الواحة

الفن المعماري عند مزاب الواحة

لكّل قرية من قرى مزاب واحة متفاوتة الاتساع، سبق لنا أن تكلّمنا عن منشآت الري التي برع فيها بنو مزاب، من آبار وسواقي وسدود. بقي الجانب الثاني من الفن المعماري والمتمثّل في المساكن.

هذه المساكن تأوي إليها العائلات لقضاء فصل الصيف الحار، للتمتّع بلطافة الجوّ ولتجنيب ربّ الأسرة الرجوع إلى منزله وأهله بعد تعب اليوم، معرضا نفسه إلى لفحات الشمس الوقادة. ولا يعني هذا أنّ المرأة المزابية تقضي فصلا كاملا في الراحة تحت ظلال النخيل والكروم، بل إنّك لتجد في مقدمة الأثاث الذي يتمّ ترحيله إلى الواحة، إلى جانب الأواني والفرش، منسجا أو منسجين مع طاقم آلات الغزل.

لذلك فإنّ الهندسة المعمارية لمسكن الواحة لا تختلف كثيرا عنها في منزل القرية، فهناك تشابه كبير بين طابقيها الأرضيين. أمّا بالنسبة للطابق الأوّل فمعظمه سطح لعامّة الأسرة تقضي فيه الليل في الهواء الطلق، يحيط به جناح مسقف وغرفة أو غرفتان، لكلّ منهما أدرج خاصة تؤدّي إلى سطح صغير يعلو الغرفة، يأوي إليه الزوجان.

إنّ بستان المزابي لا يلعب دورا اقتصاديا بالدرجة الأولى، فإنّه غالبا ما ترتفع كلفته فيلتهم ما ادّخره التاجر في تجارته بالتل، بل وظيفته الأولى وظيفة اجتماعية، فهو الذي يشغل الرجل أيّام عطلته التي كانت تدوم شهرا، وهو الذي يجمع الأبناء بعد فراغهم من ساعات الدراسة، ليكونوا تحت رقابة أوليائهم، وليواظفوا عضلاتهم ولا يجنحوا إلى الكسل وما يفرزه الفراغ من الآفات الاجتماعية.

Tags: Architecture , الفن المعماري