نشأة الحركة الإباضية

تأليف: د. عوض خليفات

Icon 09رابط تحميل الكتاب Pdf

للدكتور عوض خليفات، من الأردن، عدة مؤلفات عن الإباضية، منها:"النظم الاجتماعية والتربوية عند الأباضية في أفريقية في مرحلة الكتمان"، و"نظام الولاية والبراءة والوقوف عند الإباضية".

ومنها كذلك "نشأة الحركة الإباضية" الذي نحن بصدد التعريف به في هذا العدد،وقد صدرت الطبعة الأولى سنة 1978،ثم طبعته بعد ذلك دار مجدلاوي في الأردن،ويقع في 226 صفحة.

والكتاب يتتبع نشأة الإباضية التي تنحدر من فرقة الخوارج، أولى الفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي، ثم يتحدث عن مؤسسها عبد الله بن أباض، وأهم شخصياتها، والدول أو الدويلات التي تمكنت من إقامتها في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، وخاصة في عُمان وشمال أفريقيا.

 

الباب الأول

يقسم المؤلف كتابه إلى سبعة أبواب، يتحدث في الأول منها عن المراجع التيحضرموت استقى منها معلومات الكتاب، ويقدم لها رؤية نقدية، ومن هذه المصادر ما هو سني، ومنها ما هو شيعي، وما هو إباضي.

وفي هذا الباب أيضاً يتطرق خليفات إلى الدراسات الحديثة عن الإباضية مشيراً إلى أن المستشرقين هم أول من انبرى لدراسة الإباضية مدفوعين بأسباب عديدة، ولا ننس هنا أن أول معاهد الاستشراق في فرنسا كان تابعاً لوزارة المستعمرات، التي استخدمت الاستشراق لمعرفة المناطق التي ترغب في احتلالها أو التي قامت باحتلالها، ومعرفة السكان وأصولهم وعقائدهم، ليسهل التعامل معهم، خاصة وأن الإباضيين ينتشرون في عدد من البلدان التي احتلتها فرنسا مثل تونس والجزائر. وقد أورد المؤلف عدداً مما ألفه المستشرقون في ذلك.

 

الباب الثاني

أ ـ تطور الخلافة وأثرها في ظهور الخوارج

يعود ظهور الخوارج كجماعة إلى عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتحديداً إلى أولئك الذين انشقوا من جيشه عقب حادثة التحكيم سنة 37هـ، وهي الحادثة الشهيرة التي أعتقبت معركة صفين التي دارت رحاها بين الإمام علي ومعاوية. فلقد رأى هؤلاء الخوارج أن التحكيم يعتبر تعدياً على أمر الله مرددين "لا حكم إلاّ لله" فما كان من الإمام علي إلاّ أن قاتلهم في "النهروان" وانتصر عليهم.

وللوصول إلى هذه النتيجة عن نشأة فرقة الخوارج، وضع د. خليفات تمهيداً بدأه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، واختيار أول خليفة للمسلمين، وقد تخبط المؤلف في هذا الباب، واستند إلى بعض الروايات التي لا تصح، واعتمد ـ فيما اعتمد ـ على كتاب الفتنة الكبرى لطه حسين، وهو كتاب مليء بالتلفيق حول تاريخ الخلفاء الراشدين.

ومن جملة ما تخبط به د. خليفات في هذا الفصل اعتباره أن مشكلة الخلافة هي أول مسألة اشتد فيها الخلاف بين المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بعض الصحابة ترددوا في قبول ترشيح أبي بكر لعمر بالخلافة من بعده، لأنهم يفضلون عليّاً، وأن عمر رفض أن يرشح أحداً بعينه للخلافة من بعده، لأنه خشي من عثمان مثلاً "عصبيته وحبه لأهله وقومه، وحملهم على رقاب الناس".

ومن جملة ما أخطأ به المؤلف أيضا اعتباره أن التأييد الواسع الذي حظي به عثمان رضي الله عنه عقب استشهاد عمر ناتج عن "دعاية قام بها الأمويون في المدينة ـ وهم كثر ـ لصالح شيخهم عثمان".. وغير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره.

ب ـ تفسير الإباضية لنشأة الخوارج

في هذا الفصل يقوم المؤلف ـ مستنداً إلى مصادر ومؤلفات الإباضية ـ آراء الإباضية في التطورات التي حدثت في صدر الإسلام وأدت إلى نشوء الخوارج ـ الفرقة الأم ـ:

1ـ يزعم الإباضيون أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حاد عن الطريق القويم في الفترة الأخيرة من خلافته، لذا وجبت منه البراءة، وبالتالي أحل سفك دمه.

2ـ يعتبرون أن الغوغاء الذين ثاروا على عثمان كانوا على حق، ويعتبرونهم الرواد الأوائل لفرقتهم، ويدّعون أن المهاجرين والأنصار في المدينة حرّضوا المتمردين على عثمان، ومنهم علي.

3ـ  ويقولون إن المسلمين تولوا علي بن أبي طالب وساندوه حتى قبوله التحكيم مع معاوية، ويرون أنه أخطأ فيما عمل، وحكم الرجال في أمر من أمور الله، وخلع نفسه من منصبه الشرعي الذي بايعه عليه المسلمون، لذا وجبت البراءة منه ومحاربته، وخاصة بعد رفضه إعلان التوبة! والانضمام للمُحَكّمة الذين انتخبوا عبد الله بن وهب الراسبي إماماً لهم.

4ـ ويرى الإباضية أن عليّاً قد ندم لمحاربته أهل النهروان، واعترف أنهم ليسوا مشركين ولا منافقين. ويقولون أن هذا دليل على صدق نواياهم وصلاح عقيدتهم.

 

الباب الثالث

ظهور الخوارج المعتدلين ـ القعدة

يشير المؤلف هنا إلى جماعة انشقت بعد معركة النهروان، واتخذت مدينة البصرة مقرا لها، وآثرت السلم وعدم اللجوء للسيف لفرض آرائها. وقد تزعم هذه الجماعة أبو بلال مرداس بن أدية التميمي. وكونت هذه الجماعة البذرة التي أنتجت فيما بعد فرقة الإباضية.

وفي حين آثرت هذه الجماعة التهدئه،كان الخوارج " المتطرفون" يقومون بثوراتهم وحركاتهم ضد الأمويين، ويتعرضون من جراء ذلك للقتل والتشريد.

أما زعيم هذه الجماعة أبو بلال، فقد كان شهد معركة صفين مع الإمام علي، واشترك في معركة النهروان ضده، لكنه آثر فيما بعد أن ينشر أفكاره بالحوار والمناقشة مما جعله يكسب الكثير من الأتباع في البصرة، بل وجعل بعض الفرق كالشيعة والمعتزلة يعتبرونه أحد أتباعهم.

وقد أنكر الخوارج المتطرفون قعود أقرانهم(أتباع أبي بلال)عن الثورة فلقبوهم – احتقارا - بالقعدة ، أي الذين قعدوا عن الجهاد ومحاربة الولاة الظالمين ـ من وجهة نظرهم ـ أما أهل السنة فكانوا يسمونهم " الحرورية".

وقد اتبع والي العراق آنذاك زياد بن أبيه سياسة اللين مع هذا القسم من الخوارج لأنه كان يرى ضرورة التفرغ للخوارج المتطرفين، لكن بعد وفاة زياد، اتبع ابنه عبيد الله بن زياد سياسة مغايرة، إذ عمد إلى القسوة مع جميع الخوارج، مما اضطر القعدة إلى الدعوة والتحرك سرّاً.

وفي تلك الفترة أصبح الاغتيال السري وسيلة هامة لدى القعدة، والإباضية فيما بعد للتخلص من كل شخص يحاول إيذاءهم، وكان ذلك بعد أن استطاعوا اغتيال عباد بن علقمة المازني، قائد الجيش الأموي الذي أباد مرداس وأصحابه. كما أن أعداداً منهم انضمت إلى عبد الله بن الزبير في الحجاز لمّا أعلن رفضه توريث الحكم عند الأمويين.

 

الباب الرابع

عبد الله بن أباض وتطور الحركة الأباضية

تنسب الإباضية إلى عبد الله بن أباض، رغم أن الإباضيين يشيرون إلى انتسابهم إلى شخص آخر، هو جابر بن زيد الأزدي. ولا تذكر المصادر التاريخية إلاّ الشيء اليسير عن حياة ابن أباض، فتاريخ مولده ووفاته غير معروفين، والمصادر الإباضية تجعله من رجال الطبقة الثانية من التابعين، أي الذين ماتوا قبل عام 100هـ.

وعلى حد تعبير د. خليفات، فإن "أول اشتراك لابن أباض في الحياة العامة"، كان اشتراكه إلى جانب ابن الزبير ضد الجيش الأموي بقيادة الحصين بن نمير السكوني الذي خلف القائد الأموي مسلم بن عقبة سنة 63هـ، وكان ابن اباض قد ذهب إلى مكة مع بعض قادة الخوارج مثل نجدة بن عامر الحنفي، ونافع بن الأزرق وغيرهم، مدفوعين برغبتهم وحماسهم في الدفاع عن البيت الحرام.

وقد اندلع خلاف بين ابن الزبير، وهؤلاء الخوارج، جعلهم يتركون مكة، وقد عاد بعضهم، ومنهم ابن اباض، إلى البصرة سنة 64هـ.

وبرز ابن اباض في تلك الفترة عندما اختاره القعدة مجادلاً عنهم، ومتحدثاً باسمهم ضد مناوئيهم ، بعد عودتهم من الحجاز إلى البصرة ، وبخاصة ضد متطرفي الخوارج، وعلى رأسهم نافع بن الأزرق وأتباعه.

لكن المصادر الأباضية تنسب إلى عبد الله بن أباض دوراً ثانوياً بالمقارنة مع جابر بن زيد الذي سيخصص له المؤلف باباً كاملاً في هذا الكتاب، وهو المحسوب عندهم إمام الأباضية، في حين يعتبرون ابن إباض أحد زعمائهم الصالحين.

وينقل المؤلف رأياً لأحد المؤرخين الإباضيين المعاصرين مفاده أن الأمويين أطلقوا اسم الإباضيين عليهم، لأنهم لا يريدون نسبة هذه الفرقة إلى جابر بن زيد حتى " لا يجذبوا إليهم الأنظار، ولا يبدون في هالة جابر المشرقة..".

 

الباب الخامس

جابر بن زيد الأزدي

ويبدأ المؤلف هذا الباب بالتأكيد على أن المؤرخين الإباضيين، القدامى منهم والمحدثين يعتبرون أن جابر بن زيد هو المؤسس الحقيقي لدعوتهم، والمنظم الأول لحركتهم. ويعتقد أن سنة ولادته كانت بين (18ـ 22)هـ.

وقد تتلمذ جابر على يد عدد من الصحابة والتابعين، منهم عبد الله بن عباس، وقد بلغ من العلم مبلغاً يشار إليه بالبنان، ورحل في طلب العلم مراراً.

 

الباب السادس

أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي

وهو الذي خلف جابراً في رئاسة الدعوة، وقد عاش في البصرة، وأخذ العلم عن جابر، وغيره من أئمة الإباضية في مرحلة الكتمان، كما أنه أدرك بعض الصحابة مثل أبي هريرة وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري.

وبالإضافة إلى كونه عالماً من علماء الإباضية، فإن أبا عبيدة كان يتمتع بقدرات سياسية كبيرة، وقد تبوأ زعامة هذه الفرقة بعد موت الحجاج سنة 95هـ، وخروجه من السجن، واتفق ذلك مع بداية حكم سليمان بن عبد الملك سنة 96هـ وفي تلك الفترة لم تكن العلاقة بين الخلافة والأباضية عدائية، فقد حظيت الإباضية لفترة من الزمن بحماية زعيم الأزد، يزيد بن المهلب الذي عينه الخليفة والياً على العراق وخراسان حيث كان العديد من الأزديين، والمهالبة قد انضموا إلى هذه الفرقة.

وخلال تلك الفترة، التقط الإباضيون أنفاسهم ونظموا صفوفهم، واستفادوا في نشر دعوتهم من موسم الحج، ورحلات التجار، الأمر الذي مهّد ـ فيما بعد ـ لقيام عدد من الإمارات الإباضية التي تناولها الباب السابع من الكتاب، والذي أطلق عليه المؤلف اسم "انتصار الدعوة".

 

الباب السابع

انتصار الدعوة

حيث أثمر التنظيم الدقيق والعمل الدؤوب من قبل الإباضية تأسيس إمارات خاصة بها في جنوب الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.

أـ تأسيس الإمامة في الجزيرة العربية ـ حضرموت واليمن

فقد استطاع أحد زعمائهم وهو عبد الله بن يحيى، المشهور بطالب الحق، الاستيلاء على حضرموت سنة 129هـ، في السنوات الأخيرة لحكم بني أمية، بمساعدة الإباضية في البصرة، ثم استولى على صنعاء، وامتد نفوذهم إلى بعض مناطق الحجاز بعد انتصارات على الجيوش الأموية، تبعها هزائم وانكسارات.

وقد ظل للإباضية نفوذ وانتشار في حضرموت حتى استيلاء الصليحي عليها سنة 455هـ.

ب ـ تأسيس الإمامة في عُمان

أدت بعض العوامل إلى أن يؤسس الإباضيون إمارة لهم في عُمان منها انتماء عدد من أبناء قبيلة الأزد ـ أكبر قبائل عُمان ـ إلى الإباضية، ورغبة العمانيين المستمرة في الاستقلال عن السلطة المركزية المتمثلة بالدولة الأموية ثم العباسية، إضافة إلى طبيعة عمان الجغرافية وموقعها الاستراتيجي مما ساعدها على تنمية مواردها الاقتصادية، وبالتالي الوقوف ضد أي خطر دون خوف من حصار اقتصادي محتمل كما كان يحدث في الحجاز مثلاً.

ومنذ سنة 177هـ استطاع الإباضيون تأسيس الإمامة في عمان، وما زال مذهبهم سائداً هناك إلى اليوم.

جـ ـ تأسيس الإمامة الإباضية في شمال أفريقيا (المغرب العربي)

استفاد الأباضية من بعد بلاد المغرب العربي عن مقر الدولتين الأموية والعباسية، فأسسوا إمارة مستقلة،سرعان ما أرسل العباسيون لها الجيوش لحربها وإعادتها إلى جسم الدولة، وفي سنة 144هـ حقق العباسيون انتصاراً كبيراً على الأباضية.

والدولة الرستمية، المنسوبة إلى عبد الرحمن بن رستم هي إحدى الدول الإباضية التي قامت في المغرب الأوسط، وشكلت ملاذاً للإباضية الذين اضطهدهم العباسيون في أماكن أخرى، واستمرت الدولة الأباضية هناك منذ سنة 162هـ إلى سنة 297هـ، عندما قضى عليها العبيديون الفاطميون.

----------------------------

المصدر:  http://www.alrased.net

Tags: الهوية, تأريخ, حضارة, الإباضية, قيم, أخلاق, سياسة, إجتماع, كتب للتحميل