قصة يوزان داديك حمو ولحاج
سنقدم طبق تقليدي من الدرجة الأولى لما له من ارتباط بتراث وتقاليد وثقافة سكان وادي مزاب،هو طبق " يوزان " أو " ئوزان أن داديك حمو ولحاج" ارتبطت كلمة يوزان باسمه بسبب قصة معبرة ومؤثرة حدثت في حياتة حيث مرت تغردات بـ تيرميزين بمرحلة صعبة من القحط والسنين العجاف والجفاف في القرن الماضي ، فاستشاروا الناس الشيخ * حمو والحاج * يؤمهم لصلاة الاستسقاء، طلب منهم طلب واحد فقال: اليوم سنجعله لطلب العفو والسماح ورد المظالم وغدا سنلتقي هنا - ساحة تسمى الآن بمقام الشيخ حمو والحاج- لنصلي صلاة الاستسقاء، فبادروا جميعا لتلبية ما طلب منهم الشيخ فتسامح الناس فيما بينهم فلم يبقي احدهم بضغينة في قلبه أو حقد، وفي اليوم التالي ما إن بدؤوا يجتمعون لصلاة الاستسقاء تهاطلت الأمطار بغزارة وسالت الأودية فعمت الفرحة في ربوع وادي مزاب بأكمله، لذلك يردد الناس أهازيج عند نزول المطر ( بسم الله يا الله يارحمان يا رحيم يا اللهم أرحمنا ) - (أداديك حمو ولحاج آيها يها آلشا لوقتو أنملاكا دا ) استذكارا لتلك المناسبة، ولا تزال الأسر المزابية تحتفل بهذه المناسبة ليوم الناس هذا .ففي نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف تحديدا مع بداية شهر نوفمبر تستعد الأسر والعائلات للانتقال من الواحة إلى القصر ما يسمى بـ أعمار لكن قبل ذلك يحضرون مؤدبة غذاء يوزان أن حمو ولحاج بطريقة أنفاش ، فكل عائلة تحضر ما تيسر من مواد غذائية وحلوى في كل بستان تاجمي، يجتمع أسر وعائلات يحضّرون وجبة يوزان وكلهم فرح وسرور وذكر وقراءة للقرآ ن ليتقبل الله منهم ويرحمهم بغيث نافع غير ضار، وحتى الرجال لهم نصيبهم من ذلك فهم بدورهم يحضرون مؤدبة يوزان في ساحة أو مقام الشيخ حمو والحاج، وتحضّر هذه المؤدبة في يوم الإثنين من الأسبوع الأخير في الواحة ولن يتفرقوا من ذلك المجلس حتى يتغافر الناس ويتسامحوا فيما بينهم إقتداء بذكرى الشيخ حمو والحاج .
وفي الصباح الباكر من يوم الجمعة تتوجّه الأسر والعائلات بأكملها إلى المدينة أو القصر وهو يسمى بـ ألّاي حتى عرائس ذالك الفصل يتوّجن باللّباس التقليدي أسسني وهذه العادة ما تزال قائمة إلى يومنا هذا حتى البنات اللّائي ما دون سن البلوغ يزيّن ويرصّعن بالزى التقليدي احتفالا بالمناسبة .
أزداغ د والاي س وزداغ
ⴰⵣⴷⴰⵖ ⴷ ⵡⴰⵍⵍⴰⵢ ⵙ ⵓⵣⴷⴰⵖ
Azdaɣ d wallay s uzdaɣ
"ألاي" مناسبة مزابية بامتياز، تصادف العودة من الواحة بعد موسم الاصطياف إلى القصور العتيقة.. يحتفل بها المزابيون كل عام في مثل هذه الأوقات بتحضير "إيوزان" وهو طبق يحضر أساسا بالقمح المهرس، وفيها أيضا يرتدي الأولاد ألبسة تقليدية محلية.. خاصة البنات اللائي يلبسن ما يشبه زي العروس.
ونظير هذه المناسبة هو "أعمار" وهو موسم النزوح من القصر إلى الواحة بداية الصيف فيه من التقاليد ما يشبه مناسبة "ألاي" من تحضير طبق "الشخشوخة" والمساهمة في "أنعار" وهو حملات تطوعية لتنظيف محيط الواحة..
الشاهد هنا أن كلمة "ألاي" تعني بالأمازيغية "المزابية" الصعود ضديد النزول الذي هو بالأمازيغية "أواطّا"، بينما يسمونه الميزابيون "أعمار" هو تعريب لكلمة "لازداغ" (حسب أ. يوسف لعساكر)، و"أعمار" مشتق من التعمير والعمران..
ولك أن تلاحظ من ثنايا الاحتفال واختيار التسميات لمثل هذه المناسبات.. تلاحظ كيف انبثقت تلك الحضارة وانعكس ألقها لا على مادة عمرانها فحسب.. وإنما على الرمزي منه أيضا.. فـ"أَلاَّيْ" من حيث هو صعود فيه دلالة الارتقاء عامة..، إذ لو كان "ألاي" يعني الدلالة المادية الجغرافية فقط وهي هنا الصعود من الواحة على ضفاف الوادي إلى القصور على الهضاب والجبال، لو كان المعنى محصورا في ذلك لسمي النزوح من القصور إلى الواحات "أَوَطَّا" وهو النزول.. لكن الميزابيين سموه "أعمار" قريبا من العمران والتعمير.. وتلك سمة من سمات التحضر.
Salah Abdenour
أزداغ د والاي س وزداغ
ⴰⵣⴷⴰⵖ ⴷ ⵡⴰⵍⵍⴰⵢ ⵙ ⵓⵣⴷⴰⵖ
Azdaɣ d wallay s uzdaɣ
في مزاب عندما تريد أن تسأل أحدهم عن مقر سكناه ، يكفي أن تقول له : "ماني تعمرد ؟"، بِراءٍ رقيقة ، يقابله في التنوع اللهجي الامازيغي "ماني تزدغد" ،او "اني دا تزدغد (ض) .
فـ اعمار هو تعريب لكلمة ازداغ التي اندثرت من ألسنة المزابيين و بقيت في كلمة 1* تازدغت التي يقصد بها الصّدَفَة جمع أصداف و هو غطاء اللؤلؤ كأنه البيت التي يختبئ فيها ،
وتستعمل كأداة لخلط مادة تتزين بها العروس والطفل المختون . وأيضا في لفظة 2* تيمزدا و قد تشبّع بحرف الغين في آخره فتنطق تيمزداغ (جمع لا مفرد له ) ، تعني المشيمة وهو الغشاء الذي يُغطّي الجنين ( اي مكان استقراره .
بالإضافة إلى لفظة 3* زدّيغ التي تأتي في سياق التعبير عن استقرار في حال والمكوث في ظرف معين . كأن تسأل أحدهم هل انجزت عملك ، فيجبك #زديغ فهو يقصد النفي اي لم ينجز ، بمعنى مازال على تلك الحال او أنه لم يكمله او مشارف لإنهائه.
فإذًا ، زدغ ، اديزدغ ازداغ ، امزداغ ، ئيمزداغن ، تعني سكن يسكن ،سكنا ، سكنى ، مسكن ، او استقر ، يستقر ، استقرارا و مستقر . مكث ،يمكث ، مكوثا. عمّر ، يعمّر ، تعميرا، وعمرانا .
ومن عوائد سكّان قصور مزاب الإحتفال في جو بهيج بما يدعونه " اعمار" تحضيرا لقضاء فصل الصيف (انفدو) بالبساتين ، اي التوجه إلى الواحة للإستجمام ،والإستقرار فيها الى ما بعد الصيف.
وفي أيام الخريف بعد الإنهاء من جني للتمور وغغل ذلك الموسم يحضر ايضا حفلا بمناسبة الرّجوع إلى القصر و يسمى الاّي سڨ وعمار اي الرجوع من مكان المكوث ( وهناك من ينطقها (س وعمار ) . وفي حقيقة الامر "الاّي" هو الطلوع لكن تتوسع دلالة اللفظة الى معنى الرّجوع و عكسها "اوطّا" اي النزول، لأن طبيعة القصر هو تموقعه في الأعلى والواحة في سفوحه .
ومن خلال هذين الطقسين او العادتين تحيى وتؤدى بعض الممارسات التراثية تساهم في الحفاظ على الذاكرة الشعبية وأساسها النساء و الأطفال. وقصر غرداية تقريبا هو الوحيد الذي لا يزال الى اليوم يحافظ عليها و يضفي عليها طابع الإحتفال الجماعي من كبير و صغير لما لها من أهمية في ترسيخ قيم شكر النعم ، التكافل و التضامن وكسر للرتابة وتجديد للعزائم.
يوسف لعساكر
للدكتور ابراهيم شريف وهي رسالة دكتوراه في الانثروبولوجيا
Etudes d'anthropologie historique et culturelle sur le M'Zab
من مطبوعات ايباضيكا Ibadica سنة 2015
اين تناول فيها المؤلف مختلف الموضوعات ، جلّها ترمي الى اعادة النظر من جديد في تاريخ الانثروبولوجيا بوادي مزاب و نقد بعض الكتابات الإستعمارية عن المجتمع المزابي التي برزت في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، والتي يراها الكثير من المثقفين و الكتّاب على أنها حقائق تاريخية ، مثل ما يتداول حول اعادة إعمار وادي مزاب في القرن الحادي عشر الميلادي.
والتطرق الى نشأة و تطور النشاط التجاري ، و كذا دور المؤسسة الدينية في تسيير المجتمع و ادارة شؤونه .
علاوة على ذلك تناول المؤلف بالدراسة تاريخ المنطقة ، ما قبل الإسلام و مكونات النسيج الإجتماعي وتناسقه وتناغمه مع المنظومة العرفية و العشائرية و الانساب لدى المجتمع المزابي ومجالات اخرى ، مع مقاربة لفهم التاريخ المعقد للعلاقات التي تربط العشائر بالوافدين و ساكنة الجوار.
وتسليط الضوء على وضعية المرأة في المجتمع المزابي والممارسات الطقسية و العادات والتقاليد منذ ازيد من قرن .
وفي الاخير ، تجدر الإشارة على أن المؤلف من خلال هذه الدراسة يريد ان يميط اللثام عن معالم حضارية وتاريخية تميز بها المزابيون رغم الشائعات المغرضة التي يحاول بعض الحاقدين الصاقها بهم . ويبقى وادي مزاب رافدا من الروافد الثقافية في الجزائر تتفاعل مع ما يحيط بها.وفي الاخير نذكر أن الأستاذ ابراهيم شريفي من مواليد ات يزجن ،غرداية ،مزاب ، الجزائر ، سنة 1965 ، تعلم مبادئ التعليم الأبتدائي ببلدته بين الرسمي و الحر ، الى غاية الثانوي. ثم زاول دراساته العليا بالجامعة الجزائرية ، ثم استقر بفرنسا سنة 1990 أين كان له حضور في الملتقيات ، عن صدر الاسلام التي كان يشرف عليها الأستاذ جاكلين شابي Jacqueline chabbi والذي أعدّ معه رسالة الماجيستير عن الطبري "تاريخ الرسل و الملوك "/ .
Etudes d'anthropologie historique et culturelle sur le M'Zab
Résumé
Ce travail traite de nombreuses thématiques qui visent à renouveler le regard que l'on porte sur l'histoire et l'anthropologie de la vallée du M'Zab (Algérie). On y trouve la critique de certaines idées produites par l'ethnographie coloniale à la fin du XIXe siècle, réappropriées par la suite par les Mozabites et qui tiennent lieu aujourd'hui de vérités historiques. Nous pensons notamment au peuplement du M'Zab au XIe siècle, à la genèse de l'activité commerciale et au rôle de l'institution religieuse dans l'espace de la cité mozabite. Une partie de ce travail est consacrée au passé préislamique de la région. Une autre partie traite des unités sociales et leur articulation avec le champ social, de la mémoire généalogique des groupes lignagers mozabites ainsi que l'histoire très complexe des rapports qui lient ces groupes à leurs voisins nomades et leurs descendants. Enfin, la dernière partie est réservée à la condition féminine et ses évolutions depuis au moins un siècle. Tout au long de ce travail, l'accent a été mis sur les mutations observées sur le terrain qui touchent le M'Zab, société et espace, sur leur nature et leur portée. Le but recherché est de faire voir que le M'Zab immuable et éternel qui vit dans une léthargie légendaire n'a pas d'existence réelle.
---------------------------
1 مجلة تاغرما الثقافية