القرى السبع لولاية غرداية
يتدانى و موقع عزّ بونا... القرى السبع كالمجرة نور
و نفوس تحف بالدين صونا... حفها الله بالنخيل ظلالا
إن غفت عينها رعى الله عينا... جزر الأمن في خِضمّ الفيافي
و تصافي من خالص ا لتّبر خدنا... و هي تغفو على بحيرة نفط
و من الماء ما يزخرف عدنا... و من الغاز لفحة و ضياء
فأتتها الحياة تطلب أمنا... زّهدَت في ا لحياة غدوة روع
صالح خرفي
صفوة العطف قبلة و عناق... من وَفيٍّ في حبكم صار هنا رهنا
نسب الشعر منكم يوم ألقى... الرِّحل جَدٌّ تعشّق العطف سكنى
صالح خرفي
تتجلى حضارة الميزابيين في مدنهم و فنها المعماري , والحقيقة أننا لن نشرح الفن المعماري للقرى السبع المكونة لوادي ميزاب , لأن هناك صفحة خاصة بذلك , لكننا نقتصر فقط على نبذة بسيطة عن تاريخ هذه المدن , وعفوا على التقصير الشديد , لكن هذا كل ما استطيع أن أعطيكم من معلومات , وقد تحاشيت تماما تكبير الخط أو توسيع الفراغات بين السطور , حتى لا أغشكم , وأرجو أن تعذروني مرة أخرى , و أرجو أن تغطي المعلومات الوفيرة الموجودة في الصفحات الأخرى النقص الفادح هنا.
و ستجدون صورا لمختلف هذه المدن في صفحة صور ميزاب.
و هذه المدن كما ذكرنا , لم تكن موجودة إلا بعد أن احتك بنو مصعب بالرستميين الإباضيين المهاجرين إليهم.
تتميز مدن ميزاب السبع بأن خمسًا منها و هي : تَجْنِينْتْ ( العطف) , آت بونور ( بونورة ) , تَغَرْدَايْتْ ( غرداية ) , آتَمْليشْتْ (مليكة ) , آ ت اِيسْجَنْ ( بني يزقن ) , متجاورة من بعضها البعض , و لا تبعد عن بعضها سوى ببضع كيلومترات , أما مدينتي : برّيان , و لَقْرَارَا ( القرارة ) , فهما بعيدتان قليلا عن ا لمدن السبع السابقة , بريان :45 كلم شمالا , و لَقْرارَا ( القرارة) : 110 كلم شرقا.
و قد بنيت كل هذه المدن فوق مرتفعات , لأهداف كثيرة , و بهندسة معمار ية را ئعة جذبت المهندسين من جميع أنحاء العالم. تتعرف عليها في صفحة : الهندسة المعمارية .
1- العطف : تعد من أقدم القرى السبع , وأصل تسمبتها هو : تَاجْنِينْتْ بالميزابية, و يقصد بهذه الكلمة المكان المنخفض , أسسها الشيخ خليفة بن آبغور سنة 402 هـ 1012 م , و تشتهر العطف بأسر علم , ودين عريقة , و كانت محط رجال طلاب العلم , و التفقه في الدين , و مجمع المشائخ و العلماء في مختلف العصور منذ تأسيسها .
2- بونورة : أنشأت سنة 457 هـ - 1065 م, وأصل تسميتها هو آت بونور بالميزابية , نسبة إلى القبيلة المصعبية التي بَنَت و سكنت هذه المدينة قديما , تتميز بونورة بأنها مبنية فوق ربوة صخرية منيعة جدا .
نورة البأس , تحرس السهل أمنا... و على الربوة المنيعة قامت
فالتمس في بنورة سكنى... و إذا النفس طالبتك بأمن
صالح خرفي
3- غرداية: أنشأت سنة 447 هـ - 1053م , و أول من سكنها الشيوخ : بابا وَالجَمَّة , و أبو عيسى بن علوان و بابا سعد , وأصل تسميتها : تَغَرْدَايْتْ بالميزابية و هي القطعة المستصلحة من الأرض , والواقعة على حافة الوادي , وتوجد عدة قرى تحمل نفس الدلالة في المغرب العربي.
تُعد تغردايت , عاصمة الولاية رقم 47 بالجزائر حاليا , يوجد بها مطار مفدي زكرياء الدولي , و هي وجهة السياحة من جميع أقطار العالم , إذ يستقر السياح بها , ثم يتجولون في باقي ا لمدن , كما تعتبر المركز التجاري بالنسبة للقرى الأخرى , تمتاز بسوقها التقليدي , و يقام بها كل سنة , مهرجان الربيع للزربية الميزابية .
أنت يادرّة الجنوب عناقا... غاردايا يا ذروة المُتَمَنَّى
أنت في معصم السهول سِوار... أنت بين المدائن الغيد , حسناء(1)
صالح خرفي(2)
4- بني يزقن : أسست سنة : 720 هـ - 1321 م , أما أصل التسمية فهو : آت إيسجن بالميزابية, و هي نسبة إلى القبيلة المصعبية التي سكنت المدينة .
تعتبر آت ايسجن , من عواصم العراقة العلمية و الدينية , و من أبرز علمائها : قطب الأئمة الشيخ محمد بن يوسف اطفيش (2), و كذلك ابنه : الشيخ ابراهيم بن الحاج محمد ا طفيش.
قطب نور كفاكم العلم شأنا... يا بني يسجن السرّاة كفاكم
و روا ء , و موقع , طاب حسنا... لكم العذر في ر فاهة جنّبِِ
صالح خرفي
5- مليكة : تعرف بمليكة العلياء , أسست عام 756 هـ - 1355م , اسمها الأصلي هو : آت امْليشْتْ , نسبة إلى ’’ مْلِيكْشْ ’’ أحد زعماء قبيلة زناتة.
ربّة التّاج , تأسر العين , حسنا... و على الربوة الأريكة حطّت
بيد الملك يرهف الكلُّ أذْنا... هي فينا مليكة إن تُلوِّح
صالح خرفي
6- القرارة : أسست سنة : 1040 هـ - 1631م , أصل تسميتها : تِقْرَارْ , ومعناها الجبال البيضوية التي بجانبها سهول صغيرة مقعرة بستقر فيها الماء.
تعتبر القرارة عاصمة العلم و الإصلاح في الجنوب الجزائري , بل و في المغرب العربي , و منها انطلقت الحركة الإصلاحية في القرن العشرين بريادة نخبة من العلماء على رأسهم : الشيخ ابراهيم بيوض بن عمر (2), و فيها تأسس أقدم معهد ثانوي حر بالجزائر , و هو معهد الحياة (3) سنة 1925 م , و من هذا ا لمعهد تخرجت أجيال من أئمة العلم و الإصلاح , و رجال الفكر و الإبداع ا لأدبي .
أنتِ أدرى به إذا الآه أنّا... قبلة العهد يا قرارة قلبي
دقة القلب , فهو يعزف لحنا... جرس السحر في حروفك يذكي
صالح خرفي
7- بريان: أنشئت سنة : 1060هـ - 1690 م , و التسمية الأصلية هي : آت برقان , و هي خيمة مصنوعة من الوبر , وقد كان أهلها ذوي خبرة في نسج هذا النوع من الخيم.
تعتبر بريان آخر مدينة من مدن ميزاب في اتجاه الشمال , نحو الجزائر .
و يشتهر أهل بر يان , بأن لهم عيونا لا تخطئ , أو عين صائبة كما يقولون , و تروى عنهم في ذلك روايات و وقائع كثيرة , و الظاهرة إن دلت على شيء فإنما تدل على فراسة نادرة فذة .
أهل ريّان و المشاعر تطفو... يوم يلقاكم الفؤاد و يهنا
ترتوي العين , حسن وجه و بشر... و أرى الأذن ترتوي حسن معنى(01)
أمّا اليوم فإن التقسيم الإداري القائم منذ 1984 , قد حصر المدن السبع ضمن خمس بلديات لا يتعدى مجموع مساحاتها 6850 كلم2 . !مقسما نحو الآتي :
بلدية غرداية : مساحتها 590 كلم2
بلدية بريان : مساحتها 2250 كلم2
بلدية القرارة : مساحتها 2600 كلم2
بلدية العطف : مساحتها 690 كلم2
بلدية بنورة : مساحتها 720 كلم2
و ضمّت بلدية مليكة إلى غرداية, و لم تعد بني يزقن سوى حيٍّ من أحياء بلدية بنورة.
البلديات الثلاث : غرداية بنورة و العطف مجتمعة مساحتها الإجمالية 2000 كلم2يحدها :
من الشمال : بلديتا بريان و القرارة
من الجنوب : بلدية متليلي
من الشرق : بلدية زلفانة
من الغرب : بلدية ضاية بن ضحوة
أمّا بلديتا بريان و القرارة, فإن مساحتهما مجتمعتين هي 4850 كلم2, و يحدهما :
من الشمال : ولايتا الأغواط و الجلفة
من الجنوب : بلديات غرداية, العطف, بنورة, زلفانة.
من الشرق : ولاية ورقلة
من الغرب : بلدية ضاية بن ضحوة
عندما شيّد بنو مزاب مدنهم الحالية التزموا أن تكون لكلّ واحدة منها واحتها الخاصّة التي هي مصدر معيشتها, و سوقٌ لتجارتها و تبادل منتجاتها مع المحيط الخارجي,و مسجد واحد لإقامة شعائرها الدينية, و لم تشذ عن القاعدة سوى تَاجْنِينْت إثر مشكل سياسي.
يقال إن بني مزاب كانوا إذا أنشؤوا قصرا من قصورهم و اختطّوا له حدوده, و بلغ العمران أقصى ما يمكن أن يستوعبه القصر,ينتقلون إلى فضاء آخر لتأسيس قصر جديد حفاظا على التوازن البيئي, إلاّ أنّ الملاحظ أنّه بعد اكتمال عدد القصور المزابية السبعة في القرن السابع عشر الميلادي, عرفت جلّها سلسلة من التّوسعات. على سبيل مثال : فإن بني يزقن قامت بدحر أسوارها, منذ تأسيسها, أربع مرات كان آخرها عام 1860 م بضمّ مساحة كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة.
أمّا في النّصف الثاني من القرن الماضي فقد ظهرت الأحياء الجديدة, ثنية المخزن, دَادَّهْ علي, مَرْمَادْ, العين, بابا السعد, تبعتها أحياء سيدي عْبَازْ, بن سمارة, و القُرطي و بَلْغَنَّمْ, و حي سماوي إسماعيل بالعطف, و حي يَدَّرْ و حي أُجُوجَنْ و مُومُّو ببني يزقن, و أمثالها في بريان و القرارة.
هذه الأحياء الجديدة هي التي استقطبت الوافدين من مختلف مناطق القطر شمالها و جنوبها, غربها و شرقها, و امتصّت التزايد الديمغرافي للسكان الأصليين.
وحفاظا على ما تبقى من الواحات, انطلقت أخيرا مبادرات للخروج من الوادي و الصعود إلى الهضبة بإقامة أحياء عمرانية جديدة كمفرزة واد نَشُّو,بوهراوة, تِنَمِّرِينْ, تَفِلاَلْتْ الجديدة, تَوَنْزَا.
يقول الأستاذ : قاسم حجاج : " و بتلك التغيرات الديمغرافية و العمرانية انتهت خلال القرن العشرين..ظاهرة الاستقرار الاجتماعي و الثقافي و العزلة الحركية و الطابع البسيط و الصغير لمجتمع المحلي
---------------------------------
(01)صالح خرفي