آثار ما قبل التاريخ في بريان
إن المحيطات الأثرية الموجودة في بريان والتي اكتشفت من طرف علماء الآثار والباحثين تشهد علي وجود الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ بالمعنى المعماري أسست في حوالي 1678م كما تعد من احد القصور السبعة لوادي مزاب. وقد اشتهر سكانها بالصناعات التقليدية والفلاحة منذ القدم إسنادا إلى ما كتبه المؤرخ الانجليزي شو سنة 1730 الذي مر ببريان في طريقه إلى إفريقيا حيث كتب عن السكان وعاداتهم وتاريخهم وكذا استناداالى المؤرخ وليام هودسن(1).
أولى الإكتشافات(2):
بفضل الأبحاث والحفريات التي قام بها كل من "بيار روفو"، "إيف بونيه"، "جوال أبونو"، "نجيب فرحات"، "مليكة حشيد"،... الخ. إن المحطات الأثرية الموجودة في بريان المتمثلة في النقوش حجرية لرسومات فيها أيدي وحروف تيفيناغ في منطقة "انفوسن" الحنية والأخرى المتواجدة في منطقة باللوح و التي اكتشفت من طرف علماء الآثار و الباحثين مثل ما كتبه المؤرخ الانجليزي شو -show- الذي مر من بريان سنة 1730 م في طريقه إلى إفريقيا حيث كتب عن السكان وعاداتهم وتاريخهم وكذا استنادا الى المؤرخ ويليام ويدصون -wiliam houdson-.
ما قبل التاريخ في بريان(3):
بعد عملية البحث والتنقيب عن الآثار والحفريات، تم العثور على العديد من المغارات والكهوف متفاوتة الارتفاع والعمق، وتوجد بجانبها رسومات حجرية منها على شكل رسومات جدارية وأخرى فوق الهضاب، وهي مختلفة الأشكال الهندسية من حيث رسم الخطوط و وضعها لحيوانات مختلفة كانت تعيش بالمنطقة منذ أقدم العصور وعلى سبيل المثال:
الحصان- الزرافة – الغزال –الضبع- النعامة-الذئب –الماعز –الثور –الجاموس...
إضافة إلى ذلك يذكر جون بيار سفاري: "أن الرسوم الحجرية في معظم الأحيان موجودة فوق الهضاب أفقية، وتعد أقدم الرسوم الحجرية التي رسمت بأشكال هندسية مستقيمة"( 4). ويمكن تحديد المعالم الأثرية وهذه الرسومات في هذا الجدول:
الرقم |
الموقع أو المكان |
النوع |
المرجع المحتمل |
الملاحظة |
01 |
أ- بالوح العلوي |
رسومات حجرية ومغارات |
عصر الصيادين |
رسومات لحيوانات مختلفة كانت تعيش بالمنطقة إختلاف في وضع الخطوط الهندسية للرسومات الحجرية وكيفية رسمها |
02 |
ب- بالوح العلوي (سيدي مبارك) |
رسومات حجرية ومغارات |
" |
|
03 |
بالوح السفلي (باحمد والحاج) |
رسومات حجرية ومغارات |
" |
|
04 |
الشوف |
رسومات حجرية |
" |
|
05 |
الحنية (لالة عائشة) |
رسومات حجرية ومغارة كبيرة |
" |
|
06 |
بابا السعد |
رسومات حجرية |
" |
|
07 |
الزرقي |
رسومات حجرية |
|
|
08 |
إنفوسن (الشرقي والغربي) الحنية |
بصمات الأيدي على الهضاب |
|
بصمات الأيدي فوق الهضاب بأشكال واضحة |
09 |
واد البئر |
رسومات حجرية |
عصر الرعاة |
|
تحديد المناطق مع عرض اللمحة التاريخية:
أ-منطقة بالوح العلوي:
هذه المنطقة تبعد عن مقر البلدية بحوالي 10كلم شمالا حيث تم العثور على رسومات حجرية على الهضاب وموجودة على سطح الجبل، وأهم رسوماتها الضبع الغزلان والفيل الوحشي، وتم العثور على بعض الأشكال التي لا نستطيع تحديد مفاهيمها، وتجدر الإشارة إلى أننا عثرنا لأول مرة على رسومات للإنسان عند زيارتنا للموقع عام 1993م( 5).
ب-منطقة بالوح العلوي(سيدي مبارك):
هذه المنطقة معروفة بهذه التسمية وتبعد عن مقر البلدية بحوالي 8كلم، وهي منطقة يمر بها وادي بالوح وتتخللها جبال إلتوائية متوسطة الارتفاع لا تزيد عن 200م، مشكلة بذلك مجرى للأودية (شعاب)، وعلى هذا جلبت أنظار الإنسان منذ القدم، فاهتدى للعيش فيها والاستئناس بالحيوانات والنار، واتخذ الكهوف والمغارات الموجودة بتلك المنطقة مأوى يهتدي إليه ومنها نجد أنه كان يعبر عن مشاهداته برسومات لتخليدها على جدران الصخور.
- في الجبل الأول: توجد رسومات حجرية لحيوانات برية كالزرافة والنعامة والضبع والبقر الوحشي، وهذه الرسومات رسمت وفق أشكال هندسية بسيطة ومستقيمة و وجدت معها مغارة مرتفعة عن مجرى الوادي غمرت بالتراب، والاعتقاد السائد هو أن عقل الإنسان لم ينضج بعد ولهذا كان يرسم الأشكال بمستقيمات هندسية.
- في الجبل الثاني: هذا الجبل محاذ للجبل الأول، أما الرسومات الموجودة به فهي لحيوانات أليفة كالحصان والغزال.. فلقد صممت تصميما بالغ الدقة والفن حيث كان ذلك الإنسان بارعا في التصور والتخيل وضبط الأشكال لهذه الحيوانات الأليفة، ويتبين هذا من ازدياد معرفته والاحتكاك بهذه الحيوانات الأليفة التي كان يعيش معها، ونستطيع أن نقول إن سعة عقله وذهنيته ومقدراته العقلية تطورت وأبدعت في الرسم والفن، وكانت توجد مغارة متوسطة العمق حوالي 5 .3 متر وارتفاع مدخلها 1 متر تبدأ في الانخفاض ولعل هذا راجع إلى أنه بدأ يحفرها قصد الدخول على حسب قامته ثم النوم و وجدت على جدرانها الداخلية حمم الدخان والحصاة التي بها يصطاد ويدافع عن نفسه.
ت-بالوح السفلي (باحمد والحاج):
هذه المنطقة تبعد بحوالي 2 كلم عن البلدة وتم العثور على رسومات منحوتة في الصخور وجزء كبير مهدد بالانقراض والتلف، وتوجد بها ثلاث مغارات متفاوتة العمق وأكبرها موجودة على حافة الساقية بداخلها مكان مغلق فيه احتمال كبير على أنها مقبرة للإنسان البدائي الذي كان يدفن موتاه داخل المغارات مع أدواته التي كان يستعملها . ث-منطقة بابا السعد: تبعد عن مقر البلدية بحوالي 1 كلم، تم العثور فيها رسومات فوق الهضاب لحيوانات، وعلى حسب الملاحظة والمشاهدة نعتبرها قديمة جدا، لكن أصبحت مهددة بالانقراض والزوال(6).
ج-منطقة جبل الشوف:
تبعد عن مقر البلدية 1.5كلم توجد بها رسومات لحيوانات كالذئب والحمام و بها كهف صغير وهي مواجهة لمجرى الوادي، وتم العثور فوق الجبل على عدة أدوات متمثلة في الحصاة المشغولة التي كان يستعملها في الصيد والدفاع عن نفسه، وبها يتم رسم هذه الأشكال والرسومات.
ح-منطقة الحنية(لالة عائشة):
هذه المنطقة تبعد عن مقر البلدية بحوالي 4 كلم، توجد بها رسومات لحيوانات كانت تعيش بتلك المنطقة، كالنعامة والحمام بأنواعه المختلفة، والضبع والثور... لتوفر المناخ الملائم للعيش، وفي أسفل الجبل توجد مغارة كبيرة الارتفاع بحوالي 2 متر في مدخلها وعرضها حوالي 4 أمتار وعمقها حوالي 5 أمتار يلجأ إليها الإنسان للراحة فهي مسكن له.
وتوجد في ناحية الحنية منطقة إنفوُسَنْ الشرقي والغربي وهي عبارة عن بصمات الأيدي فوق الجبل بشكل واضح وبجانبها حروف التفناغ ورموز وأشكال غير مفهومة، إلا أن رسومات إنفوُسنْ إشريقيَنْ أتلفت حيث وصل إليها الزحف العمراني.
خ-منطقة واد الزرقي:
وهي منطقة تبعد عن البلدة حوالي 1 كلم وهي قريبة منها، يوجد بها رسم حجري في وسط مقبرة قديمة تعرف بمقبرة أرجال الزرقي وهذا الرسم لحيوان الأسد وهو كبير الشكل منحوت فوق الصخرة على شكل أفقي(7 ).
د-منطقة واد البئر:
هذه المنطقة تبعد عن مقر البلدية بحوالي 6 كلم جنوبا، توجد بها رسومات حجرية على صخور الجبال، فهي في بعض المناطق متجمعة، وأخرى متفرقة، ولعل تفسير ذلك هو أن هذه المنطقة كانت آهلة بالسكان الذين كانوا يهتمون بالرعي والاستئناس بالحيوانات، وتم العثور على صخرة من بقايا الشعب المرجانية وعلى حسب الدراسة فهي تعتبر بقية للمستحثات التي تجمعت في مكان واحد ومع مرور الوقت تحولت إلى صخر كلسي صلب وهي تعود إلى فترة زمنية قديمة.
اللمحة التاريخية:
هذه الآثار التي تم العثور عليها كانت لحضارة غابرة عبر الزمن للإنسان القديم البربري الذي عمر منطقة وادي مزاب منذ أقدم العصور، ولاسيما في العصر الحجري الحديث Néolithique والدليل على ذلك تلك الرسومات الحجرية الراسخة على صخور بعض الجبال وتلك المغارات والكهوف التي كانت مأوى ومسكنا له، فهي بذلك تمثل بداية تكوين التجمعات البشرية التي تعود إلى مرحلة الليبيكو بربرية حوالي 18000 سنة ق.م وهذه كلها احتمالات منبعثة من رسومات بعض الحيوانات مثلا:
-عصر الصيادين الذي ساد من 5 000سنة ق.م إلى 3500 سنة ق.م.
-عصر الرعاة الذي ساد من 3500 سنة ق.م إلى 1000 سنة ق.م
-عصر الحصان الذي ساد في 1000 سنة ق.م.
-عصر الجمال الذي ظهرت بوادره خلال 100 سنة ق.م وبالتحديد في سنة 46 ق.م(8)
ولكن لشح المصادر والمراجع، لا نستطيع حاليا ضبط الفترة الزمنية وتحديدها بدقة وعلى هذا اكتفينا بذكر التاريخ المحتمل، تاركين ذلك لبحوث أكاديمية أثرية نرجو أن تلتفت قريبا إلى هذا التراث.
خصائصها:
اختراع الفخار، استئناس الحيوانات، الاهتمام بالزراعة، وظهور الفن الجداري، صانعها إنسان حديث وتعرف بالفترة الانتقالية وهذا بفجر التاريخ في شمال إفريقيا بظهور القرى والفخار الملون والمجتمع (اجتماعي واقتصادي) وظهور المعادن.
فهذا الإنسان عمل على تجسيد كل ما يراه وما يمارسه في حياته اليومية والتعبير عنها بالرسومات مثل: صيد الحيوانات واستئناس النار، فكان منظما، واستقراره جلب إليه العديد من الأفكار والتطور في الذكاء والقدرات العقلية، أهلته لصنع الأدوات والحصاة المشغولة.
فيمكننا ملاحظة ومشاهدة هذه الرسومات لحيوانات عمرت المنطقة طويلا، فزال أثرها اليوم فانقرضت من هذه المنطقة منها: الزرافة، النعامة، الفيل، الأسد، الجاموس...وتم العثور إلى جانب هذه الرسومات على بقايا الحصاة المشغولة والمعروفة بحضارة الحصاة المشغولة وهو الحجر الذي استعمله الإنسان في الصيد والدفاع عن نفسه من الحيوانات المفترسة مثل: " حصاة ذات الوجه وذات الوجهين وتعرف بأدوات البيفازيال في الصناعة الحجرية" (9) .
إضافة إلى ذلك عثر الباحث بيار روفو المختص في علم ما قبل التاريخ بوادي مزاب على العديد من الأدوات الحجرية والحصاة المشغولة واعتبرها بحضارة الهواء الطلق (10).
أهمية الآثار:
لهذه الآثار أهمية تاريخية وعلمية خاصة للمتخصصين في الأركيولوجيا، والتي تعبر حقا عن وجود حضارة قديمة قدم العصور بهذه المنطقة الفريدة من نوعها من حيث الفن المعماري الحديث، أضف إليها هذه الرسومات والفنون الجدارية، حقا إنها تعطي للسائح والزائر والباحث منظرا حقيقيا لدور الإنسان الذي أبدع وتفنن منذ أمد طويل، وتعاقبت عدة تجمعات بشرية على المنطقة، وكلها حاولت ترك أثر لها للتعبير عنها.
وفي الأخير يمكن القول: إن هذه المنطقة الزاخرة بفنونها وهندستها المعمارية ورسوماتها الحجرية، لدليل قاطع على أنها محط استقرار للتجمعات البشرية منذ القدم.
الصيانة:
بودي أن أتقدم لكل مهتم بهذه الآثار (الرسومات والمغارات) برجائي للحفاظ عليها لأن معظمها مهدد بالانقراض والضياع والتلف وبخاصة منها القريب من البلدة، والتي وصلت إليها أيادي الإتلاف وشوهت هذه الرسومات وغمرت بعض المغارات بالتراب وبقيت بعضها فقط، مثل ما حدث لرسومات بالوح السفلي باحمد والحاج، وكذلك وصل البناء والزحف العمراني على رسومات بابا السعد وإنفوسن إشريقن في منطقة الحنية، فلا بد لنا من الأخذ بعين الاعتبار لهذه الآثار الثمينة والتي تعتبر مفخرة لنا ولوطننا، بل نحافظ عليها لأنها مصدر علمي كبير يستقطب السواح والباحثين لمشاهدتها والتطلع عليها قصد حمايتها وصيانتها من الضياع والتلف وهذه الآثار مازالت لم تدرس دراسة علمية أكاديمية إلى يومنا الحالي، وهذه الملاحظة أتوجه بها إلى وزارة الثقافة عموما، وإلى مديرية الثقافة لولاية غرداية خصوصا، وإلى ديوان حماية سهل وادي مزاب وترقيته بدرجة أخص، فهذا التراث يستغيث ويريد حمايته وترقيته.
بريان بالّوح نوادّاي
بريان بالّوح نوجنّا
بريان لحنيت نوجنّا
بريان فوج الريان الكشفي
بريان صور من كتاب الأستاذ لعساكر اسماعيل
——————————-
(1) ويكيبيدياالموسوعة الحرة
(2) ديوان حماية وادي ميزاب وترقيته،: دليل ولاية غرداية، 32 شارع فلسطين، غرداية، الجزائر، جانفي 2006،ص2
إضافة إلى ذلك يذكر جون بيار سفاري: "أن الرسوم الحجرية في معظم الأحيان موجودة فوق الهضاب أفقية، وتعد أقدم الرسوم الحجرية التي رسمت بأشكال هندسية مستقيمة"
(3) بريان تاريخ وحضارة دراسة: تاريخية حضارية سياسية اقتصادية اجتماعية دينية ثقافية تأليف إسماعيل بن محمد لعساكر ص 1 إلى 17.
(4) JP Savary : Gravures Repestres d’age historique au M’Zab, 1962, page. 01-301
(5) )- مكتشف هذه الآثار السيد لطرش عيسى بن باعلي في بستانه بناحية بالوح العلوي.
(6) ) مكتشف هذه الأثار المعلم الفرنسي مسيو روش الذي كان يدرّس في المدرسة الإبتدائية الأمير عبد القادر ببريان.
(7) - رسم حجري من اكتشاف جمعية أنفوسن للآثار وحماية التراث سنة 2015م.
(8) بوزياني الدراجي: القبائل الأمازيغية وأدوارها ومواطنها وأعيانها، دار الكتاب العربي، الجزائر، ط1، 1999م،ج 1، ص45.
(9) -J.. MORREL : libyca sommaire notules de prehistoire mozabite , 1976 ,p176.
(10 )- PIEER ROFFO sur les civilization palèolithiques du M’ZAB ;CH ;MONNYER.1935.P8 .