أنواع الصدقات العرفية وأخطاء في التنفيذ
ويطعمون الطعام على حبه
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله المحرض بالقرآن المبين على لسانه بالتصدق والصدقات وبإطعام الطعام وإفشاء السلام وعلى آله وصحابته أولي الهدى والتقى والكرم المتمسكين بتعاليم الفرقان المطبقين لسنة النبي العدنان جمعنا الله بهم في يوم المجازاة بالإحسان إحسانا وبعد :
إن المجتمع المزابي الإباضي مجتمع متماسك ومتعاون من قديم الزمان وأساس ذلك هو انتشار الأعمال الجماعية فيه على جميع الأصعدة في السراء والضراء وقد كتبت رسالة وضحت فيها طبيعة الأعمال الاجتماعية الجماعية وتأثيرها في المجتمع ومن تلك الأعمال الإكثار من الصدقات المتنوعة وقد يرتبط بها الاجتماع على تلاوة القرآن والدعاء أي هذه الأعمال الجماعية الثلاثة تدور حيث دار الناس في السراء والضراء وفي الحضر والسفر وفي الرخاء والشدة فقد تكون الصدقة فتنفذ بتلاوة القرآن والدعاء وقد يكون مجلس التلاوة ثم تحضر الصدقة وقد تحضر الصدقة وبعد التنفيذ ترفع أكف الضراعة والدعاء ولا يمكن أن يستقل عمل من هذه الأعمال بمفرده إلا الدعاء أحيانا أي قد يكون الدعاء مستقلا أما القرآن والصدقة فلا يستقلان عن الدعاء بتاتا وهكذا.....!!! .
بدون إطالة أحاول أن أحصر ما رمت تحريره في شأن الصدقات عموما والصدقات العرفية خصوصا في هذه العناوين :
-رسالة مجلس عمي سعيد في شأن الأوقاف إلى توفيق المدني :
-الصدقات في القرآن الكريم والسنة النبوية :
-أنواع الصدقات في المجتمع المزابي الإباضي :
-أخطاء شائعة في تنفيذ الصدقات العرفية :
-خاتمة نسأل الله حسنها :
رسالة مجلس عمي سعيد في شأن الأوقاف إلى توفيق المدني :
إن مجلس عمي سعيد بعد الاستقلال مباشرة قد أرسل رسالة مهمة في شأن صدقات الأوقاف إلى الوزير الأول في وزارة الشؤون الدينية السيد الأستاذ أحمد توفيق المدني صاحب كتاب الجزائر قديما وحديثا وكان الوزير محبا حبا جما للعوائد والتقاليد في منطقة أمزاب وكانت له مراسلات مع مجلس عمي سعيد وحلقات العزابة للفريقين المحافظين والمصلحين وهو حريص كل الحرص بالمحافظة التامة على الأوقاف عامة وهو من سن نظارة الأوقاف وقد خطت أنامل شيخنا الجليل العلامة الحاج عمر بن الحاج يوسف اليسجني طيب الله ثراه رسائل ذهبية واردة وصادرة من الأمة إلى الوزير والعكس من خلالها يتحسس القارئ بعظمة الأمة المزابية وتاريخها وبقيمة العظماء كالوزير العادل المذكور ولتشويق القارئ أورد عناوين الرسالة التاريخية في شأن صدقات الأوقاف عندنا وهي بمثابة تأصيل في الموضوع ذكرت الأوقاف في الماضي من أجل استدامة الأمر إلى المستقبل البعيد وأول الأوقاف هو التمر لقيمته :
-عنوان الرسالة الأصلي :
-تقرير في أوقاف بلاد ميزاب وورجلان وأنواعها ونظمها وطرق توزيعها : قدم للأستاذ توفيق المدني وزير الأوقاف في الحكومة الجزائرية .
-العناوين الفرعية :
-تقسيم أوقاف ميزاب بحسب طبيعتها إلى أنواع :
-طريقة صرم نخيل الوقف وعراجينه وجمع التمر ونقله إلى المسجد .
-ماذا يصنع بالتمر بعد جمعه .
-طريقة توزيع هذا التمر .
-النوع الثاني من أنواع الحبس : الطعام والخبز واللحم .
-ما هي الأوقات التي تفرق فيها هذه الصدقات [ النوبات ] .
-النوع الثالث : الماء والزيت .
-النوع الرابع : نخيل عراجين كذلك .
-النوع الخامس : وهو نادر .
-نظارة الأوقاف .
-ملاحظة وخاتمة .
هذه هي مكونات الرسالة التاريخية القيمة التي توضح بأن الصدقات الوقفية كانت من مكونات المجتمع المزابي الإباضي وهذه الصدقات المذكورة في الرسالة تحت مسؤولية العزابة في الإشراف والتنفيذ والمتابعة لديمومة الاستمرار ابتغاء الأجر والثواب والنفع للأمة بناء على فضائل واردة في الكتاب والسنة والدافع الأول والأخير لسن هذه الصدقات الوقفية الإلزامية والتطوعية هو الاحتياج وكثرة الفاقة في المجتمع وهذه الصدقات بمثابة جوائز للتحفيز في عمارة المسجد وتلاوة القرآن وجمع أفراد الأمة على اختلافهم في مناسبات عرفية كثيرة فقد أسس السلف صروحا وبنوا مجدا وتركوا تراثا في خدمة الدين والأمة والمجتمع والبشرية جمعاء فماذا صنعنا نحن الخلف فهل استثمرنا في سبيل السلف أم ضيعنا وتجاهلنا مجهودات من سبق بحكم تغير الأحوال وكثرة التقلبات وتطور الزمان ؟؟؟ََ!!!.
الصدقات في القرآن الكريم والسنة النبوية :
إن القرآن الكريم حرض كثيرا على إنفاق المال في السور الطوال والقصار ابتغاء مرضاة الله وندد على الكنز والجمع والمن والأذى في الصدقة وبالرجوع إلى القرآن الكريم نجد الحث على الإنفاق والصدقة والمواساة بكيفيات كثيرة تشويقا للمسلمين وترغيبا لهم لأن زكاة المال بإخراج الصدقة منه على حبه تطهر النفوس وتجزل الأجور وتوفر النفع في المجتمع ومن ذلك التنويع في استخدام الألفاظ مع التكرار الرائع في السور القصار والطوال وكذلك استعمال القصص الحق مثل ما ورد في سورة الكهف والقلم في شأن أصحاب الجنات والتكثير من الأمثلة والتشبيهات مثل ما ورد في سورة البقرة إلى غير ذلك فقد يذكر لفظ المال بالإفراد ومرة بالجمع ويذكر كذلك لفظة الخيرات والخير في شأن الإنفاق ويذكر لفظة الصدقة والصدقات والتصدق ويذكر لفظة النفقة والإنفاق ويذكر لفظة الإطعام والطعام وتذكر لفظة التعاون والبر وغير ذلك ويذيل كل ما ذكر بتوجيهات تحصينية كابتغاء مرضات الله ورضوان الله ووجه الله وتوجيهات تحفيزية كالسر والعلانية إلى غير ذلك وكفى بالقرآن مرجعا ومفزعا لكل من أراد الفوز .
وبالنظر إلى مراجع السنة النبوية المطهرة الصحيحة وكتب السيرة النيرة نجد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبة حرض على الصدقة بالقول والفعل ووضح كثيرا من مجمل آي القرآن في الشأن وكانت معظم أفعاله ومبادراته في التصدق سببا في نزول آيات بينات تتلى إلى يوم الدين ومما نبهنا عليه الرسول الأعظم عليه أزكى الصلاة والتسليم هو : الصدقات الجارية وصدقات السر والتركيز على الكيف لا على الكم مع الإخلاص ومن هو أفضل من رسول الله عليه الصلاة والسلام في مواساة الضعفاء والفقراء والمساكين من المسلمين وغيرهم ويكفي دليلا على هذا مواساته لأصحاب الصفة كما ورد في السيرة وتأليفه لقلوب وجهاء العرب من أجل كسب قلوبهم وهدايتهم وقومهم إلى الصراط المستقيم وفي السنة المطهرة صدقات معروفة كصدقة عيد الفطر والعقيقة وأكتفي بهذا القدر للتذكير .
أنواع الصدقات في المجتمع المزابي الإباضي :
المجتمع المزابي يزخر بأنواع من الصدقات قد لا توجد في غيره من المجتمعات وهذا ما ذكر في رسالة العزابة إلى وزير الشؤون الدينية كما سبق حتى يرعاها تتميما لما كانت عليه بناء على المعاهدة المعروفة مع العدو الفرنسي ولا يخفى على عاقل ما تدر هذه الصدقات من منافع للناس في الجانب الاجتماعي والديني .
وأنا هنا لا أستطيع التفصيل في بيان هذه الصدقات وخصوصيتها وإنما أذكرها بكل إيجاز تنبيها للقارئ وعلى رأس ذلك الصدقات الدائمة أو الإلزامية كما يسميها الخصم وقد ذكرت بكل تفصيل في رسالة العزابة إلى توفيق المدني ومعظمها يؤول إلى المسجد وهي مثبة في الوصايا من عهد الشيخ عمي سعيد الجربي وقد تنوعت وتكاثرت على مر الزمن وهي الآن في اضمحلال مستمر لأسباب كثيرة تحتاج إلى دراسة وأفضل مرجع عصري سلط الضوء عليها هو الأستاذ المؤرخ الحاج سعيد يوسف بن بكير في كتابه : الوجه الحي للمقابر وباستطاعة المرء أن يشارك في هذه الصدقات متطوعا بدون إلزام وهو ما يسمى بـ : أنفاش فمثلا تجد أوقافا دائمة في موسم مقبرة ما مسجلة في دفتر الأوقاف عند وكيل المسجد وتجد بالمقابل صدقات تطوعية لمن يشاء مشاركة للمسلمين في الصدقة والدعاء هذا في داخل المقبرة أو المسجد .
وفي خارج المسجد نجد أوقافا متنوعة منها ما هو على حاله وفي تطور كوقف سقاية الماء الصالح للشرب لبني البشر ومنها ما هو في طريق الزوال كوقف إطعام الطيور في أسطح المنازل بالحبوب وسقايتهم بالماء وكذلك سقاية الدواب في طريق الغابة كالحمير والضأن والمعز والجمال قديما ويكون هذا بوضع الماء في أحواض في مسافات معينة ومنها ما هو مستحدث كوقف أواني الأعراس وغير ذلك من المستجدات .
ومن أنواع الصدقات العرفية خارج المسجد ما يوصى به في الوصية من التمر والخبز والعشاءات وصدقة اللحم على طريقتين والكفارات والنذر والوقف والتنصل والاحتياط والصدقة في المواسم العرفية كيوم تعليم القبر وغير ذلك وكذلك الصدقة في موسم المقابر إجمالا وفي موسم الزيارة وفي التحفيز على حفظ القرآن طلوعا من سورة الملك إلى سورة يسن والصافات ثم سورة الكهف ثم الخاتمة وكذلك الصدقة في رحلة الصيف إلى الجنان والصدقة في العودة في الخريف والصدقة في الأعراس والختان وبعد إنجاز أي عمل مهم كالحصاد وجذاذ التمر أو اقتناء أي شيء نافع كمنزل أو دابة إلى غير ذلك من الصدقات التي تحتاج إلى رسالة مستقلة لعدها وحصرها وتوضيح أسرارها وهذه الصدقات غالبا ما يقوم بإعدادها شخص ما ويستدعي إليها من أراد في دائرة الأقارب والجيران وغير ذلك لا فرق بين غني أو فقير.
وهناك صدقة جماعية تسمى بأنفاش لا وقت لها معين ولا مكان لها معلوم وغالبا ما تقام صدقة أنفاش في وقت الرخاء فرحا بإنجاز ما أو لجمع الناس للتراحم والتناصح أو لطلب مأمول كالغيث والعافية والهناء وتحصل صدقة أنفاش بالمشاركة الجماعية إذ يعلن عن نوعية الطعام مسبقا وعن اللوازم فيأتي كل الناس المشاركين بما يتيسر لهم بدون تحديد للكمية وغالبا ما يكون الطعام : [ إوزان الشيخ حمو والحاج ] أو [ الكسكس] أحيانا يهيأ الطعام ثم يوزع وبعد ذلك يتلى ما تيسر من القرآن وترفع أكف الضراعة إلى الرحيم الرحمن وقد يتلى القرآن ثم توزع الصدقة وهذا الجمع من الزاد المتنوع مأخوذ من جمع الزاد في غزوة من الغزوات للخلط والتفريق قصد بركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأنواع الصدقات على هذا النحو :
-زكاة الفريضة وهي على أنواع كما نعلم وأحكامها مفصلة في كتب الفقه وهي خاصة بأصنافها الثمانية ويشترط في قابضها عندنا الاحتياج والولاية أي لا يأكل صدقتك إلا تقي .
-صدقات التطوع النابعة من الكتاب والسنة كصدقات الحج المتنوعة مثل الهدي وغير ذلك وصدقات رمضان وغير ذلك مثل الهدية والهبة والرهن... ومعظمها من الغني إلى المحتاج وهناك ما يصلح للفقير والغني كالهبة والهدية والرهن .
-صدقات التطوع الدائمة والوقتية النابعة من العرف وهي على أنواع يصعب حصرها معظمها مذكور في رسالة العزابة السالفة منها ما هو قائم كما هو مشاهد ومنها ما انقرض ككفارة التربية ومنها ما هو في مد وزجر ومنها ما حُكم عليه بالبدعية من الضابطين للسنة والحلال والحرام كما يقال .
أخطاء شائعة في تنفيذ الصدقات العرفية :
من الأخطاء الشائعة في هذه الصدقات كما نرى في الواقع :
-محاربة هذه الصدقات من بعض على أساس أنها مبتدعة بعيدا عن التركيز في المقاصد والمصالح وهذه الحرب استعرت في السبعينيات فقط من أهل السنة ثم زادت حدة بواسطة حركة التدبر بتزكية من مفتي عمان الشيخ أحمد الخليلي ولا ننكر محاربتها من أشخاص في القديم لكن بنظرة مغايرة عن نظرة المحاربين في هذا العصر وقد عادت قيمة هذه الصدقات في هذه الأيام العصيبة كما نرى ونشاهد .
-المباهاة والتفاخر والإسراف في تنفيذ كثير من الصدقات المعروفة وهذا ما فشا وظهر في المجتمع قبل نشوب نار الفتنة الحالية وأثناءها فقد رأينا في صفحات الفيسبوك وفي كثير من الأحياء كقصر غرداية ما حدث من أنفاشات مجموع أنفاش على غير القياس أي صدقات تطوعية بطريقة غريبة عن مجتمعنا المزابي الإباضي فقد كان السلف رحمهم الله يحرصون على الصدقة أنفاش لكن يهيئون الجو اللائق وذلك باختيار الزمان والمكان ومراعاة المصلحة العامة مع التستر التام بعيدا عن التباهي والتفاخر ابتغاء مرضاة الله لأن في قاموسهم قول الله العظيم :
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }المائدة27
فقط لا من الضالين والفاسقين وغالب ما يختارون مكان السيل كطريق الزجر من البئر والسواقي المعروفة أو في وسط الوديان ولوجود النية والإخلاص يتفضل الله عليهم برحمة الماء عقب الانتهاء من توزيع الصدقة وتنظيف الرماد على عاتق مياه السماء فأين نحن من السعي إلى اللب والمعالي كما كان من سبق همنا مرضاة الله مهما كلفنا من ثمن لا نبالي بسخط العباد :
وابغ رضا الله فأشقى الورى * من أسخط المولى وأرضى العبيد
وللمناسبة أعلق على أنفاش ساحة الرحبة في أيام الفتنة بالقصر أين أقطن فأقول : صدقة أنفاش في الجملة أمر مشروع ولو كانت بطريقة مخالفة للأصل وهي جمع النقود لكن الزمان غير لائق وكذلك الطريقة العلنية في التنفيذ لأخطار اجتماعية وسياسية زد إلى هذا تكرار تلك الصدقة في بولنوار على أساس إكرام أصحاب المواجهة وهذا من التمييز الفاضح فمن جاهد فلوجه ولا معنى لهذا التكريم والله وحده يعلم من هو في الواجهة لتنوعها وتعددها فمنا من جاهد بالبكاء والدعاء ومنا من جاهد بنفسه ومنا من جاهد بماله ومنا من جاهد بمنصبه إلى غير ذلك من طرق الجهاد وسبله فمن أين لنا هذا الانتقاء والتخيير وإذا رأينا بأن هؤلاء الشباب الهمج الفسقة في الواجهة فلنكبر على أنفسنا أربعا لأنني رأيت ما رأيت من التعدي منهم على بني جنسهم وقد داسوا بتخريبهم كل القيم والأعراف والعياذ بالله إن تسيير الأزمة شارك فيها كل الشعب ولم يختص بها أحد من أعضاء جمعية أو أعيان أو عزابة أو هيئة ما وإنما هؤلاء حملوا مشعل التمثيل للأمة فقط كفانا من المظاهر واستغلال الأزمات وسرقة المجهودات .
فلولا الشيوخ الركع والشباب الخشع والأطفال الرضع والبهائم الرتع والصالحات من النساء والغسالات لصب الله علينا العذاب صبا وقد رأينا تجدد الاشتباكات العنيفة بعد كل هذه الصدقات والتجمعات لأنها على غير المنهج القويم .
خاتمة نسأل الله حسنها :
هذه الخواطر قصدت بها النصح والتوجيه لنفسي ولإخواني خوفا من الولوج في سبل نحن في غنى عنها بسبب تصرفاتنا الرعناء من بعض الجهلاء وأصحاب الجاه لأننا رأينا البلدة أثناء الفتنة غالبا تسير من أهل المال والجاه والقوة والجهل وتحت تصرفهم طلبة العلم ومن يسمون بالمشايخ والوعاظ والمرشدين وما يقرره من ذكرنا من الأصناف الأربعة ينفذ ولا يجوز فيه النقاش أو المعارضة أو الشورى إلا من باب المساعدة في التنفيذ والمساندة ولا داعي للتمثيل والتوضيح وهذه الحالة المزرية حصاد السنوات الماضية ولا نجاة لنا في السراء والضراء إلا في تقليد أهل الذكر الراسخين في العلم في كل صغيرة وكبيرة .
وختاما أورد بعض النصوص في أحكام الصدقات لعلمائنا من كتبهم الفقهية تبرز حرصهم على تجويد أعمالهم وتقديمها خالصة لوجه الله تعالى فمن ذلك ما يلي بدون ترتيب :
01/:ويحتمل أن يكون المراد بالصدقة ما يعطى تطوعا على ضعيف ممتهن للرقة عليه , وكذا أصل الزكاة وأفضل الصدقة صدقة على ذي الرحم الكاشح .
02/:وقال أبو هريرة : الصدقة على الصاحب أفضل من الصدقة في سبيل الله , ويجب أن يكون الإنسان مع كافة الخلق طلق الوجه مستبشرا رفيقا , قال صلى الله عليه وسلم :
{حرمت النار على الهين اللين السهل القريب }.
03/:وفي الديوان : من حقوق الجمعة الصدقة على من احتاج , وأفضل ذلك أن يتصدق على قرابته إن احتاجوا إلى ذلك .
04/:إن نافلة الصوم والصلاة والصدقة تجزي الإنسان لما عليه من تباعات الناس وبالجملة فالرجل يعطيها لكل من لا تلزمه نفقته
وخير الصدقة ما أبقت غنى .
05/:ومن حقوق المسلمين الإصلاح بينهم وهو أفضل الصدقات وأن لا يقبل فيهم ما يسمع من النمام والحساد , ولا يسيء الظن بهم ولا يحل النظر لمسلم بعين الاستصغار .
06/:ويصرف ما في يده من الوصايا والصدقات المتطوع بها وغير ذلك في إحياء الإسلام والمداراة عنه وهن أهله , وفي ذوي الفاقة من المسلمين وغيرهم من عوام الناس على قدر ما يرى .
07/:ندب توقيت شهر معلوم بتقرب وقصد ونية ليعلم بذلك وقت ينتهي إليه أداء ما وجب عليه أي من الصدقات أو التطوع .
08/:الرهن من الصدقة والهبة هي تمليك بلا عوض ولثواب الآخرة صدقة قال بعض: الصدقة تمليك بلا عوض للمحتاج لثواب الآخرة , والهبة تمليك بلا عوض خال عما ذكر في الصدقة والصدقة بإيجاب وقبول لفظا مثل أن يقول : وهبت لك هذا , فتقول : قبلت , ولا يشترطان في الهدية على الصحيح بل يكفي البعث من هذا والقبض من ذاك , وكل من الصدقة والهدية هبة ولا عكس , فلو حلف لا يهب له فتصدق عليه أو أهدى له حنث , والاسم عند الإطلاق ينصرف إلى الأخير .
09/:وقد قيل : ثواب الهدية كثواب الصدقة لأن الصدقة ولو كان أصلها وهو الغالب أن تكون من غني إلى من ساءت حاله وضاقت بالفقر فيكثر الثواب , لكن أصل الهدية وهو الغالب أن تكون من كثير المال إلى رحم أو ذي شأن ذي مال أو فقير , فيحصل له بها سرور إذا ثبت المهدي بينهما الاتصال , ويحصل بها تجديد المودة والصلة واستئناف أفعال الخير بينهما , فيكون الاتفاق بعد ذلك والتعاون على البر والتقوى , والثواب على ذلك كثير , بل أكثر من ثواب الصدقة بذلك القصد ; وقال صلى الله عليه وسلم : "
{الهدية تجلب السمع والبصر } " , وكان يقبلها ولو من مشرك ويهدي إلى المشرك أيضا .
10/:وقيل : من حق كلٍّ أن لا يكتسي ويعرى أخوه , وأن لا يتخالفا جوعا وشبعا وتزوجا وعدمه بقلة , ولا يمنع كلٌّ أخاه إن استقرضه أو استباعه إن قدر , وروي : " المؤمن مرآة أخيه , ولا تؤمنون , حتى تحابوا والأخبار في ذلك كثيرة جدا .
11/:وما فعل الإنسان بنفسه من جرح أو نحوه , ودية حل العقدة وشهر من ذلك زكاة الأموال والفطر ودينار الفراش وشاة الأعضاء فقط كلها للمتولي الفقير , إلا شاة الأعضاء فللمتولى ولو غنيا وقيل: كل ما يعطى للفقراء المتولين يعطى الفقراء غير المتولين وذلك التخيير ثابت .
12/: (ومنع غني من شرب ما ينادى به في سوق أو طريق لشرب لله ) , لأن المعتاد النداء بذلك للفقراء , لأنهم المحتاجون وهم الأولى بالصدقة , فليحتط الغني عنه حتى يقال : للفقير والغني أو لكل أحد , وقيل : يجوز للغني والفقير حتى يقال : للفقراء لأن الصدقة تجوز على الغني والفقير , وإن نودي بذلك في سفر جاز لكل , لأن الغني والفقير جميعا محتاجون فيه إلى الماء , وكذا غير الماء ولو في سوق أو طريق يجوز لكل .
13/:ومما رزقناهم ينفقون للكف عن الإسراف في الصدقة وقال الله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا } أي لا تسرفوا بإعطائه كله إلى غير ذلك من النصوص الرائعة التي يصعب حصرها وهي توحي بمدى اهتمام السلف الصالح بالصدقة ابتغاء مرضاة الله في الأداء والتنفيذ وقصد استجداء الرحمات والمنافع الدنيوية والأخروية وفقنا الله إلى الاقتداء بهم جميعا والحمد لله رب العالمين .
الخميس، 20 مارس آذار، 2014 م يوافقه 19 جمادى الأولى، 1435 هجري
---------------------------
المصدر منشور في الفيسبوك لـ : أبو إسماعيل عمروس.