) أصبحت كلمة شبه مجهولة لدى معظم الشباب والمراهقين الريفيين الذين يستعملون بدلها كلمة porqueالإسبانية أو "لاخاطار" أو "لاحقّاش".

-كلمة ajellidأو ajedjid (المَلِك) هي في طور الانقراض. والشباب في الريف يستخدمون بدلها كلمة "لماليك".

-كلمة ijjen (الرقم واحد، 1) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "واحيت".

-كلمة yejrew (جَمَعَ) وijarrew (يَجْمَع) يتخلى عنها الريفيون ويستعملون بدلها كلمة "يجمع / إيجمّع".

-كلمة ajraw (الجمع / التجميع) يستبدلها الريفيون بكلمة "أجماع".

-كلمة timerniwt (الزيادة) يستبدلها الشباب الريفي بكلمة "زّيادا".

-كلمة yebḍa [يبضا] (قَسَمَ / قَسَّمَ / فَصَلَ) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "إيفارق / يفْرق".

-كلمة msebḍan [مسبضان] (اِفترقوا / انقسموا / انفصلوا) يتخلى عنها الشباب الريفي ويتبنى كلمة "مسفراقن".

-كلمة yeṛwiأو yeṛwey (خَلَطَ) يتخلى عنها الشباب الريفي ويستعمل بدلها كلمة "إيخلّط".

-كلمة yemsar (حَدَثَ / وَقَعَ) يتخلى عنها الريفيون ويستعملون بدلها كلمة "يوقع".

-كلمة yuca [يوشا] أو yettaca [يتّاشا] (المعنى: أحَسَّ / يُحِسُّ، شَعَرَ / يشعر) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "إيحسّ / يتّحيسّا". (ملاحظة: يجب تمييز yuca [يوشا] عن كلمة yewca [يوشا] التي معناها: أعطى، ويجب تمييزها أيضا عن yucer [يوشر] ومعناها: سَرَقَ).

-كلمة yedjaأو yella (كائن / موجود) يتخلى عنها الشباب الريفي في كثير من السياقات ويستعمل بدلها كلمة "موجود".

-كلمة uridأو uridd (معناها: ليس) تخلى عنها معظم الريفيين لصالح الكلمة الدارجية "ماشي".

-أيضا كلمة waredjiأو warelliأو wer yelliأو wer yedji (معناها: ليس) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح الكلمة الدارجية "ماشي".

-كلمة ad yelmedأو ad yeřmed (معناها: سيتعلم) يتخلى عنها شباب الريف ويستبدلونها بكلمة "أذ يعلّم".

-كلمة yeccoṛ [يشّور] أو yettcaṛa [يتّشارا] (المعنى: مَلَأ / يملأ، اِمْتَلأ / يمتلئ) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "إيعمّار / يتّعمّار".

-كلمة tadjestأو tallest (الظلام / الظلمة) لا يعرفها إلا البالغون ومجهولة لدى الأطفال والشباب الريفيين الذين يستعملون كلمة "طّرام".

-كلمة yoṛa (فَرِغَ / كان فارغا) تنقرض لصالح كلمة "يخوا".

-كلمة yeṭṭef [يطّف] (قَبَضَ / أمْسَكَ) أو eṭṭef [ءطّف] (اِقبضْ! / أمسكْ!) أو eṭṭfen [ءطّفن] (قبضوا / أمسكوا) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "مْنع / منعن". ومثلا بدل أن يقولوا eṭṭfen aceffaṛ (أمْسَكوا باللص) يقولون "منعن اشفّار".

-كلمة arأو ar-dd (صُبَّ! / صب الشاي في الكأس مثلا / أفْرِغْ!) أصبحت كلمة منقرضة لدى الشباب الريفي الذي يستعمل كلمة "فرّغ".

-كلمة yenneḍ [ينّض] أو yettenneḍ [يتّنّض] (دَارَ / يَدور، دورة) هي كلمة تتراجع لدى الشباب الريفي لصالح كلمة "إيدور / يتّدورا".

-كلمة yerraأو yarraأو yarr-dd (أجابَ / رَدَّ) تتراجع لدى الشباب أمام كلمة "إيجاوب / إيواجب".

-كلمة yeɣza [يغزا] أو yeqqaz [يقّاز] (حَفَرَ / يحفر) يتخلى عنها الشباب لصالح كلمة "يحفر / إيحفّر".

-كلمة yefṛeɣ [يفرغ] (كان معوجا غير مستقيم) يستبدلها الريفيون بكلمة "إيعوّج".

-كلمة iřemأو ilem (الجلد البشري، أو الجلد المستخدم في صنع الملابس) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "جّلد".

-كلمة ass (اليوم) وussan (الأيام) يتخلى عنها الشباب الريفي ويستبدلها بكلمة "نّهار" و"نّهوراث".

-كلمة assa (اليومَ / في هذا اليوم) يتخلون عنها لصالح كلمة "نْهارا".

-كلمة aseggʷas (العام / السنة) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "عام".

-كلمة anebdu (فصل الصيف) لم يعد يعرفها الأطفال والشباب في المدن، ويستعملون بدلها كلمة "صّيف" أو "رخريف".

-كلمة amsagar (الاجتماع / الالتقاء / الملتقى / المؤتمر) مجهولة لدى الأطفال ومعظم الشباب، يتخلى عنها الريفيون ويستعملون بدلها كلمة "أمرقي / أملقي".

-كلمة msagaren (اجتمعوا / التقوا) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "مّرقان / مّلقان".

-كلمة yurأو ayur (القمر) يتخلى عنها الشباب الريفي ويستخدم بدلها كلمة "لقامار".

-كلمة yessiɣ [يسّيغ] أو yessaɣa [يسّاغا] (أشعلَ / يُشعِلُ، أضاءَ / يضيء) يتخلى عنها الشباب الريفي ويستبدلها بكلمة "يشّع".

-كلمة yerɣa [يرغا] أو yareqq [يارقّ] (المعنى: سَخُنَ / يَسخن، اشتعل / يشتعل) يستبدلها الريفيون بكلمة "يحما / يتّيحما". فمثلا بدل استخدام العبارة الأصيلة aman yerɣan (الماء الساخن) يتم استخدام عبارة "امان يحمان".

-كلمة yesserɣ [يسّرغ] أو yesraqqa [يسراقّا] (أشعلَ / يُشعِلُ، سَخَّنَ / يُسَخِّن) يتخلى عنها الشباب الريفي ويستبدلها بكلمة "يشّع" أو "يسّيحما".

-كلمة tirɣi [ثيرغي] أو taruɣi [ثاروغي] (الحرارة / السخونة) انقرضت لدى شباب الريف واستبدلت بكلمة "رحمو / لحمو".

-كلمة aṣemmiḍ [أصمّيض] (الريح) يتبنى الشباب عوضا عنها كلمة "أرّيح".

-كلمة řaẓأو laẓ (الجوع) يتخلى عنها الريفيون (خصوصا الشباب) ويستخدمون بدلها كلمة "جّوع".

-كلمة maca [ماشا] (معناها: لكن) يتخلى عنها الشباب ويتبنون بدلها كلمة "والاكين".

-كلمة tacamma [ثاشامّا] أو tcamma [ثشامّا] (معناها: الكُرَة) يستبدلها الشباب بكلمة "بالون" أو pulitaأو pilutaمن الإسبانية pelota.

-كلمة taɣaṛect [ثاغارشث] (العصا / العكاز / العمود الخشبي) وجمعها tiɣeṛyinيتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "أعموذ" أو "أعكّاز".

-كلمة ilulأو iřuřأو iřař (وُلِدَ، من الولادة) اختفت تقريبا من الاستخدام في المناطق الحضرية واستبدلها الريفيون بكلمة "يخرق-دّ / يخلق-دّ".

-كلمة tuzgert (الطول) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "طّول".

-كلمة tirew (العرض، الاتساع) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "لعرض".

-كلمة tazeqqa [ثازقّا] (سقف الغرفة، سطح البيت) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "سّقف" أو "سّطح".

-كلمة azeyzaأو azeyzaw (أخضر، اللون الأخضر) يتخلى عنها كثير من الشباب الريفي لصالح كلمة "أرّبيع".

-كلمة axxam [أخّام] أو taxxamt [ثاخّامث] (البيت، الغرفة) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "ربيت / لبيت".

- yebyes (لَبِسَ حزاما حول سرواله، رَبَطَ حزام السلامة في السيارة) تتراجع لدى الشباب الريفي لصالح كلمة "إيحزّم".

-كلمة yoḍen [يوضن] (معناها: مَرِضَ، أصابه مرض) انقرضت بشكل شبه كامل ولم يعد يعرفها إلا بعض كبار السن في مدن الريف، ويستخدم الريفيون بدلها كلمة "يهرش / يهلش". وبدل الكلمة الأمازيغية aṭṭan [أطّان] (المرض) يستخدم الريفيون كلمة "رهراش" أو "لهلاش" أو "لماراض".

-كلمة yellefأو yedjef (طَلَّق امرأة، أنهى الزواج معها) أصبحت كلمة منقرضة الاستخدام لدى كثير من الريفيين رغم أنهم يعرفون معناها، ولا يعرفها كثير من الشباب، ويستخدم الريفيون بدلها كلمة "إيطلّق".

-كلمة yeffu (أصبحَ، أشرقت عليه الشمس) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "يصبح-دّ".

-كلمة yedwelأو yedweř (رَجَعَ) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "يعقب".

-كلمة yessecmeḍ [يسّشمض] (أحرَقَ) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "يسحارق".

-كلمة yecmeḍ [يشمض] (اِحترَقَ) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "إيحارق".

-كلمة acemmoḍ [أشمّوض] (البقعة المحترقة) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "أحارّوق / أحرّوق".

-كلمة yuyda (استوى / اعتدل / تساوى) أصبحت منقرضة الاستخدام لدى معظم الريفيين الشباب الذين يستخدمون بدلها كلمة "إيسارّح".

-كلمة yejres (تَجَمَّدَ / تحولَ إلى جليد) مجهولة لدى معظم الشباب الريفي الذي يستعمل كلمة "يجمذ".

-كلمة tajrestأو tajarest (فصل الشتاء) مجهولة لدى معظم الشباب الريفي الذي يستعمل "رمشتى / لمشتى".

-كلمة mquddan [مقودّان] (تعادلوا / تعادل الفريقان، مثلا) انقرضت من الاستخدام لدى الشباب لصالح كلمة mpatarenذات الأصل الإسباني من empatarأو "تْعادْلن".

-كلمة yeẓwa (عَبَرَ، عبور الطريق مثلا) يتخلى عنها الشباب لصالح كلمة "يقظع".

-كلمة ajemmaḍ [أجمّاض] (الضفة / الجهة / الناحية) يجهلها معظم الشباب والأطفال، ويستعملون بدلها كلمة "جّيهت".

-كلمة taɣmert [ثاغمرث] (معناها: الزاوية) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "طّرف". وفي سياق كرة القدم يستعمل الشباب بدلها كلمة cornerالإنجليزية والتي تعني بالإنجليزية حرفيا: الزاوية.

-كلمة tma [ثما] أو tama [ثاما] أو abadu (معناها: الحافة، الطرف، الحد) يتم استبدالها أيضا بكلمة "طّرف".

-كلمة yeyzem (جَرَحَ / جُرِحَ) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "إيجارح / يجرح".

-كلمة icerri [إيشرّي] أو icarri [إيشارّي] (معناها: الكبش) وجمعها acraren [أشرارن] يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "أحوري / أحولي".

-كلمة izmer (الخروف / الحَمَل) يتخلى عنها الشباب الريفي لصالح كلمة "أحوري / أحولي".

-كلمة azemmur (الزيتون / الزيتون البري) أصبحت مجهولة لدى الشباب الريفي ولا يعرفها إلا البالغون والمسنون ويتم استبدالها بكلمة "زّيتون".

-كلمة tiqqest [ثيقّسث] (الألم) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "رحريق / لحريق".

-كلمة ijemmarأو igemmar (يصيد / يصطاد / يقنص) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "يتّصيّذ".

-كلمة anejmarأو anegmar (الصياد / القناص) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "أصيّاذ".

-كلمة tafřewtأو taflewt (لوحة خشب) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "دجوح / لّوح".

-كلمة adjiأو alli (المخ / الدماغ) تخلى عنها الشباب الريفي ويستخدم بدلها كلمة "رموخّ / لموخّ".

-كلمة taṛacca [ثاراشّا] أو tṛacca [ثراشّا] (معناها: الشبكة) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "شّبكا".

-كلمة tamijjaأو tmijja (الحلق، الحنجرة) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "رحرق / لحلق".

-كلمة yerzef (زارَ) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "إيزور". وأيضا كلمة arzafأو tarezzift (الزيارة) يتم استبدالها بكلمة "زّيارا".

-كلمة yerwes (شَبَهَ / شَابَهَ) يتخلى عنها الريفيون لصالح كلمة "يتّشاباه". فمثلا بدل أن يقولوا netta yerwes dey-sen (هو يشبههم) يقولون: نتّا يتّشاباه ذايسن.

-كلمة Tmaziɣt [ثْمازيغث] (الاسم الشعبي الذي يطلقه الريفيون على لغتهم) هي كلمة ما زالت موجودة بقوة في الوسط الاجتماعي الريفي الحضري والقروي، ولكن في السنوات الأخيرة ظهرت تقليعة أو موضة جديدة لدى المثقفين والشباب وهي استخدام كلمة Tarifect [ثاريفشث] أو Tarifitأو "الريفية" للإشارة إلى اللغة الأمازيغية التي يستخدمها سكان منطقة الريف، وهذه التقليعة لا أساس لها في التاريخ ولا في لغة السكان. وأصبح المدونون والصحفيون الريفيون يستعملون كلمة Tarifitأو "الريفية" في المقالات والتعبيرات الإعلامية متأثرين بالناطقين بالدارجة وبلهجات الأمازيغية الأخرى في بقية المغرب الذين يشيرون إلى أمازيغية الريف بـ"الريفية" أو Tarifitبدل "الأمازيغية" وبدل اسمها المحلي الأصيل في الريف: Tmaziɣt.ومما لا شك فيه أنه عندما نلاحظ أن بعض أبناء اللغة يعبثون باسمها القديم الأصيل (Tmaziɣt)ويحاولون ترويج اسم مزيف لها (Tarifit)فيما بينهم فحينئذ نعلم أن اللغة بأكملها في خطر. فمن يقوم بإتلاف اسم اللغة (Tmaziɣt)لن يتردد كثيرا في إتلاف كل كلمات تلك اللغة إذا زُيِّنَ له ذلك في قالب من الموضة أو المصلحة.

...........

المصدر: كيف يقتل الأمازيغ لغتهم بأيديهم: نماذج من أمازيغية الريف

بقلممبارك بلقاسم

رابط المقال كاملا:http://m.hespress.com/writers/357894.html

لالا بلغويا لالا بلغوسا

Icon 08

ⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵢⴰ ⵍⴰⵍⵍⴰ ⴱⴻⵍⵖⵓⵙⴰ

بلغويا(1) هي طائر صغيرأبلقشديد السواد كالغراب غرة بيضاء في الذقن والرأسوالذيل،لديه غناء رقيق، وتختلف تسميتها في  قصور مژاب بين لالا بلغويا أو  لالا بلغوسا وهي في تراثنا الشعبي  بمثابة "أزمول ن وشاشي"بمعنى رمز للتفاؤل وبشائر الخير والفرح. ورمز الحظ أو السعد حيث اشتق منه اسم لالا مسعودا، فمن بين الأهازيج الشعبية ما يردده الأطفال حين رؤيتهم لها :

" لالا بلغويا لالا بلغوياحوايانغ أمشان تجمي" بمعني احجزي لنا مكانا في الجنة.

وتروي في شأنها العديد من الأساطير فيقال أنها بشارة أبينا آدم عليه السلام وكذلك أنها هي الطائر الذي كان يحمل الأخبار إلى سيدنا نوح عليه السلام لما كان على ظهر سفينة النجاة.

-----------------

بلغويا(1):اسمه العلمي بالإنجليزية Oenanthe leucopygaوبالفرنسيةWhite-crowned Wheatearهو طائر صغير يكثر تواجده في الصحراء الكبرى الإفريقية يكسو ريشه للون اسود قاتم ماعدا الذيل وقمة الرأس فلهم لون ابيض، يألف العيش في المناطق الجافة والصحاري فبيئة هذا الطائر هي التلال الصخرية والمنحدرات الجافة وعلى السفوح حيث يبني أعشاشه في الشقوق في الصخور أو الجدران، وهو طائر انعزالي غير اجتماعي يتغذى أساسا على الحشرات والدود والنمل.

مؤتمر لا إله الا الله ودوره في الحياة الاجتماعية للمزابيين

مؤتمر لا إله الا الله ودوره في الحياة الاجتماعية للمزابيين(01)

Icon 07المؤتمر النسوي لا إله إلا الله:

هو عبارة عن لقاء سنوي للنساء الإباضيات في قرى واد مزاب تحت إدارة وإشراف هيئة الغاسلات ومعِيناتهن بصحبة المرشدات الصالحات اللائي لهن نصيبهن من الثقافة والمعرفة.

ينعقد في فصل الربيع من كل عام في المدن الخمس بالتناوب، أما مدينة القرارة وبریان فتعقِدانه منفردتين كل على حدة، وهذا بسبب بعد المسافة بين كل منهما وبينهما والمدن الخمس البعيدة، ولكن يبدو أنه يمكن للمدينتين أن تنظما المؤتمر مع المدن الأخرى نظرا لتوفر وسائل المواصلات، وظروف الإيواء الأمر الذي كان صعبا قبل هذه الفترة، فانضمامهما للقرى الأخرى لا شأن أنه يحقق فوائد كبيرة، ونتائج حسنة.

2.سبب تسمية المؤتمر بلا إله الا الله:

إنها تسمية تدعو إلى التساؤل فما الداعي إلى اختيار جملة التوحيد التي صارت عنوانا للمؤتمر؟

قيل أن امرأة في زمن غابر بــ " مليكة " سمعت مولود ما يردد دعوة الشر لوالديه، فاستفسر أولياؤه شيخ المسجد في الأمر، فنصحهم بتأليه الله سبعين ألف مرة، فذكر كل ولي من أولياء المولود الله ألف مرة، فسكت المولود ودعا لوالديه بالجنة. ومهما يكن أمر هذه الأسطورة فإن هذا المؤتمر يُتوَّج افتتاحه ويختمه بترديد "لا اله الا الله".

3.برنامج ومحطات المؤتمر:

يفتتح هذا المؤتمر في" روضة الشيخ عبد الرحمن الكرثي" الكائنة بسفح جبل مدينة مليكة، واختيار المكان حسب ما يبدو راجع إلى مناسبة سكن عالم مليكة في الحكاية السالفة الذكر، أو ربما للعادة المتعارف عليها منذ القديم من إمامة إمام مدينة مليكة للصلاة أثناء اجتماع مجلس عزابة القصور، ولإحياء ذكرى الشيخ عبد الرحمن الكرثي. وفي المقبرة بالذات، للتذكير بالآخرة وما ينتظر الإنسان من حساب على أعماله حتى تكون كل خطوات الحاضرات وأعمالهن لوجه الله لنيل سعادة الدارين.

ينعقد في فصل الربيع من كل عام، وغالبا في النصف الأخير من شهر ماي. يفتتح فيه بدعاء الاستفتاح وتلاوة سورة الفاتحة وبعض سور القرآن الكريم.

هذا اللِّقاء يعتبر تمهيدا يُناقش فيه جدول تنظيمي لبقية الأيام في القرى الأخرى من طرف هيئة غاسلات كل قرية فيناقشن المسائل المستجدة والطارئة على ضوء الدين والأخلاق والسلوك العام. ويتخذن إجراءات أساسية بعد استعراض الحالة الراهنة للمرأة الإباضية في ميزاب وما طرأ عليها من تحديات وإغراءات وفتن في دينها ولباسها، فيحددن جدولا لأيام اللِّقاءات حتى تتهيأ كل مدينة لاستقبال النساء الوافدات إليها زرافات ووحدانا.

يستغرق اللِّقاء يوما کاملاً منتظما لتلاوة الذكر الحكيم والتوجيه والتذكير وتوزيع الصدقات تتخلله فترة استراحة لأداء الصلاة.

بعد أسبوع من هذا الاجتماع التمهيدي تبدأ الملتقيات في أيام الاثنين و الخميس، ابتداء من مدينة غرداية واختتاما بالعطف، يفتتحن الملتقيات بتلاوة سورة من القرآن الكريم فسلسلة من الأذكار وترديد: "لا إله إلا الله" - ألف مرة - فيُسبحن ويذكرن الأذكار كثيرا، ثم يلقين کلمات توجيهية في الوعظ والإرشاد والتحامل على البدع المستحدثة. وبعد الغذاء تنصرف النساء كل إلى دارها للصلاة ويرجعن بعد العصر لسماع القرارات حول عوائد الأعراس والمآتم. ثم يفترقن بالدعاء والتهليل، وهذا دون التدخل في كل ما يرتبط بالأعراس في كل قرية، ولكن يركزن على محاربة الإسراف والتبذير والعادات السيئة والبدع الضارة بالأسرة والمجتمع ومقاومة ما يقوم به الاستعمار من محاربة المسلمين.

4.دور مؤتمر لا إله إلا الله:

يبدو أن أهم دور لعبه هذا المؤتمر منذ ابتدائه هو تقوية الإيمان بالله، وتقوية أواصر الأخوة الإسلامية، وإشاعة روح المحبة والمودة بين المجتمع النسوي ليحسسن بالتضامن، وتضافر جهود النساء لمقاومة البدع الضالة، وتوعيتهن بشؤون دينهن، وتوجيه العائلة إلى ما فيه صلاحها الدنيوي والأُخروي، فتمكنت بذلك من المحافظة على المجتمع أمام كل الأساليب التي كانت تقوم بها فرنسا وما تركته من رواسب، والحذر من مغريات الدنيا.

أخيرا، لمجالس الغاسلات أثر بارز في المحافظة على الدين ولا ينكر هذا إلا جاحد مغرض.

 ---------------------------------------

(01) رسالة تخرج "نظام العزابة" صالح بن عمر سماوي ص149 - 150

المصدر nir-osra.org

مَامّاكْ اينّانْ للشاعر عبد الوهاب بن حمو فخار

مَامّاكْ اينّانْ

للشاعر عبد الوهاب بن حمو فخار

 

مَامّاكْ اينّانْ يُوشانّغ دِيقنْ دْ محمّد داسْرَ يُزَنْتِيدْ ايمِدّنْ

ايلَسْ أَيَنَّانْ تَهَلاَّ تِزِلِّاتْشْ مَانِي غَا تِّيلِيدْ

نَتْنِيتِي اتِّيسُونَانْ نَ لْجَنَّتْ أتَّالِيدْ

مَامّاكْ أيَّنَّانْ اَعْزَمْ القُرَانْ تَدْجَتْ دَاوْنِيسَتْشْ

تَاسُولْسَا غَا دِيلِينْ اتَّافَدْ أبْرِيدَتْشْ

ايلَسْ ايَنَّانْ انْكَلْ تَاوَحْدِيتْ تَخْسَدْ قاعْ مِيدَّنْ

يُوشَنّغْ دَدْجِيضْ اشْيُوشْ آنُدَّمْ

د ماماك أ ينان يُوشانّغ دِيقنْ دْ محمّد داسْرَنس يُزَنْتِيدْ ڨاع ايمِدّنْ

ايلَسْ أَيَنَّانْ تَهَلاَّ تِزِلّاتْشْ مَانِي غَا تِّيلِيدْ

نَتْنِيتِي اتِّيسُونَانْ نَ لْجَنَّتْ أتَّالِيدْ

مَامّاكْ أيَّنَّانْ اَعْزَمْ القُرَانْ تَدْجَتْ دَاوْنِيسَتْشْ

تَاسُولْسَا غَا دِيلِينْ اتَّافَدْ أبْرِيدَتْشْ

ايلَسْ ايَنَّانْ انْكَلْ تَاوَحْدِيتْ تَخْسَدْ قاعْ مِيدَّنْ

يُوشَنّغْ دَدْجِيضْ اشْيُوشْ آنُدَّمْ

متابعة حلقة العزابة لنظام الأعراس

متابعة حلقة العزابة لنظام الأعراس

Icon 09

"...لذا تجد الحلقة حريصة كل الحرص على متابعة ومراقبة ما يجري في هذه المناسبات الاجتماعية، فتحدد المهر والصداق بكيفية ترضي الله ورسوله، لأنها إن لم تفعل ذلك طغت النزعات الفردية وظهرت المادية والمنافسات المظهرية بين العائلات بطريقة تؤثر حتما على المستوى المادي للفقير في هذا المجال سواء أتعلق الأمر بالمهر والصداق، أم بالحفلات والولائم التي تصحب هذه المناسبات عادة، وتطبيقا لهذا النظام البديع، نجد جماعة كل مدينة –عزابتها ومصلحيها- يتَّفقون على تحديد المهر للبكر والثيب، مهما تكن أسرتها وجمالها أو غنى الزوج أو فقره، فإذا جرت الخطبة، ووقع القبول، لا يبقى أمام الأصهار الجدد شيء يتفقون عليه إلا يوم الزفاف، فكل شيء معين من الحلي الذي يعطى للعروس إلى أقل شيء كجورب تلبسه، أو وشاح تتزين به، وهكذا لا تتراك الأمور لمن لا يحسن التصرف، فيبدد المال في غير محله، ويبقى الفقير أعزب لا يستطيع إحصان نفسه.

ويراعى في تحديد المهر وما يتبعه طاقة غالبية السكان وحالة معاشهم، وإن شاء الغني أن يزيد ويفضل فإلى ما بعد الأشهر الأولى من الزفاف، حتى لا يفسد على الناس هناءهم.

إن المسجد ينبغي أن يكون حاضرا في وقائع حفلات كلها من ألفها إلى ياءها، في إجمالها وتفصيلها، من لحظة إعلان الخطوبة وعقد الزواج إلى آخر محفل ينفض فيه المحتفلون كل إلى حال سبيله..."

 ----------------------------------

(01) كتاب "الإباضية في الغرب الإسلامي" الدكتور: زاهر الحجري - مكتبة الجيل الواعد الطبعة الأولى - ص162

المصدر nir-osra.org

مراحل نضج التمر

بعد تأبير النخلة "أسيجل او اجّال"

Icon 09

1 بارير : ما ينتج بعد فعل "ابرر" وهو التأبير 

2 تاغيوت : تاداليت ول تويشي 

3 تورشيمت : تواششا مي توضاد س تازدايت تاداليت 

4 أوتشيض : بسي يوو بسي تاغيوت

5 آملاو :غي مانشي توو أي تولو 

6 أينيو آكبور : يتوسكرم باجو 

7 ألبوز : اي لهوير

في حالة عدم  تأبير النخلة " ول يسيجل او ول توجيل"  نحصل على 

أداون : ول تواججل

ملاحظة : الترقيم في الصورة لا يتسق مع الترتيب في القائمة

 

 

جدول يوضح مراحل نمو التمر:

 

 

التسمية بالمزابية   التسمية بالعربية التعريف

بارير 

الخلال
بداية تشكل البلح ، مباشرة بعد التلقيح

أداون

الشيص بضم الماء

البلح  الذي لم يلقح ، ينمو ولا ينتج ثمرا، يكون بنوات ضعيفة لا تنبتيجفف ويقدم للحيوان ، أو يوضع في مكان دافئ ويغطى حتى يطيب. ( وهو ماسمي بالميزابية آشمان فيأكله الإنسان عند الأزمة أو الإحتياج.

تورشيمت

الرمخ بسكون الراء البلح الذي نضج بفعل حرارة التربة أو البخار... في أيام زمان ، كان يؤكل لوحده كخضرة ، أو يأكل مع الطعام الكسكسي وهو ما يسمى ب " أوشو د تورشيمت "

أجرضوم 

البسر البلح عندما يدخل مرحلة النضج ، فيتغير لونه إلى الأحمر أو الاصفر

تاغيوت

البلح لونه أخضر

أنكير

التدنوب تمر بدأ يطيب أسفله

أتشيض

المتجزع تمر طاب إلى مستوى النصف

أملاو

الرطب تمرة ناضجة حديثا ،  لا معة غير منكمشة لإحتوائها على نسبة عالية من الماء

أينيو

التمرة تمرة كاملة النضج ، منكمشة ومركزة صالحة للتصبير التقليدي في خزان التمر " باجو " المبنى في زاوية الحجرة المخصصة لقوت العيال

تيني

التمر التمر بصفة عامة وبجميع أنواعه

 

 

 -------------------------------------

المرجع: كتاب السيدة عائشة عوف "وصفات جدتي من صيدلية النخلة"صفحة 05

مرتكزات الإباضية الفكرية

استمد الإباضية فقههم من المصادر نفسها التي استمدت منها المذاهب الفقهية: "القرآن، السنة، الإجماع، القياس، والاستدلال"، واستخدموا نفس طرق الفقهاء في استنباط الأحكام، وإن كانوا قد استندوا في بعض آرائهم إلى أحاديث وردت عن طريق أئمتهم لم تثبت عند علماء الحديث؛ حيث يرون أن أحاديث الآحاد توجب العمل فقط، ولا يحتج بها في العقائد، فوافقوا بذلك المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم.

  1. تخطئة التحكيم.
  2. عدم اشتراط القرشية في الإمام.
  3. صفات الله ليست زائدة على ذاته بل هي عين ذاته.
  4. امتناع رؤية الله سبحانه في الآخرة.
  5. أن القرآن حادث غير قديم ومخلوق لله سبحانه.
  6. أن الشفاعة لا تنال أهل الكبائر، وإنما هي تسرّع المؤمنين بدخول الجنة.
  7. أن مرتكب الكبيرة كافر نعمة، لا كافر ملّة.
  8. وجوب الخروج على الإمام الجائر.
  9. التولي لأولياء الله والحب لهم، والبغض لأعداء الله والبراءة منهم، والوقوف فيمن لم يعلم فيه موجب الولاية ولا البراءة.
  10. اختلف الإباضيون في إثبات عذاب القبر، فذهب قسم منهم إلى إنكاره موافقين بذلك سائر فرق الخوارج. وذهب قسم آخر إلى إثباته.
  11. وقد اعتدل الإباضية في مسألة القدر ووافقوا أهل السنة، فأثبتوا القدر خيره وشره من الله تعالى، وأن الله خالق كل شيء، وأن الإنسان فاعل لأفعاله الاختيارية مكتسب لها محاسب عليها، وبهذا المعتقد صرح زعمائهم كالنفوسي.
  12. عقيدة الإباضية في استواء الله وعلوه فإنهم يزعمون أن الله يستحيل أن يكون مختصًّا بجهة ما، بل هو في كل مكان. وهذا قول بالحلول وقول الغلاة الجهمية، ولهذا فقد فسر الإباضية معنى استواء الله على عرشه باستواء أمره وقدرته ولطفه فوق خلقه، أو استواء ملك ومقدرة وغلبة، وإذا قيل لهم: لم خص العرش بالاستيلاء والغلبة؟ أجابوا بجواب وقالوا: لعظمته، وقد خرجوا بهذه التأويلات عن المنهج الشرعي إلى إعمال العقل واللغة بتكلف ظاهر مخالف للاعتقاد السليم والمنطق والفطرة.
  13. كما أنكر الإباضية الميزان أنكروا كذلك الصراط، وقالوا: إنه ليس بجسر على ظهر جهنم، وذهب بعضهم- وهم قلة- إلى إثبات الصراط بأنه جسر ممدود على متن جهنم.
  14. ويجيز الإباضية التقية خلافاً لأكثر الخوارج.
  15. 15-إنكار جواز المسح على الخفين، وأن الصلاة لا تجوز إلا بغسل الرجلين.
  16. انفردوا بقولهم: إن الركعتين الأوليين من الظهر والعصر يُقرأ فيهما بفاتحة الكتاب فقط، خلافا لجميع المذاهب، التي ترى قراءة سورة مع الفاتحة.
  17. ذهبت الإباضية إلى عدم إجازة الآتي: "القنوت في الصلاة، رفع الأيدي في التكبير، تحريك السبابة عند التشهد، الجهر بكلمة "آمين" بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، وزيادة "الصلاة خير من النوم" في آذان الفجر.
  18. قولهم: إن مرتكب الكبيرة كافر، ويفسرون بأن معناها كفر النعمة، هذا في الدنيا.. أما في الآخرة فيرونه مخلدًا في النار.
  19. وينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم، ويقولون: إن صفات الله هي عين ذاته، وأن الاسم والصفة بمعنى واحد، كما أنهم يؤولون صفات الله الخبرية كالاستواء والنزول والمجيء، وكاليد والوجه والعين والنفس.

مقال: الإباضية.. النشأة .. التاريخ.. والواقع

منقول من موقعhttp://www.islamist-movements.com

مزاب وأصل التسمية

  • أصل كلمة آت إيغرسان إيغرس

    Icon 07
     إيغرسان مفردها إيغرس وهي البئر العميقة  يطلق على البئر تسميات مختلفة باللغة الأمايغية والتسمية الشّائعة لدى المزابيين هي كلمة «تيرست» وهناك مصطلح ىخر وهو «إيغيرسان» ومفردها «إيغيرس» ومعناها البئر العميقة وهي مشتقة من كلمة «أرسان» بالبربرية التي لها نفس المعنى أي البئر ولقد أشار البكري إلى هذه التسمية في ذكر الآبار المنتشرة في بلاد المغرب حيث قال: «,,,وهي آبار كثيرة مبنية من خشب العرعار ,,,, وتسمّى بالبربرية أرسان,,» وهناك مصطلح «خطّارَ» وهي تطلق على البئر في...

    اقرأ المزيد
  • بين كلمة مصعب و مزاب

    Icon 08
    (... كان تلامذة أبي الربيع سليمان بن يخلف (ت: 471هـ/1078م) من أهل سوف وأريغ ووارجلان ومزاب وقسطيلية حلقوا على أبي محمد في تين زراتين...)
    { ما يهمنا في هذا النقل أكثر هو ورود تسمية "مزاب" بهذا الرسم دون مدٍّ بعد الياء، وأيضا بالزاي لا بالصاد، وهذا يقضي على فرضية تحول الصاد إلى الزاي، كما تتناقل الكثير من المراجع، وتعلل ذلك بميل البربر إلى...

    اقرأ المزيد

  • مضاب أو مصاب؟

    Icon 07

    مضاب أو مصاب -كما يذكرهم ابن خلدون- وهو الأدق، ومصاب جد للميزابيين، وقد أبدلت صاده زايا فقط، فقيل مزاب، وهذا أولى من التمسك بتأويلات معرّبة، في حين إن أهل المنطقة أمازيغ اللسان!...

    اقرأ المزيد

  • أيهم الأدق ميزاب أم مزاب؟

    Icon 07
    الإسم الحقيقي للمنطقة و للوادي و للشعب هو : مْـزَابْ و ليس : مــــيـــزاب ، فالصواب  مْزاب ، و ليس ميزاب ، فعند إضافة ال التعريف تنطق بكسرة فقط و ليس بياء : الــــــمــِــــزابي...

    اقرأ المزيد
  • هل ميزاب نسبة للفعل زاب ؟

    Icon 09

    أصل تسمية الوادي عربية جاءت من الفعل زاب، نقول :زاب الماء أي جرى  المعجم العربي الأساسي مادة زاب 
    لفظ ميزاب اسم آلة وزوب الماء أي انحداره وانصبابه كالميزان آلة الوزن...

    اقرأ المزيد

  • هل ميزاب نسبة إلى ميزاب الكعبة ؟

    Icon 08

    أما ما استدل به الشيخ القطب رحمه الله من أن لفظ ( ميزاب ) أصله ميزاب الكعبة و القصة التي حدثت للإمام الإباضي أبو بلال مرداس بن حدير حينما كان يدعو تحت الكعبة فسقطت عليه قطرة من الميزاب ، إلخ ، فهذا مردود من عدة جوانب :

    أولا: أن الشيخ اطفيش...

    اقرأ المزيد

  • أيهما أسبق بن خلدون أم  الدرجيني ؟!

    Icon 08
    ومن دون تردد؛ فـ "مزاب" أسبق؛ فهي الأقرب لما ذكره ابن خلدون في نسب البربر لولا التحوير، والدرجيني قبله حافظ لنا على الأصل، وإذا سلمنا أن البربر -السكان الأصليين لهذه البلاد- يصعب عليهم النطق بالعين، فنقول: إن تسمية "بني مصعب" تعريب لـ "مزاب"، وقد نفترض وقوع ذلك من أحد مشايخ العلم، فهو قد كيّف التسمية البربرية وفق ثقافته العربية الجديدة؛ لملاحظة الشبه في النطق، وربما حتى...

  • رأي الاستاذ حواش عبد الرحمن في  أصل كلمة آت مـژاب

    Icon 07
    هذه التسمية "ات مڑاب" مكونة من كلمة "زاب" وحرف "م" أجدادنا كانو سيتعملون حرف "م" في مكان حرف "ن" وهو حرف الجر "من" يعني "من زاب" لحد اليوم امازيغ ورقلة يستعملون حرف "م" في مكان "ن" مثل "ايخف م وغلاد" ايضا "تستيت م ومان" اذا "م" موجودة في "ات مزاب" اصلها "ن مزاب" فما هو "زاب" ومن اين اتت الكلمة ؟

    "زاب" بالشاوية يعني الهضبة (التل) وهي الاراضي...

    اقرأ المزيد
  • أصل كلمة مزاب مصاب أو زاب أو ميزاب؟

    Icon 07
    هذه أصحاب الثقافة العربية عندنا يقولون بتفسير ابن خلدون و مبارك الميلي أن مزاب نسبة إلى مصاب بن بادينأما المتكونون في الثقافة الفرنسية فيرجح بعضهم تفسير موزوبي و ....

    اقرأ المزيد

مزايا البربر

كان الرجل البربري مثالا في الشجاعة والإقدام، ونهاية في الصبر والتحمل، وغاية في حب العمل والنشاط. فجو بلادهم المعتدل جعلهم على النشاط لا على الفتور، وعلى حب العمل لا على حب الراحة، ومع الأمانة التي خلقتها فيهم النفسية العلمية والاعتداد بالنفس، وحب الكمال الذي جبلهم عليه احترامهم لأنفسهم وغرامهم بالعلو والحسن في كل الأشياء.

وكان البربر على الاعتدال في الأجسام، والمتانة في البنيان، لجودة الهواء، وقوة الغذاء، واعتدال الإقليم، ومواصلة الأعمال، وبذل الجهد فيها.

وكانوا على جمال الذوق. إن البيئة الطبيعية الجميلة التي أنشأوا فيها هذبت أذواقهم، وأرهفت نفوسهم، فنشأوا محبين للجمال، ويسبغونه على أشيائهم، ويتطلبونه في كل أمورهم. وكانوا في الذكاء اقل من ذوي المناطق الحارة، وكثير من الأمم الشرقية، ولكنهم كانوا أحسن منها في متانة الأخلاق، وفي حب العمل والنشاط، وفي التمسك بالشخصية والاعتدال بالنفس. والمرء يتفوق في الحياة بأخلاقه العظيمة وبحبه للعمل، وإتقانه له، وبأمانته وطموحه وعفته، ولا بذكائه وحده، ولا بعمله الذي لا يقترن بالأخلاق السامية !

وكان البربر لنشاطهم وحبهم، وطموحهم، ويتقنون أعمالهم، ويبذلون كل الجهد في تحسينها والبلوغ بها إلى أعلى مرتبة يستطيعونها.

وكان البربر متمسكين بشخصيتهم، ثابتين على مبدإهم، يموتون في سبيل عقيدتهم ويضحون بكل شيء في سبيل ما يؤمنون به، لا يتسرعون إلى الأخذ بالجديد حتى يوقنوا انه أحسن من القديم الذي عندهم.

وكان البربر على الاعتدال في المزاج، طبعهم بذلك جوهم المعتدل، لا يغلب عليهم المزاج والعبث، ولا يجمد بهم الوقار البالغ، والتزمت المميت. إنهم إلى الوقار أميل والجد عليهم اغلب، ولكنهم على المرح في النفوس، يحبون الدعابة في مواطنها، ويهوون المزاح في أماكنه، لا يرون الحياة كلها ضحكا ولهوا، ومزاحا وعبثا، بل يجدون في اغلب الأوقات، وإذا ركنوا إلى الراحة للاستجمام امتلأت مجالسهم بالنكتة المضحكة، وتعالت من نواديهم النغمة المطربة، ورأيت المرح والأنس الذي يقصر به الزمن و ما يعمر تلك المجالس، وما يؤثره البربر ولا يرضون غيره في تلك المواطن. لهذه الأوصاف الخلقية الحسنة والخلقية، ورغب فيهم المملوك والأمراء، ليسدوا بهم الثغور، ويستخدمونهم فيما يستدعي متانة في الأخلاق، وأمانة ورزانة، وشجاعة وقوة، واتقانا ونشاطا، وجمالا  في الذوق، وسدادا في التدبير، كالقيادة للجيوش، والحراسة للثغور، والمقارعة في بالحروب، وإدارة القصور، والقيام على المال.

ومما يمتاز به البربري ويفوق فيه الفارسي والرومي الإخلاص وصفاء النفس. إنهم لا يكنون بغضا موروثا للعرب، وعداوة قديمة لبني سام. فهو مستعد لحب كل من يعجب بكماله، ويروعه بحسن سلوكه، ويغمره بإحسانه وفضله. ليست لهم عقد نفسية موروثة تعبدهم عن العرب، بل هم يمتزجون بهم امتزاج الماء بالماء، ويخلصون لهم إخلاص الخل الوفي، والمحب الوامق. لذلك رغب الملوك الأمويون والعباسيون في استخدامهم، والاعتماد عليهم وحيازتهم في جيوشهم وقصورهم وثغورهم الكبيرة.

 

محمد علي دبوز  تاريخ المغرب الكبير ج2  ص147-148

مزايا البربر

  • قول الشاعر المزابي مفدي زكرياء حول الأمازيغ

    Icon 07

    صـمود الأمـازيـغ عبر القـرون*** غـزا النيرات و راع النجوما
    فـكم أزعـجوا نائبـات الليـالي*** و كـم دوخوا المـستبد الـظلوما
    سـلوا طبـرية يـذكر تبـيريـوس*** تيـكفرنـاس يوالي الهـجوما
    ثمـان سنـوات يصـارع رومـا*** فـدق الـمسامير في نعش روما



    اقرأ المزيد

  • مزايا الرجل البربري

    Icon 08

    كان الرجل البربري مثالا في الشجاعة والإقدام، ونهاية في الصبر والتحمل، وغاية في حب العمل والنشاط. فجو بلادهم المعتدل جعلهم على النشاط لا على الفتور، وعلى حب العمل لا على حب الراحة، ومع الأمانة التي خلقتها فيهم النفسية العلمية والاعتداد بالنفس، وحب الكمال الذي جبلهم عليه احترامهم لأنفسهم وغرامهم بالعلو والحسن في كل الأشياء...


    اقرأ المزيد

  • مزايا المرأة البربرية

    Icon 07

    المرأة البربرية تمتاز بكثير من المزايا العظمى التي خلقتها فيها بيئتها الطبيعية والاجتماعية. إنها ابنة مجتمع يحترم المرأة ويبجلها، ويعرف لها مكانتها، ويعطيها كل حقوقها، وسليلة مجتمع يهوى الحياة الاستقلالية فيطبع أبناءه منذ نعومة أظفارهم على الاعتماد على النفس، والثقة بها، لا تفنى المرأة في الرجل متكلة كل الاتكال عليه...


    اقرأ المزيد

  • تمسك البربر بشخصيتهم

    Icon 07ثبات البربر على مبادئهم، وتمسكهم بالفهم. إنهم امة قوية الشخصية، معتدة بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها، وتقلد، ولا تسارع إلى نبذ ما ألفته، ولا تأخذ بالجديد حتى تتيقن أنه أحسن من القديم الذي عندها. لذلك لم يسارع البربر إلى الإسلام حتى تأملوه، وعرفوا حقيقة، وتيقنوا انه هو مفتاح السعادة، وسبب النجاح، فاقبلوا عليه، ورسخوا فيه رسوخ جبالهم، وثاروا على كل الملوك المسلمين الذين يخرمون أصوله في السياسة، ويعاملون رعاياهم بغير العدل الذي أمر الله به...


    اقرأ المزيد

  • امتزاج العائلة الرستمية بالمغرب وتغلب الدماء البربرية فيها

    Icon 07

    ما نسب افلح وأبنائه وأحفاده وما دماؤهم؟ إن بعض المؤرخين المحدثين قد نظر نظرةبسيطة إلى العائلة الرستمية فجعلهم أجانب في المغرب، وجعل البربر والدولةالرستمية المغربي ينظرون إلى افلح وأبنائه والعائلة الرستمية على أنهم أجانب عنهم،غرباء فيهم. لهذا آخرنا هذه النقطة التي تجلو دماء افلح ووراثته، ووراثة عائلته من بعده...


    اقرأ المزيد

  • الدين الإسلامي العظيم ومزجه وتوحيده بين الشعوب

    Icon 07

    إنه ولو لم تتغلب الدماء البربرية على الدماء الفارسية في العائلة الرستمية، فان الدين الواحد، وهو الدين الإسلامي العظيم الذي تتمسك به العائلة الرستمية كل التمس، ويتمسك به البربر تمسكها ليجعلهم شيئا واحدا في الأخلاق والاتجاه، فيمتزجون امتزاج النور بالنور، ويصيرون عنصرا واحدا لا فرق بينهم في شيء...


    اقرأ المزيد

  • ثناء ابن خلدون على البربر

    Icon 07

    قال العلامة ابن خلدون:  [وأما تخلق لبربر بالفضائل الإنسانية، وتنافسهم في الخلايا الحمية، وما جبلوا عليه من الخلق الكريم، مرقاة الشرق والرفعة بين الأمم،وسبب المح والثناء من لخلق، من عز الجوار، وحماية النزيل، ورعي الذمم، والوفاء بالقول والعهد ! والصبر على المكارم، والثبات في لشدائد، وحسن الملكة، والأعضاء عن العيوب، والتحافي عن الانتقام، ورحمة المسكين، وبر لكبير، وتوقير أهل العلم، وحمل الكل، وكسب المعدوم، وقرى الضيف، والإعانة على النوائب، وعلو الهمة، واباية الضيم،ومشاقة الدول، ومقرعة الخطوب، وغلاب الملوك، وبيع النفوس لله في نصر دينه، فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف عن السلف، لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم. وحسبك ما اكتسبوه من ميدها، واتصفوا به من شريفها، ان قادتهم إلى مراقى العز، وأوفت بهم على ثنايا الملك، حتى علت على الأيدي  أيديهم، ومضت في الخلق بالقبض والبسط أحكامهم


    اقرأ المزيد

  • مزايا التاريخ الوطني

    Icon 07

    ان تاريخ أجدادنا هو الذي يؤثر فينا أكثر، فيجب الاعتناء به، والاعتماد عليه في تربيتنا في البيوت والمدارس والمجتمع؛ أما تاريخ من عاشوا في ارض غير أرضك، وكانوا من غير جنسك، يحملون وراثة غير وراثتك، فقد يوحي إليك هذا بأنك لا تستطيع ما استطاعوا، لأنهم في بيئة طبيعية غير بيئتك، وأورثتهم قوى ومواهب لا تكونها فيك بيئتك، وأنهم من جنس قد يخيل إليك انه أرقى من جنسك، وعلى وراثة كونت فيهم مواهب خاصة قد لا تخلقها فيك وراثتك، فلا يطمح المرء كل الطموح ليصل غاياتهم، ولا يثق بنفسه كل الثقة فيسير في طريقهم، ويتغلب على عقباتهم، فيصل مثل ما وصلوا...


    اقرأ المزيد

  • أسباب انقراض الدولة البربرية الكبرى

    Icon 07

    أننا إذا نظرنا إلى عمر الدولة البربرية الكبرى التي أنشأها نارفاس وكانت عاصمتها قرطة لا تعجب  لموتها. فهي قد استوفت عمرها، وعاشت ما يعيش أمثالها من الزمن لقد عاشت نحو ثلاثة قرون. ولكننا إذا نظرنا إلى شبابها وقوتها أيام زوالها، نعجب لذلك ونحكم بموتها سريعا. ان فيها من الطاقة والشباب ما يمسكها في الحياة قرونا أخرى من الزمان. ان الهدوء والهناء الطويل، والانغماس في الملاذ والشهوات، والركون إلى الراحة والكسل، هذه العلل الفتاكة التي تورث الهرم للأمم...


    اقرأ المزيد

  • أعرق 10 أنظمة إجتماعية وضعها الامازيغ مند القدم

    Icon 07

    يتميز المجتمع الامازيغ بشمال افريقيا مند القدم بإعتماد أنظمة إجتماعية غاية في العدل و المساواة لتنظيم شؤون المجتمع و مختلف العلاقات الإجتماعية والإقتصادية بين افراد المجتمع الامازيغي ، وكانت هذه الانظمة الاجتماعية ذات طبيعة ديموقراطية وقائمة على المساواة قبل شيوع مبادئ وقيم الديموقراطية الحديثة في جل انحاء العالم ، وكانت هذه الانظمة تتوارثها الاجيال الامازيغية مند القدم وكانت فعالة في تحقيق العدل والسلام في المجتمع ومنع الفوضى والحيف والظلم بين افراد المجتمع . وهذه الانظمة الاجتماعية الامازيغية دليل حي على ديمقراطية المجتمع الامازيغ مند القدم من بين هته الانظمة نظام تويزا ـ نظام تيمّوغرا ـ نظام تاضا ـ نظام تافكورت ـ نظام تاوالا ـ نظام أسْنْفْل ـ نظام تيبضيتـ نظام تاكشوضت ـ نظام تادلالت ـ نظام أفوس....


    اقرأ المزيد

مشاهد حضارية في مزاب

  • شهادات أجانب

    Icon 09شهادة أحد الضباط الذين كانوا ضمن الكتيبة العسكرية للعقيد Durrieu عند دخولهم إلى مزاب أثناء جولتهم الاستكشافية بقرى وواحات مزاب ووارجلان و المناطق المحيطة بها سنة 1854 حيث صرح بما معناه : "...مدن مزاب على قدر كبير من النظافة التي تشكل علامة فارقة بينها و بين القصور و المدن الأخرى التي تغلب عليها الأوساخ... هذه النظافة التي لاحظناها في مدن بني مزاب لمسناها أيضا في أثوابهم ، فلا نجد عندهم تلك البرانيس التي لم يمسسها الماء إلا يوم هطول المطر و...


    اقرأ المزيد

  • لمسات حضارية واجتماعية للمسكن

    Icon 09
    إن مما يشدّ النظر ويلفت الإنباه في مساكن مزاب تلك القيم الحضارية والاجتماعية المتجسدة في المعمار نفسه بتصاميم بسيطة في أشكالها عميقة في دلالاتها، فالحاجة هي اساس كل بناء، إذ لا توضع مواد بناء إضافية لا تؤدي دورها او...


    اقرأ المزيد

  • مصابيح الزيت نير

    Icon 09إن المجتمع المزابي ككل المجتمعات المهيكلة والمتحضرة له حساسية مفرطة في التعامل مع ما يرد إليه من جديد الأفكار والعادات والتكنولوجيات، وتلك الحساسية نابعة من الخوف على سلامة مكتسباته الحضارية التي عمل على صقلها قرونا عديدة، بخلاف انعدام تلك الحساسية عند...


    اقرأ المزيد

  • المزابي عصامي

    Icon 09مما عرف عن المزابي أنه عصامي حتى النخاع يخدم نفسه بنفسه، ولا يعيش عالة على أحد.. من قديم وهو يبني قصوره وحده .. يحفر آباره وحده.. يشق ترعه ويهندس حقوله وبساتينه ومجال عمارته وحده.. ينظم أفراحه وأتراحه وحده.. يهيكل مجتمعه ويعتمد عاداته ويرسخ أعرافه وحده.. يضع قواعد الزجر الاجتماعي لمخالفي نهجه وإيديولوجيته وحده....


    اقرأ المزيد

  • الاقتصاد في الماء

    Icon 09

    وجه من أوجوه حضارة مزاب هو الاقتصاد في الماء والعيش وفق آليات حفظ الماء تلك هي أهم مقومات حضارة مزاب التي عمّرت لقرون عديدة وأسهمت في ميلاد وتطور علوم وفنون عريقة في تقسيم المياه وازدهار بلاد الشبكة بالحياة والواحات الغنّاء...

    اقرأ المزيد

مصابيح الزيت نير

مصابيح الزيت نير

Icon 09لماذا تريث بنو مژاب في قبول دخول الكهرباء إلى قصورهم إبان الإستعمار(1)؟

إن المجتمع المزابي ككل المجتمعات المهيكلة والمتحضرة له حساسية مفرطة في التعامل مع ما يرد إليه من جديد الأفكار والعادات والتكنولوجيات، وتلك الحساسية نابعة من الخوف على سلامة مكتسباته الحضارية التي عمل على صقلها قرونا عديدة، بخلاف انعدام تلك الحساسية عند أشتات المجموعات البشرية التي ليس عندها ما تخاف عليه ولا ما تخسر، تقبل اليوم الكهرباء وغدا سموم السجائر وبعدها لا ندري ما ستحمله الواردات الفكرية والسلعية الملغومة.

والأمر الآخر أن المحتمع المزابي كانت له منظومة كاملة للانارة التقليدية، خاصة وعمومية، وله أوقاف ومتفرغون لإدارتها وصيانتها، فليس عنده ما يستعجله لقبول تقنية تتوغل داخل البيوت والمساجد قبل أن يتعقل جيدا مكامنها ومآلاتها.

والأمر الأخير أن العلاقة المتوترة مع المستعمر زادت من حساسية القضية، فليس من الحكمة أن تسارع في فتح ابواب بيتك ومسجدك ليدخل عدوك أسلاكه إليها دون الخوف من حيله وأغراضه الخفية.

وسيبقى المجتمع ممانعا من كل وافد جديد، فله من المكتسبات ما يشرع له تلك الممانعة، ويعطي له الحق في نصب تلك المصفاة الأخلاقية على عتباته، لتفرز أوساخ العصر عنه، ولما يتأكد من نقاء الوافد يحتضنه ويبدع فيه ويدمجه في منظومته الحضارية.

 

Icon 09شهادات بعض الوافدين إلى مزاب

هذه شهادات بعض الوافدين إلى مزاب حول ما عايشوه وشاهدوه بأم أعينهم في قصورها هذه المرة من أغرم ن إقرارن، أين وصل إليها في بداية شهر ماي من عام 1861م فريق من المستكشفين الفرنسيين في رحلة بحث واستكشاف جيولوجي شملت أيضا مزاب و وارجلان والمناطق السهبية لتحديد مواقع المياه الجوفية، فخيموا أمام أحد مداخل المدينة في الجهة الغربية وتجولوا في أرجائها وهذا من بين ما رواه أحد مهندسي الوفد حول ما شاهده بقصر القرارة :

« La nuit, les rues sont éclairées par de petites lampes à huile que les propriétaires des maisons placent dans des niches percées dans les murs ; cela dénote, chez les Mozabites, un certain amour du confortable, qui est prouvé du reste par la propreté de leurs maisons. Les Mozabites sont des gens fort intelligents, fort actifs, et qui s’occupent de commerce, d’agriculture et de travaux hydrauliques avec une très grande habileté… »(1)


" في الليل، الشوارع تضاء بقناديل زيت صغيرة يضعها أصحاب المنازل في كوات على شكل ثقوب في الجدران؛ وهذا يدل على ولع المزابيين بقدر معين من الرفاهية وقد ثبت ذلك من خلال نظافة منازلهم. المزابيون هم أناس أذكياء جدا وناشطون جدا ، يمارسون التجارة والفلاحة وأشغال الري بمهارة كبيرة جدا..."

المزابيون أناس أقاموا نظام إنارة عمومية قبل أن يتوهج مصباح إيديسون بقرون وحبسوه على أنفسهم كوقف ينيرون به دروب و أزقة ومساجد قراهم؛ ومازالت عادة إنارن ن المولود التي حافظ عليها أبناء آت إزجن شاهدة على ذلك أين يتم نقل وجمع زيت المصابيح بالمسجد في مراسيم احتفالية فريدة.


لم يكتف ذلك المهندس بهذا الإنطباع فقط بل أضاف وقال :


« Les Mozabites étant des hommes énergiques, laborieux, sobres, intelligents, et bien supérieurs, sous tous les rapports, aux nomades qui les entourent , nous pensons qu’après la description géologique du sol ingrat qu’ils ont vaincu par leurs rudes travaux… »(2)


" إن المزابيين رجال حيويون ، مجدون ، رصينون ، أذكياء و متفوقون كثيرا من كل النواحي على البدو الذين يحيطون بهم ، ونعتقد بعد الوصف الجيولوجي للتربة الفقيرة والغير معطاءة أنهم تغلبوا عليها بفضل أعمالهم الشاقة..."

Icon 09 المصابيح الزيتية

المصباح الزيتي هو أداة تستخدم لتوليد الضوء بإستمرار لفترة زمنية بإستخدام مركب زيتي كوقود. وكانت تستخدم قديما كبديل عن الشموع قبل استخدام الأضواء الكهربائية والمحتمع المزابي كانت له منظومة كاملة للانارة التقليدية، خاصة وعمومية، وله أوقاف ومتفرغون لإدارتها وصيانتها. والمصباح الزيتي نوعان محمول وثابت:

المصباح الزيتي الثابت:

يسمى بالمزابيةتبسبوستtbusbust جمعتيبوسبوسين مشتقة من كلمة تّبّسttebbes بمعنى تلمع، وهو عبارة عن ثقب بيضوي الشكل يكون في الجدار. يوضع فيه الزيت وفتيلة للانارة المنازل والمساجد وكذا الإنارة العمومية للأزقة حتى في الواحات عند نسح الماء من البئر وقت السحر حيث الظلمة يخصص للمصباح الزيتي مكان في سارية البئر.

Icon 09 المصباح الزيتي المحمول:

يسمى بالمزابية نير وهو وعاء نحاسي على شكل مربع بحواف غير مرتفعة نسبيا ويحمل بيد متوسطة الطول يوضع فيه الزيت وفتيلة للانارة ولا يزالقصر بن يزجن يستعمل هذه المصابيح الزيتية في إحياء مناسبة المولد النبوي. موعد الاستعراض يبدأ بعد صلاة المغرب حيث تحمل تلك المصابيح المضاءة بواسطة الزيت من طرف الأطفال المصحوبين بأوليائهم وهم يتجولون عبر مختلف أزقة القصر ويرددون الأناشيد والمدائح الدينية وذلك قبل التوجه إلى بهو أمام المسجد حيث يوضع وعاء كبير تسكب فيه زيت المصابيح المتبقي كوقف لإنارة المسجد خلال السنة. بعد إنقضاء تضاهرت المولد النبوي ترجع المصابيح إلى وظيفتها التزينية في المنازل الى حين حلول ذكرى المولد النبوي للسنة الموالية.

وأسفنا أن هذه الممانعة بدأت تفتر فأصبحنا الآن نعاني من ويلات الاستلاب لكل مستورد، وبدأنا نفقد يقظتنا الحضارية.

---------------------------

(1) مقتطف من مقال الأستاذ شخار أبونصر

(2)  Exploration géologique du Beni Mzab, du Sahara et de la région des steppes de la province d’Alger / M. VILLE ingénieur en chef des mines . 1867 

معالم وادي مزاب

  • اليونسكو  unisco

    image2
    عام 1985 أعلنت اليونسكو أن وادي ميزاب هو محمية ثقافية وجزء من التراث الإنساني العالمي، أن هذا المكان هو واحد من 60 مكانا صنفتها اليونسكو تراثا إنسانيا عالميا يجب عدم المساس بهوقد تم تصنيفها ضمن "التراث الوطني" من قبل الدولة الجزائرية (سنة 1971) وصنفت من قبل اليونسكو في 1982 ضمن "التراث العالمي"، كما صنفت كقطاع محفوظ عام 2005...


    اقرأ المزيد

  • أماكن ينصح بزيارتها

    image2
    القصور المندثرة والمنشآت الدينية كالمسجد القديم لقصر بنورة; المسجد الكبير لقصر غرداية; مسجد أولوال تجنينت كذا المقابر والمصليات الجنائزية كمصلى أمي إبراهيم; مصلى الشيخ بابا ولجمه; مصلى الشيخ باعيسى اوعلوان; مصلى الشيخ سيدي عيسى; وساحات السوق في كل من قصر غرداية، العطف، سوق بني يزجن. الى جانب المنشآت الدفاعيةكبرج بوليله و سور قصر بني يزجن، واجهة قصر بنورة والواحــات بما فيها من  منشآت الري نظام السقي...
  • تافيلالت هندسة معمارية أصيلة ومحافظة على البيئة

    image2القصر نموذج رائع للهندسة المعمارية الأصيلة بوادي مزاب ويضم أزيد من ألف منزل كلها متناسقة في شكلها ولونها ويعتمد على مفهوم الإدارة الإيكولوجية والمحافظة على البيئة فعلا هو......


    اقرأ المزيد

  • عبقرية نظام السقي في مزاب

    image2النظام التقليدي لتقسيم مياه السيل لقد تم إنشاء النظام التقليدي لتقسيم مياه الأمطار منذ سبعة قرون من طرف الشيخ بامحمد أبو سحابة سنة 1273م، وطوره بعد ذلك الشيخ حمو والحاج سنة...
    نظام تقسيم المياه لايتمزا تجنينت نظام تقسيم المياه «لايتمزا» من المرجح أن يكون أول نظام لتقسيم المياه في وادي مزاب لوجوده في....

    اقرأ المزيد




    اقرأ المزيد

  • كهوف ومغارات أغزو ن فيغر

    image2

    الكهوف العجيبة التي لا تقل روعة عن التي في الشمال الجزائري، بما تحتويه من أشكال كلسية رائعة، تقع في.....


    اقرأ المزيد

  • رسوم متحركة استكشافي لأهم معالم قصور وادي مزاب

    image2تم إنجاز فيلم استكشافي، تدور أحداثه في منطقة وادي مزاب، حيث يقوم محمد وصديقه أنيس باكتشاف المنطقة في جولات قصيرة حول القصور والوقوف على أهم معالمها وكنوزها الحضارية والثقافية، يرافقهما في الرحلة الشيخ عبد الله، حيث.....


    اقرأ المزيد

  • المعالم الأثرية

    Icon 09
    المواقع الأثرية بمزاب: تزخر عدة مناطق من وادي مزاب بآثار ترجع إلى عصر ما قبل التاريخ، وخاصة الزمن الجيولوجي الرابع.
    النقوش الصخرية:موقع أوخيرة بالعطفوموقع أنتيسا و مومو ببني يزقن،وكذلك على طول ضفتي واد مزاب...
    الآثار الجنائزية:موقع أعمود لعميد بالقرارة.موقع قارة الطعام ببونورة...
    الصناعة الحجرية: موقع منطقة لعذيرة بغرداية. وموقع منطقة نوميرات...

    اقرأ المزيد

مكونات النخلة

معلومات عن النخلة :

01-مكونات النخلة :

المزابية العربية
تيزيت الخوص
أخلاب الطلع
تافتفات الليف [ الليف اليابس]
أكرشوش الجذع
إنرشب الركوب
أحراز ( أدجروز"ز"مفخم ) الجمار
تيفزغلت الكربة
تيرضوين الكرنافة
تايوضت ( تابوط ) مقعدة الفسيلة ، المكان اللآصق بالنخلة الام
تاعدافت النصل من أسفل السعفة المحتوى على الابر
تادرا الإبرة  السلاء
تيسقست العرجون
أزيوا ألعذق
تموتيت الفسيلة
توفا السعفة  الجريد
تاغدا النصل من السعفة
تازريرايت الشمراخ
تا منزوت  تيمتريوين الشماريخ السفلية في وسط العذق
أمرسيض [تازدايت ن أومرسيض] الفحال  [نخلة ذكر]
أمرسيض [تازويرايت نو مرسيض] اللقاح  [شمراخ اللقاح]


-------------------------------------

المرجع: كتاب السيدة عائشة عوف "وصفات جدتي من صيدلية النخلة"صفحة 04

مما يجوز فيه الخلاف

من الإعتزال إلى الإباضية

  • ديانة البربر قبل الإسلام

    image1
    كان قدماء البربر يعتقدون وجود إله يسمونه " عَمُونْ" أو " أَمُونْ " و لكن يرون أنّه ليس له وجود مستقل, وإنّما هو روح تحلّ ببعض الكائنات و المظاهر فيعبدونها. من هذه الكائنات :
    أ ـ الكواكب : كانوا يعبدون منها الشمس والقمر.
    ب ـ الحيوانات : كانوايعبدون الثور والكبش والأفعى والبوم والطاوس والهر.
    ج ـ الروحانيات : كانوا يعتقدون وجود أرواح كالجن في بعض العناصر الطبيعية كالعيون والأحجار والأشجار, يتوسّلون بها لقضاء حوائجهم.
    د ـ الأموات : كانوا يعبدون موتاهم ويقدّسونهم ويخشون غضبهمومع انتهاء الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا عام 84هـ/703م, اعتنق البربر الإسلام و...

    اقرأ المزيد

  • أوّل مذاهب بني مزاب في الإسلام (المعتزلي)

    image3

    كان وادي مزاب قبل استيطان الاباضية له آهلا بالسكان المعتزلة الواصليين ومن سبقهم يسكنون القرى المندرسة منها مدينة الصوف (أغرم نتلزضيت) في العطف. وكان يسكن بالعطف فريق من المعتزلة ومن أشهر علمائهم بها سليمان بن عبد الجبار وقبره مشهور بها ومقبرة الواصليين مشهورة بها كذلك وهي على حالها إلى يومنا هذا...

    اقرأ المزيد

  • تحوّل بني مزاب من الاعتزال إلى المذهب الإباضي

    image3

    يجمع المؤرّخون على أنّ تحوّل بني مصعب إلى المذهب الإباضي يرجع سببه إلى الدّعوة التي قام بها الدّاعية أبو عبد الله محمّد بن بكر. يقول الشّيخ مطياز: انعقد مؤتمر بأَرِيغْ حوالي 420هـ، للنّظر في مسائل تهمّ الوطن، منها قضيّة اللّاجئين من فلول رعايا بني رستم، رأي المؤتمر على انتداب العلّامة أبي عبد الله بن بكر ليجول في صحراء فوقع اختيارهم على وادي مزاب إلّا أنّه معمور بكثير من المعتزلة واتّفق رأيه على النّزوح إلى هذا الوطن وتعميره بما يصلح سكّانه المعزلة من العلم والألفة وحسن الجوار. وفي عام 422هـ وصل بلدة العطف، الوسط المعمور أكثر من غيره بالمعتزلة. وكان ذلك بعد موت عالم الوطن سليمان بن عبد الجبّار...

    اقرأ المزيد

من تضحيات خدمة البئر

من تضحيات خدمة البئر

Icon 08

...وما دمنا نتكلم عن حفر الآبار فلا بأس بذكر نوع من الأجور كان يُعطى للعمال الذي يحفرون لاسيما إذا كانوا يحفرون في الصخور، وذلك أنهم كانوا يحاسبون الأجير على حسب ما يقتلع من الحجر فكلما ملأ وعاء بالحجر إلا وملئوه له بالقمح أو الشعير وهذا على حسب الأوقات والظروف، وأما من كان يُصفي البئر فهو بالطبع يعمل طول يومه في الماء فإنه علاوة على أجره يعطون له رطل سمن يشربه قبل النزول في الماء لئلا تتضرر صحته بطول الوقوف في وسط الماء، ويجعلون على فم البئر أقواهم وأعقلهم لأن إمساك الغرارة -وهي ما تحمل الردم من البئر- تحتاج إلى المهارة والقوة والتعقل وإلا فإن أبسط خطأ قد يؤدي بحياة الذين في أسفل البئر ويعلم الله وحده كم من أناس قضى الموت عليهم، كما وقع في البئر الموجودة في غابة "عين أَوْلَوَالْ" في العطف وهي ملك لآل بكلي" قد عمل فيها أخوان، من المخادمة الذين جاءوا من وارجلان، كان أحد الأخوان في قاع البئر وكان أخوه يمسك الغِرارة، وذات يوم كان بعض العمال يجرون الغِرارة وهو في فم البئر ليمسكها وقبل أن يمسكها نادى بأعلى صوته "أَيَّاوْ هْنَا" وهو النداء المعروف فلما توقف الذين كانوا يجرون الحبل الذي يحمل هذه الغِرارة غلبته فرجعت إلى البئر وسقطت على أخيه فمات لحينه، وكم لهذه القصة من النظائر في مختلف القرى ومن يدري لعل صاحب هذه القصة هو الذي اختار أخاه ليقف على باب البئر لثقته فيه، وأذكر أن أحد العمال في سنة 1934م كان يحفر في حاسي "اجْدِيدَه"في غابات "أَوْلَوَالْ" في العطف بجانب المبرد الكهربائي فسقط عليه حجر صغير ربما كان أصغر من بيضة الحمام فمات ليومه، والطبيب العسكري هو الذي قال هذا عندما فحصه وأذن بدفنه.

وكثيرا ما تنهار البئر على من فيها من العمال وهنا يُعلن في البلدة نفير عام حتى ينقذ المنكوبون، وكثيرا ما يكونون على قيد الحياة إذا منَّ الله عليهم فوجدوا متنفسا وهناك حكاية لطيفة وقعت لأحد الأبطال المعروفين بشجاعتهم وإيمانهم بأن لكل أجل كتاب وهو المرحوم "سماوي الحاج اسماعيل بن قاسم" أو "بن كاسي" كما يقولون المتوفي حوالي سنة 1900م، فقد انهارت عليه هو وأصحابه بئر وتنادى المؤمنون، وظلوا يحفرون سائر اليوم حتى انقدوهم أحياء كلهم، لأن الله سبحانه مَنَّ عليهم بحجر مصفح كبير مثل الذي يجعل في باب البئر ويسمى بالمزابية "مَدُونْ"، اسقط مُتكئاً وأمسك الرَّدم فوقه فصاروا يتنفسون تحته حتى أدركتهم النجدة، وبعد أن خرجوا من البئر سالمين، ذهب إلى بيته وإذا بوالدته تقول له: إني لا أقبل بعد اليوم أن تنزل بئرا لقد كدنا نفقدك في حادث الأمس. فقال: يا أماه إن الناس الذين ماتوا على ظهر الأرض أكثر بكثير من الذين ماتوا تحتها، إن الأجل هو الذي يقتل. فوجدت كلامه حقا فسكتت، وقد اختصر طريق الجواب فاقتنعت لحينها.

 ------------------------------------

(01) كتاب رسالة في بعض أعراف وعادات وادي ميزاب، الحاج أيوب إبراهيم بن يحي، ص 44-45

المصدؤ nir-osra.org

من سجل الخالدين

من سجل الخالدين

c 7نبذة عن حياة الشيخ بابا السعد وعصره

أبو مهدي عيسى بن إسماعيل بن موسى

الشيخ عمي سعيد بن علي       الشيخ أمي سعيد بن علي الجربي الخيري

الشيخ امحمد بن يوسف اطفـيَّش قطب الأَيمـَّة

الشيخ عبد العزيز الثميني الشيخ عبد العزيز الثميني

  بابه والجمَّــة إبراهيم بن يوسف

  الشيخ محمد بن علي دبوز

الشيخ محمد البرياني

الشيخ بالحاج قشار

الشيخ محمد بن عمر داودي

الشيخ الناصر المرموري 

الشيخ شريفي سعيد (الشيخ عدون)

أبو اسحاق ابراهيم اطفَيَّشْ

الشيخ حمو بن عمر فخار

أبو اليقظان ابراهيم بن الحاج عيسى

من هم الإباضية؟

من هم الإباضية؟

Icon 09

يقول الدكتور النامي(1):

يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين؛ فمؤسسه الذي أرسى قواعد الفقه الإباضي وأصوله هو التابعي الشهير: جابر بن زيد الأزدي فهو إمام محدث فقيه، من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أُمِّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وعدد كبير من الصحابة مِمَّن شهد بدرا، كان إماما في التفسير والحديث، وكان ذا مذهب خاص به في الفقه، ولد سنة 21 للهجرة، وكان أكثر استقراره بالبصرة وبها توفي سنة 93 للهجرة. [ولم ينسب إِلَيهِ المذهب وَإِنَّمَا نسب إلى عبد الله بن إباض وهو تابعي أيضا عاصر معاوية وتوفي في أواخر أَيَّام عبد الملك بن مروان فهي نسبة عرضية كان سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض وتميز بها، فنسب المذهب الإباضي إِلَيهِ،ولم يستعمل الإباضية في تاريخهم المبكر هذه النسبة، بل كانوا يستعملون عبارة "جماعة المسلمين" أو أهل الدعوة" وأول ما ظهر استعمالهم لكلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث].

وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة، لَعَلَّ أخصبها وأثراها ما أثره عنه تلاميذه الذين انتشر المذهب على أيديهم، أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، وضمام بن السائب وغيرهم. وقد تَمَّ تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة، فكان جابر بن زيد نفسه مِمَّن يستعمل الكتابة والمراسلة فكتب بأجوبته إلى تلاميذه وأصحابه…، [وقد حفظ لنا التاريخ شيئا منها إلى اليوم ]. واستكتب بعض زملائه من التابعين مثل عكرمة مولى ابن عباس في بعض المسائل. والذي بين أيدينا من روايات ذلك الفقه المبكر: كتاب روايات ضمام، وفتيا الربيع بن حبيب، وكتاب النكاح لجابر بن زيد، وكتاب الصلاة له، وكثير من الروايات عن تلميذه عمرو بن هرم وعمرو بن دينار، بالإضافة إلى حديثه الذي جمعه الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح. فالمذهب الإباضي بالنظر إلى تأسيسه ونشأته من أقدم المذاهب الفقهية الإسلامية وهو نتاج مدرسة العراق والبصرة خصوصا.

على أنَّه وإن تأثر بمدرسة العراق فاستخدم علماؤها الرأي والقياس أيضا على تردد من بعضهم خصوصا جابر بن زيد وأبا عبيدة، إلاَّ أنَّ تأسيسه على يدي جابر وهو محدث صاحب آثار جعل منهجه يطبع فقه المذهب ويغلب عليه، ويحد من تأثير مدرسة الرأي، التي عظم خطرها في العراق.

على أنَّ اتساع دائرة المذهب الإباضي كدعوة إسلامية سياسية عامة جعل المذهب لا يكسب طابعا خاصا يغلب عليه مدرسة بعينها أو ينسب إلى مدينة بعينها كالبصرة، فَإِنَّ الباحث يتردد كثيرا قبل أَن يرسل حكما عاما يربط فيه المذهب بمركز التجمع الإباضي في البصرة، فقد كانت تجمعات مماثلة في كل من الكوفة ومكة والمدينة وخراسان عرف منها علماء بارزون مختارون، سجلت أقوالهم في الآثار المبكرة لعلماء الإباضية.

واكتملت صورة المذهب وتم تحرير أقواله وآرائه في صورتها النهائية في أواخر أَيَّام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، الذي خلف جابر بن زيد على إمامة أشياخ المذهب في البصرة، وهي مركز التجمع الأساسي لعلماء الإباضية؛ حتَّى قرابة نهاية القرن الثالث. وعنه حمله طلبته الذين وفدوا عليه من المغرب والمشرق إلى بلدانهم، التي أضحت (من بعد) مراكز لدول إباضية، لعبت دورا سياسيا خطيرا، في كل من جنوب الجزيرة وشرقها (اليمن، وحضرموت ثُمَّ عمان وفي شمال إفريقيا.. ليبيا، تونس، الجزائر).

وقد عرف هؤلاء التلاميذ باسم خاص تطلقه عليهم كتب السير والطبقات الإباضية هو اسم: "حملة العلم". وبجهود حملة العلم تأسست دولة الإباضية في شمال إفريقيا، فكان إمام الظهور الأوَّل لهذه الدولة هو: أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري أحد حملة العلم، وقد بايعه أصحابه بالإمامة في منطقة "صياد" قرب بلدة زنجور في طرابلس سنة 140 الهجري، ولعب دورا هاما في سياسة المنطقة في فترة قصيرة، التي حكمها أَيَّام ملك العباسيين. ثُمَّ بعد حروب متصلة بين جيوش الدولة العباسية وجموع الإباضية في المغرب، أفلح تلميذ آخر من تلاميذ أبي عبيدة وأحد "حملة العلم" وهو عبد الرحمن بن رستم الفارسي في تأسيس الدولة الإباضية بتاهرت، والتي استمرت قرابة مائة وعشرين سنة (120 سنة) وازدهرت مع ازدهارها، وما هيأته من ظروف الاستقرار حركة علمية ممتازة في كل من جبل "نفوسة" و"تاهرت" تركت ثروة علمية واسعة ذات قيمة جليلة، وبعد سقوط الدولة الإباضية في تاهرت احتفظت التجمعات السكانية الإباضية بنوع من الاستقلال الديني والسياسي، مكنها في متابعة تلك النهضة العلمية التي تقوم على رعايتها مجالس العلماء، التي عرفت في اصطلاح الإباضية "بمجالس العزابة"، فاتصل الإنتاج العلمي بين إباضية المغرب في مختلف العلوم الإسلامية حتَّى أَيَّامنا هذه.

وَلَعَلَّهُ من الإنصاف أَن نقرر هنا حقيقة هامة .. هي أنَّ المذهب رغم تلك الجفوة التي اصطنعتها ظروف السياسة في تاريخ الأمة الإسلامية بينه وبين سائر مذاهب الأمة.. يمثل في واقعه أقرب صورة إلى حقيقة الإسلام الأصيل، في عقائده وفقهه ومسلك أتباعه، ويتميز تاريخه الطويل بذلك الصراع المتصل لإقامة وجود سياسي للعقيدة الإسلامية، ممثلا في إمامة العدالة في حال الظهور، أو في السعي المتصل لإقامتها في مسالك الدين الأخرى في أطوار "الدفاع" أو "الشراء" أو "الكتمان".

ونحن نطمع أَن يكون نشر آثار الإباضية دافعا لعلماء الأمة للتدبر في فقه المذهب الإباضي، ووضعه في مكانه الصحيح الذي يُقَوِّي الجماعة، ويوحد صفوفهم، ويلُمُّ شعثَ المسلمين في عصرٍ هم أحوج ما يكونون فيه إلى وحدة صفوفهم، ورصد قوتهم لصد طغيان الطاغوت المتربص بهم في الداخل والخارج.

 

 -----------------------------------------

(1)الدكتور النامي في مقدمة تحقيقه لكتاب أجوبة ابن خلفون: 9-12:

المصدر مجلس أعيان قصر غرداية

من هم البربر؟

Icon 09البربر هم أبناء بربر بن تَمَلاَّ بن مازيغ، ويسمّون أنفسهم أمازيغ نسبة إلى جدّهم مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام. 

كان البربر أوّل عهدهم في الشّام مع أبناء عمّهم فلسطين، فوقعت بين الطّرفين حروب، فهاجر البربر من الشّام، فساروا إلى المغرب عبر مصر، واستوطنوه في العصر الحجري، وعمروه من غرب النيل إلى المحيط الأطلسي[1]. 

مواطن البربر اليوم هي سِيوَهْ أو واحة عمون بمصر، ومعظم المناطق بليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وتشاد والنيجر ومالي وموريطانيا، وجزر الكناري في المحيط الأطلسي. 

إنّ البربر ينقسمون أصلا إلى قسمين: البرانس والبُتْر، كلّ قسم يتفرّع إلى شعوب كثيرة لا تحصى. أحدشعوب البتر زناتة. كان موطنها في جنوب طرابلس بجوار نفوسة، وفي جبال أوراس، ومن مليانة إلى وادي ملوية، وفي الصّحراء مواطنها وَرَجْلَه ووادي مزاب والأغواط[2]. 

تتفرّع زنّاته إلى خمسة فروع، من بينها وَاسِينْ، ومن بطونه بنو مرين وبنو راشد وبنو بادين.


-----------------
 [1]حمد علي دبوز: تاريخ المغرب الكبير، الجزء الأول، ص23.

 [2]  نفس المصدر،ص 38.

من هم بنو مزاب؟

من هم بنو مزاب؟

المزابيون:

Icon 09

يعـتبر المزابيون أحد المكوّنات الأصيلة للشعب الجزائري والذي تربطه به روابط وثيقة وصلات متينة كما يتميّز بخصائص فريدة، فالمزابيون أحد فروع قـبيلة زناتة المازيغية المعروفة والتي استوطنت المغرب الأوسط منذ أحـقاب بعـيدة، كما أنهم ينتمون ضمن زناتة إلى فرعي: واسين وبادين، وعن ذلك يقول بن خلدون:

(...وتشعـبوا إلى شعوب كثيرة فكان منهم: بنو عبد الواد وبنو توجين وبنو مزاب وبنو أزردال يجمعهم كلهم نسب بادين...وكانوا كلهم معروفين بين زناتة الأولى ببني واسين قبل أن تعـظم هذه البطون والأفخاذ وتـتشعّـب مع الأيام)(1).

ويقول الأستاذ الحاج سعيد يوسف في ذات الصدد:

( ..إن بني مزاب أمازيغ، ويطلق على الأمازيغ كذلك اسم البربر... تتفرّع زناتة إلى فروع والتي من بينها واسين، ومن بطون واسين بنو مرين وبنو راشد وبنو بادين ومن أحفاد بادين بنو مزاب..)(2).

إذا كان هـذا النصان السالفان قـد قـدّما لنا لمحة مفـيدة عن الانتماء العرقي للمزابيين فإن التعريف بهم كـفئة لها خصائصها في الجزائر لا يتمّ إلا بإضافة لمحة عن خصائهم المذهـبية إذ يـعتنق المزابيون المذهب الإباضي الذي يعـتبر أحـد المدارس الإسلامية التي وضع أسسها وشكّل ملامحها أحد كبار التابعـين وهو الإمام جابر بن زيد رحمه الله، وقـد وصل المذهـب إلى المغرب الإسلامي في بدايات القرن الثاني الهجـري وأخـذ به الناس «...والإباضية تقوم على العـقـيدة الإسلامية الأصيلة ولا علاقة لها بالجـنس والعـرق والدّم إطلاقا... ولم تظهر في المنطقة [مزاب] إلا مع بداية القرن الرابع الهجري..»(3).

 

المزابي:

ممّا مرّ ذكره يمكـننا القول أن المزابي هـو ذلك المازيغي الزناتي الذي يمتـد وجوده بامتداد وجود هـذه الأرض الجزائرية وهـو نفسه ذلك المسلم الإباضي الذي صار كذلك منذ بداية القرن الرابع الهجري فامتزج فيه العنصران حتى صارا يـعـبّران عن شيء واحد.

-------

(1) عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ن: بيت الأفكار الدولية، اعتنى بإخراجه: أبو صهيب الكرمي، د ط ، ص: 1835.

(2)يوسف بن بكير الحاج سعيد، الهوية الميزابية – أهم عناصرها وتشكلها عبر التاريخ- ، ن: المطبعة العربية، ط 01، 1432هـ/ 2011م، ص 07.

(3) بكير بن سعيد أوعوشت، وادي مزاب في ظل الحضارة الإسلامية، ن: المطبعة العربية، ط 01، 1991م، ص 30.

المصدر: أ‌. أحمد بن داود امعيز الحاج أحمد،  بنو مزاب بالعاصمة بين التنوع اللغـوي والانسجام الاجتماعي: 1514-1830م.

من هم بنو مزاب؟

ⴰⵜ ⵎⵥⴰⴱ

Icon 09

المزابيون هم شعب أصيل ملتزم سكنوا منذ أقدم العصور بمنطقة مزاب و هي منطقة صخرية صحراوية تقع جنوب الجزائر بـ 600 كلم و هي منطقة قديمة جدا منذ العصور الحجرية و قد وجدت أكثر من 2900 أداة استعملها الإنسان البدائي في المنطقة .

يقول الشيخ مبارك الميلي: " ومن أفخاذ بادين مصاب، بالوطن المعروف بهم، المدعو اليوم مزاب. والزاي والصاد متقاربان"[1].

ومصاب هذا هو مصعب بن محمّد بن بادين، انتقل بنوه إلى الشّبكة مع بني إخوته عبد الواد وتُجِينْ وزَرْدَال، وهم من الطبقة الثّانية من زناتة.

حسب الشيخ أبي إسحاق طفيش، فإنّ هجرة بني مصعب إلى بلاد الشّبكة تمّت في القرن الثّاني من الهجرة[2]، ووقعت لأسباب سياسية حسب رأي ابن خلدون[3].

ينقل الشيخ مبارك الميلي عن ابن خلدون (1332م- 1406م) قوله:" وقصور مصاب سكانها لهذا العهد شعوب بني بادين، من بني عبد الواد وبني تُوجينْ ومصاب وبني زَرْدَال، فيمن انضاف إليهم من شعوب زناتة، وإن كانت شهرتها مختصة بمصاب".

ويمضي الشيخ الميلي قائلا:" وبنو عبد الواد الذين بمزاب من بني مطهر بن يمل ابن يزقن بن القاسم. وقال أوب رأس: بمزاب لماية وأخلاط من صنهاجة وغيرهم".

وعلاقة النّسب هذه بين بني مزاب وبني عبد الواد تجرّنا إلى إدراج الحادثة الآتية: لمّا احتلّ تلمسان السّلطان المريني أبو فارس عبد العزيز عام 772هـ/ 1370م، خرج منها سلطان بني عبد الواد عليها أبو حمو الثّاني، متنقلا متشرّدا في بلاد الصّحراء إلى أن التجأ إلى وادي مزاب أين شعر بالأمان[4].

استضافته بلدة العطف في محلّ يطلّ على ساحة السّوق، اشتهر بـ(دار سلطان).

أمّا سبب تحريف مصعب إلى مزاب فلأنّ من البربر من لا يستطيع النطق بالعين محقّقة، وإنّما ينطق بها همزة، وقد يسهّلها إلى الألف. ونجد ذلك جليّا في بعض المخطوطات القديمة التي نقرأ فيها أَمِّي سعيد وأَمِّي عيسى، بدلا من عمّي سعيد وعمّي عيسى. ثمّ إن تقارب مخارج الصاد والزّاي والضّاد من جهة، وتعدّد اللّهجات الألسنة من جهة أخرى، وتقادم العهد من جهة ثالثة، أدّت إلى اختلاف النّطق لهذه الكلمات، فقالوا مصعب ومُصَاب ومُضَاب ومْزَاب ومِيزَاب. ممّا يؤيّد هذا الرّأي إبدال بني مزاب للصاد زايا مفخّمة في بعض الكلمات العربية، مثل الصّلاة والصّوم، اللتين أصبحتا تْزَالِيتْ وَأَزُمِي.

وهناك من يرى أنّ كلمة مْزَابْ هي ذاتها كلمة زَابْ، ويستدل على ذلك بكون التوارق يقولون، دون تمييز: زَابْ ومْزَابْ ونْزَابْ.

وكذلك توجد في وادي مزاب عائلات إلتجأت من تيهرت بعد سقوط دولة بني رستم إلى مزاب وهناك بعد عائلات قدمت من وارجلان بعد تخريب ابن غانية لها وافساد نظام الري فصارت وارجلان قبرا بعد أن كانت عامرة زاهرة وهناك عائلات معروفة قدمت من جبل نفوسة ومن جربة في عصور مختلفة معروفة".

يقول أبن خلدون : "بنو يفرن هؤلاء من شعوب زناتة واوسع بطونهم وهم عند نسابة زناتة بنو يفرن بن يصلتين بن مسر بن زاكيا بن ورسك بن الديرت ابن جانا وأخوته مغرواة وبنو يرنيان وبنو واسين من ذريتهم بنو زيان ملوك تلمسان".

يقول في صفحة 12 من الجزء السابع ط دار الكتاب "ومن بني واسين هؤلاء بقصور مزاب على خمس مراحل من جبل تيطري في القبلة بمادون الرمال وهذا الأسم للقوم الذين اختطوها ونزلوها من شعوب بني بادين وسكانها لهذا العهد شعوب بني بادين من بني عبد الوادى وبني توجين ومصاب وبني زروال فيمن يضاف إليهم من شعوب زناته وأن كانت شهرتها مختصة بمصاب ومنهم بجبل أوراس طائفة معروفون بين ساكنيه".

 ----------------------------------------

[1]_ تاريخ الجزائر في القديم والحديث، الجزء الثاني، 214.

[2]_ المنهاج، 156.

[3]_ حمو عيسى النوري: دور الميزابيين، الجزء الأول 27.

[4]_Revue africaine n°37 , 373 وعبد الرحمن الجيلالي: تاريخ الجزائر العام، الجزء الثاني، 185.

 

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

بحول الله سيحل علينا موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الجربي رحمه الله وهذا الموسم بمثابة عيد لأنه نهاية لموسم المقابر وإعلان مباشر لرحلة الناس رحلة الصيف إلى الجنان حيث الراحة والاطمئنان فمن الصباح بعد الشروق يلتقي العزابة والطلبة وإروان وإمصوردان فيفتحون تلاوة القرآن جماعيا في ثلاثة مجالس في مكان خاص على حسب الظرف فمرة في المسجد ومرة في محضرة المقبرة لا في المقبرة يعني فوق القبور كما يحلو للبعض وأثناء التلاوة يفرقون على الحاضرين الصدقات المختلفة وقد تكلمنا عليها مرارا في هذا الموقع وخاصة في عنوان صدقات من نوع خاص خاصة ببعض الخواص وتنتهي التلاوة قبل صلاة الجمعة بساعة وتستأنف بعدها وفي العشية وقبل المغرب تفرق الصدقات الموقوفة والمتمثلة في قصع الكسكس الخاص بالمقبرة باللحم والسمن دون المرق معمول من القمح ( إيردن) على مجموعات القارئين للقرآن صدقة لهم بطريقة مدروسة وبعد الأكل منها وهو ما يمسى (بأمنسي) أي العشاء أو (أمُنسوا) أي التعشي يُنادى بالدعاء فيدعو المتصدر في العزابة ويتفرق الناس إلى ديارهم حاملين معهم ما تبقى من بركة الوقف ويبقى الطلبة ومن معهم من العزابة وغيرهم لاستكمال المشوار وقد يجلس كثير من الناس فتقدم النصائح والإرشادات من العزابة في شأن الاصطياف وعمارة محاضر الغابة في كل الأحياء بين المغرب والعشاء وتبين التوصيات في شأن غسل الموتى ودفنهم كذلك إلى غير ذلك من التوجيهات المتعلقة بديار القصر وتركها شاغرة وقائمة التوجيهات تطول وكل عام وكيفتها وكمها ثم ينفض الجمع وهم يتمنون قضاء صيف ممتع في الجنان إلى أن يأتي موسم النزوح إلى القصر وهي رحلة الخريف بخلاف رحلة قريش الشتوية هذا ما في الأمر كله وإليكم بعض التعليقات على الحدث.

منقول بتصرف: منشور في الفيسبوك للفاضل أبو موسى الشماخي

 

 

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

Icon 09

موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الصيفي

بحول الله سيحل علينا موسم مقبرة الشيخ عمي سعيد الجربي رحمه الله، وهذا الموسم بمثابة عيد لأنه نهاية لموسم المقابر وإعلان مباشر لرحلة الناس رحلة الصيف إلى الجنان حيث الراحة والاطمئنان.

فمن الصباح بعد الشروق يلتقي العزابة والطلبة وإروان وإمصوردان فيفتحون تلاوة القرآن جماعيا في ثلاثة مجالس في مكان خاص على حسب الظرف، فمرة في المسجد ومرة في محضرة المقبرة لا في المقبرة يعني فوق القبور كما يحلو للبعض، وأثناء التلاوة يفرقون على الحاضرين الصدقات المختلفة وقد تكلمنا عليها مرارا في هذا الموقع وخاصة في عنوان صدقات من نوع خاص، خاصة ببعض الخواص وتنتهي التلاوة قبل صلاة الجمعة بساعة وتستأنف بعدها، وفي العشية وقبل المغرب تفرق الصدقات الموقوفة والمتمثلة في قصع الكسكس الخاص بالمقبرة باللحم والسمن دون المرق معمول من القمح (إيردن) على مجموعات القارئين للقرآن صدقة لهم بطريقة مدروسة وبعد الأكل منها وهو ما يمسى (بأمنسي) أي العشاء أو (أمُنسوا) أي التعشي، يُنادى بالدعاء فيدعو المتصدر في العزابة ويتفرق الناس إلى ديارهم حاملين معهم ما تبقى من بركة الوقف ويبقى الطلبة ومن معهم من العزابة وغيرهم لاستكمال المشوار وقد يجلس كثير من الناس فتقدم النصائح والإرشادات من العزابة في شأن الاصطياف وعمارة محاضر الغابة في كل الأحياء بين المغرب والعشاء، وتبين التوصيات في شأن غسل الموتى ودفنهم كذلك، إلى غير ذلك من التوجيهات المتعلقة بديار القصر وتركها شاغرة وقائمة التوجيهات تطول وكل عام وكيفتها وكمها، ثم ينفض الجمع وهم يتمنون قضاء صيف ممتع في الجنان إلى أن يأتي موسم النزوح إلى القصر وهي رحلة الخريف بخلاف رحلة قريش الشتوية هذا ما في الأمر كله.

 ----------------------------------------------------

منقول بتصرف: منشور في الفيسبوك للفاضل أبو موسى الشماخي

نزح الماء من البئر

يقوم الفلاّحون الميزابيون بالري عن طريق الآبار , التي تعتبر المصدر الوحيد , تقريبا , للمياه بوادي ميزاب , و في جميع المناطق الصحراوية في العالم , كما سبق الذكر , و كذلك على الوادي المحيط بالمدينة , و الآبار عدة أنواع , كما أن طرق استخراج المياه منها متنوعة كذلك .

 طرق استخراج المياه : نموذج بئر تقليدية

ajbad01


الطريقة التقليدية :

يتم نزح الماء من البئر بوادي ميزاب , بواسطة الجمل أو الحمار أو البغل , الذي يجذب الدلو بواسطة حبلين يمران على بكرتين , وذلك باتباع درب مائل يخفف عليه مشقة الجذب .عند إفراغ الدلو في الحوض تعود الدابة في اتجاه البئر لتتكرر العملية . يرافق الفلاح الحيوان ذهابا و إيابا لحثه على السير , ومساعدته في الجذب و تفريغ حمولة الدلو في الوقت المناسب , هذه الحمولة تتراوح بين عشرين وثلاثين لترا , ومعدل النزح مرتان في الدقيقة , و ينزح الحمار 3 أمتار مكعبة من الماء في الساعة , ولايؤنس الفلاح إلا موسيقى البكرتين أو مايكرره من آيات القرآن , و لازال بعض المسنّين بستعمل هذه الطريقة إلى اليوم , لاستمتاعه بها.

الفلاح قديما بمزاب هو أول من يخرج من البلدة إلى واحاته وذلك قبل آذان الفجر بكثير، ويستمر في جهد عضلي شاق جدا إلى المغرب مع بعض أوقات الاستراحة، وقد قدر أحد الباحثين المسافة التي يقطعها الفلاح في نزح الماء من البئر بـ: 40 كلم يوميا.

 

طريقة الرّي :

طريقة ريّ الواحات في وادي ميزاب , هي طريقة بسيطة جدّا , تعتمد على حفر السواقي التي تجري بين الأشجار و النخيل و تنقل المياه إليها , و هذه المياه تأتي من البئر ثم تصبّ في حوض مخصص لها بجانب البئر , ثم تنساب إلى الساقية الرئيسية عن طريق مجرى كبير في أسفل الحوض , و منها إلى السواقي الفرعية التي تمر على كامل الغابة.

 

طريقة أخرى هي آفراض:

afradh n wamane

وني اقارناس افراض يروزد اي جا . ايجروا امان اماسس افراض يتتيلي يفتش يرزم باش ادياجم أمان تتوغن ايمزوار سخدامنت ايمار نتيرميزين. يقار ينزي حدني يرزم نغ يفتش أن وفراض جا هو الدي يوجد داخل المنزل اما افراض يستعمل لجلب الماء من البئر عندما يكون منسوب المياه منخفض خاصة في فترات تيرميزين حيث ينبسط ويفتح على مصرعيه فيجمع الماء '' افراض هو الجمع'' افراض هو الجمع بالامازغية فهو يجمع الماء عندما ينبسط على الارض يستعمل في فترات الجفاف حيث يكون منسوب المياه منخفض نستعمل فيها تقنية جمع المياه.

 

 

نزح الماء من البئر (أجباد)

يقوم الفلاّحون الميزابيون بالري عن طريق الآبار , التي تعتبر المصدر الوحيد , تقريبا , للمياه بوادي ميزاب , و في جميع المناطق الصحراوية في العالم , كما سبق الذكر , و كذلك على الوادي المحيط بالمدينة , و الآبار عدة أنواع , كما أن طرق استخراج المياه منها متنوعة كذلك .

 طرق استخراج المياه : نموذج بئر تقليدية

ajbad01


الطريقة التقليدية :

يتم نزح الماء من البئر بوادي ميزاب , بواسطة الجمل أو الحمار أو البغل , الذي يجذب الدلو بواسطة حبلين يمران على بكرتين , وذلك باتباع درب مائل يخفف عليه مشقة الجذب .عند إفراغ الدلو في الحوض تعود الدابة في اتجاه البئر لتتكرر العملية . يرافق الفلاح الحيوان ذهابا و إيابا لحثه على السير , ومساعدته في الجذب و تفريغ حمولة الدلو في الوقت المناسب , هذه الحمولة تتراوح بين عشرين وثلاثين لترا , ومعدل النزح مرتان في الدقيقة , و ينزح الحمار 3 أمتار مكعبة من الماء في الساعة , ولايؤنس الفلاح إلا موسيقى البكرتين أو مايكرره من آيات القرآن , و لازال بعض المسنّين بستعمل هذه الطريقة إلى اليوم , لاستمتاعه بها.

الفلاح قديما بمزاب هو أول من يخرج من البلدة إلى واحاته وذلك قبل آذان الفجر بكثير، ويستمر في جهد عضلي شاق جدا إلى المغرب مع بعض أوقات الاستراحة، وقد قدر أحد الباحثين المسافة التي يقطعها الفلاح في نزح الماء من البئر بـ: 40 كلم يوميا.

 

طريقة الرّي :

طريقة ريّ الواحات في وادي ميزاب , هي طريقة بسيطة جدّا , تعتمد على حفر السواقي التي تجري بين الأشجار و النخيل و تنقل المياه إليها , و هذه المياه تأتي من البئر ثم تصبّ في حوض مخصص لها بجانب البئر , ثم تنساب إلى الساقية الرئيسية عن طريق مجرى كبير في أسفل الحوض , و منها إلى السواقي الفرعية التي تمر على كامل الغابة.

 

طريقة أخرى هي آفراض:

afradh n wamane

وني اقارناس افراض يروزد اي جا . ايجروا امان اماسس افراض يتتيلي يفتش يرزم باش ادياجم أمان تتوغن ايمزوار سخدامنت ايمار نتيرميزين. يقار ينزي حدني يرزم نغ يفتش أن وفراض جا هو الدي يوجد داخل المنزل اما افراض يستعمل لجلب الماء من البئر عندما يكون منسوب المياه منخفض خاصة في فترات تيرميزين حيث ينبسط ويفتح على مصرعيه فيجمع الماء '' افراض هو الجمع'' افراض هو الجمع بالامازغية فهو يجمع الماء عندما ينبسط على الارض يستعمل في فترات الجفاف حيث يكون منسوب المياه منخفض نستعمل فيها تقنية جمع المياه.

 

 

نشأة الحركة الإباضية

تأليف: د. عوض خليفات

Icon 09رابط تحميل الكتاب Pdf

للدكتور عوض خليفات، من الأردن، عدة مؤلفات عن الإباضية، منها:"النظم الاجتماعية والتربوية عند الأباضية في أفريقية في مرحلة الكتمان"، و"نظام الولاية والبراءة والوقوف عند الإباضية".

ومنها كذلك "نشأة الحركة الإباضية" الذي نحن بصدد التعريف به في هذا العدد،وقد صدرت الطبعة الأولى سنة 1978،ثم طبعته بعد ذلك دار مجدلاوي في الأردن،ويقع في 226 صفحة.

والكتاب يتتبع نشأة الإباضية التي تنحدر من فرقة الخوارج، أولى الفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي، ثم يتحدث عن مؤسسها عبد الله بن أباض، وأهم شخصياتها، والدول أو الدويلات التي تمكنت من إقامتها في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، وخاصة في عُمان وشمال أفريقيا.

 

الباب الأول

يقسم المؤلف كتابه إلى سبعة أبواب، يتحدث في الأول منها عن المراجع التيحضرموت استقى منها معلومات الكتاب، ويقدم لها رؤية نقدية، ومن هذه المصادر ما هو سني، ومنها ما هو شيعي، وما هو إباضي.

وفي هذا الباب أيضاً يتطرق خليفات إلى الدراسات الحديثة عن الإباضية مشيراً إلى أن المستشرقين هم أول من انبرى لدراسة الإباضية مدفوعين بأسباب عديدة، ولا ننس هنا أن أول معاهد الاستشراق في فرنسا كان تابعاً لوزارة المستعمرات، التي استخدمت الاستشراق لمعرفة المناطق التي ترغب في احتلالها أو التي قامت باحتلالها، ومعرفة السكان وأصولهم وعقائدهم، ليسهل التعامل معهم، خاصة وأن الإباضيين ينتشرون في عدد من البلدان التي احتلتها فرنسا مثل تونس والجزائر. وقد أورد المؤلف عدداً مما ألفه المستشرقون في ذلك.

 

الباب الثاني

أ ـ تطور الخلافة وأثرها في ظهور الخوارج

يعود ظهور الخوارج كجماعة إلى عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتحديداً إلى أولئك الذين انشقوا من جيشه عقب حادثة التحكيم سنة 37هـ، وهي الحادثة الشهيرة التي أعتقبت معركة صفين التي دارت رحاها بين الإمام علي ومعاوية. فلقد رأى هؤلاء الخوارج أن التحكيم يعتبر تعدياً على أمر الله مرددين "لا حكم إلاّ لله" فما كان من الإمام علي إلاّ أن قاتلهم في "النهروان" وانتصر عليهم.

وللوصول إلى هذه النتيجة عن نشأة فرقة الخوارج، وضع د. خليفات تمهيداً بدأه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، واختيار أول خليفة للمسلمين، وقد تخبط المؤلف في هذا الباب، واستند إلى بعض الروايات التي لا تصح، واعتمد ـ فيما اعتمد ـ على كتاب الفتنة الكبرى لطه حسين، وهو كتاب مليء بالتلفيق حول تاريخ الخلفاء الراشدين.

ومن جملة ما تخبط به د. خليفات في هذا الفصل اعتباره أن مشكلة الخلافة هي أول مسألة اشتد فيها الخلاف بين المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بعض الصحابة ترددوا في قبول ترشيح أبي بكر لعمر بالخلافة من بعده، لأنهم يفضلون عليّاً، وأن عمر رفض أن يرشح أحداً بعينه للخلافة من بعده، لأنه خشي من عثمان مثلاً "عصبيته وحبه لأهله وقومه، وحملهم على رقاب الناس".

ومن جملة ما أخطأ به المؤلف أيضا اعتباره أن التأييد الواسع الذي حظي به عثمان رضي الله عنه عقب استشهاد عمر ناتج عن "دعاية قام بها الأمويون في المدينة ـ وهم كثر ـ لصالح شيخهم عثمان".. وغير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره.

ب ـ تفسير الإباضية لنشأة الخوارج

في هذا الفصل يقوم المؤلف ـ مستنداً إلى مصادر ومؤلفات الإباضية ـ آراء الإباضية في التطورات التي حدثت في صدر الإسلام وأدت إلى نشوء الخوارج ـ الفرقة الأم ـ:

1ـ يزعم الإباضيون أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حاد عن الطريق القويم في الفترة الأخيرة من خلافته، لذا وجبت منه البراءة، وبالتالي أحل سفك دمه.

2ـ يعتبرون أن الغوغاء الذين ثاروا على عثمان كانوا على حق، ويعتبرونهم الرواد الأوائل لفرقتهم، ويدّعون أن المهاجرين والأنصار في المدينة حرّضوا المتمردين على عثمان، ومنهم علي.

3ـ  ويقولون إن المسلمين تولوا علي بن أبي طالب وساندوه حتى قبوله التحكيم مع معاوية، ويرون أنه أخطأ فيما عمل، وحكم الرجال في أمر من أمور الله، وخلع نفسه من منصبه الشرعي الذي بايعه عليه المسلمون، لذا وجبت البراءة منه ومحاربته، وخاصة بعد رفضه إعلان التوبة! والانضمام للمُحَكّمة الذين انتخبوا عبد الله بن وهب الراسبي إماماً لهم.

4ـ ويرى الإباضية أن عليّاً قد ندم لمحاربته أهل النهروان، واعترف أنهم ليسوا مشركين ولا منافقين. ويقولون أن هذا دليل على صدق نواياهم وصلاح عقيدتهم.

 

الباب الثالث

ظهور الخوارج المعتدلين ـ القعدة

يشير المؤلف هنا إلى جماعة انشقت بعد معركة النهروان، واتخذت مدينة البصرة مقرا لها، وآثرت السلم وعدم اللجوء للسيف لفرض آرائها. وقد تزعم هذه الجماعة أبو بلال مرداس بن أدية التميمي. وكونت هذه الجماعة البذرة التي أنتجت فيما بعد فرقة الإباضية.

وفي حين آثرت هذه الجماعة التهدئه،كان الخوارج " المتطرفون" يقومون بثوراتهم وحركاتهم ضد الأمويين، ويتعرضون من جراء ذلك للقتل والتشريد.

أما زعيم هذه الجماعة أبو بلال، فقد كان شهد معركة صفين مع الإمام علي، واشترك في معركة النهروان ضده، لكنه آثر فيما بعد أن ينشر أفكاره بالحوار والمناقشة مما جعله يكسب الكثير من الأتباع في البصرة، بل وجعل بعض الفرق كالشيعة والمعتزلة يعتبرونه أحد أتباعهم.

وقد أنكر الخوارج المتطرفون قعود أقرانهم(أتباع أبي بلال)عن الثورة فلقبوهم – احتقارا - بالقعدة ، أي الذين قعدوا عن الجهاد ومحاربة الولاة الظالمين ـ من وجهة نظرهم ـ أما أهل السنة فكانوا يسمونهم " الحرورية".

وقد اتبع والي العراق آنذاك زياد بن أبيه سياسة اللين مع هذا القسم من الخوارج لأنه كان يرى ضرورة التفرغ للخوارج المتطرفين، لكن بعد وفاة زياد، اتبع ابنه عبيد الله بن زياد سياسة مغايرة، إذ عمد إلى القسوة مع جميع الخوارج، مما اضطر القعدة إلى الدعوة والتحرك سرّاً.

وفي تلك الفترة أصبح الاغتيال السري وسيلة هامة لدى القعدة، والإباضية فيما بعد للتخلص من كل شخص يحاول إيذاءهم، وكان ذلك بعد أن استطاعوا اغتيال عباد بن علقمة المازني، قائد الجيش الأموي الذي أباد مرداس وأصحابه. كما أن أعداداً منهم انضمت إلى عبد الله بن الزبير في الحجاز لمّا أعلن رفضه توريث الحكم عند الأمويين.

 

الباب الرابع

عبد الله بن أباض وتطور الحركة الأباضية

تنسب الإباضية إلى عبد الله بن أباض، رغم أن الإباضيين يشيرون إلى انتسابهم إلى شخص آخر، هو جابر بن زيد الأزدي. ولا تذكر المصادر التاريخية إلاّ الشيء اليسير عن حياة ابن أباض، فتاريخ مولده ووفاته غير معروفين، والمصادر الإباضية تجعله من رجال الطبقة الثانية من التابعين، أي الذين ماتوا قبل عام 100هـ.

وعلى حد تعبير د. خليفات، فإن "أول اشتراك لابن أباض في الحياة العامة"، كان اشتراكه إلى جانب ابن الزبير ضد الجيش الأموي بقيادة الحصين بن نمير السكوني الذي خلف القائد الأموي مسلم بن عقبة سنة 63هـ، وكان ابن اباض قد ذهب إلى مكة مع بعض قادة الخوارج مثل نجدة بن عامر الحنفي، ونافع بن الأزرق وغيرهم، مدفوعين برغبتهم وحماسهم في الدفاع عن البيت الحرام.

وقد اندلع خلاف بين ابن الزبير، وهؤلاء الخوارج، جعلهم يتركون مكة، وقد عاد بعضهم، ومنهم ابن اباض، إلى البصرة سنة 64هـ.

وبرز ابن اباض في تلك الفترة عندما اختاره القعدة مجادلاً عنهم، ومتحدثاً باسمهم ضد مناوئيهم ، بعد عودتهم من الحجاز إلى البصرة ، وبخاصة ضد متطرفي الخوارج، وعلى رأسهم نافع بن الأزرق وأتباعه.

لكن المصادر الأباضية تنسب إلى عبد الله بن أباض دوراً ثانوياً بالمقارنة مع جابر بن زيد الذي سيخصص له المؤلف باباً كاملاً في هذا الكتاب، وهو المحسوب عندهم إمام الأباضية، في حين يعتبرون ابن إباض أحد زعمائهم الصالحين.

وينقل المؤلف رأياً لأحد المؤرخين الإباضيين المعاصرين مفاده أن الأمويين أطلقوا اسم الإباضيين عليهم، لأنهم لا يريدون نسبة هذه الفرقة إلى جابر بن زيد حتى " لا يجذبوا إليهم الأنظار، ولا يبدون في هالة جابر المشرقة..".

 

الباب الخامس

جابر بن زيد الأزدي

ويبدأ المؤلف هذا الباب بالتأكيد على أن المؤرخين الإباضيين، القدامى منهم والمحدثين يعتبرون أن جابر بن زيد هو المؤسس الحقيقي لدعوتهم، والمنظم الأول لحركتهم. ويعتقد أن سنة ولادته كانت بين (18ـ 22)هـ.

وقد تتلمذ جابر على يد عدد من الصحابة والتابعين، منهم عبد الله بن عباس، وقد بلغ من العلم مبلغاً يشار إليه بالبنان، ورحل في طلب العلم مراراً.

 

الباب السادس

أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي

وهو الذي خلف جابراً في رئاسة الدعوة، وقد عاش في البصرة، وأخذ العلم عن جابر، وغيره من أئمة الإباضية في مرحلة الكتمان، كما أنه أدرك بعض الصحابة مثل أبي هريرة وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري.

وبالإضافة إلى كونه عالماً من علماء الإباضية، فإن أبا عبيدة كان يتمتع بقدرات سياسية كبيرة، وقد تبوأ زعامة هذه الفرقة بعد موت الحجاج سنة 95هـ، وخروجه من السجن، واتفق ذلك مع بداية حكم سليمان بن عبد الملك سنة 96هـ وفي تلك الفترة لم تكن العلاقة بين الخلافة والأباضية عدائية، فقد حظيت الإباضية لفترة من الزمن بحماية زعيم الأزد، يزيد بن المهلب الذي عينه الخليفة والياً على العراق وخراسان حيث كان العديد من الأزديين، والمهالبة قد انضموا إلى هذه الفرقة.

وخلال تلك الفترة، التقط الإباضيون أنفاسهم ونظموا صفوفهم، واستفادوا في نشر دعوتهم من موسم الحج، ورحلات التجار، الأمر الذي مهّد ـ فيما بعد ـ لقيام عدد من الإمارات الإباضية التي تناولها الباب السابع من الكتاب، والذي أطلق عليه المؤلف اسم "انتصار الدعوة".

 

الباب السابع

انتصار الدعوة

حيث أثمر التنظيم الدقيق والعمل الدؤوب من قبل الإباضية تأسيس إمارات خاصة بها في جنوب الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.

أـ تأسيس الإمامة في الجزيرة العربية ـ حضرموت واليمن

فقد استطاع أحد زعمائهم وهو عبد الله بن يحيى، المشهور بطالب الحق، الاستيلاء على حضرموت سنة 129هـ، في السنوات الأخيرة لحكم بني أمية، بمساعدة الإباضية في البصرة، ثم استولى على صنعاء، وامتد نفوذهم إلى بعض مناطق الحجاز بعد انتصارات على الجيوش الأموية، تبعها هزائم وانكسارات.

وقد ظل للإباضية نفوذ وانتشار في حضرموت حتى استيلاء الصليحي عليها سنة 455هـ.

ب ـ تأسيس الإمامة في عُمان

أدت بعض العوامل إلى أن يؤسس الإباضيون إمارة لهم في عُمان منها انتماء عدد من أبناء قبيلة الأزد ـ أكبر قبائل عُمان ـ إلى الإباضية، ورغبة العمانيين المستمرة في الاستقلال عن السلطة المركزية المتمثلة بالدولة الأموية ثم العباسية، إضافة إلى طبيعة عمان الجغرافية وموقعها الاستراتيجي مما ساعدها على تنمية مواردها الاقتصادية، وبالتالي الوقوف ضد أي خطر دون خوف من حصار اقتصادي محتمل كما كان يحدث في الحجاز مثلاً.

ومنذ سنة 177هـ استطاع الإباضيون تأسيس الإمامة في عمان، وما زال مذهبهم سائداً هناك إلى اليوم.

جـ ـ تأسيس الإمامة الإباضية في شمال أفريقيا (المغرب العربي)

استفاد الأباضية من بعد بلاد المغرب العربي عن مقر الدولتين الأموية والعباسية، فأسسوا إمارة مستقلة،سرعان ما أرسل العباسيون لها الجيوش لحربها وإعادتها إلى جسم الدولة، وفي سنة 144هـ حقق العباسيون انتصاراً كبيراً على الأباضية.

والدولة الرستمية، المنسوبة إلى عبد الرحمن بن رستم هي إحدى الدول الإباضية التي قامت في المغرب الأوسط، وشكلت ملاذاً للإباضية الذين اضطهدهم العباسيون في أماكن أخرى، واستمرت الدولة الأباضية هناك منذ سنة 162هـ إلى سنة 297هـ، عندما قضى عليها العبيديون الفاطميون.

----------------------------

المصدر:  http://www.alrased.net

نشأة الدولة الإباضية

كان الإسلام قد غرس حب العدل في القلوب، والغرام بالمساواة في النفوس، والتعليق بالديمقراطية؛ فكان من مآثر الدين الحنيف عند المسلمين قضاؤه على ظلم الجاهلية واستبدادها، وعلى غطرسة الملوك، وتجبر الأمراء، وحيف الرؤساء؛ وأشاع العدل الذي يتولد به الاتحاد والإخاء، والديمقراطية والمساواة التي هي أساس المحبة والرخاء.

وكان الإسلام قد فرض في رئاسة الدولة أن لا يتقدم إليها إلا من يرتضيه المسلمون لدينه واستقامته، وورعه وإخلاصه، وكفاءته العقلية والخلقية، ويقدمونه هم لرئاستهم، بدون أن يتخطى الرقاب إليها ويستولي بالقوة عليها. ولما خرم بنو أمية هذا الأصل العظيم، فاستبدوا برئاسة الدولة دون المسلمين، وجعلوا الدولة الإسلامية ملوكية كسروية، بعد أن كانت جمهورية تقوم على الإمامة العادلة، ويرأسها الإمام الذي تجمع عليه أغلبية المسلمين؛ وجعل الأمويون الملك تركة فيهم تورث، وعضوا عليه بالنواجذ، ووضعوا الأحاديث الكاذبة والنصوص المزورة التي تحصر رئاسة الدولة في قريش، وجعلوا الخلافة الإسلامية الشائعة التي يمكن أن يتقلدها كل ذي كفاءة من المسلمين ملكا عضوضا كسرويا مستبدا؛ محصورا فيهم،و خاصا بهم؛ ثار عليهم المسلمون لمخالفتهم للدين، واغتصابهم لرئاسة المسلمين.

وكانت الشورى في الرئاسة، والديمقراطية التامة في انتخاب رئيس الدولة، مما جاء به الإسلام، وأمر به الدين الحنيف، منعا للتحاسد والشقاق بين المسلمين، وصدا لغير الأكفاء أن يتسنموا عرش السلطان، إذا كان الأمر بالإرث في التيجان، كما وقع في بعض الأزمان، يموت الملك فتنتظر الأمة شباب صبي ينشأ على الفسولة والرخاوة كالديدان، ليتولى أمرها، وهي تعج بأصحاب الكفاءة، لان الملك مقصور على هذه العائلة، ورئاسة الدولة محصورة في تلك الأسرة، فهي معدن الذهب، وإن كان ذهبه قد نفد، ولم يبق فيه إلا الرغام الذي لا يليق إلا لبناء القبور ! وانطفأت نيرانها، وخبا جمرها، فلم يبق في كانونها إلا الرماد، أو عيدان خضر من المخنثين الذين لا يضطرمون كالأبطال بنار المدافع والرشاشات، والبنادق والقبائل في الميدان، وبالفكر في الخطط العبقرية، وحل مشاكل الأمة، ليورثوا لامتهم نضوجها، ولكن يملؤون الساحة بالدخان... فينعدم من جو أممهم الصفاء، وتخيم عليها التعاسة والشقاء ويكونوا مصدر ليلها الحالك الذي تغط فيه في النومات، فترتع فيها سباع الاستعمار، وتتفتح لها كل القبور.

إن الإسلام قد جاء بنظام الإمامة في رئاسة الدولة، ليقود الأمة الإسلامية في كل زمان أفضل أبنائها، وأكثرهم كفاءة، وأتمهم في الورع والنزاهة والإخلاص، فخرم بنو أمية وبنو العباس هذا الأصل، فثار عليهم المسلمون، وأنكروا عليهم مخالفتهم للدين، واستئثارهم بالرئاسة، وهي شورى بين المسلمين. فنشأت جماعات بعد استيلاء معاوية قهرا على الملك وقضى على الإمامة الإسلامية، فشددت النكير على الأمويين لهذه البدعة وعلى العباسيين بعدهم، ودعت إلى الرجوع إلى الإمامة الإسلامية. والى ما أمر به الدين في رئاسة المسلمين.

وكان مما ارث قلوب كثير من المسلمين على الأمويين والعباسيين ما ارتكبوه من جرائم في الملك، وما اهرقوا من دماء حرام، وما اظهروا من حيف في سياسة الناس، سيما من توسموا فيه انحرافا عنهم، ومنافسة لهم كالعلويين أبناء الإمام على رضي الله عنه وفاطمة الزهراء، وعبد الله بن الزبير، وإنكارا لسياستهم وظلمهم كالإباضية الذين تمسكوا بالجمهورية الإسلامية، وعملوا في كل العهود على أن يكون دستور الدولة هو القرآن، لا تحيد عنه، ولا تتمرد على أحكامه، وان يلتزم رئيس الدولة وولاته عدل الخلفاء الراشدين، وتمسكهم بالدين في سياسة المسلمين.

وكان الأمويون والعباسيون إلى عدم التزام العدل وأحكام الدين في كل أمورهم لا يسيرون في مال الدولة سيرة الخلفاء الراشدين، فينفقونه في مصالح المسلمين، ويضعونه حيث أمرهم الله، فيريشون به الفقراء، ويقوون به الدولة، ويبيدون به الفقر والمرض والجهل والشقاء، بل ينفقون الكثير منه في الشهوات والأهواء، ويخصون بالكثير منه الأولياء، ويقطعون به السنة الشعراء، ويصطنعونهم ليزجوا المدائح لهم، ويسكتوا عن ذكر المثالب التي تثير عليهم القلوب، وتظهر صفحتهم للرعية، وتكشف حقيقتهم للناس. ووظائف الدولة، والولاية على الأمصار؟ كانوا يخصون بها الأنصار، ويجعلون أكثرها لمن ساعدهم على الحصول على الملك، ولمن يخضع الرقاب لهم، ويسير وفق هواهم. فسخط المسلمون هذه السيرة، وثاروا على هذه السياسة.

وزادهم سخطا وشعورا بمرارة الحيف ما ألفوه من حلاوة العدل والمساواة في عهد الرسول وخلفائه الراشدين. فتكونت جماعات في العراق والجزيرة العربية ينكرون المنكر، ويدعون إلى الرجوع في رئاسة الدولة إلى الإمامة العادلة، والجمهورية الإسلامية، والى تقيد الدولة بالدين في سياستها، والتزام ما أمر الله به في كل أشيائها، ويعملون لإنشاء الدولة الإسلامية التي تقوم على الإمامة العادلة، والجمهورية الإسلامية، ليعيش الناس كما كانوا في عهد الرسول وخلفائه الراشدين، في عز ورخاء، وفي سعادة وإخاء، وتكون الأمة الإسلامية بنيانا مرصوصا يشد بعضه بعضا، فتهزم ظلام الكفر والفساد في كل الأقطار، وتشرق بنور الله في كل الأمم، وتكون نهرا عظيما تجمعت روافده واتحدت فروعه، ففاض، فغمر كل النواحي، وأورث الخصب والغنى والسعادة لكل البقاع. وكانت اكبر هذه الجماعات، وأكثرها إخلاصا لهذه المبادئ، وتمسكا بهذه المثل العليا، الإباضية أتباع عبد الله بن وهب الراسبي، وجابر بن زيد، وهو إمامهم في الدين. فكيف كانت شخصية هذا الإمام، وما خطوات الإباضية في إنشاء دولهم التي تلتزم في كل أمورها الدين، وتتمسك بعدل الخلفاء الراشدين.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 131-135

نظام " تِنُوبَاوِينْ " في مزاب والحكمة منه

Icon 09

نظام " تِنُوبَاوِينْ " في مزاب والحكمة منه(01)

المراد بهذه الكلمة، ما تركه الموتى من أوقاف معلقة في أملاكهم التي كانوا يملكونها ينفذها من تنتقل إليه تلك الأملاك كل سنة مدى الدهر حسب رغبة المحبس ووصيته ثم ما يتصدق به الناس ترحما على موتاهم عند ما يشرع في تنفيذ تلك الأوقاف الخيرية.

وفيما يلي أقدم لك صورة لهدا العمل الجليل:

في أشهر معينة من شتاء كل سنة يشرع عزابة كل قرية من قرى مزاب ولا سيما القرى العتيقة "الخمس" في تنفيذ هذه الأوقاف ففي الصباح الباكر من كل جمعة –وهو يوم تفرغ وراحة لدى كل المواطنين – يذهب العزابة ومن يحفظ شيئا من القرآن الكريم من الطلبة وحتى تلاميذ المدارس الذين يحفظون أربعة أحزاب فما فوق يخرجون إلى مصلى مقبرة معينة من مقابر البلدة فيجلسون هناك يرتلون القرآن جماعات ويدرسونه وبعد صلاة العصر تتوافد على المصلى بقسة المواطنين من سكان المدينة وغيرهم، فيشرع في تفريق تلك الأوقاف وتوزيعها على الحاضرين وقد كان يؤتى بها إلى مصلى المقبرة منذ الصباح.

وهذه الأوقاف تتكون من طعام مهيئ من نوع خاص روعي في إعداده عدم تسرعه للفساد وإمكان حمله وتفريقه بسهولة وغالبه: كسكس بسمن، ولحم أو تمور وخبز فمنه ما يؤكل هناك بعد أن يتحلق الناس حلقا ومنه ما يفرق عليهم وعند ذاك يكون الطلبة والعزابة قد أنجزوا تلاوة القرآن من الفاتحة إلى الخواتيم التي ترتلها معهم العامة ثم يرفعون أكفهم بالدعاء إلى الله، فيفترقون مع آذان المغرب ويتكرر هذا العمل كل يوم جمعة طيلة شهرين أو ثلاثة أشهر الشتاء.

والأمر يبدو لأول وهلة أنه ليس بالشيء المهم ولكن إذا تأمل الشخص جيدا وتصور البيئة المجذبة وظروف العيش القاسية في البوادي ثم لاحظ ما يتجمع من هذه الصدقات من خير كثير وكيفية توزيعها يتضح له أن واضع هذا المشروع الإنساني بعيد النظر وأنه حكيم إلى أبعد حدود الحكمة.

ففي أشهر الشتاء يقل العمل ويشتد البرد وتنقطع ثمار الفلاحة فتحتاج الأسر إلى مؤونة أوفر وغذاء أكمل وأقوى فإذا فرقت هذه الصدقات على الناس بما فيها من غذاء كاف من سمن ولحم وقمح.

ويتكرر توزيعها في كل أسبوع لمدة طويلة ألا يكفيهم ذلك شطرا من مؤونتهم؟ ثم كيفية توزيعها الاشتراكي العام لا يخصص بها فقير فقط فلا يحوج إلى إراقة ماء وجهه أو جرح كرامته بتقييده في قائمة الفقراء ووقوفه أمام مركز من المراكز ينتظر الصدقة فالكل يقصد المصلى ليحضر في ختمة القرآن، والكل يتقبل الصدقة الموزعة والكافي يمدها لمن بجانبه أو يحملها إلى منزله فيمدها أهل المنزل ان كانوا في غنى عنها إلى أرملة أو فقير بجوارهم....

----------------------------------------------------

(01) كتاب "مزاب بلد كفاح" للشيخ إبراهيم بن محمد طلاي ص73-76

المصدر: nir-osra.org

هل ميزاب نسبة إلى ميزاب الكعبة؟

Icon 09

جرى تسمية آهل القرى السبع ببني ميزاب ذلك نسبة إلى ميزاب الكعبة، قال قطب الأئمة الشيخ الطفيش الحاج محمد بن يوسف في رسالته المطبوعة: [ فالمزابي اسم تأهل له كل اباضي وهبي من آهل الدعوة ولو من عمان وذلك انهم كلهم يقفون في الطواف تجاه ميزاب الكعبة للدعاء ولا يقف في ذلك سواهم من آهل المذاهب الأخرى أو لان أبا بلال مرداس بن جدير دخل الحجر الحطيم في ليلة مقمرة صاحية يدعو الله ان يظهر دينه فقطرت عليه قطرة من الميزاب بلا سحاب وهو تحته علامة لإجابة الدعاء وكان يدعو جاهرا راغبا فسمعه آهل الطواف فأمنوا على دعائه والوجه الأول اعظم شهرة لكثرة فاعليه وتكرره، والذي يطمئن إليه القلب ان ميزاب اسم لذلك الوادي بعينه وما روي لأبي بلال مرداس فيه غموض والوقوف تجاه ميزاب الكعبة مقطوع به. .( فالأقرب إلى الصواب ما رواه ابن خلدون بأن مصاب بن بادي انتقل إلى الوادي لأسباب سياسية فتناسل فيه فسمي باسمه (واد مزاب) أبو حمو بن بادي ملك تلمسان [01]

أما ما استدل به الشيخ القطب رحمه الله من أن لفظ ( ميزاب ) أصله ميزاب الكعبة و القصة التي حدثت للإمام الإباضي أبو بلال مرداس بن حدير حينما كان يدعو تحت الكعبة فسقطت عليه قطرة من الميزاب ، إلخ ، فهذا مردود من عدة جوانب :

أولا: أن الشيخ اطفيش ادّعى أن اسم ميزابي لفظ تأهل له كل إباضي حتى من عمان وهذا غير وارد و غير منطقيّ !

ثانيا : القصة حدثت لأحد أئمة الإباضية ، فمادخل تاريخ الإباضية بتاريخ مْزاب و بني مْزاب ؟؟

ثالثا أن قصة أبي بلال فنّدها جمع من علماء الإباضية نفسهم ، و هي قصة قد يكون مستحيلا حدوثها ، لأنها غير منطقية ، و ربما استقاها الشيخ اطفيش من الروايات العامية . [02]

-------------------------

[01]مزاب ميديا

[02]تاوالت

هلال شوال العِيد عندما يتّحد في القرية الواحدة هو أكثر ابتهاجا

لا يشك أحد أنّ العِيد عندما يتّحد في القرية الواحدة يكون أكثر ابتهاجا..

لكنّ أمر الثبوت الشرعي لدخول الشهر القمري مسألة قديمة جدا مِن حيث طرحها والاختلاف فيها بين فقهاء المسلمين مِن مختلف المذاهب الإسلامية، بل حتى بيْن فقهاء المذهب الواحد حتى في نفس العصر بل وحتى في نفس البلد...

ومَن يريد الحسْم فيها قولا واحدا إنّما لم يفهم حِكمة الله -تعالى- في أنْ جعل عديد المسائل فيها أدلة مُحتمِلة مِن حيث ثبوتها ومِن حيث دلالتها..

ومَن له أدنى اطّلاع على كتب مختلف الفقهاء سيُدرك ذلك بكلّ جلاء ووضوح إلا عند مَن يُكابِر ويتجاهل...

لذا فلا محيص مِن ترسيخ آداب التعامل في المسائل المُختلَف فيها، مِن تقبّل وجود الاختلاف وعدم التعامل مع يعمل بفتوى تخالف الفتوى التي أعمل بها بصورة وكأنّه شرب الخمر والعياذ بالله تعالى، بل وشارب الخمر -عافانا الله جميعا- مأمورون بالتعامل معه بأدبيات منضبطة حدّدها الشرع العزيز، وليس وفق أهوائنا ونزواتنا وردود أفعالنا...

فبغض النظر عن قناعتي الشخصية في هذه المسألة فإنّي أحترم مَن يعمل بنداء الجهات الرسمية المُخوَّلة بهذا الأمر..

كما أحترم مَن يتحفظ مِن العمل بذلك النداء ويعمل بقناعات فقهية أخرى أفتى بها بعض الفقهاء من مالكية وإباضية وغيرهم

فهنالك مَن يعمل بنظرية اختلاف المطالع.. وقد قال بها مَن قال مِن أهل العِلم جزاهم الله خيرا

وهنالك مَن يعمل بالرؤية بالعين المجردة.. وقد قال بها أيضا مَن قال مِن أهل العِلم جزاهم الله خيرا

وغير ذلك..

فلا يعتب مَن يفطر غدا مثلا على مَن سيكمل العدة ثلاثين..

ولا يعتب مَن يكمل الصيام على مَن يفطر ويبتهد بالعِيد

بل لنترفع ولنتقبل الاختلاف ولنتسامح

وعلى أهل المنابر مسؤولية عظمى في أسلوب خطابهم الفقهي بحيث عليه أنْ لا يرى نفسه الوصي على الأمّة حيث يتحدث لعوام الناس بصورة تجعل الناس يخرجون مِن عنده ناقمين على مَن يعمل بفتوى أخرى خلاف الفتوى التي سمعوها مِنه .. اتّقوا الله في أنفسكم وفي مَن يعمل بخطبكم وفتاواكم...

بل على الفقهاء في المنابر بعد بيان الراجح لديهم في أيّ مسألة فقهية أنْ يُبيّنوا للناس أنّ تلك المسألة اجتهادية ويسع فيها الاختلاف ولا يجوز فيها أيّ تعامل يدل وكأنّ ذلك المختلف قد وقع في إثم وضلالة...

وإلا فأعلونها بصراحة أنّ المسألة الفلانية قطعية، ومِن مسائل الدّين التي لا يجوز فيها الاختلاف حتى بيْن الفقهاء أنفسهم .. عندها سيكون لكلّ حادث حديث..

هذه المسألة نموذج، وغيرها كثير (ومِنها بالمناسبة مسألة الإعلان عن مواقيت الإمساك والإفطار، فالواقع يشهد بعدم التزام معظم مساجد البلدة بالرزنامة الرسمية للوزارة، بل تجد المآذن تعلو بمختلف النداءات والتنبيهات، بحيث يصل الفارق بيْن بعضها إلى عشر دقائق تقريبا)...

وبالمناسبة أحيّي موقف فخامة رئيس الجمهورية (عافاه الله تعالى) الذي كرّس مبدأ الحرية الشخصية في هذه الأمور، بل وعزّز ذلك من خلال التعديلات الدستورية مؤخرا

وأحيّي بالتبع مصالح الوزارة الوصية وكذا مديرية الشؤون الدينية والأوقاف التي تجسد نفس التوجهات الراقية بحمد الله تعالى

إياك يا مَن اقتعنت بالعيد غدا أنْ تسيء ولــــــــــو بإشارة إلى من صادفته غدا صائما

وإياك يا مَن اقتعنت بالصيام غدا أنْ تسيء ولــــــــــو بإشارة إلى مَن صادفته غدا مفطرا مبتهجا بالعيد

بل يا مَن اقتعنت بالعيد غدا حاول أن تراعي مشاعر الصائم واترك زيارته لليوم الموالي إن شاء الله تعالى

ويا مَن اقتعنت بالصيام غدا لا يضرك أنْ تهيء نفسك غدا لإبداء فرحة العيد لمَن زارك غدا مبتهجا بالعيد

علّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحابته الكرام -رضي الله عنهم- التعامل مع مَن يختلف معهم في الدّين أصلا مِن يهود ونصارى..

فكيف بنا نغلظ في التعامل بيْننا ونحن أبناء دِين واحد بدعوى اختلافنا في اختياراتنا في بعض المسائل الفقهية التفصيلية الظنية الاجتهادية

رجاء لنساهم جميعا في بث هذه الروح حيثما كنّا وذلك بأفعالنا قبل أقوالنا..

رحم الله من علمني هذا ورباني وأدبني عليه .. الأحياء منهم والأموات..

{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)} [سورة هود عليه السلام].

 

‎عبدالله الحكيم‎

واحات مزاب والبيوت الطينية

تيدار ن تغوري 

Icon 08ⵜⵉⴷⴷⴰⵔ ⵏ ⵜⵖⵓⵔⵉ

تعتبر الواحات في وادي مزاب أكثر من مجرد بستان للمتعة، فهي ثمرة عمل شاق. في القديم، لقد قام بنو مزاب بإنجاز بيوت بسيطة من الطوب مسقفة بأغصان الأشجار وجريد النخيل، وبعدها تطورت المساكن إلى البناء بالطينن بعدها بدأ السكان بإنجاز مساكن تقليدية مماثلة لمساكن القصر، مع بعض الاختلافات في تقسيم الفضاءات واستعمال مواد البناء.

تتكون الواحة من عدة بساتين مجزأة إلى قطع أرضية، وتقع غالبا بمقربة من القصر وفي بعض الأحيان تكون طولية وتتبع ضفاف الوديان لاستغلال الأراضي الخصبة.

تمثل الواحات نسقا عمرانيا وهندسيا متكاملا مع تخطيط القصر، حيث نجد الأزقة والممرات الضيقة المحدودة بجدران البساتين والتي بنيت بدورها من الطين.

 

المحافظة على الغطاء النباتي:(01)

يراعى عند إنشاء المساكن في الواحات عدم التّعرّض لاقتلاع النخيل والأشجار إلا في الحالات النّادرة، كما يحتفظ بالأشجار وخاصة النخيل داخل الفضاء المبني، حيث يكيّف التصاميم بشكل يمح بانسجام هذه الأخيرة مع التوزيع الدّاخلي للفضاءات.

-------------------------

(01) موقع  opvm

 

 

وادي مزاب المدينة الدّولة

وادي مزاب المدينة الدّولة

Icon 09مقدّمة

لقد تعدّدت الكتابات عن وادي مزاب، وإنّك لتحسّ دائما بإعجاب أصحابها بما تختصّ به هذه المنطقة من امتيازات شتّى [1] لكنّك عبثا تحاول العثور على دراسة شاملة مستوفاة تخضع للمقاييس الّتي ضبطهاCopenhagen Polis Center في دراسته عن عديد من مناطق العالم وسمّاها City-State [2] ،وقد تبيّن لعلماء هذا المركز العلمي أنّ وادي مزاب ليس ببعيد أن يخضع لهذه المقاييس فاعتبروها في إحصائهم واحدة من عديد المدن الّتي تخضع لهذه المقاييس [3]، وإنّنا سنسعى في هذه الدّراسة المتواضعة ـ تلبية لرغبة الهيئة الموقّرة المشرفة على حظوظ هذا الصّرح العلميّ الشّامخ ضمن الأكادميّة الملكيّة الدّنماركيّة العريقة في هذا البلد الصّديق ـ إلى الإجابة عن هذا السّؤال: هل يمكن اعتبار وادي مزاب City-State فعلا ؟.

وقبل الإجابة عن هذا التّساؤل الّذي يعطي لهذه الدّراسة طرافتها نرى لزاما علينا أن نضع هذه المنطقة في إطارها المكاني والزّماني، أمّا الإجابة عن الإشكاليّة المطروحة فستقوم على المحاور التّالية:

1ـ العمران في وادي مزاب.

2ـ المجتمع المزابي.

3ـ الحياة الفكريّة في وادي مزاب.

4ـ الحياة الاقتصاديّة في الوادي.

5ـ الحياة السّياسيّة في الوادي.

تــمـهـيـد

التّعريف بوادي مزاب عبر المكان والزّمان

بلاد الشّبكة: يطلق هذا الاسم على هضبة صخريّة كلسيّة تقع شمالي صحراء الجزائر وتمتاز عن بقيّة المناطق المجاورة لها بطبيعتها القاسية، فهي صحراء، سمّيت كذلك لأنّها تتخلّلها أودية عديدة لا يتجاوز عمقها مائة متر، تتّجه كلّها من الشّمال الغربيّ نحو الجنوب الشّرقيّ عند بحيرة تكتنفها الرّمال شمال غرب ورقلة.

مساحة بلاد الشّبكة حوالي ثمانية وثلاثين ألف كلم مربّع. يحدّها شمالا وادي بوزبير، وغربا وادي زرقون، وتمتدّ شرقا فتشمل زلفانة والقرارة، وتختلط جنوبا مع بلاد الشّعانبة.مركزها الحالي مدينة غرداية الّتي تبعد عن الجزائر العاصمة ب 490 كم عن طريق الجوّ جنوبا حيث نجدها في تقاطع خطّ العرض الشّمالي32° 30’ وخطّ الطّول الشّرقيّ 3° 45’.

أهمّ الأودية:

وادي زقرير ووادي نسا ووادي مزاب ووادي متليلي.

وادي مزاب يستقبل مياه وادي العذيرة ووادي الأبيض ووادي التوزوز، ويسقي واحة غرداية وواحة مليكة، ثمّ تنسكب فيه من الغرب مياه وادي أزيول الّذي يسقي بدوره جزءا من واحة بونورة، ثمّ يتّجه إلى العطف فزلفانة، وينتهي في سبخة الهيشة على بعد 16 كلم من نقوسة شمال ورقلة.

وبلاد مزاب هي الجزء الأكبر من بلاد الشّبكة وتضمّ اليوم المدن السّبع: غرداية، مليكة، بني يزقن، بونورة، العطف، برّيان والقرارة. أمّا بنو مزاب فلا يسمّون بلادهم في لغتهم البربريّة إلاّ (أغلان) ويطلقون على وادي مزاب اسم (إغزر أو غلان) علما أنّ (إغزر) كلمة مزابيّة معناها وادي ومساحتها حوالي 8000 كلم مربّع بين خطّ العرض 32° و2’ ،33° شمالا وخطّ الطّول 0°4’و2° 30’ شرقا [4].

ولقد ظلّت وادي مزاب واصلية [5] العقيدة فيما نعلم إلى أن وصلها أبو عبد الله محمّد بن بكر الفرسطّائي (440/1049) [6] في مطلع القرن الخامس/ 11 فتحوّل أهلها إلى الإباضيّة واستمرّت على ذلك إلى يومنا هذا، بل هي اليوم أهمّ معاقل الإباضيّة في شمال إفريقيا على الإطلاق. فماذا بعجالة عن الإباضيّة وعن وصولها إلى وادي مزاب.

الإباضيّة مذهب من المذاهب الإسلاميّة وهو من أقدمها نشأة، ذاك أن كتب الفرق والتّاريخ تنسبه إلى الخوارج، لكنّ أهل المذهب جميعا يتبرأون من هذه النّسبة [7]. ذاك أنّهم يعتبرون أنّهم لم يخرجوا عن الإمام عليّ (40/660)، وإنّما بايعوا إماما لهم وهو عبد الله بن وهب الرّاسبيّ (9 صفر 38/ 17 جوان 658)، إذ اعتبروا أنّ عليّا قد تنازل عن بيعته بقبوله تحكيم الحكمين. وقد اتّضح موقفهم خاصّة عندما تجلّت خدعة عمرو بن العاص. وقد كانت لهم مناظرات مع أمير المؤمنين الّذي ناصروه قبل التّحكيم، انتهت بمعركة النّهروان (38/658) الّتي قتل فيها عبد الله بن وهب الرّاسبيّ. فتحوّلت الإمامة إلى عروة ثمّ إلى أبي بلال مرداس بن حدير الّذي كان يصدر رأيه عن الإمام جابر بن زيد (93/711) [8]. وكانت هذه الجماعة تطلق على كيانها إحدى التّسميات التّالية: جماعة المسلمين، أهل الاستقامة، أهل الدّعوة، إلى أن برز في الواجهة السّياسيّة الإمام عبد الله بن إباض (86/705) [9] وانظمّ مع المحكّمة إلى عبد الله بن الزّبير (75/695)، فلمّا تبيّن لهم أنّه عثماني المنزع اعتزلوه وعقدوا لهم اجتماعا في صومعة البصرة (64/683)، فنادى من نادى منهم بالخروج والاستعراض وتكفير المسلمين كفر شرك وعلى رأسهم نافع بن الأزرق (65/685)، فامتنع عبد الله بن إباض وهو اللّسان النّاطق باسم الجماعة الّتي يقودها الإمام جابر بن زيد سرّا عن مثل هذا الموقف ودعا إلى بالقعود والتّريّث، فوصمت جماعته بالقعدة [10]، وسمّيت الإباضيّة نسبة إلى عبد الله بن إباض. وهذا التّاريخ 64/683 يعتبر اللّحظة الحاسمة الّتي نشأت فيها هذه الفرقة سياسيّا وعقديّا ليتجلّى فقهها بعد ذلك شيئا فشيئا على يدي إمامها جابر بن زيد ذاك الّذي استقرّ في البصرة واتّخذها منطلقا للدّعوة في الكتمان رغم مضايقات الدّولة الأمويّة وتسلّط واليها على العراق الحجّاج بن يوسف (95/714).

وما أن توفّي الإمام جابر بن زيد حتّى خلفه تلميذه أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التّميمي بالولاء (145/762) [11] وبإمامته تبلورت أسس المذهب سياسة وعقيدة وفقها فعرفت مسالك الدّين في السّياسة وهي الظّهور والدّفاع والشّراء والكتمان [12]، وتأصّلت في العقيدة أسس تنزيه الباري تعالى وبقيّة أسس هذه العقيدة [13]، وتجلّت الخطوط الرّئيسيّة للفقه وأصوله قائمة على الأحوط في أغلب الاختيارات، مع المرونة عند الاحتياج إلى ذلك [14].

وعلى عهد أبي عبيدة أعلنت إمامة الظّهور في اليمن والمدينة المنوّرة مع ثورة الإمام عبد الله بن يحيى طالب الحقّ (130/748) وقائده أبي حمزة الشّاري (130/748). كما أعلنت إمامة الظّهور بعمان مع الإمام الجلندى بن مسعود (134/751)، واستطاع حملة العلم إلى شمال إفريقيا أيضا وهم أبو الخطّاب عبد الأعلى المعافري (144/762) وعبد الرّحمان بن رستم (160ـ171/776ـ787)، وعاصم السّدراتي (ق2/8) وإسماعيل ابن دارار الغدامسي (ق2/8) وأبو داود القبلي النّفزاوي (ق2/8)، أن يعلنوا إمامة الظّهور سنة 140/758 بطرابلس الّتي انتهت سنة 144/762.

وبعد عشرين سنة تقريبا أعلن الإمام عبد الرّحمان بن رستم إمامة الظّهور بتاهرت بالمغرب الأوسط سنة 160/776 وتنتهي هذه الإمامة بعد أن عمّرت قرنا وثلث قرن سنة 296/787 ليتحوّل معها الإباضيّة في شمال إفريقيا إلى الكتمان، وقد حاولوا بعدها الرّجوع إلى الظّهور فشنّوا ثورتين على الدّولة الشّيعيّة [15] لكنّهم لم يتمكّنوا من ذلك فظلّوا على مسلك الكتمان إلى يومنا هذا حيث انحصر كيانهم في جبل نفوسة وزوارة بليبيا وجزيرة جربة بالبلاد التّونسيّة وبوادي مزاب بالجزائر.

وتذكر المصادر أنّ الأمازيغ اعتنقوا الإسلام عند انتهاء الفتح الإسلاميّ لشمال إفريقيا سنة 84/703، ولمّا ظهرت المذاهب الفقهيّة سبقت إلى وادي مزاب أصول المعتزلة فأخذوا بها، وكانوا يسمّون واصيلة، نسبة إلى واصل بن عطاء (131/748). يقول إبراهيم مطياز: "فالمعتزلة الّذين كانوا في هذا الموطن... كانوا منعزلين عن بني رستم، بل كانوا يحاربون الرّستميّين [16]." وأشهر علمائهم في هذا العهد سليمان بن عبد الجبّار دفين العطف، وكان معتزليّا.

ويجمع المؤرّخون على أنّ تحوّل أهل وادي مزاب إلى المذهب الإباضيّ يرجع سببه إلى الدّعوة الّتي قام بها الدّاعية أبو عبد الله محمّد بن بكر. وتذكر المصادر أنّ لأبي عبد الله راعيا كان يرسله إلى وادي مزاب، كما أنّه بعد رجوعه إلى أريغ سنّ لنفسه سنّة وهي أن يرجع هناك مع طلبته كلّ سنة وذلك في فصل الرّبيع إذ كان يقضي الشّتاء في أريغ [17]. ولم يكن أهل وادي مزاب ليقبلوا رعاية أغنام أبي عبد الله بيسر في باديتهم إذ كانوا يسطون عليها [18] ويذكر إبراهيم مطياز أنّ هذا الانتقال إلى وادي مزاب كان بعد مشورة طويلة بين مشائخ أهل الدّعوة في أريغ: "انعقد مؤتمر بأريغ حوالي 420/ 1030 للنّظر في مسائل تهمّ الوطن منها قضيّة اللاّجئين من فلول رعايا بني رستم... وقد غصّ أريغ بسكّانه وبأولئك اللاّجئين... فانتدب لذلك الشّيخ أبو عبد الله لأداء هذه المهمّة فقام بها على أحسن وجه، واستقرّ الرّأي في النّهاية على النّزوح إلى هذا الوطن ـ وادي مزاب ـ وتعميره بما يصلح سكّانه المعتزلة من العلم والألفة وحسن الجوار... وفي عام 422/1032 وصل بلدة العطف الوسط المعمور أكثر من غيره بالمعتزلة، وكان ذلك بعد موت عالم الوطن سليمان بن عبد الجبّار[19]."

ويلاحظ الشّيخ مطياز أيضا أنّ نضال أبي عبد الله كان طويلا لتحويل هؤلاء المعتزلة إلى الإباضيّة فكلّفه ذلك أن قتلوا ابنه إبراهيم. كما أنّ تحوّلهم هذا لم يكن جماعيّا ولا فوريّا ويذكر بعض الأدلّة على ذلك منها: "وجود مقبرة في بونورة من النّفوسيّين ماتوا في بعض المعارك بين المعتزلة والنّازحين إلى مزاب وذلك أواخر القرن الخامس/ 11.

هكذا عرفنا كيف استقرّ الإباضيّة في وادي مزاب فكيف عمروها ؟

تأليف فرحات بن عليّ الجّعبيري

المراجع:

[1]ـ عليّ يحيى معمّر: الإباضيّة في الجزائر. مكتبة وهبة ط 1 القاهرة. ص 409 ـ 450 . 1399/1979.

G. Marcy : Le Mzab et les bérbéres ibadhites de l’Algérie. Bultein de l’enseignement. Publié au Maroc. N° 169. Juill-Sep 1941. P 210 – 228.

L. d’Armagnac : le Mzab et le pays. Chaamba. Algérie, Baconnier, 1934…

[2]ـ Cf : Mogens Herman Hansen : Poleis and City-States, 600 – 323. A Comprehensive Research Programme.

وقد اعتمد مقال:

E.E.A. Alport : The Mzab. Arabes and Berberes (London 1972) ; 141-152. P 9-17

وقد اطّلعنا على المقال في طبعته الثّانية. وثيقة مرسلة من الكاتب نفسه وهو مدير هذا المركز.

[3]ـ نفس المقال ص 11.

[4]ـ انظر الخريطة رقم 1. ر. يوسف بن بكير الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب. دراسة اجتماعيّة واقتصاديّة وسياسيّة. المطبعة العربيّة. غرداية 1992ص 9. MZAB 2EI .

[5]ـ نسبة إلى واصل بن عطاء (131/748). مؤسّس فرقة المعتزلة. ر. الزركلي: الأعلام. 9/121.

[6]ـ الجّعبيري: نظام العزّابة عند الإباضيّة في جربة، نشر المعهد القوميّ للآثار بتونس. المطبعة العصريّة تونس 1975 ص 29 ـ 57.

[7]ـ Of. Ennami A.K : Studies in ibadism. A thesis submited to the University of Cambridge for the degree of Doctor of Philosophy. Fitzwillam College, Cambridge. May / 1971 polycope P 1 – 53.

عليّ يحيى معمّر: الإباضيّة بين الفرق الإسلاميّة، مطابع سجلّ العرب . ط 1 1396/1976. عدّة فصول في الموضوع.

فرحات الجّعبيري: البعد الحضاري للعقيدة الإباضيّة: ط جامعة السّلطان قابوس، سلطنة عمان 1987 ص 31. 91.

Mikko. Vehkavaara : « The distinctive features of al.labàdia » . studia orientalia. Edited by the finish oriental society. Volume 82. P 129 – 145 . Helsinki 1997.

[8]ـ وقد غفل Alportتماما عن ذكر جابر بن زيد في عرضه التّاريخيّ الّذي مهّد به لبحثه عن مزاب الّذي ذكرناه في تعليق عدد 2. Ennami ; Studies p 54-93

[9]ـ عوض خليفات: نشأة الحركة الإباضيّة. مطابع دار الشّعب عمّان الأردن 1987. 75. 85.

[10]ـ لقب يقصد به التّهجين، فهو عند الخوارج من التّخاذل.

[11]ـ مبارك الرّاشدي: الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة وفقهه. مطبعة الوفاء. المنصورة. 1413/1993.135ـ94 Ennami ; Studies

[12]ـ مسالك الدّين عند الإباضيّة أربعة وهي: الظّهور: الإمامة الفعليّة للإباضيّة وهي شورى بينهم. الدّفاع: تعيين إمام في حالة محاربة العدوّ وتنتهي إمامته بانتهاء الحرب. الشّراء: من شروطه أن يجتمع أربعون من المخلصين فيبيعون أنفسهم في سبيل الله، وهدفهم معسكر السّلطان، ولا يقاتلون إلاّ من قاتلهم. الكتمان: تكوين نظام داخليّ للإباضيّة. عمر بن جميع: مقدّمة التّوحيد ط 2/1392/1973 ص69.

[13]ـ الجّعبيري: البعد الحضاري للعقيدة الإباضيّة.

[14]ـ الرّاشدي: أبو عبيدة.

[15]ـ الجّعبيري: نظام: ص 5 ـ 6.

[16]ـ إبراهيم مطياز: تاريخ وادي مزاب خ مكتبة الحاج سعيد. غرداية ص 6. الحاج سعيد: عن تاريخ بني مزاب. ص 16.

[17]ـ الجّعبيري: نظام: 24ـ25.

[18]ـ ن. م: 39.

[19]ـ الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب: 24.

وادي مزاب تراث جزائري حي

وادي مزاب تراث جزائري حي

محمد المنسي قنديل

مجلة العربي

Icon 09

كانوا يدافعون عن حقهم في البقاء.. وعن حقهم في الاختلاف.. البقاء في وجه صحراء

قاسية اختاروها منفى ومأوى.. فلم تهبهم الأمان بقدر ما أثارت فيهم غريزة التحدي، والاختلاف ضد الأغلبية الساحقة من أعضاء المذاهب الأخرى الذين تغلبوا على دولتهم دون أن يقدروا على إرادتهم.. إن وادي مزاب هو عالم مصغر، أصدق ما فيه هو إرادة الإنسان وإصراره على أن يواصل التباين والاختلاف.

دعوني أعترف لكم في البداية بمدى ما شعرت به من تقصير. كانت الرحلة إلى وادي مزاب تأخذني في متاهاتها دون أن أعرف عن هذا الوادي شيئا. كل ما خطر في بالي أنه كان على حافة الصحراء الجزائرية الكبرى. وكان الهدف الأول من هذا الاختيار هو البعد عن العاصمة المزدحمة بالتلوث والغبار وحوادث الإرهاب والتعقيدات السياسية وصراعات السلطة وتنازع الفرقاء.. وكل أمراض العواصم التي حطمت أحلامنا العربية. كان وادي مزاب يبدو لنا مثل \"مطهر\" صحراوي بعيد. جاف وحار، ولكنه كفيل بأن يقتل في داخلنا كل ما تركته المدينة من جراثيم التلوث والحيطة والادعاء. ولكن هذا الوادي الضائع في الصحراء كشف لنا عن أكثر من مفاجأة. أولاها أن هذا المكان هو واحد من 60 مكانا صنفتها اليونسكو تراثا إنسانيا عالميا يجب عدم المساس به. وثانية المفاجآت أن هناك عشرات الدراسات والكتب العربية والعالمية قد كتبت عن هذا الوادي لتسجل أدق تفاصيل الحياة في شعابه. أما ثالثة المفاجآت فهي أن مجلة العربي قد قامت بزيارة هذا الوادي منذ 13 عاماً تقريبا. قام بذلك الزميل مصطفى نبيل الذي يرأس الآن تحرير مجلة \"الهلال\" القاهرية الشهيرة وما زال أهالي الوادي يحتفظون بالعدد الذي نشر فيه هذا الاستطلاع في اعتزاز كبير.. بل إنني وبعد أن تبينت جهلي قد أدركت أنني لن أستطيع أن أضيف الكثير إلى ملاحظات مصطفى نبيل الدقيقة والصائبة حتى بعد هذا القدر من السنين.

دهشة الاكتشاف

الطائرة تحلق بنا عاليا. في المساحة الضيقة ما بين السحب ورءوس الجبال. تضاريس متجهمة تلتف خلالها طرق ضيقة مثل شرايين الجسد. شبكة الطرق عبر الصحراء الكبرى هي واحدة من أفضل إنجازات الجزائر. وبرغم ذلك فتلك الوعورة الزائدة على الحد تجعل الوصول إلى وادي مزاب نوعا من التحدي..

هبطت بنا الطائرة في مدرج المطار البسيط. لم أكن أدري أن هذا المدرج يستقبل مباشرة عشرات السائحين القادمين من أوربا لزيارة هذا الوادي فقط. والبعض منهم يفضل الضياع في الصحراء التي تحيط به إذا كان ذلك ممكنا. وظللت طوال المسافة في المطار إلى مدينة \"غرداية\" عاصمة الوادي وأنا أحاول أن أتمثل شكله. كان الأمر قد ازداد إثارة، وزميلي المصور متحفز بالكاميرا لالتقاط أول الملامح. ولكن الظلام كان قد سبقنا ولم يبق من المدن إلا أضواء متناثرة تحدق فينا بحذر. ولكنها بشكل أو بآخر ترسم ملامح هذا الوادي وهي تصعد متدرجة من الأسفل نحو قمة غير مرئية. كان الوادي يتنفس بعمق تحت الظلام، أنفاساً حارة تجعلك تحس بحضوره حتى وأنت لا تستطيع تحديد ملامحه.

كنا أيضا قد اخترنا التوقيت الخاطئ للقيام بالاستطلاع. في عز يونيو حيث ترتفع درجات الحرارة إلى الخمسين وسط صحراء قائظة. ولكن لعل هذا التوقيت بالذات هو الذي أعطانا الفكرة الحقيقية عن المعاناة التي عاشها أهل الوادي حتى يستطيعوا التكيف مع هذه البيئة دون الاستعانة بأي وسائل حديثة.

أشرقت الشمس مبكرة. كأن السماء أقرب ما تكون إلى الوادي. وبدأ سياج النخل الممتد أمامنا يحيط كالسوار بكل مدينة من مدن الوادي. مع لمحة الضوء الأولى وقفنا مذهولين. هذا التناسق والجمال اللذان صنعا على قياس الإنسان كما يقول المصور الفرنسي كلود بوفار الذي فتن بتصوير ملامح الوادي.

تستقبلنا المدن الخمس.. غرداية.. ويني يزجن وبنورة ومليكة والعطف.. مدن صغيرة كأنها أخوات. متشابهات مختلفات. في كل واحدة سحر خفي. تتدرج بيوت غرداية من أسفل إلى أعلى..

في القمة يوجد مسجد بمنارته الأندلسية المحورة. هرم ناقص صغير يعلو فوق كل شيء ثم تحيط به البيوت في ارتفاع واحد. كل بيت ملتصق بالآخر ظهرها إلى الخارج وأبوابها إلى الداخل. كأنها تكوّن مجموعة من الأسوار الدائرية تحيط بالمسجد. الألوان هادئة متناسقة مع كل ما يحيط بك. لا يوجد لون فاقع، كان هناك حرص على عدم الشذوذ والتفرد.. إنها قاعدة واحدة تسود كل شيء هنا.. يأخذنا داود الحاج سعيد مرافقنا وموزع مجلة العربي في غرداية. شاب دمث يهوي الأدب والكتابة. لم يتركنا لحظة واحدة وأصر على أن يقيم لنا وليمة في بيته عند نهاية رحلتنا وكان صبوراً هادئا وهو يحاول أن يرينا كل شيء طيبا ومثيرا. وبفضله تحول الوادي إلى كتاب مثير.

غرداية ياغرداية. البيوت المتلاصقة تحتوينا. تكون بينها طرقات ضيقة ملتوية مسقوفة أحيانا يسري بينها الهواء أقل سخونة من الوادي المفتوح.. يقول لنا المهندس زهير بللا مدير ديوان حماية وترقية وادي مزاب: \"منذ عام 1985 أي منذ أن أعلنت اليونسكو أن وادي مزاب هو محمية ثقافية وجزء من التراث الإنساني العالمي وقد بدأنا في بذل كل الجهود للحفاظ على الوادي بصورته التقليدية\".

لقد وضع الشيخ أطفيش أحد أقطاب الوادي في كتابه \"شرح النيل في شفاء العليل\" أسس العمارة في هذا الوادي.. بحيث تتساوى جميع البيوت في الارتفاع. فلا يعلو أحد على بيت جارة. ولا يحجب عنه الشمس ولا الهواء. كذلك يجب ألا يظهر على البيوت أي مظهر من مظاهر الترف من الخارج.. وكذلك القبور.. كل الأشياء سواسية.. يأخذنا الشيخ صالح إلى داخل أحد البيوت القديمة ويشرح لنا كيف كانت الحياة المنزلية. أنه شيخ عجوز، متقاعد، ولكنه وهب نفسه ليكون دليلا مجانيا لكل السياح الذين يزورون الوادي. كان يتحدث الفرنسية بطلاقة ويجد من الصعوبة أن يترجم العربية لنا.. لعلنا كنا بالنسبة إليه سائحين نادرين. ننبش في جدران البيت حيث توجد آثار من القواقع محفورة على الصخور. ويجعلنا نذوق طعم عروق الملح. هذه المنطقة كلها كانت مغمورة بمياه البحر منذ ملايين السنين. ولكن مياه البحر انحسرت وتركت خلفها الصحراء والوادي. فتحات البيت القديم تتبع حركة الشمس. تتيح دخول أكبر نسبة منها في الشتاء وأقل نسبة في الصيف.

يضيف المهندس زهير انها الثنائية التي تحكم كل شيء في هذا الوادي. مدينة للشتاء وأخرى للصيف. في الشتاء يعيش الناس في هذه البيوت. أما في الصيف فينتقلون إلى البساتين أسفل الوادي حيث يرق الهواء تحت ظلال النخيل. كما أن مدينة الأموات تجاور مدينة الأحياء. حيث لا تتمايز القبور ولا يوجد عليها شواهد. مجرد أحجار، حجر للمرأة وحجر للرجل وحجر صغير للطفل. وعلى كل قبر يضع أهل المتوفي شيئا من الأشياء التي كان يعتز بها. الكوب الذي كان يشرب منه، أو الطبق الذي كان يأكل فيه. كذلك الثنائية التي تقسم الوادي إلى مدينة للرجال وأخرى للنساء.. حدود غير مرئية ولكنها موجودة ومؤكدة بين الجنسين.

الجو حار ولكن حركة السوق في غرداية أكثر اشتعالا. سوق غرداية دائما يعقد في الصباح، ولكن سوق بني يزجن لا يعقد إلا قبل غروب الشمس. أنواع مختلفة من البضائع. فواكه وبقول وملابس وأجهزة كهربائية. الدروب الضيقة المتفرعة من السوق كل واحد منها مخصص لنوع معين من النشاط التجاري. درب للقصابين. ودرب للعطارين وتجار البهار. ودرب للأبسطة وحتى الحلاقون لهم درب خاص.. إن أسعار السوق وتنظيم حركة التجارة فيه مثلها مثل الكثير من بقية الأنشطة الحياتية في هذا الوادي محكومة من قبل \"مجلس الغرابة\" وسوف نسمع كثيرا عن هذا المجلس قبل أن نعرف ماذا يمثل بالضبط.. في الأعلى يوجد المسجد. أنه في القلب دائما. كأنه خط الدفاع الأخير لكل مدينة من المدن. تكوينه الداخلي غاية في البساطة والانسيابية. لا يوجد على جدرانه أي نوع من أنواع الزخارف. حتى المحراب لا يوجد ما يميزه أكثر من مكان غائر في الحائط. انه التقشف الذي لا يشغل المصلي عن الخشوع. والمئذنة ترتفع إلى مائة وعشرين درجة لتستشرف كل حلقات البيوت الدائرة حولها. لقد قال عنه المهندس الفرنسي الكور بيزيه في كتابه \"نحو عمارة عصرية\": \"عندما تقل في رأسي أفكار البناء أذهب إلى المسجد في غرادية حيث أجلس في ساحته لتواتيني الأفكار\".. إنه لم يكتف بالجلوس في ساحة المسجد فقط ولكنه نقل تصميمه المعماري الداخلي لينفذه في كنيسة رون شون في مقاطعة بيرباتي الفرنسية.

بني يزجن تحذرك وتستقبلك

بني يزجن تحذرك قبل أن تدخل إليها. التدخين ممنوع في شوارعها وكذلك التصوير ولبس الملابس القصيرة. الصور التي التقطناها كانت خفية.. سمحوا لنا بها بعد أن علموا بأننا نمثل مجلة مسلمة عربية.. تظهر فيها المرأة بالمصادفة غير المقصودة لأن من المحرم قطعيا تصوير النساء.

في المتحف الصغير الذي أنشأته المدينة نجد صور الحياة الماضية.. كيف استمدوا بقاءهم وإصرارهم من واقع الشظف الذي يعيشون في وسطه. شظف الصحراء حيث لا يهدأ صراع البقاء أبدا. الشوارع نظيفة لدرجة كبيرة. لا يوجد متسول واحد. نفس الملاحظة التي لاحظها مصطفى نبيل منذ 13 عاما. إنها مدينة الثقافة في الوادي كله. فلا يوجد فيها هذا المتحف فقط. ولكن هناك العديد من المكتبات العامة. مكتبات صغيرة في غرف ضيقة لا تحتوي على أكثر من منضدة وبضعة مقاعد، مليئة بكتب التراث وبعض الكتب المعاصرة. قابلنا فيها شاعر شاب تلا علينا قصيدة عمودية عصماء في سب الشعر الحديث. طلبوا منا بإلحاح الأعداد الجديدة من مجلة العربي. وقفنا أمام منزل المفدى زكريا المغلق. كانت الأسرة تستعد هي أيضا لترميمه وتحويل مكتبته الشخصية إلى مكتبة عامة. المفدى زكريا هو شاعر الثورة الجزائرية وهو مؤلف نشيدها الوطني الذي لا يزال يتردد حتى الآن. وله في المكتبة العربية أكثر من 25 كتابا.. مات غريبا في المنفى ودفن في بني يزجن التي ظل يحن إليها دائما.

كان سوق المغرب منعقدا في وسط البلد. سوق لالا عائشة.. المرأة التي تأخرت ذات يوم عن موعد الصلاة فحفرت بئرا وهبتها للجميع. وسمي السوق باسمها حتى هذه اللحظة. أتذكر رواية رايدر يجارد التي قرأتها في طفولتي \"هي أو عائشة\" التي دارت في مكان ما غامض وسحري وسط قبائل الصحراء الكبرى. هل جاء هذا المؤلف الفيكتوري العتيق إلى ذلك الوادي. أعضاء مجلس الغرابة جالسون في أطراف السوق. يرتدون الثياب البيضاء يراقبون حركة البيع والأسعار.. الشيخ أيوب صدقي يوصي زملاءه بمتابعة المراقبة ويستأذن ليصحبنا إلى بيته. إنه يسكن بيتا صغيرا بنفس حجم بقية البيوت، وبرغم ذلك فقد اقتطع منه حجرة صغيرة لمكتبته حيث جلسنا جميعا متلاصقين نستمع إليه وهو يتدفق في الحديث. لا بد أن لمهنته كمدرس ومحاضر في التاريخ الإسلامي أثرا من هذا التدفق والمعلومات الفياضة التي استمرت على مدى ثلاث ساعات متصلة. سكان هذا الوادي - ما عدا قلة قليلة - يتبعون المذهب الأباضي الذي ينتسب في أصل تسميته إلى عبدالله بن إباض التميمي. ولعل هذا يفسر العلاقات التي تربطهم بسلطنة عمان والتشابه في الكثير من العادات بينهما. إنهم تلك الجماعة من المسلمين الذين رفضوا التحكيم بين علي ومعاوية. وقد اختلفوا مع شيعة علي الذين رأوا أن الإمامة يجب أن تكون من أهل البيت. واختلفوا مع الحكام من بني أمية ومن بعدهم العباسيين الذين رأوا أن الحكم والعصبية يجب أن تكون من قريش. لقد رأوا أن الإمامة من حق كل مسلم عاقل راشد حتى ولو كان عبدا حبشيا.. ولعل هذا هو السبب الأساسي الذي رأى فيه بربر الصحراء مبررا للتمسك بهذا المذهب ومخالفة الجميع. لقد وجدوا أنفسهم فيه.. إنهم ليسوا من الخوارج - هكذا دافع الشيخ أيوب بمرارة - إنهم يتفقون معهم فقط في رفضهم للتحكيم. ولكنهم يخالفونهم في كل شيء بعد ذلك. وهم يؤمنون بحق الآخرين في الاختلاف دون أن ينزع ذلك عنهم إسلامهم..

والعباسيين من بعدهم لم يكن من الممكن إقامة مثل هذه الدولة في المشرق العربي، ، لذلك هاجر الدعاة غربا. أقاموا تجربة سرعان ما تم القضاء عليها في ليبيا، وأخرى في القيروان حتى جاءوا إلى صحراء الجزائر. لقد عثر الداعية عبدالرحمن بن رستم على من يناصره في دعوته في أفراد قبيلة لماية وبواسطتهم أقام الدولة الرسمية في مدينة \"تهرت\". لم تكن دولة يورث فيها الملك. ولكن الملك كان من حق أي مسلم عاقل راشد. وكانت تسمح بحرية الاعتقاد. وفتحت باب المناقشة لكل التيارات الفكرية. ولم تحارب عدوا دون إعلان. ولم تغز بلدا دون تنبيه. وكان أكبر إنجازاتها الحضارية كما قال المستشرق جوستاف لوبون \"أنها أخرجت سكان الصحراء من بداوتهم وشحذت مداركهم وهذبت أخلاقهم..\" ولكنها كانت دولة قصيرة العمر. مثلما نضجت سريعا شاخت سريعا. وعجل صعود دولة الفاطميين بنهايتها. لقد سقطت \"تهرت\" ووجد الآلاف من الإباضية أنفسهم بلا مأوى مطاردين مرة أخرى. وخرج داعيتهم أبوعبدالله محمد بن بكر يبحث عن مأوى آخر، مأوى كالمنفى بعيد وناء. وخرج إلى الصحراء حيث قدم إلى هذا الوادي الذي كان أهله يتبعون مذهب الاعتزال واجتمع بكبرائهم ليقنعهم بالدخول إلى مذهبه والقبول باتباعه. لم تكن العملية سهلة بالتأكيد. فقد قتل أهل الوادي أحد أبناء الداعية. وضاق السكان القدامى بالمهاجرين الجدد. ودارت المعارك حول هذه الرقعة الضيقة الشحيحة من الأرض. ولكن الداخلين في مذهب الإباضية تكاثروا وأصبحوا هم الأكثرية، ولا تزال بقايا المعتزلة في الوادي حتى الآن.

الرحيل الطويل

إن اسم \"يزاب\" هو تحريف بربري لاسم مصعب.. الجد الأول لتلك القبيلة من البربر. مصعب ابن بادين، الذي قاد عشيرته للسكنى في هذا الوادي. والبربر هم أبناء بربر بن تملا بن مازيغ. وهم يسمون أيضا الامازيغ نسبة إلى هذا الجد. الأساطير تحيط بنشأتهم شأنهم في ذلك شأن بقية الشعوب القديمة. يقولون إن النجوم قد هبطت من السماء وغاصت في الرمال ومن أطرافها جاءت قبائل البربر. ولكن الأساطير الأكثر واقعية تقول إن جدهم هو حام ابن نوح عليه السلام وأنهم كانوا يعيشون في الشام ولكن الخلاف وقع بينهم وبين أبناء عمومتهم في فلسطين ويبدو أنهم تلقوا هزيمة قاسية اضطروا على أثرها للنزوح غربا فعبروا مصر واستقروا في الصحراء الكبرى وخلال هذه الرحلة حملوا معهم إلههم الشرقي القديم \"أمون\". نفس الإله الذي كان يدين به المصريون القدماء. وما زالت المرأة المزابية ترسم في ليلة زفافها خطا بالزعفران يمتد من الجبهة إلى قمة الأنف يسمى \"أمول\" ولعله تحريف لاسم الإله القديم ورمز باق من آثار الرحلة الطويلة. لقد اختاروا الصحراء موطنا لهم. واكتسبوا جزءا من صلابتها. عرفوا مسارات النجم. وآمنوا بالأسرار الخفية داخل المغارات. واكتشفوا بأحاسيسهم الغامضة فوران الينابيع تحت الرمل الجاف. هجروا ذاكرة الخصب القديمة، وصنعوا رموزا جديدة، النخلة المقدسة، والبئر التي تنقذهم، ودوامات الرمل التي يثيرها مرور جماعات الجن، وأرواح الأسلاف التي تسكن المغارات. عاشوا على الرعي لذلك لم يكفوا عن الرحيل بحثا عن الكلأ والماء. أصبحوا جماعات بالغة الخصوصية، لا يستطيعون المراهنة على مكان واحد.. أو قدر واحد.

ولكن بني مصعب اختاروا الاستقرار أخيرا وسط شبكة الجبال المتداخلة. اختاروا أن يطوعوا الأرض.. أن يحفروا الآبار بدلا من أن يعثروا عليها بالمصادفة، وأن يجمعوا مياه الأمطار، ويستبدلوا ببيوت الشعر بيوتا من الحجر، وأن يحولوا النخلة الواحدة إلى بساتين من النخيل، إنه قانون الإرادة الإنسانية الذي ما زال سائدا في مدينة العطف كان لنا موعد مع أقطاب مجلس الغرابة حيث نشاهد نشاطا آخر لهمم وذلك في مجال التعليم الحر. ولكن كان علينا أن نسأل الشيخ إسماعيل عضو المجلس عن هذا المجلس الذي يتردد اسمه في كل مكان نذهب إليه.. لقد تضاءل الحلم.. وبعد أن كانت هناك دولة أصيح هناك واد ضيق. لم يعد هناك مجال لإقامة خليفة أو أمير. وفي وسط هذه العزلة كان لا بد من وجود من يحكم، لذلك فقد حكم المسجد هذا المجتمع منذ القرن السادس الهجري.

هكذا بدأ تكون حلقة الغرابة - أي الذين غربوا عن الدنيا بما فيها من أطماع شخصية ووهبوا أنفسهم لخدمة الآخرين. أنها حلقة مكونة من أثنى عشر شخصا: إمام المسجد والمؤذن واثنين وكيلين على الماء، وتتوزع وسط الباقيين بقية المهام الاجتماعية والدينية. إنهم يحتلون مكانة الإمام الأعظم، ويختارون من بين الأصلح والأكثر ورعا من العشيرة. ويجب أن يكون صاحب مهنة يتكسب منها حتى تكتسب أحكامه نوعا من النزاهة والتعفف. ويقول أحد شيوخهم أبو عمار عبدالكافي محددا هذه الشروط: لا يدخل أحد حلقة الغرابة حتى تكون فيه خصال أربع.

الأولى أن يكون كيسا أديبا،

والثانية أن يكون مثمرا في طلب العلم.

والثالثة ألا يكثر من دخول الأسواق.

والرابعة أن يغسل جسده بالماء ويغسل قلبه من الغش والكبر.

وقد كان لرئيس الحلقة وأمامها مهام وصلاحيات كثيرة منها تدبير الحرب ووسائل الدفاع وعقد المعاهدات والأحلاف. وقد اقتصر دوره الآن- مع ظهور الدولة الحديثة - على الشئون الاجتماعية فالمجلس يفصل بين الخصوم في كل أنواع الخلافات. ويترافع كل خصم عن قضيته في المسجد بين صلاتي الظهر والعصر. وحكم المجلس نافذ وواجب الطاعة. كذلك يشرف الأعضاء على المنافع العامة المياه والسدود. ويقوم مجلس الغرابة بدور مهم في التعليم، فقد أنشأ نظام التعليم الحر الذي يوازي النظام الدولي الرسمي. والمدرسة التي قمنا بزيارتها في مدينة العطف كانت مدرسة كبيرة وحديثة مزودة بكل الوسائل التعليمية المعاصرة. والهدف منها هو تعليم التلاميذ جرعة كبيرة من الفكر الديني التابع للمذهب الإباضي في مواجهة المدارس التي تخضع للنظام الفرنسي في التعليم. ولكن مع التطور بدأ الكثير من الطلبة الذكور يتجهون إلى التعليم الرسمي لأنه يفتح أمامهم الطريق إلى الجامعة والترقي في الوظائف الحكومية. ووافق المجلس على ذلك بشرط أن يستيقظ التلاميذ ساعتين مبكرا قبل موعد المدرسة.. ويبقوا ساعتين أخرين بعد الموعد لكي يدرسوا المزيد من علوم القرآن والفكر الإباضي. أما البنات فإنهن في معظمهن يتجهن إلى التعليم الحر حيث إن أقساما كبيرة من بني مزاب ترى أن تعليم البنت يجب أن يقتصر على الحياكة وأمور المنزل بعيدا عن المدارس الرسمية التي يوجد فيها اختلاط وتوجد فيها أيضا حصص للألعاب ترتدي البنات فيها ملابس غير لائقة.

أحد الشباب حدثني أن هذا الفكر في طريقه إلى التغير وأنه قد ذهب بابنته إلى مدارس التعليم الرسمي وقد امتعض أبوه منه كثيرا وترك له مرغما حرية الاختيار. كذلك وضع مجلس الغرابة نظاما دقيقا لتنظيم الزواج.. فهو يعلن في كل عام عن مواعيد الأعراس الجماعية حيث يقام أكثر من عرس في ليلة واحدة وتقام مأدبة واحدة تضم كل المدعوين توفيرا للنفقات. والمهر محدد من المجلس. وكذلك أثاث العرس والثياب والهدايا والذهب.. لا أحد ينفق ببذخ. ولا أحد يتعدى الحدود على الآخرين. وإذا أراد أي عريس أن يأتي لعروسه بأي هدية زائدة لا يتم ذلك إلا بعد ثلاثة أشهر من إتمام الزفاف. المهم أن يتساوى مظهر الزفاف بين الغني والفقير.

المرأة.. الحبل السري للوطن

والمرأة برغم أنها خفية لا تظهر إلا ملتفة في عباءة بيضاء وتعبر الطريق مسرعة كأنها تتمنى ألا توجد. مع ذلك فهي تمثل العصب الأساسي للحياة في مزاب. ولولا المشقة التي تحملتها ما استمرت الحياة. إن لمجلس الغرابة الرجالي مجلسا آخر موازيا له ومكوناً من النساء ليهتم بشئون المرأة في الحياة والموت. وتستطيع أن تحس بوجود المرأة القوي والفعال داخل البيت المزابي. فهي لا تكتفي بتربية الأطفال ورعاية المنزل. ولكن أصابعها لا تكف عن العمل. أنها تقيم نولها في أحد أركان المسجد وتنسج الأبسطة والسجاجيد. والبساط أو الزربية التي تنسجها ليست شيئا عفويا.. وكأنها رسالة مليئة بالرموز التي يمكن قراءتها تكتبها أم لابنتها. وبرغم أن المزابية هم شعب رحال.. وتجار مهرة.. وكثيرو السفر سعيا وراء الرزق فإن مجلس الغرابة أصدر قرارا يمنع فيه أي مزابي من اصطحاب زوجته وأولاده إلى الخارج. لأن بقاء الزوجة داخل الوادي يجعل الرجل دائما مرتبطا بوطنه يحن إليه ويعود كلما أتيحت له الفرصة ليوظف أمواله في العقار والزراعة أما إذا اصطحب زوجته فسوف تروق له الحياة ويقل شوقه للعودة. لقد أصبحت المرأة هي رباط الوطن وحبله السري الخفي. وتمتد سلطة مجلس الغرابة للمرأة المطلقة والأرملة وللأطفال اليتامى. إنه يوكل بهم دائما من يرعاهم. وهناك مال مرصود دائما لهذه الأغراض.

ولا تقتصر سلطة المجلس على الوادي فقط ولأن هذا الأسلوب التكافلي قد أصبح طريقة للحياة فقد انتقل معهم إلى الخارج. وفي كل مدينة يلجأ إليها \"المزابية للعمل أو التجارة يقيمون تجمعهم، وينشئون صندوق التضامن الذي يعين أي وافد جديد حتى يجد عملا. فالمزابي لا يقيم في فندق عندما يسافر إلى بلد آخر ولكنه يقيم في بيوت المزابية. وتقوم عشيرته الموجودة في المدينة بتدبير أمور عمله وإعاشته.

ولكن ماذا يحدث لمن يخالف تعاليم مجلس الغرابة؟ النبذ الاجتماعي. نوع من السجن غير المرئي يحيط بالمذنب برغم أنه لا يوجد في الوادي سجن بالمعنى الواقعي. إن إمام المجلس يقف أمام المصلين ويعلن التبرؤ من كل من يخالف التعاليم أو يرتكب جرماً أو يقترف سرقة أو يظلم زوجة أو يأكل مال يتيم أو يغش في بضاعته أو يخون أمانة. وهكذا يتم الإعلان على رءوس الأشهاد أن المسلمين كلهم براء منه فلا يجالس ولا يشارك في فرح أو في مأتم ولا يقبل البيع والشراء منه. وأحيانا ينفي خارج القبيلة إذا كان سارقاً وتكرر جرمه. ولا يعود قبل أن يشهد شهود عدول أنه سار حتى رأى البحر. وإذا مات المذنب قبل توبته لا يشرف مجلس الغرابة على غسله ودفنه ولكن يوكل أحد العوام للقيام بذلك.

والذي يشعر بأن هناك ظلما واقعا عليه يذهب إلى المسجد ليمنع المصلين من الصلاة قبل أن يأخذوا له حقه أو يتعهدوا بذلك.

هل هو نوع من المدينة الفاضلة.. إن أهل مزاب ينفون ذلك. إنهم يحاولون فقط اقتناص كل ما في الإنسان من فضائل ومن قوة داخلية كامنة تساعدهم على مقاومة الطبيعة والعزلة والاختلاف.

والنظام التكافلي بين الأفراد يمنحهم قوة إضافية وهم يفعلون ذلك في كل شيء تقريبا. حتى مع انتشار مظاهر الحضارة الحديثة لم يكن هناك مانع من أن يتشارك أكثر من بيت في طبق فضائي واحد يرون به المحطات التلفزيونية السابحة في الفضاء ويتحدثون معاً في مجالسهم عن \"ليالي الحلمية\" وغير ذلك من المسلسلات.

ثقافة النخلة والبئر

\"يقول الرجل للنخلة: هل تريدين أن أرويك اليوم؟ تقول النخلة: لا.. يقول لها: هل تريدين أن أشذب سعفك اليوم؟ تقول النخلة: لا. يقول لها: هل تريدين أن أسوي أليافك اليوم؟ تقول النخلة: لا.. يقول لها: ماذا تريدين إذن؟ تقول النخلة: أن تزورني مرة في اليوم\".

خبرة الصحراء تعلن عن نفسها في عدد من الحكايات والمؤثرات. خبرة ليست مكتوبة ولكنها محفورة داخل أغوار النفس. قصص متداولة حول مقاومة الفيضانات وحفر الآبار ومواجهة عواصف الرمل وغارات البدو. المجاعات والأوبئة وأيام الجفاف. تراث من التحدي واكتشاف الذات أمام طبيعة من السهل استثارتها ومن الصعب التغلب عليها. النخلة هي الصديقة الأولى وسط صحراء واسعة ومعادية. هي التي تربط ساكنها بالمكان وتعطيه الأمل في مواصلة الحياة. في كل نواة يوجد خاتم سليمان. لأن سليمان هو أول من دعا لها بالبركة وسماها \"عمتنا\" لذا فإن قطع النخل محرم لأي سبب من الأسباب. والثقافة المبنية حول النخلة بالغة العراقة. عمرها من عمر النخلة الذي يبلغ ألف عام. وعندما تنقل فسيلة نخلة من جوار أمها فإن ذلك يتم وسط طقوس خاصة تردد فيها الأدعية ويتم الفصل بينهما من مكان معين كأنها حبل سري. ولادة حقيقية بكل ما فيها من طقوس الميلاد.

البئر والنخلة قرينان، فالنخلة حين تشرع سعفها تدل على المكان الخفي للبئر. فجذورها الممتدة تشي بالماء المخبوء. وعندما تحفر البئر توهب لها النخلة. إن ثمرها يباع، من حصيلته تتم صيانة البئر والمحافظة عليها.

وقصص حفر الآبار في بني مزاب هي ملاحم حقيقية، قام بها أناس لا ينتمون إلى الواقع كثيراً. لقد قابلت حفيد أحد هؤلاء الحفارين. وحكى لي كثيرا عن هؤلاء الرجال الذين كانوا يهبطون وسط الصخور على عمق 70 متراً ثم تتقطع بهم الحبال أو تشتعل فتائل البارود رغما عنهم فيطفئونها بأجسادهم أو أن تنهال عليهم الأحجار والرمال. لقد دفعوا من حياتهم ثمن الحياة لهذا الوادي الشحيح المياه وحفروا بوسائلهم البدائية أكثر من ثلاثة آلاف بئر يتجاوز عمق الكثير منها 80 مترا. زرعوا ما يزيد على المائتي ألف نخلة وتحتها البقول والفواكه وحولوا الرقعة الصغيرة إلى واحات حقيقية في وجه الريح الموسمية المحملة بالرمال. وتقول إحدى الحكايات إن أهالي الوادي قد سدوا الآبار في وجه الطيور حتى لا تشرب من المياه لمدة سبعة أيام فعاقبهم الله بالجفاف لمدة سبعة أعوام وكان عليهم أن يتوجهوا إلى الله بالدعاء قالبين الأيدي حتى يقلب الله السماء فتأتي بالمطر.

المطر هو المشكلة الحقيقية وربما الأزلية لأهالي الوادي. ومهما رأوا من سحب فإنهم يظلون دائما على حافة الأمل واليأس حتى تسقط أولى القطرات. فقد تتعاقب السنون دون قطرة واحدة من المطر. وقد يهطل كالطوفان فتتجمع السيول الكاسحة على رءوس الوديان. من أجل ذلك وضعوا نظاما دقيقا للري مازال قائما حتى الآن. بنوا السدود على ارتفاعات محسوبة بدقة لحجز السيول وإعطاء التربة الفرصة حتى تتشربها وتزيد من منسوب المياه الجوفية، وحفروا القنوات الطويلة الغائرة تحت الأرض التي تتفرع حتى تحمل المياه إلى كل البساتين المختلفة. نظام يشبه الأفلاج في سلطنة عمان ولكنه أكثر تعقيداً. وتوزيع المياه يخضع أيضا لقوانين مجلس الغرابة. فهم يحصون عدد النخل في كل بستان ويسمحون بصنع فتحة يدخل منها الماء متناسبة مع هذا العدد تسد بواسطة مجرى له حجم معين. ومن المحظور التصرف في الفتحة أو حجم الحجر بأي حال من الأحوال دون الرجوع إلى المجلس. ومن يأخذ أكثر من حقه من الماء يعاقب معاقبة السارق. يغرم وقد ينفى عن الوادي بأكمله.

للوادي مشاكله وأحزانه الخاصة بالنسبة لهذه المياه كما يشرح لنا المهندس زهير.. \"فبرغم هذا النظام الدقيق فإن الوادي يعاني أمراض العصر الحديث. لقد أدى اكتشاف البترول في أماكن قريبة من الوادي إلى تدفق أعداد كبيرة من الناس. وكذلك تلوثت الطبقة السطحية من المياه الجوفية. كما أن المياه العميقة آخذة في التناقص فقد هبطت إلى عمق أربعة مترات مما يهدد بزيادة ملوحتها. وكذلك فإن مخلفات المحروقات والمنطقة الصناعية التي ترمى في الشعاب قد أثرت في الحياة البرية فهربت الغزلان وغيرها من الحيوانات البرية...\" والحل كما يراه المهندس زهير هو حفر آبار المياه العميقة والقيام بمشروع جديد للمجاري وهو المشروع الجديد الذي تشرف عليه هيئة اليونسكو ويهدف إلى تنمية الوادي مع المحافظة على طابعه التقليدي.

من الاحتلال إلى الإرهاب

يقول الطبيب فليسي في روايته شبه التسجيلية \"عنف وعنفوان\" التي تحكي وقائع الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي واصفا المفدى زكريا داخل السجن \"كان عمره آنذاك حوالي الخامسة والأربعين. كان قوي البنية، قصير القامة حسير النظر، يضع نظارات لم يتخل عنها قط. وكانت الأحاديث تطول معه إلى ما لا نهاية. كان مفدى زكريا يعيد كل شيء إلى بني يزجن، حيث ولد. كان يشعر بالشوق إلى بني يزجن بشكل مبالغ فيه. وعندما يتحدث عنها كانت عيناه تغرورقان بالدموع. كان مفدى زكريا يفرض فوق ذلك الاحترام. كان ذا شخصية لاذعة، وهذا الوجه الصارم للمفدى كان يعجب الجميع.\"

كان بيته بسيطا وقبره أكثر بساطة. موضوعا فوقه المحبرة التي كان يستخدمها في الكتابة. وقفنا أمامه وأصداء شعره تتردد في أعماقنا. هذه الأشياء البسيطة لا تنبئ عن الحياة العريضة التي عاشها هذا الشاعر الكبير. منذ أن كتب \"من جبالنا طلع صوت الأحرار\" وألف إلياذة الجزائر التي تحكي تاريخ الشعب الجزائري في ألف بيت وبيت وهو مناضل حتى النخاع. وهب شعره كله لقضية الاستقلال. ولد عام 1913 في بني يزجن وتلقى فيها تعليمه الأولي. ثم انتقل إلى تونس وفيها بدأ نضاله السياسي حين انضم إلى حزب نجمة إفريقيا، وسال شعره متدفقا. ودخل السجن أكثر من مرة. ومنع من العودة إلى وادي مزاب أكثر من مرة أيضا. وتنقل كثيرا ما بين مصر وتونس والمغرب. ومات بعيدا في الدار البيضاء فهل اختار هذا المنفى.. أم أرغم عليه؟.. المهم أن جسده في النهاية عاد إلى وادي مزاب الذي حرم عليه وهو حي.

ان المفدى زكريا لم يكتشف نفسه فقط خلال معركة الاستقلال الطويلة. ولكن وادي مزاب بأكمله اكتشف نفسه أيضا. لقد أدركوا في أيون هذه المعركة أنهم ليسوا مكانا قصيا تعزلهم الصحراء الواسعة والمذهب المختلف. لقد احتل الفرنسيون الساحل الشمالي وظلوا على نفس الدرجة من التباعد. ثم بدأ الفرنسيون يطبقون على الصحراء من حولهم. يقطعون طرق القوافل، ويمنعون المدن المتعاملة معهم. حاولوا أن يعقدوا معاهدة للحماية. نصفها إذعان ونصفها استقلال ولكنهم في النهاية لم ينجوا من السقوط في قبضة فرنسا في عام 1882 ووجدوا أنفسهم في أتون الاحتلال يتجرعون نفس الكأس التي تتجرعها الجزائر نفسها. عانوا اقتحامه لديارهم. والتجنيد الإجباري لشبابهم والفتن الداخلية بين طوائفهم.

لقد وحد الاحتلال بين أطراف الأرض. وفي محاولة فرنسا طمس الهوية بزغت هوية أخرى مضادة. ولعله نفس الموقف مع الفارق يعيشه وادي مزاب اليوم. لقد مات المفدي زكريا غريبا في الدار البيضاء. ومات رفيقه الطيب فليسي في شوارع الجزائر على أيدي جماعات لإرهاب التي تجتاح الجزائر الآن مثل الوباء. وإذا لم يكن وادي مزاب في الماضي بعيدا عن وطأة الاحتلال فهو ليس بعيدا اليوم عن قضايا الإرهاب.. فقبل أن نشرع في رحلتنا مباشرة تناهى إلينا اغتيال ثلاثة من العاملين الأجانب في المنطقة الصناعية القريبة من الوادي. أحدهم كان كنديا والآخر إنجليزيا والثالث تونسيا. كان ثلاثتهم يعملون في إحدى شركات المحروقات. ولم يكن هناك أي سبب أو مبرر واضح لهذا الاغتيال سوى إثبات أن يد الإرهاب يمكنها أن تطول أي مكان. وفي الوادي عرفنا أن أول عملية إرهابية قد تمت في مدينة أغواط على بعد 200 كيلو متر من غرداية حيث قتل الإرهابيون حوالي 16 من رجال الأمن دفعة واحدة ثم حاولوا الفرار والاختباء في الوادي دون أن يتمكنوا من ذلك.

ففي وادي مزاب نظام خاص للحراسة يعتمد على المتطوعين من أبنائها. كل واحد، عليه يوم أسبوعي للحراسة. وعندما كنا عائدين متأخرين في إحدى الأمسيات شاهدنا حراس الوادي وكل اثنين منهما يسيران معا يمسكان العصى ومصابيح الضوء. لقد أرسل الإرهابيون تهديدا إلى بني مزاب حتى يكفوا عن هذا النظام الذي يمكن أن يكشف تحركاتهم ولكن أهالي الوادي لم يستجيبوا لهذا التهديد.. فهل يستطيعون النجاة من الضربات المضادة؟.

صناعة الصحراء

ووادي مزاب.. برغم كل شيء يعيش إيقاع العصر. إن المزابية الذين احترفوا ركوب الصحراء والرحيل خلف الرزق قد أدركوا أن حدود العالم لا تنحصر بين النخلة والبئر. لذلك فكروا في استثمار نقود التجارة في المشروعات الصناعية. وهكذا بدأت إقامة أول منطقة صناعية على بعد 10 كيلو مترات من الوادي. الحاج أدريس كان أول من أقام مصنعا للنسيج في هذه المنطقة وتبعه آخرون أخذوا يبحثون عن مكان لهم وسط الرمال والصخور. بدأت المنطقة الصناعية في عام 1970 ولكنها لم تشهد التوسع إلا مع الانفتاح الاقتصادي الجزائري مع بدايات عام 1985 حيث انهالت الدولة تقدم الأرض المجهزة والكهرباء وإعفاء ضريبيا لمدة خمس سنوات. والمنطقة الصناعية في وادي مزاب هي الثانية من نوعها على مستوى الجزائر وتحتوي على 120 صناعة منها النسيج والزجاج والطباعة والسجاد وقطع غيار السيارات وهم يصدرون إلى ليبيا وتونس ويحلمون بالتصدير إلى دول الخليج العربي. لقد قلب بنو مزاب المعادلة أخيرا وبعد أن كانوا يأخذون الأموال ليستثمروها في الشمال عادوا بها ليقيموا للمرة الأولى صناعة الصحراء. فهل يمكن أن ينجو الوادي من هذه الطفرة في التحديث.. وهل يمكن أن تبقى العلاقات الاجتماعية على حالها.. ويظل الطابع التقليدي للوادي، أم أن الصناعة بكل ما تستتبعه من متغيرات يمكن أن تدفع بالوادي إلى منحى جديد وتنهي عزلته إلى الأبد؟.

منقولالكترونيانسخ ولصق من مجلة العربي العدد 445 - 1995/12 - استطلاعات - محمد المنسي قنديل

 

يهود مزاب 1

wafidin homeيهود مزاب  (أوداين ن وغلان):

Juifs du M'zab (1)

بقلم Bakir Bennacer

أسئلة عدة تدور في خلدنا حول هذه الطائفة التي عاشت و تعايشت مع المزابيين لما يزيد عن 500 عام ، وهي تعد أقدم و أول مجموعة من غير المزابيين تستقر بالمنطقة ، أسئلة كثيرة تثير فضولنا من قبيل :

من هم ؟

;من أين ولماذا أتوا ؟

وكيف عاشوا واستقروا هنا ؟

ومتى رحلوا ولماذا و إلى أين ذهبوا ؟

سنحاول لاحقا طرح بعض المعلومات المتفرقة والمقتضبة وكثيرا من التساؤلات حول هذه الفئة ، معتمدين في ذلك على عديد من المصادر القديمة و بعض مما هو متاح بين أيدينا من وثائق الأرشيف الفرنسي ، مصحوبة ببعض الصور القديمة ، على أمل أن يثري المتفاعلون الموضوع بمعلومات موثقة و يحيطوه بنقاش هادئ وموضوعي ، لعلنا في الأخير نصيب جزء من الإجابات على الأسئلة المطروحة.