الحياة الاجتماعية

العهد الثّالث

نورد فيما يلي مقتطفات من اتّفاقيات المجلس الأعلى، نستخلص منها بعض جوانب حياة بني مزاب عنه صدورها، والمشاكل التي كان يعاني منها المجتمع في هذا العهد الثالث من تاريخ وادي مزاب، والحلول التي كانت تتّخذها القيادة لمواجهتها.

1- ممّا وقع الاّتفاق عليه في رجب 807هـ/1405م في مجلس الشّيخ باعبد الرّحمن الكرتي:«إنّالولد الذكر إن بلغ خمس سنين يأخذه أبوه (في حالة الطلاق) فلا حضانة لأمه عليه. والبنت تخرج من الحضانة إذا كملت سبع سنين، فعلى أبيها أن يقوم بها في داره وبأمورها إلى أن تتزوّج، كعادة البلد. وأمّا أمّها لا يلزمها الجبر لإعطاء شئي لها إلاّ إذا كان بخاطرها.

2- أمّا في شهر شعبان من نفس السنة، فنجد المجلس يتفق على أنّ:«البنت لا يأخذها أبوها ولا يبطل عليها النفقة إلاّ إذا بلغت اثنتي عشرة سنة، فلا تبقى لأمّها حضانة ولا نفقة، وإذا أراد أبوها تزويجها فيكون برضاء أمها».

3- في الجمعة أواخر صفر975هـ/1568م، اتفق عزابة خمس قصور في روضة الشيخ أبي مهدي عيسى على ثلاث مسائل:«الأولى، قد حجروا على العامّة الادعاء و على من يفتي لهم بالإلحاق... و الثانية، اتفقوا على إبطال نكاح السرّ، لأنّه كثر و فشا، وحجروا على من يفعله أو يحضره، لِما فيه من الشرّ وعدم الرشد».

4- في شوال1052هـ/1642م،اجتمع خمسة قصور في روضة أبي مهدي عيسى واتفقوا أن:«من يحمل الحديد (السلاح الأبيض) فغرامته عقوبة خمس وعشرين ريالة، والذي يضرب به فخمسون ريالة والنفيان، والحمية والعصبية فغرامتها خمس وعشرون ريالة، والذي عاقبته الجماعة بغرامة فناف عليه أحد أو أوشاه يغرم خمسة ريالات.

والأمامة والحرفة وهو أن يجعل له أمامه من يقطع الطريق عليه أن يتسبّب له بضرره فغرامته المرسل خمس وعشرون ريالة، وللمتعرض بالمار أي بالسب لأحد خمسة ريالات ذكرا كان أو أنثى، وكذلك الطاعن في الدين أي سب الدين أو سرق فغرامته خمسون ريالا والنفيان، وذلك سواء في القصر أو في الغابة...ومن غضب من بني عمه وصار يشوش بين العشائر فغرامته خمسة وعشرون ريالا والنفيان، ومن ناف عليه مثل ذلك. ومن تسبب للبلدة بجلب غرامة من الأمناء يخرج من رأسه وحده لا غيره».

5-في شهر رجب 1108هـ/1697م، اتفقت سبعة قصور مزاب في مجلس الشيخ عمي سعيدعلى:«أنّ العرس إذا وقع لا يكون فيه خادمون في دار الزوج زلا في دار الزوجة سوى اثنين منهم، والكلام القبيح لا يذكر في العرس، وللخادم التي تحمل المداراة المعروفة بالغدارة صاع واحد من القمح، والبيض فوق الغدارة ممنوع، والزعفران في الطعام ممنوع. وكذلك الدقيق الذي يقال له أجيد وهو السميد ممنوع. وكذلك حمل العروسة على البغل و الفراش ممنوع، بل تمشي على رجليها. والزفافون لا يدخلون بيت الحجبة ولا يذكر فيها دخان فإنّه منكر. و الخادم التي تحمل الأجهاز إلى دار العروسة لها مدان من القمح، ولحاملة الكبش صاع من شعير، والعطر ممنوع. وخبز الأسبوع لا يكون فوق حثية من قمح، ويرد الزوج في المنديل نصف ريالة لا زيادة.

والخادم التي تحمل قصعة العزاء لها منها لهوة طعام. والخادم التي تقعد للعروسة لها ثمن ريالة.

واللعب والرقص ممنوعان من البارود والزفانين. وأمّا الغدارة التي تجعل أمّ العروسة في اليوم الأوّل لا تكون أكثر من ثمانية أمداد. وممنوع أن تجعل طعام العريس للحجبة ولا رفيس ولا الوزيرة. ولا تجعل الرفيس يوم تقبض الأجهاز. فمن فعل شيئا ممّا ذكر فهو في هجران المسلمين. وأيضا ممنوع الزميطة أن تهدى إلى النفساء أو للعروسة حين زفافها لزوجها. وحجروا على من يعمر الأطباق من تمر أو غيرها للعروسة اليوم الأوّل الذي تصبح فيه في دار زوجها. وحجروا على من يزيد فوق أربع مطاحين لزرعه.وكلّ من فعل شيئا ممّا ذكر فهو في هجران المسلمين».

6- في آخر رجب 1108هـ/1697م، اتّفقت سبعة قصور في مجلس عمي سعيد على:«أنّ من أراد أن يخرج الزرع للدرس فلا يزيد فوق غدارة من بَرْكُوكَسْ. وصاحب العرس لا يعطي إلاّ عشاء أربعة من النّاس وهم وصيف الجماعة والبراح والزمار والطبال لا غير ولكلّ واحد أربعة أمداد برًّا، ومن زاد على ذلك فهو في هجران المسلمين.

وأيضا حجروا على من يواسي للمكاريس الطعام ليلة الحناء. واتّفقوا أيضا أنّ من داين أو عامل أو باع أو اشترى مع ولد تحت والده يرشِّده، أو مع عبد غير معتق، ففعله باطل، وكذلك المرأة، إلاّ إذا كان بحضور ثلاثة من النّاس من العشيرة مع الولي، إلاّ فإن فعل شيئا ممّا ذكر عرض ماله للتلف. ثمّ اتفقوا على العبد إذا سرق فيبيعه سيّده، والحرّ إذا سرق وشهد عليه اثنان ينفى من البلد سنين... وذلك في الجزائر أو في تونسلرؤية البحر... فإذا تمّ نفيانه يرجع للبلد بشرط، وهو أن يأتي بشهود على أنّه جوز المدّة وأنّه رأى البحر، ويتوب في الجامع على أنّه لا يعود لفعله، وإن أعاده فيفنى ولا رجوع له أبدا».

7- في أواسط شعبان1199هـ/1785م، في مجلس أبي مهدي عيسى اتّفقت خمسة قصور على:«من رفع الحديد وأشار به ولم يضرب بل شال بيده ومُنِعَ فغرامته خمسون ريالا، وإن ضرب به فغرامته مائة ريال والقصاص والنفيان. وإن وجب الإنصاف على أحد أو ذهب له المقاديم، ليأخذوا منه الواجب وعجز عن الدفع، يأخذون ما وجدوا من أثاث داره ويبيعون منه مبلغ الواجب. وإن قال أحد اتركوه حتىّ يسلك فلا يقبل كلامه، إلاّ إذا قال اتركوه وأنا أدفع عليه ،فإنّهم يتركونه ويأخذون من المتكلّم عليه. وإن لم يدفع يخرج من البلد ولا يرجع إليه حتىّ يسلك. ومن وقف عليه المقاديم ونهرهم أو سبّهم أو عصى أمرهم فعليه مغرم خمس وعشرين ريالة. وإن بعثوا له وصيف العرش أو غيره ممّن يرسل إليه وجسر على المرسول أو ضربه أو عصاه فغراته سبع ريالات، منها ريالتان للوصيف وخمس للعرش. وكذلك إن غدره فخطيئته مائة وخمسون ريالة».

8- اتّفق خمسة قصور في مجلس باعبد الرحمن الكرتي في أوائل شعبان 1242هـ/1827م على أن يجوزوا فيما بينهم في معاملاتهم وتصرفاتهم في أمورهم السكة الحادثة في الجزائر المنسوبة إلى ثلاثة أرباع القديمة.

9- وممّا وقع الاتفاق عليه يوم 21شعبان1245هـ/1830م:«إنّ المرأة إذا كانت في بلد من بلاد مزاب فأرادت أن تتزوّج رجلا في مدينة غير مدينتها، إنّ عقد نكاحها يكون في البلد الذي هي فيه، لا في المدينة التي فيها زوجها، لأنّ ذلك أصلح لمعرفة حالها ومن أولى بتزويجها من أوليائها...

ومن ذلك أنّ المرأة إذا ضربها الحمل في بطنها وقد طلقها زوجها ومضى عليها سنين من اليوم الذي طلقها ومات زوجها فلا إرث لها منه، وأمّا التزويج فلا ولو طالت مدّتها.

ومن ذلك أنّ الدَّيْن إذا أظهره أحد بعد عشر سنوات ولم يطلبه صاحبه ولا وقع عليه التحجير والطلب، فليس له من بعد تلك المدّة سبيل إلى طلبه».

10- هذا نص الاتفاق الصادر في صفر1258هـ/1842م في مسجد باعبد الرحمن الكرتي:«من توفي ولم يجعل لوصيته وكيلا، فأولاده أو أولياؤه أو العشيرة يجتمعون، والعشيرة يجوِّزَون منها ثلاثة ويستخلفون له الرابع يكون صالحا. وإن لم يستخلفوا أحدا بعد أن طلبوا لذلك وأبوا فليحبس عليهم الجامع أو يحبس الجامع على الكافّة، فإن لم ينفع فإنّ الحكام يستخلفون له واحدا لأنّ العشيرة يُعَدُّ عليهم تعدوا الشرع والكتاب».

هذه نماذج ممّا تضمّنته اتّفاقات المجلس الأعلى لوادي مزاب.

ومن مميّزات الحياة الاجتماعية بمزاب تْوِيزَا (كلمة تجمع على تِوِيزَاوِينْ) وهي التعاون على إنجاز بعض الأعمال الخاصّة والعامّة ذات الأهمية. يقول الشيخ إبراهيم مطياز: «يقوم الرجل لبناء دار، فتقوم عشيرته وأقاربه بأنفسهم ودوابهم. هذا ليجلب الحجر وذلك للحصبة، وآخر يبني، وآخرون يهيّئون مواد البناء والخشب. في مدّة وجيزة يتمّون بناء دار أو يغرسون جنانا أو يسورونه أو يحفرون بئرا من مائة إلى مائة وخمسين ذراعا عمقا. وكذلك يفعلون في الزرع والحصد والدرس.

وأكثر ما يقع هذا التعاون في الأعمال الكبيرة من العشيرة. وإن يكن أمر عمومي فمن جميع النّاس من استطاع ذلك، كبناء سدّ أو تحويل مجرى السيل... والمرأة أحوج إلى ذلك التعاون لتعذّر القيام وحدها بنسج ما كان عريضا جدًّا من الثياب والزرابي والفرش»[1].

ويمضي الشيخ مطيازقائلا:«ومن العوائد والبدع الحسنة الممدوحة الاحتفال أيّام المولد بذكر النبيء محمّد صلى الله عليه وسلم، وحياته، وقراءة القصائد.

ومنها قراءة القرآن في المساجد جماعة بين الغرب والعشاء، وقد حدث ذلك أواخر القرن الثامن، ثمّ في السحر، وبعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس [يوميا].

ومنها ختمة القرآن في كلّ صباح يوم الجمعة، بعد أن تفرّق قراءته على حاضري المسجد ليلته. ويقع مثل ذلك في ليال معلومة مثل ليلة منتصف شعبان وليلة المولد وليلة عاشورا والعيدين ويوم محرّم وكلّما حدثت مذهلة»[2].

كان أوّل ما بدئ بإقامة الاحتفاء بذكرى ليلة المولد النبوي واتخاذ هذه الذكرى عيدا إسلاميا رسميا وموسما دوريا أن أقامه أوّل مرّة الملك أبو سعيد مظفر الدين صاحب أربل- بالقرب من الموصل على شاطئ دجلة- المتوفى سنة 629هـ/1231م، ثمّ تطرّق العمل على إحياء هذه الذكرى النبوية إلى البلاد الأخرى فوصل إلى مصر زمن الملك الكامل الأيوبي المتوفى سنة635هـ/1238م، فكان هذا أوّل من احتفل به في مصر. وأمّا في المغرب الكبير فكان أوّل من عني بإقامته والاحتفاء بذكرى يومه وليلته هو الأمير محمّد بن أحمد الغزفي صاحب سبتة المتوفى سنة 677هـ/1279م، كما أنّ السلطان أبا حمو موسى الثاني عاهل دولة بني عبد الواد الزيانية المتوفى سنة791هـ/1389م كان هو أوّل ملك جزائري أقامه بالجزائر. وإلى محمّد بن عثمان الكبير باي معسكر فاتح وهران عام 1206هـ/1792م، يرجع ترسيم ذكرى يوم المولد النبوي واعتباره عيدا وموسما رسميا، تحتفل له الحكومة التركية الجزائرية بأفخر وأبهج مظاهر الزينة، ويعلن ذلك بانطلاق أصوات المدافع مدوية في الفضاء.

وإذا استهلّ شهر رمضان تعمر المساجد كلّها بقراءة القرآن، ولا تنقطع قراءته إلاّفي أوقات الصلوات المفروضة. وبعد صلاة المغرب جماعة يقع التنفل والاحتياط للصلوات الخمس، وبعد ذلك تصلّى التراويح جماعة. وتقع ختمات القرآن عشية، وهناك أحباس تفرق على من حضر الختمة إلى وقت المغرب.

وفي عدد من جمعات السنة، يجتمع الطلبةّ في إحدى المقابر ويفرقون قراءة القرآن على أربعة مجالس: مجلس البقرة إلى الكهف، ومجلس مريم إلى سورة الرحمن، ومجلس سورة الرحمن إلى الملك، ومجلس الملك إلى الخاتمة. وبعد العصر يجتمعون لقراءة القرآن ثم تكون الختمة والدعاء من جميع أفراد حلقة العزابة. ويحضر تجمّع العشية العامّة من النّاس. ويقع توزيع الصدقات صباحا من تمر وخبز وغيرهما. وبعد الختام عشية فإنّ الطلبة و العامّة يحلقون لأكل الطعام ويفرق اللحم على الطلبة.

هذه الصدقات معاريف أو أحباس مؤبدة علّقها أموات تلك المقبرة في الديار التي كانوا يملكونها، يؤديها من اشتراها أو اكتراها من بعدهم. وحبس مقابر الشتاء أكبر وأو سع من غيرها. فالضعفاء يكونون في هذا الفصل البارد أحوج إلى المساعدة.

وفي شهر مارس من كلّ سنة تنظّم في بلاد مزاب كلّها زيارة الأماكن التاريخية من أماكن السواحين قديما ومساجد ومقامات بنيت لبعض الأشياخ المصلحين، كمقام الشيخ أبي ساكن عامر الشماخيببريان[3]، ومقام الشيخ أبي عبد الله محمّد بن بكر بالعطف ومسجد الشيخ ابراهيم بن مناد بها[4]، ومسجد عمي سعيد بغرداية، ومسجد باعبد الرحمن الكرتي بين مليكة وبونورة، وبعض المحاضر القديمة. وبعد الزيارة لتلك المشاهد صباحا يجتمع كلّ بلد لقراءة القرآن وتوزيع الصدقات من التمر والخبز شرب اللبن، وذلك في منتصف النهار. ثمّ يجتمع الطلبة والعامّة عشية لختمة القرآن والدعاء والابتهال إلى الله أن يسقي الوطن ويحفظه[5].

عيد الزيارة هذا من بقايا عوائد البربر السابقة للإسلام. فقد كانوا يعتبرون فاتح مارس غرّة العام ويتخذونه عيدا. وهو عيد دخول فصل الربيع وعودة الطبيعة إلى الحياة، كما كانوا يسمّون إله الربيع(يَدَّرْ). في ذلك اليوم يخرج النساء والأولاد يتجوّلون في الطبيعة ويغنّون حاملين معهم ما أعدّوه من الطعام لهذه المناسبة، يتناولونه على بساط الحشيش[6].

كلّما استمر هبوب رياح العاصفة التي تدفن البلاد وتقلع الأشجار والنخيل، تجتمع الهيآت الدينية والطلبة والعوام يطوفون بالبلد، وينهون عن المنكر، معتقدين أنّ الله أصاب البلاد بذلك لمنكر خفي وقع[7].

عندما يثبت عند العزابة أنّ امرأة حملت بغير زوج، فإنهم يقصدون بعد صلاة العصر مدخل منزلها مع من رغب من أهل البلدة، للتشنيع والتشهير بها، فينادونها أنّك حملت ولدا غير شرعي، فأنت مسؤولة عنه أمام الله إن أوقعت له ضررا، ثمّ يجهرون بالنهي عن المنكر ثلاث مرّات وينصرفون.

ومن ذلك مايقع عندما يُقتل شخص ظلما. فعند حملة الصّلاة عليه، يُسار خلفه بالجهر بالنهي عن المنكر، استنكارا لما حصل له من ظلم. وكذا إذا انتحر شخص. إلاّ أنّه إذا فعل ذلك وهو في كامل عقله، فإنّهلا يغسل ولا يكفن ولا يصلّى عليه، بل يلوى في بعض ثيابه، ويدفن بعيدا بقية القبور[8].

وهناك عادة حسنة هي أن يجتمع الحجاج في المسجد وكثير من الطلبة والعوام، فيدعون الله تعالى لهم بالحفاظ وبلوغ مقاصدهم، ثم يخرجون جميعا من البلد، رافعين الأعلام، مردّدين الدعاء(يا عظيم الجود، يامولانا بلغ المقصود الله يالله) فيودّعونهم.

تستعدّ العامّة لرجوعهم ويحتفلون بهم في مقام معلوم لأحد الأشياخ، يشيّعون أولئك الحجاج من هناك إلى المسجد، رافعين الأعلام مكتوبا عليها(الحمد الله والشكر لله، ماخاب عبد يقصد مولاه) مردّدين تلك العبارة بأصوات مرتفعة.

تعيّن الهيئة الدينية ثقة أمينا راعي معز سكان المدينة، وتقرّر له أجرة شهرية لكلّ معزة، وله حدود لا يتعدّاها في الرعي، ولكلّ بلد في ذلك حمى. ومن عادة البلد أن يأخذ الراعي ممّن له معزة لحمة في عيد الأضحى فوق أجرته الشهرية. ويأخذ مقدارا معلوما من صدقات المقابر في أيامها.

إنّ حياة الواحة تتوقّف على سيلان الأودية، لذلك فإنّ كلّ مناسبة سيلان لها بمثابة عيد للبلدة كلّها: الرجال يستقبلون الغدير بطلقات القرابيلات، والأولاد بصيحات الفرح، والنساء بالزغاريد عوائد كثيرة من العصور القديمة، كالزغردة والوشم والتخضيب. إنّ هيرودوتس، شيخ التاريخ، المولود ببلاد الإغريق سنة 484قبل الميلاد، أعملنا أنّ النسوة البربريات يزغردون ويولولن، وتعجّب من هذه العادة التي لم يكن يعرفها، وأنّهن يوشمن ويتخضّبن[9].

ممّا بقي من الاعتقادات الفاسدة، تعليق عظام الحيوان على جذوع النخيل، وتعليق القدور من الفخار، واليد المرسومة على قطعة من الجبس، مصنوعة في يوم عاشوراء، مصحوبة بقرن غزال. ومن ذلك ترك العمل في هذا اليوم وما أشبه ذلك من عوائد بعض الشيعة.

ومن العوائد المحرّمة التي تؤدّي إلى الشرك اعتقادات في بعض النساء السودان، أنّ الزوجين إذا لم تحي لهما ذرية،(يبيعون) ولدهما لهنّ عند ولادته ليضمنا بذلك حياته. وعليهما حقوق يؤديّانها إليهن في كلّ مناسبة، مخافة أن يموت الولد أو يمسّ بسوء.

هذا البيع ليس حقيقة، وإنما يتمثّل في إلحاق الولد بأسرة هؤلاء الزنوج، قصد تخليصه من الموت.

 


[1]_ تاريخ مزاب، 93.

[2]_ نفس المصدر، 128.

[3]_ أبو ساكن عامر الشماخي أبرز فقهاء الإباضية.أخذ العلم عن أبي موسى عيسى الطرميسي. جلس للتدريس والتأليف طول حياته. وقد درّس بمتيون ثلاث عشرة سنة وتحوّل إلى يفرن عام 756هـ/1355م. من أبرز تلاميذ أبو القاسم البرادي صاحب كتاب الجواهر. توفي متقدم السن عام 792هـ/1390م. له عدّة مؤلفات. منها كتاب الديانات في التوحيد وكتاب الإيضاح في الفقه.

[4]_ إبراهيم بن مناد عاصر الشيخ باعبد الرحمن الكرتي.

[5]_ إبراهيم مطياز: تاريخ مزاب، 130.

[6]_ GAID Mouloud :Les Berbrrs dans l’histoire ; Tome I, 215 .

[7]_ إبراهيم مطياز: المصدر السابق، 130.

[8]_ قشار بلحاج: عوائد ميزاب سنن لا تقاليد، 78.

[9]_ عثمان الكعاك: البربر، 19

Tags: إجتماع