سياسة - موقع آت مژاب ... للحضارة عنوان

جني التّمور أَنْكَاضْ أَسْحَلِّ نْ أُومْجَارْ

جني التّمور أَنْكَاضْ أَسْحَلِّ نْ أُومْجَارْ(01)

عندما ينضج التمر في فصل الخريف في عراجينه، يأذن مجلس العزابة في المسجد بداية جني التمور، ويعبر عليه باللسان المزابي (إِحَلْ أَمْجَارْ)، وذلك ابتداءً من اليوم الثامن من شهر أكتوبر، ولا يجوز القطع قبل ذلك؛ لأنه يعتبر فسادا لغلة التمر باعتبار أن التمر هو المورد الأساسي للسكان تجب المحافظة عليه، وهذا ما يتماشى مع مقاصد الشرع، الذي يحرم التبذير، وفق قاعدة فقهية "لا يجوز قسمة الغلة على الأشجار إذا لم تدرك".

ولقائد القرارة دور هام في مراقبة القرار ومعاقبة المخالفين لعرف البلد، وذلك بأمر جميع الحراس على مداخل القصر للمراقبة، وإذا وجد عند الفلاحين عراجين قبل الوقت المحدد، عوقب صاحبها بغرامة قدرها 10 فرنك، ويأخذ ذلك العرجون، ويجعله صدقة، ونورد مثالا لذلك في عهد القائد عفاري سجلت مخالفة من شهر أكتوبر 1942م، حيث قام الحراس، بنزع عرجون بلح من الفلاح، الذي دخل معهم في خصام، وشتم كبير الحرس، ورفع أمره لرئيس مكتب ملحقة غرداية، وطلب القائد أن يعاقب بغرامة قدرها خمسين فرنكًا بسبب تعديه للأمر الصادر للعامة، وأيضا غرامة قدرها خمسون فرنكًا بسبب شتمه لقائد الحراس.

بعد الإذن الرسمي لجنْيِ التمر، يتفرغ الجميع رجالا ونساء وأطفالا لحملة جني التمور المحصول السنوي الأساسي، فبالتعاون والعمل الجماعي تصبح الواحة ورشة عمل تتعالى فيها الأصوات بالمدائح والأهازيج التي يطلقها متسلِّقو النخيل في جو حماسي.

إن تمتع سكان القرارة بالروح الجماعية والشعور الجماعي يجعل العمل الصعب سهلا، والكثير قليلاً، وقد يصادف ذلك امتلاء الواحة كلها بمياه وادي زقرير، فيصنع الفلاحون سُفُناً خشبية للوصول إلى بساتينهم لجني التمور، مثل ما عرفته السنوات التالية: 1922-1928-1929-1941م، حيث صادف وقت جني التمور دخول وادي زقرير إلى الواحة.

أَنْكَاضْ ( جني التّمور )

مقطع مقتبس من حصة مرحبا للقناة الرابعة "الأمازيغية" للتلفزيون الجزائري حول "كتاب معالم الحضارة في واحة القرارة" للباحث: إبراهيم بن محمد ويرو الحاج يحي. بتاريخ 31-08-2017.

رابط الفيديو الأصلي

 

-------------------------------

(01): كتاب معالم الحضارة في واحة القرارة. المؤلف: إبراهيم بن محمد ويرو الحاج يحي. ص51-53.

 المصدر https://nir-osra.org

حياة بني مزاب الاقتصادية

حياة بني مزاب الاقتصادية في بلاد الشبكة

كان يعيش أغلبهم على تربية المواشي، والتنقّل بها عبر أرجاء الشّبكة، بحثا عن الماء والكلأ. فكانت حياتهم في منتهى البساطة، شأنهم في ذلك شأن قبائل البدو في كلّ مكان.

يقول الشّيخ ع لي يحيى معمّر[1]:" وحافظوا (أي سكّان بلاد الشّبكة) على نظام حياتهم، كشعب يعتمد على تربية المواشي بالدّرجة الأولى وعلى الزّراعة الموسميّة بالدّرجة الثّانية"[2].

أمّا صناعتهم فكانت تقتصر على نسج الخيام والألبسة من الوبر، فلم يكونوا يتعاطون نسج الصّوف إلا ما كان يشتغل به سكّان قرية الصّوفية (أَغَرْمْ نَتْلَزْضِيتْ)، وهو ما ميّزهم عن باقي بني مصعب وأدّى إلى تسميت قريتهم تلك[3]:.

 


[1]_ علي يحيى معمّر (1338-1400هـ/ 1919-1980م)، ولد بنالوت في ليبيا وتعلّم بها، ثمّ سافر إلى تونس سنة 1346هـ/ 1927م، والتقى بشيخه رمضان الليبي بمدرسة الإباضية، وهناك تردّد على دروس جامع الزّيتونة. ثمّ لمّا بلغه صدى معهد الحياة بالقرارة رحل إليه سنة 1357هـ/ 1938م، حيث بقي سبع سنوات يحضر دروس الشيخ بيوض ويساعده على التّدريس. رجع إلى نالوت سنة 1366هـ/ 1945م، اهتمّ مدّة بالسّياسة، ثمّ تفرّغ للتّدريس، فارتقى في سلّم التّعليم، حتّى استقرّ بوزارة التّعليم في منصب إداري سام. وفي الأثناء قام بعدّة رحلات في العالم العربي وأنتج عددا من المؤلّفات نذكر منها:

-الإباضية في موكب التّاريخ (أربع حلقات).

-الإباضية بين الفرق الإسلامية.

-سمر أسرة مسلمة.

-الفتاة الليبية ومشاكل الحياة.

-الأقانيم الثّلاثة.

- أحكام السّفر في الإسلام.

- الميثاق الغليظ.

-الإسلام والقيم الإنسانية.

- فلسطين بين المهاجرين والأنصار.

الإباضية مذهب من المذاهب الإسلامية المعتدلة.

توفّي يوم الثلاثاء 27 صفر 1400هـ/ 15 جانفي 1980م.

[2]_ الإباضية في الجزائر، الجزء الثّاني، 448.

[3]_ تاريخ بني مزاب. دراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية. يوسف بن بكير الحاج سعيد. ص12-13

index مشاركة المزابيين في الثورة التحريرية

 

المؤرخ بلقاسم باباسي بنو ميزاب ساهموا في طرد الإسبان من العاصمة خلال الحقبة العثمانية و لهم فضل كبير في القضاء على الاستعمار بالجزائر

 حوار مع المؤرخ  بلقاسم باباسي في الحصة التلفزيونية مرحبا

حملة الإمبراطور الإسباني

مشاركة المزابيين في الثورة التحريرية

قوات المزابيين بسيدي بنور تصمد امام الإحتلال الفرنسي

بنو مزاب أحبطوا المخطط الإسباني بجنازة وهمية 1518م

المزابيين وجهادهم في الثورة

مشاركتهم في الثورة التحريرية

تدعيم بني مزاب للثّور ضدّ الاستعمار

آت مزاب فرع من بني واسين

Icon 09اصل "ات مزاب" هي فرع من "بني واسين"

عن ابن خلدون الدي اخد عن ابن حزم الاندلسي الدي هو ايضا اخد عن ابن برزال البويكني الاباضي، فحسب ابن خلدون فإن كتامة وصنهاجة لما اختلفتا مع زناتة في المغرب الأقصى قامت جميع القبائل المنحدرة من جدها {واسين} واجتمعت في منطقة وادي زا ووادي ملوية، وهناك نمى العنصر الزناتي بشدة وتوسعت فروعهم، ووقعت حروب شديدة مع القبائل الأمازيغية الأخرى حتى استقر بهم المقام على الحدود المغربية الجزائرية "تلمسان ووجدة"، وبرز في الساحة الفرع المزابي ، ثم الفرع المريني التي تقوت عناصره حتى استولوا على حكم المغرب والجزائر معا، ففي المغرب تولى المرينيون حكمه وفي الجزائر تولى بني عبد الواد حكمه، بعد القضاء على الدولة الموحدية المصمودية يقول ابن خلدون: "وكان بنو واسين هؤلاء و من تشعب منهم مثل بني مرين وبني توجين وبني مصاب قد ملكوا القفر ، وانزاحوا أمام صنهاجة إلى صحراء المغرب و المغرب الأوسط ما بين ملوية إلى أرض الزاب وما إليها من صحاري إفريقيا ، إذ لم يكن للعرب في تلك الجهات كلها مذهب ولا مسلك إلى المائة الخامسة " ونجد الان اماكن تواجد اسم قبيلة بني واسين في مغنية بتلمسان .تحدثت مع صديق من مغنية قال لي ان اغلب سكان لالة مغنية وضواحيها من بني واسين . ايضا يوجد قبيلة بني واسين في مدينة وجدة المغربية . ايضا يوجد اسم قبيلة بني واسين في المغرب جنوب مدينة طنجة.....الخ بنو واسين قبيلة كبيرة جدا تفرعت الى فروع كبيرة واماكن تواجدهم في اماكن كثيرة من شمال افريقيا من ليبيا حتى المغرب .

آثار الدولة الرستمية

آثار الدولة الرستمية

image1

هذه صورة مسجد الإمام أفلح يبعد بحوالي 1 إلى 1,5 كلم عن مقام الإمام يعقوب.

 

 

 

 

 

 

image1

على بعد 9 كلم من مدينة تيارت وبالضبط بمنطقة "تاكدامت" توجد آثار عاصمة الدولة الرستمية "تيهرت".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

image1image1

بقايا الحمامات بتاكدمت

Les vestiges de bains a tagdempt 

 

 

 

image1

Monnaies de la dynastie des Rustamides

 

 

 

 

image1

Une pièce de 2 DA en or, de 6,45gr, tiré à 100 exemplaires seulement.

 

 

 

image1

من اصدارات الجزائر من العملات الفضية و الذهبية سنة 1991دينار ذهبي --6.45غ --تحمل شعار الدولة الرستمية.

 

 

 

 

image1Ruines de Tahert

Colin G. S., Monnaies, 1936, p. 118 et 123-124 Eustache D., Monnaies de Tahert, 1962, p. 75.

 

قصور تعود إلى الأباضية الدولة الرستمية(1)

تاندلا  تامرنة  سيفاو تاوغلانت تيڨديدين  هي قصورة مهجورة بضواحي جامعة ، حسب احد اهل المنطقة هي قصور تعود إلى الأباضية وتاريخ الدولة الرستمية.

---------------------------

(1) منقول Youcef Lassakeur 

 

ألبوم الصور

 

أخطاء في تاريخ مزاب

cromosom مزاب والجين الأمازيغي E1B1B1BM81 

أصل المزابيين(01)

  المزابيون أمازيغ من قبيلة زناتة , موطنهم الأصلي هو شمال إفريقيا كسائر الأمازيغ ، و الفحوص الجينية les tests genetiques  تبين أن المزابيين يحتوون على الجين الأمازيغي e1b1b1bm81بنسبة عالية تفوق 86% و هذه النسبة الأعلى من بين كل أمازيغ الجزائر.

  والدراسات اللسانية البربرية تؤكد أن لغتنا المزابية زناتية متقاربة مع لهجات الزناتيين و قد وجدت خطوط و رسوم بربرية تعود إلى ما قبل الإسلام في ناحية سيدي مبارك ببريان و في مناطق عديدة من واد مزاب لم يأت المزابيون من تيهرت بل كانوا أيام الدولة الرستمية متواجدين في واديهم و كانوا على مذهب المعتزلة و لا تزال مقبرة أجدادنا المعتزلة موجودة إلى اليوم ، بل يذكر الشيخ أطفيش أن المزابيين كانوا يحاربون الرستميين نعم بعد هجوم العبيديين على تيهرت نزح الإمام يعقوب بن أفلح إلى سدراتة مع أفراد و عائلات بربرية معدودة ، و هي عروفة إلى اليوم في وارجلان مثل عائلة بافلح ، و البقية بقيت في تيهرت و انصهرت و المزابيون تحولوا إلى المذهب الإباضي بعد القرن الرابع الهجري على يد الشيخ محمد بن بكر الفرسطائي و الشيخ بابا والجمة و الشيخ ابراهيم بن مناد العطفاوي... رحمهم الله تعالى معنى ذلك أنهم لم يعرفوا الإباضية السياسية بل انخرطوا مباشرة في الإباضية الإجتماعية التي جاءهم بها الإمام الفرسطائي بيان ذلك أن آخر الأئمة الرستميين لما عرضت عليه الإمامة في سدراتة قال : إن الجمل لا يستتر بالغنم , بمعنى انتهى عصر السياسة , و كان المزابيون إلى ذلك الوقت معتزلة , ثم تبنوا الإباضية العقدية الفقهية الإجتماعية.

 

cromosom دراسة جينية(2)

تقع منطقة (اغزر) وادي مزاب جنوب الجزائر، هي عبارة عن هضبة صخرية كلسيه متميزة بقساوسة طبيعتها الصراوية الجافة، لقد عرف بنو مژاب بإرادتهم الفولاذية في تحدي تلك الظروف الطبيعية الصعبة، ومما لا شك فيه أن العوامل التاريخية والجغرافية جعلتهم في عزلة، لكن هذا الانعزال كان أمر هام جدا لعلماء الجينات، فقد وجدوا أن بني مژاب أحسن مثال لتحديد الأصول الجينية لعرقية الأمازيغ.

ففي دراسة جينية حديثة نشرت هذا العام : أخذ العلماء عينات من 67 شخص ينتمون إلى بني مزاب في الجزائر :

أولا لتحديد جيناتهم الأبوية  أ(صول أبائهم)

وثانيا لمعرفة ما إذا كانوا :

مجتمع عرقي ؟  (ينتمون إلى عرق واحد ؟)

أو مجتمع مذهبي ؟  (من أصول عرقية مختلفة جمع بينها العامل الديني  ؟)

أم هم مجتمع إثنو-ديني ؟  (مجتمع عرقي وديني في نفس الوقت)

كانت النتائج على النحو التالي :

جاءت جينات المشاركين في الدراسة على النحو التالي :

السلالة المتصدرة هي السلالة الشمال افريقية  E-m81

بنسبة الأغلبية الساحقة 86.5 بالمئة

والنسبة المتبقية 13.5 بالمئة تتقاسهما 7 سلالات مختلفة

أهمها السلالتين R1B1* + E-m2بنسبة 3 بالمئة لكلاهما

ثم بقية السلالات بنسبة 1.5 بالمئة لكل سلالة

نتائج الأصول الأبوية لبني مزاب غرداية الجزائر

 

وبمقارنة نتائج بني مزاب الجزائر مع نتائج دراسات جينية عن تجمعات أمازيغية من شمال افريقيا، 3 منها من المغرب والرابعة خاصة بجينات واحة سيوة (مصر) ، لوحظ أن بني مزاب الجزائر يحملون نفس بصمة الجد المشترك (الأصول الأبوية القديمة) مع أمازيغ المغرب، فالسلالة المتصدرة في جينات بني مزاب الجزائر هي نفسها المتصدرة في جينات أمازيغ المغرب E-m81بنسبة كبيرة كذلك تصل إلى 79 بالمئة في المغرب، ما يجعلها بامتياز البصمة الوراثية لجينات الأصول الأبوية للأمازيغ.

نتائج نسب السلالات الجينية الأبوية المنتشرة في جينات 5 تجمعات أمازيغية من شمال افريقيا

 أكدت الدراسة أن هذه السلالة (البصمة الوراثية) هي سلالة شبه منعدمة خارج شمال افريقيا وتنتشر أساسا (بكثرة) في التجمعات الأمازيغية، كما أشارت الدراسة بالرغم  من أن بني مزاب يحملون في غالبيتهم الساحقة نفس السلالة مع أمازيغ المغرب إلأ أن هناك بٌعد بيني بين الإثنين (اختلاف في التحورات السفلية)، فبني مزاب يتميزون عن البقية  في فروعهم السفلية وهو ما يفسر تاريخيا بانعزال حتى على بقية الأمازيغ.

------------------

 (01)المصدر: منشور في الفايسبوك لـ محمد الرياني

 (02)  بتصرف من موقع   tribusalgeriennes   02   01

أسباب انقراض الدولة البربرية الكبرى

أننا إذا نظرنا إلى عمر الدولة البربرية الكبرى التي أنشأها نارفاس وكانت عاصمتها قرطة لا تعجب  لموتها. فهي قد استوفت عمرها، وعاشت ما يعيش أمثالها من الزمن لقد عاشت نحو ثلاثة قرون. ولكننا إذا نظرنا إلى شبابها وقوتها أيام زوالها، نعجب لذلك ونحكم بموتها سريعا. ان فيها من الطاقة والشباب ما يمسكها في الحياة قرونا أخرى من الزمان. ان الهدوء والهناء الطويل، والانغماس في الملاذ والشهوات، والركون إلى الراحة والكسل، هذه العلل الفتاكة التي تورث الهرم للأمم، وتصيبها بكل الأمراض فتلقى حتفها؛ ان هذه العلل لم تصب بها الدولة البربرية. ان كل ما ظفرت به من الهدوء والهناء إنما هو في أول عهد مصينيسا ووسطه. وكان مملوءا بأعمال الإنشاء والتعمير، فلم تركن الدولة إلى الراحة، ولم تنغمس في الملاذ والشهوات. فدامت في شبابها، بل ازدادت شبابا وقوة بما أسبغ عليها مصينيسا من علم وإصلاح.

وفي آخر عهد مصينيسا دخلت في حروب طاحنة مع البونيقيين وهذه الحروب أرهفت قواها واذكت شبابها، ومنعتها من الضعف الذي يصيب الأمم الهانئة الهناء الدائم. ثم دخلت الدولة في عهد الهناء والهدوء في عهد مصيبسا. وكان خيال العدو الجديد وهو الرومان المستقرون في افريقية يرهف قواهم، 109 ويمنعهم من الغفلة والنوم والإخلاد إلى الراحة. فشمروا عن سادهم فازدادوا قوة، واستعدوا للعدو الجديد.

وجاء عهد يوغورطة. فكان كله عهد نضال وحروب. وهو ما حفظ شباب الدولة، وزادها قوة وحيوية. ثم اتصلت حروب الدولة مع الرومان إلى وفاة يوبا الأول. ان هذه الحروب التي خاضتها الأمة، والعدو القوي الذي يجاورها جعلها تتمسك بأسباب القوة والشباب فلم تهرم، ولم تتصدع تصدع البنيان الذي يتداعى للسقوط. فلو تركت هذه الدولة لعاشت مدة طويلة من الزمان حتى تستوفي كهولتها وشيخوختها، ولكنها احتضرت، وقصفت، وفروعها ممتلئة بالزهور، ريانة يغص جذعها وغصونها بالحيوية والطاقة الكبيرة. ولكن ما هي الأسباب التي جعلت هذه الدولة تلقى حتفها في قوتها وشبابها؟

والقوة الحربة. لقد كانت أشجع من الرومان، كثيرة العَدد والعُدد. وقد صارعها الرومان طويلا فلم يصرعوها. ان في شجاعة أبنائها، وثباتهم، وفي مناعة جبالها وصحرائها التي يستطيعون بها حرب العصابات، ما يجعلها تتغلب على الرومان وتدحرهم، وتطهر المغرب منهم لو اتصلت تلك الحروب. ولكن الدولة البربرية الباسلة لا تشتبك في حرب عنيفة مع الرومان إلا ويضربها جيرانها من خلفها، ويقيدونها للرومان فيتغلبون عليها.

فهذا يوغورطة يؤسره للرومان بوكوس الأول،وكذلك يرباص قتله جيشه، ويوبا الأول ضربه أبناؤه من خلفه فقصموا ظهره. وقد كاد يهزم بوليوس قيرص، ويملك افريقية، ويظهرها من الرومان، وبسد باب المعرب في وجوههم. فلو ترك يوبا لقضي على الرومان.

وكذلك يوغورطة لو بقي فواصل حرب العصابات على الرومان لهزمهم، ولكن حسد الجيران وجبنهم وأطماعهم جعلهم يطعنون الدولة البربرية من خلفها ويصرعونها للرومان.

ان الذين طرحوا الدولة البربرية أرضا بغدرهم، ثم جثم عليها الرومان فأزهقوا روحها إنما هم البربر : بوكوس الأول وأبناؤه. فلو اتحدوا معها وحفظوا ظهرها لانتصرت على الرومان، فينجوا المغرب من سباع البحر وجراد روما الذي امتص حياته وجرده من نضارته؛ وتعيش الدولة البربرية الكبرى، وتعيش معها دولة بوكوس الأول وأبنائه، أو تتحد مع جارتها فتصير دولة واحدة من غرب الإسكندرية إلى المحيط الأطلسي، كما تمنى مصينيسا وكل الأحرار المخلصين في المغرب.

لو اتحد المغرب في الزمن القديم فكان دولة واحدة ما استطاع الرومان التغلب عليه. ولو كان متحدا في القرن الثالث عشر الهجري ما استطاع أحفاد الرومان اللاتينيون استعماره والتغلب عليه. وهكذا لا يزال المغرب ضعيفا يتعرض لتسلط الأعداء ما لم يكن دولة واحدة متماسكة على النظام الفدرالي الذي يصلح به. إذا تحقق هذا للمغرب، فانه يرفع رأسه، يكون قوة كبرى يلوذ بها الإسلام والمسلمون، ويجدي الأمة الإسلامية اكبر الجدوى.

وكانت نشأة الدولة البربرية في سنة 240 ق.م. أو قبل ذلك، وزوالها وحكم الرومان للمغرب كله حكما مباشرا في سنة 40 م. فعمرها قرنان وثمانون سنة أو أكثر.

لقد استطاع الرومان ان يمسكوا بخناق الدولة ويزهقوا روحها، ويقطعوا أوصالها في سنة 46 ق.م. لما هزموا يوبا الأول بالخديعة والدس، وتسلطوا على بعض أجزائها فحكموها حكما مباشرا. وبقيت الأجزاء الأخرى فظلت على الاستقلال الداخلي إلى سنة 40 م.

ان عمر الدولة البربرية كدولة مستقلة استقلالا تاما لا سلطان للرومان عليها هو 194 سنة فقط من سنة 240 إلى سنة 46 ق.م.

وجاء الرومان فجثموا بكلكلهم الثقيل على المغرب، فصار مستعمرة لهم ! فمن هؤلاء الرومان؟ أين وطنهم؟ وما أسباب عظمتهم؟ وما حال المغرب في عهدهم.

------------------------

 

تاريخ المغرب الكبير محمد علي دبوز ج1 ص 297-299

أصل المزابيين 39: البربر يفضلون بناء القرى إغرمان

أصل المزابيين 39: البربر يفضلون بناء القرى إغرمان

Icon 09

منذ القديم عرف البربر بناء القرى المتجاورة لا المدن الكبيرة إلا القليل مثل قفصة و طنجة العريقتين منذ ما قبل الميلاد.

و زناتة في قورارة و تميمون و ورقلة و مزاب يسمون القرية أغرم أي قصرا .

و منه اصطلح الأكاديميون على تسمية الحضارة : تاغرما

كان بربر الصحراء قديما في عهد الرومان و ما سبق يسكنون الأكواخ , و يذكر سالوست المؤرخ الروماني المتوفى سنة (34ق-م) ان في بوادي افريقيا اكواخا متطاولة الشكل منحنية السقف تشبه هيكل سفينة مقلوبة.

ستيفان قزال " تاريخ افريقيا الشمالية " 5/193

ثم تطور الأمر إلى سكن خيام من وبر خاصة بعد أن استخذم الجيتول الجمال بشكل كبير بعد القرن الثالث الميلادي حسب مؤرخي الرومان و قبل ذلك حسب الدكتور محمد العربي عقون . أنظر كتابه : " الإقتصاد والمجتمع في الشمال الافريقي القديم " 23

و بناء القرى المتجاورة أثّر على الفقه الاباضي المغربي لا المشرقي فاصطلح علماء الاباضية المغاربة على مصطلح : اتخاذ الحوزة.

و الحوزة يعنون بها القرى المتجاورة و المتشابكة عرفيا و اجتماعيا و اقتصاديا , فيرى علماء نفوسة أن لا يقصر المسافر الصلاة إلا بتجاوز حدود الحوزة لا حدود القرية , و أقرعلماء مزاب هذه الفتوى , فالشيخ بيوض أفتى للقراريين بأن لا يقصروا الصلاة إلا بعد تجاوز بريان بفرسخين.

أما الفقهاء العمانيون فيحسبون مسافة القصر من القرية.

بقلم  Med EL Berriani

أصل المزابيين 38: متى سكن البربر في الصحراء

أصل المزابيين 38: متى سكن البربر في الصحراء

Icon 09

من خلال الآثار الأركيولوجية من أدوات حجرية مستعملة و نقوش و رسوم صخرية فإنه لم يعد هناك شك في أن الصحراء و منها مزاب كان فيها سكان منذ العصر الحجري القديم أي ما قبل 400 قرن.

أما إذا رجعنا إلى التاريخ السردي فإننا نجد المؤرخين الرومان القدامى قد كتبوا قليلا عن الصحراء و سكانها أمثال Strabonو Pomponius...وهؤلاء حسب ما ينقل عنهم ستيفان قزال في كتاب " تاريخ افريقيا الشمالية " في غير ما موضع أن الرومان هم من تسبب في نزوح الكثير من البربر إلى الصحراء بعد تجريدهم من أراضيهم الخصبة في الشمال.

و لذلك انخرط بربر الصحراء الجيتول في المقاومات الأمازيغية للرومان خاصة مع يوغرطة و تاكفاريناس.

أما ابن خلدون فيذكر في مرات عديدة في كتاب " العبر و ديوان المبتدأ و الخبر " أن زناتة اندحرت إلى الصحراء بعد حروب قامت بينها و بين صنهاجة و كتامة, و يعتبر ابن خلدون هجرة بني مصاب بن بادين من الشمال الغربي إلى الصحراء من هذا القبيل.

وصف ابن خلدون قصور مزاب بدقة و قال :

"وسكانها لهذا العهد شعوب زناتة، وإن كانت شهرتها مصاب "

و يذكر كذلك أن بني هلال قد غلبوا زناتة على الزاب و تسببوا في هجرتهم نحو الصحراء و مناطق أخرى.

هذا عن البربر عموما , أما البربر الإباضية فبالإضافة إلى ما سبق أزاحهم عن بلاد الجريد و عن بعض نواحي جربة و جبال دمّر.... إلى الصحراء المعز بن باديس الصنهاجي الموالي للعباسيين وعن الزاب حماد بن بلكين عامل الدولة الحمادية على الزاب.

الخلاصة أن من سكان مزاب من يرجع أصله إلى إنسان العصر الحجري و أمازيغ الجيتول و منهم من التحق بهم بعد هجرات اضطرارية في زمن الرومان وبعد الإسلام.

بقلم  Med EL Berriani

أصل المزابيين 40 : من الحضارة القفصية إلى البربرية الاباضية

أصل المزابيين 40 : من الحضارة القفصية إلى البربرية الاباضية

Icon 09

كثيرا ما يتساءل المهتمون عن الحلقة المفقودة في تاريخنا .

أعتقد أنه لا توجد أية حلقة مفقودة على الأقل منذ العصر الحجري الوسيط المسمى بالحضارة القفصية إلى عصرنا الحالي.

المؤرخون و اعتبارا لمعطيات أركيولوجية و جينية يعتبرون إنسان العصر الحجري الوسيط الذي عاش في الصحراء وكل ربوع شمال افريقيا قبل أكثر من 90 قرنا هو سلف الإنسان النيوليثي الذي هو سلف الإنسان البربري.

قال مثلا جبرييل كامبس عن أناس العصر الحجري الوسيط المصطلَح على تسميتهم بالقفصيين أنهم أول المغاربة دون تهور على رأس الخط البربري قبل 9000 سنة.

les premiers Maghrébins que l’on peut, sans imprudence, placer en tête de la lignée berbère. Cela se situe il ya quelque 9000 ans.

G. Camps : Encyclopédie berbère .10

و يؤكد الباحث PIERRE ROFFOمن خلال بحثه الميداني

NOTE SUR LES CIVILISATIONS PALEOTITHIQUE AU MZAB

وجود معالم و آثار تلك الحضارة بمزاب فيقول :

D'après l'étude de ces stations il ressort, de façon indubitable, que le Paléotithique moyen et supérieur, est largement représenté dans le M’zab.13

تأتي بعدها المرحلة النيوليثية و تبلور الكيان البربري المحاذي للفراعنة المصريين

Les premières mentions des berbères, remontent à l’antiquité pharaonique . Camps... 01

هذه المرحلة البربرية الأولى في كل شمال افريقيا تسمى المرحلة الليبية Libyco berbere

و قد وجد الباحث ABONNEAU  وغيره آثار تلك الفترة الليبية كثيرة في مزاب , فيقول في كتابه :

PREHISTOIRE DU MZAB :

La caractéristique première des gravures de la période libyco-berbère est leur grand nombre .67

ثم تأتي مرحلة الأمازيغ الجيتول أي الصحراويين و علاقاتهم مع الأمازيغ النوميد و أوضاعهم مع الرومان و مناصرتهم يوغرطة و تاكفاريناس و حنيبعل... في حروبهم ضد الرومان ..

ثم مرحلة الإسلام و تبني مذهب المعتزلة , و أخيرا تبني الإباضية الفرسطائية الإجتماعية التربوية علي يد الإمام أبي عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي و تلامذته العلماء .

فهذه خمسة مراحل متواصلة لا توجد بينها حلقة مفقودة و إنما يوجد قلة بحث أو إهمال لبعض المراحل وتركيز على بعضها.

بقلم  Med EL Berriani

أصل المزابيين 41 : معالم الحضارة الأمازيغية

أصل المزابيين 41 : معالم الحضارة الأمازيغية

Icon 09

كانت القبائل الصحراوية الأمازيغية المسماة عند المؤرخين القدامى بالجيتول تشتغل بالرعي و كانت تقتحم أراضي الهضاب الخصبة الممتدة ما بين جبال الأطلس التلي و جبال الأطلس الصحراوي بمواشيها و خيولها , مما أزعج الرومان فأقاموا سلسلة من القلاع و الأبراج لمدافعة الجيتول وصلت إلى جبال مسعد التي أنشأوا بها قلعة DIMMIDI,و كانوا كذلك ينتزعون أراضي النوميد و يجبرونهم على النزوح نحو الصحراء و التحول إلى نمط الحياة الجيتولية الصحراوية و من بقي من النوميد أنهكتهم بالضرائب . أنظر جمال مسرحي (المقاومة النوميدية للاحتلال الروماني في الجنوب الشرقي الجزائري) 16

و يذكر الدكتور محمد العربي عقون أن الرومان أقاموا خط الليمس للمراقبة العسكرية ممتدا من جنوب الأوراس إلى مسعد لمراقبة بربر الصحراء و منعهم من دخول أراضي الشمال . ( الاقتصاد و المجتمع في الشمال افريقي القديم ) 103

و هذه السياسية العزلية ساهمت بشكل كبير في استمرار حياة البداوة و عدم الاستقرار لأمازيغ الصحراء .

هل أسس بربر الشمال و بربر الصحراء حضارة بمختلف ملامحها و معالمها السياسية و العسكرية و الاقتصادية و العمرانية و الدينية و القانونية و الأدبية و الفنية.

بقلم  Med EL Berriani

رابط المنشور

أصناف التمر بواد مزاب

أصناف التمر بواد مزاب(1)

Icon 09

يمكن تصنيف التمر في مزاب في ثلاث مجموعات بكورة حيث يكون النضج متباعدا لما يقرب من العشرين يوما. ولدينا حوالي 37 صنف من التمور. قسمت حسب النضج إلى:

الأصناف الباكرة:

شِيخْ اَمْحَمَّدْ – عمَّاري – تَدْمَامْتْ – بَايْدِير – نَاصَرْ اُو صَالَحْ – اصْبَاعْ لَوْصِيفْ – عبّاد – إِغَسْ أُوتْشِيضَنْ (الغرس).

الأصناف الموسمية:

أُوعْرُوسْ – أُوعُوشْتْ – بٍيضْ لَحْمَامْ – سَبْعَة بَدْرَاعْ – لِيتِيمْ – تَاتِيوْتْ اَنُّوحْ – تِيمُّوبْشَرْتْ – تَمْجُوهَرْتْ – اَدَّالَتْ – أُوتَقْبَالَا – تَاكَرْنَنَّايْتْ – تَنَصْلِيتْ – إِغَسْ اَليِتِيمْ – تَفِزِوِينْ – تَازَرْزَايْتْ – تَامَزْوَارْتْ نَتْلَاتْ – تَازُوقَّاغْتْ – تَاوْرَغْتْ – أَغَمَّا نَلْجَنَّتْ – إِغَسْ نُودْجُّوجَنْ – عْلِي اَوْرَاشَدْ – تَاكَرْمُصْتْ – دَقْلَتْ نُورْ – كَاسِي اُومُوسَى.

الأصناف المتأخرة:

تَاودَّانْتْ – بَابَاتِي – أُوكْسَبَّا – أَكَرْبُوشْ – طَمَّاعْ لَخْمَامْسَه.

يمكن القول إن النضج يتدرج خلال شهرين بين أكتوبر وديسمبر حسب السنوات.

---------------------------------

(1) كتاب نخلة التمر يوميات يرويها عاذق. نورالدين بن سعدون، نورالدين بولحواط. ص71.

المصدر  nir-osra.org

أصول بني مزاب

أصول بني مزاب

Icon 09

أصول بني مزاب الأمازيغية 

أصول المزابيين 1 : رافد بني مصاب

أصول المزابيين 2: رافد بني مصاب بن بادين

أصول المزابيين 3:  الرافد الرستمي   

أصول المزابيين 4: الرافد الرستمي الأريغي الوارجلاني  

أصول المزابيين 5: رافد أريغ و وارجلان مؤتمر أريغ

أصول المزابيين 6: رافد سدراتة بعد خرابها 

أصول المزابيين 7: رافد سدراتة بعد حملة الميورقي 

أصول المزابيين 8: هل غزا الميورقي مزاب 

أصول المزابيين 9: رافد الزاب  

أصول المزابيين 10: رافد الزاب وغيره من المناطق بعد حملة بني هلال 

أصول المزابيين 11: نجدة مزاب لأهل وارجلان

أصول المزابيين 12:  البربر المعتزلة أصل ساكنة الوادي  

أصول المزابيين 13: لماذا انتشر الإعتزال في البربر ومزاب

أصول المزابيين 14: المعتزلة في مزاب لماذا  

أصول المزابيين 15:  بعض أفكار المعتزلة مذهب الزناتيين 

أصول المزابيين 16:  سبب إقبال زناتة على المعتزلة في مزاب 

أصول المزابيين 17: زناتة مزاب بدو بسطاء 

أصول المزابيين 18: زناتة البربرية  

أصول المزابيين 19: زناتة بنسبة مهيمنة  

أصول المزابيين 20: اللسان الزناتي و المزابي  

أصول المزابيين 21: الصحراء بمنأى عن التأثيرات الأجنبية    

أصول المزابيين 22: الميثولوجية البربرية آمون والكبش

أصول المزابيين 23:  بربر الصحراء الجيتول والنظام السياسي     

أصول المزابيين 24: بربر الصحراء يقاتلون الرومان مع يوغرطة 

أصول المزابيين 25:  بربر الصحراء مع تاكفاريناس لمحاربة الرومان

أصول المزابيين 26:  ثورة بربر الصحراء على يوبا الثاني والرومان  

أصول المزابيين 27: النوميد والجيتول يغزون أروبا مع حنبعل  

أصول المزابيين 28:  بربر الصحراء لا مع ماسنيسا و لا مع سيفاقص     

أصول المزابيين 29: حرب ماسنيسا وسيفاقص و معركة زاما 

أصول المزابيين 30:  التجار الفنيقيون في الصحراء وتحولهم إلى استعمار 

أصول المزابيين 31:  العصر الحجري بمزاب    

أصول المزابيين 32: معالم العصر الحجري   

أصل المزابيين 33: الإمتداد الجيني والأركيولوجي إلى إنسان العصر الحجري القديم

أصل المزابيين 34: العصر الحجري في مزاب الأدوات الحجرية

أصل المزابيين 35: أصل المزابيين : العصر الحجري النقوش و الرسوم الصخرية

أصل المزابيين 36: بربر الصحراء لم يعرفوا الاستعمار الوندالي والبيزنطي   

أصل المزابيين 37: نزوح البربر الاباضية من الزاب 

أصل المزابيين 38: متى سكن البربر في الصحراء 

أصل المزابيين 39: البربر يفضلون بناء القرى إغرمان 

أصل المزابيين 40 : من الحضارة القفصية إلى البربرية الاباضية 

أصل المزابيين 41 : معالم الحضارة الأمازيغية

أصول بني مزاب الأمازيغية

ⴰⵜ ⵎⵥⴰⴱ ⴰⵎⴰⵣⵉⵖ

Icon 09

إنّ بني مزاب أمازيغ, و يطلق على الأمازيغ كذلك اسم البربر، و البربر ينقسمون إلى قسمين : البرانس و هم أبناء برنس، و البُتر و هم أبناء مادغيس الملقب بالأبتر، و هما أخوان ، و من نسل مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام .

كلّ قسم من البرانس و البتر يتفرّع إلى شعوب كثيرة لا تحصى . و أحد شعوب البتر زْنَاتَهْ, و من بين شعوب البرانس كتامة و صناهجة.

يتفرع زناتة إلى خمسة فروع, من بينها وَاسِينْ , و من بطون واسين بنو مرين و بنو راشد وبنو بادين. و من أفخاذ بادين بنو مزاب المنتسبون إلى مزاب بن بادين بن محمّد بن زَحِّيكْ بن واسين بن يَصْلَتِينْ بن مَسْرَا بن زَاكِيَا بن وَرسِيكْ بن أَدِّيرَتْ بن جَانَا (أو شَانَا) جدّ زناتة .

إذن, فإن بني مزاب من أفخاذ بادين , أحد بطون واسين, الذي هو فرع من فروع زناتة , و زناتة أحد شعوب البُتر, و البُتر أحد قسمي الأمازيغ.(1)

-----------------

(1)الهُويَّةُ المِزَابِيَّةُ - أهمُّ عناصِرها و تشكُّلُها عبر التاريخ - تأليف : يوسف بن بكير الحاج سعيد  - المطبعة العربية  1432 هـ / 2011 م

أعلام الإباضية السوافة

أسماء بعض أعلام الإباضية السوافة

Icon 09

هذه قائمة بعض  الفقهاء السوافة الإباضية:

ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)، وهو من فقهاء الإباضية وحملة علمهم وله فتاوى كثيرة ومؤلفات عديدة، وكان مسكنه في ورجلان.

ـ سارة اللواتية السوفية (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري 11م)، ومسكنها سوف، صالحة عابدة، كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.

ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي( القرن الخامس هجري)، من بني منصور بوادي سوف، تذكره المصادر الإباضية مقاتلا لحماد بن بلكين الزيري في حصاره لقصر وغلاتة.

ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني(أواخر القرن الخمس وبداية القرن السادس الهجريين)، وهو من زواغة بجربة..

وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...

عن صفحة : أمازيغ أزناتة وادي سوف

أَغْلَانْ يُولِيدْ سْ تْوِيزَا دُوَنْعَارْ

أَغْلَانْ يُولِيدْ سْ تْوِيزَا دُوَنْعَارْ

Icon 09

"...والشيء الذي له أعمق الأثر في حياة هؤلاء، وبه استطاعوا أن يتغلبوا على هذه الصعوبات، وأن يقيموا هذه الصعوبات، وأن يقيموا هذه المنجزات، هو التضامن العجيب الذي وجد بين هؤلاء، فكان الواحد منهم لا يبخل بماله أو رأيه أو خبرته. ثم الإرادة الدؤوب والنشاط في ممارسة الأشغال الذي طبع عليه العنصر البربري منذ القدم وامتاز به، وأخيرا تلك الحملات الجماعية التي يقومون بها "تْوِيزَا" فيعيِّنون يوما أو عشية يخرج فيها كل من كان في القرية من ذوي الاستطاعة ويقومون معا بالعمل كل بما يحسنه. وهكذا في كل عشية أو يوم خاص من أيام الأسبوع، فلا تمر أسابيع أو أشهر إلا وقد أنجز بناء الساقية أو تنظيفها من الرمال أو ترميم السد الخ..

وربما يتهاون شخص فيركن إلى الراحة ويتخلف عن مواطنيه ولكنه لا يسلم من تعيير النساء له والأطفال إذا رأى في الشارع. وربما لا يسلم حتى من ضميره فيؤنبه وكأنه اقترف ذنبا. إذ المتعارف في مزاب أن مثل هذا التصرف نوع من خيانة المسلمين والقعود بهم يعاقب الله عليه فيقولون في شأن هذا: «فلان خان العرش».

وهذه الحملات الجماعية تقام أيضا في مستوى الناحية الواحدة أو بين الجيران أو الأصحاب، فيعيِّنون يوما لهذا ويوما لذاك حتى تنتهي حملة الحصاد أو بناء الدار أو حفر البئر وعلى صاحب العمل أن يهيئ المواد الأولية فقط وربما الطعام أيضا لمساعديه..

ويحكي لنا الشيوخ أنهم أدركوا زمانا كان من المتعارف فيه، أن الشخص الذي يبني دارا أو ينشئ بئرا يستطيع عندما يريد وضع الأخشاب ليجعل عليها السقف أو إقامة الصحائف العارضة لفم البئر أو صهريج الماء "أَسَفِّي" يستطيع أن يخرج إلى الشارع فيستوقف من يمرون أو ينادي: "يا مجاهدين.." فما تُسمع صيحته حتى يترك كل شخص عمله ويهرع إليه لمساعدته لمدة من الوقت على القيام بمثل هذا العمل الشاق الذي لا يستطيع أن ينجزه بمفرده.

وبما تقدم استطاعوا أن يحفروا في واحات الوادي ما يربو عن أربعة آلاف بئر ومائة يتراوح عمقها بين 25 مترا إلى 60 مترا حسب سمك طبقة الأرض. وغرسوا نحو 170 ألف شجرة من أشجار النخيل حسب الإحصائيات التي أوردها المهندس الفرنسي فيلن FELINفي مؤلفه الذي أصدره سنة 1908..."

 ----------------------------------------

(01) كتاب مزاب بلد كفاح للمؤلف: إبراهيم محمد طلاي ص: 66-67-68

المصدر nir-osra.org

أقسام البربر

Icon 07وكان البربر شعبا عظيما وأمة كبرى، كثيرة القبائل والأفخاذ. وتنقسم الأمة البربرية الكبرى إلى قسمين عظيمين، كل قسم يحتوي على قبائل كثيرة. تنقسم إلى برانس وبتر تشتمل على قبائل كثيرة أكبرها هي هوارة، وكتامة، وزواوة، وصنهاجة، وأوربة، ومصمودة. والبتر أكثر عددا من البرانس فقبائلهم كثيرة، وكل قبيلة تتفرع منها قبائل مختلفة الأسماء. واكبر قبائل البتر هي لواتة، ونفوسة، ونفزاوة، ومزاته، وزناتة، ولماية، ومكناسة، ومطغرة.

وكانت مواطن اغلب القبائل البترية في وسط المغرب وجنوبه، فلم يكن منها في السواحل إلا القليل. وكانت لهم الجبال والهضاب يعتصمون بها. واغلب الثورات التيانفجرت على الرومان والوندال والروم المستعمرين كانوا هم الذين يقومون بها. وقد انتشر الدين المسيحي في سكان المدن منهم ولكن على المذهب الدونتوسي البربري الذي يحمل روح المسيحية الحقيقية، وهو الدعوة إلى العدل والإنصاف والإخاء، كما تأثروا بالحضارة البونيقية تأثرا كبيرا، واقتبسوا من الحضارة الرومانية ما يوافق مزاجهم.

وسكان الجبال والهضاب وجنوب المغرب في الصحراء لم يختلطوا كثيرا بالرومان ولم ينغمسوا في مفاسد الحضارة فتفسد أخلاقهم، فضلوا اقرب إلى البداوة يمتازون بقوة الأجسام، ومتانة الأخلاق، وجرأة الفؤاد. إنهم أنياب المغرب يبرزها إذا ادلهمت الأيام. والبتر هم الذين اتعبوا الفاتحين، وظلوا عقبة كأداة في سبيل المسلمين. والبتر أيضا اقرب إلى المغرب بطبيعتهم البدوية وأخلاقهم. فان الذين اعتنقوا الإسلام في برقة، وتفتحت له قلوبهم في جنوب افريقية، وانخرطوا في الجيش الإسلامي ينصرونه ويؤيدونه، كان اغلب هؤلاء من البتر.

أما البرانس فاغلبهم يسكنون السواحل، وهي موطن الرومان والروم، ومحل الحضارة والمدينة، فتحضروا وشاركوا في بناء المدينة التي أقامها الرومان والروم في المغرب، بل اقتبس الرومان أنواعا من المدينة منهم لما احتل بلادهم، لأنهم كانوا اسبق إلى الحضارة من الرومان؛ فلولا ما كانت ترفل بلادهم من حضارة ونعيم، وما كانت تغض به من خيرات وملذات ما طمع فيها الرومان.

ان البونيقيين هم أساتذة البربر في الحضارة، وهم الذين فتحوا عيون البربر، واخذوا بأيديهم إلى طريق الحياة، فنهضوا في القرن الثالث قبل الميلاد فأسسوا ممالكهم الكبرى التي ورثت الحضارة البونيقية، فصار المغرب بها متجه الأنظار لعمرانه وسعادته ورقيه.

وكان البرانس سكان السواحل قد اختلطوا بالرومان فاثروا بهم فضلو متحضرين. وقد انتشرت في سكان المدن منهم المسيحية على المذهب الدونتوسي. وكانت منزل هوارة من البرانس على الساحل طرابلس من سرت إلى مدينة طرابلس، وكانت عاصمتها هي مدينة لبدة في شرق في طرابلس، وأثارها الموجودة إلى الآن دليل على الدرجة العظمى التي كانت عليها والبربر في الحضارة والتقدم. أما منازل كتامة فعلى ساحل قسنطينة، منة سكيكدة إلى بجاية، ومنازل زواوة في بال القبائل من غرب بجاية إلى شرق مدينة الجزائر، ومنازل صنهاجة من شرق مدينة الجزائر إلى مليانة.

أما أوربة فمن شمال تاهرت إلى وهران،ولها منازل أيضا في غرب فاس مناه «سقومة » قلعة أوربة ومدينة وليلي،أما مصمودة فلها جبالها في غرب مدينة مراكش. ومع كل قبيلة من هذه القبائل في هذه الأمكنة فصائل من القبائل الأخرى تحل معها وتعيش في ديارها،وإنما الجمهور والكثرة لتلك القبيلة.

وكان المغرب في نظر البربر وطنا واحدا لا يتجرأ. فمن غرب الإسكندرية إلى الاطلانطي وطن واحد، فأينما حل البربري فهو وطنه وبين قومه، ولا تكمش ولا انفصال. وكان البربر امة واحدة متماسكة وان تعددت قبائلها.

وكان البرانس أكثر حضارة، والمسيحية قد انتشرت فيهم أكثر، واختلاطهم بالروم كان اشد. فوجد الروم في مزاج الحضارة وفي المسيحية ما يجذب البرانس إليهم، فصاروا يتملقون رؤساءهم، ويتقربون إلى أمرائهم ليجعلوا من البربر الحلفاء الأقوياء ليستطيعوا الوقوف في وجه المسلمين الفاتحين. وكان الروم يبثون دعايتهم المسمومة في الإسلام والمسلمين، ويصورون العرب للبربر على إنهم كالمستعمرين، لا تدفعهم إلا بطونهم وجشعهم لغزو البلدان، وأنهم عتاة مستبدون لا يحملون أي خير للبربر.

وكان البربر سيما البرانس في المغرب الأوسط قد استرجعوا حريتهم، وتكونت لهم إمارات يديرها رؤساء منهم، وآلوا ان يقارعوا ويهزموا كل قوة تحدث نفسها باستعبادهم واحتلال بلادهم.

وقد استطاع الروم ان يصوروا للمغرب الأوسط والأقصى الإسلام والمسلمين كما أرادوا فآمن البربر بسمومهم لجهلهم بالإسلام والمسمين، لأنهم بعداء عن مركزهم في القيروان. واعتقد البربر ان المسلمين أعداؤهم، وان الإسلام عقيدة تناوئ دينهم المسيحي، وان أبا المهاجر قد جاءهم مجئ الروم والرومان يحمل إليهم الفقر والجهل والعبودية فثارت ثائرتهم واستعدوا للجلاد.

وكانت الزعامة في المغربين الأوسط والأقصى لقبيلة أوربة كثرة عددها وغناها وحضارتها ومناعة مواقعها، وكان رئيسها كسيلة بن لمزم الأوربي. وكان كسيلة قوي الشخصية، ذكي الفؤاد، غيورا على وطنه، وكان البربر يجلونه ويحبونه، وكان نصرانيا متمسكا بدينه، وكان لا يعرف حقيقة الإسلام والمسلمين، فاستطاع الروم ان يوحوا إليه ما أرادوا في الإسلام والمسلمين، فرآهم عدوا لدينه ووطنه، ورأى أبا المهاجر في ميلة فعلم انه لابد ان يسير لافتتاح المغرب الأوسط والأقصى، فذهب في المغربي الأقصى والأوسط يدعو البربر لمكافحة العرب، والاستعداد لحربهم وإجلائهم عن البلاد. فتحمي البربر بثورة أميرهم كسيلة فلبسوا لأمة الحرب واستعدوا للقراع، فتجمع لكسيلة جيش كثيف من البربر والروم فرنا إلى المشرق مستعرا يرقب مسير أبي المهاجر أو يسير هو إليه. فسمع أبو المهاجر باستعداد كسيلة فسار إليه. وكان كسيلة قد عسكر بتلمسان، وارى انها عاصمة إمارته فوصل أبو المهاجر بجيشه فحط رحاله حول تلمسان، فالتقى الجيشان جيش المسلمين وجيش كسيلة فوقعت معركة عنيفة سقط فيها قتلى كثيرون من الطرفين، ثم انزل الله نصره على المسلمين، فهزموا جيش كسيلة فولى الأدبار، واسر كسيلة فحمل إلى أبي المهاجر فأحسن إليه أبو المهاجر وقربه وعامله معاملة الملوك. وكان أبو المهاجر معجبا بشخصية كسيلة، وبذكائه، ودهائه، ومكانته في البربر. فعرف انه إذا اسلم كسيلة فسيكون المفتاح الذهبي الذي يفتح قلوب البربر في المغرب الأوسط والأقصى لدين المصطفى. فحدث كسيلة عن الإسلام والمسلمين بما عرفه حقيقتهما. وكان كسيلة ذكيا طموحا مخلصا لقومه لا يريد لهم إلا الصلاح، فعلم ان الإسلام هو دين السعادة والقوة والحياة وخير الدارين، وان العرب المسلمين هم الإخوة الأصفياء الذين يسعدون البربر ويأخذون أيديهم إلى النجاح، فآمن كسيلة بما دعاه إليه أبو المهاجر فأصبح من المسلمين، واغرم بالعربية فصار يتعلمها، وأعجب بجمال الإسلام فيس سيرة المسلمين فأحبهم، وأصبح أبو المهاجر وصحبه هم خاصته وأولياؤه، وأحب أبو المهاجر كسيلة ورجا منه خيرا كبيرا للإسلام. فشمر كسيلة لمناصرة الإسلام والمسلمين، فدعا قومه البربر للدين الحنيف، وافهمهم ما جاء به المصطفى عليه السلام، وانه النور والحياة وخير الدارين، والفت نظرهم إلى جمال الإسلام في سيرة المسلمين، واراهم الفرق بيتهم فغي رحمتهم وإيثارهم وعملهم للناس وبين الروم الجشعين. وكان البربر قد تفتحت قلوبهم لأبي المهاجر والمسلمين فأحبوه لما أطلق رئيسهم كسيلة من الأسر، وأحسن إليه وعظمه وبجله، والبربر جنس كريم معتد بنفسه، يملكه من يحترمه ويعرف له مقامه، فاقبل البربر على الإسلام، فانتشر فيهم انتشار العطر القوى في الساحة، والنور الساطع في المكان، وأصبح البربر أحباء العرب يزدادون تقاربا على الأيام ليصبحوا شعبا واحدا يصل بينهم الإسلام، وتلحم بينهم العربية. فقرت عين أبي المهاجر بما رأى، وازداد بقينا بان السيف وحده ليس وسيلة لامتلاك الشعوب، فرجع إلى مقره قريبا من القيروان، وأقام «بدكرور » يراقب الأمور، ويحبط دسائس الروم، ويعمل لإزالتهم من المغرب،وهو على استعداد لكل من يريد مناوأة المسلمين فينهض إليه، أما إذا سكن فيتركه لان نور الإسلام لا يسكن، فهو يسير سيره، فلابد ان يصل إليه فيغزو قلبه، فيصبح للمسلمين يغير دماء، ويمسى جزءا منهم يورثهم النماء. وكان أبو المهاجر في المغرب بلينه وسياسته، وبإلحاحه عليهم بالدعاية كالشمس التي تخيم على الثمار فتلح عليها بالأنوار حتى تداخلها حلاوة النضوج وان تكونت فيها حشرة تفسدها قتلتها !

ودام الأمر على ذلك والإسلام كنور الصباح رويدا رويدا فيسير إلى الضحى فيعم المغرب، ويملأ قلوب البربر كلهم، حتى طلع الغمام، وهبت العواصف، فانهدم كثير مما بناه أبو المهاجر. لقد عزل أبو المهاجر وولي عقبة فجاء وهو مغرم بالقتال، فلم يتبع سياسة أبي المهاجر الحكيمة، وظن ان البربر امة هرمة كعلوج الروم يرضخون له سيف، ويستكينون له بالقوة، فآثر العنف العاصفة على اللين الحكيم فثارت البلاد، وانفجر المغرب، واصح الأصدقاء أعداء. اشترى قلوب البربر فكانت لمحمد، وثنى بأعنة المغرب فابتدأ يتجه إلى القبلة، واسكت النواقيس في كثير من النواحي فجلجل فيها الآذان، فلو دام لفتح البلاد كما يفتح الحب أفئدة العباد، بدون دماء تهرق، ومعامع تشغل المسلمين.

رحم الله أبا المهاجر فانه على قوته وبطولته كان على الرفق الذي حث عليه الرسول لما قال: ما دخل الرفق أمرا إلا زانه، وما داخل العنف شيئا إلا شانه. وكانت ولاية أبي المهاجر على افريقية في سنة 55 هـ. وعزله في سنة 62 هـ فمدته في المغرب سبع سنين ولم يذكر المؤرخون عدد جيشه فلا بد وان يكون أبو المهاجر قد قدم بقوة جديدة عند ولايته فيكون جيشه أكثر من عشرة آلاف.

-----------------------

 المصدر : محمد علي دبوز  تاريخ المغرب الكبير ج2  ص59-63

أكرموا عمّتكم النخلة

ورد في الأثر "أكرموا عمتكم النخلة"، وورد أيضا "أن الله صنع المخلة من فُضلة طينة آدم عليه السلام"، لذلك فهي عمّتنا من أبينا آدم.. تعالوا بنا في رحلة عبر واحاتنا لننظر واقع "عمّتنا".. لقد تراجع الناس عن خدمتها "وإكرامها" بما يجب..

"خدمة النخيل" التأبير (أسِيجَلْ) وتعديل العراجين ووضعها على الجريد حتى تستوي وتصير تمرا (أفراق دُ أسَرْسِي)وجني التمور وقطع الغلة في الخريف (أنقّا د أنكاظ).

وقد كان آبائنا وأجدادنا من قبلهم يفعلون ذلك ويربون أبنائهم على حب النخيل والأرض.. ويدفعون التكاليف الباهضة حتى ينعموا ببعض الراحة في بساتينهم خلال فصل الربيع والصيف خاصة.

وقد كان رائد معظمهم الأثر القائل "إذا قامت الساعة وكان في يد أحدكم فسيلة فليغرسها".. وقوله صلى الله عليه وسلم "ما أكل منها إنسان أو طير أو بهيمة إلا ولك بها صدقة..".. وحاصله أن التمر الذي كان عمدة الأجداد في السلم والحرب..

 

أماكن الشعوب البربرية الكبرى

Icon 07كان المغرب الأدنى تسكنه خمسة شعوب من أقسام البربر الكبرى. فلواتة كانت في برقة إلى خليج سرتن  الأكبر، ومن خليج سرت في طرابلس إلى مدينة طرابلس كان لهوارة. ونفوسة كانت في غرب مدينة طرابلس وجنوبها. وكانت زناتة في جنوب طرابلس تجاور نفوسة، ولو كانت وزناتة ومعظم زناتة في المغرب الأوسط.

أما في افريقية وهي القطر التونسي اليوم فنجد نفزاوة في وسطه لغربي وجنوبه، فمن جنوب مدينة الكاف إلى جنوب قسطيلية مواطن لنفزاوة. ومن نفزاوة قبيلة ورفجومة التي تسكن في غرب مدينة قابس وتجاور جبال آوراس.

أما في القطر الجزائري، فمن مدينة سكيكدة شرقا إلى مدينة بجاية غرب إلى شمال آوراس جنوبا، وهي نوميديا الوسطى والغربية، فلكتامة. ومن غرب بجاية إلى شرق مدينة لجزائر على طول الساحل فلزواوة، ما جبال آوراس معدن البطولة والباس ففيها مجراوة من زناتة، ولواتة، وهوارة. ومن لواتة القبيلة البربرية الكبرى في جبال آوراس بنو باديس، وكنت لهم اليد العليا قديما في جبال آوراس. 13

أما في وسط الجزائر وغربه فمن شرق مدينة الجزائر إلى غرب مدينة مليانة غربا إلى مكان المسيلة جنوبا فلصنهاجة. ومن مليانة شرقا إلى وادي ملوية غربا كان لزناتة. ونجد في هذه البقاع أيضا مطماطة في جبال الونشريس، ولماية في جنوب تيهرت ومها هوارة ولواتة في نواحي تيهرت أيضا.

أما المغرب الأقصى فكان شماله لغمارة من البرانس ومعها مضغرة قبيلة من بني فاتن احد أقسام البتر الكبرى. ونجد في شمال المغرب مكان فاس أوربة من البرانس أيضا.

أما وسط المغرب وجنوبه بجبال درن فالمصامدة. ومن المصامدة برغواطة التي استقلت في القرن الثاني الهجري إلى القرن الخامس في ساحل المحيط الأطلسي من مكان مدينة لرباط إلى أسفي.

أما صحراء الغرب لأقصى والأوسط فنجد في صحراء المغرب الأقصى قبائل صنهاجة.

وكذلك في غرب الصحراء للمغرب الأوسط. وفي صحراء المغرب الأوسط نجد هوارة. ومن مدنها [هفار] وارى ان تسميتها الأولى [هوارة] باسم ج هوارة هوار بن اوريغ. والبربر معتقدون بأصولهم، أوفياء لأجدادهم. وليس تسمية المن بأسماء من يراد الإشادة بهم، والاعتراف بجميلهم بالشيء الحديث. أرى ان تسميتها الأولى هوار، ثم وقع التحريف في الواو فقلبن [فافا] ويقع هذا القلب كثير في اللغة العامية. ووقوع الأخطاء ثم تشيع مما نعهده في اللغة الدارجة. ومع هوارة في الصحراء زناتة.

ومن زناتة ورجلة، ومن منها ورجلان، وهي عاصمة الصحراء في الشرق الأوسط قبل الإسلام وبعده إلى القرن العاشر الهجري. وكانت أماكن وادي ميزاب مواطنا لزناتة، وكذلك مدينة الاغواط فإنها للقبيلة البربرية الاغواط من زناتة. وعلى العموم فإننا نجد في الأغلب البرانس في البرانس في السواحل والبتر في الوسط المغرب الكبير وجنوبه.

هذه الشعوب الكبرى، في منازله ودياره قبائل بربرية أخرى تعيش معه عيش الغزال مع الاروى في الروض الواحد. فجميعهم أبناء مازيغ. والمغرب الكبير من أدناه إلى أقصاه كل وطنهم، فأينما تجد القبيلة هناءها وساعدتها فهو وطنها، تحط فيه الرحال، وتبني الديار، وتمتزج بسكانه الأمازيغ، وتصاهرهم، وتتعانق قلوبهم بالوداد والمحبة، ويعيشون أسرة واحدة لا فق بينهم في شيء.

هذه مواطن الشعوب لبربرية الكبرى في المغرب. وق علمنا ان أصل أجدادنا البربر هو حام بن نوح عليه السلام، وأنهم انتقلوا إلى المغرب من الشام فكيف كانت معيشتهم في عهود البداوة قبل ان يتمدنوا، وكيف كان لباسهم، وما مسا كنهم، وما هي تفاصيل أحوالهم الأخرى في العصر الحجري وفي عهود بداوتهم قبل ان يتحضروا. 14

--------------------

13- أنظر أخبار بني باديس في جبال آوراس في تاريخ ابن خلدون ج 6 ص 117 ط بولاق بالقاهرة

14  تاريخ المغرب الكبير محمد علي دبوز ج1 ص 43

أماكن ينصح بزيارتها

أماكن ينصح بزيارتها

image2

بعض القصور التاريخية المندثرة 
 
المنشآت الدينية
المسجـــد
المسجد القديم لقصر بنورة
المسجد الكبير لقصر غرداية
مسجد أولوال العطف تجنينت
 
المقابر والمصليات الجنائزية
مصلى أمي إبراهيم
مصلى الشيخ بابا ولجمه
مصلى الشيخ باعيسى اوعلوان
 
القصـــر آغرم
العطف - تاجنينت
بني يزجن - آت إزجن
غرداية - تغردايت
مليكة - آت امليشت
بنورة - آت بنور
 
ساحة سوق قصر غرداية 
ساحة سوق العطف
ساحة سوق قصر بني يزجن
 
المنشآت الدفاعية
برج بوليله و سور قصر بني يزجن 
واجهة قصر بنورة
 
الواحـــــــــــات
منشآت الري
 
المسكـــن 
 
الشوارع 

أهم المراحل التاريخية لبني مزاب

Icon 07

يمكن تقسيم تاريخ مزاب إلى أربعة عهود متمايزة:

 العهد الأوّل من تاريخ بني مزاب :

من الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الرّابع الهجري.

العهد الثّاني:

من اواخر القرن الرابع إلى نهاية القرن الثّامن الهجري.

العهد الثالث:

من بداية القرن التّاسع الهجري إلى سنة 1269هـ/ 1853م.

العهد الرّابع:

الفترة الأولى من العهد الرّابع، وتمتدّ من 1269هـ/ 1853م إلى 1299هـ/ 1882م.

الفترة الثّانية من العهد الرّابع وتمتدّ من 1299هـ/ 1882م إلى 1330هـ/ 1912م.

القترة الثاّلثة من العهد الرّابع وتمتدّ من 1330هـ/ 1912م إلى 1366هـ/ 1947م.

الفترة الأخيرة من العهد الرّابع وتمتدّ من 1366هـ/ 1947م إلى 1382هـ / 1962م.

 

العهد الأوّل :

يمتدّ من الفتح الإسلامي إلى نهاية القرن الرّابع الهجري، وكانت تعرف المنطقة فيه ببادية بني معصب، وكان سكّانها يغلب عليهم طابع البداوة والبساطة. ويمتاز هذا العهد بأنّ سكّان أرض الشّبكة اعتنقوا الإسلام ببساطة ثمّ سبقت إليهم آراء المعتزلة فأخذوا بها، وحافظوا على نظام حياتهم كشعب يعتمد على تربية المواشي بالدّرجة الأولى، وعلى الزّراعة الموسمية بالدّرجة الثّانية[1].

العهد الثّاني:

يمتدّ من نهاية القرن الرّابع الهجري إلى نهاية القرن الثّامن. وفيه تمّ تأسيس القرى الخمس الموجودة حاليا على وادي مزاب، واعتمد بنو مزاب على الفلاحة الثّابتة وتحوّلوا تدريجيا إلى المذهب الإباضي، وأنيطت إدارة شؤون كلّ قرية بحلقة العزّابة التي أصبح مقرّها المسجد.

العهد الثّالث:

يدوم أربعة قرون ونصفا، من بداية القرن التّاسع إلى إمضاء عقد الحماية مع فرنسا عام 1269هـ/ 1853م. في هذا العهد توسّع العمران بالوادي بفضل ممارسة التّجارة بالتّل، وتوجّت إدارة البلاد بهيئة عليا، واستقبلت المنطقة طوائف جديدة، وأسّست القرارة وبرّيان، ولعب الميزابيون دورا متزايدا في تاريخ شمال إفريقيا. وقد أحدثت هذه التّطوّرات الحضارية مشاكل أفرزت فتنا مزمنة.

العهد الرّابع:

الذي دام قرنا، يمتاز بفقدان مزاب لاستقلاله السّياسي تدريجيا، وبمقاومة الاستعمار، والدّفاع عن الشّخصية المزابية، والمطالبة باحترام بنود معاهدة الحماية. وفيه تأثّر بنو مزاب بالثّقافة الأوروبية والأحداث العالمية الكبرى، ولعبوا دورا تاريخيا في استرجاع السّيادة الوطنية الجزائرية[2].

 

[1] -علي يحيى معمّر: الإباضية في الجزائر، الجزء الثّاني، ص488.

[2] -تاريخ بني مزابدراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية.يوسف بن بكير الحاج سعيد ص7-8

أيهما أسبق بن خلدون أم الدرجيني؟!

Icon 09

ومن دون تردد؛ فـ "مزاب" أسبق؛ فهي الأقرب لما ذكره ابن خلدون في نسب البربر لولا التحوير، والدرجيني قبله حافظ لنا على الأصل، وإذا سلمنا أن البربر -السكان الأصليين لهذه البلاد- يصعب عليهم النطق بالعين، فنقول: إن تسمية "بني مصعب" تعريب لـ "مزاب"، وقد نفترض وقوع ذلك من أحد مشايخ العلم، فهو قد كيّف التسمية البربرية وفق ثقافته العربية الجديدة؛ لملاحظة الشبه في النطق، وربما حتى لاستحضار صعوبة المنطقة وأهلها أيضا..

وولوع بعض مشايخ العلم بتعريب الأسماء أمر ملاحظ، ولعل ذلك يتجلى أكثر عند القطب اطفيش -رحمه الله-، حتى إنه يعمد إلى أسماء تلاميذه؛ فيكيفها وفق النطق العربي، فمثلا يقول: "أبو أحمد" لـ "باحمد"، وأبو نوح لـ "بانوح"، ثم إن اجتهاد الطلبة والمشايخ في تلك العصور المتقدمة في تعلم العربية والنطق بها، قد يدفعهم حتى إلى تعريب الأسماء!

وهذا الاجتهاد قد لا يكون موفقا مع بعضهم، ولعل هذا ما دفع أهل المشرق إلى طلب إعادة صياغة كتاب أبي زكرياء يحي بن أبي بكر (عاش في النصف الأول من القرن الخامس الهجري) في السير، فقام بهذه المهمة الدرجيني في كتابه "طبقات المشايخ بالمغرب" كما هو معروف، ومع ذلك فثمة بقية من الصيغ البربرية وتراكيبهم فيما كتبه الدرجيني نفسه؛ كما لاحظ ذلك أستاذنا الشيخ صدقي محمد بن أيوب أستاذ اللغة العربية، فيما علق بذهني، والله أعلم بحقيقة الأمر.

ملاحظة: نحتاج إلى مراجعة النص أعلى في مخطوطة من عهد المؤلف أو قريبة منه.

-------------------------

المرجع  :قبس من السير والتاريخ (3) للفاضل  Abouishak Sa

إباضية بني مزاب مواقف ثابتة

alwat

بقلم: جواد عبد اللطيف الجزائري 

"كل مسلم بشمال إفريقيا ،يؤمن بالله ورسوله ووحدة شماله هو أخي وقسيم روحي فلا أفرق بين تونسي وجزائري ومغربي وبين مالكي وحنفي وشافعي وإباضي وحنبلي، وبين عربي وقبائلي، ولا بين حضري وآفاقي، بل كلهم إخواني أحبهم وأحترمهم وأدافع عنهم وما داموا يعملون لله والوطن، وإذا خالفت هذا المبدأ فإني أعتبر نفسي أعظم خائن لدينه ووطنه... ".

وأنت تقرأ هذه الأسطر يشد انتباهك قوة معانيها ومتانة تراكيبها،إذ أنها تعكس جزالة قلم صاحبها وعزة وإباء شخصيته، وسلامة سريرته وافتخاره بوحدة أمته ووطنه إن في هذه الأسطر حكمة بالغة وموعظة جامعة وإني لمتأكد بأن لها وقع بليغ على القارئ يجعله تواقا لمعرفة صاحبها. إنه شاعر الثورة الجزائرية المجاهد بالقلم مفدي زكرياء اليزقني الغرداوي الجزائري، ذاك الذي كانت أشعاره ولازالت أشد وقعا على العدو المستدمر من رصاص البنادق، إنه يدعو من خلال هذه الأسطر إلى الوحدة والأخوة والمحبة ونبذ الفرقة والعصبية والإخلاص لله والوطن، وها نحن اليوم نتأسف لما نراه من فتنة مغرضة بين أبناء شعب واحد وبلد واحد ، فتنة أذكت نارها خصلة من خصال الجاهلية الأولى، فتنة أيقظت فتنا نائمة وعصبيات كانت قد قبرت منذ عهود. ثم إني أستسمحك أخي الفاضل أنة تركز معي وتنظر مليا في هذا السرد البسيط للمواقف الوطنية الثابتة للإخوة الميزابيين عبر مراحل مختلفة من التاريخ لكي تتضح لك بعض الحقائق لأن الرجال مواقف كما قال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله والتاريخ يشسهد.

-في سنة 1510 م/916 هـ شارك الشيخ ( با حيو بن موسى ) وفرقته الفدائية من الفرسان المزابيين المرابطين في السواحل الجزائرية ضد غارة الإسبان على جزيرو جربة بالجنوب الشرقي لتونس، والتي تحطمت فيها حملة ( دون قارصيا دو طليطلة ).

-في سنة 1518م/925 هـ احتل الإسبان الصليبيون كدية الصابون بمدينة الجزائر فاستدعى ( خير الدين بربروس ) الشيخ ( باحيو بن موسى ) وهو من العطف ومعه أمين الميزابيين بالجزائر يستشيرهم في أمر العدو الغائر فأشاروا عليه القيام بعملية فدائية وتطوعوا لذلك واختاروا منهم سبعين فدائيا ثم وضعوا خطة لاختراق معسكر العدو وضرب مستودعات السلاح ومن ثمة فتح ثغرة أمام المجاهدين من أجل الهجوم التام وكان النصر يوم الأحد:24 أوت 1518 م /925 هـ ، حيث فر القائد الإسباني (دون هوقو)مع باقي رجاله، أما الشهداء الميزابيون دفنوا في حسين داي الحالي.

-في سنة 1830 م حين نزل العدو الفرنسي بسيدي فرج وقام بمحاصرة العاصمة أرسل الميزابيون – مع أمينهم بالعاصمة – ألف رجل للمشاركة في الدفاع عنها وقد استبسلوا في ذلك إلى أن سقط منهم عدد كبير في ميدان الشرف ، وفي مقدمتهم ( طفيش داود بن يوسف شقيق القطب ) . ولهؤلاء مقبرة في اسطاوالي في ساحة طمست آثارها.

-ولما أعلن الأمير عبد القادر الجزائري الجهاد ضد المستدمر الفرنسي سانده الإخوة الميزابيون، حيث التحق به ( سيدي السعدي ) وبعد ذلك انضم الميزابيون إليه وكانوا من أطوع جنده، كما أنهم أصبحوا من أمناء سره نذكر منهم الطبيب باي أحمد بن بابا عيسى اتخذه الأمير طبيبه الخاص وكاتبه وأمين سره، وهو من مدينة مليكة وهو من الذين حضروا معاهدة التافنة مع الأمير. ومن التجار الذين أعانوه بالمال والسلاح الحاج سليمان بن داود وحمو بن يحي يدر من بني يزقن، والحاج داود بن محمد ، وغيرهم من الرجالات المخلصين.

-لقد ظل بنو ميزاب – مثلهم مثل الطوارق الأحرار -يدافعون بكل وطنية وإخلاص على الوطن الجزائري والحرمات،وكذا يدعمون الانتفاضات الشعبية المتوالية بالمال والقلم والسلاح حيث لعبت شبكة التجار الميزابيين بالعاصمة والصحراء وسائر المناطق الأخرى دورا فاعلا في دعم الثورة التحريرية بالمال والسلاح والقلم إلى غاية الاستقلال، وبالرغم من الإغراءات والعروض التي تلقوها من قبل جنرالات وساسة المستدمر الفرنسي خاصة بعد اكتشاف البترول بالصحراء الجزائرية حيث سعت الحكومة الاستدمارية إلى فصل الصحراء عن الجزائر مستعملة جميع الأساليب منها:

-إرسال لجنة برلمانية إلى مزاب سنة 1951 م من أجل إقناع الميزابيين بالموافقة على إقامة جمهورية صحراوية مقابل امتيازات، إلا أنها قوبلت بمظاهرات سلمية في كل مدينة رفضا للفكرة معبرين على لسان الشيخ بيوض – رحمه الله – عن تمسكهم بوحدة التراب الجزائري.

-إرسال لجنة برلمانية ثانية لنفس الغرض قوبلت بتأكيد الرفض.

-إرسال لجنة ثالثة سنة 1959 م قوبلت بنفس الرفض من قبل الإخوة المزابيين.

أليست هذه أخي القارئ مواقفا ثابتة لم تتزحزح ، فلماذا تسعى بعض الأطراف الغريبة إلى الاقتتات من فتاة الفتنة والعمل على كسر وحدة صفنا ووطننا ؟ ثم من المستفيد من هذا يا ترى ؟.

يا عقلاء أهل غرداية إن قلمي يخاطب فيكم مواقفكم الثابتة ، ووطنيتكم وصفاء سريرتكم ووقار شيوخكم ، أصلحوا بين إخوانكم وانبذوا الفرقة والعصبية فقد نهينا عن ذلك.

يا عقلاء وادي ميزاب إن لكم أسوة حسنة في إصلاح ذات البين في آثار الإمام عبد الحميد بن باديس – رحمه الله – ذلك أنه لما رفعت له مسألة حول مشكل وقع بين المالكية والإباضية بغرداية قضى فيها بالعدل والله أعلى وأعلم ، اقرؤوها فهي درس في الصلح مفيد ،حيث دعى إلى حفظ الوحدة الإسلامية بحفظ القلوب من داء الفرقة المهلك.

يا عقلاء أبناء الوطن الواحد تنبهوا إن الأطراف التي أشعلت نار الفتنة بينكم لم يرق لها أن تراكم متحابين آمنين على أموالكم وأولادكم كما لا يعجبهم أمن البلاد واستقراها،مثلهم مثل الجراثيم التي لا تحب العيش إلا في المستنقعات، فاحذروا فإن قوة الدولة في وحدة شعبها وترابها وفي التاريخ قصص وعبر أفلا تعقلون.

المراجع المعتمدة في الموضوع:

-مفدي زكرياء ، أمجادنا تتكلم .

-آثار الإمام عبد الحميد بن باديس، الجزء الخامس، الطبعة الأولى.

-يوسف بن باكير الحاج سعيد،تاريخ بني مزاب – دراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية -.

جواد عبد اللطيف الجزائري

طالب باحث في التاريخ

ولاية سكيكدة

08/02/2014 م

المصدر موقع دنيا الرأي

إعجاب ابن الصغير بالدولة الرستمية

إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها

وكان ابن الصغير معجبا بالدولة الرستمية، محبا لها. يجل أئمتها ويعظمهم. وما قاله فيهم، ووصفهم به دليل على عاطفته وعقيدته. ولكنه كتب كتابه في جو ملوكي بعد الدولة الرستمية أو خارجها، فاحتاط لنفسه، وصرف غضب الملوك عنه بكلمات نابية قالها في أول كتابه، وهي التي أرضت الملوك فابقوا على كتابه. فلولا تلك الكلمات التي أوهمهم بها انه منهم، ومن زمرة المؤرخين الذين يرقصون خلفهم، ما وصلنا كتابة النفيس. انه في الحكم على شخص يجب أن تعرف ظروفه، وتنظر إلى كل كلامه وأعماله، ليكون صائبا، والاستنباط صحيحا؛ ولكن بعض الناس يتمسكون بقشرة الرمان الواقية، وقد خلقها الله مرة لتقي حلاوته، ويحصرون نظرهم فيها فيحكمون على الرمان كلها، ويرقص بها غصنها، كأنه منتش بحلاوتها، وهي في أتم النضوج والحلاوة؛ يحكمون عليها بالمرارة، ويقولون إنها حنظلة، وان الله لو ركب مثلها في الحسان ما كان إلا دملا في مقاتلها يجرها إلى القبر، لا نهودا فتانة في صدرها تفتح لها كل حجر، وتجعلها أمنية لكل القلوب!

كتابة تاريخها، وتمجيد أئمتها، في جو وقت كان التلفظ بالدولة الرستمية يعتبره الملوك جريمة سوداء، والثناء على أئمتهم فظيعة نكراء تطير بها الأعناق. انه لمت اكبر المحسنين إلى المغرب الكبير بما كتب، ومن اكبر أصدقاء الدولة الرستمية بما ألف وحبرت يمناه!

قال ابن الصغير في كتابه سيرة الأئمة الرستمية: "اخبرني غير واحد من الإباضية عمن تقدم إبائهم قالوا: لما نزلت الإباضية مدينة تيهرت وأرادوا عمارتها. اجتمع رؤساءهم فقالوا: قد علمتم انه لا يقيم أمرنا إلا إمام نرجع إليه في أحكامنا، وينصف مظلومنا من ظالمنا، ويقيم لنا صلاتنا، ونؤدي إليه زكاتنا، ويقسم فيئنا1. فقلبوا أمرهم فيما بينهم، فوجدوا كل قبيل منهم فيه رأس أو رأسان أو أكثر يدبر أمر القبيل، ويستحق أمر الإمامة. فقال بعضهم لبعض: انتم رؤساء ولا نأمن إذا تقدم واحد على صاحبه ) فصار هو الإمام ( أن يرفع أهل بيته بن رستم لا قبيلة له يشرف بها 2 ولا عشيرة له تحميه. وقد كان الإمام أبو الخطاب رضي لكم عبد الرحمن قاضيا وناظرا فقلدوه أموركم، فان عدل فذلك الذي أردتم، وإن سار فيكم بغير العدل عزلتموه، ولا قبيلة له تمنعه، ولا عشيرة تدفع عنه. فجمعوا رأيهم على ذلك. ثم نهضوا إليه بأجمعهم فقالوا: يا عبد الرحمن رضيك الإمام في ابتدائنا، ونحن الآن نرضى بك ونقدمك على أنفسنا. فقد علمت انه لا يصلح أمرنا إلا إمام نلجأ إليه في أمورنا، ونحكمه فيما ينوب من اسبانيا. فقال: إن أعطيتموني عهد الله وميثاقه لتسمعن لي وتطيعوني فيما وافق الحق وطابقه قبلت ذلك منكم. فأعطوه عهد الله وميثاقه على ذلك. وشرطوا عليه مثل ما شرط عليهم، [وهو أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسول الله، ويلتزم سيرة الخلفاء الراشدين]3  فقدموه على أنفسهم والقوا إليه بأمورهم، فسار فيهم سيرة جميلة حميدة"4.

----------------------

1- الفئ هو ما يغنمه المسلمون في حروبهم مع المشركين.

2 - يريد بالشرف هنا التقوى بالعشيرة.

3 - ما بين قوسين من سير الشماخي ص 140 لا من ابن الصغير وهكذا كل كلام يرد بين قوسين في نص فانه ليس منه.

4 - سيرة الأئمة الرستميين ص 9 ط. باريس 1907 م

 

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 267

إقبال الإمام على الدرس والتدريس لقلة مشاكل الدولة لاستقرارها

واعتماد الأمة على نفسهاوكان الإمام كعادة لا يقتصر في الأعمال على شئون السياسة. إن دولته مستقرة،وتمسك الناي بالدين يكبح النفوس فتقل الجرائم والمشاكل وتعاون أهل لدولة واعتمادهمعلى أنفسهم، وفض الخاصة للمشاكل والخصومات، وجعل حمل الإمام خفيفا،مشاكل الدولة التي تشغل فكره ووقته قليلة إن الأمة تعتمد على نفسها، وليستعبئا ثقيلا على الحكومة، والدولة الرستمية متمسكة بالدين الذي يأمر الأمة أن تعتمدعلى نفسها، وتعمل، وتجد، وتجتهد، وتسابق الأمم لتكون هي الأغنى والأقوى، لا تتكل علىالحكومة أن تطعمها وتقدم إليها كل الضرورات.  إن اعتماد الأمة على نفسها، وكثرة العلماء والصلحاء فيها، وأعضاء مجلسالشورى، هؤلاء الذين يفضون الخصومات، ويحلون المشاكل، فلا تصل إلى الإمام، وجعلأعمال الإمام السياسية قليلة. فانصرف في بقية الوقت الواسع إلى دراسة الكتب،والى التدريس العالي. فكانت له حلقة في مسجده في ميري يؤمها الطلبة الكبارالمتخصصين للعلم فيلقي عليهم الدروس في مختلف الفنون. وكان الإمام يرى التعليم اكبر عبادة. وكان لشخصيته العلمية يلذه نشر العلم والحياة العلمية، فخصصللتدريس جانبا كبيرا من وقته.

وكان الإمام يوال النصح والإرشاد لرعيته في جبل نفوسة. وكانت الوفود تترىعليه من أنحاء الجبل، فيلقي عليهم المحاضرات والدروس، ويزودهم بالزاد العقلي النافع،ويوجههم أحسن توجيه في كل الميادين. وكان له درس بين الصلوات في مسجدهللعلامة يثقفهم ويهديهم، ويعلمهم فلسفة دينهم، وأسرار الشريعة الإسلامية التيمن الله بها عليهم.

قال الشيخ الباروني: "ويقال إن اغلب دروسه [للعامة] في مسجده في السنينالسبع التي أقامها في جبل نفوسة في مسائل الصلاة ولم يتمها"1 وذلك لان دروسه في فلسفة الصلاة أيضا، وآثارها العظمة في النفس، وتطهيرها للمرء من كل الدنايا والمهلكات!

وكان جبل نفوسة وكل أنحاء الدولة الرستمية مستقرة. وقد دام هذا الهدوء في الجبل إلى آخر أيام الإمام فيه. فثارت هوارة في سنة ست وتسعين ومالئة على الملكية المستبدة، وعلى الأغالبة الذين أرغموها بالقوة على الدخول في دولتهم، واحتلوا بلادهم بالسيف والسنان، ووطأوها بأرجلهم القوية لتخضع وتستكين.

-------------

1-الأزهار الرياضية ج 2 ص 142 ط البارونية بالقاهرة 1324 هـ

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص436-437

استقبال مزاب للمهاجرين

استقبال بني مصعب للمهاجرين من مختلف الجهات العهد الثاني

يقول الشّيخ عليّ يحيى معمّر:" وفي أوائل القرن الخامس توالى الجفاف على منطقة وارجلان وما جاورها عددا من السّنين، وزفقر كثبان الرّمال على سدراته. وكانت بعض الأدوية التي تنساب تحت طبقات من الأرض، حتّى إذا وصلت إلى منطقة سدراته ووارجلان نبعت على شكل عيون غزيرة، قد تغيّرت مجاريها فغارت تلك العيون، فضاقت الحياة بالنّاس لاسيما أصحاب الماشية... فلم يجدوا منتجعا لإنقاذماشيتهمغير بادية بني مصعب... هكذا قرّروا أن يتّجهوا إليها"[1]هذه الهجرة تمّت لأسباب اقتصادية ناتجة عن ظروف طبيعية. وهناك هجرات أخرى لأسباب سياسية، أهمّها انقراض دولة بني مدرار في سجلماسة عام 366هـ/ 976م[2]، ووصول بني هلال إلى المغرب عام 443هـ/ 1050م، والتّخريب الأوّل لسدراته عام 467هـ/ 1075م على يد أحد أمراء قلعة بني حمّاد المنصور بن النّاصر، والتّخريب الثّاني لها عام 626هـ/ 1229م على يد يحيى بن إسحاق الْمَيُورْقِيالمرابطي، المعروف بابن غانية، في ثورته ضد الموحّدين. وخربت سدراته أخيرا عام 672هـ/ 1274م.يضاف إلى هذه الهجرات الجماعية استقبال وادي مزاب لعائلات أو لأفراد على مرّ القرون من المناطق المذكورة ومن غيرها. فقد احتضن جماعات متلاحقة وأفرادا شاركوا بني مزاب في إنشاء قراهم وتعميرها. فقد أتى هؤلاء المهاجرون من سدراته ووارجلان ووادي أَرِيغْ، وقصر بني خفيان قرب المنيعة، وجبل عمور وقصر البخاري والمدية، ووادي غنيم قرب الأبيض سيدي الشّيخ، ومن جبل نفوسة وجربة ومن سجلماسةوفقيق والسّاقية الحمراء وغيرها. هؤلاء القادمون جميعهم إباضية أو اعتنقوا المذهب الإباضي عند استقرارهم بالمنطقة، ويطلق عليهم جميعا اسم بني مزاب مثل من سبقهم بها.يتبيّن ممّا سبق أنّ تصوير بني مزاب بأنّهم نزحوا إلى سدراته من تاهرت عند انقراض الدّولة الرّستمية، وأنّ سكّان سدراته هاجروا منها إلى وادي مزاب عندما خرّبها الميورقي، وعمّروه وأسّسوا قراه، تصوير خاطئ الهدف منه جعل إباضية المغرب جماعة من النّاس تطوف من مكان إلى مكان، والأمر غير ذلك كما رأينا.

-----------------------------------

[1]_ الإباضية في الجزائر، الجزء الثّاني، 436.

[2]_ استمرّت من 140هـ/757مإلى 366هـ/976م على مذهب الصفرية.

استقرار الدولة الرستمية

استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين

 

لقد كانت افريقية تغلي بثوراتها على الولاة الضعفاء. وكان السخط والشقاء والحاجة تسودهما. فكيف كان المغرب الأوسط وما يتبعه من المغرب الأدنى: جنوب افريقية، وجزيرة جربة، وجبلا نفوسة. وكان هانئا، سعيدا، مطمئنا، تحت جناح الدولة الرستمية الجمهورية العادلة التي تسوسه بسياسة الدين، وتلزم فيه هدى الخلفاء الراشدين. إنها دولة إباضية أنشأها الإباضية الذين يتمسكون بالإمامة الإسلامية والجمهورية العادلة كل التمسك.

فكيف نشأت الدول الإباضية الجمهورية في المغرب فأسعدته، ودخل بها أعراسه البهيجة، وأعياده الباسمة، وعهود قوته وسعادته! وكان الملجأ الأمين الهانئ للمضطهدين الأحرار في الدول الملوكية في المشرق. يلجئون إليه فيجدون الإخوة والصفاء، والحرية والعدل، والحضارة الإسلامية الراقية التي تنبع من الدين المكين، والعلم الزاهر، ونعمة تمسك أئمته وولاته وموظفيه بالدين في كل شيء؟!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 130

اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها

وكانت الدولة الرستمية تعتني كل الاعتناء بتثقيف المرأة، وبتعليمها كل ما يجعلها زوجة صالحة، وأما كريمة، وأساسا للدولة العظيمة التي يريدها الجمهوريون في المغرب لأنفسهم. وكانت تعرف دينها كل المعرفة، وتتخلق بأخلاقه العظيمة. وتفهم العربية وتقرؤها، وتكتب بها، وتتقن كل الصناعات المنزلية، وتتجلى بالثقافة النسوية الراقية التي تجعل الدنيا في عين زوجها على نضارة خديها، وابتسام شفتيها، وتجعل داره كأحضانها تغمره بالعطر، وتسعده بالحب، وتنعش كل حواسه بالجمال.

وقد برع في العلم نساء عالمات في الدولة الرستمية ضاهين فيه فحول العلماء من الرجال. ذكر الشماخي، والدرجيني، وأبو زكرياء عددا كثيرا منهن في كتبهم. ومن العالمات النابغات في المغرب الأوسط في الدولة الرستمية أخت الإمام افلح. وقد برعت في علم الفلك حتى بزت فيه أخاها افلح! انه لا يهتم به إلا الخاصة من العلماء، والفحول من ذوي المعرفة. وقد برعت فيه العالمة النابغة بنت عبد الوهاب، ومما يدل على أن درجتها في العلوم الشائعة في النساء كالعلوم الشرعية واللغوية كانت فيها في أعلى الدرجات.

ولم تكن العالمة بنت الإمام وحدها على هذه الدرجة الرفيعة في العلم، بل كان بيت الرستميين كله كذلك.

عناية المرأة في الدولة الرستمية بالعلم وغرامها بتثقيف نفسها

وكانت النساء يحضرون هذه الدروس في المساجد. وكن يتقاطرن في وقت الصلاة إلى اقرب مسجد منهن فيصلين مع الجماعة، ويحضرن هذه الدروس بين الصلوات، وينقلنه في وجدانهن وعقولهن إلى منازلهن، فيعرفه يشعر بروحه كل من لم يستطع الذهاب إلى المسجد من ربات البيوت، ويغشي وجدانهن المتأجج بالدرس أطفالهن فيصطبغون به.

وكانت المرأة في الدولة الرستمية بالتربية الأولى في البيوت الصالحة الراقية، وفي مدارسهن الرشيدة، وبصلاح الآباء والأزواج، وبهذه الدروس التي تتدفق بها المساجد فتملؤها بأسباب الصلاح؛ كانت بهذا صالحة، ومثقفة العقل، عليها دينها وعقلها لا غرائزها وأهواؤها كنبات المدارس الاستعمارية.

صلاح المرأة في الدولة الرستمية بالدين والعلم وإسعادها للزوج والدولة

وكانت المرأة في الدولة الرستمية مثال الصلاح والثقافة والإسعاد لزوجها. يحظى في ظلهن الزوج بكل سعادة وهناء، وتفيض الديار بهن بكل انس وحب، ونعيم وحضارة، ويفتحن بيمنهن واستقامتهن وإخلاصهن وحبهن للزوج والأسرة أبواب البركات، والخيرات، والنجاح في كطل الميادين؛ ويجعلهن الحياة تبسم للزوج كثغورهن الباسمة بالصفاء والمحبة، والأيام تشرق له إشراق وجوههن بالدين.

وكانت المرأة في الدولة الرستمية للأبناء خير أم! أنجبت للدولة بدينها وتربيتها الصحيحة الأجيال القوية التي استطاع بها المغرب أن يرفع رأسه، ويحقق كل آماله في العزة والحرية والسعادة، وستنزل رحمة الله ونعمائه بصلاح المجتمع وطهره وزكائه، بفضل تلك الأم الطاهرة الصالحة المثقفة!

وكان في كل مسجد من مساجد الدولة الرستمية قسم خاص للنساء يفصله عن قسم الرجال جدار مخرم يستر النساء، ولا يحجب عنهن صوت المدرس، وتلاوة الإمام، ولا زالت هذه السيرة الإسلامية الحميدة في مساجد والدي ميزاب بجنوب الجزائر إلى اليوم.

فترى في كل مسجد قسما خاصا للنساء يمتلئ بهن فيس وقت الصلاة، وفي وقت الدروس الحية، في التفسير، والحديث، وفي سيرة الرسول ذ، والخلفاء الراشدين وصلحاء المغرب، وفي الأخلاق، وفي الأمراض الاجتماعية كلها. وترى النساء يتشربن تلك الدروس في حرارة وحماس وانتباه كما تتشرب الزلابية الساخنة العسل من الإناء الذي تغمس فيه، فتراهن والحمد لله حلاوة لأزواجهن، يسعدنهم، وصلاحا وطهرا للمجتمع، وترى الأزواج بصلاحهن، وثقافة عقولهن في نعيم وهناء، وفي طمأنينة وسعادة. لا يحسون بالمرارة والسواد تملأ به قلوب أزواجهن المتفرنجات التعيسات اللائي جردتهن المدارس الاستعمارية ن دينهن وأخلاق الدين، وجعلتهن في تلك المدارس اسفنجة عطشى تغمس في المحبرة!

ليت مغربنا الكبير وهو يتمنى الحياة الهنيئة السعيدة، ويريد أن يكون اكبر دولة إسلامية ترجح بها كفة المسلمين في كل الميادين، يوقن بان ذلك يكون بالمرأة الصالحة المثقفة التي يعمر الدين الإسلامي العظيم جوانب نفسها، ويورثها كل ثقافة وصلاح، ويرث المجتمع منها والدولة كل طهر وقوة، فيرضى عنا الله.

النساء بتلك الدروس الدائمة على نصاعة ونقاء زهور الفل والياسمين التي يباكرها الطل في كل غداة فيزيدها نقاء، وتغاديها النجوم في كل سحر فتغسلها بالندى، وتجعلها خليفتها في رؤوس الشجر في البياض والصفاء، وفي النضارة والنقاء!

قال الشماخي يذكر قسم النساء في مسجد من مساجد جبل نفوسة الذي كان ضمن الدولة الرستمية، ويذكر ولع العلامة الشيخ أبي زكرياء يحيى بن الخير الجناوني بالبحث والاستقصاء والاطلاع. قال الشماخي: " ومما ذكر عن الشيخ أبي زكرياء انه أقام عند أبي الربيع مدة طويلة ) يدرس العلم في المسجد الذي يلقى فيه دروسه العالية، وكان مدرسة للتخصص في العلوم ( ومن عادة نفوسة أن يجعلوا سترا على الصف الأخير في جميع مساجدهم يدخله النساء لسماع العلم والصلاة. فلما أراد الانصراف من عند شيخه وودعه ليرتحل قال: أمهلوني حتى ادخل خلف الستر لأراه لعلي اسأل عنه"1.

--------------------------

1- -السير للشماخي ص 536 .

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 337-361

الإباضية وادي سوف

إباضيون سوافة... وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

Icon 09

لم أكن أعرف لماذا كلما صادفني أحد مشايخ الإباضية يكبر في ناظري وسرعان ما أشعر وكأنّ شيئا ما يجذبني إليه، فأكاد أقبل عليه مصافحا مسلّما ومستبشرا به، وكأنني أعرفه من زمن بعيد .. مازالت هذه الظاهرة تكبر معي وتلازمني بكل ما فيها من براءة وتلقائية، حتى أدركت أن هؤلاء السادة الكرام هم أجدادي وأهلي، لذلك كان ينتابني هذا الشعور تجاههم...

فهم الذين نزلوا في منطقة (سوف) ذات يوم وظلوا بها ستة قرون كاملة نشروا خلالها العلوم والمعارف، وكان عشرات من كبار الفقهاء السوافة  لكنهم إباضيّو المذهب كما سنرى..إباضيون سوافة وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

سنة 1980 كنت في الخدمة الوطنية بمدينة ورقلة، لم أكن أعرف لماذا أتوجّه مباشرة إلى مسجد "لالة عزة" لأصلي العصر وأنا أرتدي البدلة العسكرية، فأقبل نحوي وقتها احد الشيوخ وأظنه المؤذن ومنحني "قدوارة" زرقاء، كانت معلقة في مسمار بإحدى السواري الضخمة لهذا المسجد العريق، فأرتديها لأصلي العصر مع القوم.. ومضت الأيام تتدحرج والسنون تتوالى، وخلال 2005 ـ 2008  كثر ترددي على ورقلة، وأضطرّ في غالب الأوقات إلى المبيت فيها، فكنت أتوجّه أيضا مباشرة ودون سبق إصرار أو أية نيّة أخرى إلى مسجد لالة عزّة، حيث صليت الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وذات مرة صادفت زيارتي يوما من أيام الصيف الحار، فصلينا في السطح الذي يقع فوق المسجد، وهو سطح، الهواء فيه طلق، مكان يجد فيه المتعبّد حلاوة الركون إلى الله ويستشعر فيه قداسة المكان ووقار أهل الدار..

هناك ملاحظة فقط وقفت عندها مطوّلا ولم استطع فهمها سوى هذه الأيام من خلال مراسلة الأستاذ الفاضل سليمان بومعقل عن مسجد لالة عزة.. فخلال 2005 عندما زرت المسجد بعد غياب طويل، وجدت جزء مهمّا منه قد تم هدمه وتجديده بطراز عصري، فأعبت على القوم وقتها هدم مسجد عريق كهذا، وقلت لو أنهم رمّموه لكان أفضل..ورسخ في بالي أن الجزء المتبقي منه سيكون له نفس المصير، فلم يكن بوسعي نقل الملاحظة إلى أصحاب المسجد وانا مجرّد عابر سبيل.. حتى أشار إلى ذلك الأخ سليمان بومعقل في مقاله عندما اعتبر الهدم خطأ قائلا بصريح العبارة : " علما أنه هُدّم هذا المحراب و القبة مع الصفين الأولين للتوسعة والتجديد سنة 1991، و هو خطأ في حقّ التراث المعماري. محاولة لبعث المحراب والقبة الأصليين، اتّخذ في البناء الجديد ما يشبههما."

سوف ظلت لستة قرون محسوبة على التاريخ الإباضي:

هذا الموضوع بدأ يستقطب اهتمام مجموعة من الدارسين المحليين هنا بالوادي، والبحث الذي سنعتمد عليه اليوم في تقديم نبذة عن حياة الإباضية في سوف، عنوانه: "سوف في المصادر الإباضية" للأستاذ نصر الدين وهابي، معهد الآداب واللغات، المركز الجامعي بالوادي، عثرنا عليه في كتاب من إصدارات الجمعية الثقافية للمركز الثقافي محمد ياجور بقمارـ طبعة 2008. وهو البحث الذي اتسم بالموضوعية في عرض الشواهد التاريخية.. وقبل ذلك نشير أنه في الوقت الحالي يوجد عائلة واحدة بالوادي من أصول إباضية لا يزال بعض شيوخها أحياء، حتى انه حسب ما قيل لي أن بني عمومتهم قد جاءوهم خصيصا من غرداية ليمكنوهم من إرثهم المترتب لهم بعد وفاة المورّث في منطقة ميزاب..

يقول صاحب البحث المذكور في شرح كلمة (سوف) حسبما ورد في كتب السادة الإباضية ما يلي: "تتوفر كتب التاريخ الإباضية على قدر هائل من المادة التي تعني( سوف) لسبب بسيط جدا هو أن هذا الإقليم كان لقرون عديدة موطنا إباضيا بدرجة مهمة، ملأ هذا المذهب أرجاءه كما ملأ كل الأقاليم المحيطة به... وذلك من أوائل القرن الثاني الهجري إلى القرن التاسع الذي انحسرت فيه الإباضية وتراجعت لتستقر في وادي ميزاب..ومن ثم فإن (سوف) لستة قرون تقريبا محسوبة على التاريخ الإباضي وهو المسئول عنها والمطالب بأخبارها.."

ويضيف الباحث: "سوف محوّلة من(أسوف)، فالمصادر الإباضية تصرّ على أنها(أسوف) وليست سوف، كما تذكر أريغ وليست ريغ..".

ويضيف الباحث متحدثا عن التواجد الإباضي في سوف، فيقول : "سوف تعرفت على الإباضية منذ القرن الأول الهجري عند تأسيس الدولة الرستمية، بل أن ثمة من القرائن المثبوتة في المصادر الإباضية ما قد يفهم معه أن سوف عرفت الإباضية قبل تأسيس هذه الدولة وأن المذهب الإباضي سبق الدولة الرستمية.."

أسماء بعض أعلام الإباضية السوافة

يجب أن يعلم الجيل الجديد بأن الإباضيين هم أجدادنا وآباؤنا، والدليل على ذلك هي هذه القائمة من الفقهاء السوافة الأقحاح ولم يكونوا لا مالكيين لا تجانيين ولا قادريين أو رحمانيين أو حنابلة بل كانوا إباضية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ومن هؤلاء نذكر:

ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)، وهو من فقهاء الإباضية وحملة علمهم وله فتاوى كثيرة ومؤلفات عديدة، وكان مسكنه في ورجلان.

ـ سارة اللواتية السوفية (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري 11م)، ومسكنها سوف، صالحة عابدة، كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.

ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي( القرن الخامس هجري)، من بني منصور بوادي سوف، تذكره المصادر الإباضية مقاتلا لحماد بن بلكين الزيري في حصاره لقصر وغلاتة.

ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني(أواخر القرن الخمس وبداية القرن السادس الهجريين)، وهو من زواغة بجربة..

وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...

ويذكر الباحث نصر الدين وهابي، أن المصادر الإباضية هي من تكلم على سوف بغزارة في الوقت الذي زهدت عن ذكرها المصادر الأخرى، والسبب في ذلك أنهم كانوا يعدونها محسوبة على مذهب خصم لهم، في حين أن المؤرخين من غير الإباضيين اشتغلوا في التأريخ لمذهب الشيعة تحت قيادة الفاطميين.

أسباب انحسار الاباضية عن سوف

يقول الباحث نصر الدين وهابي في محاضرته المذكورة ما يلي : " والذي خلصت إليه في بحثي عن أسباب إنحسار الإباضية في (سوف) هو إمكان الرجوع بها لسببين هما:

1ـ تحول إباضية سوف في غالبيتهم إلى مذهب النكارية( فرقة منشقة)، والنكارية لا تعني البقاء في المذهب الإباضي في صورة ثانية، إنما تعني الخروج منه والتوجه إلى مذهب السنة (حسب تعبير صاحب البحث)، لذا لم يبق اليوم غير إباضية وهبية(فرقة أخرى منشة أيضا عن المذهب الأم) أما النكار فذابوا مع الأيام في المذاهب الأخرى، وكان مذهب المالكية المرشح الأول للتغلغل في (سوف).

2ـ يعود هذا السبب إلى الصراع المرير بين زناتة الإباضية وقبائل بني هلال العربية التي ستمثلها على مسرح الأحداث في سوف، (طرود) و(عدوان)..

وانحسار المذهب الإباضي عن سوف، صحبته دعايات غالبا ما تحصل بين الأخوة الفرقاء، كتلك التهم التي ألصقت بالمذهب الإباضي فيما بعد من خلال وصفه بالخارجي او الرافضي.. والحقيقة أن المذهب الإباضي هو براء من كل ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ولكن الفرقاء كما قلنا لا يفتئون ينتحلون التهم ضد بعضهم بغرض الإساءة والانتقام. ومن المغالطات التي يرتكبها بعض الباحثين سامحهم الله إما عمدا أو سهوا أنهم لا يعدون المذهب الإباضي بالمذهب السني، وهذه هي مغالطة أخرى يبدو انه آن الأوان لتصحيحها.

 

----------------------------

المصدر:  جريدة الحوراء الأسبوعية

الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية

وكانت الدولة الرستمية دولة الإخوة الإسلامية الكاملة. ق فتحت ذراعها لكل الناس، ورحبت بكل الطوائف، وقصدتها الأجناس من كل أنحاء العالم. وكان فيها اليهود والنصارى، كما كان فيها العجم والعرب والسودانيون والأوروبيون من صقلية وايطاليا والأندلس والجزر الأخرى القريبة من المغرب. وكانوا يتوافدون عليها للتجارة أو للعمل أو للإقامة. كما قصدت الدولة الرستمية كل الطوائف الإسلامية من المشرق فاستوطنتها. وكان فيها الكوفيون والبصريون والمصريون، والخراسانيون وغيرهم. وكانوا جميعا يجدون من الدولة الرستمية الجمهورية العادلة كل اعزار واحترام، وكل عدل ومساواة. لا تفضل البربر أبناء الوطن الأصليين عليهم، ولا تعاملهم كغرباء. أنهم أما يكونوا مسلمين فهم في وطنهم، لان الإسلام قد جعل المسلمين إخوة، وإما أن يكونوا من الأديان الآخرة فهم أهل الذمة؛ على الدولة رعايتهم، وحمايتهم وتعليمهم، والأخذ بأيديهم إلى ما فيه صلاحهم ونجاحهم وسعادتهم.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 298-299

الاقتصاد في الماء

الاقتصاد في الماء

Icon 09هذه صورة مأخوذة من تربص تعليم الصلاة يظهر فيها المتربصين يتدربون على إسباغ الوضوء بالأباريق.

وجه من أوجوه حضارة مزاب هو الاقتصاد في الماء والعيش وفق آليات حفظ الماء تلك هي أهم مقومات حضارة مزاب التي عمّرت لقرون عديدة وأسهمت في ميلاد وتطور علوم وفنون عريقة في تقسيم المياه وازدهار بلاد الشبكة بالحياة والواحات الغنّاء.

 

 

 

 

 

المصدر : Slimane Hadj

 

التجارة 03

الحياة الاقتصادية العهد الثّالث 

كانت تتمّ في سوق البلدة، حيث يتبادل أهلها مع قوافل البدو منتوجاتهم. فكان الأوّلون يقدّمون المنسوجات التي صنعتها أيدي المزابيات و الفائض من محصول التّمور، مقابل الصّوف والسمن وغير ذلك من خيرات البادية. يظهر من هذا أنّ اقتصاد المنطقة كان يتعاون على حمله كلا الجنسين. فبينما يظلّ الرّجل في بستانه مكابدا لقساوة الطّبيعة وصادًّا لغارات البدو، كانت المرأة في منزلها تغزل وتنسج، علاوة على قيامها بشؤون البيت المعروفة.

كان الإنتاج السّنوي في مزاب من ملابس الصّوفية في القرن التّاسع عشر يقدّر بسبعين ألف قطعة، وكان آنذاك حوالي سبعة آلاف امرأة تشتغل في النّساجة بالبيت، وكان يدخل إلى مزاب سنويا ثلاثون ألف جزة صوف[1].

إنّ الوافدين من الإباضية على بلاد الشّبكة عبر القرون، اختاروا المنطقة لبعدها عن طرق القوافل التّجارية المعروفة آنذاك، حرصا منهم على اعتزال الحركات التّجارية وما تؤدّي إليه من الرّفاهية وجلب الطّامعين.

إلاّ أنّ القوافل التّجارية لم تلبث أن حوّلت مسالكها، فأصبح مزاب محطا لها، وهمزة وصل بين الشّمال و الجنوب وبين الشّرق والغرب. وممّا ساعد على ذلك أفل نجم سدارته، بخرابها عام 1274،ثمّ خراب تَمَنْطِيطْ عام 1492م.

في القرن الثّامن عشر الميلادي كانت القوافل المارّة على غرداية تحمل إلى الشّمال التّمور والملح والعاج و الذّهب والجنود والأقمشة وريش النّعم، وإلى الجنوب الحبوب والزّيت و السكّر و النّحاس ومنتوجات مصنوعة بالتّل وأوروبا.

ظلّت غرداية قرونا مرحلة في التّبادل بين التّل والسّودان، كما كانت مرحلة في التّبادل التّجاري بين قوراره وتوات غربا ومنطقة وارجلان شرقا.

بهذا نصل إلى القول بأنّ التّجارة ليست سبب إنشاء مدن وادي مزاب، لكنّها ساهمت في تنميتها اقتصاديا واجتماعيا.

يبدو أنّ تزايد السكّان وضعف مردود الفلاحة أجبرا بني مزاب على التّفكير في مواد أخرى للعيش، يضمنون بها بقاءهم في المنطقة، فأخذوا في الاغتراب إلى مدن التلّ قصد التّجارة. لم نعثر على تاريخ بداية هذا الاغتراب، إلاّ أنّ المؤرّخين يذكرون أنّه كان يوجد في مدينة الجزائر مزابيون في بداية القرن الرّابع عشر الميلادي .

إنّ الفلاحة لا تضمن للمزابي الذي يقتصر نشاطه عليها مستوى معيشيا مقبولا. مشكل الرّي وإنهاك التّربة يفرضان حدا للمساحة المزروعة ومدودها هذه الظّروف جعلت من الواحات بؤرا للاغتراب.

كان أهل غرداية يكثر ذهابهم إلى قسنطينة وسطيف وغليزان، وأهل بني يزقن إلى قسنطينة وقالمة وسوق اهراس والبليدة، وأهل العطف إلى الجزائر وقسنطينة، وأهل بونورة إلى الجزائر وتيارت، وأهل مليكة إلى الجزائر وباتنة وخنشلة و السور وبوغار، وأهل بريّان إلى الجزائر وقسنطينة، وأهل القرارة إلى العلمة وباتنة وخنشلة و البليدة، وكان بعض المزابيين يقصد تونس و ليبيا وحتّى الإسكندرية.

أكثر المغتربين إلى تونس من غرداية و القرارة وبني يزقن، يكثر عددهم بالعاصمة وفي جربة. أمّا في غيرهما فنجد مثلا في 1867م تسع عائلات مزابية في سوسة.

في الجزائر العاصمة أحصي عام 1838م،629مزابيا، ارتفع عددهم حتىّ بلغ عام 1846م،2233، في حين أن العدد الإجمالي للمزابيين المغتربين في تلك السنة بلغ3.036، بعد ذلك سقط عددهم في العاصمة حتىّ بلغ عام 1850، 861، ثم عاد إلى الارتفاع ليصل عام 1856، 1449مزابيا.

نجد في إحصاء نوفمبر 1852م أنّ عدد المزابيين في سكيكدة بجاية سبعة وخمسون، عددهم في سوق أهراس عشرة، وفي المدية 364.

وفي سنة 1858م، أحصي في الشرق الجزائري 351مزابيا، 153منهم بمدينة قسنطينة.

أهل العطف كانت تجارتهم في اللّحوم و البقول، وأهل غرداية وبني يزقن في الأقمشة والألبسة، وأهل بونورة في الفحم والخشب والزّيت، وأهل مليكة في الحبوب والتّمور والحمّامات. أمّا أهل برّيان والقرارة فتجارتهم كانت متنوّعة.

إنّ انتقال بني مزاب بين الجنوب والشّمال قصد التّجارة لم يكن شيئا مضمونا ميسورا. فقد كانت فقوافلهم تتعرّض في الطريق لغارات النّهب والسّلب من طرف قطاع الطّرق. لذلك فإنّك تجدهم لا يغامرون بالسّفر إلاّ في قافلات ذات حجم كبير، وكانوا يدفعون للبدو غرامات.

كانت قرى مزاب تدفع غرامات للأرباع ومخاليف الجرب وسعيد عتبه وغيرها لحماية قوافلهم الذّاهبة إلى التّل.

يقول الشّيخ حمو عيسى:«هذا الوضع من الفوضى والاضطراب و قلّة الأمن في الطّريق حمل المزابيين على عقد تحالف دفاعي وتعاوني مع بعض الأعراش من المخاليف والأرباع وأولاد نايل، لحماية القوافل والأموال من قطّاع الطّرق ومن النّهب والسّلب فيما بين الصّحراء والتّل»[2]

في 1050هـ/1640م، عقدت جماعة كبيرة من تجّار قصر البخاري والمدية والبليدة والجزائر سفر رفقة مع نحو ثلاثين من غير المزابيين، أكثرهم من الشعانبة، وفيهم بعض المخادمةوالمذابيح. وبعد نحو مرحلتين من ناحية الجلفة التقوا بجيش، فوجّه أمرا إلى المزابيين فقط بدفع ثلاثمائة ريال وأنواعا من السّلعة عيّنوها، فرفضوا ذلك، فأراد الجيش أن يهاجمهم،فانحازالشعانبة ومن معهم من المخادمة و المذابيح إلى المزابيين،فوقعت معركة انجلت بأحد عشر قتيلا، ففرّ الجيش وترك قتلاه، فدفنهم الغالبون.

إثر ذلك، عقد التجّار المزابيون في 1052هـ/1642م مؤتمرا بالجزائر بباب الواد وقرّروا فيه:

أوّلا-ضم المالكية بمزاب إلى مجموعة الإباضية التجّار بالجزائر في اجتماعاتهم.

ثانيا-الإذن لهم بدفن أمواتهم في مقبرة سيدي بَنُّورْ.

ثالثا-عقد رفقاتالسّفر معهم من مزاب إلى الجزائر،ومن الجزائر إلى مزاب.

رابعا- التّعاون من الطّرفين في جميع المهمّات، كإعانة كلّ ضعيف بما يمونه ويبلّغه إلى وطنه.

خامسا- التّحالف ضدّ كلّ عدو يحارب الجزائر ويهاجمها.

سادسا- التّعاون على كلّ ما يحتاج إليه مزاب ممّا يرتبط بالجزائر سياسيا أو اقتصاديا.

إنّ في مقبرة سيدي بنّوركثيرا من مالكية مزاب دفنوا فيها منذ ستين وألف هجري[3].

يوجد مخطوط بخط الشّيخ الحاج إبراهيم بن بيحمان، باسم ممثّلي جموع بني مزاب في مجلس عمّي سعيد، يشكون فيه من قبيلة أولاد صالح في جبال الشفة التي تتعرّض للقوافل الذاهب إلى الجزائر أو العائدة منها إلى مزاب[4].

ومن ذلك، الهجوم الذي تعرّضت له قافلة بني مزاب المتوجّهة إلى التّل في جوليت 1850م

قرب تَاجْمُوتْ. وقد توسّط الآغا جلول، آغا السوقر، فأرجع المغيرون لبني مزاب1150 كسوة وتسعة عشر بعيرا وبغلا واحدا وعشر بندقيات ومسدّسا وقارابيلة وسبع مظلات. وقد احتفظوا على 760كسوة وثلاث بندقيات وأربعين غرارة تمرا وثلاث عشرة مظلة ومائتي بوجو.

من جهة أخرى، فإنّ التجّار المزابيين وغيرهم كانوا يدفعون ضربة جمركية لبايلكالتيطري عند خروج قوافلهم من المدية، حدّدت بمحبوب واحد على حمولة كلّ بعير، ونصف سلطاني على حمولة كلّ بغل، وبوجو واحد على حمولة على كلّ حمار[5].

وقدّر عام 1867م المحبوب بـ4.05فرنك فرنسي ونصف سلطاني بـ2.75 فرنك والبوجوبـ 1.80فرنك.

صورة ناذرة جدا لقافلة تتجه نحو قصر تغردايت سنة 1891 من أرشيف ماوراء البحار بإيكس أون بروفانس بفرنسا

كانت منطقة مزاب ملتقى القوافل التجارية و همزة وصل بين التل و الصحراء الكبرى و بلاد السودان ( إفريقيا الغربية خاصة )، حيث لعب التجار المزابيون دورا مهما في تبادل السلع بين الشمال و الجنوب الكبير، إذ كانوا يقومون بجلب الحبوب والمنتجات الأوربية المتمثلة في الأقمشة القطنية و البقول و السكر و القهوة و الشموع و الصابون و الحديد و الفولاذ من التل و يحملون إلى الشمال السلع التي يأتون بها من الصحراء و بلاد السودان و المتمثلة في الملح و العاج و الذهب و الجلود و الأقمشة و ريش النعم و العبيد ، إضافة إلى منتجاتهم المحلية المتمثلة في المنسوجات الصوفية و مسحوق البارود و التمور التي يجلبون كميات كبيرة منها من منطقة توات و قورارة ووارجلان التي يملكون فيها أكثر من عشر مجموع نخيلها زيادة إلى ما كانت تجود واحاتهم من فائض في الانتاج ؛ وبفضل كثافة نشاطهم بين الشمال و الجنوب و امتداده إلى أقاليم تونس و المغرب وتمركزهم في جل مدن التل، استحوذوا على جل العمليات التجارية في منطقة الصحراء الكبرى لفترة طويلة و حوّلوا مزاب إلى أهم و أكبر سوق تجارية فيها، رغم الظروف الأمنية الصعبة وغارات قطاع الطرق على قوافلهم؛
والعديد من المصادر الفرنسية القديمة أكدت ذلك، فمثلا ورد في تقرير صادرعام 1884 عن رئيس المكتب العربي الفرعي بالجزائر ما يلي :(6)


« Au moment de notre conquête de l’Algérie, le M’zab avait à peu près le monopole du commerce du Soudan et du Sahara ; c’est là qu’arrivaient toutes les caravanes d’In Salah et la plupart de celles du Gourara et de Ghadamès »
« Le M’zab est le grand marché de tout l’extrême Sud, c’est là que vont s’échanger les produits du Tell et ceux de l’industrie européenne, contre les produit du Sahara »

 

 

 


[1]_A . COYNE : le M’Zab , 24 .

[2]_دور المزابيين، الجزء الأوّل، 58.

[3]_إبراهيم مطياز: تاريخ مزاب، 153.

[4]_إبراهيم طلاي: مزاب بلد كفاح، 45.

[5]_Revue Africaine n° 11 , 213 .

6 bakir bennacer

التطورات السياسة المحلية 04

التطورات السياسة المحلية للفترة الأخيرة من العهد الرابع

من 1366هـ/1947م إلى 1382هـ/1962م

يوم 20 سبتمبر 1947، صدر القانون الأساسي للجزائر الدي ينص. في مادته الخمسين، على إزالة الحكم العسكري عن أراضي الجنوب وضمّها للشّمال. إنّ هذا القانون وضع مزاب في محيط أكثر جزأرة من ذي قبل، مع المحافظة على مميّزاته الخاصّة.

ولمّا ظهرت مسألة الانتخاب للمجلس الجزائري انقسم حولها المزابيون إلى فريقين: فريق الإصلاح الذي يريد المشاركة فيه، معتقدا أنّ تلك المشاركة ستجرّ منافع كثيرة للوطن، وفريق المحافظين الذي يرى أنّها تؤدّي إلى القضاء على شخصية المزابيين، وعلى مميّزاتهم إذا ما أدمج مزاب في الجزائر. توجه وفد للمحافظين، يضمّ مفدي زكرياء، وبسخواض بكير، إلى فرنسا، للدفاع عن فكرة عدم تمثيل مزاب في المجلس الجزائري، واستمعت إليهما لجنة من الداخلية، يوم 25 فيفري 1948. نوقشت القضية في المجلس الوطني يوم 26 فيفري 1948. فشلت المحولة، وقرّر المجلس الوطني أنّه يعطى لمزاب مقعد واحد في المجلس الجزائري، وتوالت الاحتجاجات. ففي 13 نوفمبر 1947، أرسلت إلى رئيس المجلس الوطني الفرنسي، ووزير الداخلية الوالي العام، برقية رفض المشاركة في انتخابات المجلس الجزائري، تلتها عريضة يوم 24 منه، إلى الوالي العام، ووزير الداخلية، ومدير الشؤون الأهلية بالجزائر، وأخرى يوم 25 ديسمبر إلى الوالي العام.

وجرت الانتخابات يوم 4 أفريل 1948، وكان للمزابيين فيها ثلاثة مرشّحين: الشيخ بيوض مرشح حركة الإصلاح الإباضي، ومفدي زكرياء وطني في حزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وعيسى بن عمر باعلي مترشح حر. فاز الأول بـ52% من الأصوات، والثاني بين 46 و47%، والثالث بأقل من 2%. ودخل الشيخ بيوض المجلس الجزائري لمدة ست سنوات.

في 6 أفريل 1948، وكّل بنو مزاب السيّد عمر بن عيسى الحاج امحمّد، ليدافع عن حرمة المعاهدة المبرمة مع فرنسا عام 1853 والمؤيدة سنة 1884، ضدّ إدماج (الأمة المزابية) في الجزائر. وفي 24 جوان 1948، طلب وكلاء (الأمة المزابية): محمّد بن صالح الثميني، وعمر بن عيسى الحاج امحمّد، وإبراهيم بن بالحاج حجوط، من الوالي العام، إلغاء تمثيل مزاب من المجلس الجزائري.

بناء على قانون 20 سبتمبر 1947، فقد وقع إنهاء الإدارة العسكرية في مزاب عام 1950، واستبدل على رأس الملحقة ضابط القضايا الصحراوية بأَدْمِينِسْطْرَاتُورْ[1] مدني[2].

وفي نفس السنة، صوّت المجلس الجزائري لفائدة فصل متليلي عن بلدية غرداية وإبقائها في المنطقة الصحراوية، وضم باقي البلدية إلى عمالة الجزائر.

وعند التجديد الجزئي للمجلس يومي 4 و11 فيفري 1951، تنافس الشيخ بيوض مع بالولوباشاغا غرداية، ففاز الأول بـ3594 صوتا والثاني بـ2744 صوتا. عدد المسجلين عندئذ 9831، وعدد المصوتين 6429.

ووقع تجديد جماعات الضُمَّان في انتخابات 22 أفريل 1953، وأسفرت على النتائج التالية:

البلدة المسجلون المصوتون ضمان الإصلاح ضمان المحافظين ضمان المالكية
غرداية 3139 1614 13 6 3
القرارة 2260 937 7 2 5
بريان 1516 753 7 1 3
بني يزقن 1496 672 0 26 0
بونورة 416 167 2 4 0
مليكة 531 240 1 4 0
العطف 830 283 4 3 0
مزاب 10188 4666 34 46 11

فيما يلي تفصيل المسجلين في هذه الانتخابات:

البلدة الإباضيون المالكية المجموع
غرداية 2729 410 3139
القرارة 1663 597 2260
بريان 1107 409 1516
بني يزقن 1496 1496
مليكة 531 531
العطف 830 830
بونورة 416 416
مزاب 8772 1416 10188

المسجلون كلهم ذكور، فالمرأة لم تكن تشارك بعد في الانتخابات.

وابتداء من الأربعينات، وقع نقاش سياسي بين الإدارة الاستعمارية والمزابيين حول الاستيلاء على أراضي مزابية، مثل أراضي زلفانة، أين أنشأت الإدارة واحة ومجموعة سكنية للبدو المستقرين. وفي 6 أوت 1955، بعث وكيل (الأمة المزابية) عمر بن عيسى الحاج امحمّد احتجاجا إلى الوالي العام، ضدّ قراره بإلحاق أرض زلفانة والنومرات إلى أرض متليلي. واستمرّ الاحتجاج بعد ذلك. ففي 28 أفريل 1958، طلب المجلس البلدي لغرداية من وزير الصحراء دراسة معمقة لمطالب المزابيين باسترجاع منطقة زلفانة إلى بلدية غرداية.

ولأوّل مرّة دعت السلطات الاستعمارية المرأة في مزاب للتصويت في استفتاء 28 سبتمبر 1958، حول دستور الجمهورية الخامسة. وفي 20 منه، بعث الشّيخ يوسف بن بكير حمو أُو علي، والشيخ الحاج محمد بن باحمد بابا أُو موسى، والوكيل عمر بن عيسى الحاج امحمّد، احتجاجا إلى الحاكم العسكري بالأغواط ضدّ تصويت المرأة المزابية. ووقع الاستفتاء، وامتنعتالنساء عن التصويت بنسبة: 2% في بريان و26.5% في القرارة و8% في بونورة و75% في بني يزقن و1% في الضاية[3].

في 30 نوفمبر 1958، تمّ انتخاب الغول محمّد بن سليمان بودي، المولود عام 1920 ببريان، التاجر بغرداية، أحد النواب الثلاثة لعمالة الواحات، في المجلس الوطني الفرنسي، يخلفه قائد غرداية، عيسى بن يحي بَالُولُّو.

وصدر قرارا وزاري يوم 20 ديسمبر 1958 يلغي البلدية الأهلية لغرداية ويجزّئها إلى سبع بلديات، فأصبحت جماعة رؤساء العشائر (الضمان) تلعب دور المجلس البلدي، وصارت كلّ عشيرة دائرة انتخابية. فكان مجموع النواب في البلديات السبع 111: منهم أربعة وأربعون إباضية محافظون، ومثلهم إباضية مصلحون، وعشرون مالكية، ويهودي واحد، وأوروبيان[4].

وهذه تشكيلة العشائر آنذاك في المدن السبع:

         في غرداية: عدد العشائر الإباضية 20 والمالكية 7.

في بني يزقن: عدد العشائر الإباضية 26 والمالكية 0.

في مليكة: عدد العشائر الإباضية 5 والمالكية 3.

في العطف: عدد العشائر الإباضية 7 والمالكية 1.

في بونورة: عدد العشائر الإباضية 7 والمالكية 1.

في القرارة: عدد العشائر الإباضية 14 والمالكية 4.

في بريان: عدد العشائر الإباضية 9 والمالكية 4.

تمّت الانتخابات البلدية يوم 8 مارس 1959، رغم العريضة التي قدّمت إلى وزير الصحراء جَاكْ سُوسْتِيلْ[5] في فيفري 1959، والحاملة لمائتي إمضاء، وقد زار سوستيل مزاب في جانفي من نفس السنة.

أسفرت هذه الانتخابات التي شاركت فيها النساء، على انتخابات سليمان ابن باحمد أولاد حاجو، وباسعيد أبي إسماعيل، وعلي بن عمر الناصر، والقائد محمّد بن صالح يحي، والقائد عمر بن سليمان بودي، وباعمور بن صالح باعمارة، وبابا بن حمودهحموده، على الترتيب، رئيسا لبلديات العطف، بونورة، غرداية، بني يزقن، بريان، مليكة، القرارة.


[1]- .ADMINISTRATEUR

[2]- .65, Développement Politique en Algérie:MERGHOUB.B

[3]- .78,IBID

[4]- .82,IBID

[5]- .Jacques SOUSTELLE

التعاون والتطوع الجماعي المتبادل

التعاون والتطوع الجماعي المتبادل(01)

Icon 09

" ..كان من أهم ما يتصدر طلب العيش في تلك الأراضي الجرداء الاشتغال بالزراعة "يقصد بلاد الشبكة ذات الطبيعة الصخرية القاحلة"، فشمروا عن ساق الجد والعمل الدؤوب، وكان الوطن قاحلا يعتمد على ما يفتح الله من أمطار تسيل بها الأودية والشعاب وهي قليلة، فكان لزاما أن يعمدوا لحفر الآبار لسقي ما يزرعون أو يغرسون....

..وكان عملهم في عمارة تلك الأراضي مبنيا على التعاون، وهو التطوع الجماعي المتبادل حسبما رواه بعض كبار الشيوخ من أنه يقع النداء في المسجد: " إن فلان عازم على حفر البئر في المكان الفلاني، فمن كان راغبا فليتفضل، فما على صاحب البئر إلا أن يهيئ ما تيسر من طعام، فيتم في ظرف من الزمن غير طويل في تعاون وحماس، فهذا يحفر وذاك ينقل الحجارة وهذا يبني إلى أن يتم.

كما أنهم عند الحرث والسقي الأول متعاونون، وذلك أن الفلاحين المتجاورين أو الأصدقاء بعد أن يحرث أحدهم أرضه بمحراث تجره دابة من جمل أو حمار أو بغل، يتبادلون التعاون في تسوية الفدادين والسقي الأول (إِسْبِ اَنْيَجْدِي) يوما عند هذا ويوما عند الآخر..."

 

 ----------------------------------------

(01) بحوث ومحاضرات في الدين والحياة- الاقتصاد في وادي ميزاب- للشهيد بالحاج بن عدون قشار. ص 239

المصدر nir-osra.org

التقويم الأـمازيغي عبر التاريخ


احتفلت الشعوب الأمازيغية منذ مئات السنين أو ربما منذ آلاف السنين بالسنة الجديدة في بداية شهر يناير وغالبا في 13 من يناير
.

ولأن الأمازيغ في الشمال الخصب الأخضر المطير كان شعبا فلاحيا مستقرا عكس الأمازيغ الرحل في الصحراء الأمازيغية الكبرى، فقد ارتبطت السنة الأمازيغية الجديدة في الشمال بالفلاحة. وأصبح بعض الباحثين والملاحظين ينعتونها (عن حسن نية) بـ"السنة الفلاحية"، وكأن التقويمات الأخرى في بقية بلدان العالم ليست بتقويمات فلاحية أو دينية.

الحقيقة هي أن كل تقويم واحتفال بالسنة الجديدة لدى أي شعب من شعوب العالم يكون دائما مرتبطا بنشاط اقتصادي معيشي أو بأسطورة دينية أو شعبية أو بطقوس دينية معينة. لا وجود لتقويم فقط من أجل التقويم أو سنة فقط من أجل تدوين السنة. هناك دائما سبب اقتصادي أو ديني أو سياسي أو اجتماعي لإقرار تقويم معين أو سنة معينة من طرف دولة أو مملكة أو إمارة أو جمهورية أو قبيلة أو كنيسة أو غير ذلك. إذن كل تقاويم ويوميات وروزنامات العالم إما هي دينية أو اقتصادية فلاحية أو تجارية أو سياسية أو اجتماعية.

العدد 2967 في السنة الأمازيغية (الموافق لعام 2017) هو عدد رمزي لا يجب أن نحمله أكثر مما يحتمل. والشيء المهم هو أن السنة الأمازيغية حقيقة تاريخية احتفل بها الشعب الأمازيغي ضمن نظامه الإقتصادي الفلاحي في أرضه التاريخية، شمال أفريقيا، منذ أزمان قديمة وبشكل مستمر. أما عدد سنوات التقويم الأمازيغي فهو يرمز إلى تاريخ معين يحدده البعض وينتشر بالتعود وقد لا يعجب الكثيرين، ولكنه لا ينقص من عراقة السنة الأمازيغية شيئا. ومن المؤكد أن تاريخ الوجود الأمازيغي في تامازغا أقدم أضعافا مضاعفة من 2967 عاما، مثلما أن تاريخ وجود الأوروبيين في أوروبا أقدم بكثير من 2017 عاما.

وربما سيظهر في المستقبل من يقترح جعل معلمة تاريخية أو أركيولوجية أمازيغية أقدم - كنقطة بداية لحساب تعداد السنوات الأمازيغية بدلا عن تاريخ وصول Cicenq Amezwaru (شيشنق الأول) إلى حكم بلاد القبط في حوالي عام 950 قبل الميلاد. وفي جميع الأحوال يبقى 13 يناير عيدا ثابتا من الناحية التاريخية لثبوت احتفال الشعب الأمازيغي به منذ القديم واستمرار ذلك إلى اليوم.

وقد حدثت العديد من حالات التغيير والتعديل البعدي اللاحق للتقاويم وتاريخ بدء تعداد السنوات. فرجال الدين اليهود مثلا قرروا أن تقويمهم اليهودي (والعام اليهودي الأول) سيبدأ بعام واحد قبل تاريخ خلق العالم (حسب عقيدتهم)، رغم أنه قبل 5000 عام مثلا لم يكن هناك دين يهودي أصلا. فالسنة اليهودية الحالية 5774 أقدم من الديانة اليهودية نفسها والشعب اليهودي نفسه. ورغم ذلك فقد أصبح هذا التعداد اليهودي للسنوات شيئا طبيعيا جاريا به العمل لدى اليهود في العالم دون أي مشكل، لأن عدد السنين رمزي أولا وأخيرا. ويؤمن الكثير من اليهود المتدينين أن عمر الكون يبلغ 5775 عاما فقط.

المثال الآخر هو من إيران. حيث قرر الإيرانيون عام 1925 ميلادي الإنتقال رسميا إلى تطبيق التقويم الشمسي الهجري عوض التقويم القمري الهجري لتفادي المشاكل التي يطرحها التقويم القمري. وقاموا بإحياء أسماء الشهور الفارسية القديمة. وهذا التقويم الشمسي الهجري هو التقويم الرسمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية لحد الآن، وبأسماء الشهور الفارسية القديمة السابقة للإسلام. وتتبنى أفغانستان نفس التقويم الشمسي الهجري بشكل رسمي. وهكذا فالسنة في إيران وأفغانستان هي الآن 1392 هجري شمسي، مقابل 1435 هجري قمري في بقية البلدان المسلمة.

ولعل أشهر تعديل لتقويم رسمي هو التعديل الغريغوري على التقويم الجولياني القديم للسنة الميلادية. وحدث هذا التعديل عام 1582 ميلادي جولياني لتصحيح اختلالات السنة البسيطة والسنة الكبيسة وبقية الأخطاء الناجمة عنها ولتصحيح تاريخ الأعياد المسيحية. ومن المعلوم أن أصل التقويم الميلادي الجولياني (نسبة إلى Julius Caesar)بدأ مع الإمبراطورية الرومانية عام 46 ق.م (أي قبل ظهور المسيحية) وكان تقويما رومانيا صرفا بخلفيات وثنية.

1)التقويم الأمازيغي هل هو أصيل أم دخيل؟

يعمد البعض ممن يضايقهم التقويم الأمازيغي أو السنة الأمازيغية إلى اعتبار التأثير الروماني الأوروبي في التقويم الشمسي الأمازيغي الشمالي (أسماء الشهور الرومانية الممزغة وترتيبها...) نقطة نقص في التقويم الأمازيغي. ويعتبرونه "دليلا" على تبعية التقويم الأمازيغي للتقاويم الأجنبية. وهم ينسون أن جزءا كبيرا من شعوب العالم أخذت أسماء الشهور الشمسية من اللغات الأوروبية حديثا. والعربية نفسها تستخدم أسماء الشهور الشمسية الأوروبية (يناير، فبراير...) أو أسماء الشهور الشمسية السريانية (كانون، شباط، تموز...). وأصبحت الشهور الأوروبية هي الأكثر شيوعا على المستوى العالمي اليوم. ويرى معظم المتخصصين في هذا المجال أن أيام الأسبوع السبعة عادة اخترعها البابليون – السومريون وأخذتها عنهم الحضارات الأخرى. واليوم أيضا أصبح العالم أجمع يتبع هذا النظام الأسبوعي.

ومن المعلوم أن الأمازيغ عبر شمال أفريقيا كانت لديهم أسماء شهورهم الخاصة بهم قبل العصر الروماني والمسيحي والإسلامي، وكانت منتشرة على نطاق واسع عبر العالم الأمازيغي إلى حد أن المؤرخين الأمازيغ في القرون الوسطى (أو العصر الوسيط الإسلامي) تمكنوا من تدوينها وإيصالها إلينا.

كما أن كل أنظمة التقويم في العالم متأثرة ببعضها البعض. فالتقويم الروماني نفسه كان في الأول تقويما قمريا متأثرا بالتقاويم الإغريقية القمرية الأقدم، وكان في البدء يتكون من 10 شهور فقط بدون يناير ولا فبراير. والتقويم اليهودي متأثر بشكل مباشر بالتقويم البابلي الأقدم منه. وأسماء الشهور اليهودية والسريانية (شباط، آذار، نيسان، ايار، تموز، آب، أيلول، تشرين...) هي تقريبا نسخة حرفية من الشهور البابلية / السومرية (من العراق القديم) وليست يهودية ولا عبرية ولا عربية.

ومن المعلوم أن العديد من الشهور البابلية (تموز، آب، أيار،...) المستخدمة في الشرق الأوسط حاليا والأوروبية (يناير، مارس...) هي في الحقيقة أسماء لآلهة بابلية سومرية ورومانية قديمة أو مشتقة منها أو مرتبطة بها بشكل طقوسي أو ديني أو ثقافي. فشهر يناير جاء من اسم الإله الروماني Janus، ومارس جاء من اسم الإله الروماني Mars، وأبريل جاء من اسم الإلهة الإغريقية Aphrodite، وماي جاء من اسم الإلهة الإيطالية Maia.ويونيو جاء من اسم الإلهة الرومانية Juno.أما يوليوز فقد جاء من اسم الإمبراطور الروماني Julius Caesar.والشهر البابلي تموز جاء من اسم الإله البابلي Tammuzأو Dumuzi.وشهر ايار مرتبط باسم الإله Eaالبابلي...إلخ.

2)التقاويم عبر العالم:

-التقاويم البابلية / السومرية: من أقدم التقاويم في العالم وتطورت لأسباب دينية وفلاحية. بعضها قمري فقط وبعضها قمري شمسي مختلط. وكلها منقرضة الإستخدام ولكن توجد دلائل أركيولوجية على استخدامها من طرف البابليين والسومريين والسريان والآشوريين القدامى.

-السنة البابلية السومرية السريانية الآشورية القديمة: دينية، قمرية، ثم شمسية. تبدأ من 4750 ق.م الذي هو التاريخ التقريبي لبدء الحضارة الإنسانية الحديثة في بلاد الرافدين. ونحن الآن في السنة البابلية السومرية السريانية الآشورية رقم 6767. وتبتدئ سنويا في 1 أبريل. ويحتفل بها جزء من السريان والآشوريين حاليا.

-السنة الميلادية الغريغورية الأوروبية السائدة في العالم: رومانية وثنية في الأصل ثم أصبحت مسيحية، شمسية. حاليا هي: 2017.

-السنة الإثيوبية المسيحية: دينية، شمسية. السنة الحالية هي: 2009.

-السنة القبطية المسيحية: شمسية. السنة الحالية: 1733. ويحتفل بها المصريون المسيحيون حاليا.

-السنة الهجرية القمرية الإسلامية: حاليا هي 1438.

-السنة الهجرية الشمسية الإسلامية: التقويم الرسمي لإيران وأفغانستان. حاليا هي: 1395.

-السنة اليهودية: دينية. قمرية شمسية. حاليا هي 5777.

-السنة الصينية: قمرية أو قمرية شمسية. لا ترقم السنوات الصينية بل تعطى لها أسماء.

-السنة الأمازيغية الشمسية الشمالية: فلاحية تاريخيا، وربما كانت ذات طابع ديني ما مرتبط بالأديان الأمازيغية القديمة. أصبحت ذات طابع سياسي وهوياتي قوي مؤخرا. حاليا نحن في السنة الأمازيغية 2967. وحسابها مبني على أن أقدم شخصية أمازيغية معروفة في كتب التاريخ هي شخصية Cicenq Amezwaru (شيشنق الأول)، أو بالإنجليزية: Shoshenq I، الذي هو من أصل أمازيغي ليبي، والذي وصل إلى عرش المملكة القبطية حوالي عام 950 قبل الميلاد، وأسس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين.

-السنة الكردية: تاريخية، سياسية، شمسية (قديما كانت شمسية – قمرية). حاليا نحن في السنة الكردية 2629. وهي مبنية على تاريخ قيام مملكة الميديين المستقلة في بلاد كردستان وجزء من إيران وتركيا وسوريا. والميديون هم شعب قديم يعتبر جزءا من أجداد الأكراد والإيرانيين الحاليين.

3)الشهور الشمسية الأمازيغية ذات الأصل الروماني أو الأوروبي:

Yennayer أو Yanyur (يناير)

Yebrayer أو Sinyur (فبراير / يبراير)

Mares أو Meɣres أو Krayur (مارس)

Yebrir أو Kuzyur (أبريل)

May أو Semyur (ماي)

Yunyu أو Sedyur (يونيو)

Yulyuz أو Sayur أو izeɣ (يوليوز)

Ɣuct (غوشت) أو Tamyur (غشت)

Cutembir أو Tzayur (شتنبر / شتمبر)

Ktuber أو Mrayur (أكتوبر)

Nwanbir أو Yemrayur (نونبر)

Dujembir أو Duǧember أو Meggyur (دجنبر / دجمبر)

4)الشهور القمرية الأمازيغية الإسلامية الطوارقية:

يستخدم الطوارق في جنوب الجزائر ومالي والنيجر أسماءا أمازيغية للشهور الإسلامية العربية. وبعض الشهور القمرية الطوارقية الإسلامية المستخدمة ظهر في اللغة الأمازيغية الطوارقية مع انتشار الإسلام بينما يرجع أصل بعض الشهور الأخرى إلى التقويم الأمازيغي الطوارقي السابق للإسلام. ويجب الإنتباه إلى أن أسماء الشهور القمرية الأمازيغية الطوارقية الإسلامية ليست ترجمات لمعاني أسماء الشهور العربية الإسلامية، وإنما هي أسماء ذات معاني أخرى ولكن تستخدم كمقابلات أو معادلات للشهور الإسلامية.

Tamessdeq (تامسّدق) أو Tin Dufan : يقابل "محرم" العربي الإسلامي

Tallit Seṭṭeft (تالّيت سطّفت) : يقابل "صَفَر" العربي الإسلامي

Tallit Erɣet (تالّيت ارغت) : ربيع الأول

Awhim Wa Yezzaren : ربيع الثاني

Awhim Wa Yelkamen : جمادى الأولى

Sarat (سارات): جمادى الثانية

Tinamɣarin (تينامغارين) : رجب

Amezzihel (أمزّيهل): شعبان

Tin Oẓom (تين وژوم): رمضان

Tissi (تيسّي): شوال

Tan Ger Madden (تان گر مادّن): ذو القعدة

Tafaski : ذو الحجة

5)الشهور الأمازيغية القديمة ما قبل الإسلام وما قبل الرومان:

تنبيه: طريقة كتابة أسماء هذه الشهور الأمازيغية القديمة هي وفق طريقة النطق الأمازيغي القديم الذي كان سائدا في شمال أفريقيا والذي كان أقرب إلى النطق الطوارقي الحالي، حسب ما تشير إليه الدراسات.

الشهر 1 : Tayyuret Tezwaret (المعنى: القمر الأول)

الشهر 2 : Tayyuret Teggʷerat (المعنى: القمر الأخير)

الشهر 3 : Yardut

الشهر 4 : Sinwa

الشهر 5 : Tasra Tezwaret (المعنى: القطيع الأول)

الشهر 6 : Tasra Teggʷerat (المعنى: القطيع الأخير)

الشهر 7 : Awdayeɣet Yezwaren (المعنى: الظبي الأول)

الشهر 8 : Awdayeɣet Yeggʷeran (المعنى: الظبي الأخير)

الشهر 9 : Awzimet Yezwaren (المعنى: الغزالة الأولى)

الشهر 10 : Awzimet Yeggʷeran (المعنى: الغزالة الأخيرة)

الشهر 11 : Aysi

الشهر 12 : Nim

6) الفصول الأمازيغية:

Tafsut : الربيع

Anebdu أو Awilan : الصيف

Amwan : الخريف

Tagrest أو Tajrest : الشتاء

7) مصطلحات أمازيغية لضبط التقويم:

القمر: Ayur أو Ayyur أو Agur

الشمس: Tafuyt أو Tafukt أو Tafuct (ثافوشث)

السنة الكبيسة: Aseggʷas amanaẓ

السنة الصغيرة: Aseggʷas ameẓẓyan

السنة الشمسية: Aseggʷas n tfuyt

السنة القمرية: Aseggʷas n wayur

ظهور الهلال: Talalit n wayur (ولادة القمر)

البدر: Taziri

الليالي الثلاث الأواخر من الشهر القمري: inektiben

اليوم الـ31 من يناير: Amerḍil (أمرضيل)

خسوف القمر: Anobeẓ n wayur

كسوف الشمس: Anobeẓ n tfuyt

المراجع:

8) المراجع الأكاديمية:

- أسماء الشهور في أمازيغية القرون الوسطى Names of the months in medieval Berber ، من كتابة الباحث: Nico van den Boogert ضمن كتاب: Articles de linguistique berbère ، من إعداد الباحث: Kamal Naït-Zerrad. منشورات: L'Harmattan. فرنسا. 2002.

- القاموس الطوارقي الألماني اللغوي والثقافي Wörterbuch zur Sprache und Kultur der Twareg. تأليف: Hans Ritter. منشورات: Harrassowitz Verlag. ميونيخ، ألمانيا. 2009.

- القاموس الطوارقي الفرنسي Dictionnaire touareg français. تأليف: Karl G. Prasse. منشورات جامعة كوبنهاغن، الدانمارك. 2003.

- المعجم العربي الأمازيغي، 3 مجلدات، تأليف: محمد شفيق، أكاديمية المملكة المغربية. الرباط. 1990، 1993، 2000.

- The Mul.Apin tablets ألواح "مول ابين" الطينية المسمارية البابلية. web.archive.org

- Calendars in Antiquity التقاويم في العالم القديم. Sacha Stern. منشورات Oxford. بريطانيا. 2012.

- Essai sur les origines des Touaregs محاولة للبحث حول أصول الطوارق. تأليف: Jacques Hureiki. منشورات: Karthala. فرنسا. 2003.

- Études berbères et chamito-sémitiques: mélanges offerts à Karl-G. Prasse

دراسات أمازيغية وأفروآسيوية. إعداد: Salem Chaker. منشورات: Peeters Publishers. بلجيكا. 2000.

 

المصدر

الجانب الفكري عند الإباضية

صالح بن أحمد البو سعيدي

Icon 09

المقدمة :

إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟.

والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في الوقت ذاته، لا يطغى جانب من تلك الجوانب على آخر بل كلها وبمجموعها تشكل منظومة واحدة نطلق عليها اسم (المذهب الإباضي).

فعلى عكس الكثير من المذاهب والفرق الإسلامية الأخرى التي يطغى على بعضها الجانب الفقهي وعلى بعضها الجانب العقدي وعلى بعضها الجانب السياسي نجد أن المذهب الإباضي قد استطاع وبعبقرية فذة أن يوفق بين تلك الجوانب وأن يستوعبها كلها وأن يكون له موفقه المتميز فيها جميعا وبصمته الواضحة عليها كلها.

فإذا أتينا الى الجانب السياسي سنجد أن المذهب الإباضي حركة سياسية قائمة بذاتها لها أطروحاتها التي لا يستطيع المطلع إلا أن ينحني أمامها إعجاباً وإكباراً.

وإذا أتينا إلى الجانب العقدي سنجد أيضاً أن المذهب الإباضي له أحكامه العقدية القائمة على ركائز راسخة وأدلة قوية.

وإذا انتقلنا إلى الجانب الفقهي سنجد ثروة هائلة من الإسهام الفقهي في كل أبواب الفقه من العبادات والمعاملات وفقه الجنايات والأحوال الشخصية.

والشيء نفسه نجده في علم أصول الفقه، فللمذهب الإباضي آراؤه وتحقيقاته في هذا العلم، ومؤلفاته التي أوسعت هذا العلم تحقيقا ودراسة.

إن كل ذلك هو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (الفكر الإباضي).

الوسطية والاعتدال في الفكر الإباضي:

لعل أهم ميزة يمتاز بها الفكر الإباضي هي الوسطية والاعتدال في الطرح بين الإفراط والتفريط، وهذه الميزة يمكن أن تلمحها بسهولة في كل زاوية من زوايا المذهب الإباضي سواء في العقيدة أم الفقه أم الفكر السياسي ام غير ذلك، وهذا ليس شيئاً متكلفاً في الفكر الإباضي لأنه مأخوذ من نهج الإسلام نفسه "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"

والأمثلة على هذه الوسطية في الفكر الإباضي كثيرة يمكننا أن نذكر منها:

1-الوسطية بين الاستدلال بالنقل والاستدلال بالعقل: ففي حين يميل بعض الفرق في الاستدلال إلى الجانب النقلي واستبعاد العقل إلى حد كبير كما نجد ذلك عند المحدثين، تفرط فرق أخرى بالتعويل على الاستدلال العقلي إلى الحد الذي ذهبت إلى تحكيم العقل على الشرع كما نجد ذلك عند المعتزلة، غير أننا نجد الإباضية يمزجون بقدرة عجيبة في الاستدلال بين الأدلة النقلية والأدلة العقلية دون تغليب جانب على آخر.

2-الوسطية بين مدرسة الحديث ومدرسة الرأي: وهذا وإن كان قريباً من المثال الأول إلا أنه أقرب إلى الفقه بينما الأول أقرب إلى العقيدة، فالإباضية يقفون وسطاً بين مدرستي الحديث والرأي، ففي استدلالهم بالأحاديث لا يركنون إلى التمسك بالفهم الحرفي لمضمون الحديث كما هو شأن الظاهرية، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحاولون رد الحديث لمجرد أنهم لم يستطيعوا فهمه أو لأنه يتعارض مع قاعدة عامة، وإنما يحاولون قبول الحديث والعمل به ما وجدوا لذلك سبيلاً.

3-في الفكر السياسي فإنهم لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر مهما كانت الأحوال كما هو رأي الخوارج، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحرمون الخروج عليه حتى مع القدرة وإمكان تغييره كم هو رأي بعض الفرق، وإنما يرى الإباضية أن الخروج على الإمام الجائر جائز بصورة عامة، وهذا الجواز يميل إلى التحريم عند خوف الفتنة وتغليب احتمال الفشل في تغيير الوضع القائم، ويميل إلى الوجوب متى ما كان احتمال النجاح أقوى، لأن القيام بالعدل من أسس الشريعة الإسلامية.

4-في مصطلح الحديث فإن الإباضية لا يقولون بأن الحديث الآحادي لا يجوز الاحتجاج به مطلقاً كما هو رأي بعض الفرق الإسلامية، ولكنهم في الوقت ذاته لا يقولون إنه حجة في الأمور الاعتقادية، وإنما يذهبون إلى أن حديث الآحاد يوجب العمل ولا يفيد العلم‘ فهو حجة في الأمور العملية وليس حجة بذاته في المسائل الاعتقادية، وهذا هو مذهب المحققين من الأصوليين والمحدثين.

موقف الإباضية مع مخالفيهم :

القسم الأول:

ينقسم الناس في الفكر الإباضي إلى قسمين أساسيين: مسلمين وغير مسلمين، أما غير المسلمين فهم كل من لم يرض بالله رباً أو بمحمد رسولاً أو بالإسلام ديناً وهي الجمل الثلاث التي يشترطها الإباضية للخروج من الشرك إلى الإيمان (شهادة أن لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله وأن ما جاء به محمد هو الحق من عند الله) فلا ينتقل غير المسلم إلى أن يكون قي جملة المسلمين إلا بإيمانه وإذعانه لتلك الجمل الثلاث.

ويدخل في جملة غير المسلمين المشركون عبدة الأصنام والأوثان والملحدون وأهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمجوس.

ويطلق الإباضية على غير المسلمين أسماء: المشركون والكافرون والكفار، وبطريق الأولى هم مستحقون لأوصاف: الفساق والمنافقون والظالمون، وعند اقتران اسم المشركون وأهل الكتاب فالمراد بأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وبالمشركين غيرهم من عبدة الأصنام والأوثان، وهو إطلاق اصطلاحي لاختلاف اليهود والنصارى عن غيرهم في بعض الأحكام الدنيوية الواردة في القرآن الكريم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.

القسم الثاني:

أما المسلمون في الفكر الإباضي فهم كل من رضي بالله تعالى رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً وأذعن للجمل الثلاث التي أشرنا إليها سابقاً والتي لا يكون الإنسان مسلماً إلا بالإيمان بها.

وإذا كان الإنسان قد نشأ في بيئة مسلمة أو ولد لأبوين مسلمين فإنه لا يطالب بالنطق بتلك الجمل بل يحكم عليه بأنه مسلم ويعامل معاملة المسلمين ما لم يبدر منه خلاف ذلك، أما إذا لم ينشأ في بيئة مسلمة أو لم يكن أبواه مسلمين فأنه لا يكون مسلماً في نظر المسلمين إلا إذا نطق بتلك الجمل، وكذلك إذا ارتد عن الإسلام وثبت عليه ذلك فإنه لا يرجع إلى بيت الإسلام إلا بمعاودة نطقه بتلك الجمل.

ويطلق الإباضية على المسلمين أسماء: المسلمين والمؤمنين وأهل التوحيد وأهل القبلة، وهي أسماء يدخل فيها كل المسلمين باختلاف مذاهبهم وآرائهم ومدارسهم العقدية والفقهية.

فإذا كان الإنسان مسلماً فإن له جميع حقوق المسلمين من حرمة دمه وماله وعرضه ودفع الزكاة له ووجوب القصاص له أو دفع الدية كاملة في حالة الاعتداء على حياته وجواز تزويجه وتزوجه والصلاة خلفه وعليه ودفنه في مقابر المسلمين إلى غير ذلك من الحقوق، ولا يفرق الإباضية اطلاقاً بين إباضي وغيره في هذه الحقوق.

وإذا حدث واعتقد غير المسلم شيئاً من العقائد المخالفة لما يعتقد الإباضية صوابه فإن الإباضية يرون أن واجبهم ومن حقوقه كمسلم إيضاح العقيدة الصحيحة له ودفع الشبه التي جعلته يعتقد غير الحق، ولكن ذلك لا يخرجه من جملة المسلمين ولا ينقصه شيئاً من حقوقه كمسلم فإن القاعدة التي يتمسك بها الإباضية أن من دخل الإسلام بيقين فلا يخرج من الإسلام إلا بيقين مثله، فما دام هذا المخالف له دليله الذي يستند عليه ولو كان أوهى من خيط العنكبوت فإن ذلك كاف في أن يبقيه في جملة المسلمين.

وفي ذلك يقول الإمام السالمي:

ونحن لا نطالب العبادا *** فوق شهادتيهم اعتقادا

فمن أتى بالجملتين قلنا *** إخواننا وبالحقوق قمنا

إلا إذا ما نقضوا المقالا *** واعتقدوا في دينهم ضلالا

قمنا نبين الصواب لهم *** ونحسبن ذاك من حقهم

فما رأيته من التحرير *** في كتب التوحيد والتقرير

رد مسائل وحل شبه *** جاء بها من ضل للمنتبه

قمنا نردها ونبدي الحقا *** بجهدنا كي لا يضل الخلقا

لو سكتوا عنا سكتنا عنهم *** ونكتفي منهم بأن يسلموا .

القسم الثالث:

ويطلق الإباضية على المخالفين لهم من المسلمين اسم: المخالفين ويقابلها الموافقون، أو القوم ويقابلها الأصحاب فيكثر في كتب الفقه: ذهب قومنا الى........ وذهب أصحابنا إلى.......، وقد يطلقون عليهم اسم مبتدع أو كافر كفر نعمة، وهذا الاسم الأخير يطلقه الإباضية أيضاً على الإباضي المرتكب للكبيرة، وهو لا يعني الشرك وإنما هو مجرد اصطلاح ويقابله عند غير الإباضية اصطلاح (كفر دون كفر).

ولا يخرج الإباضية مخالفيهم من الإسلام ولا يسقطون شيئاً من حقوقهم كحرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم فلا يستحلون قتالهم أو غنيمة أموالهم أو سبي ذراريهم ولا يحرمون تزويجهم والتزوج منهم ويبيحون إعطاء الزكاة لهم ولهم حقوقهم كاملة في الميراث والقصاص والديات، ولهم حق الصلاة لهم ودفنهم في مقابر المسلمين.

ولم يحدث قط أن حكم عالم من علماء الإباضية على أحد من المخالفين بالشرك والخروج من الإسلام إلا ما حدث من الإمام هارون بن اليمان من علماء إباضية حضرموت في القرن الثالث الهجري فإنه ألف رسالة حكم فيها على المشبهة والمجسمة بالشرك، وحجته في ذلك أن الله تعالى لا يوصف بصفات البشر من لزوم الأعضاء له، فإذا جاء من يصف الله تعالى بأن له أعضاء حسية كاليد أو الرجل أو العين أو الوجه فهذا يعني أنه يعبد إلهاً غير الذي نعبده إذ إن الله عز وجل الذي نعبده لا يتصف بتلك الصفات، وما دام الأمر كذلك فهو إذن ليس بمسلم.

غير أن الإمام محبوب بن الرحيل وكان إمام الإباضية في ذلك الوقت رد على الإمام هارون بن اليمان برسالة أرسلها إلى حضرموت وأخرى إلى عمان فند فيهما ما ذهب إليه الإمام هارون، وقال ما ملخصه أن المجسمة والمشبهة يعبدون الله تعالى الذي نعبده ولكنهم يصفونه بصفات لا تليق به من الصورة والأعضاء معتمدين على فهمهم الظاهر لآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يخرجهم من جملة المسلمين بل هم باقون على وصف الإسلام.

ومنذ ذلك الحين لم يتغير موقف الإباضية من مخالفيهم وأن ما يعتقدونه لا يخرجهم من الإسلام، بل هم مسلمون باقون على إسلامهم ولهم جميع حقوق المسلمين ما دام لهم دليل يستندون إليه.

الفكر السياسي عند الاباضية:

القسم الأول:

يمتاز الفكر السياسي عند الإباضية عن غيره من أنواع الفكر لدى المذاهب الإسلامية بميزتين مهمتين هما: وضوح الهدف ووضوح الطريقة للوصول إليه.

فغاية الإباضية من أي تحرك سياسي قاموا به كان على الدوام واضحاً لديهم تمام الوضوح، ويتلخص هذا الهدف في أقصى طموحاته في إقامة دولة إسلامية تحكم العالم بأسره وفق شرع الله تعالى، بحيث يكون كل من في الأرض منقادين لشرع الله عز وجل، ويبدأ هذا الهدف بإقامة الدولة الإسلامية في اي بقعة من الأرض يمكن أن يتحقق ذلك فيها.

والدولة الإسلامية التي يسعى الإباضية إلى إقامتها هي الدولة التي يكون كل من فيها بدءاً من إمامها وعماله إلى كل رجل وأمرأة منقادين لحكم الشرع الشريف وملتزمين بأحكامه.

وقد استطاع الإباضية وبذكاء ملفت أن يتجاوزوا إشكالية السعي إلى السلطة، وإشكالية الحكم على الإمام الجائر، فبالنسبة للإشكالية الأولى فإن الإباضي لا يسعى إلى السلطة من حيث ذاتها وإنما يسعى لإقامة حكم الله تعالى فإذا وجد من يكفيه ذلك حمد الله تعالى وكان عليه أن يساعد ذلك الحاكم بكل ما يستطيع من جهد، أما إذا لم يجد من يكفيه ذلك كان لزاماً عليه أن يقوم بالواجب الذي كلفه الله به فهو في الحالتين إنما يقوم بشيء ألزمه الله به لا سعياً لمنصب ولا حباً في جاه.

وأما بالنسبة للإشكالية الأخرى وهي الحكم على الإمام الجائر فإن الإباضية يرون أن الحاكم المسلم مطالب كغيره من المسلمين بان يتبع أمر الله في موقعه الذي هو فيه، فإن قام بما يجب عليه فبها ونعمت، وأما أن لم يقم بواجبه وخالف أمر الله فإن على المسلمين نصحه أولاً فإن أصر كان عليه أن يترك مكانه لمن يستطيع أن يقوم بحقه، فإن رفض هذا وذاك كان على المسلمين الأخذ بيده وإلزامه بالتنحي عن منصبه ليولوا عليهم من يقيم شرع الله تعالى فيهم.

القسم الثاني:

والإمام في الفكر السياسي الإباضي شأنه شأن أي مسلم يجب عليه أن يلتزم بأحكام الإسلام في كل أقواله وأفعاله، بل هو بحكم منصبه ينبغي أن يكون أحرص المسلمين على اتباع أمر الله تعالى لا يحيد عنه قيد أنملة، لأن انحرافه يؤدي إلى خلل كبير في بنية الدولة الإسلامية ويجرئ الناس على مخالفة شرع الله عز وجل.

وإذا استقام الإمام على أمر الله تعالى وقام بكل ما ألزمه الشرع به فإن له حق السمع والطاعة والموالاة، ولا يجوز لأحد ممن تشملهم دولته أن يخالف أمره أو أن يجاهر بالعصيان، فإن فعل كان على المسلمين مساعدة الإمام في خمد ثورته وإرجاعه إلى الجماعة ولا يحق لأحد إيواؤه ونصرته ومساعدته على بغيه لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من أحدث في أمرنا أو آوى محدثاً".

أما إذا خالف الإمام أمر الشرع وتجاوز ما يحق له أو تخلى عن شيء من واجباته، وثبت ذلك عليه فإن على الأمة رده إلى جادة الصواب وتقديم واجب النصيحة له لقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين نصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله، قال: "لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".

فإن لم تجد النصيحة معه نفعاً وأصر على مخالفته لأمر الله تعالى وأبى واستكبر فإن ولايته تسقط عن المسلمين وتصبح طاعته غير واجبة عليهم لأن الحق فرع الواجب، وقد سقط حقه لعدم قيامه بواجبه، وحينئذ يكون المسلمون في حل من أمرهم في أن يولوا عليهم إماماً آخر يقوم فيهم بحكم الله ويقيم فيهم شرعه وأحكامه وحدوده.

وهنا لا يخلو الأمر من أحد أمرين: إما أن يكون ذلك الإمام الظالم ضعيف الشوكة قليل الأتباع ومن السهل خلعه وإقامة إمام آخر مكانه، وهنا ما على المسلين سوى المسارعة الى القيام بدون تردد، وإما أن يكون ذلك الإمام الظالم قوي الشوكة كثير الأتباع والأنصار وكان القيام عليه غير مضمون العواقب وحينئذ فإن المصلحة تقضي التريث واتخاذ تخطيط جديد، ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال الاستسلام للأمر الواقع والاستكانة لظلم الظالمين.

وهنا يأتي دور العلماء في القيام بواجبهم وهو دعوة الناس إلى التمسك بتعاليم دينهم الحنيف، والسعي غلى إقامة الدولة الإسلامية المنشودة التي ستوفر لهم الأمن والأمان وتقيم فيهم حدود الله وأحكامه وشرعه وهذه الحالة هي ما تسمى لدى الإباضية بمرحلة الكتمان.

ولسنا هنا في تحديد صفات الإمام ومسؤولياته فهي معروفة لدى الجميع، غير أن ما يميز الإباضية في هذا الجانب شيئان:

1-    عدم اشتراط القرشية:

فالإباضية يرون أن كل مؤهل لإمامة المسلمين يمكن أن يكون إماماً بغض النظر عن قبيلته وعرقه، وهذا بلا شك يتفق مع المساواة التي جاء الإسلام لترسيخها والتي تتنافى مع هذا الشرط الذي لم يكن معروفاً حين اختلف المهاجرون والأنصار على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يدر في مداولاتهم ولم يشر إليه أحد.

والضابط لدى الإباضية في نسب الإمام إنما هو المصلحة، فإذا رأى المسلمون أن من المصلحة تولية إمام من قبيلة أو عشيرة معينة مع توافر الشروط الأخرى فيه فلا مانع من مراعاة ذلك، ويحدث أحياناً عكس ذلك تماماً وهو أن تكون المصلحة في تعيين من لا عشيرة له وهنا لا يتوانى الإباضية عن تعيينه كما حدث في المغرب حين فضّل العلماء تعيين عبد الرحمن بن رستم الفارسي رحمه الله وهو فارسي لا عشيرة له وكان هذا أحد الأسباب لإختياره إماماً حيث رأى العلماء أن ذلك أفضل لسهولة تغييره إذا ما حاد عن الطريق السوي.

وقد عد كثير من الباحثين هذا النهج مثالاً واضحاً على النهج الديمقراطي الذي يتميز به الإباضية.

2-    جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل:

فالإباضية يشترطون في الإمام شروطاً معروفة من حيث التقوى والورع والصفات الخَلْقية والخُلُقية، وإذا وجد أكثر من واحد تنطبق عليه تلك الشروط فيمكن تولية أي واحد منهم ولو كان هناك من هو أفضل منه.

القتال عند الاباضية:

بما أن كتاب التاريخ والمقالات قد حشروا الإباضية ضمن الخوارج فقد ترسخت في أذهان الناس فكرة أن الإباضية يستبيحون قتال المسلمين، وهذا مما لم ولن يقوم عليه دليل، بل الأدلة ظاهرة في أن الإباضية هم أطهر الناس يداً من دماء المسلمين، وقد ذكرنا سابقاً أن الإباضية لا يبيحون قتال مخالفيهم، وهو ما طبقوه عملياً على مدى تاريخهم، فلم يحدث إطلاقاً أن قاتل الإباضية أحدا من المسلمين على أساس مذهبي، وعلى كثرة الدول التي أقامها الإباضية وطبقوا فيها مبادءهم فلم يقوموا في يوم من الأيام بشن حرب على أحد من المسلمين على أساس مذهبي، وإنما كانت الحروب التي قام بها الإباضية ضد جماعة من المسلمين إما لإقامة دولة أو دفاعاً عن دولة.

أما بالنسبة للنوع الأول وهو الحرب من إجل إقامة الدولة فإن من مبادئ الإباضية السعي الدائم إلى إقامة العدل ومحاربة الظلم، والصراع بين الإباضية والظلم لم يهدأ في يوم من الأيام، ولذلك فإن الإباضية إذا ما رأوا في أنفسهم قدرة على القيام بواجبهم كمسلمين وإقامة الدولة الإسلامية على وفق كتاب الله وسنة نبيه فإنهم لا يتوانون عن ذلك لحظة واحدة، وفي هذه الحالة فإنه من المعتاد أن يوجد من لا تتناسب أهداف الدولة الإسلامية مع أهدافه فيقف عقبة في طريق إقامتها، ويحاول جاهداً أن يحول دون قيامها، ولذلك يجد القائمون بالقسط أنفسهم مجبرين على محاربته وإزاحته من الطريق.

ولا فرق لدى الإباضية بين أن يكون هذا الرافض لإقامة الدولة الإسلامية إباضياً وأن يكون غير إباضي، وعلى ذلك فإن المذهبية لا دخل لها هنا، وإنما هو قتال ضد أناس كان من المفترض أن يساعدوا على إقامة دولة يدعو إليها دينهم الذي يدينون به، ولكن مصالحهم الشخصية وأطماعهم الدنيوية كانت أهم عندهم من واجبهم الديني، وليتهم إذ لم يساعدوا في إفامة الدولة الإسلامية وقفوا على الحياد ولكنهم اتخذوا موقفاً معادياً لها، ولذلك حل قتالهم.

والإباضية عندما يقومون بقتال هذه الفئة فإنهم يحفظون لهم إسلامهم فلا يقاتلوهم إلا بعد إنذارهم وإقامة الحجة عليهم، ونصحهم وبيان حقيقة دعوتهم، فإن استجابوا فلا حق لأحد في قتالهم، وإن أبوا حل قتالهم في أدنى مراتبه فلا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم.

وأغلب حروب الإباضية من هذا النوع حدثت ضد إباضية من نفس مذهبهم مما يعني أن القتال لم يكن على أساس مذهبي، كما إن التاريخ يثبت أن الإباضية من أنزه الناس في قتالهم فلم يكونوا يتجاوزون الحق في حروبهم، وإنما كانوا وقافين عند حد الله تعالى.

وأما بالنسبة للنوع الثاني فهو لا يختلف كثيراً عن النوع الأول، فبعد أن تقوم الدولة الإسلامية فلا بد من أن يوجد من يحاول الإطاحة بها، إذ إن كثيراً من الناس لا يروق لهم العدل الذي عادة ما يقف في وجه أطماعهم وبلوغ غاياتهم الدنيئة فيسعون إلى تدبير المكائد وتجييش الجيوش للإطاحة بالدولة الإسلامية، وهنا يجد الإمام والمسلمون من خلفه أنه لا بد من تأديب أولئك البغاة الذين يحاولون تفريق شمل المسلمين وتحطيم وحدتهم وهدم دولتهم فيقوم الإمام أولاً بتحذير اولئك البغاة من مغبة عصيانهم وخروجهم على إمام صحت إمامته، فإن تابوا وأنابوا رجعوا إلى جماعة المسلمين ولم يمسسهم سوء، وإن أصروا واستكبروا كان حقاً على الإمام قتالهم حقناً للفتنة وإخماداًً للثائرة تطبيقاً لقوله تعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين".

ومرة ثانية فإن هذا الباغي قد يكون إباضياً وقد يكون غير إباضي، فالقتال إذن ليس على أساس مذهبي، وإنما هو قتال لباغ على دولة المسلمين أياً كان مذهبه.

وهذه الحروب أنما تقع بين الإباضية القائمين بالحق أو الساعين إلى إقامته وبين جماعات تقف ضد هذا التوجه، أما إذا كانت هناك دولة مسلمة غير إباضية قائمة بجانب الدولة الإباضية فإن المتتبع لتاريخ المذهب الإباضي يجد أن الإباضية ليس من فكرهم السياسي محاربة الدول المسلمة التي هي محل رضا من العلماء فيها وإن كان الإباضية أنفسهم غير راضين عنها، فلا يذكر في تاريخ عمان أن الإباضية قاموا بمهاجمة أي من الدول المسلمة المحيطة بهم.

سعي الاباضية إلى الوحدة الإسلامية:

لقد سعى الإباضية قديماً وحديثاً إلى الوحدة الإسلامية ، وكانت هدفاً أسمى من أهدافهم، وأنقل هنا شيئاً مما قاله سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في كتابه (الحق الدامغ) حيث قال:

"ولعله مما يفاجئ كثيراً من القراء أن يطلعوا لأول مرة على عناية قادة الفكر من الإباضية بلمِّ شعث هذه الأمة وجمع شتاتها بعدما أثخنتها الخلافات المذهبية ، ومزقتها النزعات العصبية ، وكم تمنوا أن يحس سائر أعلام الأمة بمثل أحاسيسهم، ويشاركوهم في هذه الهموم التي تنوء بها صدورهم ، وتؤرق ليلهم ، وتقض مضجعهم ، وقد كانت منهم محاولات، للخطو في هذا الطريق والاستعداد لهذه المهمة بنفقات مالية يرصدونها من جيوبهم وجيوب المخلصين من سائر أبناء الأمة، وأصدق مثال على ذلك ما يجده القارئ في هذا السؤال الذي صدر من عالم مفكر وقائد محنك ذلكم هو الشيخ سليمان بن عبدالله بن يحيى الباروني، عضو مجلس المبعوثان بالدولة العثمانية ، المشهور بسليمان باشا الباروني، وهو من إباضية جبل نفوسة بالقطر الليبي، وقد توجه بسؤاله هذا إلى عالم الإباضية بالمشرق، ومرجعهم في أمور الدين، الإمام عبدالله بن حميد السالمي، ونص السؤال:

"هل توافقون على أن من أقوى أسباب اختلاف المسلمين تعدد المذاهب وتباينها ؟ على فرض عدم الموافقة على ذلك فما هو الأمر الآخر الموجب للتفرق ؟ على فرض الموافقة فهل يمكن توحيدها بالجمع بين أقوالها المتباينة وإلغاء التعدد في هذا الزمن الذي نحن فيه أحوج إلى الاتحاد من كل شيء ؟ وعلى فرض عدم إمكان التوحيد فما الأمر القوي المانع منه في نظركم، وهل لإزالته من وجه؟ على فرض إمكان التوحيد فأي طريق يسهل الحصول على النتيجة المطلوبة ؟ وأي بلد يليق فيه إبراز هذا الأمر ؟ وفي كم سنة ينتج؟ وكم يلزم من المال تقريباً؟ وكيف يكون ترتيب العمل فيه؟ وعلى كل حال فما الحكم في الساعي في هذا الأمر شرعاً وسياس ؟ مصلح أم مفسد؟.. " .وكان هذا السؤال في عام 1326هـ

فكان من جواب الإمام له:"... نعم نوافق أن منشأ التشتيت اختلاف المذاهب وتشعب الآراء، وهو السبب الأعظم في افتراق الأمة على حسب ما اقتضاه نظركم الواسع.

وللتفرق أسباب أخرى منها التحاسد والتباغض والتكالب على الحظوظ العاجلة، ومنها طلب الرئاسة.

وجمع الأمة على الفطرة الإسلامية بعد تشعب الخلاف ممكن عقلاً مستحيل عادة، وإذا أراد الله أمراً كان: "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم" والساعي في الجمع مصلح لا محالة ، وأقرب الطرق له أن يدعو الناس إلى ترك الألقاب المذهبية ويحضهم على التسمي بالإسلام ( إن الدين عند الله الإسلام)، فإذا أجاب الناس إلى هذه الخصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية المذهبية ولو بعد حين ، فيبقى المرء يلتمس الحق لنفسه ويكون الحق أولاً عند آحاد من الرجال ثم يفشو شيئاً فشيئاً حتى يرجع إلى الفطرة .

وهي دعاية الإسلام التي بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام ، وتضمحل البدع شيئاً فشيئاً، فيصير الناس إخواناً،       ( ومن ضل فإنما يضل عليها)، ولو أجاب الملوك والأمراء إلى ذلك لأسرع الناس في قبوله، وكفيتم مؤونة المغرم، وإن تعذر هذا من الملوك فالأمر عسير والمغرم كثير وأوفق البلاد لهذه الدعوة مهبط الوحي ومتردد الملائكة، ومقصد الخاص والعام، حرم الله الآمن، لأنه مرجع الكل . وليس لنا مذهب إلا الإسلام، فمن ثم تجدنا نقبل الحق ممن جاء به وإن كان بغيضاً، ونرد الباطل على من جاء به وإن كان حبيباً، ونعرف الرجال بالحق، فالكبير عندنا من وافقه والصغير من خالفه، ولم يشرع لنا ابن إباض مذهباً، وإنما نسبنا إليه لضرورة التمييز حين ذهب كل فريق إلى طريق. إهـ

وإذا كان الأدب مرآة تعكس ما في نفس الأديب من كوامن الأحاسيس فإن الأدب الإباضي قديمه وحديثه طافح بعصارات مشاعر الألم الذي يحسون به بسبب تشتت الأمة وانحلال عقد نظامها ، وإذا كنت أخي القارئ شاهدت صورة من ذلك فيما نقلته لك من قول أديب معاصر فإليك صورة أخرى تعكس مشاعر أديب بارع وعالم جامع من أدباء هذه الطائفة وعلماءها الغابرين ، وهو العلامة الكبير شاعر الإسلام والمسلمين أبو مسلم ناصر بن سالم البهلاني الرواحي الذي طالما انساب يراعه الموهوب ليصور لنا بعبارته الإيمانية همومه وأحاسيسه تجاه أمته ودينه ودونك هذا المقطع من قصيدة له بعنوان: "أفيقوا بني القرآن":

فيا لبني القرآن أين عقولكم…..وقد عصفت هذه الرياح الزعازع

أمسلوبة هذي النهى من صدورنا…..وهل فقدت أبصارنا والمسامع

* * *

فليت بني الإسلام قرت صفاتهم…..فما زعزعتها للغرور الزعازع

وليتهم ساسوا بنور محمد…..ممالكهم إذ باغتتها القواقع

وليتهم لم ينحروا بسلاحهم…..نحورهم إذ جاش فيها التقاطع

لقد مكن الأعداء منا انخداعنا…..وقد لاح آل في المهامه لامع

وسورة بعض فوق بعض وحملة…..لزيد على عمرو وما ثَمَّ رادع

وتمزيق هذا الدين كل لمذهب…..له شيع فيما ادعاه تشايع

وما الدين إلا واحد والذي نرى…..ضلالات أتباع الهوى تتقارع

وما ترك المختار ألف ديانة…..ولا جاء في القرآن هذا التنازع"

انتهى النقل من كتاب الحق الدامغ.

فالدلائل الكثيرة تدل على سعي الإباضية دوماً إلى تحقيق الوحدة المنشودة بين المسلمين لأن منهجهم فكرهم يدعوان إليه، فهم لا يحكمون على أحد من المسلمين بالشرك ويحرصون دائماً على معرفة ما عند غيرهم من فكر وفقه، ويتفاعلون مع هموم إخوانهم المسلمين في كل مكان من العالم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صالح بن أحمد البو سعيدي - أدنبرة ببريطانيا 4-1-1424هـ 7-3-2003م

ayane mzab ghardaia

الحركات السياسية في الجزائر

الحركات السياسية في الجزائر::(01)

أما في الحركات السياسية المختلفة بالجزائر، فإن عددا بارزا من إخواننا شارك في حزب الشعب الجزائري، الذي يطالب باستقلال الجزائر كما تعلمون. وفي مقدمتهم شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء، الذي كان لفترة معينة أمينا عاما لهذا الحزب، وقد قام بعمل جبار في سبيل وحدة المغرب العربي، ووحدة صفوف شبابه.

فقد قرأوا في مهرجانه عقيدة التوحيد التي حررها ونشرها في الثلاثينات، كما أن السيد غرافة إبراهيم بن عيسى، كان من السابقين الأولين، ومما يجدر ذكره أن أول مجموعة ألقي عليهم القبض يوم 7/9/1937 مع الزعيم مصالي الحاج وعددهم خمسة كان فيهم ميزابيان: مفدي زكرياء وغرافه إبراهيم.

كما أن الاحتجاج الوحيد الذي نشر في الجريدة هو احتجاج الشيخ أبي اليقظان في جريدة الأمة، عدد 137. وقد ذكر السيد محفوظ قداش في كتابه أن الشيخ أبي اليقظان كان الصحفي الوحيد الذي رفع احتجاجا إثر هذا الاعتقال، وقد سكنت جميع الجرائد الجزائرية على مختلف مشاربها في ذلك اليوم. وقد انضم إلى الرعيل الأول من حزب الشعب جماعات من الشباب لا نستطيع عدهم في هذه الكلمة الموجزة، وكذلك في حركة الانتصار للحريات الديمقراطية التي كانت خلفا لحزب الشعب بعد الحرب العالمية الثانية.

ولما نشأت حركة النواب في عمالة قسنطينة بقيادة الدكتور بن جلول، ومعه فرحات عباس، كانت هذه الحركة تجمع نخبة من المثقفين الذين تخرجوا من المدارس الفرنسية وكانت هذه الحركة تدعو إلى المساواة في الحقوق بين جميع المتساكنين في الجزائر بدون تمييز بين دياناتهم، وكانت تدعو إلى الاندماج في فرنسا، وهي وجهة نظر هؤلاء المثقفين، وناهيك بالرئيس فرحات عباس.

وكانت مشاركة الميزابيين فيها متميزة كذلك. وقد حدثنا السيد بوبکر محمد بن عمر رحمه الله، رواية عن الدكتور بن جلول زعيم هذه الحركة أنه قال في اجتماع رسمي عقده الحزب بعد الانتخابات لتقييم النتائج واستخراج العبر، قال ما معناه: لقد كان الفضل في نجاحنا في الانتخابات للميزابيين، فتبعوا إن شئتم الدوائر لتصلوا إلى النتيجة التي توصلت إليها، وضرب المثل بالدكتور سعدان، حين رشح نفسه في بسكرة، فلم ينجح لأن الميزابيين صوتوا ضده. وهنا تبادر لي خاطر وهو لماذا صوتوا مع هذا الحزب في قسنطينة وقالة وعناية والعلمة وشلغوم العيد والبرج وباتنة، ففاز كل من أيدوه، ولم يؤيدوا الدكتور سعدان؟ والجواب سهل بسيط، وهو أن الميزابيين ليسوا بدعا من البشر، فقد يتفقون وقد يختلفون. وقد سبق أن قلت إن هذه المشاركات لم تكن كلها باتفاق الجميع، وأنتم ترون أنهم شاركوا في كل هذه الحركات رغم تباينها، ولكل رأيه ونظريته. ومهما يكن من أمر، فقد كانت مشاركتهم في هذا الحركة لأسباب داخلية معينة، وكل ما نريد أن نؤكده هو أنهم لم يكونوا يعيشون على هامش الأحداث ولم يكونوا منعزلين أو انعزاليين، كما ينعق بذلك بعض الناعقين.

وقد شاركوا كذلك في حزب البيان الديمقراطي الجزائري، الذي كونه السيد فرحات عباس بعد انفصاله عن حزب النواب، وبعد الحرب العالمية الثانية.

وشارك عدد من الشباب المثقف في الحزب الشيوعي الجزائري، ولا يمكن أن نقول إنهم كانوا عقائديين في الحزب، بل شارك الجزائريون في هذا الحزب لما كان يتسم به من التضامن مع من اشترك فيه، كما أنه كان ميدانا للمطالب الاجتماعية للعمال الجزائريين، وقد سئل الشيخ عبد الحميد بن باديس عن الدخول في الحزب الشيوعي الجزائري فقال: نحن مستعدون أن نتعاون مع الشيطان لنيل مطالبنا من فرنسا. 

---------------------------------

(01)  الشيخ القرادي آثاره الفكرية. ص144-176.

الحيـاة العلمية بأريـغ من القرن الرابع إلى السادس للهجرة

الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ

من القرن الرابع إلى السادس للهجرة النبوية المشرفة

Icon 09الدكتور: عمر بن لقمان حمو سليمان بوعصبانة

أستاذ ـ جامعة وهران ـ

لم يكد يأفل نجم الدولة الرستمية في تاهرت سنة 296هـ حتى عجَّت منطقة أسوف وأريغ ووارجلان بالعلماء، خاصة بعد اهتمامهم بإنشاء حلقات العلم والتأليف التي تطورت إلى نظام العزابة ليصبح بعد زمن نظامًا علميا واجتماعيا متكاملا. ولقد كانت وارجلان في هذه الفترة الممتدة من القرن الثالث إلى السابع للهجرة مركزًا تجاريا وعلميا يربط المغرب الأوسط الإسلامي بجنوب الصحراء وحتى أقاصي غرب إفريقيا.

على أنَّ تخصيص هذا البحث بمنطقة أريغ بالتحديد لاعتبارات أهمهما أنها كانت مهد نظام العزابة العظيم، وأنها كانت القلب العلمي النابض لمنطقة وارجلان وما يليها غرباً و منطقة أسوف وما يليها شرقًا.

التعريف بالمنطقة:

*-أريـغ: تُنسب المنطقة إِلىَ قبيلة بني ريغة، وبنو ريغة يَتَّصِلُ نسبهم ببني مغراوة، ويَتَّصِلُ نسبهم بزاكيا، مثل قبيلة بني يفرن وبني واسين، وجدُّهم الأَوَّل الديرت بن جانا، أي: جاناتن، أي زناتة(1).

وقد امتاز أهلها بأخلاقهم الحسنة، ونرى ذَلِكَ جليا في شهادة أبي عبد الله محَمَّد بن بكر (ت: 440هـ)، وكانت سببا في حلوله بينهم إذ قال بعد أن استخار الله واستشار أصحابه قائلا لهم: «إِنَّ هاهنا ناسا رقاق القلوب، أرجو أن ينتجع فيهم الإِسلاَم ويتلقَّوا ما نَحْنُ عَلَيْهِ بالقبول، ويكونوا لهذا الخير أهلا، وهم مغراوة ريغ، فما رأيكم في الانتقال إِلىَ جهتهم؟»(2).

قالوا: في رأيك اليُمن والبركة، فسرُّوا بِذَلِكَ سرورا عظيما، واغتبطوا أيَّ غبطة(3).

ويختلف ياقوت الحموي مع ابن خلدون، إذ ذهب إِلىَ أَنَّ ريغ يقصد به بالبربريَّة السبخة، فَكُلُّ من كان منها فهو ريغي(4).

بينما يذهب ابن خلدون إِلىَ أَنـَّهُم بطن من مغراوة، مثل: بني سنجاسن، والأغواط، وبني ورا. ونزل الكثير منهم بين قصور الزاب وواركلا، فاختطُّوا قرى كثيرة في وادٍ ينحدر من الغرب إِلىَ الشرق(5).

*-تُـقـرت:

تعتبر تقرت من المدن العريقة فلقد ذكرها ابن خلدون على أنها كانت قاعدة بلاد ريغة.

وذكرها الدرجيني فى كتاب الطبقات و أَنَّ الشيخ عبد الرحمن بن المعلى أسَّس حلقة العلم بها. يقول عنه الدرجيني: «هو أَوَّل من أسس الحلقة بمسجد توقورت، وأنهج طرقها، وأحكم عقودها وأوثقها، وقيَّدها ووقتها. وحجر عَلَى تلامذتها أزقتها، وقسط موازينها، وحقق قوانينها، فتخلَّق كُلُّهُم بحميد هَذِهِ الأخلاق»(6).

يَـتَـبَـيَّنُ لنا من خلال هَذَا ما فعله الشيخ عبد الرحمن بن المعلى في تأسيسه الحلقة من جهة، واستخدامه لضوابط محكمة يسير عليها الطلبة. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نجاح نظامه اشتهاره في الآفاق، ومجيء طالبي العلم من أماكن بعيدة، وإضافة الدرجيني قائلا:

«وتيمَّمها طلاَّب الخير من جميع الآفاق، يشاهدون البراهين والعبر، ويشهدون المنافع الكبيرة، ويأخذون السنن عن التُّقاة والسير، ويصدِّقون الخبر والمخبر»(7).

ومن مشايخ منطقة تقرت الذين ذكروا في كِتَاب السير نذكر أبا عبد الله محَمَّد بن الخير بن أحمد. صنَّفه الدرجيني ضمن الطبقة العاشرة (450ـ500هـ/1058ـ1106م). أخذ العلم في كدية مغراوة، وكان من تلامذة أبي عبد الله محَمَّد بن بكر. وقد اهتم إِلىَ جانب العلم بالفلاحة، واستصلح أرضا بـ«تَلاَ عيسى»(8).

*-بـلـدة اعـمـر:

تين باماطوس، آجلو الغربي، آجلو الشرقي.

تكاد هَذِهِ الأسماء تشكِّل مدينة واحدة، حيث تداخلت حسب ذكر الحقائق عنها.

لقد اهتمت المصادر التَّارِيخِيَّة بِهَذِهِ العاصمة الثَّقَافِيَّة اهتماما كبيرا، لقد كان فضلها عَلَى المنطقة والمناطق المجاورة مثل وارجلان وبادية بني مصعب كبيرا جِدًّا.

التعريف ببعض مشايخها:

الشيخ أبو عبد الله محَمَّد بن بكر الفرسطائي

هو أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي, ولد سنة 345هـ وتوفي سنة 440 هـ بتين اسلي (بلدة عمر) ودفن بها(9).

نشأ بفرسطا بجبل نفوسة شرق كباو, أخذ العلم عن الشيخين : أبي نوح سعيد بن زنغيل(10) وأبي زكرياء بن أبي مسور(11), ولـمَّا مات أبو نوح انتقل إلى القيروان للاستزادة من علوم اللسان, وفي طريقه إلى تاجديت ـ للاستزادة من علم الفروع على الشيخ أبي عمران موسى بن زكرياء ـ وفد إليه أبناء شيخه أبي زكرياء فصيل: زكرياء ويونس, وابن أخته أبو بكر بن يحيى(12) و من معهم طالبين منه أن يعقد لهم الحلقة.

فامتنع وراودوه أيّاما, ولمّا كان في المسجد سمع رجلا يودع صاحبه ويقول له : «يافلان اجعلها لله لا تخب». فتفاءلوا بذلك جميعا, واشترط عليهم أربعة أشهر ليردّ الجواب.

وبعد مدّة من التفكير تقرُب من أربعة أشهر وضع أبو عبد الله نظام الحلقة ملبّيا رغبة شيخه أبي زكرياء بن أبي مسور في تينسلي في الغار(13) الذي أعدّه له أبو القاسم يونس بن ويزكن الوليلي لدى مغراوة ريغ.

وكان لكثرة تنقُّله مع تلامذته أن قال فيهم عبد الله بن الأمير :«عجبا لهذا الشيخ وأصحابه, إنّما مثلهم كمثل الحواريّين لعيسى بن مريم»(14) أمّا سبب مجيء أبي عبد الله إلى وارجلان فهو الظلم الذي حدث من بني وَرْزمَارْ إذ قطعوا الطريق, وأكثروا الأذى, فجمع أبو عبد الله جماعة أهل أريغ وحثّهم على دفع الظلم, ولكنّهم أجابوا بقولهم "لا طاقة لنا وما عسانا أن نقدر عليه؟" فأجابهم "نحن نقدر على أنفسنا(15) حينئذ قرّر الذهاب إلى وارجلان فنزل بإيفران, فأقام بها عاما, وكان هذا القرار من أريغ لعاملين:

1ـ لدفع جماعة أريغ لتغيير المنكر بأنفسهم عن منطقتهم.

2ـ لتأمين الطريق للعزابة الذين يفدون إليه, ويقتلون بأريغ.

و كانت له رحلات أيضا إلى بادية بني مصعب إبّان الربيع لمآرب كثيرة منها طلب راحته وراحة طلبته حيث الجوّ ألطف والهواء أنقى(16) و له في الميدان العلمي الآثار الكثيرة, وقد ألّف في الحجج والبراهين, وفي الأخلاق(17) ولكن لم يصل إلينا شيء منها بل تذكر كتب السير جميعها عناوين كتبه. ومات رحمه الله في غاره في تين يسلي وقبره قبالة الغار وقال عبد الرحمن بن عمر جعلت علامته شجرة يقال لها العنظوان وهي بالبربرية تاعقايت(18) وترك من الأبناء : أبا العباس أحمد بن محمد : صاحب التآليف. وأبا يعقوب يوسف بن محمد، وإبراهيم بن محمد.

ومن الذين درسوا على ابن زنغيل وكان لهم الفضل في ترتيب الحلقة أيضا في بدايتها أبو الخطاب عبد السلام بن منصور بن أبي وزجون المزاتي(19).

و كانت رحلته الأخيرة من قلعة درجين سنة 440هـ إلى سوف ثمّ إلى آجلو مع قبيلة ورتيزلن أمام هجمات الصنهاجيّين فوجد أبا عبد الله محمد بن بكر في آخر أيّامه, ويحتمل جدّا أنّه واصل المسيرة التي بدأها ولو أنّ المصادر سكتت عن ذلك.(20)

التنظيم الإداري للتعليم:

لم تكن الحلقة منظمة بنفس الطريقة التي استحدثها أبو عبد الله محمد بن بكر, إذ إنّ الحلقات الموجودة في المساجد حول المشايخ أو في أماكن خاصة للتدريس أقلّ إحكاما من حيث نظام أبي عبد الله الجديد.

فأبو عبد الله رأى أنّ على الطالب أن يلزم أماكن الدراسة كامل أوقاته أو بالأحرى كامل فترته الدراسية، فجمع بين الدراسة والسكن والعبادة وطلب العلم.

و أسند للطلبة وظائف, فكوّن منهم عرفاء فصاروا يشعرون بالمسؤولية وبالتالي يلتزمون بآداب خاصّة حتّى ينالوا احترام غيرهم ويخففوا عن الشيخ أعباء كثيرة لا يستطيع القيام بها وحده.

وهذا النظام نظام الحلقة, أي نظام العزابة سيأخذ شكلا آخر على مرور الزمن، فهو يتمثل الآن في الهيئة الساهرة على الأمور الدينية مثلما يسهر على حياة المجتمع في شتّى مناحيه, في جوّ من الترابط والتلاحم.

أ- الشيخ:

بعد أن نلقي نظرة خاطفة على الهيكل العام لأعضاء الحلقة نلاحظ أنهم ينقسمون إلى صنفين: آمرين ومأمورين, وفي أعلى الهرم بالنسبة للآمرين نجد الشيخ، والشيخ وحده هو الذي تنتهي إليه المسائل العويصة للفتوى وهو المرجع الوحيد والأخير لدى كلّ الأمور التنظيمية وهو وحده الذي يستطيع أن يصدر العفو بعد الخطة والهجران(21) ولا يصل إلى هذه المرتبة إلاّ بعد أن يبلغ مبلغا عظيما في العلم والورع والتقوى ولا يجلس إلى الحلقة إلاّ بعد أن يأنس من نفسه ذلك ولا يردّ المسألة إلى غيره من المشايخ إلاّ على سبيل الاحترام والتقدير.

و تتلخّص مهامه التربوية في الحلقة على الآتي:

*الجلوس لطلبة فنون العلم في وقت معلوم ليأخذوا عنه الدرس.

*الاستفتاح وهو قيامه في الثلث الأخير من الليل أو الربع الأخير، فيفتتح التلاوة حيثما وصلوا ليلة البارحة, بعضهم يقرأ وبعضهم يدرس وحده إلى الفجر.

*الجلوس بأثر الختمات للجواب على الأسئلة في أي فنّ كان, ويذاكر تلاميذه فيما حصلوه.(22)

*الحكم بين المختلفين والمختصمين من التلاميذ.

مهام الشيخ خارج أوقات الدراسة في الحلقة:

يجمع التلاميذ يوم الاثنين والخميس فيعظ ويذكّر ويحذّر ويسألهم عن أحوالهم فمن عيب عليه شيء, فالخطة والهجران للكبير والزاوية والجلد للصغير.

يأذن لعابر السبيل في الإقامة أيام حلوله كضيف ويأكل من غير المدّخر, أو الدخول في الحلقة بعد الاستفسار عن سيرته لدى أهله وذويه.

يأذن فيما يشترى أو يباع من الأقوات وما يدّخر وما لا يدّخر منها.

يأذن في قسمة ما يفتح الله من رزق أو أوقاف على التلاميذ.

و مع ذلك فالشيخ لا يستنكف أن يقوم بأعمال يرى فيها الأجر والثواب.(23)

ب ـ العرفاء(24):

يختار الشيخ عرفاء من خيرة الطلبة اجتهادا وذكاء وإخلاصا فيصنّفهم صنفين: صنف لأعانته في التدريس وهم من حملة القرآن.

وصنف لمراقبة (الداخلية) وهذا يكفي فيه واحد للختمات والنوم وآخر للطعام.

فالمجموعة الأولى: ترتبط بجماعة الألواح من طلبة القرآن فيملون عليهم ويصحّحون ألواحهم, وكلّ واحد يختصّ بمجموعة لا تقلّ عن اثنين ولا تزيد عن عشرة إلاّ في حالة الضرورة عند كثرة الطلبة وقلّة العرفاء(25).

أمّا العريف المكلّف بالختمات والنوم فمهامُّه تنحصر فيما يلي:

*عليه ارتصاد الحزب للمذاكرة فينبّه الشيخ في الغد إلى مكان الحزب بالأمس.

*عليه أن ينادي بنوم الهاجرة, ويلزم من لا عذر له على النوم.

*عند غروب الشمس ينادي للختمة.

*بعد صلاة العشاء وقراءة القرآن ينادي بالدعاء.

*بعد قراءة بعض المواعظ على الشيخ ينادي بالنوم.

و من خالف هذه الأوامر يتعرّض للعقوبة المتمثّلة في الخطة والهجران للكبير والزاوية والجلد للصغير, أو الطرد إن اقتضى الأمر(26).

أمَّا العريف المكلّف بالطعام: فهو الذي ينبّه الطلبة والعزابة على ملازمة حسن الآداب إذا كان الطعام خارج إقامتهم عند شخص عامّي, وذلك بشعار حسّان, أو حسّان بن ثابت, أو أحسنوا آدابكم. وإذا كان الطعام عند عزابي فيميلون إلى الانبساط من اقتراح ما يحسن طعامهم.

والعريف يرتّب جلوسهم، ويأمر بالماء ليغسلوا, وبعد الطعام ينادي بالدعاء.

و إذا كان الطعام يحتاج إلى إعانة ومعالجة فلا يشغل الطلبة المنشغلين بدراستهم بل يعفيهم ويميل إلى غيرهم(27).

و لعلّ أجمل ملحظ نراه في أكلهم: أنّهم يُقسَّمون إلى طوائف ويكون في كلّ طائفة عريف عليها أكبر المجموعة سنّا وأكثرهم تضلّعا في الشريعة والعلوم, فيلقي ثلاث مسائل في فنون مختلفة ويكون الجواب عليها ميامنة فإن عثر أحدهم أمسك يده عن الطعام تلقائيا إلى أن يتذكّر الجواب.

وبهذا نرى أن هذا النظام محكم ويستغلّ جميع وسائل الزجر والترغيب ويصل الحدّ به إلى أن يحرم الطالب من الأكل وهو يشتهيه, وخاصّة وقت الخصاصة, وقد لا تروق علماء النفس هذه الطريقة الآن ولا يجرؤون على تطبيقها أيضا ولو علموا جدواها.

ولعلّ من أهمّ تأثيراتها حين يدعى طالب الحلقة لهذا النظام أنّه يحضّر نفسه قبل كلِّ طعام يوميّا تحضيرا ينصرف ذهنه كلّيا إلى حفظ المسائل وإلى الاختبارين الصعبين: الجواب على المسائل أو الإمساك عن الطعام إلى أن يمنَّ الله عليه بالجواب.

ج ـ الطلبة أو (العزابة):

يُعرِّف الدرجيني كلّ من طلب العلم ولازم الطريق وسير أهل الخير, وحافظ عليها وعمل بها بالعزابي، وإن حصَّل العلم دون السير لم يسمّ به(28).

أي أنّ طالب العلم تُشترط فيه شروط معلومة لكي يصل إلى العزّابي, تجمع بين طلب العلم والالتزام بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف والاقتداء بعمل الصالحين من قبله.

ومجموع العزابة مع شيخهم يكوّنون الحلقة, وبهذا تغير اسم الحلقة من نظام في الجلوس حول الشيخ إلى مجموع العزابة مع الشيخ كيفما كان وضعهم أو مكانهم, فالعزابة اسم لجماعة تشتمل على الشيخ يعلّمهم العلم ويلقّنهم السير ويبصّرهم في الدين بحسب ما يفتح الله على كلّ واحد منهم....فكأنّهم محلّقون ولو أنّهم مفترقون(29).

يتألّف الطلبة حسب السنّ من كبار وصغار، والكلّ يجتهد في طلب العلم والالتزام بالضوابط التي رسمها المشايخ حتّى لا يتعرّض لعقوبات صارمة, وإن كانت الرغبة التي دفعته لطلب العلم وطاعته لمشايخه تحدوان به إلى الابتعاد عن العقاب المعنوي أو المادي.

فالسنّ إذًا لا يشترط في طالب العلم ما دام الهدف هو معرفة الشريعة الإسلامية والفرد المسلم يحتاج إليها في كامل أطوار حياته بل يعدّ ذلك عبادة لا تعدلها عبادة.

والطلبة صنفان: كبار وصغار.

والكبار منهم المجدّ ذو المواهب الحسنة ومنهم المجدّ ذو المواهب المتوسّطة وأمّا الطلبة الذين لا يبذلون جهدا فعادة ما يتعرّضون للخطة والهجران أو الطرد إذا كانوا كبارا، والزاوية والجلد أو الطرد إذا كانوا صغارا.

والمجدّون من ذوي المواهب الحسنة عادة ما يكون منهم العرفاء, وأمّا ذوو المواهب المحدودة فينبغي أن تكون خدمة الطعام من هؤلاء الذين لم يفتح الله عليهم بشيء, ولم يشرح صدورهم للعلم, لكن ينفعهم الله بخدمة أهل الخير ويوفيهم فيها أجورهم(30).

ومن أمثلة هؤلاء تلميذ من تلامذة أبي عبد الله محمد بن بكر اسمه «بلغن»، كان يخدم العزابة في تين يسلي ويخبز لهم الرغائف وكان يتعنَّى في خدمتهم ويحتسب ما عند الله(31).

و قد يعجب البعض من تقصير هؤلاء أوّل الأمر إن جهل أنّ الكبير عادة ما يتخبّط في مشاكل اجتماعية تكون سببا في انشغال باله, وتشتت ذهنه رغم انقطاعه عن التعليم(32).

و أمّا الصنف الأخير: فهم الزمنى والعميان فقد نطق بعذرهم القرآن.

ونرى هذا النظام من التعليم يعذر كلّ إنسان قاصر في فهمه ملتزم بالنظام والحضور علّه يستفيد شيئا ينفعه لدنياه وآخرته.

*-ومثلما يلتزم بالحضور والانضباط يشترط عليه هندام خاصّ وهيئة خاصّة. منها:

*-لبس البياض, وعدم السماح بالثوب المصبوغ.

*-حلق شعر الرأس.

*-إذا لبس العمامة فعليه بالتلحي(33).

د) أماكن التدريس:

ليست المساجد أماكن لتأدية الشعائر الدينية فقط مثل الأديرة والكنائس والبيع, بل هي المكان الذي يتقاضى فيه الناس, وتعقد فيه ألوية الجهاد, وتعقد فيه حلقات الذكر والعلم, فهي مراكز إشعاع لجميع مناحي الحياة البشرية ما دامت هذه الحياة مطية المسلم إلى دار سعادته الأبدية.

ومن أمثلة ذلك مسجد الشيخ جنون بن يمريان حيث كان الشيخ أبو نوح سعيد بن زنغيل يعقد فيه حلقته. ويقول الدرجيني: «وكانت جماعة أهل وارجلان تجتمع عند مسجد الشيخ جنون فمنهم المستفيد علما, ومنهم المتبرّك بمشاهدته والمشارك فيما يعرض من أمور دنياه ودينه والمقتني خُلُقا يتحلّى به والمستزيد من معرفة سبب السير, فكلّهم منقلب بخير وفضل»(34).

وقد تعقد حلقات الدراسة في دار يبنيها الشيخ خصيصا لذلك, وقد تكون مجاورة لدار سكناه، وذلك رمز للقرابة الروحية. ويروي الدرجيني(35) حديثا عن جدّه يصف فيه دار الشيخ أبي سليمان(36) أيوب المخصّصة للعلم فيقول: «حدّث جدّي يخلف بن يخلف التميجاري رحمه الله قال: كان شيخنا أبو سليمان أيوب بن إسماعيل كثير الإبرار بتلاميذه, وكانت له داران بوارجلان متقابلتان يفصل بينهما طريق, وفوق الطريق ساباط وصل بين الدارين من علو, فإحدى الدارين دار سكناه والأخرى مطلقة للتلامذة والأضياف».

وقد تكون الغيران أماكن لعقد الحلقات مثلما تكون مقرّا لسكنى المشايخ والطلبة. فقد عقد أبو صالح الياجراني(37) حلقة للعزابة في غيران بني أجاج خارج وارجلان.

وهذا شبيه أيضا بما فعله أبو عبد الله في آجلو حيث أُعِدَّ له غار(38) خصّيصا لذلك كما مرّ.

وقد تكون المدرسة متنقّلة, فيسافر العلماء بتلاميذهم بالقوافل التي تحمل المؤونة والحُصُر, وحينما يجدون المكان اللائق ينصبونها, وتتألّف المدرسة من أقسام: قسم للصلاة, قسم للشيخ, قسم للنساء, وبيوت للتلاميذ(39).

وهكذا يجد الشيخ عبد الرحمن بكلّي في مقدّمة كتاب الطبقات للدرجيني تعليلا رائعا لهذا التنقّل الدؤوب, وهو التعوّد على عقد رحلات للدعوة إلى الله وتفقّد أحوال المسلمين مع التدرّب على خشونة العيش وترك حظوظ النفس إرضاء لله.

وبالفعل فقد نتج عن ذلك تزاور في الله, فصار أهل المشرق يزور أهل المغرب, وأهل المغرب يزور أهل المشرق (40).

ومن أهداف هذه الرحلات تتبّع المشايخ حيث يقيمون ولو كانوا في أمور دنياهم.

فأبو عبد الله رحمه الله ينتقل بحلقته إبّان الشتاء إلى أبي سليمان فيقيمون حتّى يسمعوا صيَّ البعوض فينزل إلى ضيعته(41).

وكذا كان ينتقل إلى بادية بنى مصعب في الربيع حيث الهواء المنعش فرارا من تعكّر الجوّ.

وبهذا تتعدّد أسباب التنقّل بالطلبة ودائما في صالح الجوّ الدراسي من تعقّب المشايخ في مزارعهم وأماكن رعيهم لاستغلال علمهم حيث إنّ الحياة القاسية لم ترحمهم فيجلسوا كلّهم للتدريس.

ومن جهة أخرى فقد أرادت هذه الطريقة أن تبرهن أنّ الدراسة لا يجب أن ترتبط في ذهن الطالب بالجدران والمكان المعروف, بل حياته كلّها من الغيران المظلمة إلى الفضاء الفسيح كلّه مدرسة, ومن تقلّبه في فراشه إلى جلوسه أمام الشيخ كلّه, أوقات لا يجب أن يغفل فيها عن الالتزام بالآداب والمبادئ الإسلامية.

وقد يتبادر إلى ذهننا أنّ الطالب يملّ من تلقّي العلم وإن وجد متنفّسا للراحة أخلد إليها.

بل على العكس فإنّنا نجدهم هم الذين يتعقّبون مشايخهم حيثما حلّوا وارتحلوا.

ومن الطريف ما يقع للشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني(42) أنّه حينما يدخل مسجد وارجلان ويضع مفتاحه وَسِفْرَهُ وعمامته ثمَّ يدخل المطهرة وحينما يخرج منها يجد أنّ التلاميذ قد حاز كلّ منهم شيئا تركه فيقول: «ردّوا عليَّ علائقي» فيشترط كلّ منهم أن يجيبه عن مسألة تهمّه, سواء أكانت في النحو أم في الفرائض أم في الفقه وبعد أن يجيبهم يردّون إليه ما أخذوه منه(43).

وهكذا فلا نجد الشيخ هو المستدعي لطلبته في وقت معيّن مضبوط فقط, بل إنّ الطالب الذكيّ هو الذي يستغلّ أيضا الظرف المناسب لأخذ العلم.

هـ - أماكن الاستراحة وأوقاتها:

لم يغفل هذا النظام أماكن الاستراحة فقد حدد شروطا تعود بالنفع على أخلاق الطلبة إذ إنّ الطالب يتأثّر بالمحيط الذي يعيش فيه كامل الأوقات.

فيأذن النظام بالانصراف آخر النهار إلى مواضع المياه والأشجار لما فيها من هدوء وراحة بعد يوم مليء بالعمل والجدّ.

ويمنع النظام:الذهاب إلى الأسواق والمرور أو الجلوس في الطرقات خاصّة المسدودة إلاّ إذا ألجأت الضرورة لذلك أو كان الطريق نافذا(44).

ولعلّ أغلب النظم التربوية اليوم تغفل هذا الجانب المهمّ وتحدّد مسؤوليتها بزمن الدراسة وبجدران المؤسّسة, فهناك سلبيات تنعكس أساسا على دراسة الطالب وسلوكه الفردي وقت الراحة.

أمّا أوقاتها فيبدو أنّ لها أوقاتا قصيرة, فنجدها:

*-في الضحى عند استكمال كتابة الألواح(45).

*-وبعد العصر حينما تتوقف الدراسة لتوزيع التمر، ومدّة ذلك محدّدة بمقدار ما يقرأ فيه اللوح مرّة أو مرّتين. هذا أثناء الدراسة, أمّا بعد توقّف الدراسة فتكون عادة لنوم الهاجرة ويشدّد في ذلك لغرض قيام الليل.

*-وآخر النهار قبل غروب الشمس بعد عناء اليوم كما أسلفنا, وبعد صلاة العشاء.

النظام الدراسي:

من خلال النصوص في كتب السير يتبيّن لنا أنّ نظام الحلقات يخضع بالنسبة لأطوار الدراسة إلى ثلاثة أطوار:

*-الطور الأول: طور التلقين والحفظ وتخزين المعلومات في الذاكرة مع شيء من دروس الأخلاق, وفي مقدّمة التلقين تحفيظ كتاب الله الكريم.

*-الطور الثاني: دراسة اللغة العربية والتمكّن فيها كأداة ووسيلة لفهم النصوص واستنباط الأحكام.

*-الطور الثالث: طور التفقّه في الدين والبحث والغوص في العلوم الشرعية, وبعدها يمكن العطاء إمّا على شكل الجلوس إلى الحلقات أو الإفتاء لعامّة الناس أو الشروع في مرحلة التأليف.

ويصف الدرجيني هذه المستويات بقوله: «وكان يتولّى التدريس وإعداد الطلبة في هذه المرحلة ثلاثة شيوخ فكان أبو يعقوب وهو شيخ بنفوسة أمسنان مقصدا للمبتدئين, فإذا انتظموا في حلقته علّمهم السير وآداب الصالحين، ثمّ ينقلهم إلى محمد بن سودرين فيجرون قراءة القرآن ويتعلّمون اللغة والإعراب, ثمّ ينتقلون إلى أبي عبد الله محمد بن بكر فيعلّمهم أصول الدين والفقه»(46).

النظام الدراسي اليومي: (أو البرنامج)

لا نكاد نجزم أنّ هذا البرنامج الذي سنذكره الآن هو المتّبع حرفيّا، فهو جمع شتات من هنا وهناك واستطعنا أن نصبّه في قالب أكاديمي حديث وإن كان المشايخ حسب اعتقادنا لهم كامل التصرّف آنذاك حسب الأزمنة والأمكنة التي ينتقلون إليها, وحسب حالة إقامتهم وظعنهم.

واستطعنا أن نرسم صورة ولو باهتة تتعانق فيه الحياة الفكرية مع الحياة الروحية فصار البرنامج ممتزجا بها:

يبدأ اليوم باستيقاظ المشايخ والطلبة في الهزيع الأخير من الليل وبه يبدأ التوقيت.

الجزء الأخير من الليل: يستفتح الشيخ، والطلبة مخيَّرون في مدارسة القرآن معه أو يطالعون ما شاءوا.

بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس: قرآن وختمة.

من شروق الشمس إلى وقت الضحى: سكتت المصادر عن الحديث عنها ولعلّها وقت ذهاب المشايخ والعزابة إلى حقولهم أو لمآربهم الخاصّة.

الضحى: كتابة تحت إشراف النقيب، وبعد الحفظ يكون الإملاء, وتفقّد الألواح ثمّ الدعوة إلى الطعام.

بين الظهر والعصر نوم الهاجرة ثم قراءة الألواح وجوبا, وبعد العصر استحبابا, ثمّ تفقّد الألواح ثمّ الدعوة إلى الطعام.

وبين صلاة الجمعة والعصر: قراءة المواعظ.

المساء عند الغروب: قراءة القرآن والختمة, ثم الدعاء.

العشاء: قراءة المواعظ من طرف التلاميذ ثمّ يقوم الشيخ بعد دعاء الختمة(47).

علاقة أفراد أسرة التعليم:

بعد تتبّعنا خطوات هذا النظام الفريد الذي وضعه المشايخ رحمهم الله نشعر لأوّل مرّة أنّ كلمة أسرة التعليم تنطبق اسما على مسمّى لما بين أفرادها من ترابط فنلمس فيها أُبُوَّة الأب الحاني في الشيخ، وبُنُوَّة الابن البار في طالب العلم والأخوَّة الصادقة فيما بين الأنداد من الصنفين.

وكتب السير مليئة بالمبرّات ولا يسع المجال لذكرها كلّها, فنجد هذه العلاقات في الله تتّسع وتشمل الأسر التعليمية بالامتزاج والترابط.

يبدو أنّ أعلى مثل رأيناه للكرم وحبّ العلم والعلماء هو أبو صالح جنون بن يمريان لما قدّمه من أيادٍ بيضاء.

فحينما قدم الشيخ أبو نوح سعيد بن زنغيل أعطاه أبو صالح بيتا مملوءة إلى السقف تمرا, وأجرى عليه مائدة بُكرةً وأخرى عشيَّة, وحينما قعد في وارجلان لم يبخل عليه بشيء من ماله بل طلب منه المكوث فيها وأن لا يرحل, على أن يقاسمه كلَّ ما يملك(48).

أمّا علاقة المشايخ بطلبتهم فتتعدّى أوقات الدراسة ومكانها, فقد ينفق الشيخ على طلبته من ماله الخاصّ, مثل ما فعله أبو إسماعيل أيوب(49) وهذا شبيه بما كان يفعله علماء نفوسة من الجود على طلبتهم في ذلك الحين, بل يتجاوزون إلى إكسائهم صيفا وشتاء بكساء جديد(50).

وقد يضمّ الشيخ أحد طلبته إلى زمرته العائلية ويقترح عليه الانتقال مع أغنامه إلى البادية إبّان الربيع حتّى لا يفوته لبن ذلك الفصل, ويكلّف من يأتيه بمعيشته يوميّا(51).

ويتعدّى الإبرار من الغذاء المادّيّ إلى الروحيّ فنجد المشايخ حريصين كلّ الحرص على الإرشاد والنصح.

ومن خلالها تتبيّن لنا أهدافهم ورغباتهم التي من أجلها سهروا الليالي الطوال جنبا إلى جنب مع تلاميذهم منقطعين عن أهليهم في كثير من الأوقات.

فمن وصايا المشايخ نختار ما أوصى به أبو الربيع سليمان بن يخلف المزاتي طلبته قائلا: «إذا وصلتم منازلكم فإيّاكم أن تستقبلوا الدنيا بوجوهكم لئلاّ تغرنّكم. وعليكم بالألفة والنصيحة والتزاور وحفظ مجالس الذكر. وإيّاكم وأمور الناس وإيّاكم والتقصير فيمن يرد من أهل دعوتكم»(52).

ذهب أبو عبد الله إلى جربة زائرا فأوصى طالبا بخصال منها: «قراءة القرآن والمواظبة عليه، والرغبة إلى الله، والرأفة بالضعفاء».

وقال له: «احمل نفسك على مالك يحملك»(53).

وأوصى أحدهم قائلا: «اذهب إلى منزلك فإن وجدت من تقدّمه في الأمور فاتبعه فإن لم تجد ووجدت من تتعاون معه فتعاونوا على البرّ والتقوى, فإن لم تجده ووجدت من يسعى في الخير فكن إمامه, فإن لم تجد أحدا من هؤلاء فاستقم على الطريقة وحدك»(54).

وهذه النصائح القليلة ما هي إلاّ قطرة من بحر وغيض من فيض، ولعلّ التأسّي بأعمالهم بعد ذلك من أحسن النصائح العلمية لا القولية فقط.

*أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر

(ت 504هـ/1111م)

هو أبو العباس أحمد بن محمّد بن بكر, أبوه هو أبو عبد الله محمّد بن بكر الفرسطائيّ النفوسيّ صاحب نظام العزّابة.

وقد ربّاه أبوه على الصلاح والتقوى, وأدخله مع تلاميذه في حلقته مع أخيه أبي يعقوب يوسف بن محمّد.

وكانا في طلب الخير فرسي رهان مشتركين في كلّ فضيلة شركة عنان, فلعلّ أحدهما أعلم والآخر أزهد(55).

وقد أخذ العلم أيضا عن شيخه وأحد البارزين في حلقة أبيه وهو أبو الربيع سليمان بن يخلف المزاتي.

قضى شبابه في تمولست في الجنوب الشرقيّ للقطر التونسيّ حيث كتب جلّ كتبه ثمّ زار قابس(56).

وفي سنة 471هـ/ 1078م وقعت فتنة ببلاد أريغ بين خيران وتاغمارت، وهي أوّل فتنة وقعت بين وهبية أريغ, ففرّ أخوه أبو يعقوب إلى وارجلان فكانت وفاة أبي يعقوب بتماواط بوارجلان سببا لمجيء أخيه أبي العباس لقضاء فترة زمنية لتنفيذ وصية أخيه ولرعاية أيتامه.

ويسكت الدرجينيّ وغيره من المؤرّخين للسير وكذا المستشرق البولونيّ ليفتسكي, ـ إذ يعدّ هذا الأخير من أقدر المستشرقين في التحرّي والتدقيق ـ عن الفترة ما بين 471هـ/1078م و504هـ/1110م فيذكرون مباشرة وفاته, ولعلّ هذه الفترة قضاها متنقّلا بين آجلو وتماواط بوارجلان إلى أن يموت ويدفن وذلك في ضحوة يوم الخميس 9 ذي الحجة سنة 504هـ بآجلو الغربية.

منزلة أبي العباس العلمية:

يُعدّ أبو العبّاس من أشهر علماء منطقة المغربين الأدنى والأوسط فقد ترك لنا مؤلّفات عديدة يصعب على الباحث حصرها.

وقد قيل إنّه رأى في منامه ما يبشّره بأخذ العلم الغزير(57) و قد تفرّغ للمطالعة والدراسة أربعة أشهر في مكتبة قصر «ولَّم»، لم يذق فيها طعم النوم إلاّ ما بين أذان الصبح إلى طلوع الفجر واختار من الكتب ـ التي وصلت من المشرق البالغة ثلاثة وثلاثين ألف جزء ـ أكثرها فائدة(58) وسبب ذهابه إلى مكتبة قصر «ولَّم» ما قاله هو بنفسه: «كنت أقرأ على الشيخ سعد وأحضر مجالسه, فأوّل ما وقعت فيه المذاكرة عنده مسألة ذبيحة الأقلف هل تؤكل أم لا؟ وقال: في المسألة قولان ولم يزد على هذا شيئا».اهـ

ولا نستطيع الجزم في شأن تفرّغه للمطالعة بالضبط هل هو معرفة جواب هذه المسألة بالتحديد ؟ أم عدم اقتناعه بجواب شيخه الذي ينقصه التوضيح الكافي إمّا بسبب منهجيّته في التدريس أو بسبب مستواه الثقافيّ فأراد أن يبزّه في العلم ولعلّ السبب الثاني هو المعقول وذلك ما يفهم من قوله: «ولم يزد على هذا شيئا».

آثار أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر:

لقد ترك لنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن بكر تراثا قيّما وضخما من الكتب في شتّى الاختصاصات سواء أكانت فقهية أم أخلاقية أم في العمارة الإسلامية وشروطها وضوابطها الشرعية.

و نذكر من مؤلّفاته:

كتاب أبي مسألة: و سبب تأليفه أنّ أبا عبد الله محمّد النفوسيّ كتب إليه من «أبديلان» يرغب إليه في مختصر مشتمل على مسائل الفروع ورأى في منامه قائلا يقول له: «اذكر أبا مسألة» فسمّاه العزّابة أبا مسألة ويسمّى أيضا بالجامع.

كتاب في مسائل التوحيد: ممّا لا يسع الناس جهله وغير ذلك من مسائل الكلام(59).

كتاب تبيين أفعال العباد: يتألّف من ثلاثة أجزاء(60) توجد نسخ من المخطوط في ميزاب وجربه(61).

كتاب القسمة وأصول الأرضين: يتألّف كتاب القسمة من جزئين, وأصول الأرضين يتألّف من ستّة أجزاء.

يتحدّث الأخير عن الحريم بين البناءات والطرق, وعن دفع الضرر عن الجار، وعن الحريم فما يغرس من النخيل والأشجار وغير ذلك، وقد حققه فضيلة الأستاذ بكير بن محمد الشيخ بالحاج والدكتور محمد بن صالح ناصر.

كتاب الألواح: هذا الكتاب تركه الشيخ أبو العبّاس قبل وفاته على الألواح فعرضه ابنه على المشايخ بإيفران بوارجلان وهم: إسماعيل, حمو بن المعز، أيّوب بن إسماعيل, داود بن واسلان, وأبو سليمان الزواغي(62).

كتاب مسائل الأموات(63).

كتاب الجنائز(64).

كتاب السيرة في الدماء. وقد حققه الأستاذ عبد الرحمن بن إبراهيم طبَّاخ ضمن رسالة ماجستير سنة 1422هـ/ 2002م.

وبهذا نجد أن الحركة العلمية بأريغ كانت قد بلغت أوجها من العلم والعطاء إلى جانب كبير من الورع والتقوى فكونت رجالا صالحين علماء، فقهاء، فألفوا الكتب الكثيرة منها ما وصل إلينا ومنها ما عرفنا عنوانه ولم يصل إلينا ومنها ما لم نسمع به ونحتمل أن يكون كثيرا وثمينا.

وهكذا فالمنطقة لا تزال بحاجة إلى عناية فائقة من أصحابها ومن ذوي الاختصاص كما أن الخزائن التي تكدست فيها الوثائق والمخطوطات ستغير بعد فتحها كثيرا من الحقائق التاريخية.

--------------------

قائمة المراجع

صالح باجية :

1ـ الإباضية بالجريد في العصور الإسلامية الأولى. دار بوسلامة للطّباعة والنشر والتوزيع. تونس سنة 1396هـ/ 1976م.

الجعبيري فرحات

2ـ دور المدرسة الإباضية في الفقه والحضارة الإسلامية. دار الجويني. تونس. سنة 1988م.

3ـ نظام العزّابة عند الإباضية الوهبية في جربة. المطبعة العصرية. تونس.سنة 1975م.

ابن خلدون عبد الرحمن (ت : 808هـ/ 1406م)

4ـ كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. دار الكتاب اللبنانيّ بيروت سنة 1981م.

خليفات عوض محمد

5ـ النظم الاجتماعية والتربوية عند الإباضية في شمال إفريقيا في مرحلة الكتمان. ط. شركة المطابع النموذجية. عمّان 1982م.

الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد (ت 670هـ)

6ـ طبقات المشايخ بالمغرب. تحق. إبراهيم طلاّي. مطبعة قسنطينة الجزائر. د. تا.

أبو زكرياء يحيى بن أبي بكر الورجلاني

7ـ كتاب السيرة وأخبار الأئمّة. تحق عبد الرحمان أيّوب. الدار التونسية للنشر. تونس. 1405هـ/ 1985م.

الشماخي أحمد بن سعيد (ت 928هـ/ 1521م)

8ـ كتاب السير. طبعة حجرية. القاهرة 1304هـ/1884م.

9ـ كتاب السير. تحق. أحمد بن سعود السيابيّ، مطابع النهضة.سلطنة عمان. سنة 1407هـ/ 1987م.

ابن عميرة محمد

10ـ دور زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب الإسلاميّ. المؤسسة الوطنية للكتاب. الجزائر. سنة 1985م.

محمد محفوظ

11ـ تراجم المؤلّفين. ط. 1. دار الغرب الإسلاميّ. بيروت. 1982م.

معمـر علـي يحيـى

12ـ أضواء على الإباضية. المطابع العالمية. روي سلطنة عمان. سنة 1984م.

13ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الثانية) الإباضية في ليبيا (القسم الثاني). مطبعة الاستقلال الكبرى. مصر، 1384هـ/ 1964م

14ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الثالثة) الإباضية في تونس. دار الثقافة. بيروت سنة 1385هـ/ 1966م.

15ـ الإباضية في موكب التاريخ (الحلقة الرابعة) الإباضية في الجزائر. المطبعة العربية غرداية. الجزائر. سنة 1986/1985م

النامـي عمرو خليفة

16ـ ملامح عن الحركة العلمية بوارجلان. الأصالة: مطبعة البعث. قسنطينة الجزائر. عدد 42 ـ 43. صفر 1397هـ/ 1977م.

--------------------

الهوامش

(1)ينظر: محَمَّد بن عميرة: دور زناتة، ص19.

(2)الدرجيني, الطبقات, ص 169.

(3)ينظر: الدرجيني: طبقات، 1/170.

(4)ياقوت الحموي: معجم البلدان، مج3/ ص113.

(5)ابن خلدون: تاريخ، مج13/ ص96-98.

(6)الدرجيني: طبقات، 2/457-458.

(7)المصدر نفسه.

(8) «تَلاَ» تعني: عين ماء، وَلَعَلَّ المنطقة بها ينابيع اشتهرت بهذا الاسم.

(9)د. عمرو خليفة النامي, محاضرة (مرقونة): ملامح عن الحركة العلمية في وارجلان, ملتقى وارجلان 1977, ص 7.

(10)أبو نوح سعيد بن زنغيل من الطبقة الثامنة ( 350هـ/400هـ ), الدرجيني, ص 143،353.

(11)أبو زكرياء فصيل بن أبي مسور يسجا بن يوجين اليهراسني من الطبقة الثامنة, الدرجيني, طبقات, مج 2, ص 361.

(12)أبو زكرياء, كتاب السيرة, ص 252.

(13)يسمى الغار بالتسعي نسبة إلى سنة 409هـ التي أسّس فيها نظام الحلقة, وبالمناسبة وقع الاحتفال بذكراه الألفية في غرداية عاصمة ميزاب سنة 1409هـ, وقد كتبت في الموضوع رسائل جامعية ودراسات قيّمة, اطلبها تحت عنوان: الحلقة ـ العزابة.

(14)الدرجيني، طبقات, ج 1, ص 186.

(15)المصدر نفسه, ج 2, ص 386.

(16)المصدر نفسه, ج 1, ص 183.

(17)المصدر نفسه, ج 2, ص 377.

(18)نقلا عن مخطوط قديم من لفوف, مجهول المؤلف، تحت رقم 277. ينظر:

T. LEWICKI, Mélanges - Ibadites, R. E. I. Paris. PAUL GEUTHNER, 1936. T, X, P. 277.

(19)ينظر:

FEKHAR. (Brahim Ben Moussa, Docteur), Les Communautés Ibadites en Afrique du Nord depuis Les Fatimides, thèse, Sorbonne, Paris III, 1971, P, 64.

(20)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 407.

(21)البرادي، أبو القاسم بن إبراهيم, الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخلّ به كتاب الطبقات, طبعة حجرية، مصر 1302هـ/1884م، ص 209.

(22)ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 1, ص172.

(23)قد يقوم بها العزابة دونه، وهذا ما يرويه أحد تلاميذه قائلا: كنّا في حلقة أبي عبد الله نقرأ عليه فكان العزابة أرادوا كنس الغار فكنس معهم الشيخ أبو عبد الله, وجعل يرفع معنا الكناس على عاتقه, فقال له يوما بعضنا وهو ينقل معنا: أقعد يا شيخ فإنّ العزابة يكفونك. قال: أو يحملون عليّ ذنبي؟

ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 392.

(24)يبدو أنّ العريف قديما كان من كبار العزابة, لما له من سلطة الأمر والنهي.

(25)البرادي, الجواهر, ص 212.

(26)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 177.

(27)البرادي, الجواهر, ص 210.

(28)الدرجيني، طبقات, ج 1, ص 3.

(29)المصدر نفسه، ج 1، ص 4.

(30)البرادي, الجواهر, ص 216.

(31)أبو زكرياء, السيرة, ص 349.

(32)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 180.

انظر ما لاحظه الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني حينما دخل حلقة وارجلان، عند أوّل صومه في شبابه. (أورده البرادي أيضا في جواهره, ص 215).

(33)الدرجيني, طبقات, ج 1, ص 171.

الوسياني، سير, ذكر التلحي, ص 4 ـ7.

(34)الدرجيني، طبقات, ج1, ص 144.

(35)نفسه, ج 2, ص 459.

(36)أبو سليمان أيوب بن إسماعيل: هو شيخ أبي يعقوب يوسف الوارجلاني وقد رثاه بعد وفاته بقصيدته البائية المشهورة. (من الطبقة الحادية عشر 500 ـ 550).

(37)أبو صالح الياجراني من الطبقة الثامنة ( 350 ـ 400هـ).

(38)لقد زرت هذا الغار ولا يزال إلى حدّ الآن في آجلو «بلدة اعمر» وهو على شكل سراديب ينزل إليها الإنسان مقسمة إلى غرف من صنع الإنسان، يحيط بها كثبان من الرمال من جميع الجهات حيث قبر الشيخ ويزار الآن باسم سيدي السائح لكثرة تجواله كما مرّ في تعريفه.

(39)بكلي عبد الرحمن, مقدمة طبقات الدرجيني, ج1, ص : د.

(40)مقرين بن محمد البغطوري, سير نفوسة, مخطوط, ص 6.

(41)أبو سليمان داود بن أبي يوسف (ت 462هـ)

وإن كان الشماخي يرى أنّ أبا محمد ماكسن هو الذي ينتقل بحلقته إلى أبي سليمان انظر الشماخي ـ سير، ص 418 . الدرجيني, ج 2, ص 437.

(42)هو أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني «السدراتي»(500 ـ 570هـ).

(43)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 492.

(44)البرادي, الجواهر, ص 216.

(45)م. س, ص 212.

(46)د. عمرو خليفة النامي, ملامح عن الحركة العلمية بوارجلان, محاضرة ملتقى 1977, ص 8.

(47)البرادي, الجواهر, ص 209 ـ 213.

أبو زكرياء، السيرة, ص 255.

(48)ينظر: أبو زكرياء, السيرة, ص 223.

(49)د. عمرو خليفة النامي، محاضرة: ملامح عن الحركة العلمية, ص 11.

(50)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 417.

(51)هذا ما فعله الشيخ أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عيسى العباسي (من الطبقة الثانية عشرة 550 ـ 600هـ) مع أحد تلاميذه.

ينظر: الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 508.

(52)الشماخي, سير, ص 412.

(53)أبو زكرياء, السير, ص 360.

(54)م . ن, ص 363

(55)الدرجيني, طبقات, ص 442/الشماخي, سير, ص 423.

(56)ويرى ليفتسكي أن تعلم أبي العباس على أبي الربيع من باب الاحتمال.

T. LEWICKI, LES HISTORIENS... P. 21

(57)ينظر تفصيل ذلك عند: الدرجيني، طبقات ج 2, ص 444.

(58)الدرجيني، م، س, ص 445.

نشر كتاب أبي مسألة في زنجبار سنة 1318هـ وقد حشّاه محمد اطفيش.

ينظر:

T.LEWICKI,Les Historiens.22.

(59)توجد منه نسختان في جربة, الأولى في المكتبة البارونية والثانية في مكتبة البعطور. والغ.

ينظر:

A.K.ENNAMI, A description of new Ibadi manuscripts from north Africa. Journal of semetic studies vol. 15 No 1, spring 1970. P.73.(extrct)

(60) Ibid,P.74

(61)حقق الجزأين الأولين منه طالبان بمعهد الحياة بالقرارة، في إطار بحث التخرج، الثالث لا يزال طور التحقيق من قبل طالب ثالث في الإطار نفسه.

(62)الدرجيني, طبقات, ج 2, ص 444.

(63)كان في عداد المفقودات وبعد البحث وجدت نسخة مخطوطة في المكتبة المغمورة لآل الفقيه بوارجلان ترجع إلى سنة أربع وسبعين وتسعمائة لهجرة النبي عليه السلام.(974هـ/1566م)

(64)يذكرهما ليفتسكي بالتتابع وهذا يعني أنّ كتاب الأموات مضمونه غير كتاب الجنائز كما يظن البعض.

نشر المقال في دورية الحياة، العدد: 11، 1428هـ/2007م، ص141-160

المصدر موقع التراث 

الحياة السياسية في وادي مزاب


 

سرار نجاح العمل السياسي لدى المزابيين

من أسرار نجاح العمل السياسي لدى المزابيين في فترة الاستعمار الفرنسي، أن لديهم منظومة فكرية ثابتة ساهمت في الحفاظ على هويتهم الدينية والعرقية، كما أنهم يمتلكون أساليب في العمل مرنة قابلة للتغيير مبنية على فقه الموازنة وفقه الأولويات، لذلك وجدناهم أمضوا على اتفاقية مع المستعمر الفرنسي في الوقت الذي كانوا وقودا للثوار وعش الثورة الدائم، وهذا ما صرح به... 

إقرأ المزيد 


 

رفض الالمزابيون استقبال الإمبراطور نابليون

لمّا زار الإمبراطور عاصمة الجزائر عام 1860م، رفضت جماعات بني يزقن ومليكة وبونورة والعطف وبريان إيفاد ممثلين عن بني مزاب إليها، لحضور احتفالات الاستقبال. وقد جرّ هذا الغياب عتابا لهذه الجماعات من قبل الجنرال يوسف بالأغواط، فأنزل عليها غرامات باهظة ثلاثيـن ألف فرنك على بني يزقن، وستّة آلاف على مليكة، وثلاثة آلاف على بونورة ، و...... 

إقرأ المزيد 

 


 

العلاقة الطيبة بين مزاب والعثمانيين

إنّ المواقف البطولية للمزابيين في دحر الأوروبيين عن شمال إفريقيا، وتقديمهم يد المساعدة إلى خير الدين، منحتهم مكانة وتقديرا عنده، وعند من خلفه على السلطة من العثمانيين في أرض الجزائر. لذلك فإنهّمتمتّعوا.بمعاملة خاصّة، اعترافا لهم على ولائهم وإخلاصهم للدولة الجزائرية العثمانية.  هذا الولاء أكّدوه لصالح رايس باشا الجزائر الذي توجّه في أكتوبر 960هـ/1552م إلى تقرت التي رفض ملكها دفع الخراج، وحاصرها ودخلها بعد ثلاثة أيّام من قصف مدفعيته، ثمّ توجه منها إلى ورقلة لنفس السبب إلاّ أنّ... 

إقرأ المزيد 


 

النّشاط السّياسي لبني مزاب في شمال إفريقيا

إنّ الحزب الحر الدّستوري الذي أسّسه الشّيخ عبد العزيز الثّعالبي وأنصاره في منتصف شهر فيفري 1920، قد كان من مؤسّسيه ومن مؤيّديه الأوّلين شخصيات بارزة من العلماء المزابيين، فكان أبرزهم صالح بن يحي آل الشّيخ اليزقني، كان من الأعضاء الإداريين في الحزب، وعضوا في اللّجنة التّنفيذية، وعضوا في لجنة الدّعاية، وعضوا في لجان المالية، وعضوا في لجنة الدّعاية، وعضوا في لجان المالية، وعضوا في الوفد. يقول أحمد توفيق المدني: «فإنّه لمّا تأزّمت الحالة بتونس وتقرّر إرسال الوفد، ولم.....

إقرأ المزيد 

 


 

قتل المزابيين للآغا يَتَّحْ اليهودي

مّا عرضت السلطات الاستعمارية على بني مزاب مرسوم تنصيب اليهودي يتح آغا على مزاب –أصله من الأغواط يعمل في المخابرات الفرنسية – اعتبروا ذلك إهانة لهم وتدخلا في أمورهم الداخلية، ومناقضا لمضمون معاهدة الحماية، وامتنعوا بإجماع عن قبوله. إلاّ أنّ السلطات الفرنسية نصّبته وتحدّت بذلك الشعور القومي لدى المزابيين، وكان من نتيجة ذلك أن قتله السيّد إبراهيم كولا، يوم 21 جوليت 1860، حوالي برج كاركار بين بني يزقن ومليكة.

غضبت القوات الفرنسية وأعياها التعرّف على القاتل، فأمرت بإلقاء دية اليهودي الفادحة على كافة المدن السبع، تدفع منها كلّ مدينة حسب عدد سكانها، ومقدارها عشرة آلاف فرنك تدفع لأهل اليهودي يَتَّحْ، بالإضافة إلى... 

إقرأ المزيد 


 

معاهدة الحماية 

لم يقتصر بنو مزاب على إمداد الشريف محمّد بن عبد الله بعدد كبير من المشاة، ولكنّهم ساعدوه أيضا بالمواد الغذائية والمؤونة الحربية. عندئذ حرّم الجنرال راندون باقتراح من الجنرال يوسف شراء الحبوب من أسواق التل على بني مزاب.

وفي 4 ديسمبر 1852، يوم معركة احتلال الجنرالين بِيلِسْيِي ويوسف لمدينة الأغواط، التي تحصّن بها الشريف محمّد بن عبد الله –اسمه الحقيقي إبراهيم ابن أبي فارس، يعرف بشريف ورقلة- وسقط فيها حوالي ألفين وخمسمائة ضحية، ساعده حرسه الخاص من المزابيين، على الفرار إلى وارجلان. عقابا لهم فإنّ قوم أولاد...

إقرأ المزيد     /     إقرأ المزيد 

 


 

النشاط السياسي لبني مْزاب ضد فرنسا

شارك المزابيون بفعالية و نشاط في الحرب السياسية و الإعلامية ضد فرنسا ، إذ أن الشيخ صالح بن يحيى اليزجني كان من الأعضاء الإداريين في الحزب الحر الدستوري الذي أسسه عبد العزيز الثعالبي ( شخصية ثورية جزائرية) ، كما قامت السلطات الفرنسية بتفتيش منازل كل من سليمان بن عيسى و زكري بن سعيد و الحاج عيسى بن محمد و ابراهيم بن سليمان للكشف عن... 

إقرأ المزيد 


 

قرار إلحاق مزاب بفرنسا

يقول أُوقُسْتَانْ بِرْنَارْ: «باستيلائنا على مزاب، قضينا على عشّ الثورة الدائم والمستودع الذي كان يجد فيه الثوار ضدّنا الأسلحة والعتاد والتموين». إنّ هذا التصريح يبيّن بوضوح الأسباب الرئيسة التي حملت القوات الفرنسية على إعلان إلحاق مزاب بفرنسافي 26 أكتوبر 1882م، تلقّى الجنرال دُولاتُورْ برقية من الوالي العام لُوِيسْ تِيرْمَانْ، يأمره بتجهيز محلة و....

إقرأ المزيد 

 


 

قادة القرى السبع بين 1882م و 1959م

باحمد بن عمر بَالُولُّو، عزل عام 1888 إثر خلاف بينه وبين رئيس المكتب العربي، وخلفه خليفته حمو بن الحاج عمر الناصر المتوفى يوم 8 جوليت 1895. في 14 مارس 1894، طلب بالُولُّو إعادته إلى منصب القيادة، ورفض الطلب. توفي عام 1900.

- إبراهيم بن عيسى بحاز، عيّن يوم 5 نوفمبر 1895 وتوفي عام 1909.

- إبراهيم بن يحي مصباح المولود عام 1862، عيّن يوم 20 جوليت 1909.... 

إقرأ المزيد 


 

التّجنيد الإجباري

قول لُوفِبْرْ: «إن المزابيين أُرغموا على قبول فرنسا عندهم. إنّهم يتحمّلونها، يستفيدون منها إذا اقتضى الأمر، لكنّهم لا يحبّونها. إنّها لا تجد فيهم أيّة مساعدة، ولا يشاركون في الحياة الوطنية (الفرنسية)، وقد يفرحون لهزائمها، إذا كان سينتج عنها تشكيل الإمبراطورية الإباضية من جديد، بتوحيد المجموعات المختلفة المتشتّتة، والتي لا تزال تحافظ على العلاقات التي تربط بينها». المادّة الثامنة من قرار 3 فيفري 1912 بيّنت كيفية تجنيد الأهالي الجزائريين، في بلديات التّل، وعدّلتها المادّة الأولى من قرار 28 نوفمبر 1913 القاضية بتسجيل الأهالي البالغين تسعة عشر عاما، غير المولودين في...

إقرأ المزيد 

 


 

النّشاط السّياسي في القضايا المحلّية بين 1912م  و1947م 

عام 1914، تقدمّ بنو مزاب بعريضة إلى الاتّحاد من أجل الدّفاع عن حقوق الإنسان والمواطن في باريس، في موضوع عدم استشارهم في تسمية القوّاد والقضاة. وكانت سنة 1338هـ/1919م سنة عاصفة في القرارة، وقعت فيها معارك طاحنة بين الإصلاح والمعارضة. وقد رصد المعارضون في هذا العام جماعة من الإصلاح كانوا مسافرين، وتآمروا مع الجمالين، حتّى إذا وصلوا وادي نْسَا، غدر بهم الجمالون، فقتلوهم جميعا. ثارت القرارة بهذه الجريمة، واستمال الإصلاح بعض الصّحف الفرنسية في الجزائر وباريس، فكتبت مقالات حارّة في هذه الجريمة، وفي الظّلم الذي يقع في.... 

إقرأ المزيد 


 

النّضال السّياسي والعسكري من أجل وحدة الجزائر واستقلالها

اتّخذ المخطّطون الفرنسيون لفصل الصّحراء عن الجزائر، منذ نشأة شركة ريبال للتّنقيب عن البترول سنة 1946، محور ارتكازهم على بني مزاب خاصة، باعتبارهم، سياسيا وجغرافيا وتاريخيا، العنصر الأساسي الحسّاس في الصحراء، يعتمدون عليهم في الدّرجة الأولى في إنشاء الجمهورية الصحراوية. اضطرّت الحكومة الفرنسية، وقد أحرجها الموقف المتصلّب للشّيخ بيوض في المجلس الجزائري، إلى إرسال لجنة برلمانية إلى مزاب سنة 1951. فقام الشّعب بمظاهرات سلمية في كلّ مدينة، أمام أعضاء اللّجنة، يعبّرون عن تمسّكهم بفكرة ربط مزاب بالشّمال في....

إقرأ المزيد 

 


 

التطورات السياسة المحلية من 1947م إلى 1962م

يوم 20 سبتمبر 1947، صدر القانون الأساسي للجزائر الدي ينص. في مادته الخمسين، على إزالة الحكم العسكري عن أراضي الجنوب وضمّها للشّمال. إنّ هذا القانون وضع مزاب في محيط أكثر جزأرة من ذي قبل، مع المحافظة على مميّزاته الخاصّة. ولمّا ظهرت مسألة الانتخاب للمجلس الجزائري انقسم حولها المزابيون إلى فريقين: فريق الإصلاح الذي يريد المشاركة فيه، معتقدا أنّ تلك المشاركة ستجرّ منافع كثيرة للوطن، وفريق المحافظين الذي يرى أنّها تؤدّي إلى القضاء على شخصية المزابيين، وعلى مميّزاتهم إذا ما أدمج مزاب في الجزائر. توجه وفد للمحافظين، يضمّ مفدي زكرياء، وبسخواض بكير، إلى فرنسا، للدفاع عن فكرة عدم تمثيل مزاب في...... 

إقرأ المزيد 


 

القضاء من 1882م إلى 1912م

في 7 نوفمبر 1882م، صدر أمر من الوالي العام يتضمّن إحداث سبع محاكم إباضية بمدن مزاب، وإنشاء مجلس للاستئناف بغرداية، سمّي مجلس عمّي سعيد. وفي 1 جانفي 1883، صدر قرار تعيين السادة:

الحاج الناصر بن الحاج إبراهيم رئيسا لمحكمة بريان. الحاج محمّد بن الحاج قاسم رئيسا لمحكمة القرارة. باحمد بن الحاج محمّد رئيسا لمحكمة غرداية. الحاج امحمد بن عيسى رئيسا لمحكمة بني يزقن. الحاج سليمان بن الشيخ عمر رئيسا لمحكمة مليكة. الحاج صالح بن الحاج أحمد الداودي رئيسا لمحكمة بونورة....... 

إقرأ المزيد 

 


 

الحركات السياسية في الجزائر

/أما في الحركات السياسية المختلفة بالجزائر، فإن عددا بارزا من إخواننا شارك في حزب الشعب الجزائري، الذي يطالب باستقلال الجزائر كما تعلمون. وفي مقدمتهم شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء، الذي كان لفترة معينة أمينا عاما لهذا الحزب، وقد قام بعمل جبار في سبيل وحدة المغرب العربي، و... 

إقرأ المزيد 


 

الميزابيين في الكفاح السياسي

كانت حركة الأمير خالد، حفيد الأمير عبد القادر، أول حركة سياسية منظمة، قدمت مطالب الجزائريين، وعبرت عن آمالهم، وعرضت قضيه على المنابر، وعلى صفحات الجرائد، على بعض التجمعات التي كان يعقدها الأمير في فرنسا ومطالبه وإن كانت بسيطة عند استعراضها إلا أنها كانت ....

إقرأ المزيد 

 

الخلافة الراشدة أيام الدولة الرستمية

المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية

المغرب في عهد الدولة الرستمية يحظى بعهد الخلفاء الراشدين، ويتمتع من أئمته بما كان يتمتع به المسلمون في عهد الفاروق وخلفاء الرسول عليه السلام، ومع هذا العدل والديمقراطية الكاملة، والتمسك بالدين كل التمسك وجعله دستورا للدولة الرستمية لا تحيد عن طريقه في شاردة ولا واردة، الحضارة العظمى، والمدنية الراقية، وامتياز المغرب في ظل الإمامة الإسلامية بكل ما امتاز به العباسيون من حضارة ومدنية وعمران. سيريك المغرب المتحضر القوي السعيد في ظل الدولة الرستمية أن عهد الخلفاء الراشدين وسياستهم وعدلهم وتمسكهم كل التمسك بالدين هو الذي يليق بالأمم المتحضرة، والشعوب الحية، ويساير الزمان، ويليق في كل عصر، وليس كما قال الجهلة الملحدون الذين يمشون في ركاب المستبدين، ويتأثرون بكتبهم، ويرددون ترهات المستشرقين المغرضين؛ يريك المغرب كذب ما قاله الجهلة الملحدون من أن سلوك الخلفاء الراشدين وعدلهم، وتمسكهم في السياسة بالدين، وبما أمر الله، شيء لا يمكن إلا في زمانهم، ولا يليق إلا لعصرهم، وانه لم يتجدد ولم يكن في امة وفي دولة بعد دولتهم وأيامهم!

إن المغرب قد جدد عهد الخلفاء الراشدين في ربوعه، لتمسكه بالإمامة الإسلامية، وإنشائه لدوله العادلة التي جعلت الدين دستورها، وهدي الخلفاء الراشدين هديها؛ وتحقيق ما سكب الدم الغزير من اجله، وما قضي عليه الأمويون والعباسيون في المشرق.

إن الدولة الرستمية التي تقوم على الإمامة الإسلامية هي أول دولة جزائرية إسلامية نشأت في المغرب الأوسط فبسطت جناحها الحنون وأشعتها الجميلة إلى المغرب الأدنى فوحدت اغلب المغرب، ودخل بها في أعراسه وأعياده وعهود قوته! إنها دولة خلعت ظلم العباسيين واستبدادهم، وتمسكت بالإمامة الإسلامية، وأذاقت المغرب حلاوة عدلها، ونعمة تمسك الدولة في السياسة بالدين، فاتجهت إليها الأنظار، فثارت ثائرة المستبدين فرفعوا المعاول عليها، وبسطوا السنة السوء والبهتان فيها، فشوهوا صفحاتها الغراء في التاريخ، وظلوا عشرة قرون كاملة، وكتب التاريخ، والسنة العباسيين، والعبيديين، وكل من يتمسك بالملكية المطلقة المستبدة، ويكره الإمامة الإسلامية العادلة، تكيل لها ما يسود صفحتها، ويثني بأعنة المغرب والمشرق عنها، لكي لا يروا في صفحاتها الغراء جمال الإمامة الإسلامية فيعاودهم الحنين إليها، فيقضون على عروسهم واستبدادهم، ويحيون الإمامة الإسلامية التي أسعدت أجدادهم.

لقد كان جو المغرب الكبير مغبرا بالملكية المطلقة، وبالاستعمار الذي يؤكد مزاعمها في دولنا المغربية الزاهرة، فها هو قد تخلص من الملكية المطلقة، وأوتي رؤساء مثقفين، دستوريين، مخلصين لبلادهم، غيورين على تاريخهم، فتكون في مغربنا الكبير الجو الضاحي الصافي لإبراز تاريخنا مصفى من أكداره، ليكون سبب بناء ومحبة، فيكون أبناء المغرب في حاضرهم كما كانوا في ماضيهم، مع بعضهم بعضا، ومع الأمة الإسلامية كلها، إخوة متعانقين متحابين، متساندين، يرضى عنهم الله، وتهابهم كل الدنيا وتحبهم!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 102-103

الدولة الرستمية

مختلف الإمامات الإباضية (الدولة الرستمية)

  • نشأة الدولة الإسلامية

    image1

    كان الإسلام قد غرس حب العدل في القلوب، والغرام بالمساواة في النفوس، والتعليق بالديمقراطية؛ فكان من مآثر الدين الحنيف عند المسلمين قضاؤه على ظلم الجاهلية واستبدادها، وعلى غطرسة الملوك، وتجبر الأمراء، وحيف الرؤساء؛ وأشاع العدل الذي يتولد به الاتحاد والإخاء، والديمقراطية والمساواة التي هي أساس المحبة والرخاءوكان الإسلام قد فرض في رئاسة الدولة أن لا يتقدم إليها إلا من يرتضيه المسلمون لدينه واستقامته، وورعه وإخلاصه، وكفاءته العقلية والخلقية، ويقدمونه هم لرئاستهم، بدون أن يتخطى الرقاب إليها و...


    اقرأ المزيد

  • أول دخول الإباضية في إفريقيا

    image2ن الذي بث الدعوة وقام بنشر المذهب الأباضي بالمغرب الكبير هو سلمة بن سعد قال الشيخ يحيى علي يحيى امعمر النفوسي في كتابه الاباضية في موكب التاريخ في الحلقة الثانية...


    اقرأ المزيد
  • الدولة الرستمية

    image3

    إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها
    المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية
    دولة الإباضية  لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء
    استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين
    حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية
    الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية
    تمتع اليهود والنصارى بحقوقهم كاملة في الدولة الرستمية وعدلها فيهم
    اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها...

    اقرأ المزيد

  • آثار الدولة الرستمية

    image1

    مسجد الإمام أفلح
    مقام الإمام يعقوب
    بقايا الحمامات بتاكدمت.
    ..


    اقرأ المزيد


 

 

 

 

 

الدولة الرستمية

الدولة الرستمية

image3

إعجاب ابن الصغير المالكي بالدولة الرستمية وحبه لها
المغرب جدد عهد الخلفاء الراشدين أيام الدولة الرستمية
دولة الإباضية : لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء
استقرار الدولة الرستمية وهناؤها وسعادتها بالعدل والدين
زهد عبد الرحمن بن رستم في المادة وتقشفه في عيشه
حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية
الإخوة الإسلامية الكاملة في الدولة الرستمية
تضحية كل الطبقات في الدولة الرستمية واعتمادهم على أنفسهم في بناء وتجهيز نواحيهم
تمتع اليهود والنصارى بحقوقهم كاملة في الدولة الرستمية وعدلها فيهم
اعتناء الدولة الرستمية بتعليم المرأة وتثقيفها
سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها
إقبال الإمام على الدرس والتدريس لقلة مشاكل الدولة لاستقرارها

السيدة عائشة دادي عدون

السيدة عائشة دادي عدون من نساء بريان المتعلمات و المثقفات اللائي ساهمن في توعية الوسط النسوي في فترة ما قبل الاستقلال وبعده، وهذه نبذة مختصرة.
Icon 07

نبذة مختصرة عن حياة السيدة عائشة دادي عدون

هي من مواليد 18 سبتمبر 1930 في بولوغين (سانت أوجان سابقا ) ، الجزائر. ابوها محمد ، و امها حليمة .
عاشت طفولة فتاة موهوبة ، عنيدة ولكنها كانت طفولة سعيدة.
كان والدها ، محمد بن سعيد دادي عدون ، وهو مزابي من بريان ، رغم تواجده بالعاصمة لم ينس ابناءه في منطقة الاصول حيث كان بعرفهم بمزاب في سن مبكرة للغاية ، ونتيجة لذلك ، أصبحت عائشة ومزاب كيان واحد. على مر السنين ، تزوجت وعاشت في المغرب مع زوجها وثلاث بنات ، شيرهان وحسنة وصريا.
بعد طلاقها، ساندها، والداها ، على مواصلة دراستها، وتربية بناتها الثلاث. اختارت الدراسة في إنجلترا لتصبح قابلة .
بعد الحصول على شهادتها كقابلة ، عادت إلى الجزائر لخدمة بلدها ، أولاً في الجزائر العاصمة ، ثم إنتقلت إلى بريان، ولاية غرداية ، كلها قوة و إرادة و عزم ، فأسست أول مركز للأمومة لتوعية النساء على رعاية أطفالهن في مستشفى بريان الصغير، آنذاك ، أين كانت تشتغل على حثهن مراقبة الحمل ، لأن نسبة وفيات الأطفال في ذلك الوقت ، 1965 ، كانت عالية جدا. .
كتبت عدة مقالات في السبعينات منها "علم الاجتماع وتاريخ الإباضية الجزائريين.
التقت مع العديد من مشائخ مزاب و جالستهم في تصحيح بعد المفاهيم و التثبت منها في تأليف كتابها وهو عبارة عن دراسة سوسيولوجية عن الحياة الإجتماعية للمرآة المزابية . طبع سنة 1977م حول المجتمع المزابي وركزت فيه الباحثة على المرأة الميزابية خصوصا.
علاوة على ذلك كانت تنشط في المجال السياسي ، حيث انتخبت في المجلس البلدي و الولائي بالاغواط،
ترشحت في الانتخابات البلدية، في الخامس والعشرين ماي من سنة 1969 ، وفازت فيها، فأصبحت عضوا في المجلس الشعبي البلدي، ودافعت عن حقوق المواطنين، لاسيما سنوات سياسة الثورة الزراعية التي سلبت اراضي مالكيها .
و قد غادرت بلدتها بريان عام 1974 ، و كلها اسف لظروف ، و سافرت إلى سويسرا لتستقر بجنيف بشكل نهائي.
امتهنت الكتابة وعشقت السفر ، و شدها الحنين إلى مزاب و هي بعيدة عنه.ترمقه من بعيد بروحها و ذكرياتها.
مما قالت، "إن العالم الحالي معقد للغاية، مادي ومهدر، بينما يمكن للمرء أن يعيش حياة بسيطة وذات مغزى وأكثر إثارة للاهتمام..."
و لما بلغت الستين من عمرها ، التحقت بجامعة جان مولين الثالثة لإعداد أطروحة الدكتوراه ، تحت عنوان "سلطنة عمان الإباضية" إلى ان تحصلت عليها بدرجة "مشرف جدا"
كانت عائشة دادي عدون امرأة استثنائية، بنشاطها الفكري و التوعوي ،
توفيت بجونيف في 21 أغسطس 2016 عن عمر ناهز 86. هي الآن ترقد بسلام في ساحة للمسلمين في مقبرة في جنيف ,مزيج من تربة مزاب , عمان و سويسرا, كان ذلك ما أوصت به.
منقول بتصرف عن احدى حفيداتها
حسناء قلوش.

 

هذا نموذج من كتابتها :

Sociologie et histoire des algériens ibadites

A ma treizième année, maman me dit un jour que mon père ne voulait plus que j’aille à l’école, que toute ma famille était contre mon éducation secondaire, que je savais lire et écrire c’était suffisant. Donc je devais porter le voile, et n’avoir plus de contact extérieur, qu’on allait très certainement me marier. Mais voilà savoir lire, c’est allumer une lampe dans l’esprit, relâcher l’âme de sa prison, ouvrir une porte sur l’univers. Très ferme dans la foi religieuse, je saurai convaincre les septiques qu’on peut garder le coran comme règle de morale sans se dérober à la vie de son temps. Donc je m’étais décidée a préparer un diplôme d’infirmière ;

En entrant pour la première fois au Royal Collège des sage-femmes, j’avais eu le sentiment de commencer une aventure héroïque, sure d’être marquée par un signe, je me sentais digne de cette expérience médicale, qui au terme de mes études me permettrait d’être libre, et de libérer d’autres femmes.

Déjà huit heures, « il faudrait que je parte à l’hôpital », me dis-je, et pour cela traverser la ville. Juste après avoir dépassé notre maison, un homme entre deux ages, qui me connaissait étant enfant me dit :

« Tu es la fille de Hadj Mohamed, la sage-femme, tu te plairas ici chez toi », l’accueil était cordial.

J’avançais très droite, regardant devant moi, sans m’occuper de ce qui pouvait se passer à ma droite ou à ma gauche. Une porte est ouverte, mais il faudra les forcer l’une après l’autre ; pour l’instant des visages gênés, des bouches serres, des fronts anxieux, des attitudes retenus. Il va falloir tous leur apprendre, pourrais-je réussir du même coup, à ouvrir le cœur des gents.

Mon cœur va et vient d’un bout à l’autre de ma poitrine, comme une navette de tisserand, il tisse le temps que je dois passer au Mzab. Dieu merci je crois être capable de trouver en moi des sources de bonheur, car après tout ce sont les miens, je pourrais me faire adopter par eux, pourquoi pas ? Puisque moi qui ai suivi une destinée toute différente, qui ai choisi un mode de vie révolutionnaire pour eux je les comprends.

Qu’est ce que l’indépendance ? C’est d’avoir maintenant une conscience Algérienne de prendre de courageux efforts, de prendre en main sa propre destinée et a entrer de plains pieds dans la réalité aujourd’hui sans rien renier de ses vertus traditionnelles.

« On peut enlever un enfant du Mzab, mais pas ôter le Mzab d’un enfant ».

Aicha Daddi Addoun- Sociologie et Histoire des Algériens Ibadites .

 

منقول Youcef Lassakeur

الشيخ باحيو بن موسى ضد الاسبان

Icon 07

الشيخ باحيو بن موسى ضد الاسبان

من أعلام العهد الثالث

هو من مواليد مدينة العطف. كان عالما عاملا ومجاهدا في سبيل الله. كوّن جيشا من أبطال بني مزاب وفرسانهم، فقاده للمشاركة في الحروب ضدّ غزو الإسبان للشمال الإفريقي، إلى جانب قوات عروج باربروس. شارك في صدّ غاراتهم على جزيرة جربة سنة 916هـ/1510م.

له قصيدة في وصف تلك المعارك بين الإسبان والجربيين تحت قيادة شيخ الجزيرة أبي يحي السمومي والتي شارك فيها جمع كبير من رجال نفوسة وعلمائها، وحازوا النصر بتدبير من البطل أبي الربيع سليمان بن يحي السمومي.

وقد غنم الشيخ باحيو بن موسى في حروبه ضدّ الإسبان أكثر من عشر سفن.

قام مع فرقته بالعملية الفدائية المشهورة بمدينة الجزائر التي أدّت إلى الانتصار الباهر ضدّ الإسبان عام 925هـ/1518م، أيّام خير الدين باشا.

كان يتصدّى لكلّ من حدثته نفسه بالطعن في الإباضية، وقضيته مع الطاعن في المذهب الإباضي بملكية مشهورة.

الصّناعة 03

c 7

الصّناعة في العهد الثّالث من تاريخ وادي مزاب

 

الحياة الاقتصادية العهد الثّالث 

فخار فرش ألبسة ذهب و فضّة

 

الصّناعة:

من الصّناعات السّائدة بمزاب، صناعة مواد البناء من جير وجبس، كانت تصنع لها أفران مبنية من حجارة وطين أحمر مستدير الشّكل، وصناعة أخشاب النّخيل للتّسقيف، وخشب بعض الأشجار لصنع بكرات النّزح وحاملاتها و أدوات النّسيج وأواني المطبخ.

يتّخذ المزابيون من جذوع نخيلهم عوارض للتّسقيف، وأخشابا لصنع الأبواب، مكاييل للتّجارة، مهاريس لطحن الحبوب، وأواني مختلفة. ويتّخذون من جريدها ستائر وسقوفا. ويصنع من أوراقها و أليافها حصائر وحبال وأقفاف وأطباق وكسكسات ودلاء ومظلاّت ومراوح.

من أشهر الحرف، بناء المساكن وحفر الآبار ومد السّواقي وبناء الأحواض، أمّا الحدّاد فيصنع آلات الفلاحة وأدوات البناء والغزل والنّسيج.

ومن أهمّ الصّناعات دباغة الجلود لصناعة الدّلاء، وصناعة الفخّار لصناعة الأكواب و الأباريق والقلل و الخابيات. يصنع كلّ ذلك من طين خاص ثمّ يوضع في أفران خاصّة به.

هذه الأفران وجدت بكلّ من مليكة والقرارة وكانت تنتج فخارا عاديا وفخارا مطليا.

 

يصنع من الفخّار العادي:

 

أ- الجرار المبرنقة من الدّاخل أو بدون برنق، منها:

1- الخابية بغطائها وبدون مقبض، سعتها حوالي خمسين لترا لخزن التّمر أو الماء.

2- أَغَلُّوسْ له مقبضان، سعته بين ثلاثة وعشرين لترا، يخزن فيه التّمر أو الماء أوالشّحم المذوّب أو السّمن أو الحليب.

3- تَاقَصْرِيتْ بدون مقبض يستعمل لترطيب نوى التّمر للمعز.

4- تَاقَدُّوحْتْ بغطاء وبدون مقبض لخزن المؤن.

 

ب- أواني السوائل:

1- الإبريق سعته حوالي لترين.

2- القلّة لها مقبضان سعتها ثلاثة لترات.

3- أَقَدُّحْ يسع لترا إلى لترين من اللّبن.

4- تَاقَدُّوحْتْ بمقبضين تسع من نصف لتر إلى ثلاثة أرباع اللّتر من الحليب.

5- أَجَدُّو بمقبض واحد يستعمل للشّرب.

6- المحبس بمقبضين صغيرين لجمع المياه القذرة، حوالي أربعة لترات.

 

جـ- المكاييل:

النقاصة بمقبض أو مقبصين لكيل السّمن و الزّيت، سعتها لتر واحد تقريبا، مثلها نصف النقاصة وربع النقاصة. تحمل كلّ منها معلما يبيّن الكيل وعلامة ضبطه من طرف حلقة العزّابة بمسجد البلدة.

 

د- الأكواب:

1- تَاغَلُّوسْتْ هي الصّحن.

2- تَاغَدَّارْتْ أي الجفنة.

3- تَابْخُورتْ أي المبخرة.

4- نِيرْ أي القنديل.

 

هـ- مصنوعات أخرى:

1- تَادْوَاتْ أي المحبرة.

2- سُوفيرْأي الميزاب.

3- قادُوسْ أي الأنبوب.

 

ويصنع من الفخّار المطلي بالأخضر:

 

أ- أوانيالسّوائل:

1- تَابَغْبَغْتْ سعتها لتر ونصف، تعلّق في غرفة العروس للشّرب.

2- لَبِرِيكْ نُوفُوسْ: إبريق سعته لتر واحد ونصف، للعروس كذلك.

3- أَجَدُّو وتَاجَدِّيوْتْ للشّرب.

4- تَاقَصْرِيتْ أو تِيمَحْبَسْتْ بمقبضين سعتها من لتر إلى ثلاثة توضع تحت تْجَاوْتْ لاستقبال قطرات الماء الراشحة. و تْجَاوْتْ دلو من جلد المعز تحيط به أهداب من القرنفل، يعلّق لتبريد ماء الشّرب بالتبخّر

5- أقَدُّوحْ و تَاقَدُّوحْتْ لوضع الزّيت والسّمن واللّبن

 

ب- الأكواب:

1- تَاغَلُّوسْتْ أي الصّحن.

2- تَاغَدَّارْتْ أي الجفنة.

3- المَتْردْ وهو صحن ذو قاعدة عالية ارتفاعه حوالي خمسة عشر ستنيمترا.

 

 

المنتوجات النسيجية:

في صناعة الغزل و النّسيج كانت النّساء ينتجن الحياك والأكسية للنّساء، والعباءات والبرانس للرّجال، والفرش المتنوّعة، والمناديل للف أواني الطّعام ونقل الخضر.

 

الأفرشة:

بالنسبة للفرش، فإنّه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع:

أ- الفرش ذات النسيج العالي، التي تصنع من صوف غير مصبوغة، ويسّمى الواحد منها تْنَاشْرَا.

ب- الفرش المستوية الثقيلة التي تعرف الآن بزربية بني يزقن، تشتمل على عدد من الرموز التقليدية،وقد تزيّن بحاشية على كلا الجانبين.

جـ- لَحْنَابَلْ: جمع حَنْبَلْ، وهي سلسلة من أشرطة مختلفة الألوان.

 

الألبسة:

أمّا بالنسبة للألبسة فنجد من بينها:

أ- تَجَرْبِيتْ: وهي ملحفة صوفية بيضاء مزينة ببعض الأشرطة الملونة.

ب- الشال المطروز: يختلف طرزه من بلدة إلى أخرى.

يصنع الشال (أَخَمْرِي بالمزابية) من الصّوف ويصبغ بالأسود، ثمّ يطرز بالحرير الأحمر والأخضر و الأصفر والبرتقالي. حسب الأشكال المطروزة عليه نحصل على خمري مخبل أو خمري الناصية.

هذه الأشكال تسمّى:

- البزيمة أو الشمسية.

- تِسَغْنَسْتْ أو الريشة أو تَكَمْبُشْتْ.

- إِدْلاَلَنْ أي الأهداب.

- إِتْرَانْ أي النّجوم.

- إِبَوَنْ أي الفول.

- إِكُومَارْ أي الأقواس.

- تِمْشَرْفِينْ أي الأقراط.

- المجدول.

- تِينَصْرِيفيِنْ أي الدويرات.

- السوالف.

- تِسْلاَتِينْ أي العرائس.

- إِضُوضَانْ أي الأصابع.

 ج- تِشْبَرْتْ نَلَّتْشْ: عباءة من الصوف متعدّدة الألوان، تحمل رموزا معيّنة. كان يرتديها الرجال والأطفال. هذه الرموز تمثّل شرفة، عقربا، ساق دجاجة، مفتاحا، مائدة، شمعدان، شموعا، مشطا، زهورا، يدا، أسنان الفأر، حليا، بالإضافة إلى أشكال تسمى زَقْزَاقْ، إِفْرَانْ، تِكُوكْوِينْ، تِسَغْنَسْتتْنْ بَرْبُورَا، رَقْمَتْ نْتَشْبَرْتْ، زَازَاغْ، تَاسْلَتْ.

 

الحلي:

واختصّ اليهود بصناعة الذّهب و الفضّة.

 

الذّهب :

وفيما يلي عناصر الحلي الذي كانت تتزيّن به المزابية، فمن الذّهب:

- تِسَغْنَاسْ: جمع تِسَغْنَسْتْ لمسك أطراف الملحفة على الكتفين.

- الخاتم.

- أَصْرَا أي العقد.

- الصارمية: قلادة تمسك كلّ طرف من طرفيها تسغنست.

- تِمْشَرْفِينْ أي الأقراط.

- البزيم: لتزين الشّعر.

- تِصَغْدْرِينْ أو لَمْسَايَسْأي الأساور.

- الشَّارْكَا توضع على الجبين.

 

 الفضّة:

أمّا حلي الفضّة فيشتمل على:

- تَمْغِلْتْ وهي نوع من العقد تمسك كلّ طرف من طرفيها تِسَغْنَسْتْ.

- أُزْلاَنْ أي الخلخال.

- تِجُلاَلْ تعلّق في نهاية شعر العروس على ظهرها.

- تِسَغْنَاسْ لمسك الملحفة.

- تِصَغْدْرِينْ أي الأساور.

- الخاتم.

 

البارود:

اشتهر ببنو مزاب بصناعة البارود. وكان لكلّ قرية عدد معتبر من المهاريس الصخرية الكبيرة، لصنع البارود، ويبعه للقوافل. كانوا يستوردون لذلك الكبريت من تونس وليبيا، وملح البارود من الجنوب الغربي. أمّا الفحم فكانوا يحصلون عليه بواسطة شجرة الأثل الموجود بالمنطقة.

 

العشيرة في مزاب

العشيرة في وادي مزاب ماضيا وحاضرا

Icon 07

إنّ الله تبارك و تعالى يعلن بصريح العبارة : { يَا أّيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثَى, وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا, إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ, إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } إنّ أمر الله صريح في الحكمة من جعل أبناء الجنس البشري شعوبا و قبائل لتعافوا, لكنّه نهى و ندّد بدعوى الجاهلية و التعصذب الأعمى للقبيلة, و جعل مقياس التفاضل بين الناس التقوى. 

تعريف العشيرة المزابية

التأصيل الشرعي لنظام العشيرة

نبذة تاريخية عن نظام العشيرة في وادي مزاب

نظام العشيرة حاليا

مجلس العشيرة  

العشيرة في وادي مزاب وحدة تنظيمية اجتماعية ليست وحدة عرقية

عشائر وألقاب بني مزاب

العمل من مكامن القوة الناعمة في المجتمع المزابي

العمل...من مكامن القوة الناعمة في المجتمع المزابي(01)

Icon 09 المكمن العملي الاقتصادي:

العمل وعمارة الأرض بشتى أفعال الخير والمسارعة إليها والتسابق فيها هي خصلة جلية في الفرد المزابي، فهو متفرغ في صباه وريعان شبابه لتلقي نصيبه من التعليم الرسمي والقرآني، ثم ليلتحق بعد ذلك بعمله الذي سخر له تجارة أو فلاحة أو حرفا أو وظائف. تجد الفرد منقطعا إلى عمله منهمكا فيه متفانيا في أدائه يعطيه جل وقته وجهده. وفي المقابل تجده يمقت الفراغ وتضييع الأوقات جلوسا على طاولات المقاهي أو على أرصفة الشوارع.

لم يأت هذا الأمر كذلك من فراغ، بل هو تراكم جهود الآباء والأجداد الذين غرسوا بذرة حب العمل وقيمته في الأبناء جيلا عن جيل، واقتنعوا أن الدنيا لا تُنال بالتمني وإنما تؤخذ غلابا، وأن النجاح ضريبته التعب والجد والكد.

لعل البيئة الصحراوية الشحيحة الموارد القاسية المناخ، قد ساعدت على تشكل هذا الأمر في الشخصية الميزابية، فعلى الفرد أن يعمل كثيرا لأجل تحصيل القوت الحلال من عرق جبينه. كما أن الفرد الميزابي تعود على الاعتماد على النفس، ونبذ الاتكالية، وانتظار المساعدة من الغير ومن جهات أخرى لتمن عليه بنعمها وخيراتها، فهو يسعى لتحصيل قوته بكد يمينه.

كما أنه معروف بالتقشف في مظاهر حياته عموما، فهو يحسن التصرف في أمواله جمعا وإنفاقا واستثمارا، كما يحسن ترتيب أولوياته في الحياة، ويحسن فرز ضرورياته من كمالياته، لذا تجده أبعد الناس عن مظاهر الإسراف والتبذير، كما أنه يحمل فكر الادخار لمستقبل أيامه، ويفكر في نفسه كما يفكر في والديه وأسرته وأبنائه.

 -----------------------------------

(01) مقال بعنوان "مكامن القوة الناعمة في المجتمع الميزابي" بقلم: د. قاسم بن أحمد الشيخ بالحاج

المصدر nir-osra.org

الفلاحة والرّي

الفترة الثالثة من العهد الرّابع

من 1330هـ/1912م إلى 1366هـ/1947م

     اتّفقت جماعة بني يزقن عام 1921 على زيادة ذراع واحد في ارتفاع السد الصغير بوَقْدَاشْ، مع تمديد مناسب لطوله، من جهة المجزرة (المستوصف حاليا).

     في عام 1925، سمح لأهل القرارة بإصلاح سد ضاية تْلَمَّزْ أَمَانْ.

       أعيد بناء سد على بعد حوالي كيلو متر ونصف من مدينة غرداية، جرفته المياه منذ حوالي قرنين، ولم يتم إعادته آنذاك لمعارضة أهل مليكة. تمّ البناء بما يسمّى تْوِيزَا (حملة تطوّعية) نظمّت عدّة أيّام الثّلاثاء المتتالية مدة شهور[1]. تْوِيزَا جمعها تِيوِيزَاوِينْ وأصل الكلمة أَوْسَا أي المساعدة.

       في سنة 1928، طالب سكّان مزاب بإلحاح بالقيام بحفر آبار ارتوازية، مستعدّين أن يساهموا في تكاليف ذلك. بعد الدّراسات أعلن الأستاذ صَافُورْنَا[2] عام 1930 أنّ الماء يمكن أن يتدفّق في القرارة، إذا تمّ الحفر إلى عمق يتراوح بين 430 و 500 متر، إلى طبقة القاري المدرج (الألبية).

     ندرة الأمطار بين 1934 و 1937 أثّرت في مستوى المياه الجوفية، وجعلت سكّان مزاب يقومون بحملة من المطالبات، للحصول على آبار إلى الطّبقة الألبية. وفي سنة 37- 1938، تمّ حفر أولى بئر عمقها 440 مترا، واستغلال مياه الألبية في غرداية.

سمّيت هذه البئر باسم الوالي العام للجزائر وقتئذ جُورْجْ لُوبُو[3].

لم تسمح ظروف الحرب العالمية الثّانية بحفر آبار مماثلة. فالبئر الثانية أنجزت في مليكة عام 47- 1948.  

     يوم 30 ديسمبر1947،أُسّست لاَرِيصَا[4]، وكالة استغلال المياه الجوفية للجنوب الجزائري، بقرار من الوالي العام للجزائر، يخوّل لها حق احتكار استغلال المياه الجوفية في مزاب الواقعة على عمق يتراوح بين خمسمائة وثمانمائة متر[5].

بعض الإحصائيات لهذه الفترة في ملحقة غرداية[6]:    

منتوج التمور عدد النّخيل السنة
15.000 قنطار 207.441 1919
10.000 قنطار 200.200 1920
29.320 قنطار 193.875 1921

   

         وهذه زراعة الحبوب في ملحقة غرداية[7]:

21- 22 20- 21 19- 20 عام 18- 1919
70 70 200 100 هكتار قمح
250 140 400 300 هكتار شعير
210 340 300 هكتار قمح
1012 200 1200 هكتار شعير

من 1943 إلى 1949 سنون القحط، هلك فيها عشرات آلاف النّخيل في مزاب.

 



[1]-PARMENTIER L’Entraide chez les Berbères Ibadites du M’Zab, 47.   

[2]- SAVORNIN

[3]- GEORGES LE BEAU: Gouverneur Général du 21-09-35 au 19-07-40

[4]- .A.S.S.E.E.R.

[5]- MERGHOUB :Le Développement Politique en Algérie,72..B

[6]- Les Territoires du sud de’ Algérie, deuxiéme patie. 197 et 200.

[7]- . 212, 209, 208,IBID

الفلاحة والرّي

الفلاحة والرّي في الفترة الأخيرة من العهد الرابعذ

من 1366هـ/1947م إلى 1382هـ/1962م

من 1946 إلى 1948، تمّ حفر أوّل بئر أرتوازية في زلفانة، وفي مارس 1949، شرع في حفر مثلها في القرارة، بأمر من الوالي العام مؤرخ يوم 26 نوفمبر 1948، الذي زار مزاب في أكتوبر، وقدّم إليه طلب بهذا الشأن، وتمّ حفرها عام 1950. إلاّ أنّ تأسيس (وكالة استغلال المياه الجوفية للجنوب الجزائري) يوم 30 ديسمبر 1947، تبعته موجة من الاحتجاجات، يطالب فيها سكان مزاب بملكيتهم على المياه الألبية وحقهم في استغلالها. من هذه الاحتجاجات، العريضة التي قدّمها وكلاء (الأمة المزابية) محمّد بن صالح الثميني، وعمر عيسى الحاج امحمد، وإبراهيم بن بالحاج حجوط، إلى الوالي العام، ضدّ حفر آبار أرتوازية، من طرف شركة غير مزابية، وتأسّست الجمعية النقابية الحرة للقرارة، برئاسة عيسى بن عمارة خبزي، نائب رئيسها الشيخ بيوض، مهمتها المطالبة برخصة حفر بئر أرتوازية بالقرارة، ثمّ تسيير استغلال البئر التي حفرتها السلطات، وعدم وضعها بين يدي الوكالة المذكورة. وتدخّل الشيخ بيوض يوم 6 مارس 1951 في المجلس الجزائري، مطالبا بحل الوكالة. ورافق هذه الاحتجاجات إضراب المواطنين عن استغلال مياه الوكالة سنوات، إلى أن تمّ تخفيض سعر المتر المكعب من مائة فرنك إلى تسعين في الاستهلاك المنزلي، وستين في مصالح البناء، وأحد عشر في الحقول والأجنة[1].

هذا الموقف اصطدم بالمشاكل الميدانية في حفر آبار خاصة إلى طبقة الألبية، وانتهت في ديسمبر 1953 بقبول الشيخ بيوض استغلال الوكالة للمياه الألبية، وقَبِلَ أن يكون عضوا في مجلس إدارتها.

تواصل حفر الآبار حتى بلغت عام 1957 تسعا:

في القرارة: عين ارتوازية عمقها 1170م تنتج في الساعة 450م³

وبقية الآبار نصف أرتوازية:

في غرداية: عين لُبُو عمقها 440م تنتج 80م³ في الساعة،

في غرداية: عين لُوهُورُو[2] عمقها 435م تنتج 100م³ في الساعة،

في غرداية- ابن غنم: بئر عمقها 400م تنتج 120م³ في الساعة،

في غرداية- توزوز: بئر عمقها 520م في طريق التجهيز،

في بونورة: بئر عمقها 388م في طريق التجهيز،

في بني يزقن: بئر عمقها 435م تنتج100م³ في الساعة،

في العطف: بئر عمقها 450م تنتج 150م³ في الساعة،

في بريان: بئر عمقها 500م تنتج 120م³ في الساعة.

هذا بالإضافة إلى عينين أرتوازيتين في زلفانة.

وفي سنة 1962، بلغ عدد الآبار المحفورة في مزاب والمستغلة سبع عشرة بئرا.

من جهة أخرى، فإنّ استغلال الآبار التقليدية استمر، بواسطة الدواب وحدها، إلى الأربعينات، فقد كان الحمار الواحد ينزح حوالي ثلاثة أمتار مكعبة من الماء في الساعة.

ثمّ شرع بنو مزاب في استعمال المضخات المحركة بالكهرباء أو البنزين أو المازوت. عندئذ وقعت مشاكل بين الجيران، سببها أنّ هذه المضخات القوية كانت تغرف ماء آبارها والآبار المجاورة لها. لذلك أصدرت البلدية الأهلية لغرداية، يوم 17 جوان 1949، قرارا يحدّد قوّة المضخات بحصانين لكل هكتار تسقيه المضخة.

من سنة 1944 إلى 1961، تمّ تجهيز مختلف واحات مزاب بنحو مائتين وخمسين مضخة أفقية، وثلاثمائة وخمسين مضخة شاقولية، 50% منها تشغل بالمازوت، و30 %بالبنزين، و20% بالكهرباء.

في عهد القائدين سليمان بن عمر بودي وابنه عمر، بنيت ثلاثة سدود في واحة بريان، بتبرعات بني مزاب وجهودهم الخاصّة، منها أكبرها، وهو سد بالُّوحْ، الذي انطلقت أشغاله في جوان 1947، طوله من الشرق إلى الغرب نحو أربعمائة متر، وعلوه نحو خمسة أمتار، وسمك أعلاه نحو ثلاثة أمتار. وهو بالإسمنت والجير والحجر وأبواب الحديد الأوتوماتيكية. ومثله سد غابة السودان، طوله نحو ثلاثمائة متر، وعلوه نحو أربعة أمتار.

في سنة 1952، أحصي عدد النخيل بمزاب وكان 175 ألفا، منها واحد وثمانون ألف نخلة منتجة فقط، وأنتجت 2430 طنا من التمور، وهو شيء قليل جدا.

لذلك فإنّ مزاب كانت تستورد التمور من ورقلة والمنيعة، كما كانت تستورد الخضر والفواكه من المدية ومتيجة، ومن الهضاب العليا كل ما تحتاجه تقريبا من الحبوب. فقد بلغ حجم وارداتها عام 1961 عشرين ألف قنطار من القمح وستة آلاف قنطار من الشعير.

في سنة 1962، تم وضع مشاريع لاستصلاح ثلاثمائة هكتار في الضاية، و813 هكتار في القرارة بِلَعْمِيَّدْ على بعد كيلومترين من المدية، وناحية كاف الدخان في العطف على بعد خمسة عشركيلومترا من السد الكبير.

 


[1]- حمّو عيسى النوري: دور المزابيين، الجزء الأوّل، 148.

[2]- Capitaine Léon-Joseph Lehuraux Commandant des Territoires du Sud, Vice-Gouverneur Génèral.

الفلاحة والرّي 04

الفلاحة والرّي في الفترة الثانية من العهد الرابع

من 1299هـ/1882م إلى 1330هـ/1912م

في هذه الفترة تمّت إقامة أربعة سدود جديدة على وادي مزاب:

- سد في غرداية عام 1883.

- سد في مليكة بين 1887 و1889.

- سد في بونورة بين 1887 و 1889.

- السّد الجديد في غرداية عام 1897، على بعد كيلو مترين شمال البلدة، سمك قاعدته ثمانية أمتار.

أمّا أهل القرارة، فقد أقاموا عام 1909 سدًّا بين وادي زَقْرِيرْ وضاية تْلَمَّزْ أمَانْ، التي كانت تبتلع مياه الوادي.

لمّا زار الوالي العام تِيرْمَانْ مزاب في شهر فيفري 1884، طلب منه بنو مزاب حفر آبار أرتوازية (نسبة إلى منطقة فرنسية اسمها أَرْتْوَا).

أوّل من حاول نزح الماء من طبقة الماء الألبية، أي طبقة القاري المدرج، اليزقني زكري بن أيوب بليدي، الذي قام بحفر بئر في إِنْغِيدْ، بالطّريقة التّقليدية، بلغ عمقها مائة وثمانية أمتار. وقع ذلك عام 1875 أو 1878.

وفي 8 جانفي 1897، شرع المقاول بولان[1] في حفر بئر في ختالة، بالوسائل الحديثة، تواصل إلى غاية أفريل 1899، حيث بلغ عمقها 307 أمتار، دون جدوى.

أوّل إحصاء بعد الإلحاق[2]:

الآبار النّاضبة الآبار الحيّة النّخيل البلدة
275 1240 64074 غرداية
23 173 2865 مليكة
124 417 25875 بني يزقن
248 9954 بونورة
90 343 16483 العطف
274 27855 بريان
280 28000 القرارة
512 2975 175106 مزاب

فيما يلي معدّل ما كان يملكه كلّ فرد من النّخيل، مباشرة بعد الإلحاق:

عدد النخيل للفرد الواحد البلدة
4,5 غرداية
1,5 مليكة
5 بني يزقن
7,9 بونورة
9,4 العطف
5,5 بريان
8 القرارة
5,4 مزاب

يوجد بمزاب ما يقرب من مائة صنف من أصناف النّخيل، سبعة عشر منها تغطّي حوالي 90°/° من واحات مزاب. فيما يلي هذه الأصناف الأكثر انتشارا مع خصائصها[3]:

موعد نضجها جودتها شكلها صلابتها لون التّمرة النّاضجة الصّنف
أكتوبر – نوفمبر جيّدة جدّا متطاول نصف رطبة أصفر دَقلة نور
     أكتوبر متوسّطة متطاول يابسة أسمر تْدَالتْ
أكتوبر – نوفمبر جيّدة متطاول نصف رطبة أسمر تَازَرزَايْتْ
سبتمبر – أكتوبر جيّدة متطاول رطبة أسمر إِغَسْ أَوَ تْشِيضَن
أكتوبر – نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أسود تَمْجُوهَرتْ      
     أكتوبر جيّدة متطاول رطبة أسمر أُوْ تَقْبَالَه
أكتوبر – نوفمبر جيّدة متطاول نصف رطبة أصفر      تَفْتِيزِوِينْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة مستديرة نصف رطبة أصفر أَكْسَبَّه
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أسمر تَمَزْوَارْتْ نَتْلاَتْ
سبتمبر- أكتوبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أسود تَزُقَّغْتْ
سبتمبر- نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أصفر تَاوْرَغَتَ
أكتوبر- نوفمبر جيّدة متطاول يابسة أحمر    أُوعْرُوسْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة مستدير نصف رطبة أسمر تكَرْبُوشْتْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أسمر    تَزِيزَاوْتْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أحمر تْوَاجَّتْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول نصف رطبة أسمر لِيتِيمْ
أكتوبر- نوفمبر متوسّطة متطاول رطبة أسمر أُوعُوشَتْ

وهذا إحصاء النّخيل والآبار بشيء من التّفصيل، وقع عام 1902[4]:

عدد الآبار النّخيل

البلدة

لَوْرَاوَرْ النّاضبة التي تنضب وقت الجفاف التي لا تنضب
19 300 900 500 60591 غرداية
2 37 115 132 4082 مليكة
5 25 178 178 26084 بني يزقن
1 145 75 80 9600 بونورة
2 240 65 200 14479 العطف
10 35 235 25775 بريان
60 240 350 25700 القرارة
29 817 1608 1675 166261 المجاميع

وأخيرا هذا إحصاء الحيوان بمزاب عام 1896[5]:  

عدد البعير: 675، الضّأن: 1265، المعز: 2840، الخيل: 25.

 


ARRAULT POULIN-[1]

-[2] ROBIN : LE M’Zab et son Annexion à la France, 19.

[3]- Bulletin d’ Agronomie Saharienne vol I n° 3 Juin 1975, 45

[4]- .E. FELIN : Etude sur la Législation des Eaux dans la Chebka du M’Zab,136

[5]- .C. AMAT : Le M’Zab et les M’Zabites, 231.

المؤتمر النِسْوِي السَنَوي "لا إله إلا الله"

المؤتمر النِسْوِي السَنَوي "لا إله إلا الله"(01)

Icon 07

وللغاسلات الآن دور فعال في مراقبة المجتمع النسوي في وادي مزاب، ومن أحسن عاداتهن التي لم يزلن يحافظن عليها إلى الآن، الملتقي الذي ينعقد في كل قرية كل عام وذلك أنهن يبدأن بتجمع عام في مسجد الشيخ "أبي عبد الرحمن الكرثي "، يقبلن على هذا الاجتماع من كل قرية من القرى جماعة، وهذا الاجتماع يكون للتعرف على الجديدات وتعيين مواعيد الملتقيات وترتيبها، وبعد أسبوع تبدأ سلسلة الملتقيات في الاثنين وفي الخميس ابتداء من غرداية وختاما بالعطف، وتقع هذه الملتقيات غالبا في آخر الربيع وقبل بدء السكن في الغابات، ويفتتحن الملتقى بتلاوة سور من القرآن ثم يتلون سلسلة من الأذكار من الباقيات الصالحات فيقلن "لا إله إلا الله" ألف مرة، ويسبحن ويزدن كثيرا من الأذكار، ثم يلقين كلمات في الوعظ والإرشاد في مواضيع أو ضد بدعة مستحدثة، وبعد الغداء تنصرف النساء كل إلى دارها للصلاة، ويعدن في آخر العشية لسماع الأوامر المتفق عليها؛ أما الغاسلات فيتحدثن عن عوائد الأعراس والمآتم، ويراجعن بعض أنواع الألبسة التي قد لا تليق، ثم يتفقن على زيادة أو نقصان في بعض الأمور، ثم يعلن ذلك على النساء الحاضرات، ثم يفترقن بعد أن يعلن عن الموعد المقبل، وقد يبتن ويخرجن صباحا وهذا قبل وجود السيارات، ومما نلاحظه هنا هو أن لا يتدخلن في كل الشؤون التي تتعلق بالأعراس في كل قرية، ولكن أكثر القضايا التي يتحدثن فيها هي الأمور المستحدثة لاسيما بعد الاحتلال الفرنسي، فقال أصدرت تحت قيادة "ماما ن سليمان" رئيسة نساء غرداية أيام الاحتلال في 1882 قائمة من الأوامر الصارمة لمقاطعة كل ما هو فرنسي من لباس و عطور وأحذية إلى آخر القائمة، وقد ذكرت هذه المرأة باسمها وبقائمة الأوامر التي أصدرها ملتقى "لا إله إلا الله" في كتاب "ثورات النساء في الإسلام" ، أما بعد الاستقلال فإن هذه الملتقيات مستمرة وقد زيد فيها كثير من الأمور الحسنة، ولكن أصبح لها دورا توجيهيا فقط، ولم تعد هناك تقريرات فيما يتعلق بكل بلدة، بل كل بلدة وقوانينها.

 ---------------------------------------

(01) كتاب الشيخ القرادي "رسالة في بعض أعراف وتقاليد واد مزاب" ص70-71

المصدر nir-osra.org

المحيط البشري

المحيط البشري(1)

Icon 07

إن المحيط فيما نعتقد لا يقتصر على المحيط المادي فقط كما يسعى إليه المعماريون المعاصرون. لقد حرص الأوائل على تكوين محيط بشري فكانت المجموعات البشرية التي بدأت التخطيط والتعمير منسجمة فيما بينها وفي علاقتها، إما لأنهم من عشيرة واحدة أو من عشائر متآخية كأن تكون منتمية إلى جدٍّ واحد وإن تعددت الفروع.

ولقد أدرك علماء الاجتماع اليوم وكذلك المعماريون أن تجميع الناس في مناطق حضرية، وليس بينهم أية علاقة من قبل، هو من أكبر الأخطار التي تهدد الروابط الاجتماعية بين المتساكنين في حيٍّ ما. وقد شاهدنا ما تعاني المجموعات السكانية التي أحدثت في الجزائر بعد الاستقلال. فعدم وجود ترابط اجتماعي بين السكان في هذه التجمعات وعدم تعارف المتساكنين بها جعلها عرضة للإهمال والضياع.

--------------------------------

(1): كتاب الشيخ القرادي، آثاره الفكرية ص133 -138.

المرأة المزابية

  • المرأة المزابية والغربة

    Icon 07
    في 6 شوال 1346هـ/28 مارس 1928، أصدر مجلس وادي مزاب قرارا، هذا نصّه: «هذا وقد اجتمعت أعضاء القرى السّبع لوادي ميزاب: غرداية ومليكة ويسقن وبونورة والعطف وبريان والقرارة، اجتمعوا في عمي عبد الرّحمن الكرتي رحمه الله، واتّفقنا، بعد أن قرأنا الفاتحة، على أنّنا لا نرضى على مزابي أن يخرج زوجته أو بنته أو حرمه مزابية مطلقا، أي يخرجها ميزاب إلى بلدة من سائر البلدان مطلقا، غير...

    اقرأ المزيد

  • حكمة المرأة المزابية في يومياتها

    Icon 07

    صعوبة العيش في منطقة جبلية التضاريس، صحراوية المناخ، شحيحة المياه، بعيدة عن مواقع الخصب ومراكز الحضارة، ومناطق التجارة وعبور القوافل، جعلت الإنسان فيها يعتمد على توفِّره له بيئته تلك لتسيير يومياته وتلبية حاجاته الحيوية. فاستعمل ذكاءه العقلي وجهده العضلي، وما يتوارثه من خبرات وتجارب من سبقه في تلك الأرض، ليتحدَّى بها متاعب الحياة في تلك...

  • مشاركة المرأة المزابية في الثورة التحريرية الكبرى

    Icon 07
    نقدم عدد من المجاهدات :

    من آت يزجن:
    - بافضل فاطمة الزهراء بنت محمد
    - بافضل شريفة بنت محمد
    - باسة عائشة بنت سماعيل زوجة خبزي عيسى بن اعمارة من لڨرارة
    - إسفارن فضيلة بنت باحمد زوجة أبي داود الحاج بكير من أت إبرڨان

    من لڨرارة
    - موكا سليمة بنت يوسف...

    اقرأ المزيد

  • كلمة إلى المرأة المعلِّمة

    Icon 07
    كلُّ ما يقال للرجل المعلِّم، نقوله للمرأة المعلِّمة، فنذكِّرها أنَّها تحمل رسالة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهي رسالة التربية والتعليم، ونشر الخير والفضيلة، كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إنَّما بعثتُ معلِّما“. وهي أيضا أشرف مهنة ورسالة ومهمَّة أو حرفة في الوجود على الاطلاق، وليس بين الخلقِ كلِّهم بعد الأنبياء والرسل أشرف وأنبل من المعلِّم أو المعلِّمة المخلصة الأمينة: أعلمتَ أشرفَ أو...

    اقرأ المزيد

  • دور المرأة المژابية في بناء حضارة مزاب

    Icon 07
    ساهمت المرأة المزابية مع أخيها الرجل بقسط وافر في بناء حضارة واد مزاب وتشييده، بل كانت شريكة أساسية في ذلك، ولم يكن الفرد المزابي يستغني عنها أو يدعي أنه وحده من بنى الحضارة.  كانت المرأة في وقت سابق مشاركة بسواعدها في إنتاج نصف الاقتصاد تقريبا -النسيج والزرابي-؛ وكانت إضافة إلى ذلك...

    اقرأ المزيد

  • قيمة العمل عند المرأة المزابية

    Icon 07
    لقد أثرت قساوة الطبيعة الصحراوية الصخرية إيجابا على سلوك المزابيين، فصار العمل عندهم، قيمة تلازمهم طول الحياة، فعلى كل فرد في المجتمع أن يكد ويتعلم حرفة تدفع عنه الفقر، وتعلمه الاعتماد على النفس وعدم انتظار المساعدة من الغير. لذلك فإن من ضمن ما تتعلمه البنت منذ صغرها إلى جانب شؤون البيت المختلفة نسيج الزرابي والألبسة الصوفية، والخياطة و...

    اقرأ المزيد

  • نور القلــم: كتابات أدبية عن المرأة المزابية

    Icon 07
    هيئة حلقة العزَّابة تِمْسِرِدِينْ
    مزابية ضمن مائة شخصية مؤثرة
    مزابية مترجمة فرنسي عربي
    مزابية المثقفة
    المزابية المؤلفة
    المزابية في المجلس الشعبي البلدي
    المزابية طالبة في مدارج الجامعات
    المزابية في الجمعيات...

    اقرأ المزيد

  • نساء حالدات

    Icon 07
    ابن عبد الله مامة بنت علي
    ماما بنت سليمان تنعزامت نوغلان
    مامة بنت سليمان واحدة من 12 امرأة اشتهرن بمواقف بطولية في العالم
    بافضل شريفة بنت محمد
    السيِّدة بافضل فاطمة الزهراء
    عبد العزيز مريم بنت عبد العزيز
    عائشة بنت عمر نوح
    عائشة بنت بابا عيسى حمُّودين ...

    اقرأ المزيد

  • السيدة عائشة دادي عدون
    Icon 07

    هي من مواليد 18 سبتمبر 1930 في بولوغين (سانت أوجان سابقا ) ، الجزائر. ابوها محمد ، و امها حليمة .
    عاشت طفولة فتاة موهوبة ، عنيدة ولكنها كانت طفولة سعيدة.
    كان والدها ، محمد بن سعيد دادي عدون ، وهو مزابي من بريان ، رغم تواجده بالعاصمة لم ينس ابناءه في منطقة الاصول حيث كان بعرفهم بمزاب في سن مبكرة للغاية ، ونتيجة لذلك ، أصبحت عائشة ومزاب كيان واحد. على مر السنين ، تزوجت وعاشت في....

    اقرأ المزيد

  • لباس المرأة والفتاة 

    c 7

    لباس المرأة والفتاة كان في القديم مقتصر على الملحفة تستر بها بدنها وأَخَمْرِي تغطي به شعرها وجيبها. هذا داخل البيوت. وإذا أرادت المرأة الخروج إلى الشارع تدثّر بحائك من الصوف ساتر لجميع البدن مكتفية، للاهتداء في سيرها، بثقب واحد تبصر من....

    اقرأ المزيد

  • الجرد الصّوفي لدى النساء [آحولي]

    c 7

    لا توجد طرق كثيرة بالنسبة للسيدات في ارتداء آحولي فهن يمسكن اطرافه مع الطرف النازل من اعلى الرأس ولا تترك إلا فتحة صغيرة مثلثة امام العين ،وتجمع النساء طرفا الحولي بعد ثنيها تحت الإبط إلى الأمام، إنها تضعه فوق الرأس دوما وإذا ما أمسكت به بإحدى يديها أو بكليتهما مستورتين وجعلت الحولي يغطي وجهها فإن ذلك يسمح ببرور إحدى عينيها من الشق العمودي وغالبا ماتضعه على...

    اقرأ المزيد

  • ارتداء آحولي عند النساء

    c 7

    [آغـمـبز] أو [آسبمــبش] هو فعل يعني وضع المرأة لحافها على وجهها أي وضع طرف الرداء على الوجه للمواراة عن الأنظار، ويقال لها بالمزابية (تامطّوت تغـمبز) أو (تامطّوت تسمبـمبش) أو (تامطّوت تسّنش) وهذه الطريقة لا تزال تتبع حتى يومنا هذا في وادي مزاب،  فالمرأة المژابية تقوم بالتغمبيز قبل كل خروج من بيتها، أو عند تواجد الغرباء، والغريب هو كل من ليس بمحرم لها....

    اقرأ المزيد

 

"الدور الحضاري للمرأة"

حصة "مع علمائنا" يشرّفنا فيها أ. عمر بن يحيى أولاد اعمارة بكلمة جميلة عن "الدور الحضاري للمرأة".. كلمات يجدُر بالمرأة أن تضعها في حسبانها وهي تسلك دروب حياتها.
تصوير (ديسمبر 2013) وتركيب (أوت 2014) مؤسسة أبها ميديا.
وفقنا الله لخير الفهم وأحسن العمل.. آمين.

الفيديو متوفّر بصيغة عالية الجودة HD.

 

 

 

لالة توغرسانت للشاعر صالح تيريشين

 

 

أي دور للمرأة الميزابية في ظل تحولات مجتمعها للأستاذ عمر بن بالحاج داود

 

ألبوم الصور

 

المزابيون في الثورة

دور المزابيين في الثورة التحريرية

  • جهادهم في الحرب التحريرية

    charles V 2إاأما جهادهم في الحرب التحريرية، فقد كان في المستوى المطلوب منهم ولا نستطيع أن نأتي في هذه المسامرة على كفاحهم وجهادهم داخل الجزائر وخارجها ولا بأس أن نذكر عينات لأبنائنا حتى يعرفوا تاريخهم. عندما اندلعت الثورة الجزائرية المسلحة كان الميزابيون من أشد وأهم العناصر الذين اشتغلوا في....

    اقرأ المزيد
  • الرد على من قال أن المزابيون لم يشاركوا في الثورة

    charles V 2 مشاركة المزابيين في حرب التحرير التي انتهت باستقلال الجزائر -54.62- لا يجهلها إلا من عاش على هامش الأحداث، أو كان من السماعين لأقوال الحسدة المتعصبة من خصوم المزابيين أو من مستأجري الاستعمار لبث البلبلة والتفرقة بين صفوف المسلمين المتساكنين، وإلا فقد شاركوا في الشمال كما شاركوا في الصحراء، وذلك باعتراف قادة الثورة، والرؤساء المسؤولين، تشهد بذلك ملفاتهم وشهاداتهم التي أعطوها كتابة للعاملين معهم، حتى قال بعض المنصفين منهم: "لولا المزابيون ما نجحت ثورة الجزائر" ذلك أن دكاكينهم بالتل، كانت مكاتب ومراكز لرجال الثورة، وديارهم بالصحراء على...

    اقرأ المزيد
  • مجاهدي وشهداء الثورة التحريريه

    charles V 2 سليمان بن محمَّد بن سليمان بودي
    يحيى بن حمو الواهج
    أحمد بن محمد بن باحمد لَعْسَاكر
    إبراهيم بن صالح دبوز
    سليمان بن عومر أوراغ...

    اقرأ المزيد
  • رفض المزابيين فصل الصحراء

    charles V 2النضال السياسي و العسكري من أجل استرداد السيادة الوطنية
    عُرف بنو مْزاب عبر تاريخهم دائما بالمواقف البطولية و الجهادية و الدفاع عن الحق ، و قد كان لهم الدور الفعال في الثورة التحريرية للجزائر عام 1954م ، و التي انتهت باستقلال الجزائر عام 1962م ، لا كما يدعي البعض ممن امتلئ قلبه بالحقد ، أنه ليس لبني مزاب أي دور جهادي في الثورة ، و ستجد معلومات و نماذج أكثر من جهاد المزابيين في هذه....

    اقرأ المزيد
  • شهادة بن خدة في جهاد المزابيين أثناء ثورة

    charles V 2إن الشيخ بيوض ابراهيم قد وضع نفسه رهن اشارة جبهة التحرير الوطني طوال الحرب التحريرية .الشيخ بيوض ابراهيم، اجتمعت به شخصيا في ربيع 1956 م، في القبة بمعية الأخ رمضان عبان رحمه الله، وكان مع الشيخ بيوض الشيخ سليمان بن يوسف والأخ اسماعيل سماوي رحمه الله التاجر في شارع مختار عبد اللطيف رقم 1 دكتور طرولار سابقا، المناضل البارز في صفوف جبهة التحرير الوطني، وباسم الجبهة خاطبنا الشيخ بيوض وطلبنا منه أن يضاعف مشاركة الميزابيين في العمل ضمن جبهة التحرير الوطني ، خاصة في ميادين التجنيد و...

    اقرأ المزيد

  • مــــــــــــزاب معقل الثوار والثورة

    charles V 2"....وكانت مدينة بني يزقن في واد مزاب المستودع الحصين الذي وجد فيه الثوار السلاح والتموين والعتاد والسلاح والبارود، يقول الأستاذ أوقستن برنار: "في سنة 1882م، باستيلائنا على مزاب قضينا على عش الثورة الدائم، والمستودع الذي كان يجد فيه الثوار ضدنا الأسلحة والعتاد والتموين" . فبفضل مركز نفطة الهام ومركز واد مزاب الممتاز تمكن الثوار من مصاولة الاستعمار والمحافظة على روح النضال والمقاومة في نفوس شعبنا، كما أن ذلك برهان على....

    اقرأ المزيد
  • مشاركة المرأة المزابية في الثورة التحريرية الكبرى

    charles V 2من آت يزجن:
    بافضل فاطمة الزهراء بنت محمد
    بافضل شريفة بنت محمد
    باسة عائشة بنت سماعيل زوجة خبزي عيسى بن اعمارة من لڨرارة
    إسفارن فضيلة بنت باحمد زوجة أبي داود الحاج بكير من أت إبرڨان

    من لڨرارة
    موكا سليمة بنت يوسف
    موكا رشيدة بنت يوسف
    .....

    اقرأ المزيد
  • النضال الإعلامي  للمزابيين ضد النظام الفرنسي

    charles V 2كما كان الشيخ محمد بن بكير مديرا لجريدة الصديق في سنة 1921 و قد صدر منها 4 أعداد .واشترى خمسة مزابيين بالجزائر العاصمة مطبعة ’’كريسانزو’’ التي تطبع بها جريدة الإقدام و ذلك قصد تزويد صحيفة الصديق السابق ذكرهاأما مجلة المنهاج فقد أصدر منها الشيخ أبو اسحاق ابراهيم اطفيش بالقاهرة سبعة عشر عددا .و هنا يأتي ذكر الشيخ الجليل أبو اليقظان عميد الصحافة المزابية و الجزائرية الوطنية ، إذ أصدر في مدة... 

    اقرأ المزيد
  • فيديوهات المزاب الثورة

    charles V 2
    فيديو منتدى الجابرية السادس عشر في موضوع سياسة فرنسا في قضية فصل الصحراء عن الشمال الجزائري ودور الشيخ إبراهيم بيوض والعلماء والمشايخ منها فضيلة الدكتور محمد الأمين بلغيث.

    فيديو الدكتور ابراهيم ترشين شهيد برتبة طبيب...

    اقرأ المزيد

الميزابيون في العهد التركي

charles V 2

كان العهد التركي عصرا ذهبيا لتاريخ الجزائر، فقد أملت في الدولة الجزائرية أو المملكة الجزائرية أكثر من مائتي معاهدة على فرنسا وبريطانيا وهولندا والبرتغال وحتى على الولايات المتحدة الأمريكية. وقد استنجدت بهم فرنسا خوفا من غارات الإنجليز على سواحلهم الشمالية، ونزلت البحرية الجزائرية في ميناء "براست" الفرنسي ليحاربوا ويردوا غاراتهم. ولعل المؤرخين الذين يتحاملون على الاحتلال التركي للجزائر، متأثرون بالمؤلفين المتشبعين بروح القومية العربية وعدائهم لتركيا في الشرق. وقد أنصف الأستاذ أحمد توفيق المدني، والأستاذ مولود قاسم هذا العهد من تاريخ الجزائر بما يستحقه، ونحن نشاركهم هذا الرأي، وحتى المصادر القليلة في العربية أغلبها من اللغات الأوروبية سيما الفرنسية.

أما الميزابيون فقد كانت لهم في العهد التركي مكانة بارزة ومواقف مشهودة ومواقع مشهورة، نلخصها فيما يلي، والموضوع واسع مترامي الأطراف يحتاج إلى دراسة جامعية، شريطة أن يكون الباحث أو الدارس متضلعا في اللغات الأجنبية، فالمصادر الأجنبية متوفرة في الموضوع أكثر من المصادر العربية.

 

 1 ارتبط الميزابيون بالدولة التركية معاهدة مبرمة سنة 1510م، وذلك لحماية تجارتهم وممتلكاتهم في مختلف أنحاء الجزائر الشمالية، وقوافلهم التجارية التي كانت تجوب مختلف أنحاء الجزائر بل حتى تونس والمغرب، فقد وردت في وثيقة 1853 فقرات تدل على ذلك.

ونستطيع أن نقول بكل فخر إن هذا الارتباط بالدولة التركية بالجزائر يعتبر أول وثيقة سياسية ربطت صحراء الجزائر بالجزائر عن رضى وطواعية قبل وصول الأتراك إلى بسكرة وتقرت، وقبل وصول صالح باي في الأغواط، فقد وصلها في 1775

 2  موقفهم البطولي ضد الإسبان في معركة حسين داي سنة 1518، وقد استشهد كثير منهم في هذه المعركة، التي سميت معركة "كدية الصابون"، ولا تزال المقبرة التي دفنوا بها موجودة في حي "ليفيي" على ما قيل "حي المقرية" حاليا قرب حي حسين داي بالعاصمة.

 

 3 موقفهم في نسف دار البارود، وقتل جميع ضباط الحملة الإسبانية، وقد استشهد في هذه الموقعة ثلاثون من الفدائيين، وهي موقعة "برج بوليلة" أو "قصر مولاي حسن" سنة 1541م، وتوجد في مخطط مدينة الجزائر في العهد الاستعماري عبارة Poudriere Mozabite.وقد أهدت لهم الدولة التركية بعد هذه الموقعة كثيرا من الامتيازات في بعض الحرف كالإشراف على المسلخ وعددا من الحمامات لا تزال إلى الآن ملكا للميزابيين. وقعت هذه الموقعة سنة 1541م، كما أحدثت وظيفة أمين الميزابين، يحضر المجالس الاستشارية كعضو كامل العضوية.

 

 4  تلبيتهم لنداء الدولة التركية حين استنجدت بسكان الصحراء، عند نزول الفرنسيين في سيدي فرج سنة 1830، ولم يستحب غيرهم من سكان الصحراء، وبعثوا أربعة آلاف رجل، دافعوا في عاصمة الجزائر، وقد دفن بعضهم في "اسطوالي"، واستشهد معظمهم بالبليدة ومجدوفة، ومقبرتهم معروفة اليوم بالبليدة في طريق الشريعة.

وفي هذه النقطة قد يسال أحد الحاضرين: لماذا بعث الميزابيون أربعة آلاف رجل؟ وهو بالنسبة لعدد السكان في ميزاب يومئذ عدد كبير جدا، ربما كانت مثل معظم القوى الحية من الشباب، ولماذا لم يفعلوا مثل الآخرين فيحتفظوا برجالهم إلى وصول الجيش في الصحراء؟ وهو سؤال وجيه. وبعد التأمل نستطيع أن نجيب بما يلي، وهذا على حسب نظري:

-إنهم كانوا مرتبطين مع الأتراك معاهدة ولاء دفاع، ولم يسبق أن استنجد الأتراك بسكان الصحراء قبل ذلك، وقدروا هذه الاستغاثة وبعثوا أكثر عدد ممكن.

-إنهم كانوا ينطلقون في جهادهم من منطلق إسلامي بحت، يجاهدون لإعلاء كلمة الله، ولا يجاهدون من أجل التراب، فارتباط الإنسان بعقيدته أقوى من ارتباطه بأرضه.

-ربما لم يكونوا يتوقعون أن يمتد الاحتلال الفرنسي إلى الصحراء، فليس فيها ما يغريهم أو يسيل لعابهم، وقد سبق أن دامت دولة الأتراك ثلاثة قرون، ولم تدخل إلى الصحراء إلا في أواخر حكمها.

-ثم أنهم سبق أن هزموا الجيش الإسباني مرتين، فلم لا تكون هذه من تلك. والموقف الخالد الذي سجلوه في العهد التركي دفاعهم عن حاضرة قسنطينة، التي صمدت لجيوش الاحتلال سبع سنوات، وزادوا أياما بعد أن استلمت حامية قسنطينة، وتحيز أحمد باي إلى الأوراس عند أخواله آل بن تانة.

ويقال إنهم اشترطوا بعد إيقاف إطلاق النار أن لا يسلموا سلاحهم، وأن لا يدخل الجيش الفرنسي القسم الذي كانوا يدافعون عنه لنهب أو سلب أو انتهاك للمحرمات، مما جعل عائلات قسنطينة والبيوتات الكبيرة فيها يبعثون بكل نسائهم إلى تلك الأحياء حفاظا على سلامة أعراضهن، ويقال تعليقا على ذلك: إن إحدى عقيلات ابن لفقون هي التي حبست مقبرة الميزابيين بقسنطينة على الميزابيين اعترافا بجميلهم في هذا الميدان، وإن كان هناك من يقولون إن هذه المقبرة حبست على الميزابيين بعد أن طردهم صالح باي من حاضرة قسنطينة، وموقف الولي الصالح بوحجر صاحب زاوية الخروب. فقد التجأوا إلى هذه الزاوية واستقبلهم مقدمها المذكور أحسن استقبال، وطلب منهم أن يقيموا حتى يخاطب صالح باي في الشأن. فركب فرسه، ودخل قسنطينة وجمع أعيانها، واجتمعوا بصالح باي وطلبوا منه إرجاع الميزابين إلى ممتلكاتهم وحركاتهم الاقتصادية، فقبل التراجع عن قراره بعد أن هددوه، وأهدى لهم الشيخ ابن لفقون هذه المقبرة بعد رجوعهم وعودهم لممتلكاتهم.

ولو كنا نملك وثيقة التحبيس هذه لرجحنا بين الروايتين السابقتين، فالتاريخ وحده يكفي للترجيح، لأن جميع من سبقونا متفقون على أن مقبرة قسنطينة التي وقعت فيها خصومة بين الميزابيين وبلدية قسنطينة 1927 و1937 هي وقف من عائلة إبن لفقون للميزابيين الإباضية:

فلسنا نقصد هذه المسامرة الاجترار، بقدر ما نقصد الاعتبار بما بذله آباؤنا على قلة إمكاناتهم، وتقصيرنا مع توفر إمكانياتنا. والمثل الميزابي يقول " وَازْدَجِينْ الوَالْدِينَس إلْعَقْبَتْ أَتْيَالِي"

وأخيرا أرجو من أبنائنا الجامعيين أن يستعدوا للإسهام في ميدان بعث التراث في إطار "جمعية التراث" كما أرجو من شبابنا العامل الجاد أن يبذل التضحيات المادية الموازية لجهود الباحثين والكتاب والمؤلفين والدارسين، فليست التضحية وقفا على العلماء والمثقفين وحدهم، بل واجب شبابنا العامل أن يسهم بأكبر جهد مادي في هذا الميدان، ليوفر للعالم ما يشجعه على المضي في أداء رسالته حتى تلتقي جهود الجميع على بعث هذا التراث الخالد، إذ قال الشاعر:

إذا الحمل الثقيل تعاونته             أكف القوم هان على الرقاب

وبهذه المناسبة يطيب لي ونحن في ليلة من ليالي شهور الرحمة أن أترحم على جميع الذين سنذكر عينات من جهادهم وأخص من بينهم الشيخ أبا إسحاق أطفيش والشيخ الباروني والشيخ أبو اليقظان والشيخ صالح بن يحي آل الشيخ. فكل واحد أبلى البلاء الحسن في سبيل إعلاء كلمة الله ورفع سمعة الميزابيين في الميادين العالمية.

وقد تعرضوا لمحن لا تقوى على تحملها إلا النفوس المؤمنة المخلصة التي جعلت غايتها الجنة ورضوان الله. رحمهم الله رحمة واسعة وأسكنهم فردوس الجنان ومتعهم بالفوز والرضوان، ولكل واحد قصة من واجبي أن أرويها لأبناءنا ليأخذوا منها دروسا وعبرا، وستكون لهم حافزا لما يطلبه منهم مستقبلهم المشرف في سبيل الاستمرار على درب أولئك الأبطال المغاوير ولكن بعد نهاية المحاضرة، أو في فرصة أخرى، فقد لا يسمح وقت المحاضرة بكل ذلك.

------------------------------

(01) المصدر: الشيخ القرادي آثاره الفكرية. ص144-176.

المصدر nir-osra.org

 

 

الميزابيون في المقاومة الشعبية

charles V 2الميزابيون في المقاومة الشعبية

أرى من واجبي قبل أن أبدا في هذه النقطة أن أوضح ملاحظة جديرة بالاعتبار، وهي أننا إذا قلنا "الميزابيين" لا نعني بالكلمة كل الميزابيين. ففي المواقف السابقة، في العهد التركي، كانت الأعمال والمواقف تصدر عن القيادة الجماعية لسكان ميزاب، كما رأينا ذلك في رسالة العزابة لداي الجزائر.

أما في هذا الفصل، وهو فصل المقاومة، فمن أمانة التاريخ أن نذكر مشاركتهم في المقاومة في مختلف نواحي الجزائر ولكننا لا نعني بكلمة الميزابين كل الميزابين أو أغلب الميزابين، فنحن إلى حد الآن لا تملك مصادر تثبت اتفاقهم كلهم على دعم المقاومة وإن كانوا في مجموعهم مندفعين من منطلقهم الديني في معركة الكفر والإيمان، ولذلك نجدهم شاركوا أفرادا وجماعات في أغلب المقاومات والانتفاضات وابتداء من الأمير عبد القادر بطل المقاومة الشعبية إلى يوم استقلال الجزائر.

1.فمع الأمير عبد القادر، كانت جماعة معتبرة منهم أمين خزانته السيد أميني الحاج، من بني يسجن، كان في قصر الشلالة، ثم كاتبه اليد الحاج باي أحمد من مليكة، حضر معه في "معاهدة التافنة".

2.مشاركتهم في ثورة بن زعمون، بنواحي البليدة.

3.مشاركتهم في ثورة المقراني، والشيخ الحداد، وقد استشهد أحد الأبطال، يسمى بولنعاش باحمد، من غرداية أمام داره بمجانة، قرب برج بوعريريج.

4.وفي ثورة الشيخ بوعمامة، وأولاد سيدي الشيخ كانت إعانتهم كبيرة سيما في العتاد والسلاح، وهذا التأييد كان من أسباب استيلاء الفرنسيين على ميزاب في سنة 1882. ورسالة الوالي العام "جول تيرمان" تذكر ذلك، وكذلك رسالة الكومندان "ديبري" إلى مسؤوليه، حين يذكر الأسباب التي دعته إلى الزحف على ميزاب، وتركيز حمية هناك، يقول: "إن ميزاب يسمى عند سكان الصحراء خزان البارود " le grenier de la poudre"لأن قوافل الميزابيين كانت تجلب ملح البارود والكبريت من الجنوب التونسي، فيصنعونه بارودا ويمدون به جميع جيوب حرب المقاومة في الصحراء، فهم قد عقدوا معنا معاهدة في سنة 1853م فهم يمسكوننا بيد، ويمدون المقاومة بيد أخرى ولذلك قررنا الزحف على غرداية لنتمكن من مراقبتهم أو ما في معنى ذلك"

ولا نريد أن نستمر في سرد جميع المشاركات، لكيلا نطيل عليكم.

-----------------------------

(01) المصدر: الشيخ القرادي آثاره الفكرية. ص144-176.

المصدر nir-osra.org

 

 

الميزابيين في الكفاح السياسي

الميزابيين في الكفاح السياسي:(01)

كانت حركة الأمير خالد، حفيد الأمير عبد القادر، أول حركة سياسية منظمة، قدمت مطالب الجزائريين، وعبرت عن آمالهم، وعرضت قضيه على المنابر، وعلى صفحات الجرائد، على بعض التجمعات التي كان يعقدها الأمير في فرنسا ومطالبه وإن كانت بسيطة عند استعراضها إلا أنها كانت بالنسبة لتلك الظروف خطوات جريئة، وبداية حسنة، وأصعب الأشياء مبادئها، وكانت مقدمة لجميع الحركات السياسية التي نشأت بعد ذلك. وكان للميزابيين مع الأمير خالد مساندة فعالة لعلاقاته الوثيقة بهم، ويكفي أن نسجل أن وكيله على عائلته وأولاده عند غيابه في الحرب العالمية الأولى هو السيد خير الناس بكير بن سليمان، في مدينة ميلة.

وكان السيد إبراهيم المعراض، من أكبر أنصاره، كما كان كثير من جماعة الجزائر، وقد ترشح في قائمته الانتخابية السيد باعامر موسی بن يحي بن قاسم في بلدية الجزائر.

---------------------------------

(01)  الشيخ القرادي آثاره الفكرية. ص144-176.

النّشاط السّياسي في القضايا المحلّية 04

النّشاط السّياسي في القضايا المحلّية للفترة الثالثة من العهد الرّابع

من 1330هـ/1912م إلى 1366هـ/1947م

       عام 1914، تقدمّ بنو مزاب بعريضة إلى الاتّحاد من أجل الدّفاع عن حقوق الإنسان والمواطن في باريس، في موضوع عدم استشارهم في تسمية القوّاد والقضاة.

       وكانت سنة 1338هـ/1919م سنة عاصفة في القرارة، وقعت فيها معارك طاحنة بين الإصلاح والمعارضة. وقد رصد المعارضون في هذا العام جماعة من الإصلاح كانوا مسافرين، وتآمروا مع الجمالين، حتّى إذا وصلوا وادي نْسَا، غدر بهم الجمالون، فقتلوهم جميعا.

     ثارت القرارة بهذه الجريمة، واستمال الإصلاح بعض الصّحف الفرنسية في الجزائر وباريس، فكتبت مقالات حارّة في هذه الجريمة، وفي الظّلم الذي يقع في وادي مزاب من الحكّام العسكريين وأذنابهم[1].

     وفي 7 ماي 1930، قدّم مزاب رسالة في قضيّة التّجنيد الإجباري إلى كلّ من رئيس الجمهورية دُومِيرقْ[2]، ورئيس مجلس الشّيوخ، ورئيس مجلس الأمّة الفرنسي، أثناء زيارتهم لقسنطينة. وقد كانت مرفقة بعريضتين، إحداهما لوكيل الأمّة المزابية عمر بن عيسى، والأخرى لكاتبه عدّون بن بكير. وكان الكلّ داخل محافظ جلدية فاخرة مطرّزة.

مطالب العريضة الأولى ثلاثة:

     1- الإعفاء من التّجنيد الإجباري.

     2- تخفيف الضّرائب، ولا سيّما ضريبة المواريث.

     3- انتخاب أعضاء المجلس المكلّف بالنظر في ميزانية مزاب.

     بعث بنو مزاب شكوى إلى الوالي العام، ضدّ تطبيق مرسومه المؤرخ يوم 29 جوليت 1932، والذي يشترط على من أراد الحصول على منصب قاض أو باش عدل في محكمة بأراضي الجنوب، أن يكون حاملا لشهادة الدراسة التي تمنحها إحدى المدارس الثلاث بالقطر الجزائري، وطلبوا تعليق تطبيق هذا المرسوم على المحاكم الإباضية بمزاب وخارجه، إلى أن تقوم الإدارة بإحداث كراسي لأساتذة إباضيين بهذه المدارس، لتعليم المذهب الإباضي رسميا، وتجهيز طبقات الناشئة المزابية لذلك، بواسطة مدرسين رسميين ممدن مزاب السبع، اقترحوا تشكيل لجنة بحث وإصلاح من طرف الولاية العامّة، تتألّف من علماء بني مزاب وأعيانهم، لدراسة مشكلة القضاء الإباضي بوادي مزاب، والمداولة يجب اتخاذه لحلّها.

     وفي 4 ذي الحجّة من عام 1350هـ/1932م، اجتمع عزّابة القرى الخمس في مسجد باعبد الرّحمن الكرتي، فاتّفقوا على التّحجير على الإخبار بالتّلفون أو التّلغراف، والعمل بهما في رؤية الهلال. وقد ربط مزاب بالجزائر بخطّ الهاتف عام 1927.

وفي 8 شوال 1351هـ/14 فيفري 1933م، جدّد هذا القرار، واتّفق أيضا على إبقاء العمل بقول: (إنّ البلاد إذا لم تختلف مطالعها كلّ الاختلاف وجب حمل بعضها بعض)، كما قرّر في جلسة 3 صفر 1351هـ.

       تزعّم الشّيخ بيّوض حركة الإصلاح بمزاب، ولقي من فريق المحافظين معارضة شديدة، من ذلك أنّ حلقة عزّابة بني يزقن أعلنت عام 1935 أنّ الشّيخ بيّوض في براءة المسلمين.

       استعداد لزيارة لجنة برلمانية للجزائر، دعى السادة إبراهيم حجوط وإبراهيم أبو اليقظان وإبراهيم مطياز أعضاء جماعات بني مزاب في مدن التل، لحضور ملتقى بمقبرة سيدي بَنُّورْ، يوم 2 جوليت 1936، في إطار (جمعية التعاون العام). الهدف من هذا الملتقى هو الدفاع عن مطالب المزابيين، باتساق مع (المؤتمر الإسلامي). حضر هذا الملتقى 190 ممثلا، وفدوا من مزاب ومدن التل.

       في أوت 1936، توجه وفد من الملتقى، يضم السادة إبراهيم حجوط وإبراهيم حجاج وعيسى بن بكر بنكيح، إلى باريس، لمقابلة رئيس الوزراء، وتقديم مطالب المدن السبع له.

     وفي 8 أفريل 1937، حلّت اللجنة البرلمانية بغرداية، وسلّم لها كتاب من أعضاء حلقات العزابة وجماعات الضمان لمدن مزاب، يتضمن المطالب الآتية:

   1- إعفاء بني مزاب من التّجنيد الإجباري والتّعويض عنه.

   2- احترام بنود معاهدة 29 أفريل 1853 وبلاغ 1 نوفمبر 1882، اللّذين ينصّان على إبقاء بني مزاب على حالتهم الدّينية وعوائدهم القومية، وعدم التدخّل في شأن من شؤونهم الدّاخلية.

   3- تخفيف الضرائب، ومن بينها الزّيادة الواقعة في الخراج الذي كانت تؤدّيه الأمّة المزابية عام 1853، ومبلغه خمسة وأربعون ألف فرنك، ومنها ضريبة الإرث التي تزاحم الورثة وتضيق الخناق على الوصيّة.

   4- إرجاع مجلس الاستئناف عمّي سعيد.

   5- إرجاع محكمة العطف التي ألحقت بمحكمة بني يزقن عام 1928، ومحاكم مليكة وبونورة والقرارة الملغاة يوم 8 ديسمبر 1932، مع العلم بأنّ ما يصرف على هذه المحاكم لم يكن من الدولة، بل كان من أهل البلدة منذ تأسيسها.

   6- إلغاء البغاء الرّسمي وبيع الكحول بمزاب.

   7- الاحتجاج على التّمهيد لاستبدال الحكم العسكري بالحكم المدني أو الممزوج.

   8- أن تتوّلى العشيرة وحدها التّوكيل والاستخلاف والتّحجير ورفعه، وكلّ ما يتعلّق بأمر قاصريها، طبقا لنصوص المذهب الإباضي.

       وفي 15 فيفري 1938، اجتمع في مسجد باعبد الرّحمن الكرتي خمسة وتسعون من أعيان المدن السّبع من غير العزّابة، قصد إنهاء الخلاف بين المحافظين والإصلاح.

       اجتمع العزّابة الإصلاحيون للقرارة في أوّل صفر 1357هـ/1938م، فقرّروا عزل رئيسهم، فوقع العزل في صباح الثّلاثاء 4 صفر /5 أفريل 1938م، وفي صباح الخميس الموالي وقع الهجوم على مقر اجتماع العزّابة في المسجد، وهجم الرئيس المعزول على الشّيخ بيوّض، فحاول طعنه بسكّين، فوثب عليه بعض العزّابة وحاولوا بينه وبين الشّيخ بيوض، الذي نزل مع المدرج، وأفلت من العصابة المسلّحة التي كانت تنتظره على باب تَامْنَيْتْ.

       رجع الرئيس المعزول إلى مكانه بالمسجد، وعَزَلَ الشّيخَ بيوض من الحلقة ومعه السّيد أحمد الحاج بكير كرشوش. لكن العزّابة المصلحين واظبوا على كلّ وظائفهم في المسجد.

       وفي ليلة الجمعة قام الإمام، فأعلن على الملأ البراءة من أفراد العصابة الذين هجموا بالهراوي على المسجد، وأسرع السّيد عيسى بن عمارة خبزي من بسكرة، فعقد في مساء الجمعة 14 صفر جلسة في داره مع رؤساء المعارضة، وفي صباح السّبت 15 صفر مع الشّيخ بيوض وعزّابة الإصلاح، ثمّ جمع في المساء في داره أعيان القرارة كلّهم، وحضر الرّئيس المعزول وأصحابه العزّابة الأربعة، وأجبرهم الرّأي العام على التّوبة أو الانسحاب من الحلقة، فانسحب هو واثنان من أصحابه.

       في 15 أوت 1938، وجّه الشّيخ بيّوض إلى الحاكم العسكري بغرداية المقيم بالأغواط، وثيقة تشرح أهداف حركة الإصلاح.

       وفي 8 شعبان 1357هـ/1938م، وقع في بريان تعدية وظلم بعزل وتولية في هيئة العزّابة، فتدخّلت هيئات المدن الخمس من مزاب، فقرّرت حكمها في القضيّة.

       وفي 25 مارس 1939م، أمضى 116 شخصا عريضة، يطالبون فيها بحلّ جمعية الإصلاح ومنع الشّيخ بيوض من دخول غرداية.

       إبّان الحرب العالمية الثّانية، وذات يوم من عام 1940، سافر الشّيخ سليمان بن الحاج داود إلى القرارة، ليجتمع بالشّيخ بيوض، فأرسلت السّلطات الفرنسية قوّة على إثره، وألقت القبض عليهما. فلمّا حضرا إمام الملحقة بغرداية، وقد جمع الحاكم العسكري قواد مزاب لحضور محاكمتهما، أثنى باللاّئمة عليهم لتقصيرهم في واجب السّهر على أمن الدّولة، فقام قائد بني يزقن عبد الله ترشين وجابه الحاكم لعسكري يقول: «إنّ الجوسسة على الأشخاص والبحث عن نزعاتهم السّياسية ليست من خصوصيات وظيفتنا». ثمّ أعلن الحاكم بوضع الشّيخ بيّوض تحت الإقامة الجبرية ثلاث سنوات في القرارة، وبنفي الشّيخ سليمان إلى قسنطينة ثلاث سنوات كذلك.

     في ديسمبر 1943، شكلّ الجنرال دُوغُول[3] لجنة الإصلاحيات الإسلامية، واستمعت إلى الشّيخ بيوض يوم 3 جانفي 1944، حيث قدّم مطالب المزابيين المتمّثلة في احترام معاهدة 1853.

     وكانت الزيارة الأولى للشّيخ بيّوض إلى بني يزقن عشيّة الجمعة 4 شوّال 1363هـ/22 سبتمبر 1944م، حيث قصد برفقة وفده مكتب القائد عبد الله ترشين، ومنه محل السيّد يحي ترشين. فاجتمع فيه نحو أربعين شخصا من بني يزقنوبونورة والعطف وغرداية[4].

     وبعد أسبوع، وباستدعاء من أعيان الإصلاح في بني يزقن، زارها مرّة ثانية، صباح يوم السّبت 12 شوّال/30 سبتمبر، بعد زيارته لبونورة. إلاّ أنّه وجد بباب المدينة ستّة معارضين يريدون منعه من الدّخول، فدخلها بالقوّة. وبعد أن ألقى خطبته في الشّارع واقفا على كرسي، أسرع الحاكم العسكري من غرداية وأمر الوفد بالخروج من بني يزقن، فخرجوا[5].

       إنّ الوالي العام شَاطِينْيو ألغى عام 1945 حقّ الفيتو الذي كان للحاكم العسكري في غرداية والأغواط في الانتخابات البلدية في مزاب. ذلك أنّه كان للحاكم العسكري حقّ رفض الضّامن المنتخب من طرف عشيرته، وحقّ تعيين شخص آخر مكانه إذا ما أصرّت العشيرة على اختيارها.

       في 23 نوفمبر 1945، وقع خلاف بين عزّابة مسجدي العطف في موضوع تسمية عزّابة جدد، وتدخّلت عزّابة القرى الأربع المجاورة دون جدوى.

     وفي 24 أفريل 1946، وجّه الشّيخ بيوض إلى الوالي العام شَاطِينْيُو عريضة، جاء فيها:

1- إلغاء وظيف القائد وجعله منتخبا انتخابا حرا من أعضاء مجلس الضمّان، وتسميته شيخ المدينة أو رئيس الجماعة.

2- إلغاء الحكم العسكري.

3- إلغاء التّجنيد الإجباري.

4- تعديل الحدود بين مزاب وبين الأغواط والجلفة وتقرتوورقلة.

5- إرجاع المحاكم الملغاة في بونورة ومليكة.

6- الرّجوع بمجلس الاستئناف عمّي سعيد إلى عهد مجيء فرنسا، وإلغاء القرار الذي يحدّد أجل طلب الاستئناف إليه بثلاثة أيّام، ويشترط اتّفاق الخصمين، فيكون الأجل شهرا وبرغبة المحكوم عليه فقط.

7- حرّية الاجتماع والنّشر والتّعليم العربي.

8- توسيع نطاق التّعليم الفرنسي وترقيته.

9- إلغاء دور البغاء ومنع الميسر وبيع الخمر وفتح الحانات.

10- إصلاح الطّرقات وحفر الآبار الأرتوازية.

     وفي 3 جوان 1946، أُرسلت شكوى للوالي العام، مضمونها الاحتجاج ضدّ كلّ ما يطلبه الشّيخ بيوض نيابة عن الأمّة المزابية.

       وفي 4 منه، قدّمت شكوى أخرى لرئيس إدارة غرداية، يطلب فيها ضُمَّان وأعيان القرى الخمس، منع الشّيخ بيوض من القدوم إلى مزاب، إلاّ انّه رخّص له بزيارة لبريان وغرداية في نهاية جوان 1946.

       أرسل الشّيخ يوسف بن بكير شكوى إلى رئيس دائرة غرداية يوم 24 أوت 1946 ضدّ إبراهيم خير النّاس، لأمره النّاس تقديم أوقاف مسجد باسالم إليه في المسجد العتيق.

       وفي 29 سبتمبر 1946، أُرسلت عرائض احتجاج لكل من رئيس مجلس النّواب ورئيس الوزراء ووزير الدّاخلية والوالي العام، يُطلب فيها أن تبقى شؤون المزابيين تدار بواسطة الحكم العسكري.

       وفي 10 جوان 1947، وجّه الشّيخ بيوض وثيقة أخرى إلى الوالي العام، تبيّن الإصلاحيات السّياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية المرجوّة.

       وفي 20 سبتمبر 1947، قدّم المحافظون عريضة يطلبون فيها إبقاء نظام انتخاب رؤساء العشائر بيد صلحاء العشيرة لا من عامّتها.

     في 30 أكتوبر 1947، أجري استفتاء لأعيان العشائر حول هذا الموضوع.

     ممّا جاء عريضة احتجاج قدّمتها ضمّان بني يزقن إلى كل من الوالي العام والحاكم العسكري لدائرة غرداية، يوم 24 سبتمبر 1947، ما يلي:

«تتلخّص مطالب الأمّة المزابية المشروعة في الاحترام التّام للمعاهدة المنبرمة في 29 أفريل 1853م، بين الأمّة المزابية والحكومة الفرنسية... وفي تطبيق نصوصها، وفي إعادة النّظر في الضريبة الواجب دفعها على ميزاب... وفي تعديل الحدود الحالية بين ميزاب والأغواط وتقّرت والجلفة وورقلة... ويجب الرّجوع إلى الحدود القديمة المبنية على قسمة المسافة أنصافا بين ميزاب والبلدان المتاخمة لها.

     والأمّة الميزابية تشكو وتحتجّ لما وقع من العبث بحرمة المعاهدة بدون سبب شرعي معقول، وفيما يلي أمثلة لذلك:

أوّلا- إجبار الأمّة الميزابية من 1912 إلى 1947 على التّجنيد...

ثالثا- سلب هذه السّلط (حلقات العزّابة) الإشراف الذي كان لها على تنظيم القضاء الشّرعي، بتعيين وعزل القضاء وأعضاء محكمة الاستئناف الإباضية المسمّاة بمجلس عمّي سعيد.

رابعا- إلغاء بعض المحاكم...وإلحاق البعض...وتضييق الخناق على المحكمة الاستئنافية...

خامسا- رفع الضريبة المقرّرة على ميزاب في الاتّفاقية شيئا فشيئا...ثمّ إرهاق هذه الأمّة...بضرائب أخرى مختلفة الأسماء كمكس الأسواق والمجازر، وغرامة الكراء والطّرقات، والغرامة الشّخصية على الرّؤوس، وغرامة الإرث، وحقوق التانبر والتسجيل وغير ذلك.

سادسا- منع الجماعات البلدية في المدن السّبع من إدارة أراضي العروش والتصرّف فيها بالبيع والإيجار لمصلحة التّعمير والإنشاء، ولتسديد نفقات التكاليف الضّرورية لإصلاح الطّرقات والسّدود ومنابع المياه والجسور والأسوار والمقابر وغير ذلك من مصاريف البلدية.

سابعا- استحواذ الإدارة الفرنسية على أراضي ميزاب والتصرّف فيها بمنح امتيازات البحث والتّنقيب، واستغلال هذه الأراضي ظاهرا وباطنا، ولشركات أجنبية أو لهيئات حكومية...كما وقع أخيرا في أرض زلفانة.

ثامنا- منع الإدارة الفرنسية لأهل الوطن من حفر الآبار الفوارة في أراضيهم وبأموالهم الخاصّة.

تاسعا- سلب المزابيين حرّيتهم في اختيار ممثّليهم في الجماعات البلدية وتخويل حاكم التّراب العسكري حقّ رفض المنتخب.

عاشرا- سلب الأمّة حقّها في انتخاب رئيس البلدية بإحداث وظيف القائد، الذي تتولّى الإدارة وحدها أمر تعيينه.

حادي عشر- تخويل القيّاد الذين هم موظّفون معيّنون من طرف الإدارة، لا منتخبون من قبل الأمّة، حقّ النّيابة جبرا على هذه الأمّة، وتمثيلها رسميا في اللّجنة البلدية الموجودة الآن في غرداية، والتي من اختصاصها المصادقة على ميزانية ميزاب وسنّ الضّرائب المتعدّدة...

ثاني عشر- خنق السّلط الإدارية لحرّية التّعليم الدّيني واللّغة العربية...

ثالث عشر- منح هذه السّلط نفسها، بسهولة مدهشة، لرخص منحوسة لإنشاء دور كثيرة للقصف والبغاء الرّسمي بميزاب وفتح حانات ومواخير عديدة...

رابع عشر- إدماج ميزاب ببعض مقاطعات الجزائر فيما يخصّ الإدارة والقضاء والنّيابة بالمجالس، مع أنّ ميزاب يمتاز بطابعه الخاص وبعاداته وبتقاليده وحقوقه الخاصّة التي يجب أن تبقى خاصّة به مدى الحياة...

           وهي (الأمّة الميزابية) ترفض رفضا باتا الاعتراف بأيّ طلب أو شكوى يقدّم باسمها من أيّ فرد أو جماعة، بدون موافقتها بعد عرضه عليها في مجلس وطني عام، تختار أعضاؤه بصفة ديمقراطية حرّة، من جميع بلدان ميزاب، ومن جميع العشائر في كلّ بلد... كما ترفض أيّ تدخّل في شؤونها الدّاخلية أو استنقاص في حقوقها، أو إدماج في غيرها، أو ربط حظوظها بحظوظ أمّة أخرى... بدون علم الأمّة وموافقتها...».

 


[1]- محمّد علي دبوز: نهضة الجزائر الحديثة، الجزء الثاني، 204.

[2]- DOUMERGUE (Gaston) : 1924- 1931.

[3]- DE GAULLE Charles (1890-1970).

[4]- محمّد علي دبوز: أعلام الإصلاح في الجزائر، الجزء الرابع، 76.

[5]- نفس المصدر، 173.

النّشاط السّياسي لبني مزاب في شمال إفريقيا

النّشاط السّياسي لبني مزاب في شمال إفريقيا للفترة الثالثة من العهد الرّابع

من 1330هـ/1912م إلى 1366هـ/1947م

       إنّ الحزب الحر الدّستوري الذي أسّسه الشّيخ عبد العزيز الثّعالبي وأنصاره في منتصف شهر فيفري 1920، قد كان من مؤسّسيه ومن مؤيّديه الأوّلين شخصيات بارزة من العلماء المزابيين، فكان أبرزهم صالح بن يحي آل الشّيخ اليزقني، كان من الأعضاء الإداريين في الحزب، وعضوا في اللّجنة التّنفيذية، وعضوا في لجنة الدّعاية، وعضوا في لجان المالية، وعضوا في الوفد.

       يقول أحمد توفيق المدني: «فإنّه لمّا تأزّمت الحالة بتونس وتقرّر إرسال الوفد، ولم يكن المال الموجود كافيا، سافر الشّيخ صالح إلى مزاب، وجمع منها المال، وصبّ في خزانة الوفد يومئذ أربعين ألف فرنك»[1].

       هذه التبرعات وأمثالها من المزابيين، مكّنت الشّيخ الثعالبي من السّفر إلى فرنسا وإلى جنيف، مقر عصبة الأمم، للتّعريف بقضيّة تونس.

       في 28 أكتوبر 1920، ألقي القبض بتونس على صالح بن يحي، ومثُل أمَام مجلس الحرب، بتهمة التّآمر ضدّ أمن الدّولة التّونسية، ولم يطلق سراحه إلاّ في جوليت 1921، بمقتضى قانون للعفو العام.

       وفي 6 ديسمبر 1920، قامت السّلطات الفرنسية بتفتيش منازل قائد بني يزقن سليمان بن عيسى، وزكري بن سعيد، والحاج عيسى بن محمّد، وإبراهيم ابن سليمان، والحاج بكير بن داود بزملال، للكشف عن وثائق تثبت صلتهم بالحزب الدّستوري. وفي 22 جانفي 1921، تمّ تفتيش منزلي الحاج بكير بن داود زملال، اللذّين يفصل بينهما الشّارع، ويصلهما نفق، أنجزه منذ ستّة أشهر، بموافقة جماعة الضّمان لبلدة بني يزقن.

       إلى جانب هذه التّفتيشات، فإنّ السّلطات الفرنسية كانت تتّخذ إجراء وقائيا ضدّ كلّ من له نشاط سياسي مشبوه مناوئ لها، بأن تسّجل اسمه في الدّفتر (ب).

     ومن بين من سُجّل فيه، نذكر السّادة زكري بن سعيد والإخوة باحمد وبكير وعمر أبناء داود بزملال من بني يزقن.

     ويستفاد من تقرير للمخابرات الفرنسية مؤرّخ يوم 27 مارس 1922، وعدّة تقارير أخرى لرؤساء الملحقات، أنّه ابتداء من سنة 1922، تشكّلت لجنة سياسة في مزاب، برئاسة سليمان بن عيسى قائد بني يزقن، وباحمد بن الحاج حمّو يدّر قاضيها. أرسلت هذه اللّجنة ثلاثة تجّار إلى سوق أهراس، ليكونوا همزة وصل بين تونس ومزاب، ودعاة للحزب الحر الدّستوري التّونسي. كان سليمان باشا الباروني محورا للعلاقات التي تربط تونس بمزاب، تصله التبرّعات التي يجمعها قائد بني يزقن وقاضيها، فيرسلها بدوره إلى صالح بن يحي آل الشّيخ عضو اللّجنة التّنفيذية للحزب المذكور. لقد جمع في هذه السّنة وحدها 226 ألف فرنك.

يقول الدكتور صالح خرفي: «ونقتصر هنا على بعض الشّخصيات، لنبّين انتشار أفكار الحزب الدستوري في مختلف مدن الجزائر...، كان من بين هؤلاء السادة: باعلي الحاج صالح بن محمّد...، وهو ملاك بناحية قالمة وقاطن ببني يزقن، وكان مبعدا من طرف الفرنسيين إلى سجن تعضميت لموقفه المعادي لهم، وزكري بن سعيد، وهو تاجر بمدينة قالمة أيضا، وكان من أعضاء الوفد الجزائري الذي توّجه إلى باريس للاحتجاج ضدّ التجنيد الإجباري سنة 1912، وسيدي عيسى بن الحاج عبد العزيز بن محمّد، التاجر بمدينة الجزائر، وكان وكيلا في قضية التجنيد الإجباري، وترشين عبد الله بن الحاج حمو، التاجر بعنابة، وهو من مراسلي صحف المشرق العربي، وأبو كامل عبد الله بن الحاج صالح، التاجر بالجزائر العاصمة، وهو صديق ومكاتب سليمان الباروني، وكان وكيلا في قضية التّجنيد الإجباري، وكان بصندوقه المالي هو وحده مبلغ مائتي ألف فرنك، جمعها لتمويل المقاومة في ليبيا، واسمه الحقيقي (البليدي)...، وأخوه بليدي محمّد، التاجر بعين الصفراء ووجده بالمغرب الأقصى ومدينة بشار، وبكير ابن الحاج عيسى بن بكير يعقوب، ملاك بمدينة ورقلة، وخوطه الحاج عيسى بن موسى، ملاك في مدينة قصر البخاري القاطن ببني يزقن...، وقرقوز الحاج محمّد بن محمّد بن عيسى، ملاك بمدينة الشلف والمدية والجلفة، القاطن ببني يزقن، وابن بكير، ملاك بالبليدة ووكيل قضية التجنيد الإجباري»[2].

       إنّ الأمير خالد، لمّا عزم على القيام بحركته الوطنية عام 1919، وترشيح نفسه للانتخابات، اتّخذ بطانته من المزابيين التجّار بعين مليلة وغيرها.

       وبحكم اتّصاله بأولئك التجّار، أُطلِع الشّيخ أبو اليقظان، وهو إذ ذاك بتونس، على القضيّة، فنشر فصولا في الصّحافة التّونسية، تدعو الجزائريين لترشيح الأمير خالد للمجلس الجزائري، وتأييده وتأييد حركته، كما ناصرته أعيان المزابيين ومشايخهم في كثير من نواحي القطر.

       وكان من مستشاريه ومؤيّديه مادّيا ومعنويا، السيّد إبراهيم بوجناح التّاجر بالمدية.

       وقد تحدّث الشيّخ أبو إسحاق إبراهيم طفيش، العضو البارز في الحزب الحر الدّستوري التّونسي، أنّ الشّيخ الثّعالبي أرسله ثلاث مرّات إلى الأمير خالد في الجزائر، ليعرض عليه اتّحاد حزبه وحزب الدّستور، واتّباع خطّة واحدة في الجهاد. وكانت خطّة الشّيخ الثّعالبي أكثر حكمة، فأبى الأمير خالد إلاّ طريقته الصّارمة، التي عجّلت بالقضاء على جهاده. ظلّت الحكومة الاستعمارية تضايقه بشدّة، فتفرّقت عنه أصحابه، وظلّت إخوانه من المزابيين تلازمه وتشدّ أزره، منهم أحمد بن يحي باعامر الذي انتخب معه في بلدية الجزائر، وشقيقه إدريس باعامر الذي كان يحرّر له المقالات في صحيفة الإقدام التي أنشأها الأمير. ولمّا أصدرت فرنسا أمر إبعاده إلى الإسكندرية عام 1924، تولّى صديقه الحميم الحاج يحي النّعجة اليزقني اتّخاذ الإجراءات اللاّزمة لتسيير مرافقه، وتنقيل عائلته إلى الباخرة للذّهاب إلى فرنسا[3].

       حاول محمّد بن بكير التّاجر، مدير جريدة الصدّيق، في سنة 1921، إنشاء أوّل حركة مغاربية تهدف إلى استقلال الجزائر والمغرب وتونس، فكون لذلك (الجمعية الاقتصادية)، لرفع المستوى المادّي للأهالي المغاربية.

إنّ الإخوة خبزي ناضلوا في صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، وكانوا من بين المناضلين المتأثرين بالقضية الوطنية الجزائرية، ولم يتوقّفوا عن طرحها على قادة الحزب الأوروبيين.

       وساند كذلك بنو مزاب وحدة النوّاب أو فيديرالية نواب مسلمي الجزائر التي أنشئت يوم 11 سبتمبر 1927، بزعامة الدّكتور ابن جلّول والدّكتور فرحات عبّاس.

       فكان من أبرز العاملين فيها عيسى بن الحاج محمّد الحاج النّاصر ومحمّد ابن بكير الحاج النّاصر في قالمة، وإبراهيم بن حمّو بغباغة في شلغوم العيد (شاطودان سابقا)، وقاسم بن حمّو بغباغة في قسنطينة، الذي كان عضوا إداريا في وحدة النوّاب، وكان ضمن الوفود التي سافرت إلى فرنسا، لتطالب بحقوق الجزائريين، ومحمّد لالوت الذي كان رئيسا لقسم وحدة النوّاب بعمالة وهران، والحاج الزوّاي الذي كان معتمدا للوحدة في العاصمة.

       ولمّا وقع انصداع بين وحدة النوّاب وجمعية العلماء، كانت جماعة المزابيين في قسنطينة سببا في رتو الفتق ولمّ الشّعث[4].

       انخراط الشاعر مفدي زكرياء في حزب نجمة إفريقيا الشمالية بالجزائر عام 1934، ثمّ انتخب أمينا عاما لها عام 1936. أمّا عيسى بن شريط من غرداية، فكان من جملة الجيل الثاني من الإطارات التي انخرطت في النجم[5].

       عند رجوع مصالي الحاج، رئيس النجم، إلى باريس، يوم 27 نوفمبر 1936، قدّم عرضا عن جولته في الجزائر. وقبل أن يختم كلمته، قام أحد الحاضرين يهتف وينشد النشيد الوطني الجزائري (فداء الجزائر روحي ومالي)، الذي ألّفه مفدي زكرياء بمدينة الجزائر في أكتوبر[6].

       ومن أبرز رؤساء الحركة الوطنية وأكبرهم نشاطا في حزب الشّعب الجزائري، الذي أسّسه مصالي الحاج في 11 مارس 1937 بباريس، بعد حل نجم شمال إفريقيا يوم 26 جانفي 1937، إبراهيم غرافة من غرداية. فقد كان دكّانه تجاه باب الجامع الكبير بالعاصمة مقرا لاجتماع رؤساء الحزب وأعضائه[7].

       لقد كان إبراهيم غرافة ومحمّد مسطول، رفقة زوجة مصالي الحاج وابنهما علي، في استقبال مؤسّس حزب الشعب الجزائري، عند وصوله إلى ميناء الجزائر يوم 20 جوان 1937[8].

       وفي 10 جوليت 1937، لمّا علم مصالي أنّ الحزب الشيوعي الجزائري يحضّر نفسه لتنظيم مهرجان، بمناسبة 14 جوليت، باسم الجبهة الشعبية، قرّر المشاركة في هذه المظاهرة، وحرّر منشور- استدعاء، وسلّمه إلى إبراهيم غرافة الذي أسرع به إلى المطبعة العربية لصاحبها الشيخ أبي اليقظان الكائنة بشارع رُفيقْو[9].

       ولعلّ من المهم أن نذكر أنّ أوّل مجموعة من الجزائريين ألقي عليهم القبض يوم 27 أوت 1937، من أجل المطالبة بالاستقلال، كان فيها إبراهيم غرافة ومفدي زكرياء، مع مصالي الحاج وحسين كحول وخليفة بن عمار. ومن الجدير بالذّكر أنّ جريدة الأمّة التي كان يصدرها الشّيخ أبو اليقظان، هي الجريدة الوحيدة التي احتجّت في عددها 137، ضدّ اعتقال هذه المجموعة من الوطنيين، رغم وجود جرائد عديدة[10].

         أمّا الأوّل غرافة، فقد حكمت عليه محكمة العاصمة يوم 4 نوفمبر 1937 بسنة سجنا، وأمّا الآخرون فبسنتين اثنتين.

ومن جملة المناضلين الذين اعتقلوا بتيارت يوم 8 أفريل 1938، السيد باحمد لَعْسَاكَرْ.

         وبعد الحرب العالمية الثّانية، انضمّ فريق من بني مزاب إلى حركة الانتصار للحرّيات الدّيمقراطية، التي خلفت حزب الشّعب في نوفمبر 1946، وكذلك إلى حزب الاتّحاد الدّيمقراطي للبيان الجزائري، الذي كوّنه السيّد فرحات عبّاس في أفريل 1946، بعد انفصاله عن وحدة النوّاب[11].

 


[1]- حياة كفاح، 158.

[2]- من أعماق الصحراء، 51.

[3]- حمو عيسى النوري: دور المزابيين، الجزء الأوّل، 364.

[4]- نفس المصدر، 403.

[5]- بنيامين سطورا: مصالي الحاج رائد الوطنية الجزائرية، 81.

[6]- نفس المصدر، 144.

[7]- حمو عيسى النوري: دور المزابيين، الجزء الأوّل، 374.

[8]- بنيامين سطورا: مصالي الحاج رائد الوطنية الجزائرية، 165.

[9]- نفس المصدر، 169.

[10]- علي يحي معمر: الإباضية في الجزائر، الجزء الثاني، 597.

[11]- محمّد ناصر: الشيخ القرادي، 192.

النظام الاجتماعي لبني مزاب عبر التاريخ

النظام الاجتماعي لبني مزاب عبر التاريخ

Icon 09 جذور النظام الاجتماعي لمزاب

العهد الأول من الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الرّابع الهجري.

بني مزاب و نظامهم الإجتماعي في بلاد الشبكة  

العهد الثاني من اواخر القرن الرابع إلى نهاية القرن الثّامن الهجري.

حلقة العزّابة

العهد الثّالث من بداية القرن التّاسع الهجري إلى سنة 1269هـ/ 1853م.

الحياة الاجتماعية

الحياة الاجتماعية لكل قرية

الأعمال الجماعیة وفوائدھا الدینیة والاجتماعیة في المجتمع

النظم الإجتماعية

  • المرأة المزابية

    Icon 07   المرأة المزابية والغربة
    عالم المرأة المزابية
    نساء حالدات
    حكمة المرأة المزابية في يومياتها
    مشاركة المرأة المزابية في الثورة التحريرية الكبرى
    كلمة إلى المرأة المعلِّمة
    نور القلــم: كتابات أدبية عن المرأة المزابية
    فيديو الشيخ أولاد أعماره عن الدور الحضاري للمرأة...

  • تنظيم الأوقاف

    Icon 07
    الهدف من كلّ هذه الاوقاف هو خدمة الصالح العام، ومساعدة الفقراء وتشجيع المتعلّمين، وخاصّة منهم...

    اقرأ المزيد

  • خزينة المدينة

    Icon 07
    تُعتبر هيكلا أساسيا وحيويا في كل قصر من قصور مزاب، وتكون تحت إشراف المقاديم وهم كبار العرش، كما جاء في اتفاق أهل غرداية سنة 1796م "اتفقوا على خمسة رجال منهم، ثلاثة مقاديم، وأمينان بأيديهما المفاتيح" ومن أهم مصادر الخزينة هي "الخطايا" أو الغرامات المالية التي تفرض على مرتكبي المخالفات والجرائم طبقا لقانون المدينة، وكذا المساهمة المفروضة على كل صاحب واحة منتجة، وكذا...

    اقرأ المزيد

 

 

الهواجر النخلة والتمر

كيف يؤثر حر الهواجر على نضج التمر؟

إن تلك التغيرات تعتمد في معظمها على الطقس. نهاية جوان (حزيران) وبداية جويلية (تموز): نحن نترقب بخوف وصول فترة أساسية في روزنامتنا الفلاحية، إنها فترة الهواجر، وهو الاسم الذي يطلق على أشد أيام الصيف حرا، وهي تدوم أربعين يوميا، وتمتد من العاشر جويلية (تموز) إلى العشرين من أوت (آب)، إنها الفترة التي تحدد مسار النضج ونوعية الغلة، وقد تبدأ الهواجر مبكرا بأسبوع أو أسبوعين حسب الأعوام، وفي هذه الحالة قد تضيع كميات كبيرة من البلح. في 2010 أتلف ما مقداره خمسون من المائة بلحا لدى بعض الأصناف.

إذا استمرت الوديقة طيلة فترة الهواجر تسارع الأرطاب، لكن النوعية تكون غير مرضية، لأن البلح الذي يحثه الحر لن يكون لديه الوقت ليكبر، والفترة التي يكون فيها بلحا، أي فترة النمو، تكون قصيرة جدا.

تكون النخلة خلال قيظ الصيف في أوج نشاطها، إنها تسوق غلتها نحو النضج وتنجب - في الوقت ذاته - الأعضاء التي تحدد ثمارها مستقبلا، فهي تشرع في إخراج سعف جديد وإرسال قناباتها، وتواصل نموها نحو الأعلى. إذا ظل الحر متواصلا دونما انقطاع فإن الاستطالة ستنشط لا محالة وستستحوذ على جزء مهم من النسغ الموجه للتمر في العذوق. في هذه الحالة ستصاب العذوق الأكثر انخفاضا بسوء التغذية وستعطي تمرا هزيلا ومتغضنا وجافا ومبتذلا.

سيكون هذا الحادث الفيزيولوجي مميزا إذا انضافت إلى الحرارة الشديدة عمليات سقي مفرطة، ويقال عن هذه النخلة إنها أصبحت "مسعورة". هناك أصناف أقل حساسية لهذه الظاهرة مثل " ادًالْتْ" و"تَامَزْوَارْتْ نتَلَاتْ"، كما أن هناك أصنافا أكثر حساسية "إِغَسْ أُوطْشِيضَنْ" (الغرس). وعلى العموم فإن النخيل من الصنف نفسه قد يكون، كل واحدة على حدى، ذا حساسية خاصة للحرارة، وتتخلى عن الغلة الصالح النمو، ولهذا فإني أحاول أن أسويها بالاحتفاظ بعذوق غير مؤبرة، وهذه العذوق التي تنمو دون إلقاح تبقى خضراء من ماي (ايار) إلى جانفي (كانون الثاني). إنها ستمتص النسغ وتبطئ النمو النباتي.

بعد فترة الهواجر تشرع درجات الحرارة ليلا في الانخفاض بلطف، وهذا المدى الحراري بين الليل والنهار حاسم بالنسبة لجودة التمر، وبدونه سنحصل على تحمر "لفَحَهُ " الحر، ويكون جافا وله تماسك كتماسك البلاستيك. وعموما كلما كان مسار الإرطاب مترويا كانت الغلة أجود.

 

كيف نسقي النخيل في الصيف(02)

..أثناء فترة الهواجر تتشكل قنابات غلة الموسم القادم، غير أنه لا يمكن رؤيتها بعد. أي نقص في الماء سيكون وبالاً على غِلة العام الحالي والتالي، وخلال أربعين يوما فإن وتيرة السقي تقتضي أن يكون مرة كل يومين.

إذا انقضت هذه الفترة يرجع إلى وتيرة سقيين في الأسبوع، أو سقي واحد حسب نوع الأرض والوضعية الجغرافية للبساتين، ففي ضواحيها وبجانب الهضبات الصخرية التي سخنتها الشمس تكون الحرارة أشد والأرض أقل عمقا، فأسقي بالتالي مرتين كل أسبوع، وفي وسط البساتين، حيث الأرض أكثر عمقا وأكثر احتفاظا بالماء، أخفض وتيرة السقي إلى مرة واحدة أسبوعيا.

إن النضج لا يتطلب الكثير من الماء، وعلى النقيض فإن الماء الزائد يسمح بسيلان شراب الثمار وتعفنها. علاوة على أن التمر الناضج إذا سقي بإفراط سهل انفصاله عن الشماريخ، ويضيع منه الكثير بمجرد هبة رياح.

على الفلاح أن يأخذ حذره من السقي العشوائي، فإذا عطشت النخلة مال التمر إلى التيبس، لكن العودة إلى سقي مفرط يسبب تورما للثمار. في هذه الفترة القائظة، يخشى الزارع نهارا الصدمة الحرارية الذي قد يسببها الماء المنعش على الجذور السطحية التي سخنتها الشمس، كما أن ضياع الماء بسبب التبخر يكون معتبرا، وعليه يجب أن يتم السقي بين السادسة مساء والثامنة صباحا، كما أن البعض يسقون في الليل والبعض في الصباح الباكر. ما أقصر ليالي الصيف على زارعي النخيل في الواحة!

 ----------------------------------------------

(01) كتاب نخلة التمر يوميات يرويها عاذق، نورالدين بن سعدون ونورالدين بولحواط. ص54

(02) كتاب نخلة التمر يوميات يرويها عاذق، نورالدين بن سعدون، نورالدين بولحواط. ص69.

المصدر https://nir-osra.org

الهوية المزابية

  • تعرف على المجتمع المزابي

    Icon 09المجتمع المزابي هو اثنية امازيغية جزائرية ذات اغلبية زناتية وأقلية وافدة تبوتقت في فضاء عمراني متناسق و تركيبة اجتماعية متجانسة اتصفت بالانضباط الهيكلي من خلال تنظيم محكم متوارث منذ قرون و مستمد من تراكمات تجارب انسانية عريقة ، هذبها وأصلها الاسلام ،حيث تخضع له الافراد و العائلات عن طريق قوانين عرفية تهندس له في شكل هرمي، تشرف عليه و...

    اقرأ المزيد
  • الجزائر وطننا ونحن أبناءه

    Icon 09إن المزابيين جزء من هذا الوطن وهم هنا منذ فجر التاريخ وهذه الأرض أمازيغية بربرية أب عن جد من قبل مجيئ الاسلام، وإعتزازنا وإعتناقنا الاسلام وإفتخارنا بخدمة القرآن وخدمة العربية حب عقلي وجداني ايماني لا دخل فيه لبشر مهما كان، واعتزازنا بهويتنا وأصولنا الامازيغية حب فطري وراثي لن...

    اقرأ المزيد

  • بنو مزاب أحد مركبات الشعب الجزائري

    Icon 09ظلّ بنو مزاب قرونا عديدة هامة في التبادل بين التل و السودان الغربي, مثلما كان مرحلة في التبادل بين قُورَارَه و تْوَاتْ غربا و منطقة وارجلان شرقا. و بعد تراجع خط التجارة مع السودان, بعد سقوط مملكة سُنْغَايْ عام 1591 م, اشتدّت حاجة بني مزاب أكثر إلى الهجرة إلى مدن الشمال, و عقدوا علاقات وطيدة مع السلطات العثمانية. يقول الشيخ أحمد توفيق المدني : " لمّا كان المزابيون يهاجرون إلى بلاد التل باستمرار قصد التجارة و...
  • تشكل الهوية المزابية عبر التاريخ


    Icon 08
    أمازيغ مزاب [زناتة]
    الإسلام
    المعتزلة
    سدراتة الرستميين
    الإباضية
    وادي مزاب عبر التاريخ


  • فيديوهات حول الهوية المزابية

    Icon 07حوار حول: الهوية واللغة المزابية 
    مع الإعلامي والشاعر: يوسف بن قاسم العساكر
    أجري الحوار بتاريخ 14 أفريل 2013م
    الهوية الميزابية للأستاذ الحاج اسعيد...

    اقرأ المزيد

  • الهوية المزابية المزابية  للأستاذ يوسف بن بكير الحاج سعيد

    Icon 09إن بني مزاب أمازيغ، ويطلق على الأمازيغ كذلك اسم البربر، والبربر ينقسمون إلى قسمين: البرانس وهم أبناء برنس، والبُتر وهم أبناء مادغيس الملقب بالأبتر. وهما أخوان ومن نسل مازيغ بن كنعان بن نوح عليه السلام. كلّ قسم من البرانس والبتر يتفرّغ إلى شعوب كثيرة لا تحصى. وأحد الشعوب البتر زنَاتَه ومن بين الشعوب البرانس كتامة وصنهاجةتتفرّغ زناته إلى....

    اقرأ المزيد

انضمام جنوب افريقية وجبل نفوسة إلى الدولة الرستمية

وكان جنوب افريقية الشرقي كله وجزيرة جربة إباضية وطرابلس إلا المدينة كانت كلها إباضية فانضم جنوب افريقية وجزيرة جربة وطرابلس إلى الدولة الرستمية ولم يبق للعباسيين من جنوب افريقية وطرابلس إلا الساحل لأنه ضروري لهم للاتصال بالمشرق، وبعاصمتهم بغداد. وسكن المغرب الأدنى بهذا التقسيم للعباسيين فلم يثر عليهم الإباضية في جنوب افريقية وفي طرابلس، وهم الذين يستطيعون زعزعة عرشهم في القيروان لكثرتهم في المغرب، ولنظامهم، ثقافتهم، ودولتهم الرستمية القوية التي تسندهم إذا ثاروا. وأيس الصفرية في شمال افريقية وبجبال  باجة  وغيرها من مساندة الإباضية الأقوياء في المغرب الأدنى والأوسط لهم في ثورتهم إذا ثاروا، فسكنوا لروح بن حاتم. وهدأت الأيام للرشيد ولروح في افريقية بحسن سياستهما ورضوخهما للواقع. واستمرت افريقية العباسية في أعمال البناء والعمران والتقدم. وتهلك طرابلس وجنوب افريقية وجزيرة جربة بشرا لما تحقق مثلهما الأعلى فانضمت إلى الدولة الرستمية العادلة التي تسوسها سياسة الخلفاء الراشدين، وتتقيد في كل أمورها بالدين، فامتلأت هذه النواحي حياة وسعادة، فأسرعت في طريق الحضارة والرقي في ظل دولتها العادلة الفتية إسراع من زالت عنه هاجرة الصيف المتقيدة وهب نسيم المساء وظلاله فامتلأ بالنشاط في سيره. ودخل المغرب الأدنى بحسن سياسة الرشيد في أيامه الوادعة الهادئة، ولم تقع لروح الزلازل التي تهز عرشه، ولم يثر عليه الأمازيغ ثوراتهم العارمة التي يشغلها الملوكيون في القيروان بظلمهم وعدم تقيدهم بالدين في سياسة المغرب. وظل روح أميرا على شمال افريقية والساحل الجنوبي منها وعلى الزاب وساحل طرابلس، هادئا وادعا إلى أن وافاه اجله.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 103-104

بعض خصال بني مزاب

إنطباع أحد زوار مزاب:

المزابي عموما رصين ونشط ومجتهد.  بذل جهودا ضخمة، ومثابرة لا مثيل لها، لتحقيق النتيجة التي تمّ بلوغها في هذه المنطقة (مزاب). لا يسعنا -في الواقع- أن نمنع أنفسنا من صدمة الإعجاب عند رؤية الإبداعات الرائعة التي هي نتيجة عمل استثنائي لعدّة أجيال، في منطقة من أكثر المناطق جفافا وفقرا، والذي يشهد وضع صيانتها الجيّد على روح المثابرة في هذا الشعب، وعلى نشاطه الذكيّ.

 

بعض خصال بني مزاب

 أ ـ المواظبة على العبادات :

عملا بمبدأ المذهب الإباضي القائل بأنّ الإيمان اعتقاد إقرار و عمل, و أنّ من مات على كبيرة يخلد في النار, فإن المزابي و المزابية يُنشآن منذ البلوغ على تطبيق التعاليم الإسلامية, خاصة ما يتعلّق بالطهارة و الصلاة و الصوم, و عدم اختلاط الجنسين. و يتطلّب ذلك من المجتمع توفير حد أدنى من الثقافة الدينية , تضطلع به المدارس الحرة للفتيان و الفتيات و دروس الوعظ و الإرشاد في المساجد و مناسبات الأفراح و الأتراح

 

ب ـ الأمانة :

 لعلّ الخصلة الحميدة الوحيدة التي يعترف بها الجميع لبني مزاب, أصدقاؤهم و خصومهم, هي خلق الأمانة. لقد باتت هذه الصفة من الصفات المتوارثة عبر الأجيال, و لا عجب ! إنّ المرأة المزابية حين تودّع ابنها للسفر إلى التجارة في الشمال كانت توصيه وصيّتين جليلتين : حافظ على صلاتك و حافظ على أموال الناس.

الوصية الأولى تضمن له صلة طيّبة مع خالقه, و الوصية الثانية تضمن له علاقة طيبة مع الخلق. لقد ضرب بنو مزاب أمثلة رائعة في الحفاظ على الودائع و أداء الأمانات إلى أهلها.

 

ج اعتماد على النفس :

إنّ وادي مزاب قديما و حديثا لم يعمر بالاتّكال على الغير. إنّما عمره أبناؤه بسواعدهم و مثابرتهم و تكاتفهم و صبرهم و حبهم لوطنهم. فقد كانوا يغتربون للعمل و الكسب قصد إحياء واديهم و إعالة ذويهم, مضحّين بكلّ الكماليات, يكدون سنوات دون أن يخطر ببالهم أخذ عطلة أسبوعية, أو التمتّع بنزهة على شاطئ البحر أو تحت ظلال غابة من الغابات في الجبال.

 

د ـ خدمة اللغة العربية:

إنّ بني مزاب يتعلّقون باللغة العربية باعتبارها لغة القرآن, اللغة التي اختارها الله تبارك و تعالى لمخاطبة عباده في آخر الرسالات, وباعتبارها لغة سيّد الخلق محمّد صلى الله عليه و سلم, و هم بتعلّمها و إتقانها, يتعاملون مباشرة مع النصوص الشرعية الإسلامية.

وقد سخّر علماء بني مزاب مواهبهم لخدمة هذه اللغة و قواعدها, و سطع في سماء الثقافة العربية أُدباء كبار أمثال مفدي زكريا وصالح الخرفي و غيرهما.      

بنو مزاب أحبطوا المخطط الإسباني بجنازة وهمية 1518م

c 7بنو مْزاب في الجزائر العاصمة سنة 925 هـ / 1518 م :

 إنّ خير الدين باربروس (1) لمّا أحسّ بخطورة الموقف واحتلال كدية الصابون وإحاطة العدوّ الإسباني بمدينة الجزائر، استدعى إلى قصره الشيخ باحيو ابن موسى، وهو من العطف، وأمين المزابيين في الجزائر بكير بن الحاج محمد بن بكير، وهو من مليكة ، وغيرهما من المجاهدين المزابيين يستشيرهم. فأشاروا عليه بالقيام بعملية فدائية، قد يكون بها إحباط المخطط الإسباني وانهزامه ، فاتفقوا معه على أن يقوموا هم بالعملية. بعد ذلك اجتمع المزابيون بفرن الشعبة، وهو موضع مسجد الإباضية بالعاصمة حاليا، تحت إشراف أمينهم، فاختاروا من بينهم سبعين فدائيا، وقرّروا حمل السلاح على النعش والسير به إلى المعسكر الإسباني في حي حسين داي الحالي، فذهبوا بالتهليل والتكبير مخترقين لقوات العدو على طول الطريق. وكان العدو يراقب المشيّعين عن كثب. فلمّا بلغوا بالجنازة الوهمية المكان المقرّر صلوا عليها إيهاما للعدو. ولتنفيذ العملية الفدائية، طلب رئيس الفرقة واحدا يقوم بنسف مستودع البارود في المعسكر، فخرج إليه شخص يلبس عباءة من نوع اللَّشْ (تصنعها المرأة المزابية من الصوف، متعدّدة الألوان، تنسج فيها عددا من الرموز والرسوم التقليدية) وأخفى تحتها قرابيلة ، فدخل بسرعة ومهارة في المعسكر الذي لا يحرسه إلاّ عدد قليل من الجنود الإسبان، فنسف المستودع واستشهد، فالتحمت المعركة وأشغل الفدائيون النّار في المعدات الحربية و القوارب التي تصل الأسطول الإسباني بالشاطئ.

 فلمّا شاهدت قوات العدو المتمركزة بكدية الصابون أنّ المعسكر والقوارب تلتهمها النيران انقسمت إلى نصفين: قسم أسرع لإنقاذ المعسكر وقسم يواجه ضربات المجاهدين الذين فتحوا أبواب المدينة بعد العملية الفدائية. ولم يكد ينجو من هذه المعركة أحد من الإسبان. وقد تمّ هذا النصر يوم الأحد 24أوت925هـ/1518م (2) . وفرّ القائد الإسباني (دُونْ هُوقُو) (3) مع ما بقي من رجاله وسفنه وأّما الشهداء المزابيون فدفنوا هناك في حي حسين داي الحالي.

----------------------------------------

(1) خير الدين باربروس والي الجزائر من 924هـ/ 1518مِ إلى 940هـ/ 1534مِ وقيل من 923هـ/ 1517مِ إلى 944هـ/ 1573مِ.

(2) حمو عيسى النوري: دور الميزابيين، الجزء الأوّل، 208.

(3) HUGO DE MONCADA

بنو مزاب ملائكة التجارة في الجزائر

بنو مزاب ملائكة التجارة في الجزائر(01)

Icon 09 

لا يَسمح نظام التكافل الاجتماعي للمزابيين بتفشي البطالة بين شبابهم، إذ تعد التجارة شغفَهم الدائمَ، ولهم فيها براعات والتزامات وفنون، سواء داخل تجمعاتهم السكنية التي تستقطب معظم السواح الذين يقصدون الجزائر، أو في الولايات الأخرى التي لا يخلو شارع فيها من محل تجاري يسمى "محل المزابي".

يجمع الجزائريون على اعتبار هذه المحلات التي يشرف عليها مواطنون من مزاب، فضاءات نظيفة وخدومة وبشوشة وخالية من الغش وعبارة "لا يوجد" التي تعشش في المحلات التي يشرف عليها مواطنون من غير المزابيين.

"المزابي، لا يحدث أن يغلق محله خارج أوقات الصلاة، ويفتحه باكرًا ويغادره متأخرًا، ويستقبل زبونه بحفاوة تشعره بإنسانيته، ويعرض عليه سلعه كلها، ولا يتذمر من تقليبه لها، حتى إن كان ذلك من باب الفضول، ولا يميز بين الزبائن مهما تفاوتت مقاماتهم، فهو يبدأ دائمًا بأول الداخلين، ثم الذي يليه، والأهم من هذا كله، أنه لا يصدمك بعبارة "ما عنديش"، فهو يجلب كل عناصر التجارة التي يتخصص فيها، وإن حدث أن نفذت عنده في تلك اللحظة، فإنه يسارع إلى محل آخر ليجلبها بنفس السعر".

في المقابل، يلاحظ في بعض المحلات غير المزابية: "الصحو من النوم بعد أن تستوي الشمس في السماء، فتح المحل بكثير من التثاؤب والكسل، عدم مرافقة الزبون إلى داخل المحل، وإن كان الغرض المطلوب ذا سعر زهيد، فهو يلجأ إلى عبارة "ما عندناش"، حتى لا يكلف نفسه عناء إحضاره، وهي عبارة تتكرر حتى فيما يتعلق بسلع تعد من ضروريات المعيشة، مع قلة الحفاوة بالزبون، وكأنه جاء متسولًا".

هذه المقارنة تذكرنا بأخرى أجراها الكاتب الفرنسي غي دو موباسان في كتابه "رحلة إلى بلاد الشمس" الصادر عام 1881، بين التاجر اليهودي في الجنوب الجزائري والتاجر المزابي: "لا يتعامل اليهودي في كل الجنوب إلا بالربا وبكل الوسائل الخسيسة الممكنة، أما التجار الحقيقيون فهم أهالي مزاب، يلاحظ المرء عندما يصل إلى قرية ما في الصحراء، فجأة أن عرقًا مختلفًا استولى على مجريات الأمور".

ويبرر أحد التجار المزابيين تفاني المزابي في تجارته وإخلاصه لزبونه، بكونه "يرى أنه تعاقد معنويًا مع المجتمع، بمجرد أن يفتح دكانًا، وأي تهاون أو غش أو تأخر أو استسهال في توفير سلعة ما، يعد خيانة لهذا العقد الاجتماعي، وهو ما ترفضه الأخلاق والأعراف والدين".

والمزابيين قديما، يستقبلون الشاب المقبل على تكوين بيت، عامين كاملين في محلاتهم، من غير أجرة، ما عدا مصروف الجيب، ليتعلم أصول التجارة، خاصة كيفية التعامل مع الزبون، ثم يفتحون له محلاً خاصًا به ليستقل بتجارته لنفسه.

------------------------------------ 

(01) موقع إلترا صوت

المصدرnir-osra.org

بين كلمة مصعب ومزاب

Icon 09

.......) كان تلامذة أبي الربيع سليمان بن يخلف (ت: 471هـ/1078م) من أهل سوف وأريغ ووارجلان ومزاب وقسطيلية حلقوا على أبي محمد في تين زراتين...)[01]

{ما يهمنا في هذا النقل أكثر هو ورود تسمية "مزاب" بهذا الرسم دون مدٍّ بعد الياء، وأيضا بالزاي لا بالصاد، وهذا يقضي على فرضية تحول الصاد إلى الزاي، كما تتناقل الكثير من المراجع، وتعلل ذلك بميل البربر إلى نطق الزاي بدلا من الصاد؛ كما في نطقهم "تزاليت، أوزومي" بوصفها صيغا بربرية للصلاة والصوم.

لا بد من ملاحظة أن الدرجيني (توفي حوالي 670هـ) فهو سابق عن ابن خلدون (ت 808هـ) الذي ذكر "مصاب" دون "مزاب"؛ فليس ثمة تحول إذن، وهذا -على الأقل- بين هذين المؤرخين، بل يمكن القول إن ابن خلدون هو الذي كتب بالصاد بدلا من الزاي، ونتصور وقوع ذلك عند تحول الثقافة الشفهية إلى ثقافة مكتوبة، ولاسيما إن كان الكاتب ليس من أهل المنطقة؛ فيتقرر ذلك لشهرة الكاتب وما كتب..

على أن الدرجيني قد أثبت في مواضع "بنو مصعب"، وهنا أثبت "مزاب"، وهذا يجعلنا ننفي افتراض التحول أيضا من التسمية الأولى إلى التسمية الثانية، بزعم صعوبة نطق البربر بالعين وتحول الصاد إلى الزاي! هكذا كأن التسمية ولدت عربية، ثم تلقفها البربر وكيفوها وفق لسانهم! والواقع التاريخي للمنطقة يرفض هذا التعليل وما يشبهه أصلا.

-------------------------

[01]طبقات المشايخ بالمغرب، أحمد بن سعيد الدرجيني أبو العباس، تح: إبراهيم طلاي، مطبعة البعث، قسنطينة –الجزائر، ج2/ ص 482

تأييد المقاومة ضدّ الاستعمار

الفترة الثانية من العهد الرابع

من 1299هـ/1882م إلى 1330هـ/1912م

كان قادة الثّورة من رؤساء أولاد سيدي الشيخ يعتمدون على الشيخ الحاج عمر بن حمو باكلّي، شيخ عشيرة أولاد عبد الله بالعطف، اعتمادا كليا، في تدعيم الثورة ماديا وأدبيا، وإمدادها بالعتاد والذّخيرة. وكان منزله مثابة لرؤسائهم، بين سمع السّلطة الفرنسية وبصرها (1881- 1904). أحكم الشّيخ الحاج عمر الصّلة بالجنوب التّونسي، فكان يستورد من قابس على طريق الصّحراء السّلاح والذّخيرة، يمدّ بها حركة الثورة، على أنّ حركة الإمداد لم ينفرد بها وحده، بل هناك في مختلف قرى الوادي أفراد يقومون بنفس المهمّة[1].

من جهة أخرى، فإنّ القطب طفيشدعىالمزابيين لإعانة اللّيبيين في حربهم ضدّ الإيطاليين، إعانة مادّية وعسكرية، سنوات 1911- 1913، وكان قائد القوّات اللّبية العثمانية تلميذه الشيخ سليمان الباروني.

وكان ممّن لبّى النّداء وأبلى بلاء حسنا في تلك الحروب بين إيطاليا وتركيا، السيّد يحي بن قاسم باعامر من مليكة، الذي قام بتموين الجيش العثماني بالذّخائر والمعدّات من تونس، وفتحت له تركيا بها أبواب المصارف لدفع ما يحتاجه للتّموين[2].

ومن جملة من تطوّع في صفوف المقاومين المسمّى بوذراعو.

 


[1]- حمو عيسى النّوري: دور المزابيين، الجزء الأوّل، 288-291.

[2]- نفس المصدر، 322.

تاريخ الإباضية في الأندلس إمارة "بنو دمـر"

أقيمت هذه الإمارة في مدين مورور أو مورون بالقسم الجنوبي من الأندلس، وكانت تشغل رقعة صغيرة تمتد حول هذه المدينة جنوباً حتى وادي (لكه) وقام بها أيام الفتنة نوح بن أبي تزري الدمري زعيم دمر، وكان بنو دمر من بربر تونس ومن بطون زناتة، وهم من الإباضية وفد جدهم أبو تزيري إلى الأندلس أيام المنصور، وخدم في الجيش كسائر زملائه من زعماء البربر، وانحاز منذ أيام الفتنة إلى تلك المنطقة واستقر بها وبسط عليها سلطانه .

ولما توفى سنة 403 هـ خلف ولده نوح بن أبي تزيري واستمر في الحكم زهاء 30 عاماً ثم توفي سنة 433هــ فخلفه والده محمد بن نوح بن أبي تزيري.

وكان ينظر بعين السخط إلى قيام تلك الإمارة الصغيرة إلى جانب مملكته القوية الشاسعة، وأصبح يعمل الفكرة في إزالتها مع غيرها من الإمارات الصغيرة المجاورة.

وعقب غارات متتالية من المعتضد بن عباد حاكم إشبيلية على أراضي مورور  واستقبل محمد بن نوح هذا العدوان بالحلم والصبر ولم يقابله بالعنف، وجنح المعتضد بن عباد بعد ذلك إلى مصانعته واستمالته بالصلات والهدايا كما فعل مع زميليه أبي نور صاحب رندة ومع عبدون صاحب أركش، ثم دعاهم وصحبهم إلى زيارته في إشبيلية وهناك قبض عليهم وغدر بهم، وهلك في ذلك الكمين سنة 445هـ محمد بن نوح، وابن خزرون، وقيل أن محمد بن نوح مكث في السجن حتى توفي سنة 449 هجرية.

فخلفه في الامارة ابنه مناد بن محمد بن نوح، وتلقب بعماد الدولة وسار على سنة أبيه من حيث الصرامة والحزم، وقصده البرابرة من إشبيلية واستة، وزاد جموعه، واستمر محافظاً على سلطانه، والمعتضد بن عباد يكرر الإغارة على أراضية ويحرق بلاده وزروعه، ويرهقه بطريقة قاسية منظمة . فلما ضاق بهذا العدوان المستمر، وشعر بأنه عاجز عن الدفاع عن إمارته كتب إلى عدوه المعتضد يسأله الأمان والمسالمة على أن يسلمه أراضيه ويخرج إلى إشبيلية يعيش فيها تحت كنفه، فأجابه المعتضد إلى رغبته وسلم إليه الأمير الإباضي حصن مورور وما يتبعه من حصون وأعمال، وذلك سنة 458 هـ .

وهكذا انتهت هذه الدولة الإباضية، دولة دمر، وارتحل عماد الدولة بأهله وأمواله إلى إشبيلية حيث بالغ المعتضد في إكرامه والتوسعة عليه، وعاش هناك إلى أن أدركته المنية سنة 468هــ، وقد دامت هذه الإمارة أكثر من ستين عاماً.

مقال: الإباضية.. النشأة .. التاريخ.. والواقع

منقول من موقعhttp://www.islamist-movements.com

تاريخ الإباضية في الأندلس دولة بني برزال

كان للإباضية تواجد قوي في بلاد الأندلس (إسبانيا والبرتغال الآن) وشهدت الأندلس تأسيس دولة بني برزال الإباضية.

و بني برزال قبيلة أمازيغية من الفرع الزناتي في الجزائر، كان لهم دور كبير في التاريخ الأندلسي انتقل جزء منهم إلى الأندلس أيام الخليفة الحكم المستنصر بالله وبمساعدته وكان لهم دور في عهد الحاجب المنصور، فانتظموا في سلك الجيش واستمروا كذلك إلى أن تولى كبيرهم الحاجب أبو عبد الله ابن عبد الله بن برزال حكم مدينة قرمونة واستقر بها أهله وصحبه إلى أن وقعت الفتنة وانتثر عقد الأندلس، فاحتفظ كل حاكم بالمدينة التي يحكمها وضبط شئونها، وهنالك دعا أبو عبد الله هذا وأعلن نفسه ملكاً على قرمونة، وذلك في سنة 400هـ أو 404هــ واستبد بحكمها وإدارة أحوالها وترتيب حالها،

من أعلامهم جعفر بن حمدون الأندلسي، وغدت قرمونة بذلك إمارة خطيرة لها أهميتها في تلك المنطقة، وكانت قرطبة، ثاني الإمارات البربرية، توفى أبو عبد الله البرزالي سنة 434هـ وخليفة ولده الأكبر إسحاق بن محمد وهو في سن الكهولة ويصفه المؤرخون بأنه كان رئيساً حازماً وافر الكفاية والبأس والفروسية ولكن دون أبيه في القسوة والفظاظة وكان كلاهما موصوفين بالعفة والنزاهة والبعد عن آفات الملوك الشائنة.

وبعد مناورات وفتن بين أمراء الطوائف، انتهت دولة بني برزال الإباضية باستيلاء ابن عباد على قرمونة سنة 459هـجرية، بعد أن دامت 54عاماً .

تاريخ للإعتبار

  • الوباء في أغلان آلام الماضي و آمال المستقبل

    Icon 07

    على وقع الأجواء غير المألوفة و حالة الترقب التي نعيشها في وقتنا الراهن بسبب فيروس كورونا، ساقتني الذاكرة إلى الماضي متسائلا، ترى كيف كان أجدادنا يواجهون و يتعاملون مع تلك الأوبئة التي كانت تجتاحهم كل حين في ظروف قاسية تنعدم فيها كل وسائل الوقاية و العلاج المعروفة حاليا؟ .....

    اقرأ المزيد

تاريخ نظام العشيرة

نبذة تاريخية عن نظام العشيرة في وادي مزاب

   في القديم, لم يكن للعشيرة مكتب, و إنّما كان أعيان العشيرة من مختلف عائلاتها هم الذين يتكفّلون بشؤون عشيرتهم, من جمع الإعانات للفقراء و المعوزين, و من رعاية مصالح اليتامى و الأرامل و العاجزين و المجانين و الغائبين و سائر قصرائها, ومن التحجير و التسفيه و الإرشاد و التعزير.

   و كان هؤلاء الأعيان يختارون من بينهم رئيسا يمثّلهم, و يمثل عشيرتهم في الجماعة التي تتولّى تسيير شؤون البلدة. لكل عشيرة ممثّل واحد في هذه الجماعة يسمّى ضامنا, و الجماعة تسمى جماعة الضمّان,

   و ممّا جرى الاتفاق عليه أنّه لا يحق لأية عشيرة أن تتدخّل في أمور عشرية أخرى, مثلما هو منصوص في اتّفاق لحلقة عزابة بني يزقن مؤرخ في رجب 1198هـ / 1784 م .

   يقوم الضمان بتنظيم إدارة البلد في الحراسة و المراقبة و النظافة العامة و جمع الإعانات و إصلاح ذات البين, داخلا و خارجا.

   و بعد إمضاء معاهدة الحماية المبرمة مع فرنسا عام 1853 م , صار من واجب كل ضامن استخلاص مناب عشيرته من الخارج المفروض على بني مزاب, من أبناء عشيرته الحاضرين منهم الغائبين.

   بعد إلحاق مزاب بفرنسا يوم 30 نوفمبر 1882. واصل مجلس الضمان تسيير شؤون البلدة, تحت رئاسة القائد الذي تعيّنه السلطات الفرنسية من بين ثلاثة أشخاص ترشحهم لها جماعة الضمان.

   الجديد في الفترة الاستعمارية أنّ الضمان أصبحوا يختارون من طرف عشائرهم لمدّة ثلاث سنوات, و يصادق على اختيارهم الوالي العام للجزائر.

   عدد العشائر, و بالتالي عدد الضمان, عرف في هذه الفترة تزايدا, كان سببه الرئيسي المواقف السياسية لبعض العشائر. على سبيل المثال, ارتفع عدد عشائر بني يزقن بين 1890 و 1914 من 15 إلى 26 عشيرة.

   الملاحظ أن لقائد لم يكن حرا في تصرفاته, بل كان عليه إشراك الضمّان في القضايا العامة, و احترام عرف البلد, و الامتثال للقضاء, و عدم التدخل في أمور الشريعة و في تعيين الضمان نجد ذلك واضحا في الاتفاق الذي تمّ يوم 12 أفريل 1890 , بدار عرش بني يزقن, في الاجتماع الذي أشرف عليه حاكم دائرة غرداية.

   بقي الضامن يختاره أعيان العشيرة وخاصتها, إلى أن صدر قانون 20 سبتمبر 1947 القاضي بإزالة الحكم العسكري من أراضي الجنوب. عندئذ, أصبح الضامن ينتخب من طرف عموم أبناء العشيرة, و صارت كلّ عشيرة دائرة انتخابية بالمفهوم الحالي, لكن المرأة لم تشارك في هذه الانتخابات إلاّ في 8 مارس 1959, حيث أصبحت كل مدينة من مدن الوادي بلدية, و المجلس البلدي فيها هو مجلس الضمّان.

   و بعد الاستقلال, تمّ القضاء على المجلس البلدي المكوّن من رؤساء العشائر, و بات مجلس الضمان يعمل مستخفيا فاقدا للشرعية السياسية و القانونية, بل إنّ اتّحادية غرداية للحزب الواحد, حزب جبهة التحرير الوطني, طالبت السلطات العليا عام 1967 بإلغاء نظام العشائر في مزاب, و إلحاق دور العشائر بالأملاك العقارية للحزب, مدعية أنّ نمط الحياة الخاص بالقرى السبع أصبح غير ملائم للتطور الحضاري, معتبرة أن النظام العشائري نظام رجعي.

   إيمان المزابين القوي بأنّ نظام العشيرة احد مقوّمات مجتمعهم أحبط محاولات القضاء عليه, فانبعث من جديد مع هبوب رياح التعدّدية, و استعادت العشيرة دورها الاجتماعي بصورة علنية.

 

المصدر : الهُويَّةُ المِزَابِيَّةُ - أهمُّ عناصِرها و تشكُّلُها عبر التاريخ - تأليف : يوسف بن بكير الحاج سعيد  - المطبعة العربية  1432 هـ / 2011 م

تراجع المذهب الإباضي بوادي أريغ

من خلال "أجوبة علماء الجزيرة والجبل على أسئلة الشيخ أبي العباس أحمد التماسيني"

Icon 09الدكتور ناصر بالحاج

جامعة باتنة 1 ( الجزائر)

الملخص

هذا العمل أنجز من خلال مخطوط لم يسبق تحقيقه بعد، تم العثور عليه في إحدى مكتبات وادي مزاب، وهو عبارة عن أجوبة علماء جزيرة جربة بتونس، وكذلك علماء جبل نفوسة، على أسئلة أحد مشايخ تماسين، وهو الشيخ أحمد بن سعيد، وهو يكشف عن العديد من مظاهر الحياة الاجتماعية بالمنطقة، فضلا عن تبيين المرجعية العلمية المعتمدة من طرف أصحاب الأسئلة والأجوبة، وكذلك عن تبيين مدى التواصل بين المجموعات الإباضية في المغربين الأوسط والأدنى، وهو يقدم فوق ذلك صورة عن بداية نهاية التواجد الإباضي بالمنطقة.

 

Abstract

This article is based on a non-published manuscript. It was found in one of the Mizab's library,in the Algerian Sahara. The manuscript compiles a set of "responses (ajouiba)" sent by Ibadi scholarsof Jerba and the Jabal Nafousa to Abu al-Abbas Ahmad al-Timaçini, who had asked them for advices.This very rare document gives an insight into the socio-economic life of Timaçine as much as anoverview on the beginning of the Ibadi decline in this region.

Résumé

Ce travail est réalisé selon un manuscrit non-édité encore, et qui se trouve dans une desbibliothèques du Mzab. Le contenu du document: est un ensemble des réponses « Ajouiba » dessavants de Djerba et Djabel Nafousa sur les questions d’Abou Al-Abbas Ahmed Al-Timaçini. Lecontenu nous donne un aperçu sur la vie socio-économique de Timaçine, mais surtout un aperçu surles débuts de la fin de l’Ibadisme dans ces régions.

مقدمة

من المواضيع التي لازالت بحاجة إلى البحث والتمحيص، موضوع تراجع المذهب الإباضي، وزواله من مناطق واسعة من المغرب الأوسط، لاسيما منطقة وادي ريغ، التي أنجبت عددا معتبرا من أعلام المذهب، وشهدت ميلاد حلقة العزابة في بداية القرن الخامس الهجري  سنة 409 هـ. (1)

والمخطوط موضوع الدراسة اليوم، من شأنه أن يزيل بعض الغموض حول مرحلة انحسار المذهب الإباضي في وادي ريغ، فضلا عن أنه يبين جوانب من الحياة الاجتماعية لإحدى التجمعات السكانية بالمنطقة، وهي واحة تماسين    .

أما عن محتوى المخطوط، فهو عبارة عن "أجوبة" لمسائل، أو نوازل في فقه العبادات، والمعاملات، والآداب. ومن خلال الأسئلة المطروحة، نتبين بعض الحيثيات حول الحياة الاجتماعية والاقتصادية بمنطقة تماسين، على الأقل، لأنه يحتمل أن يكون الشيخ أبو العباس (صاحب الأسئلة)، قد استقبل الأسئلة التي وجهها إلى علماء الجزيرة والجبل، من إحدى المناطق الأخرى بوادي ريغ غير تماسين.

أصحاب الأجوبة:

كما جاء في المخطوط، فإن الأجوبة كتبها "أهل الجزيرة والجبل". أما الجزيرة، فهي جزيرة جربة بتونس، وأما الجبل، فهو جبل نفوسة بليبيا.

وبالطبع فإن المجيبين هنا، هم العلماء من أهل الجزيرة والجبل، والذين اجتمعوا على عادتهم –كما يبدو من النص- للإجابة على الأسئلة الفقهية التي أرسل بها أحمد بن سعيد التماسيني، حيث جاء فيها ما يل ي: "اجتمع لذلك البعض دون الكلّلّ، وفهموا ما فيه من المراد وما يئول [كذا] إليه مرغوبه المعتاد، والله نسأل [كذا] التوفيق، ونستهديه إلى أيسر الطريق، ونستعينه في أجوبة المسائل والمثل، ونستغفره من الخطايا والزلل".

تاريخ الأجوبة:

لم يرد في النص تاريخ لكتابة الأجوبة، ولا الأسئلة! لكن من خلال محتوى النص، والقرائن الموجودة فيه، يمكن تحديد تاريخ تقريبي لكتابتها، حيث  يحتمل أنه يعود إلى ما بعد القرن 09هـ، وقبل نهاية القرن 10هـ ، وذلك للاعتبارات التالية:

أولا: إحتوى المخطوط إحالة على "عقيدة العزابة"، واضعها غير معروف، أصلها باللغة البربرية، ونقلها إلى اللغة العربية أبو حفص عمرو بن جميع (الجربي) (القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي)، هذا المؤلَّف الذي كان متداولا بكثرة لدى الإباضية في شمال إفريقيا وبشكل واسع، "إذ تحوي ضمنها ما يلزم المكلف معرفته، والتفرقة بين أنواع الواجبات الاعتقادية والعملية، خالية من التعقيد والجدل الكلامي، إلا أن أصلها البربري ما زال في عداد .( المفقود من مؤلفات المغاربة (...)" (2)

ثانيا: ذكر المجيبون كتاب "شرح الدعائم"، وهو للشيخ أبي القاسم البرادي( 3)، الذي كان حيا في بداية القرن .( التاسع الهجري، وكتابه المذكور، شرح لكتاب "دعائم الإسلام"، للشيخ ابن النظر العماني(4)

ثالثا: واعتبار أن تاريخ الأسئلة لا يتجاوز القرن العاشر الهجري، يعتمد على الرأي القائل بأن المذهب الإباضي لم يبق له وجود في المنطقة بعد هذا التاريخ، فمن خلال رحلة العياشي، الذي مر بالمنطقة عام 1173 هـ / 1663 م، يستنتج منها أن المذهب الإباضي لم يعد موجودا في تماسين، ولا حتى في وادي ريغ، ما عدا وارجلان. أما عن هذه الأخيرة، أي وارجلان، فإنها أصبحت مع القرن العاشر الهجري تابعة ثقافيا إلى وادي مزاب.

الشيخأبوالعباسأحمدالتماسينيصاحبالأسئلة

صاحبالأسئلةعَلملايزالمجهولاليومناهذالدىالباحثينفيالتراثالإباضي! واسمهيتشابهمع عَلمينمنأعلامالإباضيةفيالمغربالإسلامي،وهماكلّمن:أحمدبنسعيدبنسليمانالدرجيني،وأحمدبنسعيدبنعبد الواحدالشماخي لكنلايمكنأنيكونصاحبالأسئلةهناواحدامنهم،وذلكلعدةاعتبارات،كماسيأتي،وأهمهذه الاعتبارات،هوالمستوىالعلميللأسئلة.ومايمكنقولهفيهذهالمسألة،مايلي:

إنكاتبالأسئلةأباالعباس،هوشخصآخرغيرمعروفبعد،ويبدوأنهمنتماسينكمايظهرمنانتسابه إليها،وهوليسالشماخيولاالدرجيني.وفيالواقعفإنظاهرةالتشابهفيالأسماءهذهكانتسائدةلدىعلماء الإباضيةبالمشرقوالمغرب،مثلمايؤكدهالباحثونالمختصون،ومنهممحّققاكتاب "غصنالبانفيتاريخوارجلالان"، الدكتورابراهيمبنبكيربحاز،والباحثسليمانبنمحمدبومعقل،فيعرضتقديمهمالكتاب "الشيخابراهيمبنصالح باباحموأعزام":"منالأعمالالتيأرهقتنا - فعلا-فيالتحقيق،التشابهالكبيرفيأسماءأعلامالقرونالهجريةالأولىبخاصة، والذيأحيانانجدهتشابهاوتطابقاكلِّيا،فيالكنيةوالاسمواسمالوالد،بلأكثرمنذلكنجدالتطابقليسفيالاسم الكاملفقط،بلكذلكيطالالقبيلةوالبلدةوالزمانالواحدأوالمتقارب،وهذاماأوقعنافيكثيرمنالارتباكوالحيرة، كماأوقعالكثيرمنالباحثينقبلنا،فبقدرماحاولناالحسمبعددراسةوتحقيقوتأن ورويةفيترجمةبعضالمشايخ، وجدناأنفسناعاجزينعنذلكفيمايتعلقبآخرين. (...).

ومنالملاحظأنهذاالتطابقالكبيروالمحير،لايقتصرعلىمشايخالمغربفقط،بليتعداهإلىمشايخالمشرق(...)،فكانبعضالآباءيتعمدونتسميةأبنائهمبأسماءالعلماءوالصالحين،منبابالتشبهبالسلفالصالح،ورغبةفيالتأسيبهم" (5).

وبالنسبةلِعَل مناهنا،وكماسبقتالإشارةإليه،فإناسمهيتطابقمععَلمينآخرين،دوناحتمالأنيكونواحدا منهما،وهذانالعَالمانهما:

أحمدبنسعيدبنسليمانبنعليبنيخلفالدرجيني أبوالعباس  ت670هـ /1271موهومنعلماء

الإباضيةالذينكانوافيوارجلانزمنا.(6).

والعَلمالثاني،فهومنأعلامإباضيةالمغرب،وهو:أحمدبنسعيدأبيعثمانبنعبدالواحد،بدرالدين

الشماخيأبوالعباس،والأربعينياتق 9هـ /الثلاثينياتق 15م ت 928هـ1522م.(7).

أماالتماسيني،فيبدوأنهعلممغمورأومجهول،وكلّماجاءعنهفينصالأجوبة،مايلي: "أمابعد،فقدورد كتابالحبرالتقي،النقي،السري،الأورع،الوجيه،الوليفيالله،والأخفيذاته،أبيالعباسأحمدبنسعيداتماسيني".

إذا،فالتماسيني،شخصيحتاجالتعرفعليه،إلىعملبحثيخاص،خاصةوأنهحسبماجاءفي المخطوط، "حبر" أيعالم،ولعّلهمنآخرعلماءالإباضيةبتماسينوواديريغ.

تماسينموطنالشيخأبيالعباس

هيإحدىواحاتواديأريغ،وأحدربوعالمذهبالإباضيفيالمغربالإسلامي،علىغرارجربةوبلاد الجريدالتونسي،الأوراس،تيهرتوضواحيها،وارجلان،وواديسوف،ثمواديمزاب.وتماسين،كانينتشربها المذهبالإباضيعلىغرارأغلبواحاتواديأريغ،وهوماتدلعليهالشواهدالتاريخية،رغمأنتماسينلميرد ذكرهافيجلّمصادرالمرحلةبهذاالإسم،مثلماهوالحالبالنسبةلواحاتالواديالأخرى،والتيجاءذكرهابكثرة فيكتبالسيرالإباضية،مثل:وغلانة،غمرة،تيجديت،أجلو،وتينسلي.حيثلمتردتماسينفيماعداسيرأبي زكرياء، وقد وردت في ذكر زيارة قام بها عام 449 ه العديد من مشايخ الإباضية وطلبتهم، لاسيما من جزيرة جربة وجبل نفوسة، وكانوا بزعامة الشيخ أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي، حيث "أرادوا زيارة أهل دعوتهم" في العديد من المناطق الإباضية الأخرى، فانطلقوا من "افريقية"، ومروا بأسوف (وادي سوف)، "فمكثوا في أسوف ما شاء الله ثم خرجوا منه فساروا حتى وصلوا إلى وغلانة، (...) حتى وصلوا إلى تماسين، فاستعجل المشايخ المسير، فتعلق إليهم .( أهل البلد في القعود عندهم". وقد عرفت تلك السنة في التراث الإباضي بسنة الزيارة .(8).

ونظرا لعدم ورود ذكرها كثيرا، فإن هنالك من يحتمل أن تماسين كانت تعرف باسم آخر! ولكن الأكيد أن

التواجد الإباضي كان قويا بها، ومن بين الشواهد التاريخية التي تدلّ على ذلك، المنسوخات العديدة للناسخ "يحي بن عنان التماسيني" "من بلاد ريغ" (حي في 864 هـ)، والذي نسخ بوادي ريغ العديد من مصادر الإباضية، خاصة مجموع موجود بخزانة دار التلاميذ بمؤسسة الشيخ عمي سعيد بمدينة غرداية، ومما يحتوي عليه هذا المجموع: كتاب "المعّلّقات" الذي يحتوي على أخبار سير بعض مشايخ بلاد المغرب.

كما أن الشيخ أبا القاسم البرادي (من أهل القرن التاسع الهجري)، في تقييد له لكتب الإباضية (المشارقة

والمغاربة)(9)، ذكر العديد من المصادر الهامة –المفقودة إلى اليوم- التي رآها في أيدي الطلبة بوادي أريغ، ووجود الطلبة دليل على وجود مشايخ أيضا، وحَلق  علم...، أي أن وادي ريغ خلال القرن التاسع الهجري كان لا يزال عامرا بالإباضية.

وصف نسخ المخطوط وأماكن تواجدها:

النسخة الأولى: توجد في خزانة الشيخ القاضي أبي بكر بن مسعود الغرداوي الشهير بالشيخ الحاج بابكر (ت 1325 هـ / 1907 م)، ورقمها في الفهرس: 78 . أما رقمها في الخزانة: بابكر 70 . أما الناسخ، وحسب مفهرسمخطوطات الخزانة، لعله عمرو بن سعيد بن علي الخيري الجربي (النصف الثاني من القرن 10 هـ) (من مقارنة الخطوط)، أو هو لأحد معاصريه، مع عدم وجود تاريخ للنسخ.

15.3 سم، نوعx المواصفات المادية للنسخة: عدد الأوراق 07 ، عدد الأسطر في الصفحة: 23 ، مقاس الورق: 21

الخط: مغربي مقروء، لون الحبر: بني، المخطوط كامل غبر مخروم.

النسخة الثانية: النسخة الثانية من إحدى مكتبات ورقلة (مكتبة بومعقل الحاج عيسى)، وقد أفادنا بها الأستاذ بومعقل سليمان (حاليا: إطار بمديرية المجاهدين بولاية ورقلة، وباحث في تاريخ ورقلة، من أعماله: تحقيق كتاب "غصن البان في تاريخ وارجلان"، رفقة الدكتور بحاز ابراهيم). وتقع هذه النسخة ضمن مجموع مخطوط مصور، وناسخها هو الشيخ باسه بن عمي موسى الوارجلاني.

قراءة في محتوى المخطوط:

 

أولا: تراجع المذهب الإباضي

يعتبر المخطوط موضوع الدراسة، وثيقة تاريخية هامة بالنسبة لتاريخ منطقة وادي ريغ، وتاريخ المذهب

الإباضي بها خصوصا، وتاريخ المغرب الأوسط عموما، حيث يعتبر وادي ريغ خلال العصر الوسيط، أحد معاقل المذهب الإباضي، وقد نشأ بأريغ عدد من علماء المذهب، على غرار الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد الفرسطائي (ت 504 هـ/ 1111 م)، صاحب أحد أهم المؤلفات الإباضية، كتاب "القسمة وأصول الأرضين"، وهو ابن مؤسس حلقة العزابة، مولود بتمولست بأريغ، ومتوّفى بتصوانت، قبره بتين يسلي بآجلو.

إن أول ما يلفت الانتباه في المخطوط من حيث محتوى الأسئلة، هو المستوى العلمي لبعضها، وكيف أن أصحابها لجؤوا إلى إخوانهم الإباضية في كلّ من جربة ونفوسة، للإجابة عليها، وهي ليست بالمسائل المعّقد ة! ربما يعتبر هذا من أدّلة ضعف وتراجع المذهب الإباضي بوادي ريغ عموما، وتماسين خصوصا.

والملاحظة الثانية التي تلفت الانتباه في هذا الشأن، هي استدلال المجيبين عن الأسئلة، بمؤلفات لإباضية المغرب الأوسط عموما، ووادي ريغ ووارجلان خصوصا، ولعلّ في هذا، إشارة منهم إلى التراث الهام الذي خّلفه علماء هذه المنطقة، وهو التراث الذي لا ينبغي أن يندثر ويهمل من طرف خلفهم.

وقد أحال المجيبون السائلَ إلى العديد من المصادر الإباضية التي يعود أغلبها إلى علماء المغرب الأوسط، بل إلى علماء الإباضية الذين من وادي ريغ، حيث أشاروا إلى "ديوان العزابة"، والذي أّلفه عدد من العلماء في وادي ريغ .

في القرن الخامس الهجري ( 11 م)، ويقع في خمسة وعشرين كتابا (10)

كما أشاروا إلى "عقيدة أصول الدين"، وهي المعروفة بـ "عقيدة التوحيد"، أو "عقيدة العزابة"، كما استشهد المجيبون بقول للشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر، في مسألة حول نذر الصوم: "إن الشيخ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر رضي الله عنه ذكر في كتابه المسمى بأفعال العباد (...)". وهذا أحد علماء الإباضية الأقطاب، الذي سبق تعريفه.

ثانيا: حرص أهل وادي أريغ على التحري في أمور الدين

يمكن القول بأن أسئلة الشيخ أبي العباس، تؤرخ لمرحلة هامة جدا تاريخيا تقلّ عنها المصادر التاريخية، وهي مرحلة انتهاء التواجد الإباضي بوادي أريغ. ويبدو أن المذهب الإباضي، كان في تراجع خلال القرن التاسع الهجري، وما يؤكد هذا، وجود رسالة من عزابة جربة، أرسل بها الشيخ يعيش بن موسى الزواغي الخيري الجربي أبو  البقاء (11)، إلى إباضية أريغ، يلومونهم فيها على تقصيرهم في شؤون المذهب.(12).

لكن على الرغم من تواضع مستوى بعض الأسئلة، إلا أّنها تدلّ من جهة أخرى على التحري في أمور الدين والحرص عليها، حيث سئِل المشايخ "عممن قال لغير المتولي أجرك الله ، أو غفر الله لك ولم يقصد بذلك ولايته. فالجواب، أّنّه ليس عليه شيء". ومعروف على الإباضية حرصهم على مبدئ الولاية والبراءة. أما الولاية، فهي "من أصول الدين عند الإباضية، تعني المحبة في الله تعالى بالقلب، مع تمثل المعاني اللغوية، على أن تكون كلها مبنية على أساس الموافقة على الشريعة، فيبذل المسلم لكل من يوافقه في الشريعة هذه الشريعة والالتزامات، إضافة إلى الدعاء له  بخير الدنيا والآخرة"(13).

والبراءة "هي البغض في الله بالقلب لمن ثبت ارتكابه للكبيرة، وعدم الاستغفار له وعدم الدعاء له بخير الآخرة، وهي من الأصول العقدية المنصوص عليها في الكتاب والسنة، وقد عني بها الإباضية في مؤلفاتهم العقدية (...) ولا تكون البراءة إلا بعد الإعذار والاستتابة من محرم (...) وتترّتب عنها أحكام متفاوتة على حسب درجة المعصية منها: الابتعاد عن العاصي، وتخطئة أفعاله، التشهير به، وهجرانه، وتخّلي المسلمين عن محبته، مع جواز لعنه عند البعض، حفاظا على الدين من انتهاك حرماته"(14). وللبراءة دور كبير في زجر الناس عن المعصية، نظرا لما فيها من الشِّدة،والعزل عن الناس، وهي تسّلط على من يتعدى على حق غيره، أو يطعن في الدين، أو يرتكب فاحشة.

وفي نفس السياق، أي التحري في أمور الدين، سأل السائل "عممن قتل ذرة أو نملة، ما يلزمه في ذلك، الجواب أن النملة والذرة وما يدب على الأرض مما جاء فيه النهي عن قتله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ديته درهم عند أصحابنا، وقيل في الضفدع أن ديته نعجة، وأما ما يطير نحو الخطافة والصرد والنحلة فديتهما درهمان".

ثالثا: جزيرة جربة وجبل نفوسة: مرجعية إباضية المغرب الأوسط

مما تكشف عنه الأجوبة كذلك، أن المرجعية العلمية الأولى لإباضية المغرب الأوسط في هذا العهد، كانت

جزيرة جربة، وكذا جبل نفوسة، ويبدو من خلال ديباجة الأجوبة، أن أهل تماسين ووادي ريغ عموما، دأبوا على مراسلة عزابة وعلماء كلّ من جربة ونفوسة. ومن جهة أخرى، تؤّكد الأسئلة موضوع الدراسة، حقيقة تاريخية مهمة جدا، وهي أن علماء الإباضية في بلاد المغرب الإسلامي، كانوا يعقدون اجتماعات، يتناولون فيها مختلف القضايا الطارئة التي تفرزها الحياة اليومية للناس، فقد كان العزابة يلتقون لبحث المسائل المشتركة والنوازل المستعصية، مثلما يظهر من خلال ما أورده الشيخ التعاريتي عن انعقاد مجلس مجلس علمي بين فقهاء جربة وجبل نفوسة للنظر في مسألة الإشهاد بشاهد عدل في عقود الأحباس والصدقات والبيوع والرهن، وقد وقع هذا المجلس بمدينة نالوت بجبل نفوسة سنة 1103 هـ/ 1691 م، بحضور الشيخ نصر بن خميس بن سعيد العماني الذي كان في زيارة إلى إخوانه المغاربة. كما يذكر الشيخ علي يحي معمر أن هذا المجلس انعقد في القرن 11 هـ/ 16 م، بحضور علماء وادي مزاب ووارجلان وجربة ونفوسة وعمان(15). وقد كان لهذه الاجتماعات الأثر الإيجابي الكبير على المجموعات الإباضية، حيث كان من عوامل استمراريتها، فكّلما ضعف قطر من أقطار الإباضية، تداعت له الأقطار الأخرى بالدعم والمؤازرة.

من مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع التماسيني خلال القرن التاسع الهجري:

أغلب الأسئلة التي أجاب عنها علماء الجزيرة والجبل، كانت نوازل فقهية بحتة، حيث اشتملت على مسائل في الصلاة، مثل التوجيه، والتحيات، وعن مسائل في الصوم، وقضائه، وفي الذبيحة، وفي الإهداء. وكذلك بعض المسائل في العقيدة، مثل الإصرار على المعصية، وولاية جملة المسلمين، والتوبة... وغيرها. ولم تحت  و الأجوبة على جواب لسؤال في السياسة أو الحرب، ولعلّ حرص السائل على التحري في المسائل المذكورة، يدلّ على الحرص على التزام الشريعة في مختلف القضايا.

مما يلاحظ على بعض هذه الأسئلة كما ذكر آنفا، بساطتها، حيث سأل السائل "عن أمر التوجيه في الصلاة" مثلا، وهو ليس بالأمر الذي يغيب عن تراث إباضية المغرب الأوسط ! ( 16 )، كما سأل عن "التحيات وطلبت شرحها ووضعها من أولها إلى أخرها"، ونفس الملاحظة في المسألة السابقة تقال على هذه المسألة.

تُقدم أسئلة الشيخ أبي العباس، قرائن على وجود ظواهر اجتماعية عديدة، كانت سائدة في المجتمع الريغي،

وبالخصوص مجتمع تماسين، وهي كالآتي:

استمرار وجود العبودية: المسألة التالية تدلّ على وجود ظاهرة العبودية، والتي جاءت في سياق قضية "الوعد"، فقد استفسر السائل عن حكم من يعدون نذر أوغيره، و طرحت المسألة كالآتي: "وسؤالك عن من قال أشتري خادما فأُعتقها من غير أن يقصد نذرا ولا غيره".

ومن المعلوم أن ظاهرة العبودية من الظواهر المنتشرة في مجتمعات وارجلان ووادي ريغ، حيث كان يتم فيها تبادل العبيد والذهب المحمولين من بلاد السودان، بسلع محلية، لاسيما التمر والأغنام والجمال، وكانت هذه التجارة جد نشطة، بحكم أن وادي ريغ جاء في الطريق التجاري الذي يربط وارجلان بالشمال (بسكرة وبلاد الزاب ،...)، فكان مقصدا للكثير من التجار( 17 )، "وأهم سلعة يوّفرها تجار وارجلان لمدن المغرب العبيد. ذلك أن تجارة الرقيق كانت رائجة خاصة في عهد الدولة الفاطمية حيث كانوا يستخدمون في الجيش وبعض الأعمال(18).

وقد ذكر الدرجيني في الطبقات ما يدلّ على وجود العبيد، وذلك في ذكر غارة قام بها "بعض العرب على وارجلان فساقوا عدة من الإماء (...)"

أما بالنسبة لحكم الشرع في المسألة حسب المجيبين، فقد كان حكمها نفس حكم مسألة سابقة، والتي جاءت الإجابة

عنها كالآتي: "وسألت عمن قال أتصدق بِبغلَّة نخلة ثم بدا له( 20 ) وذكرت عمن قال للسائل أعطيك درهما أو نحوه أيلزمه ذلك أم لا، الجواب في ذلك أن سبيل هذه المسائل الثلاث وما جرى مجراهن من الوعد سبيل المسألة الأولى".

وفي المسألة الأولى المذكورة هنا، جاء حكم الوعد كالآتي: " وسألت عن رجل قال أصوم ستة ولم يقل لله ولا  للنذر، ولم يقل على واجب، ولم يحلف به، أيلزمه ذلك أم لا. الجواب، إن الشيخ أبا العباس أحمد بن محمد بن بكر(21) رضي الله عنه، ذكر في كتابه المسمى بأفعال العباد، أن من وعد شيئا ولم يستثني ولم يوف بما وعد، فعليه تباعة ذلك إذا كان مالا. وأما عمل البدن فليفعل في مكانه مثل ذلك، وإن تعذر عليه وعد البدن أو وعد المال، فإن أحدهما ينوب على الآخر ويجزيه. (...) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد المؤمن دين عليه. ومن كتب اللقط لأهل المذهب أن من وعد شيئا لأحد ولم يوفي به، فلا يجب عليه شيء مثل أن يقول له تزوج فعلي الصداق، أو حج فعلي الزا د، وما أشبه هذا فمنهم من أبطل هذا ومنهم أثبته. ومن قول جميع العلماء أن الوفاء بالعهد من علامة الإيمان والخلف فيه من علامة النفاق لقوله صلى الله عليه وسلم علامة المؤمن ثلاثة إذا حدث صدق وإذا وعد وفا وإذا اؤتمن لم يخن وعلامة المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان وقيل أيضا في كتاب أفعال العباد في الوعد إن لم يلفظ له ولكن عقده في قلبه أن يفعله فانه يكون عليه تباعة إن لم يوف به وقيل بالرخصة فيما عقده في قلبه أن يجزيه الاستثناء فيه".

في التحية: يبدو أن أهل تماسين، وبحكم كونهم من بربر زناتة، كان يسود بينهم إلقاء السلام باللغة البربرية، وهو ما استهجنه الشيخ أبو العباس على ما يبدو، حيث جاء في الأجوبة ما يلي: "وذكرت رجلا حياه آخر بكلام أعجمي، كما قالت الأعراب أنعمت صباحا، أو أنعمت مساء، أيطيق عليه رده أم لا".

من خلال الجواب على هذه المسألة، يبدو أن القضية لم يكن فيها حرج كبير بالنسبة للمجيبين! ولعلّ تفسير ذلك هو أن كلا من جربة ونفوسة، منطقتان بربريتان أمازيغيتان، ربما كانت تسود فيهما مثل هذه المظاهر، وقد جاءت الإجابة عن المسألة كالآتي:

"الجواب أن التحية التي فضل الله بها هذه الأمة هي التي قال الله تعالى فيها وإذا حييتم بتحية فحييوا بأحسن منها أو ردوها، وهي السلام عليكم، هكذا بالعربية. وقوله بأحسن منها أو ردوها، عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأما قوله أو ردوها، يعني السلام عليكم، وهذا السلام ابتداؤه سّنّة ورده فريضة. وأما ما ذكرت من أنعمت صباحا وما يشبهه، فمعناه الدعاء من الأخلاق الحسنة التي تكون بين العامة والخاصة، فعلى المرء أن يرد ما يقصده به، وإن لم يرد فلا نرى عليه بأسا والله أعلم".

في الدين: الدين، "هو كلّ حق ثبت في الذمة"( 22 )، سواء تجاه الله أو تجاه العباد. وتعتبر الديون واحدة من مظاهر المعاملات الاقتصادية الشائعة بين الأفراد في المجتمع، وينتج الدين خاصة عن الحاجة اليومية للمال لقضاء المصالح، وكذلك عن المعاملات التجارية المختلفة في المجتمع، خا صة في مجال التجارة أو غيرها من مجالات الاقتصاد، حيث يتم اللجوء إلى اقتراض الأموال لتوظيفها. وفي المسألة التالية إحدى صور المداينة التي كانت تقع بين الناس في المجتمع التماسيني:

"وسألت عن رجل كان عليه دين لآخر، فعل [كذا] المديان يواصل صاحب الدين بخيره وطرفه ومعروفه، حتى واصله مثل دينه أو أكثر منه فقال صاحب الدين لمدايانه [كذا] إلزم ذلك الذي وصلتني به في مالي عليك من الدين. فقال له المديان وصلك من مالي أكثر من مالك علي، فتحاسبا، فوجدا قول المديان صحيحا، هل يلزمه الفضل الذي كان فوق ماله أم لا. الجواب أن كل ما وصله من مال غريمه يلزمه كله، سواء كان أكثر من ماله أو مثله أو دونه، لا فرق في ذلك عند العلماء".

حسبما يبدو من هذه المسألة، فإن المعاملات المختلفة التي كانت تقع بين الناس كانت تدون و توّثق -وهو مما يوصي به الشرع- وإلا فكيف استطاع المتعاملان في القضية المعروضة هنا أن يتحاسبا، ويثبت المدين لصاحب الدين

أنه قد سدد دينه وأكثر؟ لكن للأسف تعوزنا الأدلة على طرق التوثيق السائدة؟

في الصداق: الصداق كما يبينه القطب اطفيش في "باب الصداق" في كتاب "شرح النيل"، واعتمادا على ما جاء في السّنة: "(...) والذي عندي أن الصداق للجماع لقوله (ص): "استحّلوا فروج النساء بأطيب أموالكم" [رواه يحي بن  عمر مرسلا"(23)

والصداق شرط أساسي من شروط عقد الزواج، حيث جاء في كتاب النيل: "وعنه (ص): "لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتاق إلا بعد ملك، ولا نكاح إ لا بولي وصداق وبينة" [رواه أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس] فقيل في مثله: معناه .( أّنه لا يصح عقد النكاح إلا إن ذكر الصداق وفرض فيه"(24)

يبدو أن الصداق بتماسين، لم يكن يقدم دفعة واحدة، بل على أكثر من دفعة، على غرار العديد من مناطق المغرب الإسلامي الأخرى، وما يثبت هذا، ما جاء في إحدى المسائل: "وسألت عن رجل استمسكت به زوجته في صداقها، فقال لها وصلك من مالي أكثر من صداقك علي، وقالت له خدمتك أكثر من ما وصلني من مالك. الجواب، أنها ليست بمنزلة الغريم فلا يضرها ذلك، إلا إن سماه لها، وبين له قضاء في الصداق، أو يأتمنها عليه فخانته، مما أكثر من نفقتها فذلك تباعة عليها. وأما خدمتها له فلا تلحقها عليه إلا إن كرهها".

يتمّثل الغرض من وراء تأجيل دفع قسط من الصداق، تيسير الزواج، والتخفيف من تكاليفه، وتقوية العلاقات الزوجية، ولكنه من جهة أخرى، قد يكون سببا من أسباب من الخصومات التي كانت تقع بين الأزواج، والتي يكون سببها في الحالة التي أمامنا، عدم وفاء الزوج بتسديد كامل صداق زوجته.

في الاستطباب: فضلا عن المظاهر الاجتماعية المذكورة، فإن إحدى المسائل تكشف عن طرق للاستطباب، كانت شائعة في مجتمع تماسين، وهي "الحجامة والفصادة والكي"، ولكن يبدو أن الاستطباب بها لم يكن يحدث دون وقوع مشاكل، أو لِنُقل "أخطاء طبية"، لذا كان من بين الأسئلة التي طرحت على الشيخ أحمد التماسيني حول حكم الشرع في القضية، وجاء السؤال كالآتي: "وسألت عمن أراد أن يحتجم أو يفصد أو يكوي، هل يسعه ذلك أم لا؟ فإن فعل فأصابته مضرة هل يلزمه ضمان في ذلك أم لا؟ فإن لزمه الضمان، فلمن يدفع الديية؟ الجواب أن الحجامة قد احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرِم، وذكر بن بركة العماني أن في هذا الخبر دلالة على أن للمحرم أن يتعالج بما شاء في إحرامه بالأدوية وبط الجراحات وقلع السن إذا اشتد داؤه وما جرى مجرى ذلك، فكما جاز هذا للمحرم فغيره أولى بفعل هذا. والفصادات ضرب من الحجامة، وكذلك ففيه الترخيص في جواب المشايخ رضي اللهلله عنهم، لأن ذلك من وجوه الاضطرار، وقد قيل عن رسول الله في شفاء أمتي ثلاثة، آية من كتاب الله، وشرطة من حجام، ولعقة من عسل، وقيل والكية. وهذا يدل على أن الكية جائزة لمن اضطر إليها. وأما ما ذكرت من أمر الضمان في من جرح نفسه، أو كواها من غير ضرورة، فلمن يدفع ما لزمه من دية نفسه. الجواب بأن في ذلك اختلافا بين العلماء، منهم من يقول يعطي ديته لورثته في حين ذلك، ومنهم من يقول ينفق ذلك يوم يموت، ومنهم من يقول ينفق ذلك على الفقراء، ومنهم من يقول يتوب إلى الله وليس عليه شيء".

خاتمة:

فيالأخير لا يمكن سوى التنويه بأهمية المخطوط موضوع الدراسة ورغمعدمالتأكدالدقيقمنالحقبة الزمنية التي كتبت فيها الأسئلة، إلا أن الأكيد، أنه يؤرخلفترةحساسةجدامتعلقةبمنطقةواديأريغعموما،وتماسين خصوصا، والتي كان مصيرها مصير مختلف واحات وادي أريغ، حيث تراجع وانقرض المذهب الإباضي بها، ونحن اليومبحاجة ماسّة إلى معرفة أسباب هذا التحول الذي عرفته المنطقة.

------------------------

(1) الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد، طبقات المشايخ بالمغرب، تح.: طلاي ابراهيم محمد، ط 2، د.ت.، ج 1، ص 457

(2) - أنظر مقدمة التحقيق في كتاب: . اطفيش محمد بن يوسف، شرح عقيدة التوحيد، تح: وينتن مصطفى، جمعية التراث، غرداية-الجزائر، 2001 ، ص 10

(3)أبو الفضل أبو القاسم ابن إبراهيم البرادي الدمري، (حي في: 810 ه / 1407 م)، ولد بجبل دمر في الجنوب التونسي، المعروف حاليا بجبل الحواية. درس في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى جزيرة جربة حيث تلقَّى العلم عن شيوخها أمثال: يعيش بن موسى الزواغيالجربي، بمدرسة وادي الزبيب بحومة جعبيرة؛ وانتقل بعد ذلك إلى يفرن بجبل نفوسة وتتلمذ على الشيخ أبي ساكن عامر بن علي الشماخي (ت: 792 هـ/ 1390 م). فأصبح شيخا وعالما فقيها. ثم رجع إلى دمر، ومنها إلى جربة حيث بدأ في نشر العلم، فتولَّى

التدريس بالمدرسة التي تعلَّم بها؛ كما تولَّى رئاسة حلقة العزابة. وقد ترك البرادي مؤلَّفات عدة، منها:

جواب لأبي يعقوب الوارجلاني، (مخ) في أصول الفقه ، البحث الصادق والاستكشاف عن حقائق أسرار معاني كتاب العدل والإنصاف فصل في ذكر. في العقيدة (مخ)، منه نسخة بمكتبة إروان. وطبع طبعة حجرية رسالة الحقائق ( مخ )  لبعض أهل الخلاف مط ملحقا بموجز أبي عمار، تحقيق  رسالة في تقييد كتب أصحابنا  مط  ضمن الجواهر  تآليف أهل المشرق وأهل المغرب شرح الطهارات لكتاب ( مخ )  رسالة في كيفيَّة إنفاق أوقاف المساجد  عمَّار الطالبي. وقد ترجمها المستشرق موتيلانسكي الجواهر  فقهيَّة وعقديَّة مخ فتاوى وأجوبة وهي منظومة لأحمد ابن النضر العماني مخ  شفاء الحائم على بعض الدعائم مط، المنتقاة في إتمام ما أخلَّ به كتاب الطبقات وهو في سير أعلام الإِبَاضيَّة، وذكر الطبقة الأولى التي أغفلها الدرجيني في طبقاته 1-50 هـ .(...)". أنظر: مجموعة مؤلفين، معجم أعلام الإباضية...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 735

(4)عاش بين أواخر القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجريين. أنظر: مهنا بن راشد السعدي، كتاب دعائم الإسلام لابن النظر العماني وشروحه (ق 6هـ/ 12 م) نموذج للعلاقات العمانية المغربية، مداخلة في الأيام الدراسية العلمية المنظمة من طرف مؤسسة الشيخ عمي سعيد، بغرداية (الجزائر) والتي كانت بعنوان: "من الشيخ عمي سعيد بن علي الجربي [ت 927 هـ / 1521 م] إلى الشيخ حمو بن موسى عمي سعيد [ت 1425 هـ / 2005 م] مسيرة علمية تربوية اجتماعية 03 نوفمبر 2006 م. أيام 09 - 11 شوال 1427 هـ / 01 - دعوية رائدة ومتواصلة"،

(5) أنظر مقدمة التحقيق في كتاب: ابراهيم بن صالح بابا حمو أعزام، غصن البان في تاريخ وارجلان، دراسة وتحقيق: ابراهيم بن بكير بحاز وسليمان بن محمد بومعقل، دار . العالمية، غرداية  الجزائر، جحادى الأولى 1434 ه/ أفريل 2013 م، ص 38

(6) "أشهر علماء درجين ببلاد الجريد، جنوب تونس، واحد من العلماء الخمسة في سلسلة نسبه، كلُّهم علماء نحاري ر. تلقَّى تعلُّمه الأول بدرجين، ثم رحل إلى وارجلان سنة 616 هـ/ 1219 م، وأخذ العلم عن الشيخ أبي سهل يحيى بن إبراهيم بن سليمان لأعوام، ثم عاد إلى موطنه درجين. فقيه  ومؤرخٌ وشاعر، وكان إماما قدوة. له قصائد كثيرة وشعر فائق، وله أجوبة بالشعر، وألغاز في الفرائض.

وقد ذكر في بعض قصائده أنَّه أنشدها قبل البلوغ؛ وجمع بعض قصائده أبو طاهر إسماعيل بن موسى في كتاب الفرائض والحساب. بالإضافة إلى فقهه، وقوة لغته وبلاغته وشعره، فهو مؤرخ من المحقِّقين، لم يكتف بنقل ما سبقه إليه غيره من كتَّاب سير الإباضية،طبقات المشايخ  : وإنَّما أبدع منه  جديدا في كتابة السيرة الإباضية، وهو منهج الطبقات، إذ وضع في ذلك مؤلَّفه المشهور أنظر: " بالمغرب  معجم أعلام الإباضية... مجموعة مؤلفين، ، مرجع سابق، الترجمة رقم: 081

(7) "عالم من بلدة يفْرن بجبل نفوسة من أعمال طرابلس الغرب، تحول في طور دراسته إلى تِطَّاوين و تَلالْت، بِجبل دمر في تونس، طالبا للعلم؛ ومن مشايخه: أبو عفيف صالح بن نوح التندميرتي، والشيخ البيدموري، وأبو زكرياء يحيى بن عامر، ونقل كذلك عن فقيه إباضي عماني هو محمد بن عبد الله السمائلي.

اشتهر بالتأليف، ولا يعرف له من التلاميذ سوى الشيخ أبي يحيى زكرياء بن إبراهيم الهواري، ولا يستبعد أن تكون له حلقة يدرس فيها الكتب وغيرهما، وخاصة عقيدة أبي حفص عمرو بن جميع، التي كانت « مرج البحرين » و ،« العدل والإنصاف » : التي ترك لنا شروحها، مثل المقرر في العقيدة وعلم الكلام عند الإباضية.

استطاع أن يجمع فيه سير أبي زكرياء، والمزاتي، والوسياني، :« سير المشايخ » : صنَّف في عدة علوم، ومن أشهر كتبه والبغطوري، وطبقات الدرجيني، وجواهر البرادي، فكان كتابه هذا جامعا شاملا (...)".أنظر: . مجموعة مؤلفين، معجم أعلام الإباضية...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 080

(8) أبي زكرياء يحي بن أبي بكر، كتاب سير الأئمة وأخبارهم، تحقيق وتعليق: اسماعيل العربي، إصدارات المكتبة الوطنية الجزائرية، 1979 ، ص ص.

9) - أنظر نص التقييد ملحقا بكتاب: عمار طالبي، آراء الخوارج الكلامية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ج 2، ص ص 281 .294

(10) معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية- سلطنة عمان، 1429 هـ / 2008 م. . ج 1، ص 393

(11) ت: 10 شوال 787 هـ / 1385 م)، "نشأ في بلده بجبل دمر، جنوب تونس. ولَّى وجهته إلى جربة ليتتلمذ على الشيخ صالح بن نجم المغراوي. هو الذي نقل الحركة العلميَّة بجربة إلى جامع وادي الزبيب، فصانها مدة وجوده بها، واستمرت بعده، وتولَّى رئاسة العزابة بها. تخرج على يديه الشيخ أبو القاسم البرادي صاحب الجواهر، وسعيد بن أحمد جواب أبي الحياة يعيش السدويكشي. أنجب ابًنا عالما اسمه أبو عمران موسى بن يعيش. كما ترك آثارا مدونة، منها يلومهم على تقصيرهم في « رسالة إلى طلبة أريغ »  مخ، منه نسخة بمكتبة آل افضل  ، الجربي لبعض مخالفيه في التيمم طلب العلم، وتوجد منها نسختان في مكتبة الشيخ متياز، وآل افضل ببني يسجن". أنظر: معجم أعلام الإباضية مجموعة مؤلفين،...، مرجع سابق، الترجمة رقم: 1038

(12)  رقم الرسالة في الفهرس: 362 / رقم الحفظ في الخزانة: م 41  معلومات النسخ:  أحمد بن عيسى بن الحاج عبد الله بن عيسى بن عبد الله المصعبي التجنيني / حوالي: 966 هـ 153 مم / ن. مغربي جيد / الحبر أسود وأحمر / كاملة. × المواصفات المادية: 2ق / 29 س / 214 الرسالة هي السابعة ضمن مجموع به 126 ق؛ وتقع من 37 ظ إلى 38 ظ. -في الرسالة لوم وعتاب، وبلهجة حادة، على التقصير في طلب العلم، ثم استنهاض وشحذ للهمم. -أُخذت معلومات النسخ من آخر حاشية على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي، في 33 و؛ ملاحظة: بحواف الورق تأكل.

(13)  معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين ، مرجع سابق، ص 1103

(14)  معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة مؤلفين ، مرجع سابق، ص 100

(15) مجلس الفتوى للهيئة الدينية للمسجد الكبير بغرداية، ملامح عن مسيرة الفتوى بوادي مزاب...، مرجع سابق، ص 03

(16) بالنسبة للرسم في نص الأجوبة، فإنه تم تصويب الأخطاء اللغوية التي جاءت فيه، مثل المدود، والهمزة، وغيرها، كما أضيفت الفواصل والنقاط، قصد تيسير الفهم، واسترسال المعنى.

(17) الإدريسي، المغرب وأرض السودان: مأخوذة من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، مطبعة بريل، مدينة ليدن، ص 85

(18) مزهودي: الإباضية في المغرب الأوسط، مرجع سابق، ص.

(19)  الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد، طبقات المشايخ بالمغرب، مصدر سابق، ج 2، ص 257

(20) تلته كلمة من حرفين، غير واضحة في النسختين.

(21) أحمد بن محمد بن بكر بن أبي بكر بن يوسف الفرسطائي النفوسي (أبو العباس)، (ت: 10 ذو الحجة 504 هـ / 18 جوان 1111 م عالم فذ من علماء وارجلان، أصله من فرسطاء بنفوسة، وهو ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن بكر النفوسي مؤسس نظام حلقة العزابة. كان يقيم في قرية تمولست. أخذ العلم عن أبيه وعن أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي (ت: 471 هـ/ 1078 م) منذ حداثة سنِّه حوالي ( 440 هـ/ 1048 م)، وأبي محمد ويسلان بن أبي صالح، وسعد بن ييفاو في أمسنان بجبل نفوسة، (...).

من تلامذته: أبو عمرو عثمان بن خليفة السوفي، وصالح بن أفلح، وأبو عبد الله محمد النفوسي، ويحيى بن زكرياء، وعبد السلام بن عبد الكريم، وابنه إسحاق بن أبي العباس... وغيرهم كثير. وهو حلقة في سلسلة نسبة الدين.

وقد ذكر الوسياني أنَّه تصدى م رتين لغارات عنان بن دليم المطرفي اللطنفي على أريغ، وفي كلِّ مرة يجمع له أبو العباس بني مغراوة أن أبا العباس يعتبر إمام دفاع. (Cuperly) فيهزمه وراء تينويبو. ومن هنا استنتج المستشرق بيار كوبرلي وفي السنين الأخيرة من عمره صنَّف خمسا وعشرين ( 25 ) كتابًا، وكتابًا آخر تركه في الألواح... وتعتبر كتبه كلُّها من الأمهات في الشريعة الإسلامية على المذهب الإباضي في ثمانية أجزاء، طبع بسلطنة عمان بتحقيق الدكتور محمد ناصر والشيخ بلحاج ،« القسمة وأصول الأرضين » من تآليفه الكثيرة نذكر: كتاب وغير ذلك من مسائل ،« مما لا يسع الناس جهله » بكير باشعادل، ثم أعيد طبعه في الجزائر، نشر جمعية التراث. كتاب في التوحيد تبيين أفعال » .( مخ ) ،« كتاب الديات » .( مخ ) ،« السيرة في الدماء والجراحات » . التوحيد (مخ)، منه نسختان بجربة ذكرهما النامي ديوان  وهو الكتاب الذي تركه في الألواح قبل وفاته مباشرة (مخ). اشترك في تأليف ،« كتاب الألواح »  في ثلاثة أجزاء مخ ، العباد مع ثمانية من العلماء وأسند إليه كتاب الحيض وغيره، (مخ). هذه الكتب وغيرها مما ضاع كثيره لا يزال البعض منها  العزابة موجودًا، وبعضها في أيدي الأساتذة للتحقيق والدراسة، وبعضها رآه البرادي وذكره ولم يصل إلينا. توفي بَتصوانْتْ بأريغ بعد أخيه أبي يعقوب يوسف الزاهد وذلك يوم الخميس في ضحوة عرفة من شهر ذي الحجة من عام 504 هـ/ 1111 م. وقبره في آجلو الغربية، ولعلَّها تينيسلي، وهي قرب بلدة أَعمر اليوم بنواحي تقرت جنوب شرق الجزائر. أنظر: معجم أعلام الإباضية . مجموعة مؤلفين، مرجع سابق، الترجمة رقم: 089

(22)  معجم أعلام الإباضية . مجموعة مؤلفين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية- سلطنة عمان، 1429 هـ/ 2008 م، ج 1، ص 398

(23) اطفيش محمد بن يوسف، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، وزارة التراث القومي والثقافة– سلطنة عمان، 1407 ه / 1987 م، ج 6، ص 143

(24)  اطفيش محمد بن يوسف، شرح كتاب النيل...، مصدر سابق، ج 6، ص 144

تعريف الإباضية

  • من هم الإباضية؟

    Icon 09 
    يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين؛ فمؤسسه الذي أرسى قواعد الفقه الإباضي وأصوله هو التابعي الشهير: جابر بن زيد الأزدي فهو إمام محدث فقيه، من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أُمِّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وعدد كبير من الصحابة مِمَّن شهد بدرا، كان إماما في التفسير والحديث، وكان ذا مذهب خاص به في الفقه، ولد سنة 21 للهجرة، وكان أكثر استقراره بالبصرة وبها توفي سنة 93 للهجرة. [ولم ينسب إِلَيهِ المذهب وَإِنَّمَا نسب إلى عبد الله بن إباض وهو...


    اقرأ المزيد

  • نشأة الحركة الإباضية

    Icon 09

    للدكتور عوض خليفات،من الأردن،عدة مؤلفات عن الإباضية، منها:"النظم الاجتماعية والتربوية عند الأباضية في أفريقية في مرحلة الكتمان"، و"نظام الولاية والبراءة والوقوف عند الإباضية".

    ومنها كذلك "نشأة الحركة الإباضية" الذي نحن بصدد التعريف به في هذا العدد،وقد صدرت الطبعة الأولى سنة 1978،ثم طبعته بعد ذلك دار مجدلاوي في الأردن،ويقع في 226 صفحة...

    اقرأ المزيد

  • مرتكزات الإباضية الفكرية

    Icon 08

       تخطئة التحكيم
        عدم اشتراط القرشية في الإمام
         صفات الله ليست زائدة على ذاته بل هي عين ذاته
    امتناع رؤية الله سبحانه في الآخرة
        أن القرآن حادث غير قديم ومخلوق لله سبحانه
        أن الشفاعة لا تنال أهل الكبائر، وإنما هي تسرّع المؤمنين بدخول الجنة
         أن مرتكب الكبيرة كافر نعمة، لا كافر ملّة

    اقرأ المزيد

  • الجانب الفكري عند الإباضية

    Icon 09 صالح بن أحمد البو سعيدي

    لم إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟. والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في...

    اقرأ المزيد

  • حملة العلم إلى المغرب

    Icon 09
    إن التاريخ الإسلامي قد حفل بالحواضر العلمية التي كانت مراكز للاشعاع العلمي في كافة أنحاء العالم الإسلامي، ومن بين هذه الحواضر مدينة البصرة التي أنشئت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t ، والتي صارت بعد فترة قصيرة من أكبر المراكز العلمية الهامة في الدولة الإسلامية؛ حيث كانت تعج بالصحابة وكبار التابعين .ومن هذه المدينة انطلقت الدعوة الإباضية إلى شتى البقاع ، وكان ممن حمل لواءها مشايخ عظام درسوا على أئمة المذهب ثم انطلقوا يبلغونها ويؤسسون على مبادئها إمامات ودولا، وسمي هؤلاء في التاريخ الإباضي بحملة العلم إلى المغرب وحملة العلم إلى...


    اقرأ المزيد

  • الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ من القرن الرابع إلى السادس للهجرة

    Icon 09
    لم يكد يأفل نجم الدولة الرستمية في تاهرت سنة 296هـ حتى عجَّت منطقة أسوف وأريغ ووارجلان بالعلماء، خاصة بعد اهتمامهم بإنشاء حلقات العلم و...

    اقرأ المزيد

    تراجع المذهب الإباضي بوادي أريغ:
    هذا العمل أنجز من خلال مخطوط لم يسبق تحقيقه بعد، تم العثور عليه في إحدى مكتبات وادي مزاب، وهو عبارة عن أجوبة علماء جزيرة جربة بتونس، وكذلك...

    اقرأ المزيد

  • غار أجلو

    Icon 09

    اغار أجلو هو الغار الذي أسس فيه الشيخ ابو عبد الله محمد بن بكر بن أبي بكر الفرسطائي رحمه الله ت (440هـ) نظام العزابة سنة 409 هـ لذا يعرف بالغار التسعي.  واتخذه معهدا لطلبته العزابة وتخرج من هذا المعهد كل مشائخ الإباضية المغاربة في القرن الخامس الهجري ويعرف بغار أجلو أو غار أجلو الشرقية ويوجد في بلدة تين يسلي ⵜⵉⵏⵢⴻⵙⵍⵉ  أو ما يعرف ببلدة تين باما طوسⵜⵉⵏⴱⴰⵎⴰⵟⵓⵚ  وهي بلدة أعمر حاليا بجانب (تڤرت). وتعرف كذلك قديما بمدينة........

    اقرأ المزيد

  • إباضيون سوافة وستة قرون من العطاء الإباضي في سوف

    Icon 09

    هذا الموضوع بدأ يستقطب اهتمام مجموعة من الدارسين المحليين هنا بالوادي، والبحث الذي سنعتمد عليه اليوم في تقديم نبذة عن حياة الإباضية في سوف، عنوانه: "سوف في المصادر الإباضية" للأستاذ نصر الدين وهابي، معهد الآداب واللغات، المركز الجامعي بالوادي، عثرنا عليه في كتاب من إصدارات الجمعية الثقافية للمركز الثقافي محمد ياجور بقمارـ طبعة 2008. وهو البحث الذي اتسم بالموضوعية في عرض الشواهد التاريخية.. وقبل ذلك نشير أنه في الوقت الحالي يوجد....

    اقرأ المزيد

  • أعلام الإباضية السوافة

    Icon 09

    هذا هذه قائمة بعض الفقهاء السوافة الإباضية:
    ـ أبو طاهر إسماعيل بن أبي زكريا السوفي ( النصف الثاني من القرن الخامس القرن 11م)
    ـ سارة اللواتية السوفية كانت تروي أشعارا بالبربرية، كانت تأوي الشيوخ وتزورهم طلبا للعلم.
    ـ عبد الله المنصور النصيري السوفي
    ـ أبو عثمان خليفة بن عمارة السوفي المارغني
    وللإباضية علماء درسوا في سوف، منهم: أبو الربيع سليمان بن علي، وأصله من تيمجار في جبال نفوسة بليبيا. وكذلك الربيع بن يخلف الوسلاتي المزاتي النفطي القابسي...
    .....


    اقرأ المزيد

  • من هي سدراتة؟

    Icon 09

    هذا مدينة سدراتة على بعد كيلومترات من مدينة ورقلة كانت عامرة على مدار ستة (06) قرون بعد أن لجأ إليها بقية أسرة ابن رستم حكام الدولة الرستمية فارين من اضطهاد الفاطميين سنة 909  ه وكانت تزخر بتجارة القوافل الصحراوية، وذهب غانة وملح الصحراء. وحافظت على علوم المذهب الإباضي وثقافة أتباعه، ولكنها....

    اقرأ المزيد

ماذا يعني انتمائي للإباضية ؟ 

درس للدكتور/ مصطفى بن صالح باجو  ألقاه بمسجد التقوى ( غرداية - وادي مزاب - جنوب الجزائر )

الخميس 30 / 12 / 2010

ملاحظة: نظرا لأنّ الدرس ألقي بوادي مزاب، فإنّ الدكتور استعمل فيه أحيانا اللهجة المحلية المزابية

 

 اهتمام المستشرقين بالعقيدة الإباضية في ملتقى نابولي بإيطاليا ماي 2012

درس للأستاذ الفاضل محمد بن أيوب الحاج سعيد ( رئيس جمعية الشيخ أبي إسحاق اطفيش - رحمه الله تعالى - لخدمة التراث - غرداية - وادي مزاب - جنوب الجزائر )

ألقاه بمسجد حواشة  غرداية  3 / 7 / 2012 .

 ملاحظة : نظرا لأنّ الدرس ألقي بوادي مزاب ، فإنّ الأستاذ استعمل فيه أحيانا اللسان المزابي

 

وجود وإنتشار الاباضية في العالم. الدكتور إبراهيم بن بكير بحاز

الملتقى الثامن للإباضية في طوكيو - اليابان، درس للأستاذ الفاضل د.إبراهيم بن بكير بحاز، ألقاه بمسجد باباالسعد الشرقي، يوم الأحد 07 شوال 1438هـ/ 02 جويلية 2017م، ضمن الأيام الدعوية، بعنوان: قبسات دعوية

باحثون من لبنان وروسيا واليابان يتحدثون عن الفكر الاباضي.

 

تِيمْسِيرِيدِينْ ومؤتمر لا إله إلا الله

تِيمْسِيرِيدِينْ ومؤتمر لا إله إلا الله

Icon 07

" ..وفي وادي ميزاب بالجزائر مجلس ديني من النساء العالمات الصالحات الورعات يختارهن العزابة بدون تحيز ولا تعصب من العشائر، ويراعون أن تكون من كل عشيرة واحدة، وإذا لم يجدوا في عشيرة من توفرت فيها الشروط اختاروا من عشيرة أخرى، ومما يذكر التاريخ الإباضي أنه وجد في وادي ميزاب في عصر واحد ثلاث نسوة وصلن إلى مرتبة عالية في العلم يطلق على كل واحدة منهن لقب مامة وهن مامة بنت سليمان في غرداية، ومامة بنت عبد العزيز في مليكة العليا، ومامة بنت عبد الله في بني يزقن، حيث كانت كل واحدة منهن رئيسة حلقة المرشدات في بلدها، وقد جمعهن التدبير الإلهي لتنظيم اجتماعات للتشاور في القضايا المشتركة بين النساء لإصدار التعليمات التي تنفذ في كل القرى الميزابية، وتعقد هذه الاجتماعات بشكل منتظم في مؤتمر "لا إله إلا الله" وهو عبارة عن تجمع سنوي متنقل تعقده حلقات تمهيدية في مسجد الشيخ باعبد الرحمن الكرثي للاتفاق على تاريخ البداية..

ثم غرداية ثم بنورة ثم بني يزقن ثم العطف بوادي ميزاب أما القرارة وبريان فهما ينسقان لقاءاتهما معاً لبعد المسافة، وفي هذه الاجتماعات تلتقي مرشدات وادي ميزاب بالعنصر النسوي في البلدة المضيفة في دار المرشدات التابعة للمسجد أو مكان الجامع، فتستهل أشغالها بتكرار كلمة الشهادة "لا إله إلا الله" ألف مرة ثم تلاوة سورة يس وتبارك الملك وسورة الخاتمة ثم تتقدم كبيرة المرشدات لكل بلدة بكلمة وعظ وتذكير وإرشاد أمام الحاضرات، وفيه تتدبر المرشدات في الحالة التي آلت إليها النساء في المجتمع ويقررن فيه الدواء الناجع لمختلف الأمراض التي حدثت خلال السنة، ويبلغن قراراتهن وتوصيات المؤتمر لمجلس العزابة للإشعار والرعاية، وهذا المؤتمر العريق الذي لا ندري بالضبط متى بدأ في التاريخ يعتبر منتدى حرا لإصلاح شؤون المرأة المسلمة في ميزاب، وتوحيد وجهات نظرهن في بعض القضايا المصيرية المشتركة، وتجديد العزم لمواصلة المسيرة، وللتواصل بين الأجيال المتعاقبة، ولتبادل التجارب والخبرات في قضايا النساء، والمجلس الديني للنساء (حلقة المرشدات) يعين مجلس العزابة في تثقيف المرأة الميزابية وتربيتها تربية دينية صحيحة، ولهذا المجلس وظائف عديدة منها:

1.نشر وغرس العقيدة الدينية والفضيلة الأخلاقية من خلال حلقات الدروس الدينية والوعظ.

2.محاربة الآفات الاجتماعية والبدع الفاسدة المتناقضة مع شريعتنا الإسلامية.

3.الإشراف على حفلات الأعراس والمناسبات الدينية والاجتماعية لكي لا يكون هناك إسراف أو أغاني ماجنة ومن يتعد على ذلك يحكم عليه بالبراءة.

4.الإشراف على غسل الأموات من النساء والأولاد الصغار.

وإذا تردت امرأة من وادي ميزاب في المعصية ولم تُجدِ فيها الموعظة يتبرأ منها المجلس الديني النسوي في مسجد النساء، ويتبرأ منها أقاربها فتسرع إلى التوبة.

وإن المرأة الميزابية بفضل التربية الدينية التي تكون لها من والديها وأسرتها والمجتمع وهذا المجلس الديني الذي يتعهد النساء، وينفخ فيها الروح الدينية الصحيحة والمبادئ الإسلامية السمحة، متمسكة بدينها كل التمسك تخاف الله وتراقبه في أعمالها ولا ترضى أن يخالف الدين أمامها، إنها أخلاق المرأة الإباضية.

 ---------------------------------------

(01) كتاب السيرة الزكية للمرأة الإباضية، بدرية بنت حمد بن خليفة الشقصية.

المصدر nir-osra.org

جذور النظام الاجتماعي لمزاب

جذور النظام الاجتماعي لمزاب

Icon 09

مزاب لا تعود جذوره إلى جابر بن زيد مؤسس المذهب الإباضي كما يريد البعض أن يوهمنا بذلك بل هو موجود منذ العصر الحجري القديم .

أصول النظام الاجتماعي لمزاب تعود إلى هذا الوجود الضارب في القدم للانسان في مزاب مرورا بعصر ميلاد المسيح عليه السلام وفترة ما قبل الإسلام إلى مجيء الإسلام واعتناق مذهب المعتزلة ثم المذهب الإباضي الى عصرنا الحاضر.. في تطور وتفاعل وتكيّف مع المستجدات. وكغيره من المجتمعات الأمازيغية في شمال افريقيا فقد كان لكل قصر نظام تسيير قائم على التمثيل القبلي-الصفوفي (tribalo-segmentaire)لمختلف القبائل التي تتشارك القصر. وكما تتطور طبيعة نظام التسيير تتطور أيضا وتتفاوت من قصر الى قصر التسميات التي تميز تلك الهيئة المسيّرة: الضُّمّان، الجماعة، امصوردان، ايمكراس.. وأخيرا "الأعيان" كتسمية حديثة ظهرت على الأرجح في الفترة الاستعمارية. وحداثة التسمية لا تعني حداثة الهيئة، فالهيئة قديمة والجامع المشترك بين كل التسميات السابقة للهيئة هو أنها تنبثق من العشائر وتتكفل بمهمة تسيير الشؤون العامة للبلد كالعمران والري والأمن والسياسة.. الخ. لا يوجد بحث تاريخي محترم واحد يثبت أن حلقة العزابة سابقة لهيئة الضمان (الأعيان حاليا) ولا يوجد أثر تاريخي واحد لدعوى السلطة الهرمية لحلقة العزابة على كامل الهيئات العرفية ومن قال غير هذا فليأت بالبينة.

حلقة العزابة كانت في البداية حلقة علم تزاول نشاطها في القصر وواحاته ولم تتبوأ منصبا ذا مسؤولية إلا في حوالي بداية القرن الرابع عشر الميلادي (أي حوالي ثلاثة قرون والقصور المؤسسة آنذاك كانت تسير بدون حلقة عزابة. هذا عن القصور المستمرة الى يومنا هذا دون الحديث عن القصور المندثرة ك "أوخيرة" و"موركي" و"اغرم ن واداي" و"اغرم نتلزضيت".. الخ). من أهم ما تحفظه لنا السير والأعراف أن "الضمان" (الذين تنتخبهم عشائرهم) لهم سلطة على حلقة العزابة وليس العكس، والكل يعلم أن من السير والعرف في حال خرق عضو للحلقة أو الحلقة بأكملها لعرف من الأعراف أو ارتكبت مظلمة من المظالم فمن صلاحيات الضمان أن يتدخلوا وذلك بأن يشغلوا الصف الأول في المسجد قبل مجيء العزابة وأن يعينوا مؤذنا وإماما من خارج الحلقة ويستمروا على ذلك إلى أن ترد المظلمة وتعترف الحلقة أو عضوها بالخرق المرتكب لتعود الأمور الى سابق عهدها وتسلم مقاليد المسجد لهم من جديد. وإلا فبإمكان الضمان أن يحلّوا الحلقة بشكل كلي لإنشاء حلقة جديدة. هذا ما نحفظه ونعلمه ولا أحد يمكن أن ينكره لا أعضاء الحلقة ولا الشيوخ المسنون الذين يحفظون العرف والسير. في العرف فإن حلقة العزابة تتكون بالتعيين الداخلي الانتقائي (أي أعضاء الحلقة هم من يعين من ينضم إليهم لأن مهمتهم مهمة دينية والمهمة الدينية لا تستلزم التمثيل القبلي والعشائري) بينما الضمان (الأعيان) يتم تكوينهم بالتمثيل العشائري (طبعا وكل عشيرة حرة في طريقة اختيارها لأعضائها فالأمر شورى بينهم) لأن مهمتهم تسيير الشأن العام والشأن العام لابد له من تمثيل "ديمقراطي".

هذا هو بالضبط مقتضى النظام الشوري "الديمقراطي" الساري المفعول إلى يومنا: أي أن المنتخب له سلطة على المعيَّن وليس العكس. البرلمان المنتخب يمكن أن يسحب الثقة من رئيس الحكومة المعين ولكن لا يستطيع رئيس الحكومة المعين أن يحل البرلمان المنتخب.. على سبيل المثال فقط.

لقلم الأستاذ  Salah Bahmani

 

جهادهم في الحرب التحريرية

جهادهم في الحرب التحريرية:(01)

أما جهادهم في الحرب التحريرية، فقد كان في المستوى المطلوب منهم ولا نستطيع أن نأتي في هذه المسامرة على كفاحهم وجهادهم داخل الجزائر وخارجها ولا بأس أن نذكر عينات لأبنائنا حتى يعرفوا تاريخهم.

عندما اندلعت الثورة الجزائرية المسلحة كان الميزابيون من أشد وأهم العناصر الذين اشتغلوا في هذا النضال، ومن أصدق من أعدّوا له وأثبت من كافحوا بعد وإخلاص وتضحية في بعث الثورة، والاستمرار فيها والسير إلى قمة النجاح.

ولو أتيح لمؤرخ سياسي أن يستلهم الفن والأدب، وقام بدراسة الأناشيد التي كان يتغنى بها الأطفال والشباب في مدارسهم ومعاهدهم منذ الأربعينات، لنكشف في الروح النضالية العالية التي أعدّت للثورة ورافقتها وتغنت بنجاحها.

في أواخر الأربعينات، وهم يعدّون للثورة، كان الشباب في ميزاب يتغنى وبأمثالهم قولهم:

إن أضــــــــــــــرمت نـــــــــار الوغــــــــــى           قــــــــــدم لها الوقــــــــــــــــود

لا تــــــــــــرتـــــــج أن تبلـــــــــغـــــا                 بـــــــــــدونهــــــا الآمـــــــــــــــــــال

وفي الخمسينات والشباب الجزائري مشتبك في النضال الفعلي المسلح مع قوات الاستعمار الفرنسي كان هذا الشاب يتغنى بأمثال قولهم:

يا شباب المسلمين         قُد جنود الفاتحين

وتقــــــدّم لا تهـــــــن

إنما المجد الحروب           ولدى المسلم الكروب         والمعاني لا تؤوب

بسوى الحرب الزبون

وربما كانت هذه الأناشيد التي تغنت بها المدارس والمعاهد الميزابية في هذه الفترة النضالية تبلغ المئات، وكلها تدعو إلى التضحية والفداء والاستمرار في النضال وهي لا شك تعطي صورة كاملة عن نفسية هذا الشعب الصغير.

ولاشك أن السطحيين الذين ينظرون إلى الظواهر قد تخدعهم قلة الأسماء في جبهات القتال، غافلا عن النسبة العددية. ومع ذلك فقد لمعت هناك أسماء وسجل شهداء، ورجع من جبهات القتال بعد الانتصار مناضلون شرفاء، لم يمتنوا على الجزائر بنضالهم، ولم يطلبوا من الدولة ثمنا لوطنيتهم بمنحهم ألقابا أو سلطة، وإنما رجعوا في تواضع إلى أعمالهم الحرة في البادي المرة دون ضجيج ولا صخب.

هؤلاء جميعا يعرفهم زملاؤهم من رفقة السلاح، أو من قادة النضال ومن مسيري الإحصاءات الرسمية، التي تثبت للتاريخ وللأجيال القادمة ذلك الرصيد الغالي الذي دفعته الجزائر ثمناً للحرية إذا تولته أقلام صادقة ومخلصة.

أما الدور الذي قام به الميزابيون في هذا النضال، وأغلبهم تجار موزعون على جميع أنحاء القطر الجزائري فلعله يتلخص في الخطوات الهامة الآتية:

1.في جبهات القتال:

لا شك أن الوجه الواضح لثورة التحرير الجزائرية إنما يظهر في العمل البطولي الرائع الذي قام به المناضلون والفدائيون لمجابهة القوات الاستعمارية بمختلف تشكيلاتها في ساحات القتال، وفي الأودية ورؤوس الجبال، وبين الغابات والأدغال.

وقد أخذ الميزابيون في هذا المجال قسطهم الذي يتناسب مع حجمهم وربما كان أكبر قليلا من الحجم الذي يقدم لهم، ومن الأمثلة على ذلك أنه عند اندلاع الثورة كان عددهم يتراوح بين الستين والسبعين ألفا. وقد التحقت أعداد من شبابهم بمعاقل الثوار على كل المستويات بل إنه على أرفع المستويات كان في مقدمة من التحق بالثورة في الجبال.

2.التمويل:

لا شك أن تمويل الثورة لا يقل أهمية عن حمل السلاح فيها، وقد اعتمدت الثورة الجزائرية ضد الاستعمار اعتمادا كاملا على متاجر الميزابيين. فقد كانت جميع الطلبات التي تقدمها العناصر المسؤولة في الثورة إلى أي متجر تحقق في الحال وفي صمت، وفي هدوء كأنها عملية من عمليات البيع والشراء ولكنها دون مساومة.

ثم إن القيادة قد اتفقت مع شخصيات معينة منهم على أن تكون بعض متاجرهم في كل مكان مصدرا للتمويل ومركزا لتزويد جبهات القتال بما يحتاج إليه.

وقد كان التجار الميزابيون في مختلف المدن الجزائرية يعدون كل ما تحتاج إليه الثورة الجزائرية تحت أيدي أمينة لتصل إلى أماكنها عند الحاجة، وإلا بقيت محفوظة أو مخزونة حتى يأتيها الطالب.

وهكذا قاموا بجانب ثان هام من جوانب جهاد العدو، وقيادة الثورة الجزائرية تعرف هذا حق المعرفة، وتقدره حق التقدير، ولا يقلل من أهمية النضال أن بعض المناضلين لا يعرفون هذا، ولا يعرفون الأسس السرية التي انبنى عليها النضال، إلا أنهم يمرون وسط شوارع المدن فيرون المتاجر مفتوحة، والأعمال جارية في روتينية واضحة وأصحاب المتاجر يواصلون أعمالهم فيها في هدوء ونشاط، فيعتقدون أن أولئك التجار غير مهتمين بالثورة، فهم إما سلبيون، وإما خونة، وإما عملاء للاستعمار، فيشيعون عنهم الأراجيف التي ليست من الحق في شيء، والتي ربما سببت في إيذاء ناس كان إخلاصهم للثورة وبذلهم في الجهاد وعملهم في سبيل الله لا يقل عن أولئك الذين عرضوا أنفسهم للموت في ميادين القتال.

3.تأمين الأشخاص:

لا تخلو مدينة من مدن الجزائر من عدد من المتاجر أصحابها من الميزابيين. ولعل تسخيرهم لأعمال التجارة في جميع أنحاء الجزائر كان وفق مشيئة الله تعالى لحكم يعلمها، وعرف الناس بعضها في هذه الظروف، وهو تأمين المجاهدين في سبيل الله لإخراج المستعمرين من بلاد الإسلام.

بمجرد ما يحس أحد رجال الثورة، عند دخوله للمدن أو القرى للقيام بأعمال تقتضيها مصلحة الثورة، برقابة السلطة الاستعمارية أو بتتبعها له، فإن أول متجر للمزابيين يقع في طريقه يكون صالحا لأن يكون مخبأ أمينا له، فيلجأ إليه في الحال، لأنه يعرف أن لهم وسائل في إخفاء من يلجأ إليهم لا يمكن لشيطان الاستعمار أن يكشفها، وهو أيضا على يقين أن ذمم أولئك التي لا تخفر مهما كانت النتائج، وهو يعرف كذلك أن مجرد التجائه إليهم يجعلهم يحسون بمقدار الخطر الذي يهدده، ولذلك فهم حريصون أن يوفروا له الحماية والأمن حتى ينجز المهمات التي جاء من أجلها.

وهم يعرفون فوق ذلك أن انكشافه عندهم يعرضهم ويعرضه لكثير من الأذى ويضعهم تحت الرقابة المستمرة.

وتروى في هذا الباب قصص ونوادر وبطولات تعتمد أولا على صدق النية في الجهاد بكل الوسائل، ثم على الذكاء واللباقة وحضور البديهة واتساع الحيلة وحسن التصرف، وهي في مجموعها تكشف عن المعاناة الحقيقية لركائز الجهاد المجهولة التي كانت تعمل وهي لا تحتسب من أحد من الناس شكرا أو أجرا أو فخرا.

ومن تلك النوادر أن أحد التجار أعد في متجره أنواعا من الألبسة التنكرية واللحى والشعور المستعارة والعمائم الجاهزة، وألبسة كالتي بلبسها عمال الميزابيين في متجرهم. وعندما يدخل إليهم ملتجئ من متابعة العدو سرعان ما توضع على وجهه لحية وعلى رأسه عمامة وعلى ظهره ثوب من ثياب العمل، ثم يبدأ في العمل في الجوانب الواضحة من المحل، فإذا جاء المطاردون لم يخطر لهم أن طريدهم هو أحد العاملين في واجهة المحل، واندفعوا بفطرتهم إلى الداخل يبحثون، يقلبون المحل تفتيشا ولكنهم لا يعثرون على من يطلبون، وهو قد يكون في ذلك الحين بين أيديهم وأعينهم يمد قطعة قماش إلى زبون أو يقشر البصل في المطبخ.

4.تأمين المواصلات:

بحكم اشتغال الميزابيين بالتجارة في جميع أنحاء الجزائر فإن الحركة والتنقل من مكان إلى مكان، وشحن السيارات بالبضائع من بلد إلى بلد مظهر طبيعي من مظاهر نشاطهم، لا يثير في عمومه شكوك الاستعمار، ولا يستدعي المراقبة والتتبع والتحقيق. ولذلك فقد كانت مطالب الثورة تنتقل على أيديهم من بلد إلى بلد في صورة بضائع تجارية مطلوبة، وتستقر تلك المطالب في صورة لبضائع في متجر من متاجرهم لتصل بالتدريج حسب الخطط التي تضعها قيادة الثورة إلى أماكنها من جبهات القتال، في بطون الأودية ورؤوس الجبال. ولربما كان أشد الطرق أمنا وأكثرها نشاطا وحركة لإمداد الثورة بما تحتاجه من مؤن إلى أقصى مواقع الثورة، إنما هي التي كانت تمر على متاجر الميزابيين، ويتولون هم أنفسهم ترحيلها واستقبالها تم إيصالها إلى أماكنها التي ينبغي أن تكون فيها في مواعيدها المحددة حيث تكون تحت تصرف المناضلين.

5.تأمين المخابرات:

إن الميزابين بطبيعة أعمالهم التجارية وتنقلهم بسببها بين جميع أطراف البلاد وخارج أطراف البلاد، قاموا بأروع الأعمال في تأمين مخابرات الثورة، سواء كان ذلك في إيصال مخابرات الثورة إلى الشعب أو في إبلاغ مخابرات الشعب إلى الثورة. فقد ربطوا بين عناصر الثورة في كل مكان، وأمنوا مخابراتها بحيث أصبحت الاتصالات بين أعضاء الثورة تتم في سرعة وسرية ودقة تستدعي الإعجاب والتقدير. فما تريد جهة من جهات الثورة تبليغ أمر أو خير إلى جهة أخرى بعيدة حتى ينطلق تاجر ميزابي إلى تلك الجهة البعيدة لعقد صفقة تجارية في الظاهر، قد تتم أو لا تتم، ولكن المهم من تلك الرحلة التجارية أن يتم فيها للثورة ما شاءت من مخابرات تصل في حينها، وقد قام التجار الميزابييون في تونس وأفراد البعثة العلمية هناك بربط كثير الحلقات بين الحكومة الجزائرية المؤقتة في تونس وقيادة النضال في داخل الجزائر. وقد كانت بعض متاجر الميزابيين في أغلب المدن الجزائرية بمثابة دور البريد أو مراكز المخابرات للثورة، فهي مستودعات للرسائل والنشرات والبلاغات، وكانت تلك المراكز معروفة عند عناصر القيادة. فتردد عليها حملة البريد السري للثورة، أو توصل إليهم إذا خيف من التتبع والمطاردة. وفي أكثر الأحيان يودع هناك ما يراد نقله أو توزيعه إلى جهات فيصلها في أمان ودقة. وكانت تلك المتاجر تسلم وتستلم ما يمر بها إما لشخص معروف لديها وإما بكلمة سر هي مفتاح التعامل.

ولقد نال التجار الميزابيين بسبب هذه الأعمال كلها كثير من الشر والأذى كالسجن والضرب والتعذيب بأنواعه المختلفة ومصادرة الأموال.

ولكن الاستعمار في جميع حالاته تلك، لم يستطع بجهازه التعذيبي الجهنمي وبطاقمه الوحشي أن ينتزع سرا من ميزابي واحد من أوقعهم سوء حظهم تحت براثينه، وإنما كان الواحد منهم يتلقى ما ينزل عليه في ألم وصبر، ومحتسبا ذلك في الله. ولم يذكر عن واحد منهم أنه أشار لا من قريب أو بعيد إلى ما يضر بالثورة أو برجال الثورة. ولقد لقي بعضهم حقه تحت التعذيب دون أن تنفرج شفتاه عن أي سر من أسرار الثورة، وعنده منها مخبآت سلمها خلفاؤه إلى رجال الثورة كاملة سليمة.

هذا الموقف البطولي نفسه كان مدعاة للحيرة والاندهاش بالنسبة إلى الجانبين، فهو من جانب تكذيب لتحريات رجال المباحث الاستعمارية فيما يعتقدون أنهم وضعوا عليهم اليد وأمسكوه من كل أطرافه، وهو من جهة أخرى قلل من الشائعات والأخبار عما يقومون به من أعمال في صمت وإتقان، حتى ظن السطحيون أن جهودهم في مكافحة الاستعمار ضئيلة. وكانت نتيجة هذا الموقف البطولي من تحمل العذاب وكتمان السر أنه لن يستطيع أحد أن يقف يوما فيزعم أن ضررا لحق به أو بشخص، أو بمرفق من مرافق الثورة بسبب اعتراف ميزابيين عليه بعملية الترغيب أو الترهيب أو التعذيب. والسبب في هذا الموقف أن الإباضية لا يجيزون شرعا لأي شخص أن يخفف عن نفسه العذاب بتوريط غيره.

وفي ختام الحديث عن الدور الفعال الذي أسهم به الميزابيون في الثورة التحررية ما بين سنة 1954 و1962 نشير إلى بعض النقاط:

*اندلعت الثورة في فاتح نوفمبر 1954، وكان نشيد الثورة الرسمي "قسما" هو النشيد الرسمي للدولة الجزائرية حتى اليوم وهو من إنشاء شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء، مثل نشيد "فداء الجزائر" الذي كان النشيد الرسمي لحزب الشعب الجزائري ومن هذا أن الشعراء الميزابيين استطاعوا أن يعبروا عن المشاعر الوطنية للشعب الجزائري بأحرّ وأصدق مما يعبر غيرهم، وأنهم يحسون بالقضية الوطنية في كل أدوارها ومراحلها بأعمق مما يحسه غيرهم من الشعراء.

*كان أول ثلاثة الأطباء انضموا إلى صفوف الجيش في أول يوم من الميزابيين استشهد منهم اثنان وهما: تيرشين إبراهيم في نواحي الونشريس قرب الأصنام، وقضي بكير في جبال سوق أهراس، وقد سمي باسمه مستشفى غرداية. أما الدكتور الثالث فهو الدكتور بابا عمر عبد الرحمان. ولم يكن من أبناء الميزابيين طبيب غيرهم، ومعنى هذا أنهم بعثوا بكل أطبائهم إلى صفوف الجيش الذي حرر الجزائر فاستشهد اثنان في جبهة القتال.

*أدار السيد بن خدة والعربي بن مهيدي معركة الجزائر العاصمة من ثمانية عشر مركزا كانت كلها للميزابيين، قام فيها رجال الثورة بأدوار بطولية نادرة لم تكشف إلا بعد إضراب الثمانية أيام، وكل هذه المراكز كانت للميزابيين في الأحياء الأوروبية من عاصمة الجزائر.

*تكونت الولاية السادسة تحت قيادة العقيد أحمد بن عبد الرزاق المدعو سي الحواس في مركزها الأول وهو "غابة الحاجب" التي هي ملك لآل الخبزي وانضم كل أبنائه إلى صفوف الثورة، فكان منهم من صعد إلى الجبال ومنهم من قام بالعمل السياسي وتركيزه في منطقة الصحراء.

*توقف إطلاق النار في سنة 1962، ومركز قيادة المنطقة الخامسة من الولاية السادسة في العطف بوادي ميزاب، وكانت مساحة هذه المنطقة تمتد ما بين الحدود التونسية بوادي سوف شرقا إلى الأغواط غربا، إلى تمنراست جنوبا. وغني عن الذكر أن اختيار القيادة الرشيدة لمركز هذه المنطقة لم يكن عبثا ولا مصادفة.

هذه صورة مختصرة جدا عن جهاد الميزابيين في سبيل الله وهم يحرصون شديد الحرص على عدم التحدث عما قاموا به لأنهم قاموا به الله، ومنه وحده ينتظرون الجزاء.

 

بني مزاب و المقاومة الوطنية الجزائرية

طرح اطروحة تخرج لنيل شهادة ليسانس في التاريخ حول مشاركة المزابيين في المقاومة الوطنية من قبيل الاحتلال الى الحرب العالمية الاولى

وذالك بدعوة من التلفزيون ااجزائرية (القناة الامازغية)

---------------------------------

(01)  الشيخ القرادي آثاره الفكرية. ص144-176.

 

حب المزابي للأرض

أحد الباحثين لاحظ أن خدمة النخلة في واد امزاب يكلف أكثر مما تنتجه، فاستنتج أن سكان هذه المنطقة يعشقون أرضهم إلى درجة أنهم يحيونها بالزرع من مصادر خارجية حبا في الأرض لا في عوائدها المادية.

حرية المذاهب الإسلامية في الدولة الرستمية

حرية كل المذاهب الإسلامية واحترامها في الدولة الرستمية

وكانت الدولة الرستمية دولة الحرية الفكرية، وحرية الاعتقاد، وحرية الكلام في حدود الدين الإسلامي العظيم. إن رؤساءها وجمهور رعيتها كانوا على المذهب الأباضي الجمهوري؛ ولكنهم لا يفرضون على احد رأيهم، ولا يحملونه بالقوة على مذهبهم، بل يتركون كل احد يختار من المذاهب الإسلامية ما يشاء. وكانوا يحترمون كل المذاهب الإسلامية التي لا تخالف الدين. وكانت تعيش في تيهرت كل المذاهب الإسلامية.

كان فيها المالكية، والمعتزلة، والصفرية، ومذهب أهل الكوفة والعراق، وكل المذاهب الإسلامية الموجودة في المشرق. وكانوا يجدون في تيهرت حرية عرض مذاهبهم، والدعوة إليها، والاحتجاج لها، كما كانوا يجدون كل احترام من خاصة تيهرت وعامتها، ولا يحتقرهم احد. ولا يكم فمهم إنسان. وسترى في قصة الشيخ مهدي النفوسي عالم جبل نفوسة الذي استنجد به الإمام عبد الوهاب لمناظرة عالم المعتزلة الذي أفحم علماء تيهرت بذكائه وبراعته في المناظرة، واستطاع لما وجد من حرية الكلام في تيهرت أن يحاجج الإمام عبد الوهاب رئيس الدولة نفسه، وهو عالم تيهرت، فيفحمه، فعجز الإمام عبد الوهاب عن مناظرته، فلم يسكته بالقوة كما يفعل الملوك، بل استنجد بعلماء جبل نفوسة، فاحموه. فأسكته بالحجة، وألزمه الصمت بالأدلة القاطعة.

وكان الشيخ مهدي النفوسي فارس المناظرة الذب أفحم العالم ألمعتزلي يغيب عن صحبه النفوسيين أياما حتى يتحيروا عليه، وهو يجتمع بعلماء كل المذاهب الإسلامية في مساجد تيهرت، ويستضيفونه في منازلهم وفي ضواحي تيهرت التي يسكنونها، فيناظرونه، وتطول المناظرة ويتصل الحجاج، فيبقى الشيخ مهدي أياما في هذا الجو العقلي المتقد الممتع في مساجد تيهرت ونواديها العلمية، ولا يستطيع الرجوع إلى محل الضيافة الذي نزول فيه هو وصحبه. وقد رجع يوم بعد غيبة أيام فسأله صحبه عن سبب غيبته فأجابهم: بأنه كان مع علماء تيهرت في مجامعهم يناظرهم فاستطاع أن يقنع بالحجة الساطعة، والبرهان القوي في ميادين المناظرة الحرة في تيهرت سبعين عالما من الصفرية والمعتزلة وغيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى، وكانوا لا يرون ما يعتقده الإباضية الجمهوريون فأقنعهم فأدركوا صوابهم، فانضموا إليهم، وتركوا أقوالهم الماضية، وصاروا لما أقنعهم الشيخ مهدي على مذهبه الجمهوري المعتدل الذي يوافق الدين في كل الأشياء.

قال احمد بن سعيد الدرجيني: "وبلغنا أن مهدي لما صار بتيهرت كان يغيب عن أصحابه أياما لا يدرون له مستقرا حتى ساءت ظنونهم )وخافوا أن يكون قد حل به سوء.

فلما كان ذات ليلة قدم عليهم فسألوه عن مغيبه فقال لهم: إني قد رددت إلى مذهب الحق سبعين عالما من أهل الخلاف"1.

كانت الدولة الرستمية دولة الحرية الفكرية الكاملة، وكانت كل المذاهب الإسلامية التي لا تشذ عن أصول الدين موجود فيها. كان فيها المالكية وغيرهم من المذاهب الإسلامية المنتشرة في المغرب. وكان أهلها يتمتعون بالاحترام الكامل، ويجدون ما يشاءون من حرية، وكل ما يريدون من إخوة إسلامية. لا تعصب، ولا حقد كما يكون في العواصم الملوكية المستبدة، ولا كبت ولا إرغام على مذهب الدولة كما يفعل الملوك المستبدون.

قال ابن الصغير المالكي وقد عاش في تيهرت أيام الدولة الرستمية. قال وهو يصف الحرية الفكرية الكاملة، والإخوة الإسلامية التامة في عهد الإمام أبي حاتم في آخر أيام الدولة الرستمية وفي شيخوختها، وهو عهد تكون فيه الدولة الهرمة كالإنسان الهرم ضيق العطن، لا يتحمل المخالفة، ولا يستسيغ المناظرة، ومع ذلك كانت الدولة الرستمية الراسخة في الديمقراطية الإسلامية كما وصفها ابن الصغير المالكي قال: "وكانت مساجد [تيهرت] عامرة، وجامعهم يجتمعون فيه، وخطيبهم لا ينكرون عليه شيئا. إلا أن الفقهاء تباحثت فيما بينها، وتناظرت واشتهت كل فرقة أن تعلم ما خافتها فيه صاحبتها. ومن أتى إلى حلق الإباضية من غيرهم قربوه وناظروه ألطف مناظرة، وكذلك من أتى من الإباضية إلى حلق غيرهم كان سبيله كذلك"2. هذه هي حالة أجدادنا العظيمة في الإخوة الإسلامية. كانت قلوبهم متعانقة لصفائها بنور الإيمان، ولطهارتها بالدين الراسخ، وإن تصارعت عقولهم في ميدان الحجة والبرهان. أنهم وإن اختلفوا في الفروع غصون شجرة واحدة لأصل واحدة هو الدين الإسلامي السمح الواسع. وكانت مناظرتهم مناظرة العلماء الفحول، وقوة هادئة متبصرة. وكانت عقولهم تصطدم فيها اصطدام الشفاه بالشفاه في القبلة العطشى، عميقة ولكنها غير مؤذية، ومعها نشوة العقول الناضجة بالبحث والحجاج! أنهم غصون مثقلة بثمارها في الشجرة الواحدة. تهزها العاصفة فتتمايل في اتزان، وتتفارع في رفق، وليسوا كالجهلة المتعصبين الذين يكونون في المناظرة كالذئاب المسعورة المتقاتلة، وتراهم كالغصون الفارغة الضيقة، تهب العاصفة عليها فتتصادم وتورثها الاعوجاج!3

----------------------

1-طبقات الدرجيني ص 26 من نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم 2612 )تاريخ، والخزانة التيمورية(

2-سيرة الأئمة الرستمية لابن الصغير ص 42 ط باريس.

3-إن مزج التاريخ بالأدب الذي يزيده وضوحا ونضارة مما يجب لتحبيبه إلى النفوس. ولا أرى المتزمتين الذين ألفوا افتراش الحصير اليابس البالي ينكرون علينا أن نبسط لأبنائنا الزرابي القيروانية والمغربية الوثيرة الجميلة لنجدهم من التاريخ الأوربي الطلي الجذاب بحسن عرضه وبفلسفته وجمال أسلوبه، فيعيشوا مع أجدادهم في تاريخنا أيضا، فيكونوا أبناءنا، ويكونوا كما نريد، لا تستأثر بهم تلك الكتب الأوروبية التي يجب أن تكون فرعا ونافلة نزداد بها ثقافة. لأصل وفرض هو تاريخنا الإسلامي العظيم!

 

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 296-298

حلقة العزّابة

كما مرّ فإنّ السّلطة في المجتمع المصعبي كانت أوّل بين أيدي رؤساء العشائر، ثّم تحوّل مركز السّلطة في القرية إلى الهيئة الدّينية. إلاّ أنّنا لا نعرف بالتّحديد متى رشّح المجتمع هذه الهيئة لتولّي هذه السّلطة متعدّدة الجوانب.

أمّا الذي نتيقّن منه فإنّ الحلقة التي رتّبها الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن بكر لم تكن لها أيّة سلطة على المجتمع، ولم يكن هدف الشّيخ إخضاع المجتمع الإباضي لحلقته. إنّ الحلقة التي نظّمها كل من الشّيخ أبي عبد الله وتلميذه أبي الرّبيع سليمان بن يخلف المتوفّي عام 471هـ/1079م وتلميذه أبي الخطّاب عبد السّلام منصور بن وَزْجُون، ليست إلاّ هيئة تربوية تعليمية، بعيدة عن السّلطة والسّياسة، هدفها الوحيد نشر الإسلام والدّعوة إلى المذهب الإباضي، وتطبيق مبادئه ميدانيا. فلم يكن لها مقر دائم، ولم تكن تعقد حلقات التّدريس في مساجد القرى، بل على العكس من ذلك كانت تنظّمها أوّل الأمر بعيدا عن العمران، كتمانا للسّر، وأحيانا في الغيران، مثل ما كان الحال في تِينَسْلِي.

يقول الشّيخ علي يحي معمّر: «اعتنى أبو عبد الله عناية خاصّة بقضّية التّربية والتّعليم. ومّما يتضمّنه ذلك المنهاج توحيد زيّ الطّلبة، وتوحيد زيّ المدرّسين، وتنظيم أوقات الدّراسة، وتخصيص كلّ وقت لما يناسبه من المعارف، وإدخال الآداب الإسلامية، والقيام بالعبادات الدّينية في قلب النّظام...وتخصيص أوقات للتّربية العملية في حلّ المشاكل وحسن التصرّف... كما أنّه أعطى قيمة خاصّة للفروق الفردية بين الطلاّب، وأوجب احترام شخصية الطّالب المتخلّف ذهنيا، ومراعاته ودراسة ظروفه حتّى لا تتكوّن فيه العقد النّفسية»[1].

ويضيف الشّيخ معمّر قائلا: «ولم يبق النّظام (نظام الحلقة) على ما سطّره الإمام أبو عبد الله ولا على ما حرّره تلميذه أبو الرّبيع سليمان بن يخلف، وإنّما تطوّر مع الزّمن فكانت تضاف إلي من حين إلى آخر تنظيمات جديدة وصلاحيات جديدة»[2].

وقد بقيت هذه الحلقات تعقد في الأماكن السرّية، ولم يستعمل المسجد لهذا الغرض إلاّ في النّصف الأوّل من القرن السّادس، ويعتقد بعض الباحثين أنّ أوّل من اتّخذ المسجد مقرا للحلقة هو الشّيخ أبو زيد عبد الرّحمن بن المعلى، الذي نظّم حلقة في تقّرت في النّصف الأوّل من القرن السّادس الهجري[3].

ولا يدلّ ذلك على أنّ حلقة الشيخ أبي زيد عبد الرّحمن تجاوزت مهمّتها التّربوية ونصبت كسلطة للبلدة.

بعد أبي زيد فإنّ أبا عمّار عبد الكافي الوارجلاني[4] ساهم مساهمة كبيرة في الإعداد النّهائي لِسِيَرِ حلقة العزّابة، وذلك في القرن السّادس الهجري. خلاصة القول أنّ بعد مرور زمن يصعب تحديده، على القرى الحالية الأولى لمزاب، تصدّرت أمرها حلقة العزّابة بمفهومها الشّائع لدينا كسلطة عليا مطلقة قائمة مقام الإمامة العظمى. يقول لوفيكي: «يبدو أنّ هذه المؤسّسة(حلقة العزّابة) لم تكن موجودة بعد في مزاب، في عهد الدّرجيني[5]، في النّصف الأوّل من القرن السّابع الهجري، الثّالث عشر الميلادي»[6].

وحلقة العزّابة لها حقّ اختيار أعضائها بدون أدنى مداخلة لمن عداها في ذلك، يختار من كلّ عشيرة في القرية قدر ما ينوبها من الرّجال ويتحرّى في اختيارهم أعلم وأروع وأصلح من في العشيرة، بشرط ان يكون متخرّجا من دار التّلاميذ (إِرْوَانْ)، إلاّ إذا لم يوجد مثله في العشيرة فإنّه يختار من (إِمَصُّورْدَنْ) أي أصحاب المحاضر لا سواهم.

ودفعا للحاجة المادّية فإنّ الذي ينضمّ إلى حلقة العزّابة يتطلّب فيه أن يكون صاحب عمل أو حرفة، فأعضاء العزّابة كلّهم يكسبون قوتهم من كدّ يمينهم، واعتمادهم على أنفسهم في كسب القوت يضفي على مهمّتهم الدّينية صفة النّزاهة والقناعة والتعفّف وإخلاص العمل لله وحده، كما أنّ اشتغالهم يجعلهم أدخل في الحياة الاجتماعية، وأكثر احتكاكا بفئات الشّعب في حياتهم اليومية[7].

نقل عن الشّيخ أبي عمّار عبد الكافي أنّه قال: «لا يدخل أحد الحلقة حتّى تكون فيه أربع خصال: الأولى أن يكون كيّسا أدبيا، الثّانية أن يكون مشمّرا في طلب العلم، الثّالثة لا يكثر دخول الأسواق، الرّابعة يغسل جسده بالماء ويغسل قلبه بماء وسدر. أمّا الجسد فيغسله من الدنّس من النّاس، وأمّا القلب فيغسله من الغشّ والكبر وما أشبه ذلك ممّا يوجب إحباط العمل... وأمّا صفة أهل الحلقة فتنقسم على أربعة أقسام : فالقسم الأوّل يجتهد في طلب العلم والأدب... والثّاني أن يكون حافظا للقرآن، والثالث أن يكون مجتهدا في حقوق الضعفاء والمساكين ومنتصفا من الظّالم للمظلوم، وقائما بحقوق الأسواق والمجازير وحقوق المدينة، وقائما بما ينوب الضّعيف والمنقطع عن أهله... والرّابع أن لا يولوا مال المسجد من كان له مال كثير ولا من كان له أولاد كثير، بل يولونه من كان بين بين».

ثمّ يضيف الشّيخ أبو عمّار قائلا: «وأمّا الشّيخ فتلزمه حقوق كثيرة بينه وبين العزّابة وبينه وببين تلاميذه، ويكون الشّيخ ينصف الحقّ من نفسه لنفسه... ويرتّب اهل الحلقة على ثلاثة أقسام: قسم هو بنفسه، وقسم أربعة رجال، وقسم ما بقي من العزّابة. من الحلقة أربعة رجال من السّابقين في الهجرة، الحل والعقد عليهم... والمشورة كلّها راجعة إلى الشّيخ، والباقون من العزّابة ساكتون، ينظرون بأعينهم ويحفظون ماتقول تلك الأربعة هم وشيخهم».

عدد العزّابة من غير الشّيخ اثنا عشر: الإمام والمؤذّن، وثلاثة لتحفيظ القرآن الصبيان الصغار في المحاضر، وخمسة لغسل الموتى، ووكيلا على مال المسجد.

ولرئيس الحلقة قيادة الجيش وتدبير شؤون الحرب ووسائل الدّفاع، وكذا عقد المعاهدات والأحلاف. ويتولّى العزابّة الفصل بين الخصوم، والتّرافع يقع في صحن المسجد بين صلاتي الظّهر والعصر. وهم الذّين يسهرون على المحافظة على المصالح العامّة وتنظيمها كالأسواق والمسالخ وسواقي المياه والسّدود. والمشورة كلّها إلى الشّيخ، كبيرة كانت أو صغيرة، فلا يتحرّك أحذ من العزابّة حتّى يشاوره.

كان للحلقة في أسواق مدن مزاب مقاعد خاصّة للإشراف على الواردات والسّلع المجلوبة واستقبال القوافل من أطراف الصحراء، وكان رئيس العزابّة هو الذي يعلن بواسطة المنادي بافتتاح السّوق، بعد التّكبير والصّلاة على الرّسول ثّم يشرع البائعون في عرض سلعهم وبضائعهم على الحاضرين.

إنّ أرباب القوافل لا يسمح لهم ببيع شيء من بضائعهم بالجملة للمحتكرين أو البائعين بالتّقسيط، إلاّ بعد أن يوضع تحت متناول العامّة، فيأخذ كلّ محتاج لتلك البضاعة مقدار ما يحتاجه فإنّ فضل شيء بعد ذلك يبيعونه للأرباب البيع بالتّقسيط بالسّوية بين الحاضرين منهم، مع تحديد السّعر بلا غبن مطلقا، كما تشرف حلقات العزابّة على المكاييل في المدينة.

ولضمان مراقبة الذّبح في المجازر على منهاج الشّرع وطهارة الذّابح، فإنّ الحلقة تتولّى تعيين من يتولّى الذبح بها من دون مقابل.

إذن قد تعدّدت مهام حلقة العزابّة فشملت الجوانب الدّينية والتعليمية والاجتماعية والقضائية والدّفاعية والاقتصادية .

وكانت وسيلتها الوحيدة للقيام بهذه المهام كلّها واحترام سلطتها؟، بعد القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي التّبرئة. والغرض منها هو إشعار المتبرّأ منه بخطائه ، حتى يعلن توبة الله أمام المسلمين. عندما يثبت بواسطة شهادة عدلين لدى هيئة العزّابة أنّ فلانا اقترف جريمة كمنع حقّ زوجة أو يتيم، أو طعن في الدّين، أو ارتكاب فاحشة، أو خالف قرارا من قرارات الهيئة، فإنّه يعلن به على رؤوس الأشهاد بالمسجد، قبل صلاة الجماعة، أنّه قد ارتكب كذا وكذا، فهو في براءة المسلمين إلى أن يتوب في المسجد عند اجتماع النّاس لصلاة الجماعة. فلا يجالس ولا يشارك في فرح ولا في مأتم ولا تقبل زيادته في الأسواق ولا دلالته إن كان دلاّلا، ولا ذبيحته إذا كان جزّارا. وكلّ من عامله في شيء من ذلك يلحق به.

وإذا ما مات قبل التّوبة فإنّ العزّابة يحيلونه إلى بعض العوام للقيام بغسله وتجهيزه.

وللمهضوم الحقّ أن يقصد المسجد قبل أداء صلاة الجماعة فينادي بنحو« لا أسمح لكم إلّا إذا أخذتم حقّي من فلان»، وهناك يتوقّفون عن الصّلاة حتّى يضمن للطّالب حقّه أحد الحاضرين.

وفي حالة إذا ما تمرّدت العامة على أمر من أوامر الحلقة فإنّ العزّابة يعلنون الإضراب، فيبقون في ديارهم ويتركون المسجد بلا إقامة الشّعائر. أمّا إذا كان المحكوم عليه من أعضاء الحلقة أو من التلاميذ(إِرْوَانْ)، فإنّه يعلن بالبراءة منه عند هيئته فيتوب هناك أو يعزل.

وإذا وقع خلاف بين عزّابة، بلدة من بلدان مزاب يتدخّل لإصلاح ذات بينهم عزّابة المدن الأخرى، سواء طلب الشّيخ الذي وقع الخلاف بين عزّابته تدخّلهم أم لم يطلب.

ولعلّ الهيئة التي ورثت نظام الحلقة التي رتّبها الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن بكر هي جماعة(إِرْوَانْ) أي طلبة العلم على شيخ المسجد. فهذه الجماعة يعلّمهم الشّيخ، ويفقّههم في الدّين، واللّغة العربية، ولهم مقر خاص بهم تابع للمسجد.

إذا تتبّعنا ما نقلناه عن الشّيخ أبي عمّار عبد الكافي أدركنا أنّ لشيخ المسجد حلقتين متباينتين، حلقة التّلاميذ التّي رتّبها الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن بكر ولم ينشئها، وحلقة العزّابة التي نحن بصدد الكلام عنها. يمكن أن نعتبر الشّيخ همزة بينهما، فهو الذي يدير كلا منهما، وله حقوق بينه وبين تلاميذه من جهة، وحقوق بينه وبين العزّابة من جهة أخرى. ويقول الشيخ أبو عمّار: «وعلى الشّيخ لتلاميذه أن يكون على بصيرة، فلا يدخل أحدا مع العزّابة حتّى يكون تلميذا مع التّلاميذ منذ زمان، يتعلّم الأدب والسِّيَر ليدخل مع العزّابة، وهو فارس في الأدب والسِّير».

إنّ نظام حلقة العزّابة، بعد قيامه، لم يقض على نظام العشائر الذي كان يدبر شؤون القرية. بل كانت الحلقة تتّخذ رؤساء العشائر عونا لها، لتنفيذ قراراتها في مستوى كلّ عشيرة. وقد تستشيرهم في بعض القضايا الاجتماعية المستجدة. لكنّه لا يحق للعامّة أن تتدخّل في أمور حلقة العزّابة الخاصّة بها. كما كانت الحلقة تستعين في القضايا الخاصّة بالمرأة بهيئة دينية نسوية تعرف بجماعة الغسّالات (تِمْسِيرِدِينْ) إنّنا لا نعرف كذلك تاريخا محدّدا لانطلاق هذا المجلس النّسوي ولكنّه حسب الدّكتور عوض خليفات، كان موجودا في القرن التّاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي. مهمّات أعضاء هذا المجلس القيام بغسل الأموات من النّساء والصّبيان الصّغار، وتحقيق حكم البلوغ للبنات، وشؤون الولادة والحمل، وبيان أحكام الحيض والنّفاس، ومحاربة البدع والإسراف، وإعلان البراءة من المتمرّدات في مجلس الذّكر الأسبوعي.

ولإنهاء الحديث عن حلقة العزابة، نعطي بسطة عن سير الحلقة التّي رتّبها الشيخ أبو عبد الله محمّد بن بكر، أي نظام مدرسته، نقلا عمّا ورد في كتاب طبقات المشايخ بالمغرب للشيخ أبي العبّاس أحمد بن سعيد الدرجيني المتوفّى حوالي 670هـ.

  • ·أ-هيئة التربية والتعليم والمراقبة:

يوجد على رأس الحلقة شيخ، يساعده على أداء مهامّه أعوان يسمّون عرفاء: عرفاء تحفيظ القرآن، وعرفاء أوقات الدراسة، وعريف الأكل، وعريف الختمات وأوقات النّوم.

  • ·ب-الطلبة:

ينقسم الطلبة إلى ثلاثة أصناف: طلبة القرآن، وطلبة فنون العلم، والعاجزين.

 

  • جـ - مهام الشيخ أو نائبه:
  • تولية العرفاء وتفقّد أحوالهم.
  • دراسة طلب انخراط الطلبة في الحلقة.
  • الإشراف على الأقوات، والإذن فيما يشرى ويدّخر منها، وفي قسمتها.
  • الجلوس لطلبة فنون العلم ليأخذوا عنه الدّرس.
  • الجلوس إثر الختمات للجواب على الأسئلة المختلفة.
  • درس الوعظ صبيحة يوم الجمعة.
  • رئاسة مجلس تلاوة القرآن في السّحر.
  • الاجتماع العامّ يوم الإثنين ويوم الخميس لتفقّد أحوال الطّلبة.
  • الحكم بين المختصمين من التّلاميذ.

     

  • د- الانخراط في الحلقة:

يكشف الشيخ عن أحوال من أراد الدخول في حلقته ، وماكان عليه في بلده، فإن اطلع على صلاح أحواله أذن له في الدخول، وإن اطلع على نقيصة وأحوال ذميمة طرده، وإن تعذر لبعده داره الاطلاع على الأحوال، أو اختلفت فيها الأقوال، توقف حتى يتحرى فيها. وحكمه في مدة التحري حكم عابر سبيل، لا حظ له في المقتسم من المأكول المدخر، ولا يجبر على ملازمة الأوقات[8].

  • هـ- طلبة القران:

العرفاء من حملة القرآن ترتبط بكل واحد منهم جماعة من أصحاب الألواح طلبة القرآن ترتبط بكل واحد منهم جماعة من أصحاب الألواح، طلبة القرآن، يملي عليهم ويصحح ألواحهم، ويأخذهم بالحفظ عن ظهر قلب. فالجماعة التي ترتبط بكل حافظ يكون أكثرهم عشرة وأقلهم اثنين إلا لضرورة عدم الرجال فلا حد لكثرتهم. فإذا ارتسم طالب بعريف فليس له أن ينتقل عنه إلى غيره إلا بإذنه.

فإذا كان وققت الضحى حفظوا ما كتبوا أمس، فإن حفظوا كلهم استأذنوه في الاستملاء وأملى عليهم، وإن توقف أحدهم دون الحفظ، فإن كان مبتدئا أقيل له خمس عثرات، وإن كان فوقه، إلا أنه في أول قلم، أقيل له ثلاث ، وإن كان في الإعادة فعثرة واحدة[9].

عرفاء أوقت الدراسة يتفقدن أصحاب الألواح بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ووقت الاستفتاح حيث الحضور حتما، وبعد العصر استحبابا.

  • و- طلبت فنون العلم:

يستحسن منهم ولهم أن يجمعوا للبحث و المذاكرة و المناظرة. ولهم وقت معتاد للحضور على الأساتذة، ويأخذ كل منهم درسه، وهي دولته، على أستاذه. ثم كانت ختمة غداة وحضر الشيخ فإن هناك طرقا مختلفة للسؤال: إما أن يتداولوا وضع السؤال ميامنة، وإما أن يسأل أفصحهم لسانا واكثرهم بيانا ، وإمّا أن يسأل أشدّهم احتياجا للسراح في ضرورة دعت. فإن علم الشيخ أنّ في الجمع أكفى منه في تلك المسألة أذن له في الكلام فيها، وإلاّ تكلّم بما عنده[10].

  • ز- العاجزون أي القاصرون من التلاميذ:

يقول الشيخ أبو العباس أحمد الدرجيني: «وأمّا العاجزون فأنواع...فمنهم الطرش والعميان والزمنى والهارمون وذوو الأفهام القاصرة، ولربّما استعمل مستعمل فألحق نفسه بهؤلاء...فهذه الأنواع شأنهم الإصغاء ة والاستماع ليحصلوا الطرق ولأخلاق...وعليهم حفظ السيارات والمحافظة على الطرق والأوقات...وينبغي أن تكون خدمة الطعام من هؤلاء...لينفعهم الله بخدمة أهل الخير، ويوفيهم أجورهم»[11].

  • ح- هندام أهل الحلقة:

يجب عليهم حلق شعر الرأس، وأن لا يلبسوا ثوبا مصبوغا، إن اقتصر أحدهم على عباءة أو محلفة لم يشنه ذلك، وإن لبس ذلك على قميص كان أكمل. ولا سبيل على اقتصار على قميص.

ليس لبس العمامة بضربة لازب، فإن اقتصر على العباءة أو اللحاف غطّى رأسه، وألقى الطرف الأعلى من هدب حاشية الجانب الأيمن على العاتق الأيسر[12].

  • ط- عريف أوقات الأكل:

إذا اعتدل جلوس الطلبة استدعى بماء وغسلوا بعد اشتمالهم الشملة المتعارفة عند حضور الطعام، وهو أن يخرج طرفي ثوبه على صدره بعد أن يدير كلّ طرف فوق العاتق الذي يليه، فتبرز اليدان ولا ينكشف شيء من الجسد، ثّم يأكلون أكلا معتدلا. فإذا طعموا تفقّدهم العريف، فإن وجد منهم من يده في الطعام انتظره حتّى يقضوا حاجتهم منه. فإذا فرغوا أذن بالإنصات إلى الدعاء ثّم يُؤذن أَسَنُّ من حضر فيدعو[13].

  • ي- عريف الختمات وأوقات النوم:

يتعلّق به ارتصاد حزب الغدو في المجلس الذي تكون فيه المذاكرة، فإذا كمل الحزب أو كاد، دعا جميع من في المجلس و يؤمّنون على دعائهم فيدعو أسنّهم ويدور الدعاء.

فإذا كان الضحى نادى بنوم الهاجرة فينامون. ثّم إذا كان عند غروب الشمس نادى بالختمة فيجتمعون على أكبرهم، فيدور معه من يليه في السنّ والمعرفة. فإن استداروا ذكروا الله وقرأ قارئان آيات من القرآن، ثّم يدور الدعاء كالعادة. ثّم إذا صلوا العشاء وقرؤوا من القرآن ما يسّر الله وحان وقت النوم، ما لم تكن من ليالي الإحياء، نادى بالدعاء، وهي ختمة ليست بأكيدة. فإذا دعوا فالمستحبّ أن يكون أفصحهم بيده كتاب، فيقرأ فيه قليلا بحيث يستمعون، ثّم يدعو وينادى بالنوم[14].

  • ك- وقت الراحة ومواضعها:

وقت الراحة والتصرّف هو آخر النهار، يتصرّف إلى المواضع التي لا ينكر التصرّف فيها كمواضع المياه ومواضع الأشجار، وأمثالها من الأماكن التي تنفرج فيها النفوس، ما لم تكن هذه الأماكن معروفة بأن يستقرّ فيها مصادف الشبهات. وللإكثار من التصرّف في الطرقات والأسواق يكره، وإن دعت ضرورة ففي طريق نافذ، ووقت لا يظنّ به ريبة[15].

  • ل- العقوبات:

من عيب شيء من أحواله، فإن كان صغيرا أقيم إلى زاوية معروفة بأن تكون موضعا لتأديب الطلبة، ثّم اجتهد في عدد ما يجلد تأديبا، والكبير إلى الخطّة و الهجران.

 

موجبات الخطّة:

- الإبطاء أو الغياب أوقات الدراسة.

- التخلّف عن الختمات.

- عدم مراعات آداب الأكل.

- الكلام أو الحركة وقت النوم بحيث يؤذى النائمون.

والهجران معناه متى أجرم واحد من أهل الحلقة، أو ظهرت عليه خزية، أو أتى بنقيصة، فإنّه يهاجر كلّ من معه، فلا يكلم ولا يحضر جماعة، ولا يؤاكل ولا يجالس، وكَأَنَّ خطّة حالت بينه وبينهم. فإن تاب قُبِلَ منه ورجع إلى الجماعة. وبقاؤه في وحشة الهجران بقدر عظم الجرم وصغره، وتوبة المجرم وإصراره[16].

 


[1] _نفس المصدر، 302.

[2] _نفس المصدر، 287.

[3] _الدّكتور عوض خليفات : النّظم الاجتماعية والتربوية عند الإباضية، 32.

[4] _أبو عمّار عبد الكافي بن أبي يعقوب ولد بتناوت إحدى قرى وارجلان وبها نشأ نشاته الأولى، ثّم ارتحل إلى تونس في عهد الموحدّين فجدّ في طلب العلم، واستقرّ بعد ذلك في وارجلان، وتفرّغ للتّدريس والتّأليف والفتوى. وبها توفّي قبل أبي يعقوب الوارجلاني إذ تولّى هذا الاخير الإجابة عن رسائل وردت على أبي عمّار. توفيّ الوارجلاني عام 570ه/1174م. أبرز مؤلّفات أبي عمّار: الموجز في علم الكلام، وشرح كتاب الجهالات، والسّير، واختصار المواريث، وكتاب الاستطاعة.

[5] _أبو العبّاس أحمد بن سعيد الدرجيني ولد في مطلع القرن السابع ودخل حلقة وارجلان عام 616ه. أخذ العلم عن أبي سهل يحي بن إبراهيم أحد علماء وارجلان وكان ذكيّا مقبلا بكليته على التّحصيل. أشهر ما ترك كتاب طبقات المشايخ بالمغرب.

[6] _ .HALKA,Islam' Encyclopédie de l:TADEUSZ LEWICKI

[7]_الدّكتور محمّد ناصر: حلقة العزّابة، 15.

[8] _أبو العباس أحمد الدرجيني: طبقات المشايخ بالمغرب، 173.

[9] _نفس المصدر، 177.

[10] _نفس المصدر، 179.

[11]_نفس المصدر، 180.

[12] _نفس المصدر، 171.

[13] _نفس المصدر، 175.

[14] _نفس المصدر، 174.

[15] _نفس المصدر، 181.

[16] _نفس المصدر، 5، 173.

حملة العلم إلى المغرب

حملة العلم إلى المغرب

 

تمهيد :  

  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد ؛ فإن التاريخ الإسلامي قد حفل بالحواضر العلمية التي كانت مراكز للاشعاع العلمي في كافة أنحاء العالم الإسلامي، ومن بين هذه الحواضر مدينة البصرة التي أنشئت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t، والتي صارت بعد فترة قصيرة من أكبر المراكز العلمية الهامة في الدولة الإسلامية؛ حيث كانت تعج بالصحابة وكبار التابعين .

ومن هذه المدينة انطلقت الدعوة الإباضية إلى شتى البقاع ، وكان ممن حمل لواءها مشايخ عظام درسوا على أئمة المذهب ثم انطلقوا يبلغونها ويؤسسون على مبادئها إمامات ودولا [1] ، وسمي هؤلاء في التاريخ الإباضي بحملة العلم إلى المغرب وحملة العلم إلى المشرق .

ونبدأ بذكر حملة العلم إلى المغرب لأنهم الأسبق تاريخيا .

 من هم حملة العلم إلى المغرب[2] :

تتفق المصادر أنهم خمسة أنفار وفدوا إلى الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة بالبصرة، واحد منهم من اليمن وهو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح، والباقون مغاربة وهم عبد الرحمن بن رستم الفارسي، وعاصم السدراتي، وأبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي، وأبو داود القبلّي .

درس هؤلاء الطلبة الخمسة على يد الإمام أبي عبيدة مدة خمس سنوات من سنة 135 إلى 140 هـ، ثم اتجهوا جميعا عائدين إلى بلاد المغرب الإسلامي شمال إفريقيا.

1  أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافيري :

أصله من اليمن، أخذ العلم عن إمام الإباضية وقتئذ أبي عبيدة مسلم في مدينة البصرة، وبعد خمس سنوات من التلقي اتجه مع زملائه المغاربة إلى بلادهم بعد أن أوصاهم شيخهم بإعلان الإمامة إن أنسوا من أنفسهم قوة، وأشار عليهم بعقدها لأبي الخطاب . ولما وصلوا إلى بلاد المغرب استقروا بطرابلس التي كانت آنئذ في اضطراب كبير وسخط على الحكام العباسيين وقبلهم الأمويين، فعقدوا الإمامة لأبي الخطاب فسار في المغرب بسيرة الخلفاء الراشدين . امتدت إمامته شرقا إلى برقة وغربا إلى القيروان وجنوبا إلى فزان . ولكن الأقدار لم تتح له فرصة التمكين لدين الله وسياسة الناس بالعدل، حيث أرسل إليه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور جيشا ضخما بقيادة محمد بن الأشعث الخزاعي، فدارت معركة ضارية بين الجيشين انتهت باستشهاد أبي الخطاب والقضاء على إمامته سنة 144 هـ .

2 عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الفارسي :

من أكبر أعلام الإباضية وعظماء التاريخ، اعتبره الدكتور سهيل زكار من بين مائة أوائل في التاريخ والتراث الإسلامي . يرجع نسبه إلى الأكاسرة ملوك الفرس . ولد بالعراق في العقد الأول من القرن الثاني الهجري على أكبر تقدير، تزوجت أمه الأرملة بحاجٍّ مغربي فاصطحبها وابنها اليتيم إلى القيروان، وفيها نشأ عبد الرحمن وترعرع، وبها تعلم مبادئ العلوم، ثم صادف نشر الدعوة الإباضية فتعلق بها، ثم سافر إلى البصرة في بعثة علمية للاستزادة من تعاليم المذهب الإباضي والاغتراف من معين شيوخه، وكان ذلك سنة 135هـ، وبعد خمس سنوات عادت البعثة لتحمل على عاتقها عبء الدعوة الإباضية . أجازه شيخه أبو عبيدة في أن يفتي بما سمع منه وما لم يسمع . عينه الإمام أبو الخطاب واليا على القيروان أيام دولته التي كانت من سنة 140 إلى 144هـ . بعد استشهاد أبي الخطاب في معركة تاورغا لجأ عبد الرحمن إلى المغرب الأوسط بعيدا عن نفوذ العباسيين، واعتصم في منطقة تيهرت – بالغرب الجزائري حاليا -، وهناك أسس مدينة تيهرت   ( أو تاهرت ) والتي تسمى اليوم بتيارت . وفي سنة 160هـ بايعه الإباضية المغاربة إماما لأول دولة إسلامية مستقلة بالمغرب الأوسط والتي عرفت في التاريخ باسم الدولة الرستمية التي دامت إلى أواخر القرن الثالث الهجري .

ذُكر أن له كتابين أحدهما في تفسير كتاب الله العزيز، والآخر جُمعت فيه خطبه، إلا أنهما لم يصلا إلينا . دام في إمامته إلى غاية وفاته سنة 171هـ (3)

3 عاصم السدراتي :

من أيمة المغرب الإسلامي، جزائري الأصل، وهو أحد حملة العلم الخمسة من وإلى المغرب . بعد العودة من البصرة سنة 140هـ حمل عاصم لواء الدعوة والتعليم، وظل ينتقل بين القرى والبوادي من جبل نفوسة بليبيا إلى جبال الأوراس بالجزائر . درس على يديه أيمة وعلماء أجلاء منهم الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن ثاني أيمة الرستميين، ومحمد بن يانس وغيرهم . كان مستجاب الدعاء، زاهدا ورعا، كما اشتهر بالشجاعة والفروسية . مات مسموما خلال مشاركته مع الإمام أبي الخطاب في حصار قبيلة ورفجومة سنة 141هـ (4)

5 أبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي :

واحد من علماء الإباضية، أصله من طرابلس الغرب، سافر إلى البصرة في البعثة التي أرسلها سلمة بن سعد والتحق بحلقة الإمام أبي عبيدة المستخفية في سرداب بعيدا عن أعين العباسيين، فقضى معه خمس سنوات في طلب العلم الشرعي وبخاصة فقه المعاملات والأحكام . وبعد رجوع البعثة سنة 140هـ وقيام إمامة أبي الخطاب عُين قاضيا للإمامة، فأدى واجبه وقام به أحسن قيام إلى جانب اشتغاله بأداء رسالته في تعليم الأجيال، وكان من أشهر تلاميذه محمد بن يانس . وبعد مقتل زميله عاصم السدراتي اعتزل القضاء واشتغل بالتدريس(5).

6 أبو داود القبلّي النفزاوي :

أحد العلام الكبار، أصله من نفزاوة بتونس، أخذ علومه الأولى عن سلمة بن سعد ثم انطلق مع عبد الرحمن بن رستم وزملائه في بعثة إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كرية . بعد عودته من البصرة سنة 140هـ اعتزل السياسة واهتم بالتدريس وتكوين الأجيال، كان غزير العلم حتى رُوي أن الإمام عبد الوهاب مع سعة علمه إذا جلس بين يديه ظهر كالصبي أمام المعلم(6)

 

قائمة المصادر والمراجع

البطاشي ؛ سيف بن حمود : إتحاف العيان في تاريخ بعض علماء عمان . ط2 : 1419ه/1998م . المطبعة الوطنية . مسقط .

جمعية التراث ؛ لجنة البحث العلمي : معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب . ط01 : 1420هـ/1999م . المطبعة العربية . غرداية – الجزائر .

السالمي ؛ عبد الله بن حميد :

أ ) تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان . 1417ه/1997م . مكتبة الإستقامة . مسقط .

ب ) شرح الجامع الصحيح . المطابع الذهبية . مسقط .

السعدي ؛ جميل بن خميس : قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة . 1403ه/1983م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

العوتبي ؛ سلمة بن مسلم : الضياء . ط1 : 1411ه/1991م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

الكندي ؛ محمد بن إبراهيم : بيان الشرع . من 1402ه/1982م إلى 1414ه/1993م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

مجموعة أساتذة : دليل أعلام عمان . ط1 : 1412ه/1991م . المطابع العالمية . مسقط . نشر : جامعة السلطان قابوس . سلطنة عمان .

ناصر ؛ محمد بن صالح : منهج الدعوة عند الإباضية . نشر : جمعية التراث بالقرارة – الجزائر .( نسخة مصورة عند وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان ) .

--------------------------------- 

[1] -انظر ؛ محمد ناصر : منهج الدعوة عند الإياضية ،r15وما بعدها .

[2] -أُخذت تراجمهم من معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب، إعداد لجنة البحث العلمي بجمعية التراث، القرارة ، الجزائر .

[3] -جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 544 .

[4] -م س، ترجمة رقم 528 .

[5] -جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 107 .

[6] -م س ، ترجمة رقم 303 .

 المصدر : istiqama.net

حوار مع المؤرخ باباسي

محطات تاريخية هامّة !
حوار مع المؤرخ الجزائري الفاضل / بلقاسم باباسي
( رئيس مؤسسة القصبة بالعاصمة الجزائرية )

في الحصة التلفزيونية مرحبا فيديو

خزينة المدينة

Icon 07

خزينة المدينة، أو ما يُطلق عليها الآن بالخزينة العمومية، تُعتبر هيكلا أساسيا وحيويا في كل قصر من قصور مزاب، وتكون تحت إشراف المقاديم وهم كبار العرش، كما جاء في اتفاق أهل غرداية سنة 1796م "اتفقوا على خمسة رجال منهم، ثلاثة مقاديم، وأمينان بأيديهما المفاتيح" ومن أهم مصادر الخزينة هي "الخطايا" أو الغرامات المالية التي تفرض على مرتكبي المخالفات والجرائم طبقا لقانون المدينة، وكذا المساهمة المفروضة على كل صاحب واحة منتجة،وكذا الجزية التي يدفعها اليهود...

وتصرف هذه الخزينة في المرافق العمومية للبلدة مثل سور البلد وشوارعها كما جاء في اتفاق جماعة غرداية سنة 1736م "والخطيَّة يصرفونها في أمور البلاد، هذه سيرة أهل غرداية على الدَّايم"، كما تصرف في دفع الضرائب اللازمة على وادي مزاب سواء في عهد العثمانيين أو الفرنسيين، وفي الدفع للقبائل البدوية المتحالفة مع المدينة في إطار التجارة، ولعل اللافت من بين مصاريف الخزينة أيضا:


1- أنها تصرف في ضيافة كبار أعراش العرب أو القصور الأخرى، ضيافة تستلزمها أعراف التحالفات السياسية.
2- أنها تصرف في يتامى الذين استشهدوا إثر ملاحقتهم لعدو هجم على البلد إن كانوا من الفقراء. وهذا ما ورد في اتفاق جماعة غرداية سنة 1708: "واتفقوا إن مات واحد من الناس اللاحقين أثر العدو وخلف ذلك أولاد صغار وهو فقير لا له شيء فعلى الجماعة أن يأمروا عشيرة اليتامى أن ينفقوا عليهم وإن كانت العشيرة قليلة أو ضعيفة فإن أهل البلاد أن يعينوهم بما أمكن"


الجميل في الأمر ثلاثة نقاط أساسية:
1- أن طريقة تسيير خزينة المدينة لا تخضع لضغوطات أصحاب النفوذ، فهي مستقلة تماما عنهم، ولا يملكون أيَّ قرار نحوها، باعتبار أن الخزينة متعددة المداخيل ولا تعتمد فقط على مساهمات الأغنياء.
2- كما أن السلطة الدينية المتمثلة في العزابة مستقلة هي أيضا بمورد آخر تماما، ولا تعتمد مطلقا على خزينة المدينة، ما يجعلها في منأى عن ضغوطات الشارع وتجاذباته واضطراباته التي تقع من حين لآخر.
3- بالإضافة إلى أن مصرف رعاية يتامى الشهداء يحفز رجال البلدة للتضحية والدفاع عن مدينتهم عندما يتأكدون من وجود دعم مادي لذويهم بعدهم.
ولعل النقاط الثلاثة الأخيرة هذه مما نحن بحاجة إلى التفكير بجدية وصرامة في تفعيلها وإحيائها مجددا، في ظل عالم صار رهينا بكل تفاصيله الاقتصادية والعلمية والأمنية والسياسية لقلة ثرية ثراء فاحشا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد حول خزينة المدينة قديما راجعوا كتاب: النظم والقوانين العرفية بوادي مزاب في الفترة الحديثة، ص: 326 وما بعدها. للدكتور بالحاج بن باحمد ناصر
منقول Brahim Ramdane

 

خصوصيات بني مزاب

انصهرت في واد مزاب عدة عائلات وافدة من اقطار الجزائر في أزمان ماضية

ميزات وخصوصيات بني مزاب

المجتمع المزابي له تقاليد كثيرة في المساحد و الزواح و الأعراس وتزارو العائلات، واتفاقات أدبية عرفية كثيرة تضمن حدا من الضبط الإجتماعي لكثير من الآفات كالتدخين و المخذرات، ورقابة عرفية على أداء بعض العشائر كالصلوات الخمس، وإطار تربوي لغرس القيم و الأخلاق في الصغار، كما له فلسفة خاصة في هندسة عالم النساء وفعالياته الدينية و العلمية و الأخلاقية، ويتعامل باللغة المزابية المحلية بثقافته و فكره....الخ، 

.لا يعني هذا أن هذا الفضاء مغلق ممتنع على الوافد إليه،
فبإمكان من انضم تحت لواء تلك الأعراف والتقاليد واندمج في فلسفته أن يصبح فردا من المجموع،
ولقد انصهرت في واد مزاب عدة عائلات وافدة من اقطار الجزائر في أزمان ماضية.
هناك من يراهن على اندماج مشروط بالتنازل عن خصوصياتنا ولكنا لسنا مستعدين أن نغازل أحدا بالتخلي عن موروثاتنا التي نرى فيها نجاعة اجتماعية وتنظيمية،
فلنا نظرة خاصة للدين و للحياة الإجتماعية وللأخلاق نؤمن بها و ندعمها ونطورها ونراكمها من قرون،
فمن أراد الإنضمام تحت لوائها والإنضباط بأعرافها فمرحبا به وسهلا،
فمن أراد الإستفادة من التجربة فمرحبا به ومنه نستفيد ونكمل الخلل فلسنز مجتمعا ملائكيا.
فمن أراد مجاورتنا و البقاء على ما يريد من أعراف فأخوة الإسلام تجمعنا و مظلة القانون والمواطنة تظعنا جميعا.

منقول بتصرف: abounacer chekhar

دعم بني مزاب للمقاومة ضدّ الاستعمار

دعم بني مزاب للمقاومة ضدّ الاستعمار

الفترة الثالثة من العهد الرّابع

Icon 07

من 1330هـ/1912م إلى 1366هـ/1947م

     إنّ إعلان الجهاد ضدّ فرنسا من طرف مفتي استنبول في 1914، لبعث الخلافة الإسلامية، استقبل بالتّرحيب في مزاب. ففي 1915م، قام أحد الطّلبة في القرارة بجمع التبرّعات، بحجّة قدوم قريب لسليمان باشا الباروني، وذلك لتموين المدينة وتجديد أسوارها، استعدادا لتكون قاعدة عسكرية، ولإحباط أيّ حصار محتمل.

       لذلك فقد تمّ عزل القائد كاسي بن بوهون، وسجن الطّالب المذكور بتاعضميت في نهاية الحرب العالمية الأولى[1].

       كما انّ الشّيخ صالح بن يحي أنشأ عام 1915 في القرارة فرعا للجمعية السرّية الثّورية، ترأّسّه الشّيخ بكير العنق.

       وعندما انفجرت ثورة الهقّار سنة 1916، جاءها المتطوّعون من مزاب، ملبّين الدّعوة للجهاد المقدّس ضدّ فرنسا الذي أعلنه الزّعيمان أحمد سلطان والشّيخ عبد السّلام[2].

       يقول الكاتب الفرنسي دِيبُون: انّ بعض المناطق الجزائرية، مثل مزاب، قد استقبلت إعلان مفتي إستنبول للجهاد ضدّ فرنسا بالترحيب، وعندما انفجرت ثورة الهقّار، سنة 1916، أيّدها الجزائريون في مزاب بحماس.

       وأيّد بنو مزاب بالعون المالي زعيم الرّيف، عبد الكريم الخطابي، في ثورته بالمغرب من 1920 إلى 1926، كما يشهد على ذلك كاتبه حسن البغدادي[3].

       في سنة 1930، صدر الكتاب الأبيض الإنجليزي حول فلسطين، وممّا جاء فيه:

1- تأسيس مجلس تشريعي في بلاد فلسطين يحتوي على اثنين وعشرين عضوا، منهم عشرة من موظّفي الحكومة الإنجليزية، وسبعة مسلمون وخمسة يهود.

2- مد يد المساعدة للعرب لتبقى لهم أملاكهم.

3- توقيف الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

     إثر صدور هذا الكتاب، يطالعنا مقال للفرقد ( سليمان بن يحي بوجناح) في جريدة المغرب يوم 4 نوفمبر 1930، يبيّن فيه خطأ رأي أولئك الذين أحسنوا الظنّ بما جاء فيه، جازما بأنّها ورقة جديدة ألقت بها السّياسة الإنجليزية لتشغل بها الفلسطينيين عن حقّهم المشروع. ويؤكد الفرقد بأنّ الحلّ الوحيد لن يكون إلاّ «بالاستقلال التّام عن أيّ سلطة أو حكومة أجنبية»[4].

     في جوان 1948، تأسّست بالعاصمة لجنة لإعانة فلسطين، تهدف إلى تأكيد التضامن الجزائري الإسلامي مع شعب فلسطين. هذه اللجنة وضعت تحت إشراف الشيخ البشير الإبراهيمي، فرحات عباس، الشيخ بيوض، الشيخ الطيب العقبي. وفي أكتوبر 1948، جُمعت من بني مزاب تبرعات لفائدة الفلسطينيين، بلغت ثلاثة ملايين فرنكا.

 


 

[1]- G.MEYNIER : L’Algérie Révélée, 624

[2]- أبو القاسم سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية، الجزء الثاني، 232.

[3]- علي يحي معمر: الإباضية في الجزائر، الجزء الثاني، 599.

[4]- محمّد ناصر: المقالة الصحفية الجزائرية، المجلد الأول، 413.

دور المرأة المژابية في بناء حضارة مزاب

دور المرأة المژابية في بناء حضارة مزاب

Icon 07

ساهمت المرأة المزابية مع أخيها الرجل بقسط وافر في بناء حضارة واد مزاب وتشييده، بل كانت شريكة أساسية في ذلك، ولم يكن الفرد المزابي يستغني عنها أو يدعي أنه وحده من بنى الحضارة.

كانت المرأة في وقت سابق مشاركة بسواعدها في إنتاج نصف الاقتصاد تقريبا -النسيج والزرابي-؛ وكانت إضافة إلى ذلك مسؤولة عن تربية أولادها في المراحل العمرية الأولى تحضيرا لهم للسفر إلى العمل بالتل (ولعلنا نستذكر حكايات مدرسة الكانطوار والسرابس التي خرجت الرجال).

إن التناغم والتكامل بين مهمتي الرجل والمرأة ظهر جليا في تقاسم الأعباء وحتى في المناصب القيادية في تسيير المجتمع، وعلى جيل اليوم أن يقتدي بهذا التكامل -حسب متطلبات الوقت- ويتجنب الصراع والمنافسة والتداخل بين الأدوار حتى لا تضيع الناشئة، وحتى يؤدي كل عنصر وظيفته ومهمته على أكمل وجه.

نجاح المجتمع ورقيه مقرونان بنجاح مجموع مكوناته، وبتكاملهم وتعاونهم.

وإذا رأيت أن حقوق طرف ما مهضومة فاعلم أن رجوع الأمور إلى نصابها لن يكون على حساب الطرف الآخر، مثلما يقول المثل (جا اكحلها عماها)🙂.

أسڨاس دامبارش للجميع.

بقلمYahia Azghar 

دولة "أبو الخطاب" الإباضية

أول حركة للإباضية عُرفت في التاريخ بجهة المغرب العربي ظهور "الحارث وعبد الجبار" الإباضيين ومواجهتهما للدولة الأموية أيام آخر خلفائها مروان بن محمد، وانتزعا طرابلس وسيطرا على تلك الناحية حينًا من الدهر، وقتلا سنة 121هـ.

وفي سنة 140هـ، بايع الإباضيون هناك على يدي أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافر، في ليبيا، ودانت له طرابلس ثم القيروان وبرقة وفزان.

واختار أبو الخطاب زميله في العلم عبد الرحمن بن رستم قاضيا في طرابلس. وعندما احتلت قبيلة ورفجومة الصّفرية الخارجية المتطرفة القيروان وارتكبت بها المناكر بكى أبو الخطاب وهاجمهم بجيش سنة 141 هـ وهزمهم وشتت شملهم، وقتل قائد جيشهم الجعدي، وحرر القيروان من الصفريين، وامتد انتشار الإباضية حتى مدينة وهران.

في سنة 142 هـ وصل جيش العباسيين بقيادة أبو الأحوص العجلي، فاشتبك به أبو الخطاب في "غدامس" فهزم أبو الأحوص الذي عاد بفلول جيشه لمصر. وجمع أبو جعفر المنصور جيشا قويا وضع على رأسه محمد بن الأشعث الخزاعي عامل العباسيين بمصر وعينه واليا على المغرب. ولما شاهد قوة الجيش الإباضي استعمل الحيلة فتظاهر بالانسحاب نحو مصر، لكنه عاد وهاجم على غرة معسكر أبي الخطاب في تاورغا سنة 144 هـ فهزم الإباضية وقتل أبو الخطاب. وكان عبد الرحمن بن رستم متجها لنجدة أبي الخطاب وعندما علم باستشهاده، تراجع واتجه نحو المغرب الأوسط.

مقال: الإباضية.. النشأة .. التاريخ.. والواقع

منقول من موقعhttp://www.islamist-movements.com

دولة الإباضية لا تستبيح الدماء

دولة الإباضية : لا يعتدي، لا تطمع في التوسع، ولا تستبيح الدماء

هيبة هارون الرشيد للدولة الرستمية الجمهورية

وكان الرشيد حكيما فعلم أن الدولة الرستمية في المغرب الأوسط قد رسخت عروقها ودخلت شبابها، وانه لا طمع له في احتلال المغرب الأوسط كما كان يمنى نفسه بذلك المنصور؛ وان افريقية وسطها وشمالها هي كل ما يستطيع السيطرة عليه سيطرة كاملة من المغرب الأدنى لكثرة من فيه من الملوكيين، وان الصفرية في شمال افريقية بجبال  باجة  وغيرها يستطيع إخضاعهم بالسيف لعدم وجود دولة صفرية قوية في المغرب تحميهم؛ أما الإباضية في جنوب افريقية في نفزاوة وقفصة وغيرهما، وفي جبل نفوسة فانه لا يستطيع العنف معهم لان ثورتهم تثير الدولة الرستمية القوية عليه فتزحف لاحتلال القيروان والقضاء على الملوكية في المغرب.

الإباضية: لا يعتدون ، ولا يطمعون في التوسع، ولا يستبيحون دم المسلم

كان الرشيد عليما بالإباضية، وأنهم لا يعتدون على احد، ولا يطمعون في التوسع، ولا يستبيحون سفك دم امرئ مسلم. وانه سوف لا يهاجمه الإمام عبد الوهاب ويزحف على القيروان ما لم يثره إلى ذلك بالعدوان على الإباضية في جنوب افريقية وفي جبل نفوسة الذين اثروا الانضمام إلى الدولة الرستمية الجمهورية، والخروج من ربقة الملوكية العباسية المستبدة؛ فأوصى روح بن حاتم بعدم إثارة الدولة الرستمية عليه، وبموادعة إمامها عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، عقد معاهدة حسن الجوار معه، والتزام كل لحدوده في المغرب الأوسط في جنوب افريقية وفي طرابلس لا يتعداها. وكان روح يرى ما رأى الرشيد. فاتصل بالإمام عبد الوهاب وعقد معه معاهدة حسن الجوار، وحدوا الحدود بين الدولتين الرستمية والإمارة العباسية في المغرب، وان لا يتجاوز احدهما حدود الآخر.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 7-9

زهد عبد الرحمن بن رستم في المادة وتقشفه في عيشه

وكان عبد الرحمن متقشفا في عيشه، زاهدا في الدنيا، على طموحه، وجده واجتهاده في بناء دولته، والبلوغ بها أقصى درجات الحضارة والعمران. لقد كان يتمنى أن يرى رعيته كلهم يسكنون القصور الجميلة، ويبلغون النهاية في الغنى، ويصلون كل ما يشتهون في دنياهم، مما يزيدهم سعادة وللدولة قوة، وينيلهم رضا الله؛ وتكون عاصمته وجه الإسلام الجميل، ومظهر الجمهورية الرائع، وعنوان المغرب المعتد بنفسه، الذب لا يرضى أن يبزه احد، وان يخمله سواه. وقد بلغت بفضله عاصمته الذروة في الحضارة، ونالت رعيته كل ما تتمناه لنفسها من يسر وغنى، ورفاهية ورخاء، فسكنوا القصور، وتقلبوا راقية، وحياة رخية كريمة. أما هو فكان زاهدا في مباهج الحياة، متقشفا في العيش، لا يفكر في نفسه و لا يعمل لها. وكانت داره في تيهرت المتحضرة ابسط دورها، ليس فيها زخرف ولا رياش، ولا ما تزخر به دور رعيته، والسراة من أهل دولته، من فنون الحضارة والنعيم.وسترى في قصة الوفد الذي جاءه من البصرة صفة داره، ومبلغه في التقشف في عيشه، ونكرانه لذاته، وإيثاره لرعيته بكل المباهج والملذات.

زهده في المال مع إقباله عليه

وكان عبد الرحمن بن رستم زاهدا في المال، لا ينظر إليه نظرة الملوك والأمراء الذين يتكالبون عليه، ويظلمون الرعية من اجله، وينبهونه من أيديهم بكل الوسائل. بل كان ينظر إليه نظرة الشبعان المكتظ إلى الطعام الذي سبع منه، يؤثر به سواه، ويفيضه على غيره. وقد رد عشرين غرارة من الذهب الرنان تشتمل على ملايين عديدة من الذهب الوهاج، جاءته من إخوانه الجمهوريين بالبصرة، لما وجد أنهم أحوج إليها منه. وذلك لزهده في المادة، ولزهد خاصته فيها أيضا. ومن يزهد في المادة لا يشح بها. وإذا جاد بها على سواه، وجعلها وسيلة لنيل رضا ربه، فتح الله له كل خزائنه، فتقبل عليه الدنيا بكل متاعها، وتكون دنياه دنيا السحاب الذي ينهل فلا يمسك ماءه، خضراء ترفل في النضارة والجمال، غنية بكل أنواع الثمار والخيرات، باسقة الأشجار، ملتفة الجبال بالغابات الكثيفة التي تجدده!

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 281-282

سبب تسمية الأمازيغ بربرا

Icon 09ان جد البربر هو مازيغ بن كنعان بن حام. والبربر يسمون أنفسهم[الأمازيغ] ويعتدون بهذا الاسم. وهم لا يطلقونه إلا على الاقحاح الصرحاء فيهم، أما النزلاء الدخلاء الذين  يتبربرون كعبيدهم ومواليهم فلا يسمونهم أمازيغ، لأنهم ليسوا من سلالة مازيغ. ومعنى الأمازيغ عندهم هو الأشراف. يعني الصرحاء أبناء مازيغ الذين يحملون شخصية البربر العظيمة، ويتصفون بأخلاقهم التي تطبعهم بها الوراثة المازيغية الزكية. ويسمى البربر لغتهم البربرية )اتمازغت( نسبة إلى الأمازيغ. وقد أرسل عمرو بن العاص لما كان واليا على مصر بعض رؤساء البربر إلى سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فسألهم عن نسبهم فقالوا «نحن أبناء مازيغ » 1

وقد سمى العرب الأمازيغ بربري. أما للغتهم التي لا يفهمونها. وكان العرب يسمون كل أصوات لا يفهمونها بربرة. يقولون: بربر الأسد إذا زمجر بأصواته، وأما ان يكونوا قد نسبوهم إلى جهم السادس 2 وهو بربر بن تملأ بن مازيغ بن كنعان بن حام ابن نوح عليه

السلام. وارى ان نسبة البربر إلى جهم السادس هو سبب تسميتهم بهذا الاسم لا لغتهم التي لا يفهمها العرب. ولو كانت اللغة ي السبب لسموا كل جنس لا يفهمون لغته بربرا كأقباط مصر ولغتهم حامية كلغة البربر، والسودانيين.

ان البربر الذين سموا أنفسهم أمازيغ نسبة إلى جهم مازيغ، ق سموا أيضا أنفسهم بربرا نسبة إلى جدهم بربر بن تملا بن مازيغ. فهم الذين تسموا بهذا الاسم اعتدادا بجدهم، وفخرا بهذا الأصل الشريف من أصولهم. ومما يؤيد هذا أننا وجن هذا الاسم يطلق عليهم فقبل الفتح الإسلامي. وقبل ان يعرفهم العرب في عهد الرسول وخلفائه الراشدين. لقد كانوا يتسمون بهذا الاسم قبل الميلاد في عهد  القرطاجيين. وقد سميت دولة قرطاجنة [الدولة البونقية] وهو تركيب مزجي من البربر والفينقيين. فإذا كانت هذه لتسمية قيمة فهي من الشواهد على ان اسم البربر قديم، أطلقه البربر على أنفسهم، ليس العرب ولا الرومان

---------------------------

1 -انظر قصة الوفد في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص 7 ط . الحلبي بالقاهرة 1963 .

2- يكون سادسا إذا ابتدأنا العد من نوح وهو ما يمكن في هذا المقام ولا يمكن غيره.

تاريخ المغربالكبيرمحمد علي دبوز ج1 ص 33 34

سدراتا المدفونة تحت الرمال

Icon 09مدينة سدراتا المدفونة تحت الرمال إلى يومنا هذا

للباحث على حملاوى 

مجلة العربي العدد ( 517 ) الصادر في ( 1-12-2001 )

تعد مدينة سدراته من المدن الإسلامية المبكرة بالقطر الجزائري التي لم تنل من الدراسات والأبحاث الجادة إلا الشيء القليل حتى يتمكن من إزاحة اللثام عمّا تحتفظ به من أسرار وكنوز مدفونة تحت الرمال.

شكّلت مدينة سدراته محور اهتمام عدد من الباحثين والرحّالة الأجانب منذ نهاية القرن 19م إلى يومنا هذا. وتمثل هذا الاهتمام في جوانب عدة منها البحث عن تاريخ نشأتها من خلال المصادر والروايات الشفوية المتداولة بالمنطقة, مثلما فعل

هنري دفيري (H.DUVEYRIER) (1859-1861),

شارل فيرو (CH.FERAUD) (1871-1872)

أو التركيز على معالمها الأثرية البارزة ووصفها وصفاً سطحياً مثلما فعل

لو دفيك فيل (L.VILLE)

فكتور لارجو (V.LARGEAU) (1872-1879م),

وأخيراً محاولة إجراء تنقيبات أثرية في أماكن مختلفة من أجزاء المدينة كما فعل

هـ. طاري وب. بلانشي والمهندس فوشير ومارغريت ف.برشم.

وقد كان لهذه العمليات الأخيرة التي شهدتها سدراته دور كبير في إخراجها إلى النور, وإبراز أهميتها من الناحية الأثرية خاصة, لما أسفرت عنه من نتائج, رغم قلتها, فهي تعد جد مهمة مكنتنا من التزوّد والاطلاع على بعض الجوانب الخفية للمدينة, المعمارية منها والفنية.

والسبب في ندرة الدراسات حول مدينة سدراته يكمن في موقعها الصعب المنال من جهة, وما يتطلبه من إمكانات مادية وبشرية جد ضخمة من جهة أخرى. بالإضافة إلى ذلك, فإن الإهمال الذي عرفته المدينة طوال سنوات عدة أدى إلى إبقائها عرضة لمجموعة من العوامل تفعل بها ما تشاء, فالزوابع الرملية العنيفة التي غالباً ما تعرفها مناطق الجنوب خلال فصل الربيع, وما فتئت تزيد من زحف الرمال وعلو كثبانها وتغيير وضعيتها باستمرار. علاوة على ذلك, فإن الزيارات المكثفة التي كان ومازال يقوم بها فئات مختلفة من المجتمع إلى أطلال المدينة, عن قصد أو غير قصد, أضحت هي الأخرى خطراً يهدد معالمها.

كل هذه الأسباب أدت بطبيعة الحال إلى طمس جزء من منشآت المدينة أحياناً وكشف جزء آخر أحياناً, كما انجر عنها انهيار المباني المكتشفة بفعل التغيير الفجائي بين درجات الحرارة ووطأة المتجولين.

الموقع:

تبعد أطلال مدينة سدراته عن مدينة ورقلة في اتجاه جنوب غرب ببضعة كيلومترات والتي تبعد بدورها عن الجزائر العاصمة بحوالي 800 كلم, وهي مدينة شيدت مبانيها بالقرب من مصب وادي مائة الممتد من جنوب غرب جبل العباد إلى قارة كريمة جنوبا وإلى حوالي 20 كلم شمال مدينة ورقلة, ويعتبر وادي مائة من الموارد المائية الرئيسية التي كانت تزوّد المنطقة آنذاك, وهو ما ساعد على استقرار مجموعات بشرية بها منذ أزمنة غابرة.

تتربع المدينة على مساحة تقدر بحوالي 2 كلم2 في اتجاه شمال غرب – جنوب شرق, تشغل مبانيها مجموعة من التلال يتراوح ارتفاعها ما بين 140,99م إلى 150,10م, يحيط بها من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية سلسلة من الجبال أو ما تعرف محليا باسم قارة أشهرها قارة كريمة وجبل العباد. وتعد هذه القارات والجبال بمنزلة شريط دفاعي يحيط بأغلب جهات المدينة, كما يعد بمنزلة ملاجئ يحتمي بها السكان من غارات الأعداء, نظراً لاستواء سطوحها وصعوبة مسالكها وارتفاعها الشامخ من جهة, واحتوائها على أهم عنصر للحياة وهو الماء مثلما كان بقارة كريمة. إن هذه الميزات الطبيعية التي تتجلى بهذا الموقع فضلاً عن وجوده في مفترق طرق القوافل التجارية, كانت من بين الأسباب الرئيسية المساعدة على استقرار مجموعات بشرية وظهور حضارة راقية لاتزال آثارها ماثلة للعيان.

مدينة لها تاريخ

تزخر منطقة ورقلة بمواقع أثرية تعود إلى فترات ما قبل التاريخ كبرج ملالة وحاسي مويلح وغيرهما, كما تم الكشف عن أدوات حجرية بالمنطقة الممتدة جنوب سدراته , وهي بذلك تعد دليلاً مادياً على أن الموقع كان معروفاً خلال فترة ما بعد العصر الحجري والعصر الحجري الحديث غير أن هذا الموضوع لايزال بحاجة إلى أبحاث ودراسات معمّقة للكشف عن استقرار العنصر البشري بهذا المكان, وأهم الصناعات المنجزة من طرفه, أما بالنسبة للعهد الروماني, فإنه يجهل الكثير عن أوضاع المنطقة خلال هذه الفترة, على الرغم من أن هناك من يعتقد بوجود مخلفات رومانية شمال مدينة سدراته . والحقيقة أن هؤلاء لم يستقروا إطلاقاً بهذه المناطق, بل كانوا يجوبونها في شكل حملات قد يكون الهدف من ورائها جمع الضرائب من القبائل البربرية الموجودة هناك, والتي فضلت هجرة مواطنها الأصلية والاحتماء بهذه الأماكن هروباً من الغزو الروماني.

إن قلة الدراسات الأثرية والافتقار إلى المعطيات التاريخية حول مدينة سدراته , جعلت بعض الباحثين يرجعون تأسيسها إلى بداية الفتح الإسلامي, ونجد في طليعة هؤلاء الباحث جون ليتيو (Lethilleux), والذي يرى أن المدينة بنيت في مطلع القرن 1هـ/ 7 م. وفي هذا الصدد يذكر ج.ليتيو نقلاً عن باستشري أن سبعة من المسلمين استقروا بجبل نفوسة, ثم اتجه اثنان منهم إلى وادي مية ولا يعرف هل قدما إلى الوادي كزائرين فقط أم كانت رغبتهما في الاستقرار هناك, خاصة أن المنطقة كانت تعرف بنشاطها التجاري المزدهر. ويضيف قائلاً: مهما يكن من أمر فعن طريق القوافل القادمة من زنجبار والسودان وصل في 7 رجب 39 هـ (658م) عبدالرزاق بن عبدان بن عبدالحق المولود بحضرموت وأسس مدينة أطلق عليها اسم (تيميمون). وفي سنة 41 هـ (661-662م) ونتيجة لعدم الاستقرار بجبل نفوسة وصلت جماعات أخرى إلى وادي مية قاد إحداها أبو حفص عمروس بن فتح الغار, فقام هؤلاء الوافدون ببناء مسجد ثم شيّدت حوله الدور والمساكن, وبذلك ظهرت سدراته للوجود كمدينة. ويرى فريق آخر أن تأسيس المدينة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنهاية الدولة الرسمية بتيهرت سنة 296 هـ – 297هـ/908م/909م على أيدي الفاطميين, وهروب الناجين من بطش هؤلاء متجهين نحو الجنوب يقودهم الإمام يعقوب بن أفلح.

في هذا الموقع الحصين والمتميز بوفرة مياهه, وجدت تلك الجماعة المكان الملائم بها لتحمي نفسها ومذهبها ولو لفترة قصيرة من الزمن, إذ ما لبثت أن هاجرت عناصر منهم مدينة سدراته إلى مكان آخر يبدو أنه أشد مناعة وأكثر أمانا من الأول, وهو ما يعرف بوادي ميزاب أو مدن الشبكة, حيث تأسست كل من مدينة العطف (1011م) وبونورة (1048م) وبني يزقن وغرداية (1053م).

الهجرة

ويعتقد أن هجرة تلك الجماعات منذ وقت مبكر (أي خلال القرن الخامس الهجري/11م) كان سببها انتشار البدو وقطاع الطرق وانحراف سكانها عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف, خاصة بعد موت أبي صالح جنون, وكذا كثرة القلاقل والفتن التي أضحت تفتك بالمنطقة جلها وتهدد استقرارها. ويبدو أن هذه الفترة تزامنت ودخول المنصور الحمادي (481هـ – 498هـ) (1088م-1104م) إلى المنطقة وتخريبها أثناء حملته الموجهة لمعاقبة الزناتيين بوادي ريغ وورقلة. في حين يرى ابن خلدون أن المنطقة لم تتعرض إلى هجوم شنيع من قبل الحماديين بالشكل الذي يؤدي إلى انهيارها وهجرة سكانها, بل العكس, فلقد عيّن عليها حاكماً يدير شئونها, أما المخطوط الذي تحدث عنه هارولد طاري (H.Tarry), فيذكر أن المدينة اندثرت سنة 1274م من طرف قائد مجهول يدعى (منصور المشرق). هذا الأخير وصل رفقة جيشه إلى سدراته واستقر بها حوالي خمسة وثلاثين يوماً, قام أثناءها بهدم العين التي كانت تسقي المدينة ومزارعها, فرعب أهل المدينة وفروا إلى ناحية التلال الرملية, أي على بضع مراحل جنوبي سدراته . وعندما رجعوا إلى منازلهم وجدوها مهدومة, ويضيف صاحب كتاب العدواني, أن سدراته تم تخريبها من طرف الخليفة الموحدي المنصور مرتين على التوالي, ولم يغادرها في المرة الثانية إلا بعد أن حوّلها إلى صحراء قاحلة, ويذكر ابن خلدون أن تخريب المدينة كان على يد بني غانية ما بين (1224-1227م) لأن المنطقة – على حد قوله – كانت كلها من الموالين للدولة الموحدية, وكان عاملهم يقطن بالزاب آنذاك. وحسبما يبدو فإن الأحداث التي مرت بها مدينة سدراته , لم تكن لتؤدي إلى زوال المدينة وهجرتها, فالمتمعن جيداً لأنقاضها وما أسفرت عنه نتائج الحفريات السابقة, يلاحظ أن آثار التخريب لا تظهر بالدرجة التي تناقلتها المصادر أو المراجع, بل نعتقد أنه وصف مبالغ فيه, لأن الحياة العلمية تواصلت بسدراته حتى بعد التواريخ سالفة الذكر, يشهد عليها أسماء الأعلام المنتسبين إليها, ولذلك فإننا نرى أن من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هجر المدينة العوامل الطبيعية, فلقد قلت الموارد المائية والنباتية وحلت محلها العواصف الرملية, ولذا أصبح من الصعب على الإنسان العيش هناك. أما بالنسبة لتسميتها, فإنه من المرجح جداً أن تكون قد اشتقت من قبيلة سدراته البربرية, وفي هذا الصدد, يذكر الشيخ أعزام أن بلاد سدراته منسوبة إلى شعب من شعوب البربر من بطون زناتة, وهي بلاد كثيرة يسكنها معتنقو المذهب الإباضي قديماً, ولم يترحلوا عنها إلا بعدما خرّبها يحيى بن اسحاق الميورقي المعروف بابن غانية سنة 624هـ عند ثورته على الأمير يعقوب بن المنصور أحد أمراء الموحدين كما كان بيان ذلك في محله, وبقيت البلاد إلى الآن خرابا. والجدير بالذكر أن تسمية المدينة باسم سدراته غالباً ما كان مقروناً بكلمة ورجلان ( سدراته ورجلان) ولم يرد منفرداً في المصادر الإباضية إلا في فترة متأخرة عن الفترة التي عاش فيها الشيخ أبو يعقوب يوسف بن النفاث (1048/1049م), وهذا دليل على التلاحم والترابط بين المدينتين ليس من الجانب العمراني فحسب, بل تعدّاه إلى أبعد من ذلك.

المسجد:

شهدت مدينة سدراته عدة تنقيبات أثرية, إلا أن ما يؤخذ على البعض منها أنها لم تبلغ المستوى المطلوب من حيث التنظيم والمنهجية العلمية المتبعة في تقنيات الحفر.

إن جل الباحثين الذين تعاقبوا على مدينة سدراته لم يتعرضوا بطريقة علمية إلى مسجد المدينة, بل اكتفوا بالإشارة إليه بطريقة عرضية, ووصفوه وصفاً يكاد يكون سطحياً. وفي مقدمة هؤلاء الباحثين نذكر فكتور لارجو الذي زار المدينة سنة 1877م, وتعرف على أحد مساجدها وهو في حالة جيدة من الحفظ, ويقول لارجو بشأن هذا المبنى: يوجد بجنوب المدينة المندثرة بقايا لمسجد مستطيل الشكل تبلغ مقاساته 23مx18م وينقسم إلى قسمين من جهة العرض, تقدر مقاسات الجزء الأول حوالي 10م, أما القسم الثاني فيبلغ 13م, وقد كان هذا الأخير مبلطاً ومرتفعاً نوعا ما عن الأول, ونلاحظ به بقايا أحواض محفورة في الأرض يتم تزويدها بالمياه بواسطة قناة تخرج من إحدى زوايا الجدار وهي في حالة جيدة, كما عثر لارجو بهذا المبنى على جزء طنف من الجص تحليه زخارف نباتية تشبه الأرابيسك. أما هارولد طاري, الذي يعتبر أول باحث قام بحفرية حول أنقاض بعض المعالم من المدينة سنة1881م,فقد استطاع, حسب قوله, أن يزيل التراب عن كامل المحيط الداخلي للمسجد, كما يشير طاري إلى أن المسجد كان يحتوي على مدرسة قرآنية تحليها زخارف كتابية هي الأخرى, ويصف بول بلانشي (1898م) المسجد بأنه قاعة مربعة الشكل مغطاة بحوالي عشرين قبوا تقوم على ست عشرة دعامة, زينت جدرانه بأبواب وهمية ونوافذ تحلي أطرها زخارف هندسية بسيطة.

وتعتبر الحفرية التي قام بها المهندس فوشير, ما بين 1943م و 1944م, من أهم التنقيبات التي جرت حول المسجد, فلقد استطاع هذا الباحث إزاحة الرمال عن محيطه, باستثناء الزاوية الجنوبية للمبنى حيث تمكن من الوصول إلى أرضية قاعة صغيرة يبلغ ارتفاعها حوالي 4,43م ومغطاة بقبو, ولقد وضع فوشير مخططاً ورسوماً توضيحية لهذا المعلم, لكن هذه الوثائق لم تنشر بل بقيت حبيسة الأدراج.

أما بالنسبة للباحثة مارغريت فارشم, فقد وقفت هي الأخرى على أطلال هذا المنشأ, وحاولت أخذ المقاسات لبعض أجزائه.

وينطبق وصفها على مبنى تم اكتشافه سنة 1977م من قبل فرقة معهد الآثار (جامعة الجزائر) والذي يعتقد أنه هو المسجد الذي تحدث عنه الباحثون السالفو الذكر, فلقد تمكنت الفرقة آنذاك من إزالة الرمال من المحيط الداخلي لمنشأ يقع في الجهة الجنوبية الغربية وبعض العناصر المعمارية كالسلم والأقواس المطلة على الصحن والدعامات والغرفة المرفقة له. يحيط بهذا المعلم مجموعة من المباني لا يظهر منها سوى الأجزاء العلوية للجدران, أو حلت محلها أكوام من الحجارة والجدير بالملاحظة أن هذا المعلم رغم ما يحتويه من عناصر تنم عن انتمائها إلى العمارة الدينية مثل مخططه العام ووجود صحن فإن بعض الباحثين, وفي مقدمتهم مارغريت ف برشم, اعتبروه مسكناً!

ضريح

تم الكشف عن بعض أجزاء بناية أخرى خلال عملية الحفر التي أجريت سنة 1997م, تتكون من غرفتين ضيقتين وغرفة مستطيلة الشكل, يتم الدخول إلى إحدى الغرفتين مروراً برواق, لم يكتشف كله بعد, عبر مدخل ضيق يعلوه قوس نصف دائري متجاوز يقدر ارتفاعه بـ 1,30م وعرضه 57سم, تتصل هذه الأخيرة بقاعة ثانية أقل حجماً منها مغطاة مثل سابقتها بقبو منخفض جزؤه العلوي مندثر.

والجدير بالملاحظة أن وظيفة هذا المبنى رغم أنها لم تحدد بعد نظراً لعدم اكتمال الحفر بها فإننا نرى أنها تشبه – في تكوينها العام وما تحويه من بيوت ضيقة ومتشابكة – ضريح سيدي محمد بن يحيى بتقرت (8هـ/14م) (33), وهو ما يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأنه ضريح أنشئ في وقت لاحق.

المباني المدنية

تنحصر المباني المدنية بمدينة سدراته في البيوت العامة والخاصة التي أشار إليها الرحالة أو المكتشفة أثناء عمليات التنقيب, وعلى الرغم من قلتها فإنها تعتبر مهمة, حيث تقدم لنا صورة تكاد تكون كافية عن العمارة المدنية بالمدينة, كما تقدم لنا نماذج حية من العناصر المعمارية التي استعملها البناء السدراتي في مبانيه.

ويعتبر فكتور لارجو أول من أشار إلى هذه البيوت دون تحديد مواقعها, ويذكر في هذا الصدد (أن البيوت الكبيرة لمدينة سدراته ذات شكل مربع وغير منتظمة التخطيط, وهي تتكون من قسمين متقابلين يفصلهما صحن, أحدهما عبارة عن رواق يتكون من بوائك ذات أقواس نصف دائرية وترتكز على دعامات مربعة الشكل. كما لاحظ لارجو بيتاً آخر مربعاً يبلغ طول أضلاعه في جميع الاتجاهات 9م, وبيوتاً أخرى يساوي طولها نفس المقاس السابق, وتتكون من غرفة واحدة يتقدمها صحن مغلق. أما بالنسبة للبيوت بصفة عامة فهي تتكون من غرفة واحدة تقدر مقاساتها ما بين 6 , و7 أمتار, ويلاحظ أن غالبية هذه البيوت كانت جدرانها مكسوّة بطبقة صلبة من الجص. كما عثر طاري على مجموعة من البيوت دون الإشارة إلى مكان وجودها.

القصر أو المحكمة

يقع هذا المبنى بالناحية الشمالية للمدينة, وهو يعد من أروع المباني المكتشفة إلى حد الساعة, لما احتواه من زخارف جصية متنوعة, كانت تكسو جدرانه الداخلية لايزال البعض منها في مكانه الأصلي, اكتشف هذا المعلم من طرف هـ. طاري سنة 1881م حيث يقول بشأنه: لقد اكتشفت قصراً بأتم معنى الكلمة, لأن جدرانه كانت مكسوة بزخارف وفي أسفل تلك الزخارف ترك المعماري توقيعه, ولقد حاولت إعادة نقله ولكنه زال كلية.

و(في الزاوية المقابلة للواجهة), يضيف طاري (عثرت على قاعة تزيّنها عناصر زخرفية يبلغ طولها 4,50م وعرضها 2,50م. أما الحفريات التي قام بها بول بلانشي سنة 1898م فقد أسفرت هي الأخرى عن اكتشاف حوالي أربع وثلاثين حجرة وحوالي 60م2 من الزخارف المختلفة العناصر. كما ترك لنا مخططاً أولياً لهذا المعلم.

البيت المحصن

يقع هذا البيت في الناحية الشرقية للمدينة وسط بقايا الغابات, حيث تبدو جلياً آثار السواقي والفقارات المنطلقة من هذا المكان والمتجهة شمالاً نحو مدينة ورقلة, وشرقاً في اتجاه رويسات, وجنوب شرق في اتجاه قارة كريمة. ولقد كانت محل اهتمام الباحثة مارغريت ف. برشم, خلال سنتي 1951-1952م حيث أجرت بها حفرتين, دامت الأولى حوالي خمسة عشر يوما, أما الثانية فبلغت مدتها حوالي شهرين, ولقد أسفرت هذه الأعمال عن اكتشاف جزء معتبر من مكونات هذا البيت, بالإضافة إلى كمية هائلة من القطع الجصية المزخرفة وقطع فخارية تزيّنها زخارف بسيطة وجرتين مختلفتي الأحجام, صنعت إحداهما من الطين المحروق ويقدر ارتفاعها بـ1,70م وتحتوي على أربعة مقابض وغطاء, تحتوي بداخلها على بقايا عظام وقطع زجاجية. أما الثانية فكانت ذات لون تركوازي تنتهي في مؤخرة عنقها بضفيرة, وهي ذات مقبضين ينتهيان ببروز معقوف. كما تم العثور على حلية من الفضة وأحجار لعقد امرأة وقنوات لتصريف أو جلب المياه.

وما تجدر الإشارة إليه, أن الحفريات التي أجريت بهذا البيت لم تمس إلا الجهة الشرقية منه, ومع ذلك كانت حصيلة الزخرفة المكتشفة قد بلغت الثمانية صناديق تم نقلها إلى الجزائر العاصمة.

البيت ذو الجرار

يقع هذا البيت في الناحية الغربية للمدينة, تم اكتشافه أثناء عمليات التنقيب التي قام بها الباحث طاري سنة 1881م , ثم أعيد استخراجه من تحت الرمال من طرف مارغريت ف. برشم, سنة 1952م . يأخذ المبنى شكلاً مستطيلاً غير منتظم الأضلاع (لوحة 4), يتم الدخول إليه عبر باب محوري فتح في الجدار الشمالي الشرقي, ويؤدي مباشرة إلى ساحة فسيحة, يحيط بهذه الساحة من الجهتين الشرقية والغربية غرف وأروقة مستطيلة وضيقة. كما فتحت بالجدار الغربي وعلى ارتفاع 1,144م عن الأرضية حنيات مضلعة يعتقد أنها استخدمت كخزانات أو كأماكن لوضع وسائل الإنارة, وتتصل هذه القاعة بالغرفة التي تتقدمها بواسطة مدخل عرضه 1,19م, وتعتبر هذه الأخيرة بمنزلة ساباط (رواق) يطل على وسط الدار ببائكة من ثلاثة عقود حدوية ترتكز على دعامات وأعمدة مدمجة تقوم على قاعدة مربعة, ويعد الساباط من بين الأماكن الضرورية في البيت الصحراوي, فيه يجتمع أفراد الأسرة وقت الحر وبه تؤدى جميع الأغراض المنزلية.

الخاتمة

يتبين لنا من خلال المعطيات التاريخية والأثرية التي قدمت في هذه العجالة, أن اختيار موقع مدينة سدراته لم يكن عشوائياً بقدر ما كان مستمداً من شروط بناء المدن الإسلامية, كما يبدو من خلال ملاحظاتنا في عين المكان أن بناءها مر على مراحل عدة كان سببه النزوح المستمر للمجموعات البشرية.أما بالنسبة لعمارتها فقد امتزجت العناصر المحلية بعناصر أخرى (مغربية ومشرقية) لتشكل في النهاية عمارة موحدة ومنسجمة تندرج ضمن العمارة الإسلامية بصفة عامة وتزيدها ثراء وتنوعا.وهو دليل آخر على التسامح والتآخي الذي كان يعرفه المجتمع السدراتي برمته.

 

المصدر: tawalt

سدراتة

Icon 09من هي سدراتة؟(1)

مدينة سدراتة على بعد كيلومترات من مدينة ورقلة كانت عامرة على مدار ستة (06) قرون بعد أن لجأ إليها بقية أسرة ابن رستم حكام الدولة الرستمية فارين من اضطهاد الفاطميين سنة 909 ه وكانت تزخربتجارة القوافل الصحراوية، وذهب غانة وملح الصحراء…وحافظت على علوم المذهب الإباضي وثقافة أتباعه، ولكنها أيضا كانت تضم أحياء ومساجد المالكيين، حيث تعايش الجميع في مجتمع بلغ فيه الرقي الحضاري مدى يصعب أن يسمح به المناخ الصحراوي القاسي.

 

Icon 09مدينة سدراته الإباضية مدفونة تحت الرمال

تعد مدينة سدراته -بالقرب من مدينة ورقلة- أقدم مدينة مدفونة تحت الرمال معروفة في الوقت الراهن، تعتبر ثاني عاصمة للإباضية تكشف عن بقايا نادرة من المدينة المزدهرة التي كانت عليها. ويعود تاريخ تأسيسها إلى حدود القرن العاشر ميلادي (10م) على يد الرستميين أي ما بعد سقوط الدولة الرستمية بعد تدمير تاهيرت (تيارت حاليا) من قبل الفاطميين سنة 909 ميلادي.

وجاءت بعد انتقال مجموعة منهم باتجاه الجنوب الشرقي للوطن حيث أسسوا مدينة سدراتة بمنطقة ورجلان (ورقلة حاليا) وقطنوا بها لمدة تناهز 3 قرون كاملة.

وتقع هذه المدينة الأثرية على بعد نحو 10 كلم جنوب غرب مدينة ورقلة حيث وبفعل العوامل الطبيعية الصعبة غطيت معظم أجزائها بالكثبان الرملية باستثناء بعض الجدران والدعامات التي مازالت شاهدة على ماضيها.

عرفت هذه المدينة ازدهارا حضاريا واقتصاديا خلال الثلاثة قرون التي عاشتها تكونت فيها معالم حضارية عريقة وتفوقا واضحا في مختلف العلوم تترجمها ما بقي من آثار معمارية وفنية ومخطوطات لا تزال شاهدة على ذلك إلى غاية اليوم وبحسب السيد بابا حمو فإن المقبرة التي لا تزال واضحة للعيان تدل على الإرث الثقافي والمكانة التاريخية والعمرانية التي يحظى بها هذا الموقع.

ولا تزال الرياح القوية التي تجتاح المنطقة في كل مرة تعري أجزاء من هذه المدينة وإزالة اللثام عنها ما يسمح باكتشافها أكثر وهو ما حدث أثناء اكتشاف آثار محكمة وكذا آثار مسجد.

 

Icon 09زيارة سدراته:

تندرج ضمن سلسلة من الزيارات في وارجلان، يتجمع أهل وارجلان من مختلف المشارب، وفي مقدّمتهم عزّابة وارجلان في نصف دائرة واسعة جدّا، وهم يتلون القرآن فرادى كلّ ومصحفه. ثم ينطلق الناس إلى حيث توجد بعض الآثار سدراتة وجماعة الخيالة يقومون باستعراضات الفروسية ببنادقهم وإطلاق البارود، وينقسمون إلى فرقتين، كلّ فرقة تحوي عشرة فرسان، ويستمرّ العرض حوالي ساعتين.

ثمّ توزع الصدقات بسخاء على الحاضرين، تمر وخبز وتيحومزين. ثم يلقي شيخ عزابة وارجلان كلمة باسم العزّابة، وكلمة من أعيان ورڨلة كانت مواضع مدينة سدراته وارجلان أيام ازدهار البلد.

وبجانب هذه الدائرة الواسعة الشاسعة تقام خيمة للضيوف وخيمة أخرى بجانبها لباقي الحضور.

وبعد الختمة والأدعية يتوجّه الحاضرون إلى قبر الإمام يعقوب بن محمّد بن أفلح، وهو غير بعيد عن موضع الجلوس لتلاوة القرآن؛

وفي الجهة الشرقية يوجد جبل العبّاد في أعلاه أرض مستوية محجرّة ومحاريب في الأرض مشكّلة نصف دائرة من الحجارة الصغيرة، هو جبيل يقال له “كدية كريمة”، حيث تحصّن أهل وارجلان حين توجّه إليهم الجيش الفاطمي في سنة 297هـ/ 910م لملاحقة فلول بني رستم الفارّين من تاهرت إلى وارجلان.

وبعد الدعاء يتفرّق الجمع وينتهي حفل الزيارة السنوي.

 

Icon 09 رسمة لجبل العباد الفنان نورالدين فخار

الصورة لقارة كريمة..أو كدية كريمة وجبل العباد موقعه محاذيا لها وكدية كريمة بمقربة من موقع إسدراتن /سدراته والأخيرة موقعها على بعد 14كلم جنوب (وارجلان /وَرڨْـلَنْ /ورقلة ) و للكدية علو شاهق وقمة مسطحة على شكل الموائد الجبلية وتحفها الكثبان الرملية من كل جانب . و توجد فيها بئر عميقة تخترق الكدية إلى أسفلها وتعتبر الكدية زيادة لكونها مخزنا جماعيا على غرار المخازن الجماعية في الأوراس (تيقليعين ) وفي أماكن من الشمال الإفريقي تتخذها المجتمعات الأمازيغية مخازن جماعية لحفظ نتاج محاصليهم الغذائية من حبوب ولحوم مجففة ..فتعتبر الكدية حصنا منيعا لمناعتها ولقد ذكر الدرجيني أبو العباس في طبقاته ص94/ج 01 أن عبيد الله الفاطمي لما دخل إفريقية وجه جيشا إلى ورجﻻن فاحتمى أهلها بكدية كريمة .. فعلى منظر الحجارة المتناثرة والحزينة على حضارة سدراته المغمورة و ما بقي من أجزائها تكشف لنا مدى قسوة بعض من تنكب الإنسانية فكان خرابها عام626هـ..

 

Icon 09جبل العباد:

Le Djebel al-Ubbad, ou « sommet des dévôts », près du site archéologique de Sedrata. Photo aérienne réalisée pour M. van Berchem en 1950, Archives de la Fondation van Berchem, Genève

هذه صورة جوية إلتقطها Mr van Berchem  سنة 1950م

جبل العباد أو "قمة المصلين" يقع بالقرب من موقع سدراتة الأثري.

 

 

 

Icon 09قصة جبل العباد:

جبل العباد قصة رائعة يرويها أهل السير يرويها الشيخ الناصر مرموري رحمه الله. والشيخ عومر بومعقل رحمه الله أيضا. كان الجبل مكانا للعبادة يصعده العباد الاتقياء سحرا وهو مرتفع صعب المنال، ويقومون الليل كل في مصلاه (كما في الصورة. والجبل مليء بالمصلين مثل هذا) ثم يجتمعون قبيل الفجر فيتلون القرآن في حلقة ثم يؤذن فيصلون الصبح ويقسمون الصدقات ان كانت ثم ينزلون من الجبل. يوميا هذا. وفي يوم شديد المطر قال كن واحد منهم لو لم اذهب الليلة سيبقى الجبل بلا عبادة، فلأذهب. وكل واحد ظن انه المقصود وان التقصير لا ينبغي أن يكون من جانبه، فاجتمع في تلك الليلة ستون عابدا . وهذه هي الهمة العالية. جعلنا الله ممن تتحرك نفسه نحو المعالي.

 

 

 -------------------------
(1)  djanoub

 

سدود واحات قصر تغردايت

عند امتلاء سد "بوشن" وعند استغناء واحات "بوشمجان" عن السيل يتم تحويل الواد إلى المجرى الكبير، إضافة إلى ما يحمله واد "أريدان" الذي لا ينسكب لا من ولا من الغرب وهو بين شعاب "بوشمجان" من جهة، وشعاب "التوزوز" من جهة أخرى من الناحية الغربية للضاية ومن الناحية الشرقية للتوزوز، ومياهه ضعيفة نوعا ما، ويسقي السدود التي توجد وسط الواد الكبير وهي متعددة منها:

1.أحباس ن-قاوة: ويسقي إلى الناحية الشرقية للوادي.

2.أحباس ن-حمو بلغنم: ويسقي إلى الناحية الغربية للوادي.

3.أحباس ن-بوحديبة: ويسقي إلى الناحية الغربية للوادي ويوجد فيما يسمى بالبراكة.

4.أحباس ن-كاسي بن بهون: ويسقي إلى الجهة الشرقية للوادي ويوجد بجوار بناية مدرسة المسجد "عمي سعيد".

5.أحباس ن-خطارة: ويسقي إلى الناحية الغربية.

6.أحباس أجديد: ويسقي إلى الناحية الغربية والشرقية معا.

7.أحباس ن-باعمور الشيخ: ويسقي إلى الناحية الشرقية.

8.أحباس ن-امناسن: ويسقي إلى الجهة الشرقية كذلك.

9.أحباس أقديم: ويسمى أحباس ن امراوط بالوح أو أحباس ن تيزيوت أو احباس أواداي ويسقي الجهتين معا.

10.أحباس ن-بوسعدة: ويسقي إلى الناحية الغربية.

11.أحباس ن-قمغار: ويسقي إلى الناحية الشرقية.

12.أحباس ن-اوجوجن وعيسى واعمر: يسقيان معا في آن واحد ولكن لكل وجهته في شكل هرمي.

13.أحباس ن-بابكر: ويسقي إلى الناحية الغربية.

14.أحباس ن-بكوش: وهو الأخير ويسقي إلى الجهة الغربية، وبعده تأتي قنطرة سالم او عيسى.

 

 --------------------------------------

(01) كتاب تفصيل الجواب عن تقاسيم مياه السيول بواد مزاب، بومريقة الحاج سليمان، ص24-26

المصدر nir-osra.org

سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها

سكون الدولة الرستمية واستقرارها وهناؤها

image3

وكانت الدولة الرستمية دولة السكون والهناء، ودولة الاستقرار والطمأنينة والسعادة. قد رضي الشعب فيها عن أئمته، ورؤساء دولته، فسكن إليهم سكون الوليد إلى الأحضان التي ترضعه وتحن عليه. لا ثورات من الشعب تعكر صفوها، ولا انقلابات واغتيالات ومؤامرات من الأمراء بعضهم لبعض كما يقع في الدولة الأغلبية فيعتكر بها جوها، ويصيبها بالزلزلة والارتجاج، ويمنعها عن التقدم والسير الحثيث؛ ولا غضب من الأئمة على رئيس الدولة وولاته وأجهزته يشغل العقول عن التفكير في البناء والتشييد، ويصرف الصدور عن الحماس للعمل والإنتاج، ويجردها من الصفاء والهناء، ومن الطمأنينة والسعادة.

إن رئيس الدولة من اختيار الشعب كله. فهم الذين انتخبوه وبايعوه في حرية كاملة، وبرضا تام. لا جبر، ولا إرغام؛ ورفعوه على أعناقهم إلى عرش الرئاسة، وبوءوه بإرادتهم وحبهم العميق كرسي الإمامة. فصار خادمهم يرعاهم، ويعطي نفسه لمصالحهم، ويجلب إليهم كل سرور، وينالون في ظله كل الحظوظ. وكان يتمسك في سياستهم وفي كل أموره بكتاب الله وسنة رسول الله، وبحكم الشورى، ويعدل فيهم، ويحسن كل الإحسان إليهم، ويجعل بحزمه وبراعته في السياسة كل الأمم تحبهم، وترهب جانبهم، وترمقهم بالإعجاب والاحترام. فلا عدو خارجي يطمع فيهم لضعفه، ولا شانئ خارج الدولة يحقد عليهم ويستعد للانتقام لسوء تصرفه.

إن المغرب الإسلامي كله صديق للدولة الرستمية القوية المسالمة التي تتمسك كل التمسك مع جيرانها بالدين. حتى العباسيين الذين تغلي صدورهم بالغيظ على الدولة الرستمية، ويتربصون بها الدوائر، ويفتشون عن مواطن الضعف فيها ليستغلوها في تهديمها، فإنهم لم يجدوا فرصتهم، ولم يستطيعوا الإقدام عليها لأنها تدمغهم، وتقضي على ملوكيتهم المستبدة في القيروان.

إن رضي الرعية عن أئمتها، وأمنها في بلادها، وتمتعها بخيرات الله التي يغمرهم بها، لتمسكهم بالدين. ورضاه عن الدولة لالتزامها طريقه المستقيم، وتقيدها بشريعته في كل الأمور، وإحسانها إلى الرعية والناس فأحسن الله إليها قد أورثها الطمأنينة والهناء.

إنها دولة ميمونة الناصية، يتفيئوون ظلالها، وتغمرهم بثمارها، وتملأ دنياهم بالعطر والجمال، فسكنوا إليها سكون اللاغب وجد السرير الوثير، والفراش المعطر، والجو الجميل المنعس.

وكان تمسك الدولة الرستمية بالإمامة الإسلامية، والنظام الجمهوري الصحيح، وتمسكها بالدين كل التمسك من أسباب استقرارها وسكونها وهنائها. إن الرئاسة لا تنال فيها بالغلب والقوة فيتصارع عليها الأمراء، فيتعكر جوها وينعدم استقرارها وهناؤها؛ وإمارة الدولة لا توصل بحد السيف فيسطو عليها كل من يجد الشروط. ومن أول الشروط وأوكدها وأهمها التقوى والورع، وخلو النفس من حب الرئاسة والزعامة. وإذا رأوا في شخص حبا للرئاسة، وتهافتا على الإمارة، حكموا عليه بالأنانية، بقلة الورع والتقوى، وبعدم اللياقة للرئاسة، فيطرحونه اطراح الزجاج المصدوع، والقوارير المكسورة. وإذا اشرأب احد لرئاسة الدولة، ونافس الإمام فيها، ورام اغتصابها بالسيف والقوة؟، ثار الشعب كله فدمغه وأوقفه عند حده، وحاط إمام الدولة وحفظه وكفاه شر المعتدين!

وقد بدا ليزيد بن فندين أن ينال رئاسة الدولة بالقوة، ويستولي عليها بحد السيف، فاغتنم خلو العاصمة من الإمام عبد الوهاب، فهاجمها في أنصاره ليحتلها، ويوقع الانقلاب فيها، فثارت تيهرت كلها تسندها القبائل المجاورة، فصدت هجوم ابن فندين، وقتلته، وطهرت بقاعها من أنصاره الذين رق الدين في نفوسهم فصاروا نار الزبل النتنة، تملأ الساحة بالدخان، وتعكر المكان بالنتن1.

إن أكثر ما يمنع الدولة استقرارها هو المنافسة على الرئاسة، والفقر والحاجة، والظلم، والخوف من العدو الذي يطمع فيها. وهذه العلل كلها قد خلت منها الدولة الرستمية، لتمسكها بالجمهورية الإسلامية، فلا اغتصاب لرئاستها، ولتمسكها بالدين، فلا ظلم ولا عدوان، ولا احتقار لأحد، ولا غمط لمخلوق، ولغناها وحضارتها، فهي نهر ممتلئ رقراق تظله الدوح المورقة، وتطرز هوامشه وشاطئية الخمائل النضيرة، ولبست قاعا يابسا متشققا تعشش في شقوقه العقارب والأفاعي2.

إن أسواق الدولة عامرة، وكل نواحي الدولة ومواردها على الازدهار والقوة. وتيهرت بها غانية المغرب الغنيمة تراها لما تشعر به من غناها وجمالها سكرى منتشية بالغنا والجمال، تنظر بالعين الساجية المطمئنة المعتدة نظر الحسناء بالعين الناعسة لفرط الاعتداد بحسنها، والشعور بالقوة في اصماء كل القلوب، واصطياد كل الأفئدة!

والدولة الرستمية قوية. فهي اكبر دولة حربية في المغرب. فهي آمنة من الأعداء مطمئنة، لا يداخلها الروع والحيرة من عدو يستعد للانقضاض عليها. لهذا كانت دولة الاستقرار والسكون والهدوء والهناء والسعادة، قد خلت من الانقلابات والمنافسات، وتقاتل الأمراء الذي يقع في الدولة الأغلبية، ومن سخط الشعب وتحفزه للثورة، فتصرف الدولة اغلب قواها لضبطه وإطفاء نيرانه، كما يقع في الزاب الذي كان تحت الدولة الملوكية. انه لم يقع في الدولة الرستمية من المنافسة على الرئاسة إلا ما كان من ابن فندين في ضواحي العاصمة فسرعان ما هب الشعب فقضى عليه، وما وقع من هوارة لبطرها بالغنى، ولمداخلة العناصر الأجنبية لها فأدبها الإمام فسكنت سكون الطفل إذا عض ثدي أمه فوكزته. انه يسكن فيمص ثديها في حب وامتنان كأنه يقبله!

لم يكن تمرد هوارة فتنة داخلية عامة كما نرى في الزاب الذي كان ساخطا على الدولة الأغلبية. تبتدئ الثورة شرارة في مكان ثم تنتشر في كل ناحية لسخط الشعب واستعداده للثورة على الدولة. انه بحر النفط لا تنحصر النار في ناحية فيه؛ بل كانت ثورة هوارة تمرد قبيلة لم تجد من جيرانها التأييد فانحصر العصيان فيها. وهبت نواحيها، وكل القبائل المجاورة لها إلى الإمام عبد الوهاب فانضمت إليه، فأخمدت هوارة وردتها إلى الجادة والصواب، فأسلس عنانها، ولم تجدد الثورة لأنها وجدت جو الدولة جو الرضى والسعادة والسكون لا يرضى بالثورة، وجو الروض النضير الذي خلا من هشيمة لا تسري فيه النيران!

لقد كانت ثورة هوارة وثورة الواصلية على الإمام عبد الوهاب لأسباب خارجية. فالأيدي المنافسة الخفية للدولة من الخارج هي التي أشعلت هاتين الثورتين، ثم انحصرتا في مكانهما، فلم تنتشرا إلى جيرانهما، بل كان الجيران هم الذين هبوا فاطفأوهما.

لقد كانت هاتان الثورتان على الإمام عبد الوهاب كنار تشتغل في سفينة في بحر خضم، تنحصر في مكانها، وكل ما حولها ضد لها، ومما يساعد على إطفائها!

سنبين أسباب هاتين الثورتين في باب إمامة الإمام عبد الوهاب، فترى إنها خارجية، وكذلك الفتن التي وقعت في العاصمة التي فتحت ذراعيها لكل الناس، فأرسل إليها العباسيون أفواجا من جواسيسها وطابورها الخامس فأشعل النار فيها، ووقعت الفتن التي وقعت في آخر أيام الدولة في عهد أبي بكر بن افلح، وابن أخيه أبي حاتم، وكانت فتنة محصورة في العاصمة التي يسكنها الملوكيون العباسيون الحاقدون على الدولة الجمهورية، لم تتسرب إلى الخارج، فبقيت الدولة الواسعة الأطراف هادئة ساكنة ملتفة حول إمامها. لقد كانت تشتمل على اغلب المغرب الأوسط، وعلى جنوب تونس كله إلى شمال [قفصة]، وعلى طرابلس كلها شمالها وجنوبها إلا المدينة. هذه هي أطراف الدولة ونطاقها، وكانت ساكنة أيام هذه الفتنة التي شبت في العاصمة لم تشارك فيها، بل هبت النواحي كلها فالتفت حول الإمام فأطفأ الفتنة، وطهر العاصمة، وارجع السكون والطاعة والاطمئنان لها. إن تلك الفتن أثارها العباسيون الذين آلوا أن يقضوا على الدولة الرستمية والدولة الإدريسية، فلم يستطيعوا ذلك بالقوة فعمدوا إلى الدس والفتنة، فاغتالوا إدريس الأكبر رضي الله عنه، وفسدوا على إدريس الأصغر بهلول بن عبد الواحد المضغري، وإسحاق بن محمد الأوربي وغيرهما من رؤساء القبائل البربرية ليصدعو الدولة بالفتن الداخلية، ويبلغوا مرامهم في الأدارسة فيقضوا عليهم في المغرب. وعمدوا إلى مثل ذلك في الدولة الرستمية فدسوا في عاصمتهما جواسيسهم، فأشعلوا فيها الفتن، ولكنها بقيت محصورة في العاصمة، ولم تخرج منها، ومرضت هي وحدها لوجود الجراثيم العباسية فيها، وظلت بقية الدولة على الرضى والولاء والتمسك بإمامها، واستمرت على تأييدها له. فأسرعت إليه لواتة، وهوارة، ونفوسة، ومزاتة، صنهاجة، وكل القبائل، فوقعت في صفه، فأطفأ الفتنة العباسية في العاصمة، وقضى على دسائس الملوكية المستبدة فيها.

إن تلك الفتنة التي وقعت مرتين في شيخوخة الدولة الرستمية، وفي آخر أيامها، قد وقعت في العاصمة، وأشعلها وقادها العباسيون فانحصرت فيها. إنها عين وقع فيها القذى فاحمرت ودمعت. وبقية الجسم على سلامته وصحته لم ينله الأذى!

إن بعض المؤرخين الذين تخلقت في نفوسهم عقد موروثة مزمنة بالدعاية العبيدية والملوكية التي استمرت عشرة قرون في كل براعة وحماس ضد الدولة الرستمية الجمهورية، قد حصروا نظرهم في العاصمة لما كتبوا عن فتنتها، فرأوها تنزي بالغضب الذي بشعله فيها العباسيون، وتمور بالفتنة التي بثها فيها الملوكيون الحاقدون على الجمهورية الإسلامية العادلة فقالوا: إن الدولة ساخطة على أئمتها لأنهم أجانب عنها لم ينسجموا بها، وأبو أن يستعملوا عقولهم ليدركوا أسباب تلك الفتنة، ويوسعوا نظرتهم ليعلموا إنها في العاصمة وحدها. أنهم يدخلون رءوسهم في جيوبهم، ويضيقون نظرتهم فلا تبدو لهم إلا العورات... ! !

كانت الدولة الرستمية دولة الاستقرار والهناء، ودولة الطمأنينة والسعادة. لم يقع لها من الاهتزاز إلا ما لابد به للدوحة العالية التي تبسط فروعها في الجو العالي، فذلك الاهتزاز من خارجها بالعاصفة لا من داخلها!

ومن النتائج الحسنة لاستقرار الدولة الرستمية، ودلائل هدوئها ورضاها، وحبها لائمتها أن أئمة الدولة ورؤساءها ظلوا كلهم في عرش الإمام، ورئاسة الدولة إلى أن أدركهم اجلهم، لم يثر عليهم ثائر، ولا نافسهم منافس على طول أيامهم في الرئاسة؛ ولم يخلعهم معتد ويستلب الرئاسة منهم ويحل محلهم، وذلك لان الدولة جمهورية لا تغتصب رئاستها، والدولة راضية عن أئمتها لا يمكن لمنافس أن يخلعهم.

لقد ولى الإمام عبد بالرحمن بن رستم رئاسة الدولة منذ نشأتها في سنة 144 هـ وتوفي في سنة 171 فمدته في الرئاسة ست وعشرون سنة. وولي الإمام عبد الوهاب رئاسة الدولة في سنة. 171 ه. وتوفي في سنة 311 فمدته في رئاسة الدولة أربعون سنة. وولى الإمام افلح الإمامة بعده في سنة 211 وتوفي في سنة 240 فمدته في الإمامة تسع وثلاثون سنة. وجاء أبو اليقظان بعد أبي بكر الذي ارتكب الذنب الذي أسلفنا فاعتزل الإمامة ومات غما وحسرة وندما، ولي أبو اليقظان الإمامة في سنة 241 وتوفي سنة 281 فمدته في الإمامة أربعون سنة. وولي الإمامة بعده أبو حاتم يوسف في

سنة 281 واستمر أربع عشرة سنة إلى أن هرمت الدولة هرم الموت، ومرضت مرض الزوال، فعدا عليه أبناء أخيه فقتلوه، ثم انقرضت الدولة بعده فكان آخر إمام.

إن الدولة الرستمية أطول أجلا من الدولة الأغلبية. لقد سبقتها في النشأة بأربعين سنة كاملة. وكانت أوسع منها رقعة، وأكثر أجناسا ومذاهب واديانا. لقد فتحت أبوابها لكل الناس، وقصدها لعدلها وعلمها وحضارتها وجمال موقعها كل الطوائف والأجناس.

ومع هذا لا نجد فيها من القلاقل والفتن ولثورات بعض ما كان يرج الدولة الأغلبية ويزعزع أركانها، لسخط الشعب فيها، والتنافس الذي كان يقع بين الملكيين فيها على الرئاسة والسلطان.

كان عمر الدولة الأغلبية اثني عشر ومائة سنة. وقد وقع فيها من الثورات العارمة التي زعزعت أركانها، وخضبت صفحتها بالدماء، وعكرت صفاءها، تسع عشرة ثورة وقعت في أنحاء الدولة، اغلبها كان من الشعب الثائر لسوء سياسة الملوك والولاة.

وكان الزاب في اغلب عهوده ثائرا على الدولة الأغلبية. وكانت تخضعه بالقوة، وتخلق سكونه بالخوف، وترضخه بالجيوش الكثيرة التي ترابط في ثغوره وهي على أهبة دائمة للحرب. ومع هذا فقد ثار عليها مرارا. وأرادت الدولة الملكية أن ترضخه، فأعملت السيف في صغاره وكباره !3

قال ابن عذارى: "وفي سنة 268 كان فتك إبراهيم بن الأغلب بأهل الزاب، فقتلهم، وقتل أطفالهم، وحملوا على العجل إلى الحفر فالقوا فيها"4 والعجل جمع عجلة وهي العربة. وذلك لكثرة القتلى، وتراكم الضحايا.

وقد تولى الملك في هذه الدولة احد عشر ملكا. أما الدولة الرستمية فكان عمرها اثنين وخمسين ومائة عام. فهي تكبر الدولة الأغلبية بأربعين سنة. وتولى إمامة الدولة فيها ستة رؤساء للدولة فقط. ولم يقع فيها من الحروب الداخلية إلا سبع زوابع وقعت ست منها في العاصمة التي يبث فيها جواسيس الملوكيين العباسيين سمومهم للقضاء على الإمامة الإسلامية، وتهديم الدولة الجمهورية العادلة. وكانت بقية نواحي الدولة في هذه الزوابع ساكنة. وكانت مؤيدة للإمام. إن هذه الزوابع السبع أربع منها من صنع الملكيين جيران الدولة الرستمية كما سنبين ذلك في مواطنه. وثلاثة فقط كانت بأسباب داخلية، وهي الحسد وحب الرئاسة، أو البطر بكثرة الغنى، وطول الاستقرار والهناء، وامن العدو الخارجي. وليست سوء سيرة الإمام ولا ظلمه، ولا سخط الرعية وتبرمها كما كان في الدولة الأغلبية الملكية.

لقد قارنا هذه المقارنة لان بعض المؤرخين في الأزمنة الأخيرة قد تأثر بالكتب الملكية المتعصبة التي تصور الدولة الرستمية على غير حقيقتها، وتعمل جاهدة لتشويه صفحتها لتغير القلوب عليها، وتبعد الناس عن الإمامة الإسلامية العادلة؛ فصور الدولة الرستمية بأنها دولة عديمة الاستقرار، :وان الحرب فيها اغلب من السلم، وان الحكومة أجنبية لا ثقة لها بالأمة"5 إلى غير ذلك من الهراء الذي يدل على عدم العمق في الدراسة، وعلى عدم التحري في الحكم، وعلى التأثر بالكتب الملوكية التي يجب أن نكون على حذر ويقظة فيها في تاريخ المغرب.

إن هؤلاء المؤرخين الذين صوروا الدولة الرستمية العادلة عديمة الاستقرار، وهي كما رأينا في قلة الزوابع الداخلية، وقد وصفوا الدولة الأغلبية التي رأيت عدد ثوراتها الداخلية بالاستقرار، وقلة البلبلة فقالوا: "والحكومة الأغلبية أقوى حكومات المغرب يومئذ على حفظ الأمن، وأحسنها سياسة للرعية.

وقالوا: وقبل البربر والعرب سيادة الأغالبة فلم يلقوا اضطرابات داخلية.ولا وقعوا بين هجمات شرقية وغربية"6.

هذا هو الغلط الذي وقع فيه بعض علمائنا الكبار، ومؤرخينا المحدثين، ومن يعتد المغرب الحديث بعلمهم وسعة اطلاعهم، وغزارة علمهم. وسنجلو هذا الغلط في باب مقبل حتى لا يقع فيه أبناؤنا، فنظلم أجدادنا، ونشوه صفحة من أغر صفحات المغرب الكبير، ونقع في الغلط الفاحش الذي يأباه عصرنا الذي يتقيد بالمنطق في البحث العلمي، ويفرض العمق والنزاهة في الأحكام.

إن الدولة الأغلبية دولتنا، وهي جزء من تاريخنا الجميل. وسأبين النواحي العظيمة فيها، واكتب فيها كتابة تحليلية تبرز خصائصها الجميلة كلها، وأفرد لها من الجزء الرابع لهذا الكتاب معظمه؛ ولكن بعض المؤرخين المحدثين الذين حكموا حكما خاطئا على الدولتين، ويوقعون ناشئتنا في أخطاء تاريخية، ويقدمون إليهم معلومات غير صحيحة؛ فكان لزاما علينا أن نعقد هذه المقارنة بينهما، ونصحح ما اخطأوا فيه، ونستدرك ما فات أولئك المؤرخين المحدثين الذين نعدهم سلفنا الصالح في العلم، ومن أول من شق الطريق في المهامه المجهولة في تاريخ المغرب الكبير، فأسدوا إلينا اليد الجلي، وقدموا إلينا المنة العظمى. وسبحان من لا يخطئ ولا يزل. والعصمة والكمال لله العلي الكبير وحده!

كانت الدولة الرستمية تنعم بالاستقرار لأنها كانت متمسكة بالدين. فدستورها هو القرآن والسنة! ومن يتمسك بالدين يؤته الله كل سعادة وقوة، وكل نعيم وهناء، ويكن الله معه، فينام هانئا مطمئنا في كنف الله، ويعيش قرير العين ساكنا في حماه.

هذه هي الدولة الرستمية من حيث الاستقرار والهناء، فكيف كانت مع جيرانها:

الدولة الإدريسية، ودولة بني واسول، والدولة الأغلبية، والدولة الأموية في الأندلس. أكانت تشاكسها، وتعتدي عليها، وتبث الفتنة والبغضاء فيها، وتتربص بها الدوائر كما كان يفعل بها وبالدولة المغربية المستقلة العباسيون؟

وعل كانت ترفع السيف على المعارضين، وتغرق الساحات بدماء المنتقدين من رعيتها كما يفعل الملوك الغاشمون؟

وهل هي دولة قامت عل السيف. فغبار الجيوش الغازية للنواحي هي التي أنبتتها، وكانت السحب الممطرة التي أبرزتها، والعساكر الجرارة هي التي ضمت الأقطار والنواحي إليها كما كان في الدول الملوكية المستبدة العباسية وغيرها، أم أنها دولة قامت على العقيدة الواحدة، وتكونت بالمعاني والعوامل الروحية؟

-----------------------

1-نار الزبل لا يعلو لهيبها فهي أكثر النيران دخانا ونتنا.

2-النهر إذا جف تشقق وانتشرت فيه الأخاديد.

3-إذا قلنا الإمامة فالمراد بها رئاسة الدولة وكذلك الإمام. وسمى رئيس الدولة في الجمهورية الإسلامية إماما لأنه يؤمهم في المسجد الجامع أيضا. فهو أمامهم في الدين.

4-البيان المغرب ج 1 ص 158 ط. مكتبة صادر 1950 م

5-تاريخ الجزائر في القدم والحديث ج 1 ص 33 .

6-نفس الكتاب ص 66 ط الجزائر 1350 ه.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 359


شهادات لأجانب

مشاهد حضارية في مزاب

Icon 09

 شهادات لأجانب

هذه بعض الشهادات والانطباعات للعديد من المستكشفين والمستشرقين والعسكريين الذين زاروا مزاب خلال القرن التاسع عشر، ودوّنوا ما شاهدوه وعايشوه بأنفسهم بهذه الربوع في مؤلفاتهم ومذكراتهم وتقاريرهم :

01 شهادة إميل ماسكراي

Icon 09

 Émile MASQUERAY

شهادة إميل ماسكراي في كتاب سير الأئمة وأخبارهم لابي زكرياء، المستشرق الذي قدم من أقصى شمال فرنسا سنة 1878م للتنقيب عن المخطوطات الإباضية وبعد معاناة طويلة وصل إلى مراده من بوابة قصر آت مليشت فبقيت صورة أزقتها النظيفة عالقة في ذهنه ولم يستطع نسيانها بالرغم من الكم الهائل من المشاهد والمدن التي مرّ بها خلال رحلته فذكرها في مقدمة كتابه بالعبارة التالية:
 
" Les ruelles de Melika sont plus propre que celles de nos village."
 
أي أن " شوارع آت مليشت أنظف من شوارع قرانا " ( و يقصد قرى فرنسا و أوروبا )-

كتاب سير الأئمة وأخبارهم لابي زكرياء

Icon 09

 

Chronique d'ABOU ZAKARIA traduite et commentée par Émile MASQUERAY 1878.
 
هو عبارة عن ترجمة وتعليق على كتاب سير الأئمة وأخبارهم لابي زكرياء يحيى بن أبي بكر الوارجلاني الذي عاش في القرن الخامس الهجري.

 

رابط تحميل كتاب Chronique_d_Abou_Zakaria.zip


02 شهادة ضابط

Icon 09

شهادة أحد الضباط الذين كانوا ضمن الكتيبة العسكرية للعقيد Durrieu عند دخولهم إلى مزاب أثناء جولتهم الاستكشافية بقرى وواحات مزاب ووارجلان و المناطق المحيطة بها سنة 1854 حيث صرح بما معناه :
"...مدن مزاب على قدر كبير من النظافة التي تشكل علامة فارقة بينها و بين القصور والمدن الأخرى التي تغلب عليها الأوساخ... هذه النظافة التي لاحظناها في مدن بني مزاب لمسناها أيضا في أثوابهم ، فلا نجد عندهم تلك البرانيس التي لم يمسسها الماء إلا يوم هطول المطر ولا تلك الخِرق المهترئة والمتسخة (....) المزابي ليس لديه إلا برنوسا واحدا لكنه أبيض، يواظب على الاغتسال و التوضؤ لذلك لا نرى على جسمه اثر تلك خطوط الأوساخ التي تظهر على أبدان ساكنة القرى الأخرى، كما لا نجد عند بني مزاب تلك الآفات المشينة التي يعيش في بؤرها الكثير من السكان و الناجمة عن كل أشكال الفساد و العلل المتولدة عن الكسل، المزابي يكدّ و يعمل؛ و لكنه يجني ثمار تعبه وهو قوي و ذو صحة جيدة..." 
 
Les villes du Mzab sont tenues avec une propreté qui forme un contraste frappant avec la saleté habituelle des Qs'our;....Cette propreté qu'on remarque dans les villes, des Beni-Mzab l'observent aussi dans leurs vêtements: chez eux, point de ces bernous qui n'ont été mis en rapport avec l'eau que les jours de pluie, point de ces loques éraillées et crasseuses (....) Le Mzabi n'a qu'un bernous, mais il est blanc il pratique les ablutions, car on ne voit pas sur son corps ces marques impures qui zèbrent les membres du qsourien. Aussi, chez les Beni-Mzab, point de ces hideuses maladies qui sont le lot des populations vivant au milieu de toute les corruptions et de tous les vices qu'enfante l'oisiveté, Le Mzabi travaille; mais sa peine est compensée : il est fort et bien portant..."(1) 

رابط تحميل كتاب

 Les Français dans le désert Corneille Trumelet pdf

----------------------------------------
(01) Les Français dans le désert / C. TRUMELET.1863 

 شهادة الدكتور جوزيف هوجت

Icon 09

Joseph HUGUE

الطبيب العسكري الدكتور Joseph HUGUET الذي قدم إلى مزاب في مهمة كُلف بها من الحكومة الفرنسية سنة 1897 و مكث فيها 19 شهرا طاف خلالها على كافة قصورها السبعة ، أعد تقريرا مفصلا حول ظروف المعيشة و الوضع الصحــــــي بمزاب و نشره في مقال بدورية سنة 1903 تحت عنوان " الشروط العامة للحيـــــــاة بمزاب. التطبيب و الممارسات الطبية للأهالي " (1) تضمن معلومات دقيقة وهامة جدا نذكر منها ما يلي :

... Il est un fait qui frappe tout particulièrement le voyageur arrivé nouvellement au Mzab, c’est la propreté méticuleuse des rues et des places de chaque ville . … Pas le moindre débris animal ou végétal ne vient souiller les rues, qui sont chaque jour balayées avec le plus grand soin. L’hygiène traditionnelle adonné au Mzab les heureux résultats

Les Mzabites se mettent à la fois en règle avec leur religion et avec l’autorité administrative …. .

"...هناك واقع يثير الدهشة و يشد انتباه أي زائر حديث لمزاب على وجه الخصوص وهو النظافة الفائقة لشوارع و ساحات كل مدينة من مدنها.....لا يوجد أدنى أثر لفضلات حيوانات أو بقايا نباتات قد تسبب في تلطيخ شوارعها التي تُكنس كل يوم بعناية متناهيـــــ . النظافة التقليدية بمزاب أفضت إلى نتائج مرضية.....المزابيون يلتزمون بتعاليم دينهم و بالسلطة الإدارية في آن واحد..."

. …Ce n’est pas seulement cette propreté méticuleuse qui donne aux Ksour du Mzab un cachet tout particulier ; le voyageur est frappé aussi de l’absence totale de chiens. Je me souviens que dans ses leçons sur la rage, à l’institut Pasteur, M. le Docteur Roux nous disait : « Si en France, la surveillance des rues était, au point de vue des chiens, aussi rigoureuse qu’en Allemagne ce serait bien ; s’il n’y avait plus de chiens, ce serait mieux encore, car la rage ne sévirait plus et l’on n’aurait plus à soigner ses nombreuses victimes » Il n’est pas de jour ou, au Mzab, je n’aie eu l’occasion de constater combien notre savant maître de l’Institut Pasteur, disait vrai et combien la réalisation d’un état de chose, si profitable aux habitants des Ksour du Mzab. … .

"...ليست فقط تلك النظافة الفائقة ما يميّز قصور مزاب ويمنحها طابعا خاصا ، بـــــــل الوافد إليها أيضا يُذهل لخلوها من الكلاب ، أتذكر في دروسه حول داء الكلب بمعهــــــد باستور كان الدكتور Roux يقول لنا " إذا كانت في فرنسا مراقبة الكلاب بشوارعهـــــا صارمة مثلما هو الحال بألمانيا سيكون ذلك جيدا أما إذا لم تكن فيها كلاب أصلا فسيكون الأمر أفضل ، لأنه في هذه الحالة لن ينتشر داء الكلب و لن نضطر لعلاج ضحايــــــاه الكثيرين". فلم يمر عليّ يوم في مزاب دون أن تكون لدي فرصة التأكد كم كان عالمنا الأستاذ بمعهد باستور يقول الصواب وكم هو تجسيد ذلك ميدانيا مفيد لسكان قصـــــــور مزاب...."

. …Ce n’est pas tout ce que nous avons à dire sur l’hygiène telle qu’elle est pratiquée au Mzab. Il n’est pas de rue ou l’on ne trouve des cabinets d’aisances publics tenus dans le plus grand état de propreté. Chacun de ces endroits spéciaux est pourvu d’une fosse fixe dont la vidange est faite fréquemment. Le souci de la propreté est, même dans les cabinets d’aisances publiques. Poussé à un tel degré que les Mzabites les munissent de ce qui en France serait appelé papier hygiénique ; au Mzab ce sont de grosses boulettes ovoïdes en argile durcie .Non seulement les villes mais aussi les jardins de l’oasis possèdent des cabinets d’aisances à l’usage de tous...

-----------------------------

(1) Les conditions générales de la vie au Mzab. La médecine et les pratiques médicales indigènes / Joseph HUGUET./ Bulletins et Mémoires de la Société d'Anthropologie de Paris. article 1903

 تيشلاتين

Icon 09

Ticellatin ⵜⵉⵛⴻⵍⵍⴰⵜⵉⵏ

".. ليس هذا فحسب كل ما يمكن قوله حول النظافة الصحية المنتهجة بمزاب .إذ لا يوجد شارع لا توجد فيه مراحيض عمومية في غاية النظافة . و كل مكان من هذه الأماكن الخاصة تتوفر على حفرة ثابتة يتم تفريغها بصفة متكررة. و الحرص على النظافة حتى في داخل المراحيض العمومية دفع بالمزابيين إلى درجة تزويدها بما قد يسمى في فرنسا بالورق الصحي وفي مزاب هي عبارة عن كريات كبيرة بيضاوية الشكل من الطين الصلب . ولا تقتصر المراحيض العمومية على المدن فقط بل تنتشر أيضا في حدائق الواحة وبإمكان الجميع استعمالها...." .

المضحك المبكي في هذه النقطة بالذات أنه إلى غاية سنة 2018 لم تتمكن جل المدن الجزائرية المتحضرة ومرافقها العمومية أن تتجاوز مشكلة المراحيض العمومية ، فهي في الغالب منعدمة و إذا توفرت !!! فلا داعي للتحدث عن حالتها. و بدون خجل نقول أن التمدن و التحضر يبدأ من المراحيض و الجهلاء لا يهتمون ببيوت الخلاء.

شهادات المستكشفون الفرنسيون

Icon 09

هذه شهادات بعض الوافدين إلى مزاب حول ما عايشوه وشاهدوه بأم أعينهم في قصورها هذه المرة من أغرم ن إقرارن، أين وصل إليها في بداية شهر ماي من عام 1861م فريق من المستكشفين الفرنسيين في رحلة بحث واستكشاف جيولوجي شملت أيضا مزاب و وارجلان والمناطق السهبية لتحديد مواقع المياه الجوفية، فخيموا أمام أحد مداخل المدينة في الجهة الغربية وتجولوا في أرجائها وهذا من بين ما رواه أحد مهندسي الوفد حول ما شاهده بقصر القرارة :

« La nuit, les rues sont éclairées par de petites lampes à huile que les propriétaires des maisons placent dans des niches percées dans les murs ; cela dénote, chez les Mozabites, un certain amour du confortable, qui est prouvé du reste par la propreté de leurs maisons. Les Mozabites sont des gens fort intelligents, fort actifs, et qui s’occupent de commerce, d’agriculture et de travaux hydrauliques avec une très grande habileté… »(1)

" في الليل، الشوارع تضاء بقناديل زيت صغيرة يضعها أصحاب المنازل في كوات على شكل ثقوب في الجدران؛ وهذا يدل على ولع المزابيين بقدر معين من الرفاهية وقد ثبت ذلك من خلال نظافة منازلهم. المزابيون هم أناس أذكياء جدا وناشطون جدا ، يمارسون التجارة والفلاحة وأشغال الري بمهارة كبيرة جدا..."المزابيون أناس أقاموا نظام إنارة عمومية قبل أن يتوهج مصباح إيديسون بقرون وحبسوه على أنفسهم كوقف ينيرون به دروب و أزقة ومساجد قراهم؛ ومازالت عادة إنارن ن المولود التي حافظ عليها أبناء آت إزجن شاهدة على ذلك أين يتم نقل وجمع زيت المصابيح بالمسجد في مراسيم احتفالية فريدة.لم يكتف ذلك المهندس بهذا الإنطباع فقط بل أضاف وقال :
 

« Les Mozabites étant des hommes énergiques, laborieux, sobres, intelligents, et bien supérieurs, sous tous les rapports, aux nomades qui les entourent , nous pensons qu’après la description géologique du sol ingrat qu’ils ont vaincu par leurs rudes travaux… »(4)"

 
إن المزابيين رجال حيويون ، مجدون ، رصينون ، أذكياء و متفوقون كثيرا من كل النواحي على البدو الذين يحيطون بهم ، ونعتقد بعد الوصف الجيولوجي للتربة الفقيرة والغير معطاءة أنهم تغلبوا عليها بفضل أعمالهم الشاقة..."

------------------------------

(1)  Exploration géologique du Beni Mzab, du Sahara et de la région des steppes de la province d’Alger / M. VILLE ingénieur en chef des mines . 1867 

المصدر Bakir Bennacer

كلود موريس روبير

Icon 09

Claude Maurice ROBERT

كلود موريس روبير شاعر وكاتب فرنسي رحالة أمضى فترة طويلة من حياته متجولا ومتنقلا بين مختلف مناطق شمال إفريقيا خاصة في صحاريها، كتب مقالا عن مزاب بعد وصوله إليها من إحدى رحلاته التي استغرقت عدة أشهر في أقاصي الصحراء في ثلاثينيات القرن الماضي؛ فكان مقاله الذي طغى عليه الأسلوب الأدبي متفاعلا ومعبرا عن حالته الشعورية من الموقف آنذاك، يمكن أن نلمس ذلك من بعض فقراته التالية وقد حاولت الإحاطة بمعانيها بشكل تقريبي من خلال الترجمة التي تليه :

« Le Mzab! j'en rêvais à Alger dans les rues Randon et de la Lyre, qui sont le fief, là-bas des émigrés d'ici; j'en rêvais à Constantine; j'en rêvais à Tunis; j'en rêvais depuis dix ans. J'aspirais connaitre cette mystérieuse Chebka. Dans les filets de laquelle, avais-je lu et me disais-on, rebelle à toute influence moderniste du dehors, Se terrent les fanatiques tenants de la doctrine Ibadite.....
M'y! Voici, je regarde et je bée émerveillement. Une fois de plus je constate combien est fausse et injuste l'opinion si répandue " qu'une oasis ressemble à toutes les oasis "
Le Mzab est différent de tous ce qu'on n'a vu. Ce n'est pas le Djerid, ce n'est pas le Souf; ce n'est pas le Gourara ce n'est pas l'Aurès. Afrique aux cents visages. 
La première impression pour qui arrive en droite ligne de la frontière Soudanaise, du Hoggar et du Touat, où la vie est si lente qu'on peut la croire moribonde. C'est que le Mzab est un pôle rayonnant d'énergie vivante, dont les ondes nous soulèvent, nous roulent et nous exaltent ici, on vit. Ici le sang circule et bat dans les artères. Ici l'on est des hommes et non plus des momies. Ah! Que nous voici loin des léthargies Touarègues ! Le dépaysement si grand, si brusque qu'on doute d'être lucide; on croit rêver, on est halluciné, c'est un mirage encore...
Tant de boutiques, et si pleins d'objets brillants, lorsque durant des mois on a manqué de tout....
Toutes les images qui illustrèrent notre histoire sainte enfantine, tout ce qu'on a lu dans Virgile, dans Théocrite et Odyssée, tout cela est là, visages, costumes, attitudes, hommes et bêtes miraculeusement préservés pour la joie de nos yeux et étonnement de notre esprit »(1)
 
[مزاب حلمـــــــت بها بالجزائر العاصمة في شوارع "روندون" و " لا لير"معقلهم هناك ومهجرهم هنا، حلمت بها في قسنطينة، حلمت بها في تونس، حلمت بها منذ عشر سنين. كنت أتتوق لمعرفة هذه الشبكة الغامضة التي قرأت عنها وقيل لي أنها متمردة عن أي تأثير حداثي خارجي، تحصّن وتموقع فيها متعصبون من أتباع المذهب الإباضي.....

ها أنا ذا فيها أشاهدها وأنا مشدوه ومنبهر. مرة أخرى أكتشف كم كان خاطئا وغير عادل الإعتقاد السائد بأنها "واحة تشبه جميع الواحات"

إن مزاب تختلف عن كل ما رأيناه من قبل، ليست ببلاد الجريد وليست بسوف؛ ليست بقورارة وليست بالأوراس. إفريقيا ذات مئة وجه.

إن الإنطباع الأول لكل قادم إليها مباشرة من حدود بلاد السودان، الهقار وتوات حيث الحياة بطيئة جدا إلى حد الإعتقاد أنها تحتضر، أن مزاب هو قطب يشع بطاقة حية، موجاته ترفعنا - ترفع من هممنا- و تدفعنا وتحمسنا. هنا نحيا هنا، الدم يسري و ينبض في الشرايين. هنا نحن رجال ولسنا مومياوات. آه ها نحن هنا بعيدون عن خمول التوارق. الأجواء و المشاهد مغايرة تماما ومفاجئة جدا إلى درجة أن ساورنا الشك أننا أيقاظ وظننا أننا نحلم أو نهذي و أنه سراب مرة أخرى....

محلات تجارية كثيرة تعج بالسلع الرائعة، بعد أن كنا افتقدنا كل شيء لعدة أشهر...

كل الصور التي إرتسمت في تاريخنا الطفولي الطاهر، كل ما قرأناه حول Odyséeو Théocrite Virgileكل هذا حاضر هنا، وجوه، أزياء، مظاهر، رجال و دواب محضية بشكل عجيب لتصنع البهجة لنا و تبث في روحنا الدهشة".]

شهادات متنوعة لشخصيات متعددة وفي أزمنة مختلفة تصب معظمها في إتجاه واحدة وتتفق جلها مع ما سلف ذكره وبكل تأكيد هناك العشرات منها التي أجهلها؛ ليس الغرض من عرض مثل هذه الإنطباعات الإيجابية التباهي بها والإفتخار وإنما لاستخلاص الدروس والإعتبار، هي موجهة إلينا بالأساس لنستشعر منها مدى التيهان الذي نحن فيه الآن ونتخذها كبوصلة نضبط بها الإتجاه الصحيح لمسارنا لأننا فقدنا الكثير من تلك المقومات .. وحتى لا نسقط في فخ البكاء على الأطلال والمثاليات والمبالغات وأفلاطونيات الجمهورية الفاضلة، فإن اسلافنا لم يكونوا ملائكة بل كانوا بشرا ولم يخلو مشوارهم من النكاسات والنزاعات والأزمات بل كانوا يصيبون ويخطئون ويُوفّقون ويخفقون ولكنهم كانوا يحاولون في كل مرة تقويم أخطائهم وتجاوزها والتعلم منها وفي كل الحالات كانوا يحافظون على تلك القيم الفاضلة التي إرتقوا بها إلى سلوك وفعل جماعي وممارسة يومية جسّدوها في عمرانهم ونشاطاتهم الإقتصادية وذلك هو جوهر التمدن والتحضر.

-------------------------------------------------------------------------------

(1) - L'Afrique du nord illustrée : journal hebdomadaire/ Claude Maurice ROBERT - 1936
 
المصدر:Bakir Bennacer

شهادة بن خدة في جهاد المزابيين أثناء ثورة

charles V 2شهادة للمناضل : ابن يوسف بن خدة ، عضو لجنة التنسيق و التنفيذ لجبهة التحرير الوطني ، و رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة في جهاد الشيخ بيوض رحمه الله و المزابيين أثناء ثورة التحرير المباركة .

أنا الممضي آخره ، ابن خده بن يوسف ، عضو لجنة التنسيق و التنفيذ لجبهة التحرير الوطني 1956/57 م ، الرئيس السابق للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية 1961/62 م ، أصرح بالشهادة الآتية في الفقيد الشيخ بيوض ابراهيم بن عمر إمام الجماعة الإباضية الميزابية رحمه الله .

إن الشيخ بيوض ابراهيم قد وضع نفسه رهن اشارة جبهة التحرير الوطني طوال الحرب التحريرية .الشيخ بيوض ابراهيم

1-اجتمعت به شخصيا في ربيع 1956 م ، في القبة بمعية الأخ رمضان عبان رحمه الله ، و كان مع الشيخ بيوض الشيخ سليمان بن يوسف و الأخ اسماعيل سماوي رحمه الله التاجر في شارع مختار عبد اللطيف رقم 1 دكتور طرولار سابقا ، المناضل البارز في صفوف جبهة التحرير الوطني ، و باسم الجبهة خاطبنا الشيخ بيوض و طلبنا منه أن يضاعف مشاركة الميزابيين في العمل ضمن جبهة التحرير الوطني ، خاصة في ميادين التجنيد و المالية و مراكز الإيواء و الإتصال و البريد . و إذا خصصت بالذكر الجزائر العاصمة حيث مارست مسؤوليات ضمن لجنة التنسيق و التنفيذ فإن نتيجة ذلك الإجتماع كانت إيجابية بمضاعفة نشاط الميزابيين في عملهم الثوري ، و قد و جدت أنا شخصيا العون و المساعدة لدى الكثير من التجار الميزابيين .

على رأس هذه القائمة أذكر الأخ اسماعيل سْماوي الذي وضع تحت تصرف جبهة التحرير الوطني محله التجاري الموجود في 1 نهج عبد اللطيف دكتور طرولار سابقا . و على إثر ذلك اللقاء ضاعف الأخ سماوي جهوده و نشاطه و كذا أخوه أحمد و إبراهيم و كل الذين كانوا يعملون معهم في المتجر . و هذا المحل كان يرتاده أيضا أعضاء لجنة التنسيق و التنفيذ عبان ، ابن مهيدي ، كريم ، ابن خده ، دحلب و بعض مسؤولي النظام مثل الأخ الهاشمي حمو عضو الإتصال للجنة التنسيق و التنفيذ الذي استشهد تحت التعذيب سنة 1957 م ، و كثير من المناضلين المكلفين بالإتصال بين اللجنة و الولايات .

كان التجار الميزابيون من أخلص المساعدين الذين عملت معهم كانوا يتمتعون بجدية و وطنية فائقة ، فوجودهم داخل الحي الأوروبي قد سهل كثيرا مهمة لجنة التنسيق و التنفيذ ، خاصة عندما كان الأوروبيون في سنة 1956م ، لم يكتشفوا بعد نشاط اخواننا الميزابيين و انتماءهم إلى جبهة التحرير الوطني . كانت محلاتهم مراكز للبريد و مستودعاتهم للوثائق و المناشير و الجرائد و الأسلحة و الذخائر و مراكز للطباعة السرية و ملتقيات للمناضلين المطاردين من طرف الشرطة الاستعمارية ، نقلوا في سياراتهم الخاصة الأسلحة و الذخائر و مختلف الوثائق رغم الخطر الذي يتعرضون له ، فهم صورة ناصعة للمناضل الجزائري الوفي.

و إلى جانب اسماعيل سماوي أذكر ابن عيسى محمد و أخاه ابن عيسى حمو 21 شارع مصطفى فروخي ريشوليو سابقا ، الذي خصص دهليزه لطبع قرارت مؤتمر الصومام في خريف 1956م ، سعيد أحمد بن محمد ، و بابا عدون سليمان بن حمو 23 شارع محمد الخامس ، عمر جلمامي 29 شارع السيد مصطفى الوالي ديبيسي سابقا ، زرقون الحاج عبد الله 124شارع ديدوش مراد ميشلي سابقا بارك دوكالون ، سماوي باحمد بن بكير 16 نهج رضا حوحو كلوزيل سابقا الذي كانت داره مأوى و مركز الأعضاء في جبهة التحرير الوطني ، و باباعمي اسماعيل 57 نهج ديك دكار .

2 -و على إثر اتفاق إيقاف النار المبرم يوم 19 مارس 1962م ، بين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية و حكومة الجنرال دوقول طبقا لاتفاقيات ايفيان تشكلت هيئة تنفيذية مؤقتة لتسيير الإدارة الجزائرية إلى يوم الإستقلال فعينت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الشيخ بيوض ابراهيم عضوا ضمن مجموعة جبهة التحرير الوطني في الهيئة اعتبارا لوطنيته و لمواقفه أثناء الحرب التحريرية إذ كان على اتصال دائم مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في تونس، فكان مسؤولا على قسم التربية و الشؤون الثقافية في الهيئة التنفيذية المؤقتة .

كان الشيخ بيوض يعمل دائما بجد و إصرار لوحدة التراب الوطني رافضا بذلك كل محاولات فصل الصحراء عن بقية الوطن .

3 -أضيف أن الشيخ بيوض كان يسعى دائما لتوحيد الشعب الجزائري سواء في توجيهاته التربوية ، أو في دروسه العامة ، لم يأل جهدا في دعوة الإخوة الاباضيين إلى الإلتحام ببقية أفراد الأمة بمثل ترغيبهم في أداء صلاة الجماعة في المساجد المالكية بمختلف المدن و الأحياء لإحباط الفكرة الاستعمارية " فرق تسد " ، الشيء الذي لم يكن موجودا قبل عهده .

هدانا الله إلى صراطه المستقيم ووحد صفوفنا في الظروف العسيرة التي نجتازها ، و صلى الله و سلم على سيدنا محمد .

حرر بالجزائر في 9 رجب 1407 هـ/ 9 مارس 1987م.

الإمضاء: ابن يوسف بن خده .

 

المصدر موقع مجلس أعيان قصر غرداية

عبقرية نظام السقي في مزاب index

  • منشآت الري

    Icon 08

    يرتكز نظام تقاسم المياه في وادي ميزاب على مبدإ الاستغلال الكلي والعادل لمياه الأمطار وتوزيعها بدقة في كافة بساتين الواحة. ويشمل أيضا على أبراج ومنشآت تمكن من المراقبة الدائمة للسيول للوقاية من....

    اقرأ المزيد

  • نظام تقسيم مياه السيل

    Icon 08

    لقد تم إنشاء النظام التقليدي لتقسيم مياه الأمطار منذ سبعة قرون من طرف الشيخ بامحمد أبو سحابة سنة 1273م، وطوره بعد ذلك الشيخ حمو والحاج سنة 1707م. يقع هذا النظام بمشارف الواحة على بعد حوالي 4 كلم غرب قصر غرداية......

    تتجمع مياه السيل بطريقة طبيعية عبر حوض وادي ميزاب الذي يمتد مئات الكيلومترات بأعالي الوادي حتى وصول المكان المسمى "أملاقا" وهو نقطة التقاء وتجمع واديين هامين هما واد.........

    اقرأ المزيد

  • نظام تقسيم المياه لايتمزا تجنينت

    Icon 08

    نظام تقسيم المياه «لايتمزا» من المرجح أن يكون أول نظام لتقسيم المياه في وادي مزاب لوجوده في واحات العطف، حيث تعتبر الواحات الاولى بالمنطقة التي انشئتمع نشأة أول قصور المنطقة قصر العطف خلال القرن الحادي عشر الميلادي. والكلمة هي.....

    اقرأ المزيد

  • تقاسيم المياه والسدود

    Icon 08

    من طبيعة الصحراء ندرة الأمطار وعدم انتظامها في مواسم معينة ،وإذا ما نزلت طلا أو وابلا فإنها سرعان ما تجف و تتسرب في الرمال ،ولكي تمتلئ خزائن المياه السطحية في المنطقة ،فإن الأسلاف رحمهم الله تعالى ،بنوا سدودا تقليدية على طول مجرى الوادي في مختلف الواحات ،تتسع و....

    اقرأ المزيد

  • أهم الأودية التي تسقي واحات مزاب

    Icon 08

    واحة تغردايت تُسقی واحة تغردايت عن طريق ثلاث أودية، وهي وادي مزاب، وادي التوزوز، وادي أخلخال، وفي أعلى البساتين نجد سد بوشن وسد التوزوز روافده مهمتها تتمثل في توزيع المياه المتجمعة عن....



    اقرأ المزيد   اقرأ المزيد

  • محاضرة : منظومة تسيير مياه الأمطار .. تجربة بني يزقن



     اقرأ المزيد

 

  • السدود وتوزيع المياه بواد مزاب

    Icon 08

    هذه السدود والمواقع التي بنيت فيها، والمواد التي استعملت فيها، ومقدار الجهد الذي بذلوه في تشييدها، كل ذلك يدل دلالة صادقة على مقدار ما كانوا يتمتعون به من روح التنظيم والتضحية، ولقد كانت معلوماتهم الهندسية تقتضي أن يوائموا بين مجري الماء من ناحية وبناء المساكن في الغابات لئلا تتضرر هذه المساكن بسيل الأودية، وهذا...

    اقرأ المزيد

  • سدود واحات قصر تغردايت

    Icon 08

    عند امتلاء سد "بوشن" وعند استغناء واحات "بوشمجان" عن السيل يتم تحويل الواد إلى المجرى الكبير، إضافة إلى ما يحمله واد "أريدان" الذي لا ينسكب لا من ولا من الغرب وهو بين شعاب "بوشمجان" من جهة، وشعاب "التوزوز" من جهة أخرى من الناحية الغربية للضاية ومن الناحية الشرقية للتوزوز، ومياهه ضعيفة نوعا ما، ويسقي السدود التي ...

    اقرأ المزيد

  • مَانَشْ إِيتُّوزُونَا لَغْدِيرْ إِغْزَرْ نْ مْزَابْ؟

    Icon 08

    نظام تقسيم مياه السيل يعتمد على مبدأ الاستغلال الكلي والأمثل لمياه الأمطار وعلى التقسيم العادل لهذه المياه على مجموع الواحة. فيمكن حصر أدواره على أربعة مراحل.....

    اقرأ المزيد

  • معلومات مهمة من خبير (لاومنا) في السيول الخاصة بواد مزاب

    Icon 08

    ذكر انه السحاب الذي يطلع جنوبي شرقي إلى شمالي غربي خطير وهو كذلك بالنسبة للامطار التي تسقط في الشمال الغربي خطيرة على واد مزاب وهذا ما حدث في الكثير من الأحيان ففي سنوات الخمسينات وعلى ما يذكر في في سنة 1958 كان هناك فيضان بالواد دون أن تسقط قطرة مطر عندنا وكان في شهر أكتوبر بينما كان الفلاحون على جذوع النخيل يقطعون الغلال جأتهم المياه وكلها جليد وبرد (تبروري) فغمرت كل شيء وبقوا في أماكنهم لساعات طويلة. وعليه أرجو من الناس الذين يقطنون في مجاري المياه التفطن و...

    اقرأ المزيد

  • مهن قديمة بمزابْ وواقعها  حفر الآبار وخدمة النخيل

    Icon 08

    إنّ المهن تعزّز وجودها الضّرورةُ والحاجةُ، ويكثر طالبها لمعرفة علومها واكتشاف مكنونها ،وقد يزهد النّاس عنها إذا وجدوا بديلا أنسب لهم وأرفق لراحتهم وأخرى أيسر لقضاء أمور حياتهم ، فمن المهن السّائدة بمزاب قديما التي نشأ عليها الأجداد ، إشتغال النّاس بخدمة النّخيل وكذلك مهنة حفر الآبار وصيانتها لنزح الماء منها ، فالأخيرة باتت شبه....

    اقرأ المزيد

  • نزح الماء من البئر

    Icon 08

    يقوم الفلاّحون الميزابيون بالري عن طريق الآبار , التي تعتبر المصدر الوحيد , تقريبا , للمياه بوادي مزاب , و في ......

    اقرأ المزيد

  • كيف أنشئت آبار الواحات حول قرى مزاب

    Icon 08

    يكاد يُجمع الكتّاب الذين تحدّثوا عن مزاب أنّها واحة صناعية، وكلّ الواحات التي تكوّنت في الصحراء الكبرى من بسكرة والأغواط إلى أدرار وتميمون أنشئت على نقط طبيعية من الماء الحيّ، مثل بعض الأودية الغريزة أو عيون فوّارة، إلاّ واحات واد مزاب، فهي واحة من صنع البشر، فليس بها عين فوّارة ولا وادي مثل الواحات الأخرى، ولقد حفر سكّان القرى الخمس “أربعة آلاف بئر”، يتراوح عمقها بين ...

    اقرأ المزيد

 

 تقسيم المياه وادي ميزاب غرداية

 

السيول في غرداية 2017

 

فيديو نظام تقاسيم المياه بواحات تغردايت

للأستاذ: محمد بن أيوب الحاج سعيد الإلقاء باللغة المزابية
إضاءات 04 معالم أعلام وادي مزاب مؤسسة الضياء سلسلة حلقات تاريخية عن بعض معالم وادي مزاب وأعلامه

 

 

ALGERIE, RETOUR AUX SOURCES vallée du M'zab 

 

 مياه واد زقرير بالقرارة

 

 
 

 

عدوان بوشوشة على مزاب

عدوان بوشوشة على مزاب

Icon 09في الرابع سبتمبر من عام 1871 مساء وبمدخل واحة آت إزجن من الناحية الجنوبية وصل المدعو بوشوشة(1) بجيشه وخيّم هناك استعدادا للهجوم على مزاب ، وقد قدم من ورجلان –التي سقطت بين يديه منذ فترة قصيرة - منتشيا بانتصارات حققها فـــــي مناطق عدة ، فزحف إلى مزاب على رأس 600 مقاتلا من مهاري لمخادمة و شعانبة بروبة (2) و بعض من قبائل الصحراء ، و قد أقام ثلاثة أيام بمتليلي أين جمع مبلــــــغ 2000 فرنك وتدعم جيشه بمحاربين إضافيين – حيث وضع كل فرع من أعراش هـذه المدينة من 06 إلى 10 فرسان تحت تصرفه كتعبير عن الولاء له ، وكانت أخباره قـد سبقت وصوله إلى مزاب حيث سارع ممثلو القصور الخمسة إلى عقد اجتماع طارئ بمصلى باعبد الرحمان الكرثي وقرروا دون تردد مواجهة المعتدين بالقوة أينما حلوا دون أي تفاوض معهم ، فأعلنت التعبئة العامة و نودي في الناس بالجهاد المقدس للدفاع عن عرضهم و أرضهم و لينتقموا أيضا لإخوانهم الذين قتلوا في ورجلان على يد هذا المعتدي و نهبت و أحرقت جميع محلاتهم هناك بأمر منه(3) ، فتدفق الناس من كــــــل قصر حاملين أسلحتهم و عصيهم وكل ما يمكن التصدي به للعدوان يتقدمهم العزابــــــة و العوام متجهين إلى مكان مرتفع بنواحي آت إزجن يسمى دبدابة اتخذوه كنقطة تـــلاق و انطلاق لمواجهة العدو ، وكان بشوشة قد أرسل إليهم اثنين من فرسانه يطالبهـــــــــم بالاستسلام ودفع فدية ضخمة و تسليمه عددا من الرهائن كضمان ودليل علــــــــــــى خضوعهم لسلطته ، فكان ردهم حازما و حاسما مشيرين إلى أسلحتهم وقوتهم ، فـــأدرك عندها بوشوشة أن المزابيين مصرون على مواجهته و مستعدون لخوض حرب حقيقيـــة معه قد تكلفه غاليا ، فاضطر إلى التراجع و الانسحاب و اكتفى بإمهالهم شهر و ثلاثــــة أيام للاستسلام ، وقفل راجعا من حيث أتى ، وكأي عصابة و أو قطاع طرق لم يشـأ أن يعود فارغ اليدين فيظهر في مظهر المهزوم أمام أتباعه بورجلان، فقام بتقسيم جيشه إلى ثلاثة مجموعات ، مجموعة أولى مكونة من 270 نفرا و 15 فارسا أرسلها إلى منطقة تاجرونة حيث سطوا على 7 قطعان من أغنام سكانها و مجموعة ثانية من 300 مقاتل وجهها إلى ناحية شمال الشبكة أين استولوا فيها على 10 قطعان من أغنام تعود ملكيتهـــا لمزابيين من آت إبرقان و تغردايت بينما بقي هو مع 150 من محاربيه منتظرا بمنطقــــة زلفانة إلى أن التحقت به المجموعتان بعد إتمام عمليتيهما ليعود بعدها إلى ورجلان.

 

Icon 09خطّ أهالي تغردايت رسالة إلى ممثليهم في مدن التل يعلمونهم فيها بتفاصيل محاولة الهجوم الفاشلة لبشوشة و جيشه مباشرة بعد الحادثة وطلبوا منهم تلاوة مضمونها على كافة اخوانهم المتواجدين هناك و تم تداولها على نطاق واسع ، وقد وقعت نسخة منها بين أيدي السلطات الفرنسية مما سمح بنشر مقتطفات منها في مصدر فرنسي قديم ، وحسب رأيي إن لم أخطئ هي أقدم وثيقــــــة تتناول هذا الموضوع وهذا بعض ما ورد فيها من فقرات حرفيا تليها محاولة لترجمتها إلى العربية4:

« …Un cavalier des Beni-Isguène, nommé Youcef-Serar, vint ensuite nous annoncer que le prétendu chérif, le perturbateur, le pervers, était descendu dans les palmiers des Beni-lsguène. Les gens de Ghardaïa étaient déjà, réunis, car les dispositions du perturbateur démontraient qu’il venait réellement pour attaquer ; il y eut à la koubha de Ba-Abderrahmane une réunion générale des gens de tous les ksours du Mzab ; ils ‘y prirent l’engagement d’agir d’un commun accord pour le combattre, n’importe où il camperait.

«Dès que le cavalier Youcef eut annoncé la présence du susdit dans les palmiers des Beni-Isguène, les gens de Ghardaïa firent entendre les sons de leur musique guerrière, tambours et musettes, et, avec leurs drapeaux, ils se rendirent aux environs de Edebdaba.

Le drapeau des Azzaba était blanc, celui des laïques de Ghardaïa était rouge, et celui des Medabih (Arabes sunnites) était vert ; c’est vous dire qu’il y avait trois drapeaux. On choisit ensuite les gens qui, les premiers, marcheraient contre le perturbateur, et, pour cela, six cents hommes d’entre les plus vaillants furent désignés. A leur tête marchaient les Azzaba .

«Les Azzaba récitaient à haute voix des hymnes sacrés et les prières de sanctification ; ils appelaient sur les prophètes les bénédictions divines, car il n’y a de force et de puissance qu’en Dieu ; il est le Très-Haut, il est le Suprême. Et les clercs disaient à tout le monde : « Sachez que vous allez combattre licitement, pour protéger vos femmes, vos enfants, vos biens, vos personnes, et cela au nom de la religion. » …. O adorateurs de Dieu ! C’est ici le plus noble des djehad, Dieu vous aidera à vaincre !

«Après avoir laissé des gardes aux portes de la ville et sur les remparts notre colonne se mit en marche, les Azzaba en tête avec leur drapeau blanc, et ensuite tous les combattants, et, derrière, la musique.

«Lorsque nous arrivâmes à hauteur d’Edebdaba des Beni-Isguène, nous fûmes rejoints par les contingents de Melika, Bounoura, El-Aseuf, Beni-lsguène, chacun ayant

son drapeau, etc. »

"...... أقبل فارس من آت إزجن يدعى يوسف سرار ليعلن لنا خبر نزول المتمرد المدعو الشريف (بشوشة) إلى أجنة آت إزجن ، و سكان تغردايت كانوا قد تجمعوا - متأهبين قبل أن يصلهم الخبر – لأن كل التحركات السابقة لهذا المغامر توحي بأنه جاء وهو عازم على شن هجوم حقيقي ، و سبق أن عقد اجتماع عام بقبة (مصلى) باعبد الرحمان الكرثي لأهالي كافة قصور مزاب أخذوا فيه على أنفسهم عهدا في اتفاق جماعي أن يحاربوه في أي مكان يحل فيه. و ما ان أداع الفارس يوسف نبأ تواجد هذا العدو بواحة آت إزجن حتى بدأت تسمع بتغردايت طبول الحرب تقرع و تعزف المزامير و تتعالى أصوات رجالها بالأهازيج و الأناشيد الحماسية رافعين أعلامهم يهمون للتوجه إلى ناحية الدبدابة ، العزابة برايتهم البيضاء و العوام برايتهم الحمراء و المذابيح برايتهم الخضراء - أي أنه كانت هناك ثلاثة رايات. بعد ذلك تم اختيار600 رجل الأكثر بسالة ليكونوا في الصفوف الأمامية عند مواجهة العدو يتقدمهم العزابة الذين كانوا يرددون بصوت عالي الأذكار و الأدعية و الصلاة على الأنبياء ( " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " ، "الله أكبر"، ".... ) ، و خطبوا أمام الجميع بما يلي- : " إعلموا بأنكم ذاهبون لقتال مشروع تدافعون فيه عن نسائكم و أطفالكم و ممتلكاتكم و أهاليكم بإسم الدين..... يا عباد الله هنا أشرف الجهاد و الله بعونه سينصركم .

بعد وضع حراسة على أبواب القصر و فوق أسوارها شرعت وحداتنا في السير و العزابة على رأس المحاربين برايتهم البيضاء .وعند وصولنا إلى مرتفع دبدابة بآت إزجن انضم إلينا مقاتلون من آت مليشت و آت بنور و تجنينت و آت إزجن كل فرقة برايتها الخاصة بها....

 

عبر الأستاذ أبو اسحاق(4)

في النص نلمس قيما اجتماعية هي سر النجاح في دحر المغامرين الملاعين، فمنها «الوحدة» فالقصور جميعا مشغولة بالأمر، ومستعدة له أتم الاستعداد، ومنها «الإعلام» فهناك طبول تقرع في القصر الواحد، ومزامير تعزف وأهازيج تنشد، وهي وسيلة للفت نظر الجميع ليسأل عما يحدث ويتحمس أيضا! ومنها «النظام» فهناك رايات تنظم التحرك، ليعتمد كل فريق على نفسه في التنظيم، ويعرف دوره مع الآخرين، ومنها «القدوة» فالعزابة الذين هم في القيادة والتوجيه أيام السلم هم في قيادتهم وتوجيههم أيام الحرب أيضا! ومنها «الكفاءة» فالحرب لها رجالها، ولابد أن يتقدموا الصفوف، أخذا بأسباب النصر! ومنها «اليقظة» الدائمة فخروج المتطوعين للقتال، لا يعني ترك القصور وأسوارها وأبراجها دون حراسة، ومنها «الاستعانة بالله» بالأذكار والأدعية، فمهما كان التجهيز والأخذ بالأسباب، فالله وحده يعلم بقوة العدو، وهو وحده من يسد نقص الفئة المؤمنة المستضعفة!4

مقتطفات من هذه الوثيقة التي تتضمن الرد

Icon 09وثيقة أخرى تعود إلى ما قبل سنة 1902 من بين ما تضمنته باختصار رد المزابيين على رسالة بشوشة التي طالبهم فيها بالخضوع و الاستسلام و جاء فيها مايلي : " لن نعترف بسلطتك و لن نستسلم لك أبدا وإذا لم يكن معك ما يكفي من الذخيرة الحربية فإننا على أستعداد لإمدادك بالبارود و الرصاص بالكميات التي تكفيك " وقْع هذه الكلمات على بشوشة جعلته يعود أدراجه وينسحب خائفا دون أن ينطق بكلمة ".

يُذكر أن بشوشة وهو في طريقه لمهاجمة مزاب التقى بمنطقة النومرات بالمدعو سي الزبير (5) - الذي كان على تواصل مع المستعمر - وعقد معه اتفاق تحالف هو أقرب لصفقة منه لشيء آخر، حيث زوجه سي الزوبير احدى قريباته التي هي بنت احد زعماء أولاد سيد الشيخ - من نسب الاشراف كما يزعمون - غصبا عنها و دون رضاها بالمقابل عيّن بشوشة سي الزبير آغا على ورجلان التي هي تحت سيطرته و تمت مراسيم الزواج في حينها بمتليلي ، كان بشوشة يرمي من وراء هذا الاتفاق كسب ود اتباع سي الزوبير بورجلان وهم كثيرون و محاولة استمالة أولاد سيد الشيخ الذين لهم نفوذ يمتد الى إن صالح حتى يتمكن من اللجوء اليها لانه يعلم جيدا ان الفرنسيين سيسيطرون عما قريب على ورجلان و على كل المناطق المجاورة لها وهو ما حدث فعلا بعد ثلاثة أشهر فقط (6)

صورة ناذرة للمدعو بشوشة

Icon 09 بعد خيبته و فشله بمزاب عاد بشوشة مصطحبا معه سي الزوبير الى ورجلان بعد ان التحق به رجاله الذين استولوا على قطعان الماشية بتاجرونة و شمال مزاب ، و أقيم للآغا المعين ( سي الزوبير) عند وصوله استقبال حافل من قِبل السكان ، ومن بين الذين جاؤوا لاستقبال بشوشة الشريف محمد بن عبد الله (7) و الناصر بن شهرة .

و دون أن ندخل في تفاصيل تحركات بوشوشة بعد ذلك و التي تميزت بالكر و الفر و الاغارات و التحالفات و الانشقاقات لانها - ليست موضوعنا ولا علاقة لها بمزاب - نكتفي بذكر نهاية مغامرته التي كانت في 31 مارس 1874 على يد أحد حلفاء الفرنسيين و بأمر منهم وهو السعيد بن دريس (8) بمنطقة الميلوك جنوب إن صالح ، إذ ألقي عليه القبض و هو جريح بعد انهزامه في تلك المعركة ، - يُشار هنا الى أن غالبية أتباعه من الشعانبة انقلبوا عليه و تخلوا عنه بمجرد ان وضعت السلطات الفرنسية يدها على ورجلان - أُقتيد بشوشة بعد ذلك الى ورجلان ثم الى قسنطينة ليمثل أمام مجلس الحرب هناك في محاكمة سنحاول في المنشور القادم سرد بعض مجرياتها...

 

 

فقرات من مضمون الرسالة

Icon 09 محاكمة بوشوشة:

في بداية الأمر تمت إحالة بوشوشة على مجلس الحرب بالجزائر العاصمة ليمْثل أمامه لأن وارجلان أُلحقت حديثا بقسمها العسكري غير أنه في آخر المطاف تم تحويله إلى قسنطينة على اعتبار أن الوقائع التي قام بها بتقرت قد تم النظر فيها سابقا من طرف مجلس حرب هذه المدينة فأوكل له مهمة إتمام محاكمته في جميع القضايا المتصلة به. وقد أنكر بوشوشة مسؤوليته عن جميع الأعمال المنسوبة إليه أمام مجلس المحاكمة و صرح أنه في جميع الحالات أو الظروف التي مرّ بها كان مجرد سلوقي – كلب الصيادة - الذي أطلقه الصياد على الطريدة:

« déclara qu’en toutes circonstances pouvant nous intéresser il n’avait été que le sloughi lancé sur le gibier par le chasseur ».

و أوضـــح أيضا أنه إذا كان قد قبل بهذا الـــــدور فلأنه صدَّق بما قيل له أن فرنسا قد انتهت و أنها لا شيء ، و تداول على عارضة محكمة مجلس الحرب الكثير من الشهود من ممثلي الأهالي من مختلف المدن و الجهات التي طالتها يد بشوشة و كانت كل شهاداتهم ضده و من بين الشهود ممثل عن وادي مزاب يدعى حمو بودعاس ، و قد طعن بوشوشة في أقوال جميع الشهود وقال بأنهم مخادعون و يسعون فقط لمصالحهم الشخصية و لم يكونوا أبدا أوفياء و استثنى منهم ممثل مزاب وقال أنه ليس لديه ما يقوله ضد شهادة هذا الشخص أو ضد من يمثلهم .

و أدرك بوشوشة بعد ذلك أن أيا من أقواله أو حججه لن تُقبل و لن يعتدّ بها وهو ما دفعه إلى إظهار آثار الجروح البليغة التي شوهت رقبته و جسمه وقال " أنا لا أخشى الموت و أعلم أنكم ستدينونني و أنتم محقون في ذلك فلقد تعرضت للسرقة و الخيانة و محاولة الإغتيال و النفي من أولئك الذين خدمتهم - ويقصد هنا أنه خُدع من طرف الذين تحالف معهم - ولم يبقى لي إلا أن أموت و أنا مستعد لذلك و ليس لي شيء آخر أقوله لكم فارحموني وعجلوا بإعدامي .

دامت مدة محاكمته 15 يوما و بقي ثلاثة أشهر في السجن قبل أن ينفذ فيه حكم الإعدام يوم 29 جوان 1875 على الساعة الخامسة صباحا في معسكر بضواحي قسنطينة يسمى:

"Camp des oliviers"

 

معلومة إضافية :

يبدو أن السلطات الفرنسية قد قدمت بعض التعويضات المالية للأشخاص الذين سرقت ماشيتهم من طرف بشوشة و أتباعه بمزاب ، حسب ما جاء في مضمون رسالة قديمة صدرت عن رئيس مكتب الأهالي للأغواط النقيب ديرون بتاريخ 16 أفريل 1873 أين طلب فيها من بعض الأشخاص المذكورين بالأسماء المجيء إلى الأغواط لاستلام المبالغ المالية أو يوكلوا من ينوب عنهم ؛ من المحتمل جدا أن تكون هذه التعويضات مندرجة ضمن بنود معاهدة الحماية لسنة 1853 . 

------------------------------------------------------------------------------------

الهوامش

(1)  محمد بن تومي بن ابراهيم المدعو بوشوشة ولد في الغيشة بجبل عمور حكم عليه في عدة قضايا بتهم السرقة والسطو أولها سنة 1862.

(2)  شعانبة بروبة هم الذين استوطنوا بورجلان

(3) أحداث مأساوية وقعت بورجلان بعد سقوطها بيد بوشوشه في مارس 1871 قتل و نهب و حرق في حق المزابيين

(4)Sala AbouIsha

(5) سي الزوبير ولد سي بوبكر من أولاد سيد الشيخ ( شقيق الخليفة سي حمزة) آغا ورجلان من 1854 الى غاية نهاية 1861 تمت تنحيته لاسباب صحية ليعيده بشوشة لمنصبه توفي سنة 1879 بڨورارة

 (6) تمكن الفرنسيون من السيطرة على ورجلان في 2 يناير 1872 بقيادة الجينرال دولاكروا

(7) الشريف محمد بن عبد الله الذي سانده المزابيون في معركته ضد الفرنسيين بالاغواط و أنقذوا حياته و هربوه الى ورجلان

(8)السعيد بن دريس شقيق آغا ورجلان الحاج محمد بن دريس الذي عينته فرنسا

المصدر منشورBakir  Bennacer

عشائر وألقاب بني مزاب

  • العشيرة في وادي مزاب ماضيا وحاضرا

    Icon 07إنّ الله تبارك و تعالى يعلن بصريح العبارة : { يَا أّيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثَى, وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا, إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ, إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } إنّ أمر الله صريح في.....
    تعريف العشيرة المزابية 
    التأصيل الشرعي لنظام العشيرة 
    نبذة تاريخية عن نظام العشيرة في وادي مزاب 
    نظام العشيرة حاليا 
    مجلس العشيرة  ...


    اقرأ المزيد

  • عدد العشائر وألقاب العائلات في كل قصر

    إسم البلدة أغرم عدد العشائر عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    العطف تاجنينت 07 63 06
    القرارة تيڤرارا 09 185 20
    بريان برڤان 08 118 26
    بنوره آت بونور 06 33 05
    بني يزڤن آت يزجن 15 196 62
    غرداية تغردايت 20 308 49
    مليكه آت مليشت 05 58 07
    ور ڤلة وارجلان 03 64 12
    مجموع العشائر وألقاب العائلات 73 125 187
  • قائمة عشائر وعائلات مدينة القرارة (ئڤرارن)

    إسم العشيرة عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    آت بنورا 06 00
    آت مليكا 28 00
    آت ؤبالا 38 05
    آت بولحيا 14 05
    آت جهلان 17 00
    آت حدو ن براهيم 05 02
    آت علاهم 46 05
    آت كاسي ن ناصر 14 01
    أت مرزوڤ 14 02
    المجموع 09  185 20
  • قائمة عشائر وعائلات مدينة بريان (برڤان)

    إسم العشيرة عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    أت نشاشبا وأت يونس 21 06
    آت باناصر 13 05
    أت بلفع 10 00
    أت بونورا والعطف 23 07
    آت حل عينهم 08 01
    آت عابو 16 01
    آت عفافرا 11 06
    آت عمي سعيد 16 00
    المجموع 08 118 26
  • قائمة عشائر أو قبائل مدينة ورڤلة (وارجلان)

    أولاد الحاج سعيد أولاد  بن فضة
    أولاد الحاج معيز أولاد  بومعقل
    أولاد  بابنو أولاد  تمينه
    أولاد  بابشه
    (بابا حمو)
    أولاد  عبد العزيز
    أولاد  بافلح أولاد  عبد الله
    أولاد  فقيه بن داود  

  • قائمة عشائر وعائلات قصرغرداية  (تغرديت)

    إسم العشيرة عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    آت حمادا 14 00
    آت فخاخرا 01 00
    آت حاج مسعود 19 03
    آت امحمد أو بعزيز الله 32 07
    آت امحمد أو بعزيز بالله 01 00
    آت نشاشبا 32 05
    آت باحمد 26 01
    آت باخا 07 05
    آت بالحاج 41 01
    آت  خفيان 03 00
    آت  عبد الله 13 02
    آت  عفافرا 20 04
    آت  علوان 15 01
    آت  كاسي والحاج 09 00
    آت  محرز 16 00
    آت  مكيس 10 02
    آت  نعاليف 06 03
    آت  نوح لله الله 04 01
    آت  نوح لله بالله 04 00
    آت يونس 35 14
    المجموع 20 308 49
  • قائمة عشائر وعائلات قصر العطف (تاجنينت)

    إسم العشيرة عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    آت الحاج 07 00
    آت لمخارج 11 04
    آت بكه 10 00
    آت جلملم 09 00
    آت حريز 06 00
    آت خلفي 11 02
    المجموع 07 63 06
  • قائمة عشائر وعائلات قصر بنوره (آت بونور)

    إسم العشيرة عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    آت بادي 04 01
    آت باكير 03 01
    آت بهون 04 01
    آت داود 01 00
    آت سبع 11 00
    ىت عبد الله 10 02
    المجموع 06 33 05
  • قائمة عشائر وعائلات قصر بني يزڤن (آت يزجن)

    إسم العشيرة عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    آت سماعيل 11 02
    آت فضل 13 04
    آت باحمد 07 03
    آت باسا ن صالح 09 01
    آت باكلي 08 06
    آت باحمد 38 19
    آت بوفارا (بابوهون) 01 01
    آت بوهريرا 03 00
    آت بويحي 03 01
    آت خالد 29 07
    آت دودو 12 02
    آت عدون ن براهيم 07 01
    آت عدون ن عيسى 18 04
    آت قاسم ن عمر 06 04
    آت وينتن 31 07
    المجموع 15 196 62
  • قائمة عشائر وعائلات قصر مليكه (آت مليشت)

    إسم العشيرة عدد ألقاب العائلات عدد ألقاب العائلات المنقرضة
    آت بني خليل 24 02
    آت خفيان 08 01
    آت علوان 07 00
    آت مطهر 08 02
    آت ويرو 11 02
    المجموع: 05 58 07

01 

 

علماء إباضية من بني هلال وكتامة

علماء إباضية من بني هلال وكتامة

إذا ذكرنا جنايات تاريخية لبني هلال العرب أو لكتامة البربرية فلا يعني ذلك أنهم أعداؤنا , هذا تاريخ فقط , و عندنا علماء إباضية من بني هلال و كتامة نعتز بهم أمثال سالم بن ذكوان الهلالي الذي كان ضمن الوفد الاباضي الذي زار الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز لتهنئته و نصحه , و له مخطوط فقهي في مكتبات عمان , و عندنا أبو ستة محمد بن عمرو السدويكشي الكتامي من علمائنا الكبار الذي شرح مسند الربيع بن حبيب

قال الشيخ مبارك الميلي : " من بطون كتامة سدويكش " تاريخ الجزائر 2/ 217

و إذا ذكرنا جنايات المعز بن باديس الصنهاجي فلا يعنى أن صنهاجة عدوة لنا و يوجد عندنا في مزاب من له أصول صنهاجية , و جاء في كتاب مبارك الميلي : " بمزاب لماية و أخلاط من صنهاجة " 2/214

و الشيخ متياز يقول أن آت مليكش الصنهاجيين هم من مؤسسي مدينة مليكة .

و نسبت إليهم تسميتها .

و إذا كان العنصر الزناتي هو الغالب عندنا فلا نزكي زناتة على الإطلاق , فقد كان زناتيو الشمال يغيرون على سدراتة و وارجلان مثل بني هلال , لأن السدراتيين كانوا أثرياء و لأن سدراتة كانت تشكل سوقا تجاريا عظيما تجتمع فيه سلع السودان الغربي و سلع الجزائر و الأندلس مما يغري الصعاليك من كل الأجناس

التاريخ متشابك و الحروب قامت على أسس مختلفة اقتصادية و سياسية و قبلية و دينية...

.

بقلم Med EL Berrian 

غار أجلو

غار أجلو

Icon 09Ifri n ajlu

ⵉⴼⵔⵉⴰⵊⵍⵓ

غار أجلو هو الغار الذي أسس فيه الشيخ ابو عبد الله محمد بن بكر بن أبي بكر الفرسطائي رحمه الله ت (440هـ) نظام العزابة سنة 409 هـ لذا يعرف بالغار التسعي، واتخذه معهدا لطلبته العزابة وتخرج من هذا المعهد كل مشائخ الإباضية المغاربة في القرن الخامس الهجري ويعرف بغار أجلو أو غار أجلو الشرقية ويوجد في بلدة تين يسليⵜⵉⵏⵢⴻⵙⵍⵉأو ما يعرف ببلدة تين باما طوسⵜⵉⵏⴱⴰⵎⴰⵟⵓⵚوهي بلدة أعمر حاليا بجانب (تڤرت). وتعرف كذلك قديما بمدينة أجلو الشرقية(1).

 

هذا الغار لا يزال إلى حدّ الآن في آجلو «بلدة اعمر» وهو على شكل سراديب ينزل إليها الإنسان مقسمة إلى غرف من صنع الإنسان، يحيط بها كثبان من الرمال من جميع الجهات حيث قبر الشيخ ويزار الآن باسم سيدي السائح لكثرة تجواله(2).

خلاف غار آجلو أو غار التسعي يوجد(3):

   1   غار أمجماج في جربة الذي ألف فيه ديوان الأشياخ.

    2   وغار بني أجاج بورجلان ورقلة .

   3   وغار أبي العباس ميمونبن أحمد المزاتي من علماء الطبقة 12 ( 600/550 ) 1203/1155م

  4    وغار صال أبي خليل الدركلي من علماء (ق3 هـ/9م) بجبل نفوسة

   5    وغار جبل أبي العباس ببني يزجن .

كل هذا عن غيران المغرب إما عن إباضية المشرق ففي البصرة :

  6  غار أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي عل ضاحية البصرة. وهو المعهد الذي نشر من خلاله المذهب الإباضي في المغرب الكبير والمشرق الاوسط فتخرج منه حملة العلم المغاربة الخمسة وحملة العلم المشارقة الخمسة في النصف الأول من القرن الثاني الهجري.

 

(1) (3)منقول بتصرف يسير  Bayuod Dabouz 

(2) الحيـاة العلمية بمنطـقة أريـغ للدكتور عمر بن لقمان حمو سليمان بوعصبانة

 

صور غار آجلو

 بعدسة الأستاذ Belgacem Abderrazak 

 

فيديوهات لغيران أخرى  فى منطقة صحراوية فى غرب جلال ولاية بسكرة

بعدسة الأستاذ Belgacem Abderrazak   

يقول الأستاذ بالقاسم عبد الرزاق المسجد بربري محلى حتى لا اجزم  بانه اباضي فليكن محلي جزائري،  تمنيت ان ينتبه الى الامر اركيولوجي اباضي ببساطة لان الجامعة الجزائرية لا تدرس خصائص العمران الاباضي البربري الافريقي الا كملامح عامة...

الزخارف ذات الاشكال الهندسية الحادة البسيطة تؤكد محلية المكان.لا زالت كهوف مجاورة لم يدخلها الناس ، ان لم يثبت انه مسجد اباضي فقد يكون من المعابد الدوناتوسية

المكان يقع تماما على خط اليمس الروماني....

  

 

فيديوهات المزاب الثورة

فيديوهات المزاب الثورة

قضية فصل الصحراء عن الشمال الجزائري ودور الشيخ إبراهيم بيوض

منتدى الجابرية السادس عشر في موضوع: سياسة فرنسا في قضية فصل الصحراء عن الشمال الجزائري ودور الشيخ إبراهيم بيوض والعلماء والمشايخ منها

فضيلة الدكتور : محمد الأمين بلغيث أستاذ بقسم التاريخ جامعة الجزائر 

يوم الأحد 16 رجب 1434هـ الموافق لـ 26 مـاي 2013 م

La politique de la France dans le cas de la séparation du nord du Sahara algérien et le rôle des œufs Cheikh Ibrahim, les scientifiques et les chefs religieux, y compris

 

 

فيديو الدكتور ابراهيم ترشين شهيد برتبة طبيب

 

 

 

 

مشاركة الميزابيين في الثورة (الشيخ بيوض)

 

الجزء الثاني من حديث الشيخ بيوض عن الوطنية والثورة

في عرس ابناء الشيخ سليمان بن الحاج داوود بن يوسف  سنة 1963

 

 

بني مزاب و المقاومة الوطنية الجزائرية

طرح اطروحة تخرج لنيل شهادة ليسانس في التاريخ حول مشاركة المزابيين في المقاومة الوطنية من قبيل الاحتلال الى الحرب العالمية الاولى

وذالك بدعوة من التلفزيون ااجزائرية (القناة الامازغية)

قيمة العمل عند المرأة المزابية

قيمة العمل عند المرأة المزابية(01)

Icon 07

لقد أثرت قساوة الطبيعة الصحراوية الصخرية إيجابا على سلوك المزابيين، فصار العمل عندهم، قيمة تلازمهم طول الحياة، فعلى كل فرد في المجتمع أن يكد ويتعلم حرفة تدفع عنه الفقر، وتعلمه الاعتماد على النفس وعدم انتظار المساعدة من الغير. لذلك فإن من ضمن ما تتعلمه البنت منذ صغرها إلى جانب شؤون البيت المختلفة نسيج الزرابي والألبسة الصوفية، والخياطة وغيرها، فالبنت مطالبة بنسج أفرشة بيت الزوجية، وإن لم تقم بذلك عد عليها منقصة وضعفا، كما عليها أن تنسج وتخيط لباس زوجها وأولادها، وأن تكون المفروشات التقليدية لبيت استقبال الضيوف من صناعة يدها، كذا الأطباق المختلفة التي تقدم للضيف وإلا عدت ناقصة ولا تستحق لقب ربة بيت.

"لقد كان اقتصاد المنطقة يتعاون على حمله كلا الجنسين، فبينما يظل الرجل في بستانه مُكابداً لقساوة الطبيعة وصادا لغارات البدو، كانت المرأة في منزلها تغزل وتنسج، علاوة على قيامها بشؤون البيت المعروفة."

فإلى عهد قريب كان النسيج في مزاب، يمثل موردا رئيسا في توفير حاجة المزابيين من الملبوسات الصوفية، والفائض منه يتم مقايضته بالمادة الأولية وبعض المواد الغذائية التي يأتي بها البدو للبلد كالسمن والقمح وغيرها، وكانت المرأة هي سيدة هذا القطاع الإنتاجي بلا منازع، وكانت يديها تدر ذهبا، إذ ذكرت التقارير الاستعمار الفرنسي أن قيمة ما تنتجه النساء المزابيات من المنسوجات الصوفية في القرن التاسع عشر الميلادي، تقدر بما يقارب 70 ألف قطعة سنويا، ﺑ 20 فرنك فرنسي للقطعة الواحدة، وكانت حوالي سبعة آلاف امرأة مزابية تشتغل في النسيج بالبيت، بقوة إنتاجية تساوي 10 قطع سنويا للمرأة الواحدة.

إلى جانب قيمة الإنتاج الذي تمتاز بها المرأة بمزاب فهي تمتاز أيضا بقيمة الاقتصاد في المعيشة وترشيد استهلاكها، فلا يسمح بالتبذير بكل مظاهره، والاستهلاك يكون فقط على قد والأم هي الحارس الأول والضابط لهذا السلوك، حيث تنشئ عليه أبناءها الذين سيعيدون إنتاج نفس الأنماط الاجتماعية؛ فيصبح العمل وتقديسه، والحرص على الاقتصاد ونبذ الإسراف عادة، وخاصية نمط عيش، مبني على الاكتفاء الذاتي والتكيف مع معطيات الحياة مهما كانت، إلا أن تطور الحياة وما شهدته أنماط المعيشة من تحولات عميقة، لم تبق للمرأة ذلك الدور الاقتصادي كما كان.

-------------------------------------------

(01) nir-osra.org

مؤتمر لا إله الا الله ودوره في الحياة الاجتماعية للمزابيين

مؤتمر لا إله الا الله ودوره في الحياة الاجتماعية للمزابيين(01)

Icon 07المؤتمر النسوي لا إله إلا الله:

هو عبارة عن لقاء سنوي للنساء الإباضيات في قرى واد مزاب تحت إدارة وإشراف هيئة الغاسلات ومعِيناتهن بصحبة المرشدات الصالحات اللائي لهن نصيبهن من الثقافة والمعرفة.

ينعقد في فصل الربيع من كل عام في المدن الخمس بالتناوب، أما مدينة القرارة وبریان فتعقِدانه منفردتين كل على حدة، وهذا بسبب بعد المسافة بين كل منهما وبينهما والمدن الخمس البعيدة، ولكن يبدو أنه يمكن للمدينتين أن تنظما المؤتمر مع المدن الأخرى نظرا لتوفر وسائل المواصلات، وظروف الإيواء الأمر الذي كان صعبا قبل هذه الفترة، فانضمامهما للقرى الأخرى لا شأن أنه يحقق فوائد كبيرة، ونتائج حسنة.

2.سبب تسمية المؤتمر بلا إله الا الله:

إنها تسمية تدعو إلى التساؤل فما الداعي إلى اختيار جملة التوحيد التي صارت عنوانا للمؤتمر؟

قيل أن امرأة في زمن غابر بــ " مليكة " سمعت مولود ما يردد دعوة الشر لوالديه، فاستفسر أولياؤه شيخ المسجد في الأمر، فنصحهم بتأليه الله سبعين ألف مرة، فذكر كل ولي من أولياء المولود الله ألف مرة، فسكت المولود ودعا لوالديه بالجنة. ومهما يكن أمر هذه الأسطورة فإن هذا المؤتمر يُتوَّج افتتاحه ويختمه بترديد "لا اله الا الله".

3.برنامج ومحطات المؤتمر:

يفتتح هذا المؤتمر في" روضة الشيخ عبد الرحمن الكرثي" الكائنة بسفح جبل مدينة مليكة، واختيار المكان حسب ما يبدو راجع إلى مناسبة سكن عالم مليكة في الحكاية السالفة الذكر، أو ربما للعادة المتعارف عليها منذ القديم من إمامة إمام مدينة مليكة للصلاة أثناء اجتماع مجلس عزابة القصور، ولإحياء ذكرى الشيخ عبد الرحمن الكرثي. وفي المقبرة بالذات، للتذكير بالآخرة وما ينتظر الإنسان من حساب على أعماله حتى تكون كل خطوات الحاضرات وأعمالهن لوجه الله لنيل سعادة الدارين.

ينعقد في فصل الربيع من كل عام، وغالبا في النصف الأخير من شهر ماي. يفتتح فيه بدعاء الاستفتاح وتلاوة سورة الفاتحة وبعض سور القرآن الكريم.

هذا اللِّقاء يعتبر تمهيدا يُناقش فيه جدول تنظيمي لبقية الأيام في القرى الأخرى من طرف هيئة غاسلات كل قرية فيناقشن المسائل المستجدة والطارئة على ضوء الدين والأخلاق والسلوك العام. ويتخذن إجراءات أساسية بعد استعراض الحالة الراهنة للمرأة الإباضية في ميزاب وما طرأ عليها من تحديات وإغراءات وفتن في دينها ولباسها، فيحددن جدولا لأيام اللِّقاءات حتى تتهيأ كل مدينة لاستقبال النساء الوافدات إليها زرافات ووحدانا.

يستغرق اللِّقاء يوما کاملاً منتظما لتلاوة الذكر الحكيم والتوجيه والتذكير وتوزيع الصدقات تتخلله فترة استراحة لأداء الصلاة.

بعد أسبوع من هذا الاجتماع التمهيدي تبدأ الملتقيات في أيام الاثنين و الخميس، ابتداء من مدينة غرداية واختتاما بالعطف، يفتتحن الملتقيات بتلاوة سورة من القرآن الكريم فسلسلة من الأذكار وترديد: "لا إله إلا الله" - ألف مرة - فيُسبحن ويذكرن الأذكار كثيرا، ثم يلقين کلمات توجيهية في الوعظ والإرشاد والتحامل على البدع المستحدثة. وبعد الغذاء تنصرف النساء كل إلى دارها للصلاة ويرجعن بعد العصر لسماع القرارات حول عوائد الأعراس والمآتم. ثم يفترقن بالدعاء والتهليل، وهذا دون التدخل في كل ما يرتبط بالأعراس في كل قرية، ولكن يركزن على محاربة الإسراف والتبذير والعادات السيئة والبدع الضارة بالأسرة والمجتمع ومقاومة ما يقوم به الاستعمار من محاربة المسلمين.

4.دور مؤتمر لا إله إلا الله:

يبدو أن أهم دور لعبه هذا المؤتمر منذ ابتدائه هو تقوية الإيمان بالله، وتقوية أواصر الأخوة الإسلامية، وإشاعة روح المحبة والمودة بين المجتمع النسوي ليحسسن بالتضامن، وتضافر جهود النساء لمقاومة البدع الضالة، وتوعيتهن بشؤون دينهن، وتوجيه العائلة إلى ما فيه صلاحها الدنيوي والأُخروي، فتمكنت بذلك من المحافظة على المجتمع أمام كل الأساليب التي كانت تقوم بها فرنسا وما تركته من رواسب، والحذر من مغريات الدنيا.

أخيرا، لمجالس الغاسلات أثر بارز في المحافظة على الدين ولا ينكر هذا إلا جاحد مغرض.

 ---------------------------------------

(01) رسالة تخرج "نظام العزابة" صالح بن عمر سماوي ص149 - 150

المصدر nir-osra.org

مامة نسليمان مواقف بطولية

c 7

مامة بنت سليمان واحدة من 12 امرأة اشتهرن بمواقف بطولية في العالم 

القيادية ماما ن سليمان أفردت لها الكاتبة البلجيكية إيميلي ماري غواشون كتاب الحياة الانثوية(النسوية)في مژاب.

LA VIE FEMININE AU MZAB ÉTUDE DE SOCIOLOGIE MUSULMANE 

Amélie Marie  GOICHON

PRÉFACE DE WILLIAM MARÇAIS 

رابط تحميل الكتاب  Pdf

 الجزء الأول 

 الجزء الثاني

رابط تحميل الكتاب  Text

 الجزء الأول 

 الجزء الثاني

 

c 7زعيمة وعالمة من عشيرة أولاد يونس بغرداية

باباز مامة بنت سليمان بن ابراهيم” - بَبَّاز: ينطق بالتفخيم-ولدت خلال سنة (1208هـ/1863م). أخرجها الله إلى الوجود في مدينة “غرداية”، وأسلم الباري روحها إليه (1350هـ/1931م). نشأت في جو عائلي مؤمن محافظ ومتفتِّح، وتربَّت تربية إسلامية رفيعة شأن اهتمام العائلات الإباضية المتشبِّثة بإيمانها وعقيدتها وعاداتها وتقاليدها الإسلامية الصحيحة. تعلَّمت القراءة والكتابة بإتقان.

حفظت نصف القرءان الكريم عن ظهر القلب، فهي شغوفة بتعلُّم دينها وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين والمجاهدات المسلمات العفيفات الطاهرات وعلوم الشريعة ومبادئ اللغة العربية ونحوها وصرفها ومبادئ المذهب الإباضي وعقائده وفقهه. حفظت عقيدة التوحيد وحفظتها وعلمتها.

تأثرت بالمؤلفات الإباضية فدرستها فكانت لها نبراسا تستضيء بها وتنوِّر غيرها في المجامع والحلقات.. فصيحة باللسان العربي المبين واللهجة البربرية والكتابة بها، شيوخها كثيرون منهم: الشيخ “الحاج بابكر مسعود القاضي”، والشيخ “بهون بن موسى” والشيخ “باحماني المليكي” والشيخ “أحمد دادي واعمر” وعن زوجها الشيخ “يعقوب الغرناوت” وابنها “الحاج بكير بن عمر موسى واعلي

 أخذت مبادئ الفقه واللغة عند الحاج بحماني المليكي، وعند بوهون أوموسى، ، أكملت دراستها على يد زوجها الأوَّل يعقوب عرنوث، وكانت تعتمد على مؤلَّفات القطب امحمَّد ابن يوسف اطفيش في الإفتاء.

ومن نشاطاتها العلمية تنظيمها لدروس أسبوعية، وأحياناً تنظِّم درسا إلى ثلاثة في الأسبوع، تفسِّر فيها أحكام الدين ومعاني القرآن الكريم باللغة الميزابية للنساء.

ولها مراسلات عديدة مع الشيوخ العلماء.

c 7يقول عنها الشيخ أبو اليقظان في كتابه «فذات الإباضيات»: «قمر تدور حول فلكه نجوم ثواقب في سماء غرداية، مصدر العلم والنور والمعرفة... قلعة الأمر والنهي، رهيبة ترتعد منها فرائس العصاة والفسَّاق».وقد اعتبرها صاحب كتاب ثورات النساء في الإسلام: واحدة من اثنتي عشرة امرأة اشتهرن بمواقف بطولية في العالم

اهتمت بمناصرة مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما حلَّت وارتحلت، وتطبيق مبدأ الولاية والبراءة دون خوف أو وجل ولا تخاف في الله لومة لائم، اهتمت بإصلاح ذات البين، يستشيرها “العزاية” والأعيان ويحاورونها في المسائل الدينية والاجتماعية والثقافية من وراء حجاب، لها أعوان من النساء في غرداية وقرى الوادي يسترشدن بها ويطبقن تعاليمها ويحاربن الفساد والجمود، انتهجت طريقة الكفاح السلمي ضد الاستعمار الفرنسي لما غزا ميزاب بجيوشه (1882) ومقاطعة المنتوجات الفرنسية وتشجيع الصوف ونسج الملابس الصوفية فكانت أسبق من “غاندي” في الكفاح السلبي.

فجهادها في الحقل الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي ثري ومتنوع، لم تبخل بما لديها لخدمة الإسلام والمجتمع دفاعا عنهما يتفان وإخلاص، وبكل ما أوتيت من قوة، مستغلة مواهبها وعلمها وأوقاتها من أجل ذلك. متفانية في تعليم المجتمع النسوي وتوعيته وترشيده متحمسة لتبصيره وتثقيفه مخلصة في توجيهه، فتحت منزلها كمدرسة لتعليم القرآن الكريم وأحاديث

 تولَّت رئاسة عزابيات غرداية بعد مامة بنت بلحاج سنة 1905م، وترأَّست مؤتمراً كبيراً من مؤتمرات «لا إله إلاَّ الله». وهو مؤتمر دعويٌّ لنساء بميزاب يعقد سنويا.

قادت مواجهة اقتصادية ضدَّ المستعمر الفرنسي في المنطقة، فحرَّمت على النساء اقتناء بضائعه، وحرَّمت حتَّى الحديث بلغته.

وكانت قراراتها تأخذ صفة القانون، وتطبَّق في جميع قرى وادي ميزاب، خاصَّة القرارات التي تصدرها في المؤتمر.

ماما بنت سليمان تنعزامت نوغلان



المصادر:

أبو اليقظان: فذَّات الإباضيات (مخ) 23

أبو اليقظان: ملحق السير مخ

فخار حمو: رسالة فيها تراجم مشاهير النساء بغرداية (مخ) 2

جوردون بيرون:ثورات النساء في الإسلام

علي معمر: الإباضية في موكب التاريخ، ح4/584

الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب، 177

أعوشت وكروم: مسلمات، 100.

راس النعامة عمر: نبذة من حياة مامة بنت سليمان، (مخ)، كلُّه.

العزابة ودورهم في المجتمع الإباضي بمزاب للأستاذ: صالح بن عمر اسماوي صفحات: 488-489

Goichon: La vie feminine au MZAB, 1/221-237 , 2/244-258.

مجلس باعبد الرحمان الكرثي

عبد الرحمن الكرثي المصعبي الشهير ( با عبد الرحمن ) ق: 6هـ / 12م 

c 7

مجلس باعبد الرحمان الكرثي(1)

الكرثي بضمّ الكاف وراء ساكنة وثاء مكسورة ممدودة.

المجلس الذي اتّخذ من روضة باعبد الرحمن الكرثي في بلدة مليكة بمزاب الجزائر، مقرًّا له، فسمي نسبة إليه، ويلتئم كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

ومجلس الكرثي تمثيلي، يضمّ ممثلي هيئات العزَّابة في قرى مزاب ورؤساء الجماعات والأعيان، ويمثل كلَّ قرية ثلاثةُ أعضاء باستثناء مدينة غرداية التي يمثّلها ستة أشخاص.

ينعقد هذا المجلس لغرض التقنين والتنظيم والبتِّ في النوازل والمستجدات الاجتماعية والسياسية التي تمس علاقة المزابيين بالدولة الجزائرية. ويُراعي في قراراته مصلحة الأمّة في إطار الشرع الحنيف.

ولم نقف على تاريخ نشأته وتأسيسه، إلا أن أقدم وثيقة له تعود إلى سنة 807هـ/ 1405م، ولا يزال هذا المجلس يمارس مهامه إلى اليوم؛ فهو الذي يقرر مرشح المنطقة للانتخابات ويبت في القضايا السياسية المستجدة، غير أن قراراته السياسية لا تحمل دومًا طابعا إلزاميا، بقدر ما هي ذات طابع إعلامي وتوجيهي للرأي العام المزابي.

 

باعبد الرحمان الكرثي(2):

من علماء وادي مزاب في القرن السادس الهجري، لعلَّه تتلمذ على يد الشيخ أبي العباس أحمد بن محمَّد بن بكر.

كما يعدُّ من المعمِّرين الأوائل للمنطقة، كان ينشط في مليكة، حتَّى صارت منارًا للعلم يقصدها الطلبة من جميع قرى وادي مزاب. له مصلًّى لا يزال قائمًا قبلة قرية مليكة، وفيه كانت تعقد جلسات المجلس الأعلى لمزاب، كما تقام فيه المؤتمرات الدينية النسوية المعروفة بمؤتمرات [لا إله إلاَّ الله]

وببني يسجن قبيلتان تنسبان إليه هما: أولاد خالد، وأولاد يدَّر.

 مجلس الكرثي هو مجلس يمثل السلطة الاجتماعية العليا لمزاب ، فلقد أنشئ ليكون حلقة الإتصال بين المجالس الاجتماعية العرفية، ويوحد الكلمة فيما يحدث من المسائل السياسية الاجتماعية .

المجلس الذي اتّخذ من روضة باعبد الرحمن الكرثي في بلدة مليكة بمزاب الجزائر، مقرًّا له، فسمي نسبة إليه، ويلتئم كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

ومجلس الكرثي تمثيلي، يضمّ ممثلي هيئات العزَّابة في قرى مزاب ورؤساء الجماعات والأعيان،ويمثل كلَّ قرية ثلاثةُ أعضاء.

ينعقد هذا المجلس لغرض التقنين والتنظيم والبتِّ في النوازل والمستجدات الاجتماعية والسياسية التي تمس علاقة المزابيين بالدولة الجزائرية. ويُراعي في قراراته مصلحة الأمّة في إطار الشرع الحنيف. ولم نقف على تاريخ نشأته وتأسيسه، إلا أن أقدم وثيقة له تعود إلى سنة 807هـ/ 1405م، ولا يزال هذا المجلس يمارس مهامه إلى اليوم؛ فهو الذي يقرر باسم قرى وساكنة مزاب في موضوع الانتخابات ويبت في القضايا السياسية المستجدة،وتعتبر قراراته ذات طابع إعلامي توجيهي للرأي العام.

 

المراجع:

• نوح عبد الله: النظم التقليديَّة، 284.

• خواجة عبد العزيز: الضبط الاجتماعي، 141.

• Daddi Adoun, Y. : Institutions traditionnelles, 73 – 90, 91.

• Merghoub Belhadj: Développement politique, 154.

المصدر : 

(1) موقع taddart.org

(2) مقتبس من منشور في الفايسبوك للفاصل  Hadj Slimane

 

 

مراحل نضج التمر

بعد تأبير النخلة "أسيجل او اجّال"

Icon 09

1 بارير : ما ينتج بعد فعل "ابرر" وهو التأبير 

2 تاغيوت : تاداليت ول تويشي 

3 تورشيمت : تواششا مي توضاد س تازدايت تاداليت 

4 أوتشيض : بسي يوو بسي تاغيوت

5 آملاو :غي مانشي توو أي تولو 

6 أينيو آكبور : يتوسكرم باجو 

7 ألبوز : اي لهوير

في حالة عدم  تأبير النخلة " ول يسيجل او ول توجيل"  نحصل على 

أداون : ول تواججل

ملاحظة : الترقيم في الصورة لا يتسق مع الترتيب في القائمة

 

 

جدول يوضح مراحل نمو التمر:

 

 

التسمية بالمزابية   التسمية بالعربية التعريف

بارير 

الخلال
بداية تشكل البلح ، مباشرة بعد التلقيح

أداون

الشيص بضم الماء

البلح  الذي لم يلقح ، ينمو ولا ينتج ثمرا، يكون بنوات ضعيفة لا تنبتيجفف ويقدم للحيوان ، أو يوضع في مكان دافئ ويغطى حتى يطيب. ( وهو ماسمي بالميزابية آشمان فيأكله الإنسان عند الأزمة أو الإحتياج.

تورشيمت

الرمخ بسكون الراء البلح الذي نضج بفعل حرارة التربة أو البخار... في أيام زمان ، كان يؤكل لوحده كخضرة ، أو يأكل مع الطعام الكسكسي وهو ما يسمى ب " أوشو د تورشيمت "

أجرضوم 

البسر البلح عندما يدخل مرحلة النضج ، فيتغير لونه إلى الأحمر أو الاصفر

تاغيوت

البلح لونه أخضر

أنكير

التدنوب تمر بدأ يطيب أسفله

أتشيض

المتجزع تمر طاب إلى مستوى النصف

أملاو

الرطب تمرة ناضجة حديثا ،  لا معة غير منكمشة لإحتوائها على نسبة عالية من الماء

أينيو

التمرة تمرة كاملة النضج ، منكمشة ومركزة صالحة للتصبير التقليدي في خزان التمر " باجو " المبنى في زاوية الحجرة المخصصة لقوت العيال

تيني

التمر التمر بصفة عامة وبجميع أنواعه

 

 

 -------------------------------------

المرجع: كتاب السيدة عائشة عوف "وصفات جدتي من صيدلية النخلة"صفحة 05

مرتكزات الإباضية الفكرية

استمد الإباضية فقههم من المصادر نفسها التي استمدت منها المذاهب الفقهية: "القرآن، السنة، الإجماع، القياس، والاستدلال"، واستخدموا نفس طرق الفقهاء في استنباط الأحكام، وإن كانوا قد استندوا في بعض آرائهم إلى أحاديث وردت عن طريق أئمتهم لم تثبت عند علماء الحديث؛ حيث يرون أن أحاديث الآحاد توجب العمل فقط، ولا يحتج بها في العقائد، فوافقوا بذلك المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم.

  1. تخطئة التحكيم.
  2. عدم اشتراط القرشية في الإمام.
  3. صفات الله ليست زائدة على ذاته بل هي عين ذاته.
  4. امتناع رؤية الله سبحانه في الآخرة.
  5. أن القرآن حادث غير قديم ومخلوق لله سبحانه.
  6. أن الشفاعة لا تنال أهل الكبائر، وإنما هي تسرّع المؤمنين بدخول الجنة.
  7. أن مرتكب الكبيرة كافر نعمة، لا كافر ملّة.
  8. وجوب الخروج على الإمام الجائر.
  9. التولي لأولياء الله والحب لهم، والبغض لأعداء الله والبراءة منهم، والوقوف فيمن لم يعلم فيه موجب الولاية ولا البراءة.
  10. اختلف الإباضيون في إثبات عذاب القبر، فذهب قسم منهم إلى إنكاره موافقين بذلك سائر فرق الخوارج. وذهب قسم آخر إلى إثباته.
  11. وقد اعتدل الإباضية في مسألة القدر ووافقوا أهل السنة، فأثبتوا القدر خيره وشره من الله تعالى، وأن الله خالق كل شيء، وأن الإنسان فاعل لأفعاله الاختيارية مكتسب لها محاسب عليها، وبهذا المعتقد صرح زعمائهم كالنفوسي.
  12. عقيدة الإباضية في استواء الله وعلوه فإنهم يزعمون أن الله يستحيل أن يكون مختصًّا بجهة ما، بل هو في كل مكان. وهذا قول بالحلول وقول الغلاة الجهمية، ولهذا فقد فسر الإباضية معنى استواء الله على عرشه باستواء أمره وقدرته ولطفه فوق خلقه، أو استواء ملك ومقدرة وغلبة، وإذا قيل لهم: لم خص العرش بالاستيلاء والغلبة؟ أجابوا بجواب وقالوا: لعظمته، وقد خرجوا بهذه التأويلات عن المنهج الشرعي إلى إعمال العقل واللغة بتكلف ظاهر مخالف للاعتقاد السليم والمنطق والفطرة.
  13. كما أنكر الإباضية الميزان أنكروا كذلك الصراط، وقالوا: إنه ليس بجسر على ظهر جهنم، وذهب بعضهم- وهم قلة- إلى إثبات الصراط بأنه جسر ممدود على متن جهنم.
  14. ويجيز الإباضية التقية خلافاً لأكثر الخوارج.
  15. 15-إنكار جواز المسح على الخفين، وأن الصلاة لا تجوز إلا بغسل الرجلين.
  16. انفردوا بقولهم: إن الركعتين الأوليين من الظهر والعصر يُقرأ فيهما بفاتحة الكتاب فقط، خلافا لجميع المذاهب، التي ترى قراءة سورة مع الفاتحة.
  17. ذهبت الإباضية إلى عدم إجازة الآتي: "القنوت في الصلاة، رفع الأيدي في التكبير، تحريك السبابة عند التشهد، الجهر بكلمة "آمين" بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، وزيادة "الصلاة خير من النوم" في آذان الفجر.
  18. قولهم: إن مرتكب الكبيرة كافر، ويفسرون بأن معناها كفر النعمة، هذا في الدنيا.. أما في الآخرة فيرونه مخلدًا في النار.
  19. وينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم، ويقولون: إن صفات الله هي عين ذاته، وأن الاسم والصفة بمعنى واحد، كما أنهم يؤولون صفات الله الخبرية كالاستواء والنزول والمجيء، وكاليد والوجه والعين والنفس.

مقال: الإباضية.. النشأة .. التاريخ.. والواقع

منقول من موقعhttp://www.islamist-movements.com

مزاب وأصل التسمية

  • أصل كلمة آت إيغرسان إيغرس

    Icon 07
     إيغرسان مفردها إيغرس وهي البئر العميقة  يطلق على البئر تسميات مختلفة باللغة الأمايغية والتسمية الشّائعة لدى المزابيين هي كلمة «تيرست» وهناك مصطلح ىخر وهو «إيغيرسان» ومفردها «إيغيرس» ومعناها البئر العميقة وهي مشتقة من كلمة «أرسان» بالبربرية التي لها نفس المعنى أي البئر ولقد أشار البكري إلى هذه التسمية في ذكر الآبار المنتشرة في بلاد المغرب حيث قال: «,,,وهي آبار كثيرة مبنية من خشب العرعار ,,,, وتسمّى بالبربرية أرسان,,» وهناك مصطلح «خطّارَ» وهي تطلق على البئر في...

    اقرأ المزيد
  • بين كلمة مصعب و مزاب

    Icon 08
    (... كان تلامذة أبي الربيع سليمان بن يخلف (ت: 471هـ/1078م) من أهل سوف وأريغ ووارجلان ومزاب وقسطيلية حلقوا على أبي محمد في تين زراتين...)
    { ما يهمنا في هذا النقل أكثر هو ورود تسمية "مزاب" بهذا الرسم دون مدٍّ بعد الياء، وأيضا بالزاي لا بالصاد، وهذا يقضي على فرضية تحول الصاد إلى الزاي، كما تتناقل الكثير من المراجع، وتعلل ذلك بميل البربر إلى...

    اقرأ المزيد

  • مضاب أو مصاب؟

    Icon 07

    مضاب أو مصاب -كما يذكرهم ابن خلدون- وهو الأدق، ومصاب جد للميزابيين، وقد أبدلت صاده زايا فقط، فقيل مزاب، وهذا أولى من التمسك بتأويلات معرّبة، في حين إن أهل المنطقة أمازيغ اللسان!...

    اقرأ المزيد

  • أيهم الأدق ميزاب أم مزاب؟

    Icon 07
    الإسم الحقيقي للمنطقة و للوادي و للشعب هو : مْـزَابْ و ليس : مــــيـــزاب ، فالصواب  مْزاب ، و ليس ميزاب ، فعند إضافة ال التعريف تنطق بكسرة فقط و ليس بياء : الــــــمــِــــزابي...

    اقرأ المزيد
  • هل ميزاب نسبة للفعل زاب ؟

    Icon 09

    أصل تسمية الوادي عربية جاءت من الفعل زاب، نقول :زاب الماء أي جرى  المعجم العربي الأساسي مادة زاب 
    لفظ ميزاب اسم آلة وزوب الماء أي انحداره وانصبابه كالميزان آلة الوزن...

    اقرأ المزيد

  • هل ميزاب نسبة إلى ميزاب الكعبة ؟

    Icon 08

    أما ما استدل به الشيخ القطب رحمه الله من أن لفظ ( ميزاب ) أصله ميزاب الكعبة و القصة التي حدثت للإمام الإباضي أبو بلال مرداس بن حدير حينما كان يدعو تحت الكعبة فسقطت عليه قطرة من الميزاب ، إلخ ، فهذا مردود من عدة جوانب :

    أولا: أن الشيخ اطفيش...

    اقرأ المزيد

  • أيهما أسبق بن خلدون أم  الدرجيني ؟!

    Icon 08
    ومن دون تردد؛ فـ "مزاب" أسبق؛ فهي الأقرب لما ذكره ابن خلدون في نسب البربر لولا التحوير، والدرجيني قبله حافظ لنا على الأصل، وإذا سلمنا أن البربر -السكان الأصليين لهذه البلاد- يصعب عليهم النطق بالعين، فنقول: إن تسمية "بني مصعب" تعريب لـ "مزاب"، وقد نفترض وقوع ذلك من أحد مشايخ العلم، فهو قد كيّف التسمية البربرية وفق ثقافته العربية الجديدة؛ لملاحظة الشبه في النطق، وربما حتى...

  • رأي الاستاذ حواش عبد الرحمن في  أصل كلمة آت مـژاب

    Icon 07
    هذه التسمية "ات مڑاب" مكونة من كلمة "زاب" وحرف "م" أجدادنا كانو سيتعملون حرف "م" في مكان حرف "ن" وهو حرف الجر "من" يعني "من زاب" لحد اليوم امازيغ ورقلة يستعملون حرف "م" في مكان "ن" مثل "ايخف م وغلاد" ايضا "تستيت م ومان" اذا "م" موجودة في "ات مزاب" اصلها "ن مزاب" فما هو "زاب" ومن اين اتت الكلمة ؟

    "زاب" بالشاوية يعني الهضبة (التل) وهي الاراضي...

    اقرأ المزيد
  • أصل كلمة مزاب مصاب أو زاب أو ميزاب؟

    Icon 07
    هذه أصحاب الثقافة العربية عندنا يقولون بتفسير ابن خلدون و مبارك الميلي أن مزاب نسبة إلى مصاب بن بادينأما المتكونون في الثقافة الفرنسية فيرجح بعضهم تفسير موزوبي و ....

    اقرأ المزيد

مزايا البربر

  • قول الشاعر المزابي مفدي زكرياء حول الأمازيغ

    Icon 07

    صـمود الأمـازيـغ عبر القـرون*** غـزا النيرات و راع النجوما
    فـكم أزعـجوا نائبـات الليـالي*** و كـم دوخوا المـستبد الـظلوما
    سـلوا طبـرية يـذكر تبـيريـوس*** تيـكفرنـاس يوالي الهـجوما
    ثمـان سنـوات يصـارع رومـا*** فـدق الـمسامير في نعش روما



    اقرأ المزيد

  • مزايا الرجل البربري

    Icon 08

    كان الرجل البربري مثالا في الشجاعة والإقدام، ونهاية في الصبر والتحمل، وغاية في حب العمل والنشاط. فجو بلادهم المعتدل جعلهم على النشاط لا على الفتور، وعلى حب العمل لا على حب الراحة، ومع الأمانة التي خلقتها فيهم النفسية العلمية والاعتداد بالنفس، وحب الكمال الذي جبلهم عليه احترامهم لأنفسهم وغرامهم بالعلو والحسن في كل الأشياء...


    اقرأ المزيد

  • مزايا المرأة البربرية

    Icon 07

    المرأة البربرية تمتاز بكثير من المزايا العظمى التي خلقتها فيها بيئتها الطبيعية والاجتماعية. إنها ابنة مجتمع يحترم المرأة ويبجلها، ويعرف لها مكانتها، ويعطيها كل حقوقها، وسليلة مجتمع يهوى الحياة الاستقلالية فيطبع أبناءه منذ نعومة أظفارهم على الاعتماد على النفس، والثقة بها، لا تفنى المرأة في الرجل متكلة كل الاتكال عليه...


    اقرأ المزيد

  • تمسك البربر بشخصيتهم

    Icon 07ثبات البربر على مبادئهم، وتمسكهم بالفهم. إنهم امة قوية الشخصية، معتدة بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها بنفسها متمسكة بشخصيتها وتقاليدها، وتقلد، ولا تسارع إلى نبذ ما ألفته، ولا تأخذ بالجديد حتى تتيقن أنه أحسن من القديم الذي عندها. لذلك لم يسارع البربر إلى الإسلام حتى تأملوه، وعرفوا حقيقة، وتيقنوا انه هو مفتاح السعادة، وسبب النجاح، فاقبلوا عليه، ورسخوا فيه رسوخ جبالهم، وثاروا على كل الملوك المسلمين الذين يخرمون أصوله في السياسة، ويعاملون رعاياهم بغير العدل الذي أمر الله به...


    اقرأ المزيد

  • امتزاج العائلة الرستمية بالمغرب وتغلب الدماء البربرية فيها

    Icon 07

    ما نسب افلح وأبنائه وأحفاده وما دماؤهم؟ إن بعض المؤرخين المحدثين قد نظر نظرةبسيطة إلى العائلة الرستمية فجعلهم أجانب في المغرب، وجعل البربر والدولةالرستمية المغربي ينظرون إلى افلح وأبنائه والعائلة الرستمية على أنهم أجانب عنهم،غرباء فيهم. لهذا آخرنا هذه النقطة التي تجلو دماء افلح ووراثته، ووراثة عائلته من بعده...


    اقرأ المزيد

  • الدين الإسلامي العظيم ومزجه وتوحيده بين الشعوب

    Icon 07

    إنه ولو لم تتغلب الدماء البربرية على الدماء الفارسية في العائلة الرستمية، فان الدين الواحد، وهو الدين الإسلامي العظيم الذي تتمسك به العائلة الرستمية كل التمس، ويتمسك به البربر تمسكها ليجعلهم شيئا واحدا في الأخلاق والاتجاه، فيمتزجون امتزاج النور بالنور، ويصيرون عنصرا واحدا لا فرق بينهم في شيء...


    اقرأ المزيد

  • ثناء ابن خلدون على البربر

    Icon 07

    قال العلامة ابن خلدون:  [وأما تخلق لبربر بالفضائل الإنسانية، وتنافسهم في الخلايا الحمية، وما جبلوا عليه من الخلق الكريم، مرقاة الشرق والرفعة بين الأمم،وسبب المح والثناء من لخلق، من عز الجوار، وحماية النزيل، ورعي الذمم، والوفاء بالقول والعهد ! والصبر على المكارم، والثبات في لشدائد، وحسن الملكة، والأعضاء عن العيوب، والتحافي عن الانتقام، ورحمة المسكين، وبر لكبير، وتوقير أهل العلم، وحمل الكل، وكسب المعدوم، وقرى الضيف، والإعانة على النوائب، وعلو الهمة، واباية الضيم،ومشاقة الدول، ومقرعة الخطوب، وغلاب الملوك، وبيع النفوس لله في نصر دينه، فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف عن السلف، لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم. وحسبك ما اكتسبوه من ميدها، واتصفوا به من شريفها، ان قادتهم إلى مراقى العز، وأوفت بهم على ثنايا الملك، حتى علت على الأيدي  أيديهم، ومضت في الخلق بالقبض والبسط أحكامهم


    اقرأ المزيد

  • مزايا التاريخ الوطني

    Icon 07

    ان تاريخ أجدادنا هو الذي يؤثر فينا أكثر، فيجب الاعتناء به، والاعتماد عليه في تربيتنا في البيوت والمدارس والمجتمع؛ أما تاريخ من عاشوا في ارض غير أرضك، وكانوا من غير جنسك، يحملون وراثة غير وراثتك، فقد يوحي إليك هذا بأنك لا تستطيع ما استطاعوا، لأنهم في بيئة طبيعية غير بيئتك، وأورثتهم قوى ومواهب لا تكونها فيك بيئتك، وأنهم من جنس قد يخيل إليك انه أرقى من جنسك، وعلى وراثة كونت فيهم مواهب خاصة قد لا تخلقها فيك وراثتك، فلا يطمح المرء كل الطموح ليصل غاياتهم، ولا يثق بنفسه كل الثقة فيسير في طريقهم، ويتغلب على عقباتهم، فيصل مثل ما وصلوا...


    اقرأ المزيد

  • أسباب انقراض الدولة البربرية الكبرى

    Icon 07

    أننا إذا نظرنا إلى عمر الدولة البربرية الكبرى التي أنشأها نارفاس وكانت عاصمتها قرطة لا تعجب  لموتها. فهي قد استوفت عمرها، وعاشت ما يعيش أمثالها من الزمن لقد عاشت نحو ثلاثة قرون. ولكننا إذا نظرنا إلى شبابها وقوتها أيام زوالها، نعجب لذلك ونحكم بموتها سريعا. ان فيها من الطاقة والشباب ما يمسكها في الحياة قرونا أخرى من الزمان. ان الهدوء والهناء الطويل، والانغماس في الملاذ والشهوات، والركون إلى الراحة والكسل، هذه العلل الفتاكة التي تورث الهرم للأمم...


    اقرأ المزيد

  • أعرق 10 أنظمة إجتماعية وضعها الامازيغ مند القدم

    Icon 07

    يتميز المجتمع الامازيغ بشمال افريقيا مند القدم بإعتماد أنظمة إجتماعية غاية في العدل و المساواة لتنظيم شؤون المجتمع و مختلف العلاقات الإجتماعية والإقتصادية بين افراد المجتمع الامازيغي ، وكانت هذه الانظمة الاجتماعية ذات طبيعة ديموقراطية وقائمة على المساواة قبل شيوع مبادئ وقيم الديموقراطية الحديثة في جل انحاء العالم ، وكانت هذه الانظمة تتوارثها الاجيال الامازيغية مند القدم وكانت فعالة في تحقيق العدل والسلام في المجتمع ومنع الفوضى والحيف والظلم بين افراد المجتمع . وهذه الانظمة الاجتماعية الامازيغية دليل حي على ديمقراطية المجتمع الامازيغ مند القدم من بين هته الانظمة نظام تويزا ـ نظام تيمّوغرا ـ نظام تاضا ـ نظام تافكورت ـ نظام تاوالا ـ نظام أسْنْفْل ـ نظام تيبضيتـ نظام تاكشوضت ـ نظام تادلالت ـ نظام أفوس....


    اقرأ المزيد

مشاهد حضارية في مزاب

  • شهادات أجانب

    Icon 09شهادة أحد الضباط الذين كانوا ضمن الكتيبة العسكرية للعقيد Durrieu عند دخولهم إلى مزاب أثناء جولتهم الاستكشافية بقرى وواحات مزاب ووارجلان و المناطق المحيطة بها سنة 1854 حيث صرح بما معناه : "...مدن مزاب على قدر كبير من النظافة التي تشكل علامة فارقة بينها و بين القصور و المدن الأخرى التي تغلب عليها الأوساخ... هذه النظافة التي لاحظناها في مدن بني مزاب لمسناها أيضا في أثوابهم ، فلا نجد عندهم تلك البرانيس التي لم يمسسها الماء إلا يوم هطول المطر و...


    اقرأ المزيد

  • لمسات حضارية واجتماعية للمسكن

    Icon 09
    إن مما يشدّ النظر ويلفت الإنباه في مساكن مزاب تلك القيم الحضارية والاجتماعية المتجسدة في المعمار نفسه بتصاميم بسيطة في أشكالها عميقة في دلالاتها، فالحاجة هي اساس كل بناء، إذ لا توضع مواد بناء إضافية لا تؤدي دورها او...


    اقرأ المزيد

  • مصابيح الزيت نير

    Icon 09إن المجتمع المزابي ككل المجتمعات المهيكلة والمتحضرة له حساسية مفرطة في التعامل مع ما يرد إليه من جديد الأفكار والعادات والتكنولوجيات، وتلك الحساسية نابعة من الخوف على سلامة مكتسباته الحضارية التي عمل على صقلها قرونا عديدة، بخلاف انعدام تلك الحساسية عند...


    اقرأ المزيد

  • المزابي عصامي

    Icon 09مما عرف عن المزابي أنه عصامي حتى النخاع يخدم نفسه بنفسه، ولا يعيش عالة على أحد.. من قديم وهو يبني قصوره وحده .. يحفر آباره وحده.. يشق ترعه ويهندس حقوله وبساتينه ومجال عمارته وحده.. ينظم أفراحه وأتراحه وحده.. يهيكل مجتمعه ويعتمد عاداته ويرسخ أعرافه وحده.. يضع قواعد الزجر الاجتماعي لمخالفي نهجه وإيديولوجيته وحده....


    اقرأ المزيد

  • الاقتصاد في الماء

    Icon 09

    وجه من أوجوه حضارة مزاب هو الاقتصاد في الماء والعيش وفق آليات حفظ الماء تلك هي أهم مقومات حضارة مزاب التي عمّرت لقرون عديدة وأسهمت في ميلاد وتطور علوم وفنون عريقة في تقسيم المياه وازدهار بلاد الشبكة بالحياة والواحات الغنّاء...

    اقرأ المزيد

مصابيح الزيت نير

مصابيح الزيت نير

Icon 09لماذا تريث بنو مژاب في قبول دخول الكهرباء إلى قصورهم إبان الإستعمار(1)؟

إن المجتمع المزابي ككل المجتمعات المهيكلة والمتحضرة له حساسية مفرطة في التعامل مع ما يرد إليه من جديد الأفكار والعادات والتكنولوجيات، وتلك الحساسية نابعة من الخوف على سلامة مكتسباته الحضارية التي عمل على صقلها قرونا عديدة، بخلاف انعدام تلك الحساسية عند أشتات المجموعات البشرية التي ليس عندها ما تخاف عليه ولا ما تخسر، تقبل اليوم الكهرباء وغدا سموم السجائر وبعدها لا ندري ما ستحمله الواردات الفكرية والسلعية الملغومة.

والأمر الآخر أن المحتمع المزابي كانت له منظومة كاملة للانارة التقليدية، خاصة وعمومية، وله أوقاف ومتفرغون لإدارتها وصيانتها، فليس عنده ما يستعجله لقبول تقنية تتوغل داخل البيوت والمساجد قبل أن يتعقل جيدا مكامنها ومآلاتها.

والأمر الأخير أن العلاقة المتوترة مع المستعمر زادت من حساسية القضية، فليس من الحكمة أن تسارع في فتح ابواب بيتك ومسجدك ليدخل عدوك أسلاكه إليها دون الخوف من حيله وأغراضه الخفية.

وسيبقى المجتمع ممانعا من كل وافد جديد، فله من المكتسبات ما يشرع له تلك الممانعة، ويعطي له الحق في نصب تلك المصفاة الأخلاقية على عتباته، لتفرز أوساخ العصر عنه، ولما يتأكد من نقاء الوافد يحتضنه ويبدع فيه ويدمجه في منظومته الحضارية.

 

Icon 09شهادات بعض الوافدين إلى مزاب

هذه شهادات بعض الوافدين إلى مزاب حول ما عايشوه وشاهدوه بأم أعينهم في قصورها هذه المرة من أغرم ن إقرارن، أين وصل إليها في بداية شهر ماي من عام 1861م فريق من المستكشفين الفرنسيين في رحلة بحث واستكشاف جيولوجي شملت أيضا مزاب و وارجلان والمناطق السهبية لتحديد مواقع المياه الجوفية، فخيموا أمام أحد مداخل المدينة في الجهة الغربية وتجولوا في أرجائها وهذا من بين ما رواه أحد مهندسي الوفد حول ما شاهده بقصر القرارة :

« La nuit, les rues sont éclairées par de petites lampes à huile que les propriétaires des maisons placent dans des niches percées dans les murs ; cela dénote, chez les Mozabites, un certain amour du confortable, qui est prouvé du reste par la propreté de leurs maisons. Les Mozabites sont des gens fort intelligents, fort actifs, et qui s’occupent de commerce, d’agriculture et de travaux hydrauliques avec une très grande habileté… »(1)


" في الليل، الشوارع تضاء بقناديل زيت صغيرة يضعها أصحاب المنازل في كوات على شكل ثقوب في الجدران؛ وهذا يدل على ولع المزابيين بقدر معين من الرفاهية وقد ثبت ذلك من خلال نظافة منازلهم. المزابيون هم أناس أذكياء جدا وناشطون جدا ، يمارسون التجارة والفلاحة وأشغال الري بمهارة كبيرة جدا..."

المزابيون أناس أقاموا نظام إنارة عمومية قبل أن يتوهج مصباح إيديسون بقرون وحبسوه على أنفسهم كوقف ينيرون به دروب و أزقة ومساجد قراهم؛ ومازالت عادة إنارن ن المولود التي حافظ عليها أبناء آت إزجن شاهدة على ذلك أين يتم نقل وجمع زيت المصابيح بالمسجد في مراسيم احتفالية فريدة.


لم يكتف ذلك المهندس بهذا الإنطباع فقط بل أضاف وقال :


« Les Mozabites étant des hommes énergiques, laborieux, sobres, intelligents, et bien supérieurs, sous tous les rapports, aux nomades qui les entourent , nous pensons qu’après la description géologique du sol ingrat qu’ils ont vaincu par leurs rudes travaux… »(2)


" إن المزابيين رجال حيويون ، مجدون ، رصينون ، أذكياء و متفوقون كثيرا من كل النواحي على البدو الذين يحيطون بهم ، ونعتقد بعد الوصف الجيولوجي للتربة الفقيرة والغير معطاءة أنهم تغلبوا عليها بفضل أعمالهم الشاقة..."

Icon 09 المصابيح الزيتية

المصباح الزيتي هو أداة تستخدم لتوليد الضوء بإستمرار لفترة زمنية بإستخدام مركب زيتي كوقود. وكانت تستخدم قديما كبديل عن الشموع قبل استخدام الأضواء الكهربائية والمحتمع المزابي كانت له منظومة كاملة للانارة التقليدية، خاصة وعمومية، وله أوقاف ومتفرغون لإدارتها وصيانتها. والمصباح الزيتي نوعان محمول وثابت:

المصباح الزيتي الثابت:

يسمى بالمزابيةتبسبوستtbusbust جمعتيبوسبوسين مشتقة من كلمة تّبّسttebbes بمعنى تلمع، وهو عبارة عن ثقب بيضوي الشكل يكون في الجدار. يوضع فيه الزيت وفتيلة للانارة المنازل والمساجد وكذا الإنارة العمومية للأزقة حتى في الواحات عند نسح الماء من البئر وقت السحر حيث الظلمة يخصص للمصباح الزيتي مكان في سارية البئر.

Icon 09 المصباح الزيتي المحمول:

يسمى بالمزابية نير وهو وعاء نحاسي على شكل مربع بحواف غير مرتفعة نسبيا ويحمل بيد متوسطة الطول يوضع فيه الزيت وفتيلة للانارة ولا يزالقصر بن يزجن يستعمل هذه المصابيح الزيتية في إحياء مناسبة المولد النبوي. موعد الاستعراض يبدأ بعد صلاة المغرب حيث تحمل تلك المصابيح المضاءة بواسطة الزيت من طرف الأطفال المصحوبين بأوليائهم وهم يتجولون عبر مختلف أزقة القصر ويرددون الأناشيد والمدائح الدينية وذلك قبل التوجه إلى بهو أمام المسجد حيث يوضع وعاء كبير تسكب فيه زيت المصابيح المتبقي كوقف لإنارة المسجد خلال السنة. بعد إنقضاء تضاهرت المولد النبوي ترجع المصابيح إلى وظيفتها التزينية في المنازل الى حين حلول ذكرى المولد النبوي للسنة الموالية.

وأسفنا أن هذه الممانعة بدأت تفتر فأصبحنا الآن نعاني من ويلات الاستلاب لكل مستورد، وبدأنا نفقد يقظتنا الحضارية.

---------------------------

(1) مقتطف من مقال الأستاذ شخار أبونصر

(2)  Exploration géologique du Beni Mzab, du Sahara et de la région des steppes de la province d’Alger / M. VILLE ingénieur en chef des mines . 1867 

معالم وادي مزاب

  • اليونسكو  unisco

    image2
    عام 1985 أعلنت اليونسكو أن وادي ميزاب هو محمية ثقافية وجزء من التراث الإنساني العالمي، أن هذا المكان هو واحد من 60 مكانا صنفتها اليونسكو تراثا إنسانيا عالميا يجب عدم المساس بهوقد تم تصنيفها ضمن "التراث الوطني" من قبل الدولة الجزائرية (سنة 1971) وصنفت من قبل اليونسكو في 1982 ضمن "التراث العالمي"، كما صنفت كقطاع محفوظ عام 2005...


    اقرأ المزيد

  • أماكن ينصح بزيارتها

    image2
    القصور المندثرة والمنشآت الدينية كالمسجد القديم لقصر بنورة; المسجد الكبير لقصر غرداية; مسجد أولوال تجنينت كذا المقابر والمصليات الجنائزية كمصلى أمي إبراهيم; مصلى الشيخ بابا ولجمه; مصلى الشيخ باعيسى اوعلوان; مصلى الشيخ سيدي عيسى; وساحات السوق في كل من قصر غرداية، العطف، سوق بني يزجن. الى جانب المنشآت الدفاعيةكبرج بوليله و سور قصر بني يزجن، واجهة قصر بنورة والواحــات بما فيها من  منشآت الري نظام السقي...
  • تافيلالت هندسة معمارية أصيلة ومحافظة على البيئة

    image2القصر نموذج رائع للهندسة المعمارية الأصيلة بوادي مزاب ويضم أزيد من ألف منزل كلها متناسقة في شكلها ولونها ويعتمد على مفهوم الإدارة الإيكولوجية والمحافظة على البيئة فعلا هو......


    اقرأ المزيد

  • عبقرية نظام السقي في مزاب

    image2النظام التقليدي لتقسيم مياه السيل لقد تم إنشاء النظام التقليدي لتقسيم مياه الأمطار منذ سبعة قرون من طرف الشيخ بامحمد أبو سحابة سنة 1273م، وطوره بعد ذلك الشيخ حمو والحاج سنة...
    نظام تقسيم المياه لايتمزا تجنينت نظام تقسيم المياه «لايتمزا» من المرجح أن يكون أول نظام لتقسيم المياه في وادي مزاب لوجوده في....

    اقرأ المزيد




    اقرأ المزيد

  • كهوف ومغارات أغزو ن فيغر

    image2

    الكهوف العجيبة التي لا تقل روعة عن التي في الشمال الجزائري، بما تحتويه من أشكال كلسية رائعة، تقع في.....


    اقرأ المزيد

  • رسوم متحركة استكشافي لأهم معالم قصور وادي مزاب

    image2تم إنجاز فيلم استكشافي، تدور أحداثه في منطقة وادي مزاب، حيث يقوم محمد وصديقه أنيس باكتشاف المنطقة في جولات قصيرة حول القصور والوقوف على أهم معالمها وكنوزها الحضارية والثقافية، يرافقهما في الرحلة الشيخ عبد الله، حيث.....


    اقرأ المزيد

  • المعالم الأثرية

    Icon 09
    المواقع الأثرية بمزاب: تزخر عدة مناطق من وادي مزاب بآثار ترجع إلى عصر ما قبل التاريخ، وخاصة الزمن الجيولوجي الرابع.
    النقوش الصخرية:موقع أوخيرة بالعطفوموقع أنتيسا و مومو ببني يزقن،وكذلك على طول ضفتي واد مزاب...
    الآثار الجنائزية:موقع أعمود لعميد بالقرارة.موقع قارة الطعام ببونورة...
    الصناعة الحجرية: موقع منطقة لعذيرة بغرداية. وموقع منطقة نوميرات...

    اقرأ المزيد

معاهدة الحماية

العهد الرّابع الفترة الأولى من 1853م إلى 1882م

لم يقتصر بنو مزاب على إمداد الشريف محمّد بن عبد الله بعدد كبير من المشاة، ولكنّهم ساعدوه أيضا بالمواد الغذائية والمؤونة الحربية. عندئذ حرّم الجنرال راندون[1] باقتراح من الجنرال يوسف شراء الحبوب من أسواق التل على بني مزاب[2].

وفي 4 ديسمبر 1852، يوم معركة احتلال الجنرالين بِيلِسْيِي[3] ويوسف لمدينة الأغواط، التي تحصّن بها الشريف محمّد بن عبد الله –اسمه الحقيقي إبراهيم ابن أبي فارس، يعرف بشريف ورقلة- وسقط فيها حوالي ألفين وخمسمائة ضحية، ساعده حرسه الخاص من المزابيين، على الفرار إلى وارجلان. عقابا لهم فإنّ قوم أولاد سيدي الشيخ الشراقة المناصرين للفرنسيين، قاموا بإبادة أغنام المزابيين. هذا هو السبب المباشر الذي نتج عنه أزمة سياسية بين جماعات مزاب والوالي العام راندون، الذي قرّر إذعان مزاب لفرنسا. عنذئذ أرسل بنو مزاب وفدا لمقابلته، إلاّ أنّ ذلك لم ينتج عنه سوى منح أجل مدّته شهران لإبرام معاهدة الحماية[4].

من جهة أخرى، إنّه لمّا احتل الفرنسيون مدينة الأغواط، وقتلوا بها، وهتكوا الحرمات، التجأت عائلات منها إلى مزاب. ومن بين هذه العائلات آل العمري الذين نزلوا عند صديقهم الحاج حموبن محمّد ترشين، في بني يزقن، لمدّة سنين[5].

عرض الوالي العام على جماعات بني مزاب في رسالته المؤرخة يوم 24 جانفي 1853، استعداده لتأمين المزابيين المسافرين عبر أرجاء المناطق المحتلة، وتأمين تجارتهم فيها، مقابل خضوعهم ودفعهم لفرنسا خراجا قدره خمس وأربعون ألف فرنك، وختم رسالته بتهديد شديد اللهجة.

وربّما الذي شجّع راندون على تقديم هذا العرض، ما كان من تنازع الصفين الغربي والشرقي في غرداية على السلطة. فاغتنم ذلك الوالي العام، وبعث مكتوبه المذكور إلى المزابيين يمهلهم شهرين للاستسلام لفرنسا.

هنالك انقسم بنو مزاب قسمين: قسم أبدى استعداده لقبول شروط الوالي العام، وقسم المقاومة، يتزعمه طلبة القرى، أثار معارضة، أيّدها المزابيون في التل. ولمّا أجرى هذا الفريق اتصالات مع الشريف محمّد بن عبد الله، فرضت السلطات الفرنسية حصارا اقتصاديا على مزاب، ممّا أدّى إلى وقوع بلبلة في الآراء بين محبّذ للإسراع في إبرام معاهدة الحماية، تحفظ عوائدهم وتقاليدهم وتسيير أمورهم الداخلية بأيديهم، وهم الأكثرية، وبين نابذ معارض لكلّ صلة تصلهم بالدولة المشركة فرنسا، ولو أدّى بهم الأمر إلى محق مزاب من الوجود، وفي مقدمة هؤلاء قطب الأئمة الشيخ اطفيش.

اجتمع مجلس وادي مزاب في مسجد أَمِّي سعيد، واتّفقوا على إيفاد جماعة من أعيان القرى السبع إلى مدينة الأغواط يوم 13 رجب 1269هـ/ 22 أفريل 1853م، لإبرام المعاهدة.

ضمّ الوفد من بريان السيّد بابهون ومن غرداية السيّدين باعيسى بن بوهون وداود بن باحمد، ومن مليكة السيّد بانوح بن الحاج أحمد، ومن بونورة السيّد بكير بن علي، ومن بني يزقن السيّدين محمّد بن الحاج زرقون وعمر بن داود، ومن العطف السيّد بكير بن سليمان، ومن القرارة السيّدين بكير بن كاسي وعيسى ولد الزيت.

تمّ عقد معاهدة الحماية مع الكومنداندُوبَارَايْ[6] باسم الوالي العام للجزائر راندون، تعهّدت فيها فرنسا لبني مزاب بحفظ بلادهم واحترام معتقداتهم وصيانة عوائدهم، وأن لا تتدخّل مطلقا في أمور داخلية مزاب، وتترك المدن السبع تعيّن فيما بينها القسط الذي تتحمّله كلّ مدينة من الخراج السنوي. وتنصّ المعاهدة على وجوب غلق أسواق المنطقة أمام الثوار ضدّ فرنسا ودفعهم بالقوّة.

أمّا السلطة الفرنسية تقتصرعلى حفظ النظام العام في البلاد ورعاية حقوق الفرنسيين.

عندما أمضى بنو مزاب المعاهدة رفع الحصار الاقتصادي المضروب على بلادهم. ولتكريس حقيقة الخضوع لفرنسا في أذهان الشعب المزابي، وعندما همّ الكومندان مارغريت[7] عام 1857، بالتوجّه من الأغواط إلى وارجلان على رأس كتيبة من جنده، مرّ بغرداية وعزم على اختراق جانب من المدينة. إلاّ أنّ سكانها أوصدوا دونه أبوابها، فأمرالكومندان جيشه بتحطيم أحد الأبواب بالفؤوس، فدخل المدينة ومرّ الجند بها والحراب على أفواه البنادق، ضاربين الطبول، باعثين بذلك الرعب في قلوب الأهالي، وصدحت الموسيقى الفرنسية لأوّل مرّة في المدينة. بعد الحادثة أعيد صنع الباب المحطّم وسمّي بالباب الجديد[8].

قام كولونيل الأغواط بإحصاء سكان مزاب في سبتمبر 1861، فكانت الأعداد كالآتي:

3.850 بني يزقن 1.300 العطف 6.300 غرداية
800 مليكة 920 بونورة
16.750 مزاب 2.300 القرارة 1.280 بريان

ولتعديل تقسيم السنوي على المدن السبع، وقعت اجتماعات عديدة، انتهت بإحصاء شامل للمنازل والنخيل ودكاكين التجارة، يوم 3 جانفي 1863،

فُرِضَ على كلّ منزل خمسة فرنكات، وعلى كلّ نخلة 0.15 فرنك، وعلى كلّ دكان عشرون فرنكا،

 

وبقي المجموع: 45000 فرنك.

ثّم بزيادة الضريبة الإضافية النسبية ارتفع إلى 49.837.66 فرنكا.

 

 


[1]-COMTE ALEXANDRE RANDON, Gouverneur Général de l’Algérie du 11.12.1851 au 24.06.1858.    

[2]-Revue Africaine n° 40,287-288.

[3]-AMABLE PELISSIER.

[4]-B. MERGHOUB : Le Développement Politique en Algérie, 51.

[5] - محمّد علي دبوز: نهضة الجزائر الحديثة، الجزء الثالث، 248.

[6]-DU BARAIL.

[7] -MARGUERITE.

[8]-حمّو عيسى النوري: دور المزابيين، الجزء الأوّل، 304.

[9] - من جهة أخرى فإنّ بني مزاب كانوا يملكون في هذا التاريخ نخيلا في واحة متليلي: 3598 نخلة يملكها خمسة وسبعون ملاكا من مليكة.

346 نخلة يملكها ثلاثة عشر ملاكا من غرداية.

ستّ وخمسون نخلة يملكها ثلاثة ملاكين من بني يزقن.

 

معاهدة الحماية

معاهدة الحماية

c 71853 Traité de protectorat

في الـتاسع و العشرين من شهر أفريل من عام 1853 وقّع بصفة رسمية ممثلو قرى مزاب بمدينة الأغواط على معاهدة الحماية مع السلطة الفرنسية ممثلة في القائــــــد العسكري للأغواطLe Commandant François Charles Du BARAIL(1)

بتكليف و تفويض من الحاكم العام للجزائرJacques Louis RANDON بعــــــــد تجاذبات و مفاوضات على إثر الرسالة التي بعثها هذا الأخير بتاريخ 24 جانفي من نفس السنة إلى المزابيين أين حدد لهم فيها شروط الإتفاقية وأمهلهم شهرين للإستجابة لها أو الإستسلام و في ظل حصار إقتصادي فرضته فرنسا على مزاب ؛ وتقضي هذه المعاهدة على أن يدفع سكان مزاب ضريبة سنوية (لزمة ) قدرت في البداية بـ 000 45 فرنك (2) للسلطة الفرنسية و أن لا يفتحوا أسواقهم و مدنهم لأعدائها نظير أن يبقى إقليم مزاب كيانا مستقلا عن الإدارة الفرنسية و لا تتدخل في شؤونـه الداخلية إلا عندما يتعلق الأمر بالأمن العام أو بمصالح مواطني فرنسا أو القبائل الخاضعة و المتحالفة معها ، كما تعهدت فرنسا بحماية قوافل المزابيين أثناء تنقلها أو الإقامة في مدن التل التي هي تحت سيطرتها.

c 7Le Commandant DU BARAIL

و كان المزابيون قد إنقسموا بين مؤيد و معارض لعقد هذا الإتفاق فالهيئات الدينية الممثلة في حلقات العزابة و الطلبة وعلى رأسهم الشيخ أطفيش عارضوا بشدة كل تعامل أو علاقة من هذا النوع مع قوات الإحتلال مهما كلف الوضع بل دعوا إلى إعلان الجهاد ضدها إن تطلب الأمر حتى و إن أدى ذلك إلى إزالة مزاب من الوجود ، في حين رأت هيئات العوام و ممثلو التجار أن لا سبيل لمواجهة فرنسا بالقوة لأنه يستحيل ذلك و الإتفاقية هي فرصة لضمان إستقلالية مزاب عن المستعمر وفرصة أيضا لتأمين تنقلاتهم و حفظ مصالحهم التجارية في مدن التل ، وأن اللزمة التي كانوا يدفعونها سابقا لدايات الدولة العثمانية (3) سيسددونها لفرنسا بنفس القيمة تقريبا و لن يضطروا بعدها بدفع أموال لقبائل الرحل مقابل مرور قوافلهم التجارية على المناطق التي تستوطنها.

 

و قد رجحت كفة المؤيدين للإتفاقية – رغم تمسك الطرف المعارض بموقفه - فعينوا عشرة (10) مندوبين يمثلون القصور السبع للتوجه إلى الأغواط خلال إجتماع لهم بمصلى أمي سعيد أياما قبل توقيع الإتفاق وهم السادة بابهون من بريان ، باعيسى بن بهون و داوود بن باحمد من تغردايت ، بنوح بن الحاج أحمد من آت مليشت ، بكير بن علي من آت بنور ،الحاج محمد زرقون و الحاج عمر بن داوود من آت إزجن ، بكير بن سليمان من تجنينت ، بكير بن كاسي و عيسى ولد الزيت من القرارة (4) . 

c 7الصورة لمدينة الأغواط في الحي الذي تتمركز فيها مراكز و مقرات السلطة العسكرية الفرنسية سنة 1860 

ظروف وعوامل عدة في تلك الفترة ربما ساهمت في دفع المزابيين لتوقيع معاهــــــــدة الحماية مع السلطة الفرنسية نلخص أهمها في النقاط التالية :

- إستحالة مواجهة المزابيين للمد و الزحف الفرنسي بجيوشه وترسانته الضخمة و أي مقاومة بالقوة آنذاك كانت ستؤدي إلى نتائج وخيمة.

- علاقات مزاب بالقبائل و الأعراش المحيطة بها لم تكن في ودّ دائما رغم ما يربطهم من علاقات تجارية و تبادل للمنافع إلا ان روح العداء كثيرا ماكان حاضراعندهذه القبائل.

- حالة اللاأمن و الفوضى و الإغارات كانت هي السائدة آنذاك في المنطقة و المناطــــق المجاورة ، حتى أن بعض المجموعات و القبائل امتهنت قطع الطرق و الارتزاق فــــي الحروب و الصراعات ، إضافة إلى تحالـــف و انضواء البعض منها تحت القـــــــــوة الإستعمارية.

- غياب أي مقومات لدولة مركزية تفرض النظام و القانون خاصة وأن هذه الفتــــــــــرة تزامنت مع انهيار الدولة العثمانية و بداية إمتداد الإحتلال خاصة في العمالات و الأقاليم التي كانت تحت سلطة الأتراك .

- حالة الضعف و الوهن التي كانت تعيشها معظم قرى مزاب نتيجة الفتن و الصراعات الداخلية ، و إدارة الإحتلال كانت مدركة ذلك جيدا وقد أشارLe Commandant DU BARAIL نفسه إلى ذلك في مذكراته و كان متحمسا جدا لفكرة احتلال مزاب و ذكر انه طلب عدة مرات من الحاكم العام إذنا بإحتجاز قوافل المزابيين التي كانت تمــــر على الأغواط لإرغامهم على الإستسلام (5).

- ابتزاز السلطة الفرنسية للمزابيين و تهديدهم بشكل مباشرة بإستهداف موردهــــــــــم الإقتصادي الأول وهو تجارتهم في مدن التل و قد ظهر ذلك جليا في الخطاب الذي وجهه الحاكم العامRANDON للمزابيين -هذا نصه الحرفي -:

 

c 7الصورة للحاكم العام Jacques Louis RANDON 

Songez que de votre soumission dépend votre commerce et la fortune de vos enfants que vous envoyez dans nos villes. Nous n’avons pas à nous en plaindre, mais ils sont vos frères, solidaires de vos actes et le nombre des européens et des arabes qui nous demandent à prendre leurs places et leurs industries , parmi nous est grand. Si vous restez sourds à ces conditions, ne vous en prenez qu’à vous des malheurs qui s’en suivront(6)

الترجمة معاني النص كما يلي :

" تذكروا أن مستقبل تجارتكم و ثروات أبنائكم الذين ترسلونهم إلى مدننا مرتبطــــــة بخضوعكم لنا ، ليس لدينا شكوى أو اعتراض عليهم ، و لكنهم إخوانكم و هم داعمين لتصرفاتكم ، و هناك أعداد كبيرة من الأوربيين و العرب بيننا يطلبون منا أن يأخــــذوا مكانهم و يستحوذوا على نشاطهم ، فإذا بقيتم غير مبالين و لم تستجيبوا لشروطــــــنا فستكونون أنتم المتضررون و ستتحملون التبعات السيئة لذلك" .

بالنظر إلى الظروف و العوامل التي احاطت بالمعاهدة زمانيا و مكانيا أو جغرافيــــــــــا - المذكورة في المنشور السابق- فإنه يمكن إعتباره إقدام المزابيين على توقيع معاهــدة الحماية مع الفرنسيين قرار حكيما و ذكيا جنّب مزاب وضعا أسوء و ضررا أكبــــرو خرجوا من تلك المحنة العصيبة بأقل الخسائر و مكنهم من الحفاظ على مصالحهــــــــــم و صون خصوصياتهم و استقلاليتهم – ولو أن هذه الإستقلالية قد صودر جزء كبيــــر منها بعد الإلحاق سنة 1882.

c 7الصورة لـ DU BARAIL

بالمقابل فإن الموقف الرافض للإتفاقية الذي أبدته هيئات العزابة و الطلبة كان ضروريا و مطلوبا لمرجعية دينية لها هيبتها و مصداقيتها في المجتمع وكان موقفا منسجمــــــا تماما مع مبادئها مكنها من أن تضع لنفسها مسافة كبيرة و فاصلة مع المستعمـــــــــــر و تكون في منأى عن أي استغلال من طرف هذا الأخير أو أتباعه طوال فترة الإحتـلال، عكس شيوخ بعض الزوايا والجمعيات الدينية في مناطق أخرى التي استغلها الفرنسيـون للترويج لأفكارها الإستعمارية بغطاء ديني ، فرغم مكر الإدارة الفرنسية إلا أنها لــــم تتجرأ إلى التدخل بشكل م-باشر في شؤون و مهام هيئة العزابة وكانت تتحاشى غالبـــــا الصدام معها و تحسب لها ألف حساب.- إذا استثنينا بعض القرارات التي اتخذتهــــــــا الإدارة الفرنسية و التي تعد تدخلا في شؤون العزابة و معاكسة لإرادتها مثل قضيــــــة تعيين قضاة المحاكم الشرعية أو فتح دور للبغاء - و كانت مدركة منذ البداية أن هــــذه الهيئات كانت رافضة لها و تكن لها عداوة شديدة (5).

إقدام المزابيين على إبرام هذه المعاهدة كانت فكرة ملهمة لقبائل و مدن أخرى بالجنوب ، إذ حاول البعض منها القيام بنفس الخطوة لكنها فشلت ، فقد حاول وجهاء و أعيان تقرت أن يحذوا حذو مزاب و طالبوا من فرنسا قبل سقوط مدينتهم في أيديها أواخر سنة 1853 ( على الأرجح) أن يحظوا بإتفاقية مماثلة لكن طلبهم قوبل بالرفــــــــــــض (7)، كما تنقل وفد مفوض من سكان إن صالح إلى العاصمة سنة 1857 للتفـــــــــــاوض مع السلطات الفرنسية حول معاهدة مشابهة لتلك التي أبرمت مع المزابيين مقابل أن يدفعـــوا ضريبة سنوية و يعترفوا بالسيادة الفرنسية الكاملة ، لكن مسعاهم لم يفضي إلى أي نتيجة و عادوا إلى ديارهم خائبين. (8)

ترى ماهي الأسباب التي جعلت فرنسا تقبل بإبرام معاهدة حماية مع المزابيين و ترفضها مع مدن اخرى بالجنوب ؟

هل ذلك راجع إلى وزنهم الإقتصادي و نشاطهم الدؤوب و انتشارهم الواسع في مختلف المناطق و المدن ؟ أم هو عائد إلى طبيعة مجتمعهم و خصوصياته ؟ أو هو راجع إلى ذكائهم و قدرتهم على التفاوض و استباق الأحداث ؟ أم إلي ضعفهم و انعزالهم ؟

c 7

شخصية بارزة من قصر آت إزجن تحدثت إحدى المصادر الفرنسية القديمة (القريبــــــة زمنيا من الحدث) عن دورها المحوري في التوصل إلى إبرام المعاهدة بين المزابييـــــن و السلطة الفرنسية ووصفته بذي الشخصية المؤثرة جدا و بالرجل الديبلوماسي المحنـك و الذكي الذي لا تغادر الإبتسامة الديبلوماسية محياه ، و تحدثت أيضا عن نفوذه و ثروتــه الكبيرة و علاقاته التي استغلها في التواصل مع الفرنسيين و التوسط في عملية التفاوض بين ممثلي قرى مزاب و الحكام الفرنسيين ؛ و يتعلق الأمر بـ عدون بن سعيد – هكـــــذا ورد إسمه - حين دخلت القوات الإستعمارية الجزائر العاصمة سنة 1830 كان عدون بن سعيد يعمل عند أحد أقاربه بنفس المدينة ، تمكّن بعد فترة وجيزة من نسج علاقات مع الفرنسيين ،عيّن بعد سنوات قليلة أمينا للمزابيين بمدينة البليدة. كان أول من تنبه إلى الخطر الذي يحدق بمزاب بعد توغل القوات الفرنسية بالأقاليـــــــــم الجنوبية ، فبمجرد وصول هذه الاخيرة إلى مدينة الأغواط سنة 1852 – حسب نفــــــس المصدر - سارع إلى مزاب و اجتمع في بلدته بمشائخها و أعيانها و حذرهم من الخطـــر الداهم الذي يتهدد استقلال و حرية وطنهم ، و بيّن لهم بحكم معرفته الجيدة بالفرنسيين أنه عاجلا أم آجلا سيواصلون طريقهم يوما ما إلى مزاب ، و أقنعهم بضرورة إستبـــــــــــاق الأحداث و الإستعداد لذلك و أكد لهم أن مواجهتهم بالقوة أمر مستحيل و اقتـــــــــرح أن يحاولوا التفاوض معهم من أجل دفع غرامة مقابل الحفاظ على استقلالهم الذاتي و عوائـد أسلافهم مثلما كانوا يفعلون مع الأتراك ، كلف بعد أن وقع إجماع بين القصور السبعــة بالتواصل و التفاوض مع السلطة الفرنسية .

(هذه الشخصية و دورها في الإتفاقية يستحقان البحث و الدراسة العميقة من جميـــــــع الجوانب من طرف المؤرخين ) .

في نهاية هذا الموضوع و إثراء لمضمونه لابأس أن نذكر بالإتفاقيات و المعاهدات التي أبرمتها فرنسا مع بعض القبائل و الزعماء أثناء فترة احتلالها للجزائر:

- إتفاقية بين الجنيرالDESMICHELS و الأمير عبد القادر موقعة بتاريـــــــخ 26 فيفري 1834 .

- إتفاقية بين الجنيرالTREZEL و بعض القبائل الوهرانية - ناحية وهران- موقعــة بتاريخ 16 جوان 1835.

- معاهدة تافنة بين الجنيرالBUGEAUD و الأمير عبد القادر المبرمة بتاريــخ 30 ماي 1837.

- معاهدة الحماية بين الحاكم العام للجزائر و جماعة مزاب مبرمة بتاريخ 29 أفريـــل 1853.

- المعاهدة التجارية بين الحاكم العام للجزائر و زعماء التوارق الموقعة بتاريــخ 28 نوفمبر 1862.

-------------

(1) – مصادر فرنسية أشارت إلى أنها في بداية الأمر كانت عبارة عن إتفاقية (Convention ) ثم تحولت إلى معاهدة (Traité ).

(2) - قيمة الضريبة شهدت زيادات مطردة مع مرور الأعوام

(3) – 12 عبدا و 12 أمة هو قيمة الخراج الذي كان المزابيون يدفعونه سنويا للدولة العثمانية .

(4) – وردت هذه الأسماء كما هي في الرسالة التي بعث بهاLe Commandant DU BARAIL إلى مزاب في شكل تقرير و تذكير بمضمون المعاهدة بتاريخ 22 أفريل 1853 بعد وصول الوفد إلى الأغواط و دونت في أحد المصادر القديمة

(5) Mes Souvenirs tom. II - Général DU BARAIL Paris 1898

(6) – الفقرة الأخيرة من نص الرسالة التي بعثها الحاكم العام بتاريخ 24 جانفي

1853 للمزابيين.

(7)- العديد من المصادر الفرنسية القديمة أشارت الى الحساسية الشديدة و العداوة التــي

تكنها الهيئات الدينية للمستعمر

(8)- مزاب وقضايا الوطن و الأمة / الدكتور الحاج موسى بن عومر 2015

-(7) L'Afrique occidentale : Algérie , M'zab , Tidikelt / Paul SOLEILLET - 1877

 

المصدر : منشورات Bakir Bennacer    01     02     03     04     

مقاومة الدخول الفرنسي

مقاومة الدخول الفرنسي

دعم ثورة الأمير عبد القادر، أحمد باي و بوعمامة

  • المزابيون بسيدي بنور

    charles V 2 يقول الجنرال فيفان الفرنسي وزير المستعمرات: ونحن الفرنسيين نعلم أن الجزائر لم يدافع عنها بحق إلا المزابيون ، فإن آخر قوة بقيت تدافع بعد استسلام الداي، استسلام ذل و صغار ، و احتلال العاصمة ، و استمرت ترسل نيران مدافعها هي قوة المزابيين بجبل سيدي بنور ، ولما ورد مْزاب خبر سقوط العاصمة في يد الفرنسيين ، مكث المزابيون ثلاثة أيام لم توقد نار في بيت من....


    اقرأ المزيد
  • بنو مزاب في سهول متيجة

    charles V 2لقد استشهد كثيرمن المزابيين في المعارك الطاحنة التي قادها ضدّ المحتلين كلّ من ابن زعمون والحاج سيدي السعدي والحاج محي الدين بن مبارك ومصطفى بُومَزْرَاقْ وذلك بين وادي الحراش وبوفاريك والبليدة، خصوصا في المعركة الضارية التي وقعت بين حجوط وبني مراد. وللمزابيين مقبرة مشهورة خاصّة على الطريق الصاعد إلى..

    اقرأ المزيد
  • بنو مزاب في المقاومات الشعبية ضد فرنسا

    charles V 2يقول الشيخ باكلّي: «وشاركوا (بنو مزاب) في ثورة (محمّد) المقراني (عام 1871) الذي استشهد أمام داره بمجانة (قرب برج بوعريريج) السيّد بولنعاش أحمد بن صالح، وصوردت أملاكه من قبل الفرنسيين» 
     أمّا الشيخ حمو عيسى النوري فنجده يقول: «كان لبني مزاب في ثورة المقراني والشيخ أُو حداد عام 1871 مشاركة قوية. وكان لهم في الميدان جولات و...


    اقرأ المزيد
  • تأييد بني مزاب للمقاومة ضدّ الاستعمار

    charles V 2كان قادة الثّورة من رؤساء أولاد سيدي الشيخ يعتمدون على الشيخ الحاج عمر بن حمو باكلّي، شيخ عشيرة أولاد عبد الله بالعطف، اعتمادا كليا، في تدعيم الثورة ماديا وأدبيا، وإمدادها بالعتاد والذّخيرة. وكان منزله مثابة لرؤسائهم، بين سمع السّلطة الفرنسية وبصرها (1881- 1904). أحكم الشّيخ الحاج عمر الصّلة بالجنوب التّونسي، فكان يستورد من قابس على طريق الصّحراء السّلاح والذّخيرة، يمدّ بها حركة الثورة، على أنّ حركة الإمداد لم ينفرد بها وحده، بل هناك في مختلف قرى الوادي أفراد يقومون....


    اقرأ المزيد
  • دعم بني مزاب للمقاومة ضدّ الاستعمار

    charles V 2إنّ إعلان الجهاد ضدّ فرنسا من طرف مفتي استنبول في 1914، لبعث الخلافة الإسلامية، استقبل بالتّرحيب في مزاب. ففي 1915م، قام أحد الطّلبة في القرارة بجمع التبرّعات، بحجّة قدوم قريب لسليمان باشا الباروني، وذلك لتموين المدينة وتجديد أسوارها، استعدادا لتكون قاعدة عسكرية، و....


    اقرأ المزيد
  • بنو مزاب في صفوف الأمير عبد القادر

    charles V 2لمّا التحق سيدي السعيدي بالأمير عبد القادر لمواصلة جهاده، انضمّ كذلك المزابيون إليه، فكانوا من أطوع جنده، فاتّخذهم في بطانته شخصيات قوية معتبرة، جعلهم من خاصّته وأمناء سرّه.
    من خواصه وحاشيته الطبيب الماهر بايحمد بن بابا عيسى، اتّخذه الأمير طبيبه الخاص وكاتبه وأمين سرّه، وهو من مدينة مليكة، حضر مع الأمير في معاهدة التافنة...


    اقرأ المزيد
  • النّضال السّياسي والعسكري من أجل وحدة الجزائر واستقلالها

    charles V 2اتّخذ المخطّطون الفرنسيون لفصل الصّحراء عن الجزائر، منذ نشأة شركة ريبال للتّنقيب عن البترول سنة 1946، محور ارتكازهم على بني مزاب خاصة، باعتبارهم، سياسيا وجغرافيا وتاريخيا، العنصر الأساسي الحسّاس في الصحراء، يعتمدون عليهم في الدّرجة الأولى في....


    اقرأ المزيد

مكونات النخلة

معلومات عن النخلة :

01-مكونات النخلة :

المزابية العربية
تيزيت الخوص
أخلاب الطلع
تافتفات الليف [ الليف اليابس]
أكرشوش الجذع
إنرشب الركوب
أحراز ( أدجروز"ز"مفخم ) الجمار
تيفزغلت الكربة
تيرضوين الكرنافة
تايوضت ( تابوط ) مقعدة الفسيلة ، المكان اللآصق بالنخلة الام
تاعدافت النصل من أسفل السعفة المحتوى على الابر
تادرا الإبرة  السلاء
تيسقست العرجون
أزيوا ألعذق
تموتيت الفسيلة
توفا السعفة  الجريد
تاغدا النصل من السعفة
تازريرايت الشمراخ
تا منزوت  تيمتريوين الشماريخ السفلية في وسط العذق
أمرسيض [تازدايت ن أومرسيض] الفحال  [نخلة ذكر]
أمرسيض [تازويرايت نو مرسيض] اللقاح  [شمراخ اللقاح]


-------------------------------------

المرجع: كتاب السيدة عائشة عوف "وصفات جدتي من صيدلية النخلة"صفحة 04

من الإعتزال إلى الإباضية

  • ديانة البربر قبل الإسلام

    image1
    كان قدماء البربر يعتقدون وجود إله يسمونه " عَمُونْ" أو " أَمُونْ " و لكن يرون أنّه ليس له وجود مستقل, وإنّما هو روح تحلّ ببعض الكائنات و المظاهر فيعبدونها. من هذه الكائنات :
    أ ـ الكواكب : كانوا يعبدون منها الشمس والقمر.
    ب ـ الحيوانات : كانوايعبدون الثور والكبش والأفعى والبوم والطاوس والهر.
    ج ـ الروحانيات : كانوا يعتقدون وجود أرواح كالجن في بعض العناصر الطبيعية كالعيون والأحجار والأشجار, يتوسّلون بها لقضاء حوائجهم.
    د ـ الأموات : كانوا يعبدون موتاهم ويقدّسونهم ويخشون غضبهمومع انتهاء الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا عام 84هـ/703م, اعتنق البربر الإسلام و...

    اقرأ المزيد

  • أوّل مذاهب بني مزاب في الإسلام (المعتزلي)

    image3

    كان وادي مزاب قبل استيطان الاباضية له آهلا بالسكان المعتزلة الواصليين ومن سبقهم يسكنون القرى المندرسة منها مدينة الصوف (أغرم نتلزضيت) في العطف. وكان يسكن بالعطف فريق من المعتزلة ومن أشهر علمائهم بها سليمان بن عبد الجبار وقبره مشهور بها ومقبرة الواصليين مشهورة بها كذلك وهي على حالها إلى يومنا هذا...

    اقرأ المزيد

  • تحوّل بني مزاب من الاعتزال إلى المذهب الإباضي

    image3

    يجمع المؤرّخون على أنّ تحوّل بني مصعب إلى المذهب الإباضي يرجع سببه إلى الدّعوة التي قام بها الدّاعية أبو عبد الله محمّد بن بكر. يقول الشّيخ مطياز: انعقد مؤتمر بأَرِيغْ حوالي 420هـ، للنّظر في مسائل تهمّ الوطن، منها قضيّة اللّاجئين من فلول رعايا بني رستم، رأي المؤتمر على انتداب العلّامة أبي عبد الله بن بكر ليجول في صحراء فوقع اختيارهم على وادي مزاب إلّا أنّه معمور بكثير من المعتزلة واتّفق رأيه على النّزوح إلى هذا الوطن وتعميره بما يصلح سكّانه المعزلة من العلم والألفة وحسن الجوار. وفي عام 422هـ وصل بلدة العطف، الوسط المعمور أكثر من غيره بالمعتزلة. وكان ذلك بعد موت عالم الوطن سليمان بن عبد الجبّار...

    اقرأ المزيد

من هم الإباضية؟

من هم الإباضية؟

Icon 09

يقول الدكتور النامي(1):

يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين؛ فمؤسسه الذي أرسى قواعد الفقه الإباضي وأصوله هو التابعي الشهير: جابر بن زيد الأزدي فهو إمام محدث فقيه، من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أُمِّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وعدد كبير من الصحابة مِمَّن شهد بدرا، كان إماما في التفسير والحديث، وكان ذا مذهب خاص به في الفقه، ولد سنة 21 للهجرة، وكان أكثر استقراره بالبصرة وبها توفي سنة 93 للهجرة. [ولم ينسب إِلَيهِ المذهب وَإِنَّمَا نسب إلى عبد الله بن إباض وهو تابعي أيضا عاصر معاوية وتوفي في أواخر أَيَّام عبد الملك بن مروان فهي نسبة عرضية كان سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض وتميز بها، فنسب المذهب الإباضي إِلَيهِ،ولم يستعمل الإباضية في تاريخهم المبكر هذه النسبة، بل كانوا يستعملون عبارة "جماعة المسلمين" أو أهل الدعوة" وأول ما ظهر استعمالهم لكلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث].

وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة، لَعَلَّ أخصبها وأثراها ما أثره عنه تلاميذه الذين انتشر المذهب على أيديهم، أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، وضمام بن السائب وغيرهم. وقد تَمَّ تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة، فكان جابر بن زيد نفسه مِمَّن يستعمل الكتابة والمراسلة فكتب بأجوبته إلى تلاميذه وأصحابه…، [وقد حفظ لنا التاريخ شيئا منها إلى اليوم ]. واستكتب بعض زملائه من التابعين مثل عكرمة مولى ابن عباس في بعض المسائل. والذي بين أيدينا من روايات ذلك الفقه المبكر: كتاب روايات ضمام، وفتيا الربيع بن حبيب، وكتاب النكاح لجابر بن زيد، وكتاب الصلاة له، وكثير من الروايات عن تلميذه عمرو بن هرم وعمرو بن دينار، بالإضافة إلى حديثه الذي جمعه الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح. فالمذهب الإباضي بالنظر إلى تأسيسه ونشأته من أقدم المذاهب الفقهية الإسلامية وهو نتاج مدرسة العراق والبصرة خصوصا.

على أنَّه وإن تأثر بمدرسة العراق فاستخدم علماؤها الرأي والقياس أيضا على تردد من بعضهم خصوصا جابر بن زيد وأبا عبيدة، إلاَّ أنَّ تأسيسه على يدي جابر وهو محدث صاحب آثار جعل منهجه يطبع فقه المذهب ويغلب عليه، ويحد من تأثير مدرسة الرأي، التي عظم خطرها في العراق.

على أنَّ اتساع دائرة المذهب الإباضي كدعوة إسلامية سياسية عامة جعل المذهب لا يكسب طابعا خاصا يغلب عليه مدرسة بعينها أو ينسب إلى مدينة بعينها كالبصرة، فَإِنَّ الباحث يتردد كثيرا قبل أَن يرسل حكما عاما يربط فيه المذهب بمركز التجمع الإباضي في البصرة، فقد كانت تجمعات مماثلة في كل من الكوفة ومكة والمدينة وخراسان عرف منها علماء بارزون مختارون، سجلت أقوالهم في الآثار المبكرة لعلماء الإباضية.

واكتملت صورة المذهب وتم تحرير أقواله وآرائه في صورتها النهائية في أواخر أَيَّام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، الذي خلف جابر بن زيد على إمامة أشياخ المذهب في البصرة، وهي مركز التجمع الأساسي لعلماء الإباضية؛ حتَّى قرابة نهاية القرن الثالث. وعنه حمله طلبته الذين وفدوا عليه من المغرب والمشرق إلى بلدانهم، التي أضحت (من بعد) مراكز لدول إباضية، لعبت دورا سياسيا خطيرا، في كل من جنوب الجزيرة وشرقها (اليمن، وحضرموت ثُمَّ عمان وفي شمال إفريقيا.. ليبيا، تونس، الجزائر).

وقد عرف هؤلاء التلاميذ باسم خاص تطلقه عليهم كتب السير والطبقات الإباضية هو اسم: "حملة العلم". وبجهود حملة العلم تأسست دولة الإباضية في شمال إفريقيا، فكان إمام الظهور الأوَّل لهذه الدولة هو: أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري أحد حملة العلم، وقد بايعه أصحابه بالإمامة في منطقة "صياد" قرب بلدة زنجور في طرابلس سنة 140 الهجري، ولعب دورا هاما في سياسة المنطقة في فترة قصيرة، التي حكمها أَيَّام ملك العباسيين. ثُمَّ بعد حروب متصلة بين جيوش الدولة العباسية وجموع الإباضية في المغرب، أفلح تلميذ آخر من تلاميذ أبي عبيدة وأحد "حملة العلم" وهو عبد الرحمن بن رستم الفارسي في تأسيس الدولة الإباضية بتاهرت، والتي استمرت قرابة مائة وعشرين سنة (120 سنة) وازدهرت مع ازدهارها، وما هيأته من ظروف الاستقرار حركة علمية ممتازة في كل من جبل "نفوسة" و"تاهرت" تركت ثروة علمية واسعة ذات قيمة جليلة، وبعد سقوط الدولة الإباضية في تاهرت احتفظت التجمعات السكانية الإباضية بنوع من الاستقلال الديني والسياسي، مكنها في متابعة تلك النهضة العلمية التي تقوم على رعايتها مجالس العلماء، التي عرفت في اصطلاح الإباضية "بمجالس العزابة"، فاتصل الإنتاج العلمي بين إباضية المغرب في مختلف العلوم الإسلامية حتَّى أَيَّامنا هذه.

وَلَعَلَّهُ من الإنصاف أَن نقرر هنا حقيقة هامة .. هي أنَّ المذهب رغم تلك الجفوة التي اصطنعتها ظروف السياسة في تاريخ الأمة الإسلامية بينه وبين سائر مذاهب الأمة.. يمثل في واقعه أقرب صورة إلى حقيقة الإسلام الأصيل، في عقائده وفقهه ومسلك أتباعه، ويتميز تاريخه الطويل بذلك الصراع المتصل لإقامة وجود سياسي للعقيدة الإسلامية، ممثلا في إمامة العدالة في حال الظهور، أو في السعي المتصل لإقامتها في مسالك الدين الأخرى في أطوار "الدفاع" أو "الشراء" أو "الكتمان".

ونحن نطمع أَن يكون نشر آثار الإباضية دافعا لعلماء الأمة للتدبر في فقه المذهب الإباضي، ووضعه في مكانه الصحيح الذي يُقَوِّي الجماعة، ويوحد صفوفهم، ويلُمُّ شعثَ المسلمين في عصرٍ هم أحوج ما يكونون فيه إلى وحدة صفوفهم، ورصد قوتهم لصد طغيان الطاغوت المتربص بهم في الداخل والخارج.

 

 -----------------------------------------

(1)الدكتور النامي في مقدمة تحقيقه لكتاب أجوبة ابن خلفون: 9-12:

المصدر مجلس أعيان قصر غرداية

من هم البربر؟

Icon 09البربر هم أبناء بربر بن تَمَلاَّ بن مازيغ، ويسمّون أنفسهم أمازيغ نسبة إلى جدّهم مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام. 

كان البربر أوّل عهدهم في الشّام مع أبناء عمّهم فلسطين، فوقعت بين الطّرفين حروب، فهاجر البربر من الشّام، فساروا إلى المغرب عبر مصر، واستوطنوه في العصر الحجري، وعمروه من غرب النيل إلى المحيط الأطلسي[1]. 

مواطن البربر اليوم هي سِيوَهْ أو واحة عمون بمصر، ومعظم المناطق بليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وتشاد والنيجر ومالي وموريطانيا، وجزر الكناري في المحيط الأطلسي. 

إنّ البربر ينقسمون أصلا إلى قسمين: البرانس والبُتْر، كلّ قسم يتفرّع إلى شعوب كثيرة لا تحصى. أحدشعوب البتر زناتة. كان موطنها في جنوب طرابلس بجوار نفوسة، وفي جبال أوراس، ومن مليانة إلى وادي ملوية، وفي الصّحراء مواطنها وَرَجْلَه ووادي مزاب والأغواط[2]. 

تتفرّع زنّاته إلى خمسة فروع، من بينها وَاسِينْ، ومن بطونه بنو مرين وبنو راشد وبنو بادين.


-----------------
 [1]حمد علي دبوز: تاريخ المغرب الكبير، الجزء الأول، ص23.

 [2]  نفس المصدر،ص 38.

من هم بنو مزاب؟

من هم بنو مزاب؟

المزابيون:

Icon 09

يعـتبر المزابيون أحد المكوّنات الأصيلة للشعب الجزائري والذي تربطه به روابط وثيقة وصلات متينة كما يتميّز بخصائص فريدة، فالمزابيون أحد فروع قـبيلة زناتة المازيغية المعروفة والتي استوطنت المغرب الأوسط منذ أحـقاب بعـيدة، كما أنهم ينتمون ضمن زناتة إلى فرعي: واسين وبادين، وعن ذلك يقول بن خلدون:

(...وتشعـبوا إلى شعوب كثيرة فكان منهم: بنو عبد الواد وبنو توجين وبنو مزاب وبنو أزردال يجمعهم كلهم نسب بادين...وكانوا كلهم معروفين بين زناتة الأولى ببني واسين قبل أن تعـظم هذه البطون والأفخاذ وتـتشعّـب مع الأيام)(1).

ويقول الأستاذ الحاج سعيد يوسف في ذات الصدد:

( ..إن بني مزاب أمازيغ، ويطلق على الأمازيغ كذلك اسم البربر... تتفرّع زناتة إلى فروع والتي من بينها واسين، ومن بطون واسين بنو مرين وبنو راشد وبنو بادين ومن أحفاد بادين بنو مزاب..)(2).

إذا كان هـذا النصان السالفان قـد قـدّما لنا لمحة مفـيدة عن الانتماء العرقي للمزابيين فإن التعريف بهم كـفئة لها خصائصها في الجزائر لا يتمّ إلا بإضافة لمحة عن خصائهم المذهـبية إذ يـعتنق المزابيون المذهب الإباضي الذي يعـتبر أحـد المدارس الإسلامية التي وضع أسسها وشكّل ملامحها أحد كبار التابعـين وهو الإمام جابر بن زيد رحمه الله، وقـد وصل المذهـب إلى المغرب الإسلامي في بدايات القرن الثاني الهجـري وأخـذ به الناس «...والإباضية تقوم على العـقـيدة الإسلامية الأصيلة ولا علاقة لها بالجـنس والعـرق والدّم إطلاقا... ولم تظهر في المنطقة [مزاب] إلا مع بداية القرن الرابع الهجري..»(3).

 

المزابي:

ممّا مرّ ذكره يمكـننا القول أن المزابي هـو ذلك المازيغي الزناتي الذي يمتـد وجوده بامتداد وجود هـذه الأرض الجزائرية وهـو نفسه ذلك المسلم الإباضي الذي صار كذلك منذ بداية القرن الرابع الهجري فامتزج فيه العنصران حتى صارا يـعـبّران عن شيء واحد.

-------

(1) عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ن: بيت الأفكار الدولية، اعتنى بإخراجه: أبو صهيب الكرمي، د ط ، ص: 1835.

(2)يوسف بن بكير الحاج سعيد، الهوية الميزابية – أهم عناصرها وتشكلها عبر التاريخ- ، ن: المطبعة العربية، ط 01، 1432هـ/ 2011م، ص 07.

(3) بكير بن سعيد أوعوشت، وادي مزاب في ظل الحضارة الإسلامية، ن: المطبعة العربية، ط 01، 1991م، ص 30.

المصدر: أ‌. أحمد بن داود امعيز الحاج أحمد،  بنو مزاب بالعاصمة بين التنوع اللغـوي والانسجام الاجتماعي: 1514-1830م.

من هم بنو مزاب؟

ⴰⵜ ⵎⵥⴰⴱ

Icon 09

المزابيون هم شعب أصيل ملتزم سكنوا منذ أقدم العصور بمنطقة مزاب و هي منطقة صخرية صحراوية تقع جنوب الجزائر بـ 600 كلم و هي منطقة قديمة جدا منذ العصور الحجرية و قد وجدت أكثر من 2900 أداة استعملها الإنسان البدائي في المنطقة .

يقول الشيخ مبارك الميلي: " ومن أفخاذ بادين مصاب، بالوطن المعروف بهم، المدعو اليوم مزاب. والزاي والصاد متقاربان"[1].

ومصاب هذا هو مصعب بن محمّد بن بادين، انتقل بنوه إلى الشّبكة مع بني إخوته عبد الواد وتُجِينْ وزَرْدَال، وهم من الطبقة الثّانية من زناتة.

حسب الشيخ أبي إسحاق طفيش، فإنّ هجرة بني مصعب إلى بلاد الشّبكة تمّت في القرن الثّاني من الهجرة[2]، ووقعت لأسباب سياسية حسب رأي ابن خلدون[3].

ينقل الشيخ مبارك الميلي عن ابن خلدون (1332م- 1406م) قوله:" وقصور مصاب سكانها لهذا العهد شعوب بني بادين، من بني عبد الواد وبني تُوجينْ ومصاب وبني زَرْدَال، فيمن انضاف إليهم من شعوب زناتة، وإن كانت شهرتها مختصة بمصاب".

ويمضي الشيخ الميلي قائلا:" وبنو عبد الواد الذين بمزاب من بني مطهر بن يمل ابن يزقن بن القاسم. وقال أوب رأس: بمزاب لماية وأخلاط من صنهاجة وغيرهم".

وعلاقة النّسب هذه بين بني مزاب وبني عبد الواد تجرّنا إلى إدراج الحادثة الآتية: لمّا احتلّ تلمسان السّلطان المريني أبو فارس عبد العزيز عام 772هـ/ 1370م، خرج منها سلطان بني عبد الواد عليها أبو حمو الثّاني، متنقلا متشرّدا في بلاد الصّحراء إلى أن التجأ إلى وادي مزاب أين شعر بالأمان[4].

استضافته بلدة العطف في محلّ يطلّ على ساحة السّوق، اشتهر بـ(دار سلطان).

أمّا سبب تحريف مصعب إلى مزاب فلأنّ من البربر من لا يستطيع النطق بالعين محقّقة، وإنّما ينطق بها همزة، وقد يسهّلها إلى الألف. ونجد ذلك جليّا في بعض المخطوطات القديمة التي نقرأ فيها أَمِّي سعيد وأَمِّي عيسى، بدلا من عمّي سعيد وعمّي عيسى. ثمّ إن تقارب مخارج الصاد والزّاي والضّاد من جهة، وتعدّد اللّهجات الألسنة من جهة أخرى، وتقادم العهد من جهة ثالثة، أدّت إلى اختلاف النّطق لهذه الكلمات، فقالوا مصعب ومُصَاب ومُضَاب ومْزَاب ومِيزَاب. ممّا يؤيّد هذا الرّأي إبدال بني مزاب للصاد زايا مفخّمة في بعض الكلمات العربية، مثل الصّلاة والصّوم، اللتين أصبحتا تْزَالِيتْ وَأَزُمِي.

وهناك من يرى أنّ كلمة مْزَابْ هي ذاتها كلمة زَابْ، ويستدل على ذلك بكون التوارق يقولون، دون تمييز: زَابْ ومْزَابْ ونْزَابْ.

وكذلك توجد في وادي مزاب عائلات إلتجأت من تيهرت بعد سقوط دولة بني رستم إلى مزاب وهناك بعد عائلات قدمت من وارجلان بعد تخريب ابن غانية لها وافساد نظام الري فصارت وارجلان قبرا بعد أن كانت عامرة زاهرة وهناك عائلات معروفة قدمت من جبل نفوسة ومن جربة في عصور مختلفة معروفة".

يقول أبن خلدون : "بنو يفرن هؤلاء من شعوب زناتة واوسع بطونهم وهم عند نسابة زناتة بنو يفرن بن يصلتين بن مسر بن زاكيا بن ورسك بن الديرت ابن جانا وأخوته مغرواة وبنو يرنيان وبنو واسين من ذريتهم بنو زيان ملوك تلمسان".

يقول في صفحة 12 من الجزء السابع ط دار الكتاب "ومن بني واسين هؤلاء بقصور مزاب على خمس مراحل من جبل تيطري في القبلة بمادون الرمال وهذا الأسم للقوم الذين اختطوها ونزلوها من شعوب بني بادين وسكانها لهذا العهد شعوب بني بادين من بني عبد الوادى وبني توجين ومصاب وبني زروال فيمن يضاف إليهم من شعوب زناته وأن كانت شهرتها مختصة بمصاب ومنهم بجبل أوراس طائفة معروفون بين ساكنيه".

 ----------------------------------------

[1]_ تاريخ الجزائر في القديم والحديث، الجزء الثاني، 214.

[2]_ المنهاج، 156.

[3]_ حمو عيسى النوري: دور الميزابيين، الجزء الأول 27.

[4]_Revue africaine n°37 , 373 وعبد الرحمن الجيلالي: تاريخ الجزائر العام، الجزء الثاني، 185.

 

مواقف المزابيين البطولية

Icon 07

يقول الجنرال فيفان الفرنسي وزير المستعمرات: (ونحن الفرنسيين نعلم أن الجزائر لم يدافع عنها بحق إلا المزابيون ، فإن آخر قوة بقيت تدافع بعد استسلام الداي، استسلام ذل و صغار ، و احتلال العاصمة ، و استمرت ترسل نيران مدافعها هي قوة المزابيين بجبل سيدي بنور ، ولما ورد مْزاب خبر سقوط العاصمة في يد الفرنسيين ، مكث المزابيون ثلاثة أيام لم توقد نار في بيت من بيوتهم ، لا حزنا على شهدائهم بل تقديرا لفداحة الخبر).

1- بنو مْزاب في الجزائر العاصمة سنة 925 هـ / 1518 م : إن خير الدين بربروس ( والي الجزائر العثماني من 1518 ) لما أحس بخطورة الموقف بعد احتلال الإسبان لمنطقة " كدية الصابون " (منطقة قرب الجزائر العاصمة ) ، و إحاطة العدو الإسباني بمدينة الجزائر ، استدعى إلى قصره الشيخ باحيو بن موسى و هو من تجنينت ، و أمين المزابيين في الجزائر بكير بن الحاج محمد بن بكير و هو من آتمليشت ، و غيرهما من المجاهدين المزابيين يستشيرهم ، فأشاروا عليه بالقيام بعملية فدائية ، قد يكون بها احباط المخطط الإسباني و انهزامه ، و اتفقوا معه على أن يقوموا هم بالعملية . بعد ذلك اجتمع المزابيون بمكان معين هو مكان المسجد الإباضي العتيق بالعاصمة حاليا ، تحت إشراف أمينهم ، فاختاروا من بينهم سبعين فدائيا ، و قرروا حمل السلاح على النعش كجنازة و السير به إلى المعسكر الإسباني في حي حسين داي (أحد أحياء العاصمة الجزائرية ) فذهبوا بالتهليل و التكبير مخترقين قوات العدو على طول الطريق ، و كان العدو يراقب المشيعين عن كثب ، فلما بلغوا بالجنازة الوهمية المكان المقرر صلوا عليه إيهاما للعدو . ولتنفيذ العملية الفدائية ، أمر رئيس الفرقة واحدا يقوم بنسف مستودع البارود في المعسكر ، فخرج إليه شخص يلبس عباءة من نوع اللش (تصنعها المرأة المزابية من الصوف متعدد الألوان تنسج فيها عددا من الرموز و الرسوم التقليدية ) ، وأخفى تحتها قرابيلة فدخل بسرعة و مهارة في المعسكر الذي لا يحرسه إلا عدد قليل من الجنود الإسبان فنسف المستودع و استشهد ، فالتحمت المعركة و أشغل الفدائيون النار في المعدات الحربية و القوارب التي تصل الأسطول الإسباني بالشاطئ . فلما شاهدت قوات العدو المتمركزة بكدية الصابون أن المعسكر و القوارب تلتهمها النيران ، انقسمت إلى نصفين , قسم أسرع لإنقاذ المعسكر و آخر يواجه ضربات المجاهدين الذين فتحوا أبواب المدينة بعد العملية الفدائية ، و لم يكد ينجو من هذه المعركة أحد من الإسبان ، وقد تم هذا النصر يوم الأحد 23 أوت 1518م -925هـ ,وفر القائد الإسباني دون هوقو مع ما بقي من الجنود ، أما الشهداء المزابيين فدفنوا هناك في حسين داي الحالي .

2- العدوان الفرنسي على الجزائر وعلى إثر العدوان العسكري الفرنسي والإنزال الذي شهدته شبه جزيرة سيدي فرج بالضواحي الغربية لمدينة الجزائر، راسل الباشا حسين دا ي الجزائر سائر النواحي الجزائرية. وقد تولى الآغا أفندي إبراهيم قيادة الجيش الجزائري الذي كان ينضم إليه في كل يوم بضعة آلاف من العرب والقبائل والأعراش بقيادة باياتهم وشيوخهم أو خلفائهم فوصل باي قسنطينة إلى سطح الوالي (سطاوالي) مع حوالي 12000، وباي التيطري مع 8000 وخليفته مع 3000 وخليفة باي وهران مع6000، ومع شيوخ القبائل(26) مابين 16000 و18000، وأمين الميزابين مع حوالي 4000 مجاهد. وهذا حسب تقديرات الطبيب الألماني (سيمون بفايفر). ولا ندري ما معتمد الشيخ توفيق المدني في تقدير تعداد مساهمة المزابيين في جيش المتطوعين، حين أحصى عددهم بألف رجل. وهكذا أصبح الجيش الجزائري بإضافة حرس الآغا أفندي وسكان الجزائر الذين تواصلوا إلى المعسكر بدفعات كثيرة، يضم 50 ألف رجل على الأقل. ويبدو أن لا الداي ولا الآغا إبراهيم يعرف مقدار القوات الجزائرية المحاربة وتذكر بعض الروايات والمراجع أن المجاهدين المزابيين استماتوا في الدفاع في الساعات الأولى من الهجوم على الجيش الفرنسي، وقد سقط منهم عدد كبير في ميدان الشرف، ولهؤلاء مقبرة في سطاوالي اختفت معالمها. و سقوط مدينة الجزائر في الخامس من جويلية 1830 في يد الجيش الفرنسي امتد وقع الخبر إلى مزاب، فأضرب السكان هناك عن إيقاد النار في بيوتهم ثلاثة أيام، تقديرا لفداحة الخطب وهول الكارثة، واستعدادا لمواجهة المرحلة الجديدة. ولا نستغرب استماتة المزابيين في الدفاع عن البلاد التي تعتبر موردا لأرزاقهم، فضلا عن أنها بلاد إسلامية، وهذا قبل أن تتبلور معاني الوطنية الجامعة التي توحد مشاعر الشعب وتحدد أهدافه في إطار الحركة الوطنية الشاملة.

3- بنو مْزاب في الجزائر العاصمة عام 1830م: يقول الشيخ أحمد توفيق المدني:(و قد كان الباشا راسل سائر النواحي الجزائرية ، فأجابته بأنها مستعدة لإرسال رجالها للحرب ، و أرسل المزابيون -مع أمينهم في العاصمة- أربعة آلاف رجل للمشاركة في الدفاع و تجمعت الجموع كلها في اسطاوالي ، بينما تمكن الجند الفرنسي يوم 13 جوان 1830 من النزول إلى البر داخل شبه جزيرة سيدي فرج ، وتحصن بها دون مقاومة تذكر ) ويضيف الشيخ حمو بن عيسى النوري (إن المجاهدين المزابيين ,استماتوا في الدفاع في الساعات الأولى من الهجوم على الجيش الفرنسي ، و قد سقط منهم عدد كبير في ميدان الشرف ، و في مقدمتهم البطل اطفيش داود بن يوسف شقيق قطب الأئمة ، ولهؤلاء الشهداء مقبرة في اسطاوالي في ساحة طمست آثارها اليوم ) و ممن شارك في الدفاع عن العاصمة في هذه المعركة جد الشيخ مطياز ابراهيم من الأم ، عيسى بن موسى الأمين الذي جرح و نقل إلى مْـزاب ، و استشهد أخوه محمد بن موسى و جد الشيخ مطياز من الأب كذلك . ونجد العدو يشهد أن آخر حامية استمرت في ارسال نيرانها بعد احتلال العاصمة هي حامية المِزابيين بجبل سيدي بنور . يقول الجنرال فيفان الفرنسي و زير المستعمرات :(ونحن الفرنسيين نعلم أن الجزائر لم يدافع عنها بحق إلا المزابيون ، فإن آخر قوة بقيت تدافع بعد استسلام الداي ، استسلام ذل و صغار ، و احتلال العاصمة ، و استمرت ترسل نيران مدافعها هي قوة المزابيين بجبل سيدي بنور ، و لما ورد مْزاب خبر سقوط العاصمة في يد الفرنسيين ، مكث المزابيون ثلاثة أيام لم توقد نار في بيت من بيوتهم ، لا حزنا على شهدائهم بل تقديرا لفداحة الخبر ) .

4- بنو مْزاب في سهول متيجة : لقد استشهد كثير من المزابيين في المعارك الطاحنة التي قادها ضد المحتلين كل من ابن زعمون و الحاج يحيى بن المبارك و مصطفى بن مرزاق ، و ذلك بين وادي الحراش و بوفاريك و البليدة ، و خصوصا في المعركة الضارية التي بين حجوط و بني مراد . و للمزابيين مقبرة مشهورة خاصة على الطريق الصاعد إلى الشريعة ، تضم رفات 35 شهيدا سقطوا في تلك المعارك .

5- بنو مْزاب في صفوف الأمير عبد القادر : لما التحق سيدي السعدي بالأمير عبد القادر لمواصلة جهاده انضم كذلك المزابيون إليه ، فكانوا أطوع جنده ، فاتخذهم في بطانته ، و جعلهم من أمناء سره . منهم الطبيب الماهر باي أحمد بن بابا عيسى ، اتخذه الأمير طبيبه الخاص و كاتبه و أمين سره ، وهو من آت مليشت ، حضر مع الأمير في معاهدة التافنة .و الحاج سليمان بن داود ، كان ذا مال و جاه عريض في تيارت و نواحيها ، و قد صادرت فرنسا كل أملاكه بسبب نشاطه في ثورة الأمير و إمدادها بالمال و السلاح ، وهو من تجنينت . وحمو بن يحيى يدّر من تجار معسكر و أعيانها ، وهو من آت يزجن ، والحاج داود بن محمد أميني ، كان أمين مال الأمير ، وكان لغناه الشديد يطبع له عملة ذهبية ، كما كان يصنع له السلاح بوادي مْزاب على نفقته الخاصة . و منهم الحاج يوسف أميني ، شقيق داود أميني كان أمين المال في المدية ، و محمد ابن صالح أميني كان أمين المال في الجلفة.

6- بنو مْزاب على أسوار قسنطينة: لقد دافع بنو مزاب عن قسنطينة دفاعا مستميتا ، مما جعل القائد الفرنسي بعد سقوطها يرفع لهم قبعته تحية لبطولتهم ، و قد اشترطوا بعد إيقاف اطلاق النار ألا يسلموا سلاحهم ، و ألا يدخل الجيش الفرنسي القسم الذي كانوا يدافعون عنه لنهب أو سلب أو انتهاك حرمات ، مما جعل عائلات قسنطينة و البيوتات الكبيرة فيها يبعثون بكل نسائهم إلى تلك الأحياء ، فأصبحت رحبة الجمال ملجأ لعائلات وجهاء المدينة و من يرغب بالإحتماء ببني مْزاب مدة أيام الإستباحة الثلاثة . ثم إن أحد أغنياء عائلات ( ابن لفقون ) في قسنطينة حبس أرضا له بقسنطينة على المزابيين ، اعترافا بجميلهم في هذه الحادثة ، فاتخذوها مقبرة لهم .

7- نجدة بني مْزاب لوارجلان عام 1226 هـ - 1811 م : قدم بنو جلاب (حكام تقرت ) إلى وارجلان (مدينة قرب مْزاب ) ، بجيش جرار و سلكوا طريق الفساد و النهب و القتل ، فتلقتهم جموعها و قابلتهم مقابلة الأبطال دفاعا عن وطنهم ، و طلبوا النجدة من بني مْزاب ، فجادوا بخيلهم و رجالهم ، فحكموا سيوفهم في رقاب المعتدين ، و قدموا الشيخ داود بن ابراهيم طباخ امام دفاع ، و كان ضمن هذه النجدة حوالي 800 مزابي رافعين لواء أبيض به رقعة من كساء الكعبة كتب عليه آية من القرآن . و لما وصلوا وارجلان انضموا إلى إخوانهم ووقعت معارك قاسية دامت ثلاثة أيام بلياليها ، أسفرت عن انهزام جيش الجلابيين الغازي . عندما تبلغ الإباضية المزابيين أخبار عن مهاجمة عدو لهم ، أو توقع خطر ينزل عليهم ، فإنهم يتفقون على واحد منهم يبايعونه على أن يقودهم في معركة الدفاع ، يسمى إماما للدفاع ، فإذا انتهت المعارك و رجع العدو و أمنت البلاد بطلت البيعة و الإمارة تلقائيا ، و يصبح إمام الدفاع هذا فردا كسائر الناس . شهادة للمناضل : ابن يوسف بن خدة ، عضو لجنة التنسيق و التنفيذ لجبهة التحرير الوطني ، و رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة في جهاد الشيخ بيوض رحمه الله و المزابيين أثناء ثورة التحرير المباركة .

مواقف بنو مزاب البطولية

  • إباضية بني مزاب مواقف ثابتة

    charles V 2

    بقلم: جواد عبد اللطيف الجزائري
    وأنت تقرأ هذه الأسطر يشد انتباهك قوة معانيها ومتانة تراكيبها،إذ أنها تعكس جزالة قلم صاحبها وعزة وإباء شخصيته، وسلامة سريرته وافتخاره بوحدة أمته ووطنه إن في هذه الأسطر حكمة بالغة وموعظة جامعة وإني لمتأكد بأن لها...


    اقرأ المزيد

  • تطهير الأمازيغ للشمال الإفريقي من مختلف الغزاة

    charles V 2

    مشاركة بني مزاب في مقاومة احتلال الأوروبين لشمال إفريقيا
    بنو مزاب في جربة عام 1510م
    بنو مزاب في مدينة الجزائر عام 1518م
    بنو مزاب في الجزائر العاصمة عام 1830م 
    بنو مزاب على أسوار قسنطينة عام 1837م...


    اقرأ المزيد

  • الميزابيون في العهد التركي

    charles V

    كان العهد التركي عصرا ذهبيا لتاريخ الجزائر، فقد أملت في الدولة الجزائرية أو المملكة الجزائرية أكثر من مائتي معاهدة على فرنسا وبريطانيا وهولندا والبرتغال وحتى على الولايات المتحدة الأمريكية. وقد استنجدت بهم فرنسا خوفا من غارات الإنجليز على سواحلهم الشمالية، ونزلت البحرية الجزائرية في ميناء "براست" الفرنسي ليحاربوا ويردوا غاراتهم. ولعل...


    اقرأ المزيد

  • الكفاح ضد الحملات الإسبانية

    charles V

    حملة الإمبراطور الإسباني
    بنو مزاب أحبطوا المخطط الإسباني
    الشيخ باحيو ضد الإسبان
    باباسي مزاب ضد الإسبان
    فيديوهات باباسي

    كدية الصابون...


    اقرأ المزيد

  • الميزابيون في المقاومة الشعبية

    charles V 2

    بنو مزاب في المقاومات الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي
    بنو مزاب في صفوف الأمير عبد القادر
    تأييد المزابيين ضد الإستعمار الفرنسي
    قوات المزابيين بسيدي بنور تصمد أمام الإحتلال الفرنسي
    دعم بني مزاب للمقاومة ضد الاستعمار....


    اقرأ المزيد

  • مقاومة الدخول الفرنسي

    charles V 2

    بنو مزاب في المقاومات الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي
    بنو مزاب في صفوف الأمير عبد القادر
    تأييد المزابيين ضد الإستعمار الفرنسي
    قوات المزابيين بسيدي بنور تصمد أمام الإحتلال الفرنسي
    دعم بني مزاب للمقاومة ضد الاستعمار....


    اقرأ المزيد

  • المزابيون في الثورة التحريرية

    charles V 2

    النضال الإعلامي ضد النظام الفرنسي    
    رفض المزابيين فصل الصحراء
    مشاركة المزابية في الثورة التحريرية
    مجاهدي وشهداء مزاب...


    اقرأ المزيد

  • مواضيع قيد الإنشاء

    Icon 08
    مزاب مطمورة البارود في الثورة 
    موقفهم المشرّف في قضية فصل الصحراء عن الشمال
    تمويل الحرب الطرابلسية والتونسية
    لنضال السياسي و العسكري من أجل استرداد السيادة الوطنية
    ...

نزح الماء من البئر

يقوم الفلاّحون الميزابيون بالري عن طريق الآبار , التي تعتبر المصدر الوحيد , تقريبا , للمياه بوادي ميزاب , و في جميع المناطق الصحراوية في العالم , كما سبق الذكر , و كذلك على الوادي المحيط بالمدينة , و الآبار عدة أنواع , كما أن طرق استخراج المياه منها متنوعة كذلك .

 طرق استخراج المياه : نموذج بئر تقليدية

ajbad01


الطريقة التقليدية :

يتم نزح الماء من البئر بوادي ميزاب , بواسطة الجمل أو الحمار أو البغل , الذي يجذب الدلو بواسطة حبلين يمران على بكرتين , وذلك باتباع درب مائل يخفف عليه مشقة الجذب .عند إفراغ الدلو في الحوض تعود الدابة في اتجاه البئر لتتكرر العملية . يرافق الفلاح الحيوان ذهابا و إيابا لحثه على السير , ومساعدته في الجذب و تفريغ حمولة الدلو في الوقت المناسب , هذه الحمولة تتراوح بين عشرين وثلاثين لترا , ومعدل النزح مرتان في الدقيقة , و ينزح الحمار 3 أمتار مكعبة من الماء في الساعة , ولايؤنس الفلاح إلا موسيقى البكرتين أو مايكرره من آيات القرآن , و لازال بعض المسنّين بستعمل هذه الطريقة إلى اليوم , لاستمتاعه بها.

الفلاح قديما بمزاب هو أول من يخرج من البلدة إلى واحاته وذلك قبل آذان الفجر بكثير، ويستمر في جهد عضلي شاق جدا إلى المغرب مع بعض أوقات الاستراحة، وقد قدر أحد الباحثين المسافة التي يقطعها الفلاح في نزح الماء من البئر بـ: 40 كلم يوميا.

 

طريقة الرّي :

طريقة ريّ الواحات في وادي ميزاب , هي طريقة بسيطة جدّا , تعتمد على حفر السواقي التي تجري بين الأشجار و النخيل و تنقل المياه إليها , و هذه المياه تأتي من البئر ثم تصبّ في حوض مخصص لها بجانب البئر , ثم تنساب إلى الساقية الرئيسية عن طريق مجرى كبير في أسفل الحوض , و منها إلى السواقي الفرعية التي تمر على كامل الغابة.

 

طريقة أخرى هي آفراض:

afradh n wamane

وني اقارناس افراض يروزد اي جا . ايجروا امان اماسس افراض يتتيلي يفتش يرزم باش ادياجم أمان تتوغن ايمزوار سخدامنت ايمار نتيرميزين. يقار ينزي حدني يرزم نغ يفتش أن وفراض جا هو الدي يوجد داخل المنزل اما افراض يستعمل لجلب الماء من البئر عندما يكون منسوب المياه منخفض خاصة في فترات تيرميزين حيث ينبسط ويفتح على مصرعيه فيجمع الماء '' افراض هو الجمع'' افراض هو الجمع بالامازغية فهو يجمع الماء عندما ينبسط على الارض يستعمل في فترات الجفاف حيث يكون منسوب المياه منخفض نستعمل فيها تقنية جمع المياه.

 

 

نشأة الحركة الإباضية

تأليف: د. عوض خليفات

Icon 09رابط تحميل الكتاب Pdf

للدكتور عوض خليفات، من الأردن، عدة مؤلفات عن الإباضية، منها:"النظم الاجتماعية والتربوية عند الأباضية في أفريقية في مرحلة الكتمان"، و"نظام الولاية والبراءة والوقوف عند الإباضية".

ومنها كذلك "نشأة الحركة الإباضية" الذي نحن بصدد التعريف به في هذا العدد،وقد صدرت الطبعة الأولى سنة 1978،ثم طبعته بعد ذلك دار مجدلاوي في الأردن،ويقع في 226 صفحة.

والكتاب يتتبع نشأة الإباضية التي تنحدر من فرقة الخوارج، أولى الفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي، ثم يتحدث عن مؤسسها عبد الله بن أباض، وأهم شخصياتها، والدول أو الدويلات التي تمكنت من إقامتها في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، وخاصة في عُمان وشمال أفريقيا.

 

الباب الأول

يقسم المؤلف كتابه إلى سبعة أبواب، يتحدث في الأول منها عن المراجع التيحضرموت استقى منها معلومات الكتاب، ويقدم لها رؤية نقدية، ومن هذه المصادر ما هو سني، ومنها ما هو شيعي، وما هو إباضي.

وفي هذا الباب أيضاً يتطرق خليفات إلى الدراسات الحديثة عن الإباضية مشيراً إلى أن المستشرقين هم أول من انبرى لدراسة الإباضية مدفوعين بأسباب عديدة، ولا ننس هنا أن أول معاهد الاستشراق في فرنسا كان تابعاً لوزارة المستعمرات، التي استخدمت الاستشراق لمعرفة المناطق التي ترغب في احتلالها أو التي قامت باحتلالها، ومعرفة السكان وأصولهم وعقائدهم، ليسهل التعامل معهم، خاصة وأن الإباضيين ينتشرون في عدد من البلدان التي احتلتها فرنسا مثل تونس والجزائر. وقد أورد المؤلف عدداً مما ألفه المستشرقون في ذلك.

 

الباب الثاني

أ ـ تطور الخلافة وأثرها في ظهور الخوارج

يعود ظهور الخوارج كجماعة إلى عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتحديداً إلى أولئك الذين انشقوا من جيشه عقب حادثة التحكيم سنة 37هـ، وهي الحادثة الشهيرة التي أعتقبت معركة صفين التي دارت رحاها بين الإمام علي ومعاوية. فلقد رأى هؤلاء الخوارج أن التحكيم يعتبر تعدياً على أمر الله مرددين "لا حكم إلاّ لله" فما كان من الإمام علي إلاّ أن قاتلهم في "النهروان" وانتصر عليهم.

وللوصول إلى هذه النتيجة عن نشأة فرقة الخوارج، وضع د. خليفات تمهيداً بدأه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، واختيار أول خليفة للمسلمين، وقد تخبط المؤلف في هذا الباب، واستند إلى بعض الروايات التي لا تصح، واعتمد ـ فيما اعتمد ـ على كتاب الفتنة الكبرى لطه حسين، وهو كتاب مليء بالتلفيق حول تاريخ الخلفاء الراشدين.

ومن جملة ما تخبط به د. خليفات في هذا الفصل اعتباره أن مشكلة الخلافة هي أول مسألة اشتد فيها الخلاف بين المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بعض الصحابة ترددوا في قبول ترشيح أبي بكر لعمر بالخلافة من بعده، لأنهم يفضلون عليّاً، وأن عمر رفض أن يرشح أحداً بعينه للخلافة من بعده، لأنه خشي من عثمان مثلاً "عصبيته وحبه لأهله وقومه، وحملهم على رقاب الناس".

ومن جملة ما أخطأ به المؤلف أيضا اعتباره أن التأييد الواسع الذي حظي به عثمان رضي الله عنه عقب استشهاد عمر ناتج عن "دعاية قام بها الأمويون في المدينة ـ وهم كثر ـ لصالح شيخهم عثمان".. وغير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره.

ب ـ تفسير الإباضية لنشأة الخوارج

في هذا الفصل يقوم المؤلف ـ مستنداً إلى مصادر ومؤلفات الإباضية ـ آراء الإباضية في التطورات التي حدثت في صدر الإسلام وأدت إلى نشوء الخوارج ـ الفرقة الأم ـ:

1ـ يزعم الإباضيون أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حاد عن الطريق القويم في الفترة الأخيرة من خلافته، لذا وجبت منه البراءة، وبالتالي أحل سفك دمه.

2ـ يعتبرون أن الغوغاء الذين ثاروا على عثمان كانوا على حق، ويعتبرونهم الرواد الأوائل لفرقتهم، ويدّعون أن المهاجرين والأنصار في المدينة حرّضوا المتمردين على عثمان، ومنهم علي.

3ـ  ويقولون إن المسلمين تولوا علي بن أبي طالب وساندوه حتى قبوله التحكيم مع معاوية، ويرون أنه أخطأ فيما عمل، وحكم الرجال في أمر من أمور الله، وخلع نفسه من منصبه الشرعي الذي بايعه عليه المسلمون، لذا وجبت البراءة منه ومحاربته، وخاصة بعد رفضه إعلان التوبة! والانضمام للمُحَكّمة الذين انتخبوا عبد الله بن وهب الراسبي إماماً لهم.

4ـ ويرى الإباضية أن عليّاً قد ندم لمحاربته أهل النهروان، واعترف أنهم ليسوا مشركين ولا منافقين. ويقولون أن هذا دليل على صدق نواياهم وصلاح عقيدتهم.

 

الباب الثالث

ظهور الخوارج المعتدلين ـ القعدة

يشير المؤلف هنا إلى جماعة انشقت بعد معركة النهروان، واتخذت مدينة البصرة مقرا لها، وآثرت السلم وعدم اللجوء للسيف لفرض آرائها. وقد تزعم هذه الجماعة أبو بلال مرداس بن أدية التميمي. وكونت هذه الجماعة البذرة التي أنتجت فيما بعد فرقة الإباضية.

وفي حين آثرت هذه الجماعة التهدئه،كان الخوارج " المتطرفون" يقومون بثوراتهم وحركاتهم ضد الأمويين، ويتعرضون من جراء ذلك للقتل والتشريد.

أما زعيم هذه الجماعة أبو بلال، فقد كان شهد معركة صفين مع الإمام علي، واشترك في معركة النهروان ضده، لكنه آثر فيما بعد أن ينشر أفكاره بالحوار والمناقشة مما جعله يكسب الكثير من الأتباع في البصرة، بل وجعل بعض الفرق كالشيعة والمعتزلة يعتبرونه أحد أتباعهم.

وقد أنكر الخوارج المتطرفون قعود أقرانهم(أتباع أبي بلال)عن الثورة فلقبوهم – احتقارا - بالقعدة ، أي الذين قعدوا عن الجهاد ومحاربة الولاة الظالمين ـ من وجهة نظرهم ـ أما أهل السنة فكانوا يسمونهم " الحرورية".

وقد اتبع والي العراق آنذاك زياد بن أبيه سياسة اللين مع هذا القسم من الخوارج لأنه كان يرى ضرورة التفرغ للخوارج المتطرفين، لكن بعد وفاة زياد، اتبع ابنه عبيد الله بن زياد سياسة مغايرة، إذ عمد إلى القسوة مع جميع الخوارج، مما اضطر القعدة إلى الدعوة والتحرك سرّاً.

وفي تلك الفترة أصبح الاغتيال السري وسيلة هامة لدى القعدة، والإباضية فيما بعد للتخلص من كل شخص يحاول إيذاءهم، وكان ذلك بعد أن استطاعوا اغتيال عباد بن علقمة المازني، قائد الجيش الأموي الذي أباد مرداس وأصحابه. كما أن أعداداً منهم انضمت إلى عبد الله بن الزبير في الحجاز لمّا أعلن رفضه توريث الحكم عند الأمويين.

 

الباب الرابع

عبد الله بن أباض وتطور الحركة الأباضية

تنسب الإباضية إلى عبد الله بن أباض، رغم أن الإباضيين يشيرون إلى انتسابهم إلى شخص آخر، هو جابر بن زيد الأزدي. ولا تذكر المصادر التاريخية إلاّ الشيء اليسير عن حياة ابن أباض، فتاريخ مولده ووفاته غير معروفين، والمصادر الإباضية تجعله من رجال الطبقة الثانية من التابعين، أي الذين ماتوا قبل عام 100هـ.

وعلى حد تعبير د. خليفات، فإن "أول اشتراك لابن أباض في الحياة العامة"، كان اشتراكه إلى جانب ابن الزبير ضد الجيش الأموي بقيادة الحصين بن نمير السكوني الذي خلف القائد الأموي مسلم بن عقبة سنة 63هـ، وكان ابن اباض قد ذهب إلى مكة مع بعض قادة الخوارج مثل نجدة بن عامر الحنفي، ونافع بن الأزرق وغيرهم، مدفوعين برغبتهم وحماسهم في الدفاع عن البيت الحرام.

وقد اندلع خلاف بين ابن الزبير، وهؤلاء الخوارج، جعلهم يتركون مكة، وقد عاد بعضهم، ومنهم ابن اباض، إلى البصرة سنة 64هـ.

وبرز ابن اباض في تلك الفترة عندما اختاره القعدة مجادلاً عنهم، ومتحدثاً باسمهم ضد مناوئيهم ، بعد عودتهم من الحجاز إلى البصرة ، وبخاصة ضد متطرفي الخوارج، وعلى رأسهم نافع بن الأزرق وأتباعه.

لكن المصادر الأباضية تنسب إلى عبد الله بن أباض دوراً ثانوياً بالمقارنة مع جابر بن زيد الذي سيخصص له المؤلف باباً كاملاً في هذا الكتاب، وهو المحسوب عندهم إمام الأباضية، في حين يعتبرون ابن إباض أحد زعمائهم الصالحين.

وينقل المؤلف رأياً لأحد المؤرخين الإباضيين المعاصرين مفاده أن الأمويين أطلقوا اسم الإباضيين عليهم، لأنهم لا يريدون نسبة هذه الفرقة إلى جابر بن زيد حتى " لا يجذبوا إليهم الأنظار، ولا يبدون في هالة جابر المشرقة..".

 

الباب الخامس

جابر بن زيد الأزدي

ويبدأ المؤلف هذا الباب بالتأكيد على أن المؤرخين الإباضيين، القدامى منهم والمحدثين يعتبرون أن جابر بن زيد هو المؤسس الحقيقي لدعوتهم، والمنظم الأول لحركتهم. ويعتقد أن سنة ولادته كانت بين (18ـ 22)هـ.

وقد تتلمذ جابر على يد عدد من الصحابة والتابعين، منهم عبد الله بن عباس، وقد بلغ من العلم مبلغاً يشار إليه بالبنان، ورحل في طلب العلم مراراً.

 

الباب السادس

أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي

وهو الذي خلف جابراً في رئاسة الدعوة، وقد عاش في البصرة، وأخذ العلم عن جابر، وغيره من أئمة الإباضية في مرحلة الكتمان، كما أنه أدرك بعض الصحابة مثل أبي هريرة وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري.

وبالإضافة إلى كونه عالماً من علماء الإباضية، فإن أبا عبيدة كان يتمتع بقدرات سياسية كبيرة، وقد تبوأ زعامة هذه الفرقة بعد موت الحجاج سنة 95هـ، وخروجه من السجن، واتفق ذلك مع بداية حكم سليمان بن عبد الملك سنة 96هـ وفي تلك الفترة لم تكن العلاقة بين الخلافة والأباضية عدائية، فقد حظيت الإباضية لفترة من الزمن بحماية زعيم الأزد، يزيد بن المهلب الذي عينه الخليفة والياً على العراق وخراسان حيث كان العديد من الأزديين، والمهالبة قد انضموا إلى هذه الفرقة.

وخلال تلك الفترة، التقط الإباضيون أنفاسهم ونظموا صفوفهم، واستفادوا في نشر دعوتهم من موسم الحج، ورحلات التجار، الأمر الذي مهّد ـ فيما بعد ـ لقيام عدد من الإمارات الإباضية التي تناولها الباب السابع من الكتاب، والذي أطلق عليه المؤلف اسم "انتصار الدعوة".

 

الباب السابع

انتصار الدعوة

حيث أثمر التنظيم الدقيق والعمل الدؤوب من قبل الإباضية تأسيس إمارات خاصة بها في جنوب الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.

أـ تأسيس الإمامة في الجزيرة العربية ـ حضرموت واليمن

فقد استطاع أحد زعمائهم وهو عبد الله بن يحيى، المشهور بطالب الحق، الاستيلاء على حضرموت سنة 129هـ، في السنوات الأخيرة لحكم بني أمية، بمساعدة الإباضية في البصرة، ثم استولى على صنعاء، وامتد نفوذهم إلى بعض مناطق الحجاز بعد انتصارات على الجيوش الأموية، تبعها هزائم وانكسارات.

وقد ظل للإباضية نفوذ وانتشار في حضرموت حتى استيلاء الصليحي عليها سنة 455هـ.

ب ـ تأسيس الإمامة في عُمان

أدت بعض العوامل إلى أن يؤسس الإباضيون إمارة لهم في عُمان منها انتماء عدد من أبناء قبيلة الأزد ـ أكبر قبائل عُمان ـ إلى الإباضية، ورغبة العمانيين المستمرة في الاستقلال عن السلطة المركزية المتمثلة بالدولة الأموية ثم العباسية، إضافة إلى طبيعة عمان الجغرافية وموقعها الاستراتيجي مما ساعدها على تنمية مواردها الاقتصادية، وبالتالي الوقوف ضد أي خطر دون خوف من حصار اقتصادي محتمل كما كان يحدث في الحجاز مثلاً.

ومنذ سنة 177هـ استطاع الإباضيون تأسيس الإمامة في عمان، وما زال مذهبهم سائداً هناك إلى اليوم.

جـ ـ تأسيس الإمامة الإباضية في شمال أفريقيا (المغرب العربي)

استفاد الأباضية من بعد بلاد المغرب العربي عن مقر الدولتين الأموية والعباسية، فأسسوا إمارة مستقلة،سرعان ما أرسل العباسيون لها الجيوش لحربها وإعادتها إلى جسم الدولة، وفي سنة 144هـ حقق العباسيون انتصاراً كبيراً على الأباضية.

والدولة الرستمية، المنسوبة إلى عبد الرحمن بن رستم هي إحدى الدول الإباضية التي قامت في المغرب الأوسط، وشكلت ملاذاً للإباضية الذين اضطهدهم العباسيون في أماكن أخرى، واستمرت الدولة الأباضية هناك منذ سنة 162هـ إلى سنة 297هـ، عندما قضى عليها العبيديون الفاطميون.

----------------------------

المصدر:  http://www.alrased.net

نشأة الدولة الإباضية

كان الإسلام قد غرس حب العدل في القلوب، والغرام بالمساواة في النفوس، والتعليق بالديمقراطية؛ فكان من مآثر الدين الحنيف عند المسلمين قضاؤه على ظلم الجاهلية واستبدادها، وعلى غطرسة الملوك، وتجبر الأمراء، وحيف الرؤساء؛ وأشاع العدل الذي يتولد به الاتحاد والإخاء، والديمقراطية والمساواة التي هي أساس المحبة والرخاء.

وكان الإسلام قد فرض في رئاسة الدولة أن لا يتقدم إليها إلا من يرتضيه المسلمون لدينه واستقامته، وورعه وإخلاصه، وكفاءته العقلية والخلقية، ويقدمونه هم لرئاستهم، بدون أن يتخطى الرقاب إليها ويستولي بالقوة عليها. ولما خرم بنو أمية هذا الأصل العظيم، فاستبدوا برئاسة الدولة دون المسلمين، وجعلوا الدولة الإسلامية ملوكية كسروية، بعد أن كانت جمهورية تقوم على الإمامة العادلة، ويرأسها الإمام الذي تجمع عليه أغلبية المسلمين؛ وجعل الأمويون الملك تركة فيهم تورث، وعضوا عليه بالنواجذ، ووضعوا الأحاديث الكاذبة والنصوص المزورة التي تحصر رئاسة الدولة في قريش، وجعلوا الخلافة الإسلامية الشائعة التي يمكن أن يتقلدها كل ذي كفاءة من المسلمين ملكا عضوضا كسرويا مستبدا؛ محصورا فيهم،و خاصا بهم؛ ثار عليهم المسلمون لمخالفتهم للدين، واغتصابهم لرئاسة المسلمين.

وكانت الشورى في الرئاسة، والديمقراطية التامة في انتخاب رئيس الدولة، مما جاء به الإسلام، وأمر به الدين الحنيف، منعا للتحاسد والشقاق بين المسلمين، وصدا لغير الأكفاء أن يتسنموا عرش السلطان، إذا كان الأمر بالإرث في التيجان، كما وقع في بعض الأزمان، يموت الملك فتنتظر الأمة شباب صبي ينشأ على الفسولة والرخاوة كالديدان، ليتولى أمرها، وهي تعج بأصحاب الكفاءة، لان الملك مقصور على هذه العائلة، ورئاسة الدولة محصورة في تلك الأسرة، فهي معدن الذهب، وإن كان ذهبه قد نفد، ولم يبق فيه إلا الرغام الذي لا يليق إلا لبناء القبور ! وانطفأت نيرانها، وخبا جمرها، فلم يبق في كانونها إلا الرماد، أو عيدان خضر من المخنثين الذين لا يضطرمون كالأبطال بنار المدافع والرشاشات، والبنادق والقبائل في الميدان، وبالفكر في الخطط العبقرية، وحل مشاكل الأمة، ليورثوا لامتهم نضوجها، ولكن يملؤون الساحة بالدخان... فينعدم من جو أممهم الصفاء، وتخيم عليها التعاسة والشقاء ويكونوا مصدر ليلها الحالك الذي تغط فيه في النومات، فترتع فيها سباع الاستعمار، وتتفتح لها كل القبور.

إن الإسلام قد جاء بنظام الإمامة في رئاسة الدولة، ليقود الأمة الإسلامية في كل زمان أفضل أبنائها، وأكثرهم كفاءة، وأتمهم في الورع والنزاهة والإخلاص، فخرم بنو أمية وبنو العباس هذا الأصل، فثار عليهم المسلمون، وأنكروا عليهم مخالفتهم للدين، واستئثارهم بالرئاسة، وهي شورى بين المسلمين. فنشأت جماعات بعد استيلاء معاوية قهرا على الملك وقضى على الإمامة الإسلامية، فشددت النكير على الأمويين لهذه البدعة وعلى العباسيين بعدهم، ودعت إلى الرجوع إلى الإمامة الإسلامية. والى ما أمر به الدين في رئاسة المسلمين.

وكان مما ارث قلوب كثير من المسلمين على الأمويين والعباسيين ما ارتكبوه من جرائم في الملك، وما اهرقوا من دماء حرام، وما اظهروا من حيف في سياسة الناس، سيما من توسموا فيه انحرافا عنهم، ومنافسة لهم كالعلويين أبناء الإمام على رضي الله عنه وفاطمة الزهراء، وعبد الله بن الزبير، وإنكارا لسياستهم وظلمهم كالإباضية الذين تمسكوا بالجمهورية الإسلامية، وعملوا في كل العهود على أن يكون دستور الدولة هو القرآن، لا تحيد عنه، ولا تتمرد على أحكامه، وان يلتزم رئيس الدولة وولاته عدل الخلفاء الراشدين، وتمسكهم بالدين في سياسة المسلمين.

وكان الأمويون والعباسيون إلى عدم التزام العدل وأحكام الدين في كل أمورهم لا يسيرون في مال الدولة سيرة الخلفاء الراشدين، فينفقونه في مصالح المسلمين، ويضعونه حيث أمرهم الله، فيريشون به الفقراء، ويقوون به الدولة، ويبيدون به الفقر والمرض والجهل والشقاء، بل ينفقون الكثير منه في الشهوات والأهواء، ويخصون بالكثير منه الأولياء، ويقطعون به السنة الشعراء، ويصطنعونهم ليزجوا المدائح لهم، ويسكتوا عن ذكر المثالب التي تثير عليهم القلوب، وتظهر صفحتهم للرعية، وتكشف حقيقتهم للناس. ووظائف الدولة، والولاية على الأمصار؟ كانوا يخصون بها الأنصار، ويجعلون أكثرها لمن ساعدهم على الحصول على الملك، ولمن يخضع الرقاب لهم، ويسير وفق هواهم. فسخط المسلمون هذه السيرة، وثاروا على هذه السياسة.

وزادهم سخطا وشعورا بمرارة الحيف ما ألفوه من حلاوة العدل والمساواة في عهد الرسول وخلفائه الراشدين. فتكونت جماعات في العراق والجزيرة العربية ينكرون المنكر، ويدعون إلى الرجوع في رئاسة الدولة إلى الإمامة العادلة، والجمهورية الإسلامية، والى تقيد الدولة بالدين في سياستها، والتزام ما أمر الله به في كل أشيائها، ويعملون لإنشاء الدولة الإسلامية التي تقوم على الإمامة العادلة، والجمهورية الإسلامية، ليعيش الناس كما كانوا في عهد الرسول وخلفائه الراشدين، في عز ورخاء، وفي سعادة وإخاء، وتكون الأمة الإسلامية بنيانا مرصوصا يشد بعضه بعضا، فتهزم ظلام الكفر والفساد في كل الأقطار، وتشرق بنور الله في كل الأمم، وتكون نهرا عظيما تجمعت روافده واتحدت فروعه، ففاض، فغمر كل النواحي، وأورث الخصب والغنى والسعادة لكل البقاع. وكانت اكبر هذه الجماعات، وأكثرها إخلاصا لهذه المبادئ، وتمسكا بهذه المثل العليا، الإباضية أتباع عبد الله بن وهب الراسبي، وجابر بن زيد، وهو إمامهم في الدين. فكيف كانت شخصية هذا الإمام، وما خطوات الإباضية في إنشاء دولهم التي تلتزم في كل أمورها الدين، وتتمسك بعدل الخلفاء الراشدين.

محمد علي دبوز تاريخ المغرب الكبير ج3 ص 131-135

هل ميزاب نسبة إلى ميزاب الكعبة؟

Icon 09

جرى تسمية آهل القرى السبع ببني ميزاب ذلك نسبة إلى ميزاب الكعبة، قال قطب الأئمة الشيخ الطفيش الحاج محمد بن يوسف في رسالته المطبوعة: [ فالمزابي اسم تأهل له كل اباضي وهبي من آهل الدعوة ولو من عمان وذلك انهم كلهم يقفون في الطواف تجاه ميزاب الكعبة للدعاء ولا يقف في ذلك سواهم من آهل المذاهب الأخرى أو لان أبا بلال مرداس بن جدير دخل الحجر الحطيم في ليلة مقمرة صاحية يدعو الله ان يظهر دينه فقطرت عليه قطرة من الميزاب بلا سحاب وهو تحته علامة لإجابة الدعاء وكان يدعو جاهرا راغبا فسمعه آهل الطواف فأمنوا على دعائه والوجه الأول اعظم شهرة لكثرة فاعليه وتكرره، والذي يطمئن إليه القلب ان ميزاب اسم لذلك الوادي بعينه وما روي لأبي بلال مرداس فيه غموض والوقوف تجاه ميزاب الكعبة مقطوع به. .( فالأقرب إلى الصواب ما رواه ابن خلدون بأن مصاب بن بادي انتقل إلى الوادي لأسباب سياسية فتناسل فيه فسمي باسمه (واد مزاب) أبو حمو بن بادي ملك تلمسان [01]

أما ما استدل به الشيخ القطب رحمه الله من أن لفظ ( ميزاب ) أصله ميزاب الكعبة و القصة التي حدثت للإمام الإباضي أبو بلال مرداس بن حدير حينما كان يدعو تحت الكعبة فسقطت عليه قطرة من الميزاب ، إلخ ، فهذا مردود من عدة جوانب :

أولا: أن الشيخ اطفيش ادّعى أن اسم ميزابي لفظ تأهل له كل إباضي حتى من عمان وهذا غير وارد و غير منطقيّ !

ثانيا : القصة حدثت لأحد أئمة الإباضية ، فمادخل تاريخ الإباضية بتاريخ مْزاب و بني مْزاب ؟؟

ثالثا أن قصة أبي بلال فنّدها جمع من علماء الإباضية نفسهم ، و هي قصة قد يكون مستحيلا حدوثها ، لأنها غير منطقية ، و ربما استقاها الشيخ اطفيش من الروايات العامية . [02]

-------------------------

[01]مزاب ميديا

[02]تاوالت

وادي مزاب المدينة الدّولة

وادي مزاب المدينة الدّولة

Icon 09مقدّمة

لقد تعدّدت الكتابات عن وادي مزاب، وإنّك لتحسّ دائما بإعجاب أصحابها بما تختصّ به هذه المنطقة من امتيازات شتّى [1] لكنّك عبثا تحاول العثور على دراسة شاملة مستوفاة تخضع للمقاييس الّتي ضبطهاCopenhagen Polis Center في دراسته عن عديد من مناطق العالم وسمّاها City-State [2] ،وقد تبيّن لعلماء هذا المركز العلمي أنّ وادي مزاب ليس ببعيد أن يخضع لهذه المقاييس فاعتبروها في إحصائهم واحدة من عديد المدن الّتي تخضع لهذه المقاييس [3]، وإنّنا سنسعى في هذه الدّراسة المتواضعة ـ تلبية لرغبة الهيئة الموقّرة المشرفة على حظوظ هذا الصّرح العلميّ الشّامخ ضمن الأكادميّة الملكيّة الدّنماركيّة العريقة في هذا البلد الصّديق ـ إلى الإجابة عن هذا السّؤال: هل يمكن اعتبار وادي مزاب City-State فعلا ؟.

وقبل الإجابة عن هذا التّساؤل الّذي يعطي لهذه الدّراسة طرافتها نرى لزاما علينا أن نضع هذه المنطقة في إطارها المكاني والزّماني، أمّا الإجابة عن الإشكاليّة المطروحة فستقوم على المحاور التّالية:

1ـ العمران في وادي مزاب.

2ـ المجتمع المزابي.

3ـ الحياة الفكريّة في وادي مزاب.

4ـ الحياة الاقتصاديّة في الوادي.

5ـ الحياة السّياسيّة في الوادي.

تــمـهـيـد

التّعريف بوادي مزاب عبر المكان والزّمان

بلاد الشّبكة: يطلق هذا الاسم على هضبة صخريّة كلسيّة تقع شمالي صحراء الجزائر وتمتاز عن بقيّة المناطق المجاورة لها بطبيعتها القاسية، فهي صحراء، سمّيت كذلك لأنّها تتخلّلها أودية عديدة لا يتجاوز عمقها مائة متر، تتّجه كلّها من الشّمال الغربيّ نحو الجنوب الشّرقيّ عند بحيرة تكتنفها الرّمال شمال غرب ورقلة.

مساحة بلاد الشّبكة حوالي ثمانية وثلاثين ألف كلم مربّع. يحدّها شمالا وادي بوزبير، وغربا وادي زرقون، وتمتدّ شرقا فتشمل زلفانة والقرارة، وتختلط جنوبا مع بلاد الشّعانبة.مركزها الحالي مدينة غرداية الّتي تبعد عن الجزائر العاصمة ب 490 كم عن طريق الجوّ جنوبا حيث نجدها في تقاطع خطّ العرض الشّمالي32° 30’ وخطّ الطّول الشّرقيّ 3° 45’.

أهمّ الأودية:

وادي زقرير ووادي نسا ووادي مزاب ووادي متليلي.

وادي مزاب يستقبل مياه وادي العذيرة ووادي الأبيض ووادي التوزوز، ويسقي واحة غرداية وواحة مليكة، ثمّ تنسكب فيه من الغرب مياه وادي أزيول الّذي يسقي بدوره جزءا من واحة بونورة، ثمّ يتّجه إلى العطف فزلفانة، وينتهي في سبخة الهيشة على بعد 16 كلم من نقوسة شمال ورقلة.

وبلاد مزاب هي الجزء الأكبر من بلاد الشّبكة وتضمّ اليوم المدن السّبع: غرداية، مليكة، بني يزقن، بونورة، العطف، برّيان والقرارة. أمّا بنو مزاب فلا يسمّون بلادهم في لغتهم البربريّة إلاّ (أغلان) ويطلقون على وادي مزاب اسم (إغزر أو غلان) علما أنّ (إغزر) كلمة مزابيّة معناها وادي ومساحتها حوالي 8000 كلم مربّع بين خطّ العرض 32° و2’ ،33° شمالا وخطّ الطّول 0°4’و2° 30’ شرقا [4].

ولقد ظلّت وادي مزاب واصلية [5] العقيدة فيما نعلم إلى أن وصلها أبو عبد الله محمّد بن بكر الفرسطّائي (440/1049) [6] في مطلع القرن الخامس/ 11 فتحوّل أهلها إلى الإباضيّة واستمرّت على ذلك إلى يومنا هذا، بل هي اليوم أهمّ معاقل الإباضيّة في شمال إفريقيا على الإطلاق. فماذا بعجالة عن الإباضيّة وعن وصولها إلى وادي مزاب.

الإباضيّة مذهب من المذاهب الإسلاميّة وهو من أقدمها نشأة، ذاك أن كتب الفرق والتّاريخ تنسبه إلى الخوارج، لكنّ أهل المذهب جميعا يتبرأون من هذه النّسبة [7]. ذاك أنّهم يعتبرون أنّهم لم يخرجوا عن الإمام عليّ (40/660)، وإنّما بايعوا إماما لهم وهو عبد الله بن وهب الرّاسبيّ (9 صفر 38/ 17 جوان 658)، إذ اعتبروا أنّ عليّا قد تنازل عن بيعته بقبوله تحكيم الحكمين. وقد اتّضح موقفهم خاصّة عندما تجلّت خدعة عمرو بن العاص. وقد كانت لهم مناظرات مع أمير المؤمنين الّذي ناصروه قبل التّحكيم، انتهت بمعركة النّهروان (38/658) الّتي قتل فيها عبد الله بن وهب الرّاسبيّ. فتحوّلت الإمامة إلى عروة ثمّ إلى أبي بلال مرداس بن حدير الّذي كان يصدر رأيه عن الإمام جابر بن زيد (93/711) [8]. وكانت هذه الجماعة تطلق على كيانها إحدى التّسميات التّالية: جماعة المسلمين، أهل الاستقامة، أهل الدّعوة، إلى أن برز في الواجهة السّياسيّة الإمام عبد الله بن إباض (86/705) [9] وانظمّ مع المحكّمة إلى عبد الله بن الزّبير (75/695)، فلمّا تبيّن لهم أنّه عثماني المنزع اعتزلوه وعقدوا لهم اجتماعا في صومعة البصرة (64/683)، فنادى من نادى منهم بالخروج والاستعراض وتكفير المسلمين كفر شرك وعلى رأسهم نافع بن الأزرق (65/685)، فامتنع عبد الله بن إباض وهو اللّسان النّاطق باسم الجماعة الّتي يقودها الإمام جابر بن زيد سرّا عن مثل هذا الموقف ودعا إلى بالقعود والتّريّث، فوصمت جماعته بالقعدة [10]، وسمّيت الإباضيّة نسبة إلى عبد الله بن إباض. وهذا التّاريخ 64/683 يعتبر اللّحظة الحاسمة الّتي نشأت فيها هذه الفرقة سياسيّا وعقديّا ليتجلّى فقهها بعد ذلك شيئا فشيئا على يدي إمامها جابر بن زيد ذاك الّذي استقرّ في البصرة واتّخذها منطلقا للدّعوة في الكتمان رغم مضايقات الدّولة الأمويّة وتسلّط واليها على العراق الحجّاج بن يوسف (95/714).

وما أن توفّي الإمام جابر بن زيد حتّى خلفه تلميذه أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التّميمي بالولاء (145/762) [11] وبإمامته تبلورت أسس المذهب سياسة وعقيدة وفقها فعرفت مسالك الدّين في السّياسة وهي الظّهور والدّفاع والشّراء والكتمان [12]، وتأصّلت في العقيدة أسس تنزيه الباري تعالى وبقيّة أسس هذه العقيدة [13]، وتجلّت الخطوط الرّئيسيّة للفقه وأصوله قائمة على الأحوط في أغلب الاختيارات، مع المرونة عند الاحتياج إلى ذلك [14].

وعلى عهد أبي عبيدة أعلنت إمامة الظّهور في اليمن والمدينة المنوّرة مع ثورة الإمام عبد الله بن يحيى طالب الحقّ (130/748) وقائده أبي حمزة الشّاري (130/748). كما أعلنت إمامة الظّهور بعمان مع الإمام الجلندى بن مسعود (134/751)، واستطاع حملة العلم إلى شمال إفريقيا أيضا وهم أبو الخطّاب عبد الأعلى المعافري (144/762) وعبد الرّحمان بن رستم (160ـ171/776ـ787)، وعاصم السّدراتي (ق2/8) وإسماعيل ابن دارار الغدامسي (ق2/8) وأبو داود القبلي النّفزاوي (ق2/8)، أن يعلنوا إمامة الظّهور سنة 140/758 بطرابلس الّتي انتهت سنة 144/762.

وبعد عشرين سنة تقريبا أعلن الإمام عبد الرّحمان بن رستم إمامة الظّهور بتاهرت بالمغرب الأوسط سنة 160/776 وتنتهي هذه الإمامة بعد أن عمّرت قرنا وثلث قرن سنة 296/787 ليتحوّل معها الإباضيّة في شمال إفريقيا إلى الكتمان، وقد حاولوا بعدها الرّجوع إلى الظّهور فشنّوا ثورتين على الدّولة الشّيعيّة [15] لكنّهم لم يتمكّنوا من ذلك فظلّوا على مسلك الكتمان إلى يومنا هذا حيث انحصر كيانهم في جبل نفوسة وزوارة بليبيا وجزيرة جربة بالبلاد التّونسيّة وبوادي مزاب بالجزائر.

وتذكر المصادر أنّ الأمازيغ اعتنقوا الإسلام عند انتهاء الفتح الإسلاميّ لشمال إفريقيا سنة 84/703، ولمّا ظهرت المذاهب الفقهيّة سبقت إلى وادي مزاب أصول المعتزلة فأخذوا بها، وكانوا يسمّون واصيلة، نسبة إلى واصل بن عطاء (131/748). يقول إبراهيم مطياز: "فالمعتزلة الّذين كانوا في هذا الموطن... كانوا منعزلين عن بني رستم، بل كانوا يحاربون الرّستميّين [16]." وأشهر علمائهم في هذا العهد سليمان بن عبد الجبّار دفين العطف، وكان معتزليّا.

ويجمع المؤرّخون على أنّ تحوّل أهل وادي مزاب إلى المذهب الإباضيّ يرجع سببه إلى الدّعوة الّتي قام بها الدّاعية أبو عبد الله محمّد بن بكر. وتذكر المصادر أنّ لأبي عبد الله راعيا كان يرسله إلى وادي مزاب، كما أنّه بعد رجوعه إلى أريغ سنّ لنفسه سنّة وهي أن يرجع هناك مع طلبته كلّ سنة وذلك في فصل الرّبيع إذ كان يقضي الشّتاء في أريغ [17]. ولم يكن أهل وادي مزاب ليقبلوا رعاية أغنام أبي عبد الله بيسر في باديتهم إذ كانوا يسطون عليها [18] ويذكر إبراهيم مطياز أنّ هذا الانتقال إلى وادي مزاب كان بعد مشورة طويلة بين مشائخ أهل الدّعوة في أريغ: "انعقد مؤتمر بأريغ حوالي 420/ 1030 للنّظر في مسائل تهمّ الوطن منها قضيّة اللاّجئين من فلول رعايا بني رستم... وقد غصّ أريغ بسكّانه وبأولئك اللاّجئين... فانتدب لذلك الشّيخ أبو عبد الله لأداء هذه المهمّة فقام بها على أحسن وجه، واستقرّ الرّأي في النّهاية على النّزوح إلى هذا الوطن ـ وادي مزاب ـ وتعميره بما يصلح سكّانه المعتزلة من العلم والألفة وحسن الجوار... وفي عام 422/1032 وصل بلدة العطف الوسط المعمور أكثر من غيره بالمعتزلة، وكان ذلك بعد موت عالم الوطن سليمان بن عبد الجبّار[19]."

ويلاحظ الشّيخ مطياز أيضا أنّ نضال أبي عبد الله كان طويلا لتحويل هؤلاء المعتزلة إلى الإباضيّة فكلّفه ذلك أن قتلوا ابنه إبراهيم. كما أنّ تحوّلهم هذا لم يكن جماعيّا ولا فوريّا ويذكر بعض الأدلّة على ذلك منها: "وجود مقبرة في بونورة من النّفوسيّين ماتوا في بعض المعارك بين المعتزلة والنّازحين إلى مزاب وذلك أواخر القرن الخامس/ 11.

هكذا عرفنا كيف استقرّ الإباضيّة في وادي مزاب فكيف عمروها ؟

تأليف فرحات بن عليّ الجّعبيري

المراجع:

[1]ـ عليّ يحيى معمّر: الإباضيّة في الجزائر. مكتبة وهبة ط 1 القاهرة. ص 409 ـ 450 . 1399/1979.

G. Marcy : Le Mzab et les bérbéres ibadhites de l’Algérie. Bultein de l’enseignement. Publié au Maroc. N° 169. Juill-Sep 1941. P 210 – 228.

L. d’Armagnac : le Mzab et le pays. Chaamba. Algérie, Baconnier, 1934…

[2]ـ Cf : Mogens Herman Hansen : Poleis and City-States, 600 – 323. A Comprehensive Research Programme.

وقد اعتمد مقال:

E.E.A. Alport : The Mzab. Arabes and Berberes (London 1972) ; 141-152. P 9-17

وقد اطّلعنا على المقال في طبعته الثّانية. وثيقة مرسلة من الكاتب نفسه وهو مدير هذا المركز.

[3]ـ نفس المقال ص 11.

[4]ـ انظر الخريطة رقم 1. ر. يوسف بن بكير الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب. دراسة اجتماعيّة واقتصاديّة وسياسيّة. المطبعة العربيّة. غرداية 1992ص 9. MZAB 2EI .

[5]ـ نسبة إلى واصل بن عطاء (131/748). مؤسّس فرقة المعتزلة. ر. الزركلي: الأعلام. 9/121.

[6]ـ الجّعبيري: نظام العزّابة عند الإباضيّة في جربة، نشر المعهد القوميّ للآثار بتونس. المطبعة العصريّة تونس 1975 ص 29 ـ 57.

[7]ـ Of. Ennami A.K : Studies in ibadism. A thesis submited to the University of Cambridge for the degree of Doctor of Philosophy. Fitzwillam College, Cambridge. May / 1971 polycope P 1 – 53.

عليّ يحيى معمّر: الإباضيّة بين الفرق الإسلاميّة، مطابع سجلّ العرب . ط 1 1396/1976. عدّة فصول في الموضوع.

فرحات الجّعبيري: البعد الحضاري للعقيدة الإباضيّة: ط جامعة السّلطان قابوس، سلطنة عمان 1987 ص 31. 91.

Mikko. Vehkavaara : « The distinctive features of al.labàdia » . studia orientalia. Edited by the finish oriental society. Volume 82. P 129 – 145 . Helsinki 1997.

[8]ـ وقد غفل Alportتماما عن ذكر جابر بن زيد في عرضه التّاريخيّ الّذي مهّد به لبحثه عن مزاب الّذي ذكرناه في تعليق عدد 2. Ennami ; Studies p 54-93

[9]ـ عوض خليفات: نشأة الحركة الإباضيّة. مطابع دار الشّعب عمّان الأردن 1987. 75. 85.

[10]ـ لقب يقصد به التّهجين، فهو عند الخوارج من التّخاذل.

[11]ـ مبارك الرّاشدي: الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة وفقهه. مطبعة الوفاء. المنصورة. 1413/1993.135ـ94 Ennami ; Studies

[12]ـ مسالك الدّين عند الإباضيّة أربعة وهي: الظّهور: الإمامة الفعليّة للإباضيّة وهي شورى بينهم. الدّفاع: تعيين إمام في حالة محاربة العدوّ وتنتهي إمامته بانتهاء الحرب. الشّراء: من شروطه أن يجتمع أربعون من المخلصين فيبيعون أنفسهم في سبيل الله، وهدفهم معسكر السّلطان، ولا يقاتلون إلاّ من قاتلهم. الكتمان: تكوين نظام داخليّ للإباضيّة. عمر بن جميع: مقدّمة التّوحيد ط 2/1392/1973 ص69.

[13]ـ الجّعبيري: البعد الحضاري للعقيدة الإباضيّة.

[14]ـ الرّاشدي: أبو عبيدة.

[15]ـ الجّعبيري: نظام: ص 5 ـ 6.

[16]ـ إبراهيم مطياز: تاريخ وادي مزاب خ مكتبة الحاج سعيد. غرداية ص 6. الحاج سعيد: عن تاريخ بني مزاب. ص 16.

[17]ـ الجّعبيري: نظام: 24ـ25.

[18]ـ ن. م: 39.

[19]ـ الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب: 24.